
أثارت قضية توسع حلف شمال الأطلسي “الناتو” شرقاً قلق روسيا التي طالبت الحلف بسحب قواته من أوروبا الشرقية، بل والتعهد بعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى التحالف كشرط مسبق قبل انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية. في المقابل، أكد الحلف على أن قرارات الانضمام إلى التحالفات والتكتلات الدولية هي محض قرارات سياسية وسيادية خاصة بكل دولة، مشدداً في الوقت نفسه على عدم تغيير سياسة “الباب المفتوح” الخاصة بانضمام أعضاء جدد إليه.
ورغم ذلك، ما يدور خلف الأبواب المغلقة قد يختلف عن المواقف المعلنة في الحقيقة، هناك القليل من الحماس داخل حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي بشأن انضمام أوكرانيا إلى الناتو، إذ يرى البعض أن الالتزام تجاه أوكرانيا هو التزام أمني.
حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن موسكو سترد فورا على أي محاولة من الخارج للحيلولة دون العملية العسكرية التي شنتها فجر يوم 24 فبراير 2022ضد أهداف في أوكرانيا.وقال بوتين في رسالة توجه بها إلى الشعب الروسي بمناسبة إطلاق العملية العسكرية الخاصة: “أوجه الآن بعض الكلمات المهمة جدا إلى الذين قد تسول لهم نفسهم التدخل في الأحداث الجارية: أيا كان من سيحاول الحيلولة دون إجراءاتنا ناهيك عن تشكيل خطر على دولتنا وشعبنا، يجب عليه أن يعلم أن رد روسيا سيكون فوريا وسوف يؤدي إلى نتائج لم تواجهوها أبدا في تاريخكم”.وتابع: “نحن مستعدون لأي تطورات وقد تم اتخاذ كافة القرارات المطلوبة في هذا الخصوص، وآمل أن يُسمع كلامي”.
أعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم 24 فبراير 2022 في أعقاب العملية العسكرية، أن الأسلحة عالية الدقة تقوم بتعطيل البنية التحتية العسكرية، ومنشآت الدفاع الجوي والمطارات العسكرية وطيران الجيش الأوكراني.وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن القوات المسلحة الروسية لا تنفذ أي ضربات صاروخية أو جوية أو مدفعية على مدن أوكرانيا، وأن “البنية التحتية العسكرية ومنشآت الدفاع الجوي والمطارات العسكرية وطيران القوات المسلحة الأوكرانية يجري تعطيلها بأسلحة عالية الدقة”، مشددة إلى عدم وجود ما يهدد السكان المدنيين.
مساعي أوكرانيا للانضمام للحلف
أكد الرئيس الأوكراني الحالي فولوديمير زيلينسكي أن الانضمام إلى حلف الناتو أمر بالغ الأهمية لأمن أوكرانيا، والتزم بإتباع مسار استراتيجي نحو العضوية. تضمنت هذه الدورة الإستراتيجية الانضمام إلى مجموعة شركاء “الفرص المعززة” التابعة لحلف الناتو في يونيو 2020، وفتح الباب أمام “المشاورات السياسية المنتظمة بشأن المسائل الأمنية” ، و”برامج التشغيل البيني المعزز”، و”الارتباط الوثيق” في أوقات الأزمات.
البرلمان الأوكراني مدد في 14 ديسمبر 2021 وجود قوات الناتو على الأراضي الأوكرانية. التمديد الأخير أضاف تعديلات لقانون انتشار القوات الأجنبية يسمح بانتشار (4000) جندي من قوات حلف شمال الأطلسي، من بينهم (2000) جندي أمريكي. وسيتم زيادة عدد طائرات الناتو المقاتلة من (10 – 40) مقاتلة. وكذلك سوف تزيد عدد سفن الناتو في المياه الإقليمية الأوكرانية إلى (20) سفينة.على أن تُجرى (9) مناورات عسكرية باشتراك عدد من دول الحلف على أراضي أوكرانيا عام 2022. وبالطبع سوف تستمر الإمدادات اللوجيستية التي يقدمها الناتو للقوات الأوكرانية، والمتمثلة في التدريب لمواجهة الانفصاليين الذي يسيطرون على مساحات واسعة من شرق البلاد. ملف: أمن دولي – أزمة أوكرانيا و الرهان على الدور الأوروبي

إقليمي دونيتسك ولوغانسك
الحسابات والمطالب الروسية
تتخوف روسيا من انضمام أوكرانيا التي ترتبط معها بحدود مباشرة إلى حلف الناتو، وهو ما تراه موسكو تنصلاً غربياً وتحديداً من الولايات المتحدة وحلف الناتو عن تعهداتهم الشفهية لها خلال القرن الماضي بعدم التمدد شرقاً، ما يشكل تهديداً للجانب الروسي، وذلك بإمكانية نشر أسلحة هجومية لدول حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا تهدد موسكو. وهذه هي الرواية الرسمية التي تروجها موسكو للتخوف من انضمام كييف للاتحاد الأوروبي. فيما التخوف الأكبر من أن تستفيد أوكرانيا من بند مهم في اتفاقية حلف الناتو؛ وهو بند الدفاع المشترك الذي يفرض على الحلف التدخل في حال الاعتداء على أي عضو فيه. حسبما جاء في الفقرة الخامسة من ميثاق تأسيس الحلف والمتعلقة بالدفاع الجماعي.
تُعتبر أوكرانيا “حديقة خلفية” بالنسبة لموسكو، ترفض التخلي عنها، كما ترفض تَحولها إلى وصاية الغرب، كما تشكل أوكرانيا لروسيا البناء الأساسي لمجالها الجيوستراتيجي الأوروبي. وبالتالي، إن غياب كييف عن الطوق الروسي يشكل فجوة كبرى في جدار الأمن الاستراتيجي الروسي – الأوراسي .
.
رابط المصدر: