تمكين المرأة اقتصادياً في العراق

إزجي كانبولات / أخصائية التنمية الاجتماعية

إليزابيث ماير / كبيرة مسئولي العمليات في الممارسة العالمية للطاقة والصناعات الاستخراجية التابعة للبنك الدولي

افتتحت امرأة في جمهورية العراق وتحديداً في منطقة أبو الخصيب في البصرة، مطبخًا صغيرًا لتغطية نفقاتها عندما تعرض زوجها لوعكة صحية، واليوم، فهي تدير شركة صغيرة ناجحة وتوظف 20 امرأة، من بينهم نازحتين من محافظتي الأنبار والموصل، ومن ناحية اخرى فإن إنتاجية أعمالها تتأثر بشكل كبير بانقطاع التيار الكهربائي المتكرر.

تقول السيدة “لقد أنشأت مطبخًا صغيرًا وأصبحت ناجحة، و عندما تعافى زوجي، بدأ يدعمني لأنه لاحظ الجدوى الاقتصادية لعملي، وهو الآن مسؤول عن شراء مواد البقالة للمطبخ، ولكن للأسف فبدون كهرباء، فإن مستوى الإنتاج في مطبخي يأخذ بالانخفاض بحوالي 80%.

كما وتكافح امرأة أخرى تبلغ من العمر 32 عامًا في عملها بالصالون، بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر وفقدت زبائنها وانخفضت أرباحها نتيجة لذلك، و قالت: “يمكنني مضاعفة ربحي الصافي بمقدار أربعة أضعاف بوجود الكهرباء الفعالة وقليلة الانقطاع”.

كما أن النساء اللائي يمارسن أنشطة مدرة للدخل مثل الخياطة والحرف اليدوية في المنزل يبلّغن عن خسارة الدخل وفي بعض الحالات، يجدن أنفسهن مجبرات على التخلي عن اهدافهن.

تتأثر النساء العراقيات بشكل غير متناسب بالتكاليف الخفية للكهرباء كثيرة الانقطاع، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الفجوات القائمة في المساواة بين الجنسين في الفرص الاقتصادية وأداء الأعمال والوصول إلى الفرص التعليمية والسلامة والأمن، كما أن العراق لديه أقل معدلات مشاركة للنساء في القوى العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما نسبته 19% فقط من الإناث من سن 15 وما فوق.

وغالبًا ما تعمل النساء العراقيات الحاصلات على مستويات تعليمية متدنية لحسابهن الخاص أو يعملن في القطاع غير الرسمي، كما وتُبين احصاءات مسح مؤسسة العراق لعام 2011 أن الوصول لشبكة الكهرباء يشكل عائقاً أمام الشركات العراقية المملوكة للنساء، بالإضافة إلى ذلك، تواجه هؤلاء النساء مخاطر متزايدة من العنف القائم على الجنس في البلاد، وأما بالنسبة للقطاعات المتأثرة بالهشاشة والصراع والعنف فمن الضروري معالجة هذه التحديات الإنمائية المتعلقة بالبنية التحتية وتقديم الخدمات والمساواة بين الجنسين وبشكل نهائي.

وقد كشف تقييم نوعي قام به البنك الدولي مع أكثر من 100 من صاحبات الأعمال، والطالبات والخبيرات حول كيفية مساهمة الكهرباء التي تنقطع بشكل المتكرر بإعاقة دخل وإنتاجية الشركات الصغيرة الحجم، وكيف تساهم أيضا في كبح جماح النساء عن مواصلة التعليم أو المشاركة في الأنشطة المدرة للدخل، حيث جعل انقطاع التيار الكهربائي من الصعب على النساء العراقيات إكمال التدريب المهني، وقالت بعض النساء العراقيات أنهن تخلين عن مهنهن المنزلية المدرة للدخل بسبب ازدياد عدد مرات انقطاع التيار الكهربائي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النساء العراقيات يتحملن المسؤولية الكبرى عن الأعمال المنزلية وأنشطة تقديم الرعاية، فعلى سبيل المثال فإن خدمات الكهرباء الضعيفة في فصل الصيف، تعني أن النساء غالباً ما يقمن بالطبخ بدون تكييف أو تهوية مناسبة، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد حالات الاصابة بالأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض المرتبطة بالحرارة.

كما ارتفع عدد الأسر التي تعيلها الإناث مؤخراً بسبب انتشار النزاع والعنف، ومنذ عام 2017، شكلت هذه المجموعة 10% من السكان، وقد أشارت ربات البيوت إلى أن خدمات الكهرباء كثيرة الانقطاع والقدرة على استخدام الأجهزة الكهربائية يشكلان عائقين رئيسيين أمام تحقيق دخل لعائلاتهن.

أما في الأحياء الفقيرة، فإن المشاكل المشتركة المتمثلة في الوصول إلى شبكة الكهرباء كثيرة الانقطاع والقدرة على تحمل التكاليف آخذة بالتفاقم، كما أنه ليس للنساء النازحات داخليا اللائي يعشن في المناطق الفقيرة عدادات كهربائية مثبتة في منازلهن، وبالتالي يلجأن إلى توصيلات الكهرباء غير الآمنة وغير القانونية.

كما أعربت أغلب الإناث المشاركات عن شعورهن المتزايد بعدم الأمان وقلة القدرة على التنقل بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر، لا سيما في الأماكن العامة. “من المستحيل ان تغادر المرأة المنزل ليلا بمفردها، حتى في حالات الطوارئ، وقد أوضح أحد الأخصائيين الاجتماعيين بأنها يجب أن تكون مع أحد أقاربها من الذكور لأن المناطق مظلمة جدًا في الشوارع.

إن النساء العراقيات يفتقرن إلى المعلومات المناسبة حول تدابير الاستفادة من كفاءة الطاقة وخيارات دفع فاتورة الكهرباء، في حين أن بعض المشاركات من ذوات الدخل المنخفض، بمن فيهم النساء اللائي يقمن بإعالة أسرًا والنساء اللائي يقمن بمساعدة اجتماعية، قد تم منحهن خيار دفع فواتيرهن المتأخرة على أقساط، إلا أنهم كانوا يتصورون بأن الفواتير المتأخرة سيتم شطبها عن أصحابها ( يتم إعفائهم منها).

يطمح الهدف السابع للتنمية المستدامة إلى “ضمان الوصول إلى طاقة حديثة بأسعار معقولة وموثوقة ومستدامة للجميع”، ومن خلال الاعتماد على البحوث النوعية ونتائجها، سيقوم مشروع خدمات الكهرباء وإعادة الإعمار في العراق بمراقبة تأثير تحسينات الخدمة على الأنشطة الاقتصادية للمرأة، والنتائج الصحية والأمن والسلامة، كما سيزيد هذا المشروع من الوعي بكفاءة الطاقة وحقوق المستخدم والمسؤوليات المتعلقة بخدمات الكهرباء، و في النهاية، نأمل أن يساعد المشروع في تنفيذ إجراءات لزيادة وصول المرأة إلى خدمات كهرباء الموثوقة وتحسين نوعية حياتها.

 

رابط المصدر:

https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/powering-women-iraq?cid=ECR_TT_WorldBank_AR_EXT

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M