تقديم :-
منذ زمن بعيد وقعت في مشكلة ، من حوالى خمس وعشرون عاماً ، رُزقت بطفلى الأول ولم أكن أعرف كيف سأتعامل معه تلك كانت هي المشكلة ،لم تكن مشكلتىبمفردى بل كانت معى شريكة العمر الجميل بها ، بدأنا بالتفكير لفترة ليست بالبسيطة فهذا النبت إما أن ندخل به الجنة أو لا قدر الله نضيعه كما تضيع الأمانات ،ولا يجوز للأب– وهو المسئول الأول عن الأسرة – تضييع من استرعاه الله عليهم من الأبناء والبنات والزوجة، فإنه مسؤول عنهم يوم القيامة وكفى بالمر أثماً أن يضيع من يعول وكان ما فكرت به أن أبدأ في معرفة تربية الطفل كيف تتم وما هي أفضل وسائل مناسبة لكل عصر وتوقيت الى غير ذلك من أمورها المهنية ولكن البداية كانت في تربيتىلنفسى من جديد حتى أستطيع تربية أولادى– وهذا لا يعنى تقصير من والدينا أكرمهم الله وغفر لهم اللهم امين -ولكن اختلاف الزمان والمعوقات وطريق الأشواك مختلف فكان طريق طويل وما زلت على نفس الطريق فالأشواك تتزايد في طريقنا كل يوم بل كل لحظة ان لم نكن منتبهين ضيعنا الأمانة ، وفى هذا الطريق قمت بتأليف أكثر من عشر كتب في هذا المجال من مرحلة الميلاد مروراً بالمراهقة الى تسليم الراية لجيل جديد يبدأ حياته بزواج مبارك ،وعملت مستشارًا في أحد أكبر مواقع الإنترنت والمتخصصة في القضايا الأسرية والتربوية والسلوكية، هذا كله بالإضافة الى عملىالأصلى الذى أحبه كثيراً ولا أستطيع الابتعاد عنه ولكن كان هذا التخصص الجديد بدايته مشكلتى مع طفلى الأول أو بالأحرى تربيتىلطفلى الأول ثم أخواته من بعده وقبلها إعادة صياغة تربيتىلنفسى أولاً
وكان مما أثار انتباهى ذات مرة ما وجدته في فيلم وثائقي لباحثًا في مجال عالم الحيوان كان يرغب في أخذ مسحة عرق من حيوان فرس النهر، بذل جهدًا كبيرًا حتى نال ما كان يريده..
ذهب في البداية ليراقب فرس النهر وهو في العراء، يلاحظ سلوكه وتصرفاته في كل حالاته؛ وهو يستحم في الماء وهو في معركة مع غيره، وهو مسرور، وهو غضبان، ثم ذهب إلى القفص وتحدث مع حارسه وسأله عن الصفات النفسية له، حتى استطاع أن يجمع كل المعلومات عنه ليعرف كيف يتعامل معه، متى يقترب ومتى يبتعد.. وهكذا كل المعلومات، ثم ذهب إلى معمله وصنع لنفسه هيكلاً أو غطاء في شكل وحجم فرس النهر ليتحرك بينها وهو تحت هذا الغطاء دون أن يؤذيه أحدها، وليتمكن من الاقتراب منهم ويأخذ مسحة من عرق ظهر أحدها.
والعجيب أن هذا العالم نفسه قد صنع من قبل غطاء على شكل تمساح ليتحرك به بين التماسيح ليقترب منها ويمشى بينها دون أن يؤذيه أحدها، تعب هذا العالم كثيرًا حتى إنه كان يجثو على يديه وقدميه حاملًا فوق ظهره هذا الغطاء الثقيل ليقترب من فرس النهر وينجح في الوصول إلى هدفه؛ وهو أخذ مسحة العرق التي يريدها.
كم تعب هذا الرجل في عمله حتى نال ما يريد، وتساءلت حينها لماذا لا نبذل ولو ربع ما نبذل في أعمالنا لنعرف صفات من نحيا ونعيش معهم خاصة أولادنا وزوجاتنا،نتعب ونكد ونكدح لننال ما نريد في أعمالنا، لنتقدم ونرتقي ولا نبذل ما ينبغي لنا بذله في أصل حياتنا، فتتحول إلى نكد دائم متصل لا ينقطع، حتى إذا ما تأزمت مشكلاتهم وانفجرت، حينها نفيق فإذا الندم والمرض والفراق هو الأمر الطبيعي.
حينها يكون السؤال.. لماذا لا نصنع غطاء كما صنع هذا الباحث مع أقرب الأحباب الى قلوبنا لنبتعد عن أخطار مجتمع غلبته المعوقات والأشواك المقصودة وغير المقصودة؟؟ خاصة أن أغلب المشكلات التي يمر بها أولادنا بدايتها نحن ، نعم نحن شرارة إنطلاق مشكلات أولادنا بلا جدال وسترى ذلك جلياً في كل مشكلة من مشكلات هذا الكتاب ، لماذا لا نصنع غطاء يقربنا أكثر من بيوتنا وشركاء حياتنا وأولادنا ولنفهم احتياجاتهم النفسية والعاطفية؟؟ولنتقى بذلك أكثر المشكلات التي تواجههم ونذرف نحن عليها الدمع ليل نهار مع أنين الندم لماذا لا نضع غطاء يعلمنا مهارات التربية بلغتها الجميلة داخل بيوتنا.
نقرأ في هذا الكتاب مشكلات شائعة من بيوتنا كانت ممن لم يستطيعوا صنع الغطاء اللازم لحياتهم في بيوته لأولادهم فحدث الخلل .
- هذا الكتاب لي ولك ولكل بيوتنا المسلمة التي تتعرض لغزو أكبر وأخطر من الغزو العسكري
- هذا الكتاب لكل من يخاف أن يضيع الأمانات الملقاة على أعناقهم ولا فكاك منها واضعاً نصب عينية قوله تعالى: ” وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا”
- هو دليل عملى عن التحديات والمشكلات السلوكية التي تواجه الوالدين أثناء طريقهم في تنشئة أطفالهم