شهدت العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي توترات متزايدة في الآونة الأخيرة، على خلفية الحضور المتزايد لحلف شمال الأطلسي في المناطق القريبة من الحدود الروسية، وما ترتب على ذلك من تصعيد عسكري روسي أدى إلى تأزم الأوضاع على الحدود الأوكرانية. ومن هذا المنطلق، انعقدت القمة الافتراضية بالغة الحساسية بين رئيسي الاتحاد الروسي والولايات المتحدة بتاريخ 7 ديسمبر من العام الجاري.
ولقد تمت القمة بشكل مغلق، اقتصر على حضور الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وحده من جهة، ومن جهة أخرى الرئيس الأمريكي، “جو بايدن” وأعضاء من فريقه الرئاسي الذين شاركوا من خلال الحضور في الغرفة ذاتها مع الرئيس الأمريكي أثناء القمة التي لم يُعلن بعد عن نتائجها بالكامل، رغم أنها تمت وسط تطلعات وتوقعات من العالم أجمع بأن تسفر عن شيء ولو باليسير من التفاهم الروسي الغربي.
هل تتجه موسكو إلى “غزو” كييف في حالة رفض الغرب تنفيذ مطالبها؟
أعلن البيت الأبيض أن “بايدن” سيجري اتصالات بعد القمة بقيادات بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا لمتابعة التنسيق الذي جرى بين الرئيسين. ولا تتوقف الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عن التلويح بفرض عقوبات اقتصادية بالغة الشدة على روسيا في حالة غزوها أوكرانيا. وكذا، تتناثر أقاويل توحي بأن هذه العقوبات قد تنال، بشكل أو بآخر، بالمشروع الروسي الطموح “نورد ستريم 2”.
وبتاريخ 12 ديسمبر، تسلمت كييف أول الإمدادات العسكرية الأمريكية التي تصل إليها منذ اشتعال الأزمة الأخيرة مع موسكو. وتأتي هذه الخطوة في إطار تنفيذ الخطة الأمريكية التي تحصل أوكرانيا بموجبها على إمدادات عسكرية أمريكية، كجزء من حزمة أمنية يبلغ ثمنها 60 مليون وصلت إلى أوكرانيا.
وقد اشتملت الإمدادات على ذخيرة وأسلحة خفيفة مثل كميات من صاروخ “جافلين” الذي يُعرف بـ “صائد الدبابات”، بالإضافة إلى معدات غير قتالية، وذلك وفقًا لما نشرته وزارة الدفاع الأمريكية. ومن المقرر أن يجري تسليم جزء آخر من حزمة المساعدات الأمريكية الأمنية في وقتٍ مبكر من العام المقبل، على أن تشمل تلك الحزمة أربعة رادارات مضادة لقذائف الهاون. والسؤال هنا في ضوء ما سبق، ما هي أوراق روسيا في حالة أن تم رفض مطالبها؟ وكيف ينعكس الدعم الأمريكي لكييف مع جدية تأييدها للموقف الأوكراني؟
في عالم السياسة، بوجه عام، توجد قاعدة رئيسة تقوم على أساس مبدأ “السياسة هي لعبة المصالح”، وفيما يتعلق بالمصالح عادة ما لا يكون هناك أي ثوابت. غير أن الأمر فيما يخص السياسة الخارجية الروسية، قد يتفق مع هذا المبدأ في كل شيء، عدا الثوابت الخاصة بالأمن القومي بطبيعة الحال. بمعنى، أن موسكو ليست على استعداد للمساومة على مسألة دخول أوكرانيا وجورجيا لحلف الناتو بأي ثمن كان.
والسبب في ذلك، يعود بالطبع إلى مساس تلك الخطوة بأمنها القومي من جهة، وبضرورة الحفاظ على نفوذها في بُلدان الفضاء ما بعد السوفيتي من جهة أخرى. وهذه تعد من ثوابت العلاقات الخارجية الروسية. لذلك، لا يُرجح أن الرفض الصريح للانصياع لرغبات موسكو فيما يتعلق بابتعاد حلف الناتو عن حدودها ستكون ورقة محل تفاوض مع الغرب. بمعنى آخر، لن تسمح موسكو بأن تحصل على مكاسب مثل رفع العقوبات الغربية عنها، مقابل السماح بأي حضور لحلف الناتو في هاتين البلدين.
وهذا ما يجعلنا نعود مرة أخرى إلى مناقشة سيناريو الغزو الروسي، وكيف يتسق هذا السيناريو مع آراء بعض الخبراء التي تذهب إلى ترجيحات تتعلق بضلوع واشنطن والغرب في خطة محكمة تهدف إلى جر موسكو للحرب مع كييف. خاصة في ضوء المُعدات العسكرية الأمريكية –الآنفة الذكر- التي تلقتها كييف. وبالتزامن مع بدء وسائل إعلام أوكرانية تهيئة الأجواء الداخلية للغزو من خلال نشر تقارير إخبارية تقوم من خلالها بتوجيه المواطنين للطريقة السليمة للتصرف حال وقوع أي هجوم روسي.
ومن جهة، يقول الغرب إن موسكو ستغزو أوكرانيا، ومن جهة أخرى تنفي موسكو نواياها. بينما ترد وسائل إعلام بالإشارة إلى مخططات غربية لجر روسيا إلى نزاع. ثم تعود موسكو لتؤكد مرة أخرى أن حلف الناتو هو من بدأ بممارسة الاستفزازات على مقربة من حدودها.
وبالنظر إلى طبيعة الإمدادات العسكرية الأمريكية المذكورة إلى أوكرانيا، والتي سبقها، بتاريخ 20 نوفمبر، أن أرسلت واشنطن لأوكرانيا زورقين دورية قديمين سبق وأن استخدمهما خفر السواحل الأمريكي، ثم تمت إعادة تجهيزهما ليتم تزويد البحرية الأوكرانية بهما يكون من الجلي أن واشنطن مستمرة حتى اللحظات الأخيرة في مد كييف بمعدات عسكرية، أقل ما يُقال عنها، إنها “لا تُسمن ولا تُغني من جوع”، في مقابل الحشد العسكري الروسي الضخم والمستمر على الحدود الأوكرانية، وسط تفوق جوي وبحري روسي، وتفوق على صعيد المدفعية الصاروخية الروسية. وهو تفوق لا يجحده المسؤولون الأوكرانيون أنفسهم.
فقد سبق وأن أقرت بالفعل أوكرانيا أنها غير قادرة على صد أي هجوم عسكري محتمل واسع النطاق من قبل روسيا، حال عدم تلقيها لموارد –فعلية- من الدول الغربية، وذلك وفقًا لما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز“، بتاريخ 9 ديسمبر، من العام الجاري؛ إذ قال رئيس جهاز المخابرات العسكرية الأوكرانية الجنرال، “كيريلو بودانوف”، “لسوء الحظ، يجب أن تكون أوكرانيا موضوعية في هذه المرحلة. لا توجد موارد عسكرية كافية لصد هجوم واسع النطاق من جانب روسيا – حال حدوثه – بدون دعم القوات الغربية”. وأوجز بودانوف رؤيته المتشائمة لاجتياح روسي محتمل يبدأ بضربات جوية وهجمات صاروخية تستهدف في البداية مستودعات الذخيرة والقوات المترابطة بالخنادق. مؤكدًا إن الجيش الأوكراني سيصبح عاجزًا بسرعة كبيرة، وقيادته غير قادرة على تنسيق الدفاع وإمداد الجبهة.
ومن هذا المنطلق، سيكون من الصعب تصديق السيناريو المتعلق بأن واشنطن أعدت خطة لجر روسيا إلى الحرب، خاصة في ظل مساعي الغرب الحثيثة، على مدار سنوات ممتدة، إلى زرع قواعد عسكرية في تلك البقاع القريبة من الحدود الروسية، والتي من المؤكد أنه سيكون من العسير عليهم، الوصول إلى مبتغاهم، لو أتيحت الظروف الفعلية لروسيا أن تغزو أوكرانيا بالكامل!
