موجة صعود تعزز أسعار النفط وبرنت يزحف فوق 36 دولارا فهل تستمر؟

غالب درويش

 

أسهم ارتفاع أسعار النفط، الأربعاء، في تعزيز التفاؤل بالأسواق، مع عودة النشاط الاقتصادي التدريجي في عدد من الدول. واستقرت الأسعار فوق 30 دولاراً، مع مؤشرات تحسُّن الطلب والانخفاض في مخزونات الخام الأميركية، إذ كبحت مخاوف جائحة فيروس كورونا مكاسب السوق، إلا أن النفط سارع نحو الصعود، ليحقق زيادة أربعة في المئة، في حين جرى تداول خام برنت فوق 36 دولاراً للبرميل، وقالت إدارة معلومات الطاقة، إنّ إنتاج النفط في الولايات المتحدة هبط إلى 11.5 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضي.

وأوضحت، أن مخزونات النفط الخام الأميركية هبطت خمسة ملايين برميل الأسبوع الماضي، بينما كان من المتوقع أن ترتفع 1.2 مليون برميل، وحلّ أجل عقد يونيو (حزيران) عند 32.50 دولار، بارتفاع 2.1 في المئة، لتتفادى سوق عقود غرب تكساس الفوضى، التي شابت حلول أجل عقد مايو (أيار) الشهر الماضي، عندما هوت الأسعار إلى ما دون الصفر.

وفي هذا الصدد، يؤكد المتخصص في شؤون النفط والطاقة أنس الحجي، أن انتعاش النفط جاء بسبب “تخفيف قيود الحظر في عدد من البلدان، والعودة إلى زيادة النشاط الاقتصادي في العالم”، إذ ارتفعت نشاطات المواصلات العامة والخاصة بأميركا، الأمر الذي زاد من الطلب على الوقود، إضافة إلى ذلك فإنّ انخفاض الإنتاج الأميركي، والكندي أسهم في عودة الأسعار إلى الصعود.

ولفت الحجي إلى أن آثار اتفاق “أوبك بلس” لم تظهر في الأسواق بعدُ، إذ يمكن رصد ذلك على المديين المتوسط والطويل، ما سيعزز سوق النفط نحو الانتعاش.

الاتجاه الصعودي
وغلب الاتجاه الصعودي على أسعار النفط في الأسابيع الثلاثة الماضية، ليصعد كل من عقدي القياس الإثنين فوق 30 دولاراً للبرميل للمرة الأولى، بينما يربو على شهر، مدعومين بتخفيضات إنتاج ضخمة من كبرى الدول المنتجة النفط ومؤشرات على تحسُّن الطلب.

وتراجعت مخزونات الخام الأميركية 4.8 مليون برميل إلى 521.3 مليون برميل في أسبوع حتى 15 مايو (أيار)، وفقاً لبيانات من معهد البترول الأميركي. وقال المعهد، “إن استهلاك مصافي التكرير زاد 229 ألف برميل يومياً”، ما يشير إلى أنّ المجمعات تحاول إنتاج مزيد من الوقود، بينما تخفف الولايات المتحدة “إجراءات الإغلاق الشامل”.

في الوقت ذاته يقول كيم كوانغ راي، محلل أسواق السلع الأولية لدى سامسونغ للأوراق المالية في سول، “أسواق النفط كان القلق يساورها حيال ارتفاع مخزونات الخام، لكن عقد يونيو (حزيران) لغرب تكساس الوسيط حلّ أجله أمس، وانتقلنا بسلاسة إلى عقد يوليو (تموز) مع انحسار المخاوف بشأن مخزونات الخام، وتحسّن الطلب في المدى القصير”.

تفاؤل بعودة الأسواق
وغلب التفاؤل على المتخصصين في حقل أسواق النفط، ويرى صادق الركابي المحلل في شؤون الطاقة بلندن، أن ارتفاع أسعار الخام الأسود “يعود إلى حالة التفاؤل بشأن عودة الاقتصاد العالمي إلى ما كان عليه بعد انقضاء كورونا”.

وقال الركابي، “إذا نظرنا جيداً سنرى أنه على الرغم من تراجع المخزونات في مايو (أيار) إلى قرابة نصف ما كانت عليه في أبريل (نيسان)، فإنّ الطلب العالمي لم يرتفع بالمستوى المطلوب، إضافة إلى أن هذه الارتفاعات جاءت مدفوعة بانخفاض المعروض، خصوصاً بعد أن أعلنت السعودية خفضاً إضافياً بقرابة المليون برميل يومياً، إلى جانب الخفض الذي أعلنته في إطار اتفاق (أوبك +)”.

النفط الصخري وضغوط الأسعار
وتابع الركابي: “يوجد عنصر مقلق آخر ربما يضغط على الأسعار مجدداً هو قدرة شركات النفط الصخري على العودة إلى الإنتاج في مستوى أسعار يتراوح عند 30 دولاراً للبرميل”.

وأشار إلى أنه من الضروري بمكان أن تكون عودة الاقتصاد العالمي بنفس وتيرة ارتفاع الإنتاج، وإلا فإننا سنشهد عودة المخزونات إلى الامتلاء، وهبوطاً جديداً في الأسعار.

ولفت إلى أنه لا يمكن أن ننسى المخاوف المرتبطة بعودة الفيروس في موجة جديدة ضربت أخيراً عدداً من المناطق في الصين، ما يهدد بحالة إغلاق أخرى تخفّض من الطلب على الطاقة، كما أنّ أسعار النفط اليوم ترتبط أكثر بنتائج حزم الإنقاذ التي أطلقتها الحكومات، وقدرتها في تحريك عجلة الاقتصادات.

مستوى 40 دولاراً للبرميل
وأوضح الركابي أنه يمكن لأسعار النفط أن تصل إلى مستوى 40 دولاراً للبرميل في نهاية الربع الثالث، إذا كان هناك ارتداد قوي للنشاط الاقتصادي على شكل منحنى الحرف (V)، أما إذا كان الوقت طويلاً نسبياً لإيجاد اللقاح، وكانت عودة الاقتصاد على شكل الحرف (U) فإنّ الأسعار لن تصل إلى مستوى 40 دولاراً قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام.

وذكر المحلل في شؤون الطاقة، أنه “لا يجب أن نغفل عودة التوتر بين الولايات المتحدة والصين، وتصريحات الرئيس ترمب باستعداده لقطع العلاقات مع الصين، وإنهاء اتفاق التجارة معها، ما يشكّل ضربة للتجارة الدولية، وانتكاسة لعديد من الشركات والمصانع ومزيداً من الضغط على أسعار النفط”.

ويبرز عنصر مهم آخر يتعلق بقدرة دول أوبك وحلفائها على التزام الخفض وفق المعايير التي أقرتها، خصوصاً أن بعض تلك الدول لا تستطيع تحمل فاتورة النفقات المرتفعة في ظل تراجع الإيرادات، وانخفاض الإنتاج، فإذا لم يُوفَّر اللقاح في أسرع وقت، فإننا سنكون على موجة جديدة من تراجع الأسعار.

السعودية أكبر مورد للهند
وعلى صعيد الأسواق، أظهرت بيانات من مصادر حسب “رويترز” أن السعودية حلّت محل العراق كأكبر مورد للنفط الخام إلى الهند في أبريل (نيسان)، إذ جذبت تخفيضات على أسعار الخامات السعودية شركات التكرير بثالث أكبر اقتصاد في آسيا.

وتفيد الإحصاءات أن شركات التكرير في الهند، وهي ثالث أكبر مستورد للخام في العالم، طلبت كميات أخرى من أرامكو، وشركة بترول أبو ظبي الوطنية “أدنوك” ودلك خلال أبريل الماضي. وكانت واردات الهند في الشهر الماضي 4.63 مليون برميل يوميا، بزيادة خمسة في المئة عن مارس، لكن بانخفاض 4.1 في المئة عن أبريل (نيسان) 2019.

وقلّصت شركات التكرير الهندية نشاطات معالجة الخام الشهر الماضي مع انخفاض الطلب إلى أقل مستوياته منذ 2007، بسبب إجراءات العزل في أنحاء البلد لاحتواء تفشي فيروس كورونا.

زيادة قياسية في مخزونات النفط بالفجيرة
أفادت بيانات من منصة ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس لمعلومات الطاقة الأربعاء، أن مخزونات المنتجات النفطية في مركز النفط وتزويد السفن بالوقود بالشرق الأوسط الفجيرة بالإمارات قفزت لمرتفعات قياسية في الأسبوع المنتهي في 18 مايو.

وأظهرت البيانات أنّ المخزونات الكلية للمنتجات النفطية في الفجيرة قفزت إلى 30.262 مليون برميل في الأسبوع المنتهي 18 مايو، وهو ما يتخطى الرقم القياسي السابق البالغ 27.859 مليون برميل في الأسبوع السابق.

وارتفعت أيضاً مخزونات نواتج التقطير الوسيطة ومخزونات الوقود المتبقي إلى مستويات قياسية في الأسبوع المنتهي الإثنين عند 5.573 مليون برميل و16.453 مليون برميل على الترتيب.

وأظهرت البيانات أن مخزونات نواتج التقطير الخفيفة في الفجيرة بلغت أعلى مستوى في تسعة أشهر عند 8.236 مليون برميل.

وقال توني كوين، الرئيس التنفيذي لتانك بنك إنترناشونال لاستشارات التخزين، “جميع منشآت التخزين لا تزال ممتلئة”.

وتسبب انهيار في الطلب على الوقود بفعل إجراءات العزل العام الواسعة النطاق للحد من انتشار فيروس كورونا في زيادة مخزونات الوقود بمراكز التخزين العالمية.

وإلى جانب ذلك، يستفيد تجّار النفط من ارتفاع الأسعار في العقود الآجلة عن الأسعار الفورية، ما يحفّز تخزين الإمدادات لبيعها لاحقاً، نظراً إلى أن الشحنات المستقبلية قيمتها أعلى من الفورية.

 

رابط المصدر:

https://www.independentarabia.com/node/121116/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B2/%D9%85%D9%88%D8%AC%D8%A9-%D8%B5%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D8%B2-%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D9%88%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D9%8A%D8%B2%D8%AD%D9%81-%D9%81%D9%88%D9%82-36-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%A7-%D9%81%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%9F

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M