تحديات واضطرابات في النظام الدولي.. التحولات جيوسياسية الكبرى عام 2025

 

مقدمة: يشهد عام 2025 تحولات جيوسياسية جوهرية تسهم في إعادة تشكيل بنية النظام الدولي تقلب في موازين القوى الدولية من المتوقع أن تنتهج الولايات المتحدة سياسة خارجية جديدة مع عودة دونالد ترامب الى الحكم تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في العالم. وتتداخل الأزمات الجيوسياسية مع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية لتشكل واقعًا جديدًا. ومن المتوقع أن تكون هناك نقطة تحوّل حاسمة في العديد من الملفات الاستراتيجية، ولاسيّما الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط وأوروبا. وتغيير في بعض أنظمة الحكم ومنها العربية وفي الوقت نفسه، تتسارع الجهود لتحقيق توازن جديد في النظام الدولي، مع بروز قوى صاعدة تسعى لتعزيز نفوذها ومواجهة السياسات التقليدية للدول الكبرى.

عودة ترامب وتأثيره على السياسة العالمية

أعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الذي يحاول أعادت تشكيل معالم السياسة الخارجية الأمريكية، مما أثار تحديات واضطرابات في النظام الدولي. الذي تبنى شعار سياسة “أمريكا أولاً” تتجلى في عدة جوانب: أبرزها مواجهة متجددة مع الصين تتجه إدارة ترامب الفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية، مع محاولة التفاوض على صفقة كبرى قد تشمل تخفيف الدعم الأمريكي لتايوان مقابل استخدام الصين نفوذها لإنهاء الصراع في أوكرانيا هذه الاستراتيجية المزدوجة قد تؤدي إلى استقرار مؤقت.

هناك تغيير في النهج إدارة ترامب أتجاه روسيا وأوكرانيا، حيث تدرس إدارتهُ فكرة الأرض مقابل السلام في أوكرانيا والتي قد تتضمن وقف إطلاق النار مقابل تنازلات إقليمية من كييف. الا ان قضية الضمانات الأمنية الغربية لأوكرانيا العقبة الرئيسية أمام أي اتفاق دائم.

الا ان بعض الباحثون في الشأن السياسي يرون ان سياسة ترامب تتغير من وقت الى آخر كونه يتبنه سياسات متقلبه ويميل الى الجانب الاقتصادي من خلال رسم سياسية الحمائيه مثل الرسوم الجمركية وفرض الضرائب الذي خلق عدم التوازن في الأسواق العالمية والذي أدت إلى انفصال تدريجي بين الاقتصادات والسياسات.

ازمة جديدة بين الهند وباكستان صراع متصاعد

تشهد العلاقات بين الهند وباكستان تدهورًا ملحوظًا بعد هجوم مسلح مميت في الشطر الهندي من كشمير، مما أدى إلى ردود فعل انتقامية متبادلة وزيادة المخاوف من تصعيد عسكري جديد بين هذين الخصمين النوويين تزايدت حدة التوترات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين، وسط تحذيرات جدية من احتمال تطور الوضع إلى مواجهة أوسع. واستمرت الاتهامات المتبادلة بين الجانبين، مما زاد من القلق بشأن أزمة مائية خطيرة قد تؤدي إلى تفاقم التوترات إلى مستويات غير مسبوقة.

يُحذر المراقبون من أن المرحلة الحالية تتسم بالحساسية الشديدة، مؤكدين أن الحوار هو السبيل الوحيد لاحتواء الانفجار المحتمل. جاءت ردود الفعل السياسية بين الجانبين سريعة، حيث أوقفت الهند معاهدة مياه السند وطردت دبلوماسيين باكستانيين، بينما ردت إسلام آباد بإغلاق مجالها الجوي ووقف التجارة، مما زاد من تعقيد الأزمة الدبلوماسية. ومن جانبه أكد العراق على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي إجراءات انتقامية تؤدي الى تفاقم الازمة بل أكد ان حل الخلافات تأتي عن طريق الحوار والدبلوماسية حيث دع الجهود الإقليمية والدولية الرامية الى التهدئة والحفاظ على استقرار في المنطقة.

ملامح الشرق الأوسط

* الأزمة الفلسطينية – الإسرائيلية: تواصل إسرائيل تنفيذ حروبها استنزافيه في كل من غزة ولبنان، وان سياسة ترامب الداعمة لإسرائيل قد تؤدي إلى تفاقم التوترات في المنطقة بلا ان جهود الإدارة الأمريكية غير حقيقية بل على العكس، دعمت سياسات تهدف إلى التفكيك التدريجي لفلسطين وكانت مدافعة عن مبررات الاحتلال الإسرائيلي بفضل المؤسسات اليهودية في الولايات المتحدة ولاحظنا بعض الحكومات الغربية التي ابدت استيائها مما يرتكبهُ الكيان الصهيوني للمجازر بحق الشعب الفلسطيني.

*سوريا ما بعد الأسد: عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، تواجه سوريا تحديات كبيرة في عملية إعادة بناء الدولة، بما في ذلك إصلاح الأجهزة الأمنية، تحقيق المصالحة الوطنية، وعمليات الإعمار. سيكون لدور القوى الإقليمية مثل تركيا والسعودية وإيران تأثير حاسم في تشكيل مستقبل سوريا.

التكنولوجيا والاقتصاد: أبعاد جديدة للقوة العالمية

التكنولوجيا والتحولات الاقتصادية: أصبحت هذه التحولات أدوات حيوية ورئيسة في الصراع الجيوسياسي حيث يشهد الذكاء الاصطناعي تقدمًا غير مسبوق مما يترك آثارًا كبيرة على المجالات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية وإن إدخال الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية بما في ذلك أنظمة القتال المستقلة يثير تساؤلات أخلاقية وقانونية معقدة.

الحروب التجارية والاقتصاد العالمي: مع ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري زادت الاستثمارات في الطاقة المتجددة بشكل ملحوظ. ومع ذلك، تواجه العديد من الدول النامية تحديات في تحقيق هذا التحول دون التأثير على أمنها الاقتصادي في هذا السياق تستثمر دول الخليج مثل السعودية والإمارات بشكل كبير في هذا القطاع لتعزيز مكانتها الاستراتيجية.

انخفاض أسعار النفط التهديدات والفرص

يشهد العالم بين الحين والآخر تراجعًا في أسعار النفط نتيجة عوامل متعددة، منها تباطؤ الاقتصاد العالمي، الصراعات الجيوسياسية، وتطور مصادر الطاقة البديلة، ويُعد هذا الانخفاض مهددًا حقيقيا للدول التي يعتمد اقتصادها بشكل شبه كلي على العوائد النفطية، إذ يعرّضها لأزمات مالية، وعجز في الموازنات وارتباك في السياسات التنموية.

تبرز الأزمات الاقتصادية كفرص استراتيجية لإحداث تحولات عميقة في بنية الاقتصاد، إذ أن الظروف الضاغطة تدفع المجتمع والدول معا نحو التفكير بقرارات مصيرية تأخرت طويلا، وتجبر الجميع على التحرر من التردد والاعتياد على الوفرة، لتبدأ ملامح التغيير في الظهور عند تقاطع الألم مع الحاجة، وهو ما يجعل بعض النخب تنظر إلى مثل هذه الأزمات بتفاؤل حذر، بوصفها محفزا لإعادة ترتيب الأولويات وتحريك عجلة الإصلاح.

محادثات الإيرانية – الأمريكية

الحوار الإيراني الأمريكي الذي يتسم بالدبلوماسية والوساطة العمانية غير المباشرة يختلف عن سابقة على رغم من ان جذور الأزمة عميقة حيث ان ملامح الحوار في هذا الوقت مختلف عن الحوارات السابقة الذي عقدت في سنوات سابقة أبرزها عام 2005 وعام 2018.

عُقدت الجولة الحوارية من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، بوساطة عمانية، في العاصمة مسقط وشهدت هذه الجولة تسارعاً غير مسبوق حيث تم اختصار ما كان يستغرق شهوراً طويلة إلى ساعات قليلة فقط  فضلا عن تحقيق تقدم مقبول في مسار التفاوض وان هذا التطور يعكس وجود إرادة حقيقية لدى الطرفين لدفع المفاوضات قدماً بشكل مكثف ومركز فالحوار هو السلاح الذي حمله الطرفين من اجل إنجاح هذه المفاوضات حيث أظهرت مرونة واضحة وتجاوزت الحساسيات التقليدية، في محاولة لخلق العامل الدبلوماسي يعوض عن الإخفاقات الخارجية المتراكمة.

فان الجانب الإيراني أوضع خطوط حمراء والذي اتخذها الجانب الأمريكي عوامل أساسية ولا يرغب له بتجاوزه وكان أهمها. الابتعاد عن المنشآت النووية وعد تفككها امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية عدم التخلي عنها عدم فرض قيود على القدرات الدفاعية.

اما الجانب الأمريكي بدأت ملامحه الواضحة تتجه نحو تحقيق إنجاز دبلوماسي سريع في هذا الحوار وان رغبة إدارة الامريكية في تسريع المفاوضات مع طهران كان سببها مجموعة من التحديات التي واجهتها الولايات المتحدة الامريكية أبرزها زيادة القوة الاقتصادية للصين، واستمرار الحرب في أوكرانيا وما تسببه من تكاليف متزايدة على الدول الغربية. بالإضافة إلى ذلك، هناك هشاشة التوازن الجيوسياسي في منطقة غرب آسيا، التي تُعتبر منطقة استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية وتُعد نقطة تقاطع للممرات العالمية.

وأخيرا ان استمرار الحوار الدبلوماسي بعيد عن تشنجات السياسية بين الطرفين يؤدي الى نتائج متقدمة يضع العالم والمنطقة في استقرار يخدم مصالح الطرفين ويضمن استقرار المنطقة على المديين القريب والمتوسط. ويخلق حاله من اتفاق متوازن.

الخاتمة:

التحول السريع في مسار العالم الحديث يواجه اختباراً حاسماً لقدرته على التكيف مع التحولات الكبرى بين صعود القوى الجديدة، وتصاعد التنافس التكنولوجي والاقتصادي، وتفاقم الصراعات الإقليمية، يبدو المشهد العالمي أكثر تقلباً من أي وقت مضى. وتغيير في الأنظمة السياسية العربية والدولية حيث تعيد الدول والمؤسسات وحتى الأفراد صياغة استراتيجياتهم لمواكبة عالم جديد مليء بالتغيرات والمفاجآت في هذا العالم المتشابك، تصبح القدرة على التكيف والابتكار هي المحدد الرئيسي للقوة والنفوذ.

في هذا السياق، تبرز عدة تساؤلات مصيرية: هل ستتمكن القوى الكبرى من إدارة تنافسها دون الانزلاق إلى صراع مفتوح؟ وكيف ستؤثر التطورات التكنولوجية المتسارعة على موازين القوى العالمية؟

وردنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M