تقديم :-
يهدف هذا الكتاب إلى مساءلة العلاقة بين سلوك وأداء النخب السياسية البرلمانية وتراجع ثقة المواطنات والمواطنين في البرلمان، وكيف يمكن أن تكون هذه النخب عاملا محددا إما في تراجع أو بناء وتعزيز الثقة في المؤسسات التمثيلية داخل الدولة. يناقش القسم الأول من الكتاب فكرة أن النخب السياسية هي حجر الزاوية في النظام السياسي المغربي، مستعرضا آليات إنتاج هذه النخب وثنائية تمثيلها على المستويين المحلي والوطني، ويبين أدوار هذه النخب مركزا على الشرعنة، الوساطة، التوافقية، وتفعيل المشاركة السياسية، ويستكشف مختلف التفاعلات السوسيوسياسية للنخبة السياسية ومحدداتها النظرية.
يبحث الكتاب في موضوع الثقة السياسية كرأس مال اجتماعي ويقيّم أهميتها ومؤشرات قياسها، مشيرا إلى الأهمية الاجتماعية والسياسية للثقة ودور النخب في بنائها، ويناقش الكتاب كيف يمكن للأحزاب السياسية أن تساهم في ارتفاع أو تراجع الثقة السياسية، ويحلل العوامل التي تساهم في بناء أو هدم الثقة السياسية، بما في ذلك الأداء المؤسساتي والعوامل الثقافية.
في القسم الثاني، يركز الكتاب على النخبة البرلمانية ومساهمتها في بناء الثقة في البرلمان المغربي، مستعرضا واقع الثقة في البرلمان لدى الرأي العام المحلي بإقليم الجديدة كنموذج للدراسة، ويقدم تحليلا للخصائص السوسيوسياسية للنخبة البرلمانية والسمات العامة للعينة المستجوبة من المواطنين، ويفسر نتائج مؤشرات الثقة في البرلمان. بالإضافة إلى ذلك، يستعرض الكتاب تداعيات تراجع الثقة في البرلمان ويقدم رؤى حول آفاق بناء هذه الثقة، مشيرا إلى العزوف السياسي والنزعة الاحتجاجية كنتائج سلوكية لتراجع الثقة السياسية، ويسلط الضوء على دور المشاركة المواطنة والبرلمان الإلكتروني في تعزيز الثقة في البرلمان وتجديد الممارسة الديمقراطية.
ومن ثم، فموضوع هذا الكتاب يعتبر واحدا من المواضيع الواعدة في المغرب، خاصة في ظل الرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المملكة، إذ من الصعب تحقيق تنمية شاملة ومستدامة وبناء دولة الحق والقانون أو دولة المؤسسات، والتأسيس لعمل سياسي ومؤسساتي مستقل ونزيه وديمقراطي في غياب علاقات مواطنة أساسها الثقة والمشاركة الجادة والفعالة في الحياة السياسية.
كما ترجع أهمية هذا الكتاب إلى أهمية هذه النخب في الحياة السياسية والبرلمانية المغربية الراهنة، كفاعل أساسي في العملية السياسية والديمقراطية، بالنظر إلى الأدوار التي يفترض أن تتحملها في توجيه الأحداث وتعزيز مسار الإصلاح الديمقراطي وتدعيم مكانة المؤسسات. علاوة على ذلك، فهذا الكتاب يساعد على تحديد عناصر الاستمرار والتغير في توجهات الرأي العام إزاء النظام السياسي بالمغرب من خلال المؤسسة التشريعية، والتعرف كذلك على نظرة المواطنين تجاه المؤسسات، تكون مفيدة للمهتمين بتطوير أداء هذه المؤسسات وزيادة فاعليتها وتجديد وتعزيز الثقة بها.