وعلاوة على ذلك، فإن تحقق الغزو هنا ليس من الضروري أن يعني غزو بنيّة الاحتلال الدائم، بل من الأرجح أنه سيكون غزو لتغيير المشهد لصالح روسيا، ثم يليه انسحاب؛ بمعنى أن تغزو موسكو كييف وتقوم بوضع أساس يرمي في خلال فترة زمنية قصيرة إلى إحلال نظام سياسي بديل عن نظام “زيلينسكي” يكون مواليًا لروسيا ومناوئًا للغرب على غرار الجارة البيلاروسية.
وهذا ما يضع روسيا، في محل أقرب لأن تبحث عن مبررات لتهيئة الرأي العام العالمي بحقيقة أنها هي الطرف المُعتدى عليه، والتأكيد على تصدير صورة أن الغرب هو من خطط لجرها في المقام الأول إلى حرب مع أوكرانيا سيكون من المحتم أنها الطرف الرابح فيها. ومن يقرأ التاريخ، يعرف أن الصورة العامة للدولة التي تنوي شن غزو أو حتى البدء في عملية عسكرية خارج أراضيها. ومبررات هذه الخطوة أمام المجتمع العالمي عادة ما تكون شيئًا بالغ الأهمية، بل ويتم اعتباره مثل أحد المُعدات الرئيسة للحرب.
لذلك، فإن الترويج لفكرة وجود مخطط غربي لجر روسيا إلى حرب، سيخدم المصالح الروسية في نهاية المطاف. وكل ذلك، لأن الصورة الذهنية لمن يغزو بنيّة رد الاعتداء، لا تضاهي أبدًا من يبدأ بنفسه اعتداء بدون أدنى سبب. وفي هذا السياق، لا يُستبعد أن تكون موسكو بنفسها هي اليد المُحركة وراء طرح هذه السيناريوهات المتعلقة بمخططات الغرب لإشعال فتيل الحرب مع موسكو.
أما فيما يتعلق بالعقوبات الغربية المفروضة على موسكو في الوقت الراهن، ومنذ تاريخ ضم شبه جزيرة القِرم، فإنها تظل عقوبات خفيفة الوطأة بالنسبة لموسكو. والدليل على ذلك، هو قدرة روسيا على النجاة واستكمال مسيرة سياساتها الخارجية في ظل هذه العقوبات، التي لم تنجح في إثنائها عن موقفها إزاء القرم، أو حتى في تهدئة مواقفها إزاء أوكرانيا بوجه عام.
لذلك، ومرة أخرى، يثبت الغرب أن الكفة دائمًا ستميل إلى جهة الحفاظ على المصالح العامة لبلدانهم. ومن المؤكد أن لا أحد يرغب في اشعال حرب في أوروبا، حتى لو كانت تلك الحرب ستندلع في الجزء الشرقي من أوروبا. فمن المؤكد أيضًا، أنها ستكون مواجهة مؤرقة لا يرغب بها أحد، وصداع لا تُحبذ أوروبا، أولاً وقبل أي شيء وجوده من الأساس. غير أن من وجهة النظر الروسية، تعتقد موسكو –يقينًا- أنها مضطرة لأن تخوض المعركة في حالة التعدي على خطوطها الحمراء، وذلك بالتأكيد سيكون نظرًا لأنه لا أحد في موسكو سيغفو له جفن طالما وجد نفسه في مرمى نيران أعداؤه بعد مرور وقت قريب الزمن. والغرب يعرف جدية موسكو في اجتياح أوكرانيا. ولو لم يكن الأمر كذلك، لكانت عضوية كييف وتبليسي قد أصبحت فعلًا ماضيًا، في غضون اللحظة التي نتحدث فيها اليوم عن التصعيد العسكري الروسي.
مستقبل خط أنابيب “نورد-ستريم 2”
كشفت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على ألمانيا لإغلاق خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” الروسي، كجزء من حزمة عقوبات هددت واشنطن بفرضها على موسكو إذا اقدمت الأخيرة على غزو أوكرانيا. وذكرت الصحيفة نفسها، أن مُطالبات واشنطن لبرلين وبروكسل بوقف خط أنابيب الغاز الروسي عن العمل تأتي كجزء من حزمة عقوبات اقترحتها الولايات المتحدة لتجنب اندلاع صراع دولي جديد في المنطقة المُتاخمة لروسيا وسط مخاوف لدى مجتمع الاستخبارات الأمريكي من أن الرئيس الروسي يستعد لعمل عسكري. وصرح، “جيك سوليفان”، مستشار الأمن القومي لبايدن، بعد استماعه إلى لقاء بايدن وبوتين الافتراضي: “إذا كان فلاديمير بوتين يريد أن يرى تدفق الغاز عبر خط الأنابيب هذا، فقد لا يرغب في المخاطرة بغزو أوكرانيا”.
وليس ثمة من يُماري بأن الولايات المتحدة لطالما سعت بكل ما تملك من قوة لعرقلة هذا المشروع منذ البدء في وضع أول حجر أساس له. حيث تروج واشنطن للغاز الطبيعي الأمريكي المُسال الذي تطمح أن يتم بيعه على نطاق واسع في الاتحاد الأوروبي. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت بالفعل عددًا من العقوبات على هذا المشروع، أملًا في الحيلولة دون انتهائه، إلا أن مقاومة ألمانية دؤوبة حالت دون عرقلة المشروع.
ونفهم، في ضوء ما تقدم، أن الولايات المتحدة جادة للغاية في استغلال الصراع حول أوكرانيا لأجل إقناع الاتحاد الأوروبي، خاصة ألمانيا، بقبول فكرة التخلي تمامًا عن المشروع. وهو الشيء الذي ومن المؤكد أنه -إن حدث بالفعل- سيمثل عقوبة اقتصادية هي الأشرس من نوعها على الاتحاد الروسي. وهذا ما يقودنا إلى تساؤل، حول احتمالية نجاح واشنطن في التنفيذ الفعلي لهذه العقوبة!
من المُستبعد تمامًا أن تنجح واشنطن في تنفيذ هذه العقوبة على موسكو. والسبب لا يُعزى بالطبع لأي سبب آخر سوى المعارضة الألمانية المعهودة -المُعلنة وغير المُعلنة- لمثل هذه الخطوة. والأدلة على ذلك كثيرة، ولا حصر لها. ففي مثال بسيط، نجد أنه، بتاريخ 10 فبراير 2021، نشرت قناة “دويتش فيله” الألمانية، تقريرًا بعنوان “عرضت ألمانيا صفقة قذرة على الولايات المتحدة لإسقاط العقوبات على نورد ستريم 2″، استعرضت من خلاله تفاصيل أعلنتها منظمة غير حكومية ألمانية، حول قيام وزير المالية الألماني بوقتها، “أولاف شولتز”، بعرض المساعدة في استيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة مقابل تخلي إدارة ترامب عن اتخاذ إجراءات مُهددة للمشروع. وأوردت المنظمة ما يفيد بأن الحكومة الألمانية عرضت على إدارة ترامب دعمًا ماليًا يصل إلى مليار يورو في محاولة لمنع واشنطن من فرض المزيد من العقوبات على المشروع!
وفي يوليو من العام الجاري، انتقد مسؤولون في الحكومة الألمانية ونواب وخبراء خطط الولايات المتحدة لتشديد العقوبات على المشروع، الذي كان في تلك الآونة، لا يزال قيد الانشاء. وقال المستشار الألماني السابق، “جيرهارد شرودر”، أنه لا شك في أن محاولة الولايات المتحدة أن تفرض إملاءاتها على المجتمع السيادي مثل دول الاتحاد الأوروبي هو أمر مرفوض تمامًا، مؤكدًا حاجة بلاده للغاز. وبتاريخ 28 نوفمبر –بتوقيت اشتعال الأزمة الأوكرانية- قالت ألمانيا إنها ستواصل العمل عن كثب مع الولايات المتحدة بشأن تنفيذ اتفاق بشأن خط الأنابيب البالغ حجمه 11 مليار دولار. وعلقت الخارجية الألمانية في بيانها لافتة إلى أنها ترفض بشكل أساسي العقوبات بين الحلفاء لأن ذلك من شانه أن يضعف مصداقية الولايات المتحدة ويضر في النهاية بالوحدة عبر الأطلسي.
ونستخلص مما سبق، أن التحركات الأمريكية تعكس اهتمام الولايات المتحدة بالمشاركة في الأزمة الأوكرانية فقط، لأجل تعطيل العمل بمشروع “نورد ستريم 2”. وكذا، من غير المُرجح أن تحقق المساعي الأمريكية مبتغاها بسبب تنافي ذلك الهدف مع المصلحة العامة الألمانية واحتياج البلاد للطاقة المُصدرة إليها من روسيا. علاوة على ذلك، أن المشروع قد اكتمل بالفعل ولم يعد خطة مكتوبة على ورق أكثر من ذلك، بل أصبح جزءًا من حقيقة واقعية، وهذه الحقيقة لم تأتِ بشكل مجاني، بل تم إنفاق المليارات للانتهاء منها.
وبموجب مقتضيات لغة الملايين، ليس من المُرجح أن يقبل أحد في برلين أولًا، وموسكو ثانيًا، أن تذهب كل هذه المليارات سُدى. حتى لو غزت روسيا أوكرانيا، وحتى لو فرضت الولايات المتحدة عقوبات تقتضي بمنع العمل على المشروع. ليس من المُرجح أن يتضرر المشروع في أي شيء، في الحقيقة، سوى بتأجيل البدء في تشغيله فقط وليس الغاؤه أو توقيفه.
أوراق “موسكو” الأخيرة في إدارة الأزمة
عند هذه النقطة، نعود للحديث عن الغاز الروسي المُصدر إلى القارة العجوز. والغاز في رحلته ما بين روسيا والاتحاد الأوروبي يُعد سلاحًا ذو حدين، أحدهما مُصوب في وجه روسيا، والآخر في وجه القارة الأوروبية. بمعنى، هناك من يرى أن الأفضلية لأوروبا على روسيا كونها هي الطرف المُشتري. والآخر، يرى أن الأفضلية بالعكس، لموسكو على أوروبا لأنها من يمسك زمام الأمور، ويقوم بالبيع.
ومما لا شك فيه، أن الاقتصاد الروسي يقوم في الأساس على تصدير موارد الطاقة. علاوة على ذلك، تظل القارة الأوروبية في حاجة ماسة للغاز الروسي طالما لم يتوافر لديها بديل عنه حتى اللحظة. لذلك، من المُرجح أن تتجه موسكو لاستخدام الغاز كورقة ضغط في حالة تعنت الاتحاد الأوروبي في تنفيذ مطالبها. لكن في هذه الحالة، قد لا تستمر موسكو في استخدام هذه الورقة لفترة طويلة، مراعاة لمصالحها الاقتصادية.
ومع ذلك، يظل الغاز، ورقة الضغط الأخيرة في يد موسكو قبل الاضطرار إلى اللجوء إلى سيناريو الغزو، والذي لا يُرجح أن يتحقق إلا في حالة الانضمام الفعلي لأوكرانيا لحلف الناتو. بمعنى، أن استخدام الغاز كورقة ضغط لن يلغي أبدًا إمكانيات الغزو الروسي، خاصة في ظل ثقة موسكو بأن مشروعها الاستراتيجي الطموح “نورد-ستريم 2” لن يتأثر بشكل دائم.
.
رابط المصدر: