العلاقات العربية الأفريقية علاقات ذات امتدادات تاريخية عميقة، منذ فجر التاريخ وما قبل ظهور الإسلام، وبعد ظهوره حتى العصر الحديث، على المستوى البشري والثقافي والتجاري. وقد دعم هذه العلاقات في العصر الحديث القتال المشترك ضد الاستعمار، ومحاولات قيام الدول المستقلة، والانضمام إلى دول عدم الانحياز، بالإضافة إلى الاهتمام بقضايا التنمية الاقتصادية– الاجتماعية والأمنية.
تكتسب منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اليوم أهمية بالغة لمستقبل الأمن والازدهار الاقتصادي في شمال أفريقيا أكثر من أي وقت مضى، ومن شأن توسع العلاقات الاقتصادية وتغير التحديات الأمنية خلق فرص لدول شمال أفريقيا لتعزيز استراتيجيات القوة الناعمة لديها في المنطقة. كما يوفر نمو الأسواق الاستهلاكية فرصة مهمة وفريدة لاقتصاديات المغرب العربي لتوسيع قاعدتها الصناعية وإحداث وظائف محلية ودفع النمو الاقتصادي.
بالرغم من التحديات الداخلية (ضعف التنمية، التعداد السكاني الكبير لأفريقيا، الصراع على المياه، مشكلات الحدود، الهواجس الأمنية، مشاكل الهجرة واللجوء وغيرها،،،) والخارجية (ضعف الشراكات مع القوى الاقتصادية، التنافس الاجنبي على القارة، الدخول في تحالفات..) بين دول شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، فهذا لا يعطي نظرة تشاؤمية تغلّب الصراع على التعاون في مستقبل العلاقات بين الجانبين، وإنما هي نظرة موضوعية تناقش ما هو قائم من علاقات وتفاعلات على أرض الواقع منذ سنة 2010، مرورا بتأثيرات الربيع العربي، وفقاً لمنظور واقعي يحدوه الأمل بغلبة روح التعاون والتكامل على جذور الصراع المنتشرة الآن في أكثر من موقع على طول الحدود العربية مع الدول الأفريقية.
لكن هناك إمكانية بألا تولي أفريقيا جنوب الصحراء أهمية كافية لجيرانها في الجهة الشمالية من القارة، ومن ثم يتمثل التحدي المهم أمام الدول المغاربية في أن تبقى ذات أهمية بالنسبة إلى أفريقيا في الوقت الذي كثر فيه المرشحون الراغبون في الحصول على الأسواق والاستثمار والتعاون. وهذا الوضع لا يتطلب فقط توسيع الشراكات التجارية الراهنة، لكن كذلك بناء شراكات جديدة وإحداث منتوجات وخدمات قادرة على المنافسة. وإذا عملت دول شمال أفريقيا معا عوضا عن التنافس فيما بينها، يمكنها استغلال الروابط التاريخية مع الجنوب للمساعدة على بناء قارة أفريقية أكثر اندماجا وازدهارا.
ومن ثم يجب، عند دراسة مستقبل العلاقات الشمال-أفريقية وتحليله، إلقاء الضوء على الجوانب الصراعية والجوانب التعاونية في مستقبل هذه العلاقات، وعليه تسعى هذه الدراسة إلى مناقشة أهم العوامل التي قد تؤثر في تطور العلاقات العربية – الأفريقية وتدعيمها في المستقبل، كما تسعى إلى تقديم رؤية استشرافية لمستقبل العلاقات بين العرب والأفارقة، وبحث إمكانات تطويرها وتقديم نموذج ناجح للعلاقات بين دول شمال أفريقيا وجنوب الصحراء (المغرب ومنطقة الساحل).
المحور الأول: طبيعة علاقات دول شمال أفريقيا ومنطقة جنوب الصحراء الأفريقية
تعد العلاقات بين شمال أفريقيا والحزام الواقع جنوب هذه الدول علاقات ذات امتدادات تاريخية عميقة، منذ فجر التاريخ وما قبل ظهور الإسلام، وبعد ظهوره حتى العصر الحديث، على المستوى البشري والثقافي والتجاري، وقد أقام الإسلام روابط دينية وثقافية بين العرب ومعظم دول الجوار الأفريقي.
وقد دعم هذه العلاقات في العصر الحديث القتال المشترك ضد الاستعمار، ومحاولات قيام الدول المستقلة، والانضمام إلى دول عدم الانحياز، بالإضافة إلى الاهتمام بقضايا التنمية الاقتصادية– الاجتماعية.
وعلى الرغم من أن علاقات الاعتماد المتبادل بين الدول الأفريقية والوطن العربي ما تزال محدودة؛ فهناك إمكانية لتفعيل حجم العلاقات والتفاعلات، خصوصاً في ظل وجود مؤسسات التعاون المشترك التي تضم دولاً من المجموعتين العربية والأفريقية.
إن أفريقيا الناهضة، “تمثل للوطن العربي وخاصة دول الشمال الأفريقي اليوم وغدا، الامتداد والعمق الاستراتيجي الحيوي، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، بما تملكه من طاقات وثروات طبيعية قابلة للاستثمار والتنمية المشتركة، مثلما كانت بالأمس تمثل الظهير المساند لقضاياه، بل والشريك الرئيسي له في نضاله ضد العدوان الصهيوني والهيمنة الاستعمارية”[1].
1-العلاقات الاقتصادية:
على الرغم أن الدول الأوروبية تبقى الشريك التجاري الأول لدول شمال أفريقيا، فإنّ المبادلات التجارية مع أفريقيا شهدت تطورا كبيرا خلال السنوات التي تلت الربيع العربي. وبعد استعادة عضويّتها في الاتحاد الأفريقي، يناير الماضي، بدأ المغرب في الاقتراب من الدخول في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة باسم “سيداو”، والتي تضم 15 دولة. كما تأمل الرباط في أن تحصل على عضوية كاملة في هذا التكتل، باعتبار أن هذه المنطقة تمثل سوقاً مليئة بالفرص تضم حوالي 200 مليون مستهلك.
وتعرّف هذه المجموعة نفسها بكونها التجمع الإقليمي الاقتصادي الوحيد الذي يعمل من أجل الاندماج الاقتصادي وتحقيق أهداف اقتصادية للتجمع الاقتصادي الأفريقي، ويأتي الطلب المغربي في إطار توجه رسمي جديد من المملكة بالاتجاه أكثر نحو بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، خاصة عودتها للاتحاد الأفريقي بعد غياب دام تقريبا 33 عاما.[2]
وقد عملت المملكة المغربية، خلال السنوات الأخيرة التي أعقبت تولّي الملك محمد السادس العرش، على بناء سياسةٍ أفريقيةٍ، قوامها تعميق التعاون الدولي وتنويعه مع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، واتجهت الدبلوماسية المغربية للتكيّف مع تطورات الظرفية الدولية المطبوعة بتزايد التنافس الدوليّ حول أفريقيا جنوب الصحراء، وتيسير اقتناص الفرص التي توفّرها؛ حيث سعت إلى تعزيز تموقع المغرب في القارة الأفريقية، وخدمة قضايا المصلحة الوطنية، مستخدمةً في ذلك كلّ الأدوات الاقتصادية والسياسية والدينية.
ويركّز المغرب على الشراكة مع دول جنوب الصحراء التي تشكّل بالنسبة إلى المملكة حافزًا اقتصاديًا مهمًا، وفي هذا السياق وقع العاهل المغربي عشرات الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع زعماء الدول التي زارها ضمن جولاته الأفريقية الأخيرة.
تطور العلاقات بين المغرب وباقي دول القارة الأفريقية، حمل معه تطورا في حجم المبادلات بينهما، إذ بلغت خلال الفترة الممتدة ما بين 2014 و2016، ما يربو عن 11 مليار دولار، مسجلا نموا لافتا مقارنة مع بداية العقد الحالي، وإجمالاً سجل المغرب حضورا اقتصاديا في العمق الأفريقي داخل 21 دولة.
ولكونه البلد الأكثر استقرارا في شمال أفريقيا، صُنف المغرب ضمن الدول الثلاث الأكثر تلقيا للاستثمارات الأجنبية المباشرة في القارة السمراء. يعوّل المغرب أيضا على آفاق النمو في دول جنوب الصحراء لتحفيز اقتصاده. أُصيب الاقتصاد الليبي بالشلل تقريبا نتيجة للصراع السياسي هناك. وتعويل الجزائر على إنتاج النفط، فضلا عن الصعوبات المرتبطة بانخفاض أسعاره، قيّد من انخراط هذا البلد في جنوب الصحراء، بينما ما تزال تونس منهمكة في أزمتها السياسية الداخلية. هذا الوضع سمح للمغرب بأن يتفوق على كل دول شمال أفريقيا في مجال الاستثمار في دول جنوب الصحراء.
إن تحسين المغرب لعلاقاته السياسية مع بقية دول القارة يخلق أيضا ظروفا مواتية لبرنامج المغرب الطموح للاستثمار. فعقب عودته إلى عضوية الاتحاد الأفريقي بات المغرب اليوم يسعى للانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ما يشير إلى التزامه المتجدد نحو القارة الأفريقية. كما أن التباطؤ الاقتصادي لدول حزام اليورو، الشريك التجاري الأول للمغرب، يمثل حافزا إضافيا للمغرب لتعزيز تواجده في أفريقيا.
تستعد المملكة المغربية للانضمام رسميا إلى المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب أفريقيا في ديسمبر المقبل وذلك تنفيذا للموافقة المبدئية التي حصلت عليها في شهر يونيو 2016 في قمة منروفيا بليبيريا.
وعلى خطى المغرب، قدمت تونس بدورها طلبا رسميا للانضمام إلى هذه المجموعة، وتأمل أن يتم ذلك في القمة المقبلة نهاية هذا العام. فهل هو حج أفريقي على حساب الاتحاد المغاربي أم منافسة مغربية تونسية؟
لا أحد يمكنه أن ينفي وجود منافسة تونسية مغربية سواء في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أو في العلاقات مع أفريقيا.
وتعود هذه المنافسة في جانب كبير منها إلى التشابه الكبير في اقتصاديات البلدين. فهي اقتصاديات غير نفطية وتعتمد على تصدير نفس المنتوجات من مواد زراعية وأدوية وفوسفات بالإضافة إلى الدور الحيوي للسياحة. كما يعد استقطاب الاستثمارات الأجنبية وبخاصة في الميدان الصناعي من بين أهم مجالات المنافسة بين البلدين.
غير أن المغرب يتمتع بأسبقية زمنية كبيرة مقارنة مع تونس بالنظر إلى عراقة علاقاته التاريخية مع شرق أفريقيا وبالنظر خاصة إلى تحوله منذ عشر سنوات نحو هذه المنطقة.
إذ تتمتع الشركات البنكية وشركات الاتصال المغربية بحضور قوى هناك منذ سنوات. في نفس الوقت، لا بد من تنسيب حجم هذه المنافسة في سوق تقدر بثلاثمائة مليون مستهلك. هي سوق كبيرة وربما تتجاوز حجم المغرب وتونس معا مما قد يفسح مجالات أكبر لتعاون مؤسساتهما.[3]
غير أن السؤال الأكثر إلحاحا هنا يتمثل في معرفة خلفيات هذا التوجه الأفريقي للبلدين والحال أن الاتحاد المغاربي قائم رسميا. ولا نعتقد أنه من باب المزايدة الخطابية هنا القول بأن هذا التوجه يعني إقرارا بموت الاتحاد المغاربي. فهذا الهيكل مشلول سياسيا بسب الخلاف المغربي الجزائري، وهو مشلول اقتصاديا نتيجة هذا الخلاف ونتيجة عدم استقرار الأوضاع في ليبيا.
وبالتالي فهو لم يعد يمثل أي أفق بالنسبة للاقتصاديات المنتجة التصديرية مثل حال المغرب وتونس. في حين تبقى الجزائر منغلقة على اقتصادها المؤسس على الريع النفطي والغازي وعلاقتها بأفريقيا سياسية أكثر منها اقتصادية.
ضمن هذا الشلل في البناء المغاربي وفي ظل تعنت المواقف السياسية الرسمية في الجزائر وفي المغرب، نرى أنه من الطبيعي أن تبحث بلدانه عن حلول أخرى ولو مؤقتة في انتظار أن تتضح الرؤية مستقبلا حول مصير الاتحاد المغاربي.
كان من المفروض أن تقام علاقات شراكة متينة بين اتحاد مغاربي متماسك ودول أفريقيا. غير أن أولويات السياسيين غير ذلك.
إن طلبات الانضمام لتجمعات إقليمية خارج الاتحاد المغاربي “تدخل في إطار البحث عن مواقع النفوذ والقدرة على الذود عن مصالح الدول في إطار الأهمية القصوى التي أضحت تحتلها التكتلات الجهوية والإقليمية”.
إن منظمة “سيداو”، التي تضم تكتل العديد من الدول الأفريقية، لها “مكانة قوية داخل آليات التأثير في عموم أفريقيا سواء مؤسساتيا واقتصاديا وأمنيا مما فرض على الدول المغاربية الانخراط فيها”.[4]
أدركت الجزائر، مؤخرا، أن الرهان الاقتصادي على أفريقيا رابح على المدى المتوسط والبعيد، فالقارة مرشّحة لأن تتحول إلى إحدى أكبر الأسواق العالمية؛ أزيد من ملياري نسمة في أفق 2050. لذا، أضحت استراتيجية التعاون الاقتصادي (جنوب – جنوب) تحظى بالأولوية في الأجندة الاقتصادية الجزائرية.
وذكر تقرير لوكالة “إيكوفين” للدراسات الاقتصادية في القارة الأفريقية، أن المؤسسات الاقتصادية الجزائرية، تتجه حاليا نحو القارة الأفريقية من أجل البحث عن الفرص والاستثمار، وأن المسؤولين الجزائريين اكتشفوا مؤخراً أهمية هذا البعد الأفريقي بعد فوات الأوان.[5]
والمتأمل في علاقات مصر بأفريقيا جنوب الصحراء يدرك أنها تتأرجح صعودا عندما تقوي مصر داخليا، وهبوطا عندما تضعف، ودلالة ذلك في مقارنة مصر في المرحلة الناصرية، ومصر في المرحلة الحالية، ويفضي ذلك بالضرورة إلي تساؤل حاسم عن سياسة مصر تجاه أفريقيا المدارية بعد ثورة يناير2011 وتصويب مسارها في يونيه2013، وهنا فإن الحديث عن تطوير هذه العلاقات وتنميتها يظل رهنا بالمتغيرات الداخلية وانعكاساتها الخارجية، وتنامي قوة مصر لتنعكس في النهاية علي تقوية العلاقات بينها وبين دول القارة جنوب الصحراء[6].
تعتبر مصر ثالث أكبر شريك تجاري في شمال أفريقيا مع جنوب أفريقيا فقد بلغ حجم الصادرات المصرية الى جنوب أفريقيا 19.80 مليون دولار بينما بلغت الواردات المصرية من جنوب أفريقيا 43.41 مليون دولار فى الفترة من يناير الى مارس 2010، بينما بلغت قيمة الصادرات عام 2009 الى 29.08 مليون دولار وقيمة الواردات 135.67 مليون دولار عام 2009.[7]
2- الهواجس الأمنية:
في منطقة الساحل لسنا أمام أزمة محدّدة، وإنما أمام أزمات متعدّدة ومتشعبة، بعضها مزمن وقديم، مثل أزمة الطوارق والنزاعات الترابية والإثنية، وبعضها جديدٌ ناتج عن فشل الدولة وضعفها[8].
وأصبحت الفضاءات الواسعة لمنطقة الصحراء الكبرى وساحل غربي أفريقيا المناطق المفضلة لنشاط تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، كما يمثّل الساحل والصحراء منطلقاً للهجرة غير الشرعية، إذ تمثّل أفريقيا الشمالية معبراً للحدود الأوروبية[9].
كلّ ذلك حوّل المنطقة إلى بؤرة تهدّد الأمن والسلام الدولي والإقليمي، لكن حلّ هذه المعضلة يتطلب، بالموازاة مع الحلّ العسكري، وضع استراتيجيات شاملة للتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، وتأهيل مؤسسات دول الساحل[10].
وكانت ثورات الربيع العربي في تونس وليبيا قد جعلت المغرب يراقب الوضع دون أن يتخذ موقفاً واضحاً، خشية عدوى انتقال الثورات، لذلك بادر إلى اتخاذ جملة من الإصلاحات السياسية.
لقد تدهورت الأوضاع الأمنية في أفريقيا بعد ما عرف بثورات الربيع العربي، وازدادت نسبة الهشاشة الأمنية بسقوط دول كبيرة كـ ليبيا، ثم تدهور الأوضاع في كل من تونس ومصر ومالي، وهي دول تحدها من الجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى التي تنشط فيها جماعات مسلحة وعصابات التهريب وتجار الأسلحة والمخدرات، كما أن نسبة السلاح الموروثة عن النظام السابق في ليبيا لعبت دورا كبيرا في تفاقم الأوضاع الأمنية وخروجها عن السيطرة، حيث أعلنت مجموعة من الجماعات المسلحة ولاءها لتنظيم الدولة “داعش” كإعلان لبداية مزاحمة “تنظيم القاعدة” على الساحة الأفريقية.
ولقد كان لسقوط نظام معمر القذافي الأثر الكبير في تكاثر الجماعات المسلحة وانتشارها في منطقة الساحل والصحراء، الشيء الذي أمكن الجماعات “الإرهابية” المتواجدة بالمنطقة من الاستفادة من تدفق السلاح النوعي حيث وجدت دول المنطقة نفسها غير قادرة على حماية حدودها من أي انفلات أو حركة للمقاتلين، كما لا يجب أن يخفى الدور الذي كان يلعبه “القذافي” نفسه في تسليح وحماية وتوجيه المجموعات المتمردة والانفصالية في المنطقة والتي كان يستخدمها النظام الليبي متى شاء. نتيجة لذلك تقاسم شمال مالي ثلاث جماعات متطرفة “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و”جماعة التوحيد والجهاد” و ”جماعة أنصار الدين”، حيث ستعمل الجماعات المسلحة في تنسيق عسكري بينها ممتد من الساحل والصحراء إلى غرب أفريقيا.[11]
إنَّ تغلغل “تنظيم الدولة الإسلامية” في دول شمال أفريقيا يعتبر تهديدا مباشرا لدول أوروبا التي تضم أعدادا كبيرة من الجاليات المسلمة، فدول شمال أفريقيا عمق استراتيجي والجدار الواقي الأول للاتحاد الأوروبي جنوبا من الناحية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فاستقرار دول شمال أفريقيا من استقرار أوروبا والعكس صحيح باعتبار عدد السياح الذين يتوافدون على المنطقة وضمان سلامتهم والاستثمارات الاقتصادية بالمنطقة وحجم المبادلات التجارية والروابط الاستعمارية، كذلك كون الاتحاد الأوروبي قبلة المهاجرين السريين الأفارقة يجعل من انهيار الدولة في ليبيا البيئة المناسبة للجماعات التي تشتغل في التهريب والتجارة بالبشر فأصبحت السواحل الليبية نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين من مختلف ربوع القارة.[12]
يتحمل الجانب الأفريقي جزءاً من المسؤولية في إعاقة تقدم العلاقات العربية الأفريقية، ومرد ذلك خضوعه – غير المبرر أحياناً – لأجندات غربيةٍ أو “إسرائيلية”؛ وهو الأمر الذي انجلى عن ممارسات تمييزية ضد العرب في دول الجوار الأفريقي؛ لعل من أهم مظاهره:[13]
–1السماح لـ “إسرائيل” بامتلاك أسلحة نووية والحيلولة دون ما هو أقل من ذلك بالنسبة إلى الدول العربية بالسبل كلّها بما في ذلك الاحتلال العسكري.
-2 تقديم الدعم المالي والفني لدعم قدرات “إسرائيل” العسكرية والرقابة الصارمة على النشاطات العسكرية كلّها للدول العربية ومساعيها للتعاون مع دول العالم في هذا المجال.
– 3 الممارسات الأمريكية الانتقامية في الصومال، وتسخير المنظمة الدولية لتبرير تلك الممارسات التي توارت خلف القبعة الزرقاء (الأمم المتحدة) ؛ فيما سمي بعملية إعادة الأمل Restoring بأفعالٍ لايدينها القانون فحسب وإنّما يندى لها الجبين. 41 Hope التي تورطت فيها القوات الدولية ومما لاشك فيه؛ فإن الجانب العربي يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في إعاقة التقدم بالتعاون العربي الأفريقي، ولذلك أسبابه التي ينبغي معالجتها للوصول بهذا التعاون إلى حدود تكون ذات مردودية عالية في السياسة والاقتصاد ووحدة المسار والمصير وهي:
-1إن الأوضاع العربية الداخلية كانت لها آثار كبيرة في مسار العلاقات بين الطرفين؛ فقد كانت معظم الأقطار العربية الخليجية التي استند إليها التعاون العربي الأفريقي تفتقر إلى تجارب ذات شأن مع دول الجوار الأفريقي؛ ولذا خضعت سياساتها تجاه دول الجوار لاعتبارات عامة مرتبطة بتفاعلات النظام الدولي والإقليمي.
-2 تضارب السياسات العربية على صعيد القارة الأمر الذي أضعف كثيراً من قدرة الدول العربية على التأثير؛ وهو ما تفاقمت خطورته بعد انشقاق الصف العربي ذاته في أعقاب خروج مصر؛ وإبرامها (معاهدة السلام)، ثم جاءت مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية لتزيد الأمر سوءاً في التصورات الأفريقية اتجاه العرب.
-3 تركيز المؤسسات والحكومات العربية على التعاون الرسمي مع الحكومات الأفريقية؛ وضعف الدور الشعبي الأمر الذي جعل العلاقات بين الطرفين في حدود ضيقة.
-4تتزايد الانتقادات الموجهة – على الصعيد الثقافي والتعليمي – إلى السياسات العربية تجاه البلدان الأفريقية؛ إِذْ تكشف الدراسات المتخصصة مثالب عدة لعل من أبرزها؛ تركيز المنح الدراسية على العلوم والدراسات النظرية والدينية الشرعية؛ ولم يكن الاهتمام بإعداد أطر علمية أفريقية تواكب احتياجات هذه البلدان، وتسمح لأبنائها الدارسين في الدول العربية بتولي مناصب فاعلة ومؤثرة في بلدانهم التي يشغلها خريجو المدارس الغربية وجامعاتها؛ وكذلك عزلة الطلاب الأفارقةالوافدين واغترابهم لدى عودتهم إلى بلادهم؛ لشعورهم بالافتقار إلى الدور الفاعل في المجتمع.
المحور الثاني: أبعاد الصراع والخلاف بين بين المنطقتين
1-الوضع الأمني
تعدّ منطقة الساحل الأفريقي من أكثر المناطق المفتوحة والشاسعة في العالم، بمساحة تفوق تسعة ملايين كيلومتر مربع[14]، ومما لاشك فيه أن منطقة الساحل الأفريقي هي منطقة الأزمات [15] لما تعرفه هذه المنطقة من تدهور أمني يؤثر بشكل كبير ومباشر على الأمن الإقليمي والدولي ككل إذ تشهد المنطقة مختلف الأنشطة الإجرامية من تنظيمات إرهابية إلى كارتيلات الجريمة المنظمة بجميع إشكالها إضافة إلي الأقليات والعرقيات والنزاعات التي تتسبب فيها لتحقيق بعض المصالح الضيقة وعلى رأسها مطالبها الانفصالية، كل هذه المهددات جعلت من منطقة الساحل والصحراء بؤرة من بؤر التوتر ومنطقة حاضنة للإرهاب.
وتعتبر منطقة شمال أفريقيا والساحل والصحراء فضاء خصب للجريمة المنظمة العابرة للحدود بكل أنواعها: كالمخدرات – الهجرة السرية – الجريمة الإلكترونية أو الرقمية – غسيل الأموال التهريب (سجائر- البنزين- المواد الغذائية- الأسلحة)… الأمر الذي جعل المنطقة مصدرا لتهديدات أمنية إقليمية والدولية خطيرة[16].
في منطقة الساحل لسنا أمام أزمة محددة وإنما أمام أزمات متعددة ومتشعبة. بعضها مزمن وقديم مثل أزمة الطوارق والنزاعات الترابية والإثنية، وبعضها جديد ناتج عن فشل الدولة وضعفها.
فدول الساحل تعتبر من أفقر الدول، وهي غير قادرة على القيام بدورها كدولة والاضطلاع بمهمة مراقبة مجموع ترابها الوطني، خاصة وأنه يتكون من أراض شاسعة قاحلة وجرداء، وذات كثافة سكانية متدنية؛ الشيء الذي حول أجزاء كبيرة منها إلى ملاذات للجماعات الإرهابية. هذه الجماعات في الأصل فرت من الجزائر بعد اشتداد حرب السلطات الجزائرية عليها لتجد ملاذا آمنا في الساحل حيث انتعشت وفرخت وتكاثرت.
2- الهجرة غير الشرعية واللاجئون
وهي من المشكلات المعقدة نظراً لتداعياتها الإقليمية والدولية، وفضلاً عن كونها بؤرة توتّر كامنة بين الطرفين العربي والأفريقي، فتجاور المناطق التي يقطنها «الطوارق» في كل من مالي والنيجر والجزائر وبوركينا فاسو أدى إلى اعتبار مشكلات التحرر والنازحين وعمليات إعادة التوطين مشكلات ذات طابع إقليمي، ولعل ذلك يفسّر إنشاء لجنة وزارية في سبتمبر 1990م تضم في عضويتها كلا من: ليبيا والجزائر ومالي والنيجر للتعامل مع مشكلة الطوارق.
وبصفة عامة؛ فإن القارة الأفريقية هي من أكثر القارات فى العالم معاناة من مشكلة اللاجئين والنازحين، فعدد اللاجئين فيها تجاوز خمسة ملايين لاجئ، يتمركز نصفهم على جانبي الحدود العربية – الأفريقية، فالسودان وحده يحتضن قرابة مليون لاجئ من إثيوبيا وأوغندا وإريتريا وتشاد[17]؛ الأمر الذي يُفصح عن عمق المشكلة وتداعياتها على الأمن والاستقرار، فضلاً عن انعكاساتها السلبية على استقرار الدول التي تستضيف هؤلاء اللاجئين، وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها.
3- قضية المياه
موارد المياه في الوطن العربي تأتيه من خارج حدوده وذلك بنسبة 35% منها (النيل والفرات ودجلة).. دول الجوار العربي تسيطر على منابع المياه ذات المصبّات داخل الحدود العربية بنسبة 60%. من هذه الدول: إثيوبيا وغينيا والسنغال وكينيا وأوغندا فضلاً عن تركيا.
تمتلك أفريقيا 4 آلاف كلم³ من مصادر المياه العذبة أي ما يعادل 10% من مصادر المياه في العالم.
المياه هي من الموارد المتناقصة في الوطن العربي. 70% من الأراضي العربية قاحلة والتصحّر يهدّد نحو 3 ملايين كلم² من مساحة الوطن العربي أي ما يقارب خمس (5/1) هذه المساحة.[18]
يعد الأمن المائي جزءًا أصيلاً من الأمن القومي لأي دولة، وفي الوقت نفسه لم يعد مفهوم الأمن القومي الذي قائمًا على الجانب الاستراتيجي وحده، بل امتد ليواكب ويتلاءم مع الأمن المائي. وقد كانت المياه محلاً للصراعات منذ أمد بعيد بداية من الصراع على مياه البحار نظرًا لأهميتها في مجال التجارة وتوزيع مناطق النفوذ، واليوم أصبحت المياه العذبة هي محل الصراع القائم، بعد أن تم حسم الصراع على المياه المالحة (بحار ومحيطات بموجب اتفاقيات عقدتها الدول مع بعضها البعض) ويعتبر عقد التسعينيات هو عقد الصراع على موارد المياه، وفي منطقة الشرق الأوسط حيث المصادر المحدودة للمياه والتي تتركز في أحواض الأنهار الرئيسية مثل نهر النيل.[19]
وتتفاوت دول حوض النيل من حيث اعتمادها على مياه نهر النيل[20]، حيث تعد مصر الأكثر اعتمادًا على مياهه، وبالتالي كان طبيعيًا أن يمتد مفهوم الأمن المائي إلى المنابع الرئيسية في حوض النيل ليعتبر أي عمل يجري به من شأنه التأثير على حصة مصر المائية المقررة سنويًا وهي 55.5 مليار م3، عملاً يمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر، ومع التسليم بوجود اتفاقيات قانونية تنظم حصول مصر على حصتها المقررة سنويًا.[21]
وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تمت من خلال التطورات المتلاحقة التي شهدها العالم خلال العقدين الماضيين، فإن مصر تواجه تحديًا حقيقيًا وهو دخول فاعلين جدد إلى منطقة حوض النيل بما قد يعنيه ذلك من نشوء صراع بينهم خلال السنوات المقبلة، إذ يمكن أن تخرج القضية عن النطاق الإقليمي ويصبح للأطراف الخارجية دور تجاهها، ومن ثم ظهور أعباء إضافية على عاتق صانع القرار المصري. وتلعب القوى الخارجية دورًا فاعلاً ومؤثرًا في أنشطة وتفاعلات النظم الإقليمية وذلك من خلال تأثيرها في أنماط تفاعلات النظم الإقليمية، ويتجلى الدور الذي تمارسه القوى الخارجية في نمط تفاعلات النظم الإقليمية في أحد أمرين، فقد تلعب دورًا منشئًا لتلك التفاعلات (صراعات – تعاون)، وقد تلعب دروًا محفزًا لتلك التفاعلات، وقد تلعب الدورين معًا.[22]
ويعتبر عقد التسعينيات هو عقد الصراع على موارد المياه، وفي منطقة الشرق الأوسط حيث المصادر المحدودة للمياه والتي تتركز في أحواض الأنهار الرئيسية مثل نهر النيل.
ومع التطور التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم وبخاصة عقد التسعينيات تزايدت معدلات التنمية، ومن ثم تزايدت الحاجة على الموارد وبخاصة الطبيعية منها، وتأتي في مقدمتها المياه، والتي أصبحت سلعة استراتيجية نظرًا لعدم وجود بدائل لها في الوقت الذي يوجد للطاقة بدائل أخرى، ومن ثم فقضية الحفاظ على الموارد المائية وتعظيم الاستفادة منها تتصدر قضايا الأمن القومي وتزداد حدة في تلك الدول التي تقع منابع مصادرها خارجها، وبالتالي عدم القدرة على السيطرة عليها ومن بينها مصر، فمصر تعتمد على المياه بدرجة لم يبلغها اعتماد شعوب من قبل على مصادر المياه مثل اعتمادها على نهر النيل وبدونه تصبح مصر صحراء جرداء، وتشارك مصر في نهر النيل تسع دور وهي ” السودان – إثيوبيا – أوغندا – كينيا – تنزانيا – روندا – بوروندي – الكنغو.[23]
وتتفاوت هذه الدول من حيث اعتمادها على مياه نهر النيل حيث تعد مصر الأكثر اعتمادًا على مياهه وبالتالي كان طبيعيًا أن يمتد مفهوم الأمن المائي إلى المنابع الرئيسية في حوض النيل ليعتبر أي عمل يجري في هذا الحوض يهدف للتأثير على حصة مصر المائية المقررة سنويًا وهي 55.5 مليار م3. عملاً يمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر ومع التسليم بوجود اتفاقيات قانونية تنظم حصول مصر على حصتها المقررة سنويًا. وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تمت من خلال التطورات المتلاحقة التي شهدها العالم منذ نهاية الثمانينيات والتسعينيات فأن مصر تواجه تحديًا حقيقيًا وهو دخول فاعلين جدد إلى منطقة حوض النيل (إسرائيل – الولايات المتحدة) و(البنك الدولي) وما أطلقه من مفاهيم جديدة منها (تسعير المياه وخصخصة المياه وبورصات المياه) بما قد يعنيه من نشوء صراع بين تلك الدول خلال السنوات المقبلة إذا يمكن أن تخرج القضية عن النطاق الإقليمي ويصبح للأطراف الخارجية دور تجاهها ومن ثم ظهور أعباء إضافية على عاتق صانع القرار المصري وتهديد للأمن القومي المصري. وتلعب القوى الخارجية دورًا فاعلاً ومؤثرًا في أنشطة وتفاعلات النظم الإقليمية وذلك من خلال تأثيرها في أنماط تفاعلات النظم الإقليمية ويتجلى الدور الذي تمارسه القوى الخارجية في نمط تفاعلات النظم الإقليمية في أحد أمرين، فقد تلعب دورًا منشأ لتلك التفاعلات (صراعات – تعاون) وقد تلعب دروًا محفزًا لتلك التفاعلات، وقد تلعب الدورين معًا.
4- أزمات دول شمال أفريقيا المؤثرة في أفريقيا جنوب الصحراء
يمكن تلخيص هذه الأزمات بصفة رئيسية في مشكل الصحراء والأزمة الليبية.
قضية الصحراء:
يتسبب “نزاع الصحراء” أيضًا في عرقلة جهود أمن شمال أفريقيا، إذ لم تنجح الجهود الدولية حتى الساعة في تسوية المشكلة، ففي حين لا يزال المغرب متمسكًا بمقترح الحكم الذاتي لحل القضية، تصر جبهة “البوليساريو” على المطالبة بتقرير المصير.
وبسبب مشكلة الصحراء أيضًا تستمر العلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر الداعمة لـ”البوليساريو”، مما ينعكس سلبا على استقرار المنطقة ككل.
وبالرغم من أن جبهة “البوليساريو” تلوح في غير مرة بعودتها إلى حمل السلاح في وجه المغرب بعد تعثر المفاوضات الأممية، فإن ذلك يبقى خيارًا مستبعدًا، في ظل حرص كل الأطراف المعنية على عدم الانجرار إلى وضع قد يزيد حال المنطقة المغاربية سوءًا، بعد انهيار الوضع في ليبيا وترنح ثورة تونس .فالتوتر القائم بين المغرب والجزائر في هذا الملف، يُبعد كلّ الشراكات الأمنية الممكنة، نظراً لغياب الثقة بينهما، فبرغم تصريحات الخارجية المغربية والجزائرية بأنّ النشاط الإرهابي في المنطقة المغاربية يشكّل تهديداً كبيراً للأمن والاستقرار؛ فإنّ مشكل الصحراء يجعل من وجود تصوّر محدّد ومشترك حول التحديات الأمنية بالمنطقة أمراً مستبعداً[24].
الأزمة الليبية:
منذ اندلاع ثورة فبراير في ليبيا، والدولة تعيش حالة من الارتباك وعدم التوازن، فقد ظلت سلطة الدولة ضعيفة، وغير قادرة على إدارة مواردها، بل تواجه تحديات رئيسية فيما يتعلق ببناء مؤسسات الدولة وهياكلها الإدارية والأمنية، وتزداد الأمور صعوبة فى ظل انتشار حالة الفوضى التي تعيشها البلاد مع انتشار واسع للميليشيات المسلحة، التى تسعى جاهدة لتكريس سلطة أمر واقع على الأرض وحيازة نفوذ يمكنها من التفاوض حول السلطة والثروة فى الواقع الجديد الذي يتشكل منذ الثورة، وهو ما قد يهدد وحدة البلاد ويمزق نسيجها الاجتماعي تمهيدا لتقسيمها على أساس قبلي.
ولم يكن من اليسير اقتلاع أركان نظام القذافي دون تدخل دولي ارتكازا على القرار1973 الذي أصدره مجلس الأمن، والذي أسال الكثير من الحبر حول شرعيته[25]. لكن في نهاية المطاف كان حاسما في القضاء على نظام القذافي بفعل الإصرار الفرنسي البريطاني على الخصوص في مواجهة تلكؤ الولايات المتحدة ودول أوروبية.[26]
تتعدد أوجه اﻷزمة الليبية الحالية. وتواجه الحكومة في كل وجه من أوجهها تحديات كبيرة. ومن تلك اﻷوجه: مهمة إعادة تنظيم البلاد وبناء الدولة، وإرضاء الشعب الليبي، إلى صعوبة تحقيق اﻷمن، وجمع السلاح من المدنيين الغير منضبطين رغم انتهاء مهمتهم في إسقاط نظام القذافي، إلى الجانب الاقتصادي والمتمثل في نقص التمويل رغم المليارات المتمثلة في استثمارات ليبية في العديد من الدول بالعالم والمهددة بالضياع، واﻷموال الليبية التي تم تجميدها في عدد من الدول اﻷوروبية والوﻻيات المتحدة، ويواجه الإفراج عنها واستردادها صعوبات غير معروف ما ستحتاجه من وقت. وهناك أيضا عودة تصدير البترول والغاز إلى ما كانا عليه، واللذان يشكلان أكثر من 95 بالمائة من دخل الدولة، وبناء سياسة خارجية تراعي مصالح ليبيا وشعبها[27]. إضافة إلى الصراع الذي مازال محتدما بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسعى إلى السيطرة على العاصمة طرابلس مدعوما من طرف دول عربية.
5- مطلب فتح الحدود بين المغرب والجزائر:
فاستمرار إغلاق الحدود (منذ 1994م) يُبعد كلّ فرَضِيّات التعاون والشراكة الأمنية، ويفتح المجال لتبادل الاتهامات حول انفلات المراقبة، وهو الوضع حاليّاً.[28]
وبالتالي، يبدو أن الحماس والتنسيق، اللذين عرفتهما منطقة المغرب العربي خلال مرحلة ثورات الربيع العربي انتهيا الآن، وبات لكل دولة حساباتها السياسية البعيدة عن الهوية الإقليمية لفكرة المغرب العربي، السياسية والجغرافية والتاريخية. فـ ليبيا الرسمية مَثلا، باتت تنغلق تدريجيا عن دول المغرب العربي، رغم تأثيرها فيه من خلال بقايا أسلحة القذافي، أضف إلى ذلك أن مشكل منطقة الساحل، يتجه نحو التدويل، الشيء الذي سيؤثر على منطقة المغرب العربي، التي يبدو أنها مُقبلة على تحولات استراتيجية عميقة، لا مكان داخلها على الأقل في المدى القريب أو المتوسط، لكيان اسمه اتحاد المغرب العربي. فـ ليبيا مثلا لجأت بعد الثورة إلى استيراد بعض مناهج التعليم من إندونيسيا ولم تنفتح على جارتها تونس، التي اعتبرت فيها المناهج التعليمية متقدّمة، والمغرب يُغيِّر استراتيجيته الدبلوماسية ويتجه نحو دول الخليج، في الوقت الذي تُعيد فيه الجزائر ترتيب أوراقها مع فرنسا.
6- صراع القوى العظمى على النفوذ في أفريقيا
تتميز البيئة السياسية والاقتصادية فى أفريقيا فى العقد الأخير بكونها بيئة تنافسية بين عدة أقطاب ولاعبين دوليين مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين والبرازيل والهند وهؤلاء جميعا يتسم أداؤهم بالحيوية والإنجاز مقارنة بالأداء العربي ولعل الحضور الأفريقي الضعيف في أعمال اللجان التحضيرية للقمة العربية الأفريقية بسرت 2010 يعكس طبيعة هذه البيئة التنافسية، من حيث تراجع الاهتمام الأفريقي بالعرب كما يعكس أزمة المصداقية التي يجابها العمل العربي المشترك إزاء أفريقيا.
وتبدو خرائط اللاعبين فى أفريقيا منقسمة بين فريقين؛ الأول: هو الفريق التقليدي القائد للنظام العالمي منذ منتصف القرن الماضي ممثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوربي، والثاني: هم اللاعبون الجدد الصاعدون ليعلبوا أدوراً جديدة في النظام العالمي الراهن وأبرزهم الصين، وعلى مسافة منها تقع كل من تركيا وإيران.[29]
وتتوفر منطقة شمال أفريقيا على مجموعة من المقومات، والتي تجعلها تحتل مركزا عالميا متميزا، وهو الموقع الجيوستراتيجي بين المحيط الهادي والبحر الأبيض المتوسط وحوض النيل، ومضيق جبل طارق وقناة السويس، هذا بالإضافة إلى إمكانياتها الطبيعية والمعدنية والطاقية والسكانية، مما جعلها في مركز الصراعات الدولية والإقليمية، والتي رسمت مجموعة من المخططات الاستراتيجية للدول الغربية.[30]
لقد تفاوتت الاستراتيجيات التي اتبعتها كل قوة عالمية أو إقليمية في التعاطي مع دول المنطقة، فبينما تميل الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها دول الاتحاد الأوربي إلى التعاون مع الدول العربية على نحو متمايز ككيانات منفصلة، وليست ككتلة واحدة متماسكة[31]، وبالتالي فقد كانت المصالح ولا زالت هي المحرك الرئيسي لردود أفعال القوى الإقليمية حيال أي تطورات تجتاح المنطقة، وكلما تلاقت مصالح تلك القوى، كلما تعاظمت فرص التنسيق والتعاون فيما بينها، وكلما تناقضت هذه المصالح، فإن التنافس سيكون هو سيد الموقف، وتختلف مستويات هذا التنافس حسب نجاح أو إخفاق تلك القوى المتنافسة في تقنين تلك المنافسة.[32]
ومن المعروف على مستوى العلاقات الدولية العربية والإقليمية أن أحد المبادئ التي اتبعتها وتتبعها القوى المعادية للوطن العربي هو «مبدأ شدّ الأطراف»، ويعني أن محاولة إضعاف الجسد العربي يجب أن تأخذ طريقين مختلفين في آن واحد؛ أحدهما يتجه إلى القلب والثاني إلى الأطراف، ويتم إضعاف الأطراف من خلال عملية جذب سياسية محورها إبعاد الأطراف عن مساندة منطقة القلب، ولا بد أن تؤدي هذه العملية في النهاية إلى إضعاف القلب واختلال توازن الجسد السياسي، ومن ثم تسهيل عملية الانهيار[33]، ولا شك يمثّل هذا المبدأ خطورة حقيقية ليس فقط على مسيرة العلاقات العربية الأفريقية، ولكن على الكيان العربي برمته، وذلك للأسباب الآتية:
– أن تلك القوى الأجنبية قادرة على أن تخترق معظم دول الجوار العربية، مثل: المغرب العربي، والقرن الأفريقي، وجنوب شبه الجزيرة العربية.
– كما أن تلك القوى قد أسهمت بشكل بارز في افتعال مشكلة الصحراء الغربية وتصعيدها، والصراع في جنوب السودان، والنزاع اليمني – الإريتري.
– أن الوجود الأجنبي في القارة، متمثلاً في فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل، يسبّب مخاطر عدة على الأمن القومي لدول شمال أفريقيا بالخصوص، وهو ما يثير الحساسية والريبة لدى الطرف العربي من نيات بعض الدول الأفريقية[34]. كما أنه يزرع بذور الخلاف بين دول شمال أفريقيا وجنوب الصحراء.
7- النزاعات الانفصالية داخل القارة
وهي الحركات التي تنخر في النسيج الاجتماعي لبعض الدول العربية والأفريقية على حدٍّ سواء، ويؤدي بعضها إلى إثارة التوتر والخلاف، بل والصراع بين العرب والأفارقة، وخصوصاً إذا ما اقترن ذلك بتدخّل دولي أو إقليمي[35].
وهذا ما يلاحظ مثلاً في قضية انفصال جنوب السودان بقيادة سيلفاكير[36]، والذي كان يتلقى دعماً وتشجيعاً من إثيوبيا وأوغندا وإريتريا وكينيا، فضلاً عن المساندة الصهيونية والأمريكية، ويظهر ذلك بوضوح في «اتفاق مشاكوس للسلام» الذي تم توقيعه في كينيا في 20 يوليو 2002م بين حكومة الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان آنذاك؛ بمساندة أطراف خارجية مع تهميش أي دور عربي.
وينطبق الشيء نفسه على الوضع الداخلي المعقد في الصومال، نتيجة لضعف الحكومة المركزية في مقديشيو، واندلاع الحرب الأهلية بين القبائل الصومالية التي تسعى كل منها للسيطرة على السلطة منذ عام 1991م، بعد سقوط نظام الرئيس السابق (محمد سياد بري)، وعدم تمكن أي جماعة محلية من فرض سيطرتها الشاملة على البلاد، وهو ما أدى إلى تقطيع أوصال الدولة الصومالية وتمزيقها، ومما أشعل الأوضاع تدخل الأطراف الخارجية، سواء كانت إقليمية أو دولية، مثل: كينيا وإثيوبيا والولايات المتحدة[37].
إن انفصال جنوب السودان وتشكيل دولة مستقلة، وفقا لاستفتاء تقرير المصير في يناير 2011، كرس لسابقة أولى من نوعها في خطوط التماس العربية- الأفريقية، قد تسمح لكيانات أخرى قد لا تتوافر فيها مواصفات الدولة لاقتفاء الطريق ذاتها عن طريق صناديق الاقتراع، أو على الأقل المضي قدما في درجات الانفصال.
إن الجوار الأفريقي يحوي كيانات يمكن أن تلوح بالانفصال، كما في شمال أوغندا، والأوجادين التي تشعل صراعا تاريخيا بين إثيوبيا والصومال، فضلا عن إقليم كازامنس بين السنغال وموريتانيا، وإقليم دارفور، فضلا عن تشجيع كيانات مستقلة كالأمازيغ في شمال أفريقيا على إحياء مشروعهم، خاصة أنهم ينتشرون في مساحة تمتد من مصر شرقا، حتي المحيط الأطلسي غربا، وعلى امتداد الصحراء الكبرى والساحل الأفريقي حتي مالي والنيجر جنوبا.[38]
بل إن مصر، التي ينظر لها كدولة معصومة من التفكيك بسبب لحمتها الجغرافية والتاريخية، حذر المجلس العسكري الحاكم فيها، بعد ثورة 25 يناير، من أنها مستهدفة من قبل قوى خارجية بالتقسيم إلي ثلاث دويلات مسيحية ونوبية ومسلمة. ورغم أن مثل هذا السيناريو يجابهه تراث الدولة المركزية، فإن طرح ذلك من قبل الجهة الحاكمة لمصر يشير إلي أن ثمة استشعارا للخطر من تأثير نزعات “الكيانات المستقلة” في الحدود المصرية، بعد تفكيك جنوب السودان، والحديث المتصاعد عن إمكانية تقسيم ليبيا.
ولعل حركة تحرير “كوش” – وهي “تنظيم نوبي مسلح” ينطلق من شمال السودان ويطالب بحق تقرير المصير للنوبة- تمثل خطرا كامنا على مصر من جهة الجنوب، لاسيما أن تلك الحركة ترى في الوجود المصري في النوبة استعمارا واضطهادا عرقيا. بيد أنه يمكن القول إن مدي ديمقراطية النظام السياسي الذي ستنتجه الثورة المصرية، ودور المؤسسة العسكرية التي تولي اهتماما بفكرة الدولة نفسها، سيحددان قابلية المجتمع لتحقق مثل هذه التهديدات.
خلاصة القول: إن مثل هذه الحركات سوف تؤدي إلى إشعال التوتر في العلاقات العربية – الأفريقية ما لم تجد حلاً إقليمياً مناسباً بعيداً عن تدخل القوى الأجنبية، ومن ثم يجب على الدول العربية لتفادي حدوث مثل هذه الأزمات إدراك ذلك الخطر الكامن، والسعي نحو تحقيق التكامل القومي والمصالحة الوطنية في هذه الدول الأفريقية حفاظاً على الدول القومية الأفريقية من ناحية، وحفاظاً على الأمن القومي العربي من ناحية أخرى، وذلك من شأنه تدعيم العلاقات التعاونية بين كل من العرب والأفارقة.[39]
المحور الثالث: معوقات تقدم التعاون العربي- الأفريقي
1-مخاوف دول الجوار الأفريقي من تنامي الدور العربي
مما لا شك فيه أن التعاون العربي الأفريقي كان موضع احترام وتقدير وتضحية في بعض دول الجوار الأفريقي، ولكن وفي الوقت نفسه وجد من ينظر إلى هذا التعاون بمنظار فيه كثير من التحفظ لأسباب كثيرة منها:[40]
-1الخوف مما يمكن أن يترتب على هذا التعاون من تزايد الوجود الحضاري العربي وتعظيمه في كثير من المجتمعات الأفريقية التي توجد فيها أقليات عربية وإسلامية وخاصة في ضوء الاستعداد الكبير للتعريب بمفهومه الحضاري لدى معظم دول الجوار الأفريقي؛ إِذْ تعد اللغة العربية القاسم المشترك الأعظم بين معظم المكونات السكانية في دول الجوار الأفريقي بل إن اللغة العربية تعد من اللغات الرسمية في عدد من الدول.
-2ارتباط دول الجوار الأفريقي بولاءٍ عجيبٍ للنظم الاستعمارية التي كانت قائمة بأكثر من ارتباطها، وولائها لدول الجوار العربي، وأكثر ما يتجلى هذا الولاء لدى النخب والتيارات المنتفعة من العلاقات بين دولة الاستعمار القديم والدولة الأفريقية الحديثة.
-3ما زالت النخب الأفريقية الحاكمة ترى ضمانها وأمانها في القوى الغربية؛ وقد أثبتت الأحداث صحة هذا القول في أمثلة كثيرة كان آخرها الانقلاب العسكري الذي وقع في إنجامينا عاصمة التشاد؛ حينما استولى الانقلابيون على أجزاء كبيرة من البلاد ومن العاصمة، وتناقلت وكالات الأنباء اختفاء الرئيس التشادي؛ ليعلن في اليوم التالي عن عودته إلى القصر الجمهوري؛ وقيل حينها: إن القوات الفرنسية تدخلت في أمر إعادته.
-4التوجس من الدور القيادي الذي قامت به الدول العربية (شمال أفريقيا) في معارك التحرير والنماذج المميزة التي قدمتها؛ ومن ثَم القلق – غير المبرر – من فكرة القيادة العربية للقارة؛ وهي الفكرة التي تتوجس منها وتهابها بعض التيارات الحاكمة في دول الجوار الإقليمي ذات المطامع القومية في زعامة القارة أو جزء منها.[41]
2-أزمة العلاقات بين العرب ( شمال أفريقيا) والجانب الأفريقي
يتحمل الجانب الأفريقي جزءاً من المسؤولية في إعاقة تقدم العلاقات العربية الأفريقية، ومرد ذلك خضوعه – غير المبرر أحياناً – لأجندات غربيةٍ أو “إسرائيلية”؛ وهو الأمر الذي انجلى عن ممارسات تمييزية ضد العرب في دول الجوار الأفريقي؛ لعل من أهم مظاهره:
-1السماح لـ “إسرائيل” بامتلاك أسلحة نووية والحيلولة دون ما هو أقل من ذلك بالنسبة إلى الدول العربية بالسبل كلّها بما في ذلك الاحتلال العسكري.
-2تقديم الدعم المالي والفني لدعم قدرات “إسرائيل” العسكرية والرقابة الصارمة على النشاطات العسكرية كلّها للدول العربية ومساعيها للتعاون مع دول العالم في هذا المجال.
3- الممارسات الأمريكية الانتقامية في الصومال، وتسخير المنظمة الدولية لتبرير تلك الممارسات التي توارت خلف القبعة الزرقاء (الأمم المتحدة) ؛ فيما سمي بعملية إعادة الأمل Restoring Hopeالتي تورطت فيها القوات الدولية بأفعالٍ لايدينها القانون فحسب وإنّما يندى لها الجبين. ومما لاشك فيه؛ فإن الجانب العربي يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في إعاقة التقدم بالتعاون العربي الأفريقي، ولذلك أسبابه التي ينبغي معالجتها للوصول بهذا التعاون إلى حدود تكون ذات مردودية عالية في السياسة والاقتصاد ووحدة المسار والمصير وهي:
–1إن الأوضاع العربية الداخلية كان لها آثار كبيرة في مسار العلاقات بين الطرفين؛ فقد كانت معظم الأقطار العربية الخليجية التي استند إليها التعاون العربي الأفريقي تفتقر إلى تجارب ذات شأن مع دول الجوار الأفريقي؛ ولذا خضعت سياساتها تجاه دول الجوار لاعتبارات عامة مرتبطة بتفاعلات النظام الدولي والإقليمي.
-2تضارب السياسات العربية على صعيد القارة؛ الأمر الذي أضعف كثيراً من قدرة الدول العربية على التأثير؛ وهو ما تفاقمت خطورته بعد انشقاق الصف العربي ذاته في أعقاب خروج مصر؛ وإبرامها (معاهدة السلام) ، ثم جاءت مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية لتزيد الأمر سوءاً في التصورات الأفريقية تجاه العرب.
-3تركيز المؤسسات والحكومات العربية على التعاون الرسمي مع الحكومات الأفريقية؛ وضعف الدور الشعبي الأمر الذي جعل العلاقات بين الطرفين في حدود ضيقة.
4-تتزايد الانتقادات الموجهة – على الصعيد الثقافي والتعليمي – إلى السياسات العربية تجاه البلدان الأفريقية؛ إِذْ تكشف الدراسات المتخصصة عدة أمثلة لعل من أبرزها؛ تركيز المنح الدراسية على العلوم والدراسات النظرية والدينية الشرعية؛ ولم يكن الاهتمام بإعداد أطر علمية أفريقية تواكب احتياجات هذه البلدان، وتسمح لأبنائها الدارسين في الدول العربية بتولي مناصب فاعلة ومؤثرة في بلدانهم التي يشغلها خريجو المدارس الغربية وجامعاتها؛ وكذلك عزلة الطلاب الأفارقة الوافدين واغترابهم لدى عودتهم إلى بلادهم؛ لشعورهم بالافتقار إلى الدور الفاعل في المجتمع.[42]
المحور الرابع: آفاق التعاون الممكن بين الشمال الأفريقي ودول أفريقيا جنوب الصحراء
في الوقت الذي يخسر فيه العرب وينحسر دورهم الإقليمي والدولي، وفي مستويات متعددة، منها تراجع دورهم ونفوذهم في القارة الأفريقية، فإن هناك دولاً إقليمية أخرى تتطور وتسعى بكل ما لديها من إمكانيات إلى أن تفرض نفسها كقوى إقليمية صاعدة يجب أن يحسب حساب وزنها السياسي والاقتصادي والعسكري مستقبلاً، وهي دول لها مصالح في التمدد والتوسع في القارة الأفريقية بالطبع على حساب المصالح العربية.
وما زال أمام العرب ملفات متعددة تحتاج منهم إلى مقاربات ومعالجات استراتيجية، من أهمها العلاقات العربية الأفريقية، واستعادة الدفء والحيوية إلى هذه العلاقات التاريخية بما يخدم المصالح المشتركة، ومساعدة دول القارة الأفريقية على الخروج من أزماتها الاقتصادية، عبر برامج وخطط تعتمد العلمية، وتطوير اقتصاديات أفريقيا، وعدم الاكتفاء بالمنح والهبات المالية التي تقدمها بعض دول الخليج إلى دول أفريقية.
فلا تعاون ناجح ولا آثار جيدة ولا نتائج يمكن النظر إليها دون أن يأخذ كل طرف بعوامل تقوية ذاته، فليس هناك تعاون بين عجز وضعف ولعل من أهم هذه التصورات أن دواعي التعاون مازالت قائمة بل أكثر حاجة عن ذي قبل، وبخاصة في إطار المتغيرات الدولية المتعاظمة وعلى رأسها العولمة، ودون الولوج في تفاصيل فإنه يجب استرجاع تلك الدواعي ووضعها على رأس أي قائمة عمل مشترك ونوجزها في التالي:[43]
- مواجهة ظاهرة العولمة والتعاون معها ومع آثارها بشكل مجمع.
- مواجهة التخلف الذي يعصف بأكثر من مليار نسمة في العالم النامي، منهم الملايين في أفريقيا، وبخاصة تجاه الجنوب، وليس الفقر وحده هو محدد التخلف، فهناك سمات متعددة للتخلف تتسم بها هذه الدول، والعرب والأفارقة ليسوا بخارجين عن هذه السمات رغم وجود تفاوت نسبي بين هاتين المجموعتين في أمور متعددة.
وليس بخاف أن ثلثي البلدان الأقل نمواً في العالم من الأفارقة، وأن أكثر من سدس هؤلاء الأفارقة ينتمي للمجموعة العربية، كما أن نسبة الأمية تقدر بـ 80% في العديد من الدول العربية والأفريقية، علاوة على أن الموارد المخصصة للبحث العلمي تكاد تكون من الضآلة بحيث لا تفي بالحد الأدنى من أهداف البحث العلمي، ناهيك عن باقي مصادر الثقافة الأخرى، فهي محدودة مقارنة بالتحديث والتطور العالمي.
ودون أن نعدد مآسي أفريقيا وتدهور حالها وعجزها وفقرها وبنيتها المتهالكة وحتى لا نتهم دائماً بأن جل عملنا هو أن نعدد مآسي القارة، فإننا نكتفي بالقول بأن هناك دواعي اقتصادية وحضارية وثقافية وسياسية ودواعي متعلقة بأمن أفريقيا والعرب تستلزم بالضرورة التعاون الجاد والتدخل في بعض التفاصيل.
- أن دول شمال أفريقيا مطلوب منها في المجال الاقتصادي –على سبيل المثال- أن تجمع عناصر القوة وتعزز من مؤسساتها، وهذا التعزيز يمكن أن يأتي في إطار تفعيل السوق العربية المشتركة والاتحاد المغاربي وخروجها لحيز التنفيذ، فستكون دعامة اقتصادية قوية تتعامل كجماعة، وحتى لو تعامل أعضاؤها فرادى فسوف تتوافر لهم عناصر القدرة الاقتصادية. ذلك أمر حيوي ليس للعرب فقط ولكن للأفارقة أيضاً.
- كتلة دول شمال أفريقيا لم تستطع تشكيل جبهة موحدة داخل الاتحاد، فتلك المنطقة هي الأقل اندماجا مقارنة بباقي مناطق القارة، وهي أقل مناطق أفريقيا من حيث التجارة البينية، ولا يجمع دولها أي تكتل اقتصادي فعال، كما أن الدولتين البارزتين في شمال أفريقيا متمثلتين في المغرب والجزائر تتنافسان على النفوذ.
- أهمية تدعيم التعاون العربي الأفريقي على المستوى الحضاري استغلالا للمشتركات الحضارية والبشرية والتاريخية بين المجموعتين.
– إنشاء مراكز أبحاث ومؤسسات علمية متخصصة، تقوم بدراسة المشكلات المشتركة بين العرب والأفارقة، (مثل: مشكلات الحدود والمياه، وإشكاليات الفقر والتخلف، ومحاولات الاختراق الأجنبي للقارة، والصراعات الداخلية، وعدم الاستقرار السياسي.. إلخ)، وتقديم الحلول الخاصة بها بعيداً من أي تدخلات أجنبية.
– ينبغي تأكيد أهمية تصحيح الصورة المتبادلة عن العرب والأفارقة، وهنا تجدر الإشارة إلى مفهوم «الأفرابيا» الذي طرحه المفكر الكيني علي المزروعي، ويقوم على نسيان رواسب الماضي في العلاقات بين العرب والأفارقة، وإبراز جوانب التداخل والترابط الثقافي والحضاري بينهم.
المحور الخامس: شمال أفريقيا وبلدان الساحل: المغرب ومالي نموذجا
شكلت أزمة مالي وما تلاها من تداعيات التدخل الدولي في منطقة الساحل والصحراء اختبارا مؤثرا لأدوار القوى الإقليمية المتنافسة، وخاصة المغرب والجزائر، إذ سعت كل دولة لمحاولة التأُثير على الوضع في مالي، بما يضمن لها حماية مصالحها الاستراتيجية.
وتمكنت المملكة المغربية على مدى العامين الماضيين من تعظيم نفوذها الإقليمي في منطقة شمال أفريقيا، من خلال دورها الفاعل في أزمة مالي، وهو الدور الذي جاء على حساب جارتها “الجزائر”، صاحبة النفوذ الأكبر في قضايا المنطقة. وكانت البداية مع انضمام المغرب إلى التدخل الذي قادته فرنسا في مالي، وهو الأمر الذي تمخض عنه تعاظم الدور المغربي في الشأن المالي.
يعتبر الأستاذ عبد النور بن عنتر[44] أن الاستراتيجية المغربية تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية: الاصطفاف على مواقف الحلفاء الغربيين الولايات المتحدة وفرنسا، ونزاع الصحراء الغربية والتنافس الإقليمي مع الجزائر. وهي اعتبارات متداخلة فيما بينها ومتبادلة التأثير. ولم يتخذ المغرب موقفا معارضا لمواقف حلفائه الغربيين، حتى أنه لم يعلن رسميا عن موقف مخالف لهم بل ظل يتناغم عمليا ومواقفهم. ولم يحد عن القاعدة في أزمة مالي، بل إن فتح مجاله الجوي للطيران الفرنسي ما هو إلا تحصيل حاصل. وهذا التطابق البنيوي في مواقف المغرب مع مواقف حلفائه الغربيين يخدم مصالح مغربية عليا مثل الصحراء الغربية (ضمان استمرارية الدعم الفرنسي والأمريكي لرؤيته للتسوية). وهنا مكمن الترابط بين التحالف مع القوى الغربية والصحراء الغربية.
التحولات التي تشهدها المنطقة المغاربية بعد ثورات الربيع العربي في تونس وليبيا، جعلت المغرب يراقب الوضع في البداية، لينتقل إلى المساندة والدعم لكل ما جرى من تحولات، وأنتج في هذا المجال العديد من المبادرات (استقبال جرحى الثورة الليبية،…)، لكن يبدو أن الاستراتيجية الأمنية المغربية في منطقة المغرب العربي ومنطقة الساحل، مرتبطة بثلاثة محددات أساسية:
المحدد الأول، قضية الصحراء. فالتوتر القائم بين المغرب والجزائر في هذا الملف، يُبعد كل الشراكات الأمنية الممكنة، نظرا لغياب الثقة بين طرفين أساسيين، هما المغرب والجزائر. فرغم تصريحات الخارجية المغربية والجزائرية، بأن النشاط الإرهابي في المنطقة المغاربية، يشكل تهديدا كبيرا للأمن والاستقرار، وأن هناك ارتباطا بين الشبكات الإرهابية وشبكات الجريمة الدولية، وأن هناك حاجة أمنية إلى تأمين الحدود بين الدول المغاربية، فإن مشكل الصحراء يجعل من مسألة وجود تصور محدد ومشترك حول التحديات الأمنية بالمنطقة، أمرا مستبعدا. فالجزائر والمغرب يقتربان وينسقان مضطرين، فقط عندما تضغط أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية بحجّة أن أمن منطقة المغرب العربي “جزء من الأمن الدولي”.
المحدد الثاني، هو ما يجري في منطقة الساحل. فالجزائر تُـصِرّ على إبعاد المغرب، بحجة الجغرافيا، والمغرب ينبِّـه إلى أن منطقة الساحل، هي على وشك التحوّل إلى أفغانستان جديدة، ويعتبر ما يجري فيها، يهدد الأمن القومي المغربي، خاصة أنها مرتبطة بدول ملتصقة جغرافيا بالمغرب، كموريتانيا مثلا، ويبدو أن الجزائر نجحت إلى حدّ الآن في عزل المغرب وإبعاده عن منطقة الساحل، لمّا أخذت المبادرة في مناقشة التدخّل في شمال مالي من عدمه.
المحدد الثالث، هو مطلب فتح الحدود بين المغرب والجزائر. فاستمرار إغلاق الحدود (منذ عام 1994 – التحرير)، يُبعد كل فرَضِيات التعاون والشراكة الأمنية ويفتح المجال لتبادل الاتهامات حول انفلات المراقبة، وهو الوضع حاليا.
وبالتالي، يبدو أن الحماس والتنسيق، اللذين عرفتهما منطقة المغرب العربي خلال مرحلة ثورات الربيع العربي انتهيا الآن، وبات لكل دولة حساباتها السياسية البعيدة عن الهوية الإقليمية لفكرة المغرب العربي، السياسية والجغرافية والتاريخية. فـ ليبيا الرسمية مَثلا، باتت تنغلق تدريجيا عن دول المغرب العربي، رغم تأثيرها فيه من خلال بقايا أسلحة القذافي، أضف إلى ذلك أن مشكل منطقة الساحل، يتجه نحو التدويل، الشيء الذي سيؤثر على منطقة المغرب العربي، التي يبدو أنها مُقبلة على تحولات استراتيجية عميقة، لا مكان داخلها على الأقل في المدى القريب أو المتوسط، لكيان اسمه اتحاد المغرب العربي. فـ ليبيا مثلا لجأت بعد الثورة إلى استيراد بعض مناهج التعليم من إندونيسيا ولم تنفتح على جارتها تونس، التي اعتبرت فيها المناهج التعليمية متقدّمة، والمغرب يُغيِّر استراتيجيته الدبلوماسية ويتجه نحو دول الخليج، في الوقت الذي تُعيد فيه الجزائر ترتيب أوراقها مع فرنسا.
المحدد الرابع: إن استراتيجية المغرب في مجال الأمن ومحاربة كافة الظواهر الإجرامية تقوم على اعتماد سياسة مستقرة ومبادئ راسخة، تنطلق من إيمانه بعدم تجزئة المنظومة الأمنية.
إن الجهود التي بذلتها المملكة المغربية مكنت من “تحقيق نتائج مهمة نالت اعترافا دوليا، سواء تعلق الأمر بمحاربة ظاهرة الهجرة غير النظامية أو تهريب المخدرات وحبوب الهلوسة، أو بمنع تحرك وتمدد المنظمات الإرهابية العديدة التي تنشط بمنطقة شمال أفريقيا أو الساحل والصحراء”.
إن تنامي خطر الإرهاب والتهريب وتدفق المهاجرين غير الشرعيين والاتجار في الأسلحة وتبييض الأموال، وغيرها من الجرائم العابرة للدول والقارات يفرض رصد كافة الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية لتعزيز قدرات الفاعلين في المجال الأمني، مشيرا إلى أن “الحدود أصبحت في السنوات الأخيرة تمثل تهديدا جديا لأمن الدول والقارات من طرف الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة العابرة للحدود في ظل غياب تدابير حازمة لضبط أمن الحدود من طرف بعض الدول، أو بسبب قلة الإمكانيات المادية المتوفرة لدى بعضها، أو بفعل عدم الاستقرار السياسي لدى دول أخرى”.[45]
في سياق الدور الاقليمي للمغرب بمنطقة الساحل والصحراء، قدّمت “فيش سكثيفيل”[46]، زميلة الجيل القادم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في مقال لها على موقع “معهد واشنطن”، تحت عنوان “تحرك المغرب في مالي: ما هي المكاسب التي حققتها الرباط في معركتها ضد التظرف الإسلامي؟”، رؤية حول مرتكزات الدور الإقليمي المغربي، وتوسع النفوذ المغربي في مالي، ومستقبل العلاقات المغربية- المالية.
وبذلك، يكون المغرب قد اكتسب الأفضلية في معركته مع الجزائر حول النفوذ الإقليمي. فما كان صعب المنال في السابق – مثل ممارسة النفوذ، وإقامة علاقات ثنائية مع دول في منطقة الساحل والصحراء دون تدخل الجزائر – أصبح الآن في متناول المغرب.[47]
تستعرض سكثيفيل أبرز ملامح توسع النفوذ المغربي في مالي، حيث تفترض أن المغرب تسعى إلى نقل هذا النموذج الموحّد الذي تقوده البلاد، والمرتكز على الممارسة الدينية المعتدلة إلى مالي، وفي أن تصبح مصدراً للإسلام المعتدل في شتى أنحاء شمال أفريقيا.
ففي سبتمبر عام 2013، وقّعت مالي والمغرب اتفاقاً لجلب 500 إمام مالي إلى المغرب للتدريب الديني، حيث تأمل الحكومتان في أن يكون تدريبهم بمثابة الدرع الحصينة ضد الدعاة المتشددين الباكستانيين والسعوديين. وفي نوفمبر من العام ذاته 2013، وقبل وقت قصير من توقيع البلدين معاهدة الأمن الإقليمي، توصلت المغرب ومالي إلى اتفاق خاص بالشؤون الدينية. ومن خلال الشراكة التي جمعت بين وزارتي الشؤون الدينية الخاصة بكل منهما، اتفق البلدان على التعاون في العمل على فقه المالكية، وتفسيرها من أجل تعزيز الاعتدال، ومحاربة الأيديولوجيات المتشددة.
وإذا ما كُللت هذه المبادرة بالنجاح، فإنها قد تزيد من حجم تأثير المغرب في مالي، ومنطقة الساحل الأوسع، وهو ما تراه سكثيفيل أنه يعزز الآمال الوحدوية التي لا تزال عالقة في أذهان المغرب منذ وقت طويل، والهادفة إلى تأسيس المغرب الكبرى، التي تضم أطراف الصحراء الغربية المطلة على الجزائر، وجميع أنحاء موريتانيا، وشمال غرب مالي، والصحراء الغربية.
وبالإضافة إلى الاتفاقات الأمنية والدينية مع مالي، فقد سعى المغرب أيضاً إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع جيرانها في الجنوب، فأقامت فروعاً لمصارفها في مالي والسنغال. وقد حصل أحدها – “التجاري وفا بنك” – على حصة تزيد على 50% في “بنك إنترناشونال” في مالي. كما اشترت المملكة المغربية شركة “اتصالات المغرب” المملوكة للدولة شركات اتصالات في مالي، وموريتانيا، والنيجر، ولديها فروع في بوركينا فاسو. وكثّفت شركة “المكتب الشريف للفوسفات” عمليات التنقيب عن الفوسفات التي تقوم بها في شرق مالي. ولدى مالي موارد طبيعية أخرى يمكن للشركات المغربية أن تتطلع لاستخراجها، مثل الذهب، واليورانيوم، وخام الحديد، وربما الماس.
وتؤكد المملكة المغربية على أهمية التعاون الإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب، وعلى الرغم من أن التنظيم الإقليمي الفرعي للقاعدة في المنطقة لم يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المملكة حتى الآن، فقد عززت المملكة صلاتها الأمنية مع الدول المجاورة لها، بما فيها الدول المنافسة التقليدية لها كالجزائر، وفي هذا السياق أرسل المغرب مستشارين عسكريين إلى موريتانيا في 2009 لإمداد القوات الأمنية بالتدريب والنصائح الأمنية اللازمة.[48]
خاتمة:
تكتسب منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اليوم أهمية بالغة لمستقبل الأمن والازدهار الاقتصادي في منطقة شمال أفريقيا أكثر من أي وقت مضى، ومن شأن توسع العلاقات الاقتصادية وتغير التحديات الأمنية خلق فرص لدول شمال أفريقيا لتعزيز استراتيجيات القوة الناعمة لديها في المنطقة. كما يوفر نمو الأسواق الاستهلاكية فرصة مهمة وفريدة لاقتصاديات المغرب العربي لتوسيع قاعدتها الصناعية وإحداث وظائف محلية ودفع النمو الاقتصادي. لكن هناك إمكانية بألا تولي أفريقيا جنوب الصحراء أهمية كافية لجيرانها في الجهة الشمالية من القارة، ومن ثم يتمثل التحدي المهم أمام الدول المغاربية في أن تبقى ذات أهمية بالنسبة إلى أفريقيا في الوقت الذي كثر فيه المرشحون الراغبون في الحصول على الأسواق والاستثمار والتعاون. وهذا الوضع لا يتطلب فقط توسيع الشراكات التجارية الراهنة، لكن كذلك بناء شراكات جديدة وإحداث منتجات وخدمات قادرة على المنافسة. وإذا عملت البلدان المغاربية معا عوضا عن التنافس فيما بينها، يمكنها استغلال الروابط التاريخية مع الجنوب للمساعدة على بناء قارة أفريقية أكثر اندماجا وازدهاراً [49].
الهامش
[1] عادل عامر: مستقبل دول شمال أفريقيا وعلاقتها الأفريقية، موقع المصريون، 28 يناير 2017 على الرابط
[2] – عائد عميرة: دول المغرب العربي تتجه نحو أفريقيا لنيل نصيبها! موقع نون بوست، بتاريخ 21 مارس 2017 على الرابط
[3] -الانفتاح الاقتصادي على أفريقيا بديلا عن الاتحاد المغاربي، موقع مونتكارلو الدولية، 03/09/2017 على الرابط
[4] – الشيخ اليوسي: بلدانه تخطب ود ‘سيداو’.. هل مات الاتحاد المغاربي؟ موقع أصوات مغاربية، الثلاثاء 22 أغسطس 2017 على الرابط
[5] – CEDEAO, COMESA : le Maghreb se sent de plus en plus africain, agence ecofin, 12 mars 2017, in : http://bit.ly/2rNd6sf
[6] – فتحي أبو عيانه: العلاقات المصرية الأفريقية بين القطيعة والاستمرار، موقع الأهرام، بتاريخ 10 نوفمبر 2013 السنة 138 العدد 46360 على الرابط
[7] – مصر وجنوب أفريقيا، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة، جمهورية مصر العربية، على الرابط
[8]– نقصد بذلك: قوس الأزمات، انطلاقاً من الأزمات الإثنية المستعصية بالسودان (جنوب السودان، الآن دارفور)، التشاد، وصولاً إلى الشروخات الداخلية والتهديدات الأمنية التي تعرفها النيجر، نيجيريا ومالي وموريتانيا.. انظر:
د. أمحند برقوق: منطق الأمننة في ساحل الأزمات، موقع العلوم السياسية الجزائري 29 أبريل 2010م، على الرابط
د. محمد بوبوش: الأمن المغاربي المشترك وتحديات الاندماج الإقليمي، في: الإصلاحات السياسية والمؤسساتية بالدول المغاربية وآفاق الاندماج، أعمال الندوة الدولية المغاربية المنظمة من طرف كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول بوجدة، بتعاون مع مؤسسة هانس سايدل- ألمانيا، ومعهد الدراسات الأفريقية- جامعة محمد الخامس السويسي- الرباط، يومي الجمعة والسبت 22-23 نوفمبر 2013م، ص 160.
[9]– مهدي تاج: المستقبل الجيو-سياسي للمغرب العربي والساحل الأفريقي، مركز الجزيرة للدراسات 20 أكتوبر 2011م، على الرابط
[10] – نقصد بذلك مثلاً: تجمّع دول الساحل والصحراء- الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)- اتحاد المغرب العربي- الكوميسا – المنطقة النقدية لغرب أفريقيا- منظمـة تنميـة الجنوب الأفريقي (السادك).
محمد بن حمو رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية: تهديد المغرب الكبير يبدأ من مالي، في حوار مع موقع مغاربية، على هامش منتدى مراكش الأمني، 25 يناير2013 ، على الرابط
[11] – أميرة محمد عبد الحليم. “تنظيم القاعدة في الساحل الأفريقي وربيع الثورات العربية.” مجلة آفاق أفريقية. المجلد الحادي عشر العدد الثامن والثلاثون 2013. ص 128.
[12] – محمد الخلوقي: التنافس بين تنظيمي “القاعدة” و”داعش” في أفريقيا، مركز برق للأبحاث والدراسات، على الرابط
[13] -جاسم محمد زكريا: أزمة العلاقات الدولية في المنظومة العربية الأفريقية إشكالية الدولة أم تناقضات التنظيم الدولي؟ مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 31 -العدد الأول-2015، ص: 185
[14] -احمد إدريس: منطقة الساحل الأفريقي وأمن المغرب العربي، في: المغرب العربي وأفريقيا، أوراق مجموعة الخبراء المغاربيين-مركز الدراسات المتوسطية والدولية- تونس-فبراير 2012، ص: 9.
[15]- أمحند برقوق: الساحل الأفريقي بين التهديدات الداخلية والحسابات الخارجية، العالم الاستراتيجي، الجزائر، مركز الشعب للدراسات الاستراتيجية، العدد 7، نوفمبر 2008، ص:2
[16]- الجريمة المنظمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء، برنامج كارنيجي للشرق الأوسط، أيلول/سبتمبر 2012، أوراق مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، على الرابط
[17] – د. حمدي عبد الرحمن، «العلاقات العربية – الأفريقية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة»، مجلة قضايا استراتيجية، العدد (2)، يونيو 2000م، (دمشق: المركز العربي للدراسات الاستراتيجية), ص: 145.
[18] – ساسين عساف: الاستراتيجيات العربية ونقاط القوّة في التكامل الاستراتيجي العربي/ الأفريقي، التجديد العربي، بتاريخ 10/02/2015 على الرابط
[19]– د. محمد سالمان طايع، مصر وأزمة مياه النيل.. آفاق الصراع والتعاون، الطبعة الأولى، 2012، ص ص21-23
[20] – تبلغ مساحة حوض النيل 2.9 مليون كم2 أي 10% من مساحة أفريقيا، ويعتبر نهر النيل أطول أنهار العالم إذ يبلغ طوله نحو 6670 كم، ذلك إذا بدأنا من منابع نهر كاجيرا. وتشمل دول حوض النيل، تلك الدول التي يخترقها النهر وتقع في حوضه ولها مصلحة في مياهه وتستفيد منها بأي صورة من الصور وهي مصر والسودان وإثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندي وبوروندي بالإضافة إلى الكنغو الديمقراطية.
ويبلغ الحجم المتوسط السنوي للأمطار على حوض النيل حوالي 900 مليار م3 سنوياً يمثل السريان السطحي منه 137 مليار م3، بينما إيراد النيل لا يتجاوز 84 مليار م3، يأتي 72 مليار م3، أي 87% من مياه النيل من النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة (تانا) في أثيوبيا، بينما يأتي 13% من منطقة البحيرات العظمى أي حوالي 12 مليارم3.
[21] – د. نادر نور الدين، مصر ودول منابع النيل.. الحياة والمياه والسدود والصراع، دار نهضة مصر، الطبعة الأول، 2014، ص ص 27-45، 47-68، 73-97، 105-152، 211-297.
[22]– أميرة عبد الحليم، المياه ومتطلبات التنمية في دول منابع النيل، مجلة السياسة الدولية، المجلد 45، العدد 181، يوليو 2010، ص ص78-89.
[23] – صفا شاكر إبراهيم محمد: الصراع المائي بين مصر و دول حوض النيل: دراسة في التدخلات الخارجية: “1990-2010، موقع الباحث والخبير بشؤون المياه في الشرق الأوسط صاحب الربيعي، الأربعاء 01 سبتمبر 2010، على الرابط
[24] – د. محمد بوبوش: تطورات قضية الصحراء في ظل التحولات الإقليمية والدولية الراهنة، التقرير (4)، 2014م، مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، وجدة، ص 180 وما بعدها.
[25] -أنظر: د. عصام عبد الشافي: الأزمة الليبية قراءة في الأبعاد الإقليمية والدولية، مجلة الغدير، العدد 55 صيف 2011، ص: 120.
[26]– أنظر: سامية بيبرس: الدور القطري في تسوية الأزمات الإقليمية، شؤون عربية، العدد 149، ربيع 2012، ص: 188.
[27] -Un an après, les défis de la Libye, L’Express du 17 Février 2012.
[28] – د. عبد الرحيم المنار اسليمي، في حوار أجرته معه swissinfo.ch في موضوع: مرتكزات الاستراتيجية الأمنية في المغرب تغيّرت بشكلٍ كبير، 26 أكتوبر 2012م، على الرابط
[29] -أماني الطويل: العلاقات العربية الأفريقية.. ملامح المشهد وتحديات التقارب، موقع سودانايل بتاريخ 12 فبراير 2012 على الرابط: http://bit.ly/35jAWdW
[30] -د. وليد محمود عبد الناصر “التدويل: التنافس العالمي على النفوذ والثروة في المنطقة العربية”، مجلة السياسة الدولية، العدد 189 يونيو 2012، ص: 93-94.
[31] – سلطان فولي حسن: دور القوى الغربية والمؤسسات الدولية والعولمة في أفريقيا، مجلة قراءات أفريقية، العدد الخامس – جمادى الثاني 1431 هـ – يونيو 2010 م، ص: 28 وما بعدها.
[32]– السيد عوض عثمان: “التدخل الأجنبي والفرنسي في شمال أفريقيا ووسط أفريقيا”، معهد الإنماء العربي للدراسات الاستراتيجية، الطبعة الأولى، 1989، ص: 5.
[33] -د. حمدي عبد الرحمن، «العلاقات العربية…»، مرجع سابق، ص 160.
[34] – هاني رسلان، «الحدود الجنوبية للوطن العربي» السياسة الدولية، العدد 112، أبريل 1993م, ص 83.
[35] – د. عبد السلام البغدادي، «الوحدة الوطنية ومشكلة الأقليات في أفريقيا»، (بيروت: مركز دراسات الوحده العربية، الطبعة الثانية 2000م), ص191 – 200.
[36] – كان جنوب السودان تابعاً لجمهورية السودان منذ استقلالها عام 1956، ولم يكن بالإمكان انفصال جنوب السودان دون الترتيبات التي تمت وجعلت من ذلك الانفصال شرعياً وقانونياً، والذي تم من خلال اتفاق طرفي النزاع – الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان – على اتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها في العاصمة الكينية (نيروبي) في يناير 2005، وبموجب هذه الاتفاقية تم اعتماد دستور انتقالي للسودان منح الجنوبيين الحق في تقرير مصيرهم عبر استفتاء يتم بعد 6 سنوات من بداية المرحلة الانتقالية، وهو ما تم في يناير 2011 وتم بموجبه انفصال جنوب السودان. راجع بتفصيل:
أحمد محمد طوزان: التحول في المفهوم القانوني لحق تقرير المصير بين تحقيق الاستقلال والانفصال، مع دراسة تطبيقية لحالة انفصال جنوب السودان، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد – 29 العدد الثالث- 2013.
[37] – مستقبل الحكم في السودان، السياسة الدولة، العدد (141)، يوليو 2000م، ص53 – 129.
[38] – خالد حنفي علي: سيناريو “برقة”: “الكيانات المستقلة” على الحدود العربية – الأفريقية، ملحق تحولات استراتيجية، مجلة السياسة الدولية العدد 185، يوليو2011، وقد أرتأت المجلة تحديث بعض معلوماته ومؤشراته بعد إعلان برقة إقليميا فيدراليا الثلاثاء 6 -3 – 2012
[39] – أ. نورا أسامة عبد القادر: العلاقات العربية – الأفريقية.. عوامل الصراع ومستقبل التعاون، موقع قراءات أفريقية، بتاريخ 2017-03-12 على الرابط: http://bit.ly/34mCVNh
[40] – جاسم محمد زكريا: أزمة العلاقات الدولية في المنظومة العربية الأفريقية إشكالية الدولة أم تناقضات التنظيم الدولي؟ مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 31، العدد الأول، ص: 175.
[41] – جاسم محمد زكريا: أزمة العلاقات الدولية…المرجع السابق، ص: 176.
[42] See: AL-HAMAMY.Laila, The Assertion of Egyptian Identity, in ARAB SOCIETY Social Science Perspectives, Edited by: Hopkins “N. S” & Ibrahim “S. A”, AUCP, Cairo, 1994, pp 58-59.
[43] -عبد الرحمن الصالحي: مستقبل العلاقات العربية الأفريقية، الجزيرة نت، 3/ 10/ 2004 على الرابط
[44] – أستاذ من أصل جزائري محاضر بجامعة باريس 8 بفرنسا.
[45] – الشرقي اضريس في منتدى الأمن بأفريقيا (أفريكا سيكيريتي 2015)، الذي ينظمه مركز البحوث والدراسات الجيو- استراتيجية (أتلانتيس) على مدى يومي 13 و14 فبراير 2015 في موضوع “أمن الحدود، التدفقات المالية والهوية الرقمية”، يدعو لتعزيز الأمن المعلوماتي: استراتيجية المغرب تقوم على عدم تجزئة المنظومة الأمنية، موقع إيلاف، بتاريخ الثلاثاء 13 أكتوبر 2015 على الرابط
[46] – زميلة الجيل القادم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وكانت قد عاشت لمدة ثلاث سنوات في المغرب قبل انضمامها إلى معهد واشنطن.
[47] – ڤيش سكثيفيل: تحرك المغرب في مالي: ما هي المكاسب التي حققتها الرباط في معركتها ضد التطرف الإسلامي، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 14 يناير 2014، على الرابط
[48] –Vish Sakthivel : Morocco’s Move in Mali : What Rabat Gained in the Battle Against Islamic Extremism, January 14,2014,in: https://fam.ag/2po8h0n
[49] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.
رابط المصدر: