إعداد : مروة صابر رفعت سنجر – إشراف: د. محمد سالمان – المشرف العام: د. دلال محمود – لجنة التحكيم: د. أسامة محمد صالح ( كلية الأقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر )
المقدمة:
يعتبر الشرق الأوسط من أهم المناطق التى تثير اهتمام العالم بأكمله، وذلك نظراً لإتسامها بالطبيعة المفعمة بالأحداث السياسية الكثيرة، وقد كان لتلك المنطقة أهمية تاريخية معروفة على مر العصور، ولكن زادت اهميتها بشكل أكبر فى بداية الألفية الجديدة، أى فى القرن الواحد والعشرين، بعد تعرض العراق للإحتلال الأمريكى فى عام 2003م، إذ استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية التدخل فى العراق واحتلالها، دون وجود دور عربى مؤثر فى ذلك الحدث، مما أدى إلى بروز أدوار اقليمية غير عربية فى المنطقة، وهما الدور الذى لعبه كل من تركيا وإيران.
وزادت اهمية تلك المنطقة أكثر فى العقد الماضى، بسبب أحداث الربيع العربى التى شهدتها دول المنطقة أجمعها، وقد كان أيضاً لكل من إيران وتركيا دور بارز فى جميع الأزمات التى شهدها دول المنطقة.
وإيران وتركيا هما عبارة عن دولتان غير عربيتان، متجاورتان، وذو ثقل إقليمى بالمنطقة، ويربطهم علاقات قوية على مستوى جميع المجالات، إلا أنه نتيجة إلى كونهما قوتين ذات ثقل إقليمى فى نفس الإقليم، فإن طبيعة العلاقات فيما بينهما أخذت مساراً فريداً من نوعه؛ إذ أنها تتسم بالطبيعة التعاونية والتنافسية فى آن واحد.
ونتيجة إلى ذلك فإن هذه العلاقة تؤثر وتتأثر بشكل مباشر، بما يشهده دول منطقة الشرق الأوسط، ومن أهم تلك الدول التى يربطهم علاقات وثيقة بها هى: “سوريا”.
وبناءً على ذلك، فمنذ أن اندلعت أحداث الأزمة السورية فى عام 2011، أصبح لكل من إيران وتركيا دور فى تحديد مساراتها، فقد تدخلت كل منهما بدافع الحفاظ على مصالحها بها، ولكن نتيجة إلى تعارض المصالح، ووجهات النظر المتبادل، فقد أصبحت الأراضى السورية مسرحاً ممتاز للصراع بينهم، وبذلك أصبحت الأزمة السورية أحد المتغيرات الستقلة التى أثرت بشكل لا بأس به فى العلاقات الثنائية بين البلدين، ومن هنا فإننا سنقوم بدراسة تأثير الأزمة السورية على العلاقات الثانئية بين البلدين، السياسية والإقتصادية، والأمنية، على مدار فترة الدراسة
أولاً/ المشكلة البحثية:
تعد الأزمة السورية من أهم الموضوعات الرئيسية التى تسببت فى توتر العلاقات التركية-الإيرانية ، وقد كان تدخل كل منهما فى الأزمة السورية بناء على حجة تستند إليها ؛ فقد تدخلت تركيا فى هذة الأزمة نتيجة إلى العلاقات الودية التى تربطها مع نظام الأسد بسوريا ؛ كما تدخلت إيران بواقع أن سوريا تعتبر حليفها الإقليمى الوحيد ؛ بل أن العلاقة بينهما تمثل شراكة إستراتيجية بين دولتين وليس كمجرد رابطة عادية بين أى دولتين ،وقد بدأ الصراع بين كلتا الدولتين حينما قامت تركيا بالإقتراح على الأسد أن يقوم ببعض الإصلاحات فى نظام الحكم ، ولكن اتخذ بشارا إتجاها معاكسا لتلك الإقتراحات ؛إذ أنه قام بانتهاج سياسات قمعية ضد الشعب ،وقد أدى ذلك إلى قيام تركيا بالإنقلاب على النظام ودعم المعارضة السورية ، وكان على الجانب الأخر إيران ،التى كانت تدعم هذه السياسات القمعية المتبعة من جانب بشار على شعبه ،وقد كان ذلك الدعم نتيجة للعلاقات الوثيقة بينها وبين هذا النظام الحاكم ، ومصالحها المشتركة مع سوريا فى ظل ذلك النظام ؛ وبالتالى كان كلا الموقفين مضادين لبعضهما البعض تجاه النظام السورى متعارضين .
لذلك يتخلص السؤال العام فى” كيف تؤثر ازمة معينة على علاقة دولتين متدخلين فى تلك الأزمة؟ ”
وبالتطبيق على حالتنا الدراسية يصبح السؤال البحثى الرئيسى هو:
” كيف اثرت الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية ؟ ”
وانطلاقا من ذلك فإن تلك الدراسة ستقوم بدراسة تأثير الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية خلال الفترة (2011: 2021).
ثانياً/ حدود الدراسة:
- الإطار المكانى : يقع الإطار المكانى ضمن ثلاث دول بالتحديد ألا وهما سوريا، تركيا، وايران، واذا اردنا أن نحدد مكان عام وشامل لتلك الدول، فإننا سنقول أن الإطار المكانى لتلك الدراسة يقع فى دول منطقة الشرق الأوسط.
- الإطار الزمانى : سنقوم فى تلك بدراسة الموضوع خلال الفترة الواقعة بين عامى 2011و2021 ،وقد اختارنا أخر ميعاد لتلك الفترة (2021)؛ نظراً لتوقف الدراسات العلمية عند ذلك التاريخ ( من وجهة نظرى وبناء على ما بحثت عنه من دراسات).
ثالثاً/ التساؤلات الفرعية
كما ذكرنا فإن السؤال البحثى الرئيسى يتمثل فى :
” كيف اثرت الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية ؟ “
ويندرج تحت ذلك السؤال البحثى الرئيسى عدد من الأسئلة البحثية المتمثلة فى :
- كيف كانت درجة العلاقات مابين إيران وتركيا قبل وبعد الأزمة ؟
- كيف أثرت هذة الأزمة على العلاقة مابين البلدين ؟
- ماهى الأثار الواقعة على العلاقة السياسية بينهما ؟
- كيف أثرت هذة الأزمة على العلاقات الإقتصادية بين إيران وتركيا ؟
- هل أثرت هذة الأزمة على العلاقات العسكرية والأمنية ؟
رابعاً/ أهداف الدراسة:
- معرفة مدى تأثير الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية بوجه عام.
- محاولة المقارنة بين الفترتين (2015:2011) و(2021:2016) ، ثم مقارنتهم بالعلاقات التركية- الإيرانية قبل عام 2011، لمعرفة كيف أثرت تلك الأزمة على الأبعاد الأساسية الخاصة بالعلاقات بين البلدين ،واى بعد كان متأثر بدرجة أكبر من الأخر خلال كل فترة.
خامساً/ فرضية الدراسة :
تفرض هذه الدراسة أن “العلاقات بين إيران وتركيا ستزداد تدهوراً ،إذا لم يتم الإتفاق بينهما على سياسة خارجية واحدة للتعامل بها مع الأزمة السورية” .
سادساً/ الفروض الفرعية :
- هناك علاقة طردية بين تصاعد الأزمة، وتدهور العلاقات التركية الإيرانية على المستوى السياسى.
- تتأثر العلاقات التركية الإيرانية على المستوى الإقتصادى بالأزمة بشكل ضئيل .
- توجد علاقة بين الأزمة السورية، والعلاقات الأمنية التركية-الإيرانية.
سابعاً/ أهمية الدراسة:
- الأهمية النظرية:
- أنها تمثل اضافة للبحث العلمى؛ نظراً لما تحويه من بيانات قيمة تساعد صانع القرار على اتخاذ القرار الجيد فى تلك المسألة.
- أنها دراسة تجمع بين متغيرين؛ ألا وهما الأزمة السورية ،والمتغير الأخر العلاقات التركية –الإيرانية.
- أنها تجمع بين حقلين فى علم السياسة ؛حيث ينتمى المتغير المستقل إلى حقل النظم السياسية ،فضلاً عن انتماء المتغير التابع إلى حقل العلاقات الدولية.
- هذه الدراسة لم تقف عند مرحلة الرصد والوصف ،وانما انتقلت ايضاَ إلى مرحلة التفسير والتحليل .
- الأهمية التطبيقية:
- هذه الدراسة لم تقف عند التفسير النظرى فقط ،بل انها تقوم بتطبيقه على حالة معينة وهى أثر الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية.
- فضلا عن أن تلك الدراسة ستقوم بدراسة الحالة من خلال المقارنة بين ثلاث حقبات ،ومعرفة أوجه العلاقات بين الدولتين خلالها ومهية المجال المهمين لتلك العلاقات فى كل مرحلة.
ثامناً/ الأدبيات السابقة :
فى ذلك الجزء، سنقوم بعرض الأدبيات السابقة التى لها علاقة بحالة الدراسة الخاصة بنا، وفقاً لطريقة المتغيرات، وذلك العرض سيتم من خلال تقسيم الأدبيات إلى ثلاث مجموعات ،وهذه المجموعات تتمثل فى:
- المجموعة الأولى: هى أدبيات حول تأثير الأزمة السورية على السياسة الخارجية التركية.
- المجموعة الثانية: تضم، الأدبيات الخاصة بتأثير الأزمة السورية على السياسة الخارجية الإيرانية
- أما المجموعة الثالثة والأخيرة: ستضم الأبيات الخاصة بأثر الأزمة السورية على العلاقات مابين البلدين .
المجموعة الأولى /الأدبيات المتعلقة بتأثير الأزمة السورية على السياسة الخارجية التركية :
- الفئة الأولى : الدراسات العربية :
1/ دراسة ( 2015 / 2016 ) بعنوان ” الدور الإقليمى التركى فى ظل المتغيرات الدولية الراهنة ( 2010 – 2015 ) ” ، للباحثتين صوفية بو على، ووفاء طوالبيه، وقد هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على الطبيعة الجيوسياسية لتركيا، وقراءة وتحليل طبيعة العلاقات التركية بالجوار الإقليمى، وكذالك تحليل الدور الإقليمى التركى فى ظل المتغيرات الدولية والإقليمية مع بيان أهم التحديات التى تواجة الدور التركى الإقليمى، وقد تمثلت دراسة الحالة الخاصة بها فى دولة تركيا، وذلك باعتبارها ضمن الدول المتأثرة بالمتغيرات الدولية والإقليمية، وقد اعتمدت تلك الدراسة على أكثر من منهج ،وهما :
- منهج العرض الكروتولوجى التاريخى، الذى يساعد على تتبع مسارات التطور للعلاقات التركية بالجوار الإقليمى
- المنهج الوصف التحليلى : باعتباره أحد طرق التحليل والتفسير بشكل علمى ومنظم.
- منهج دراسة الحالة لجمع البيانات.
وقد توصلت تلك الدراسة إلى بعض النتائج ؛ كان أبرزها ،أن تركيا أصبحت اليوم لاعباً إقليمياً مهم ،وقوة لايستهان بها ، ومن الممكن أن تصبح فاعلاً دولياً فيما بعد ،وقد أعطت المعطيات الإقليميةوالدولية لتركيا دوراً فى إدارة بعض الصراعات الإقليمية والدولية، بما يحقق مؤثراً قوياً على الساحة الإقليمية .
وستستفاد الدراسة منها، من خلال معرفة مدى تدخل تركيا فى الساحة السورية، وتأثير ذلك على علاقتها بإيران. [1]
2/ دراسة (س / 2018 ) بعنوان ” التحول فى مسارات السياسات التركية فى الشرق الأوسط وأثرة على الدور الإقليمى التركى ( 2011 – 2017 ) ” للباحث (فارس أحمد أبو علبه )، وقد هدفت تلك الدراسة إلى: بيان التحول الذى طرأ على السياسات التركية منذ ثورات الربيع العربى فى الشرق الأوسط ،ومساره وأهدافها منذ عام 2011حتى عام 2017، كما هدفت إلى إدراك مقاربة ” نظرية المباريات ” التى إنتهجتها تركيا فى علاقتها مع القوى الإقليمية الفاعلة فى المنطقة مابين ( 2011 – 2017 ) . وقد تمثلت دراسة الحالة الخاصة بها فى تركيا ، كما اعتمدت الدراسة على: المقابلات العلمية ؛من أجل التوصل إلى تصورات علمية حول هذه الدراسة ،وذلك وفقاً للمنهج الوصفى التحليلى من أجل فهم المتغيرات ،واخيراً توصلت تلك الدراسه إلى عدة نتائج كان أبرزها : أن لتركيا نفوذ كبير وقوه مركزية فى المنطقة،والسعى لأن تكون قوه مقرره ، هذا فضلاً عن أن هناك بالفعل تحولاً فى السياسات التركية فى المنطقة إزاء ثورات الربيع العربى؛ فقد تحولت من ” نظرية صفر مشاكل ” إلى سياسات التدخل .[2]
وستستفاد من تلك الدراسة، من خلال معرفة كيفية استجابة تركيا للمتغيرات السورية، وكيفية الإستفادة منها فى تحقيق مصالحها.
- الفئة الثانية/ الدراسات الأجنبية :
1/ دراسة أجنبية: ( س / 2019 ) بعنوان :
“The impact of Arab Spring on Turkish Foreig Policy to words The Middle East and North Africa” for Fedra Abic
“أثرالربيع العربى على السياسة الخارجية التركية تجاة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا”
هدفت تلك الدراسة الى: دراسة التغيير الذى حدث فى السياسة الخارجية التركية بعد الربيع العربى ،ولعمل ذلك استخدمت طريقة تتبع العمليات، كما اتبع الباحث منهج دراسة الحالة ،وطريقة التحليل المقارن؛ وذلك لتحليل أثار الربيع العربى على سلوكيات السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط ،وخاصة سوريا وليبيا ومصر وجنوب إفريقيا. وقد توصلت هذه الدراسة إلى مجموعة فريدة من النتائج، كان أبرزها:
- أنه فى ظل حكم حزب العدالة والتنمية، قامت تركيا بتحسين علاقتها مع جيرانها ،مثل: سوريا والعراق وايران ،وذلك بمبدأ ” لا مشاكل مع الجيران “
- قيام تركيا باتباع نهج معين تجاه الربيع العربى يؤدى إلى: زيادة قوتها الإقليمية ،ولكن الإطاحة بنظام الأسد أضرت بطموح تركيا فى أن تصبح قوة اقليمية ، ولذلك قامت بدعم المعارضة السورية من أجل تحقيق هدفها الأساسى .[3]
وسنستفاد من تلك الدراسة، بالتركيز على الفصل الخاص بأثر الأزمة السورية على السياسات الخارجية التركية
النقد :
فى تلك المجموعة، تم تعريف الدراسات الثلاث على أكمل وجه ؛حيث تم توضيح العنوان بشكل ،والأهداف والمنهج والأداة المستخدمة ،واخيراً النتائج ، إلا أن هناك بعد الإنتقادات البسيطه عليها، مثل :
- أن هناك دراسة واحدة لم توضح أداة وأسلوب التحليل ؛وهى دراسة “التحول فى مسارات السياسة التركية فى الشرق الأوسط وأثره على الدور الإقليمى (2011ـ2017 )”
المجموعة الثانية /الأدبيات المتعلقة بتأثير الأزمة السورية على السياسة الخارجية الإيرانية:
أولاً/ الدراسات العربية:
- دراسة (س/2014) بعنوان “الموقف الإيراني من الأزمة السورية: الأهداف والتحديات مجلة النهضة”، للباحث نواف منير المطيري، وقد هدفت الدراسة لأغراض متعددة، منها: أهداف تتعلق بالأمن القومي الإيراني؛فنجد أن كلاً من إيران وسوريا ينظران إلى بعضهما البعض باعتباره ضمانة لآمنه القومي، وأخرى أهداف اقتصادية:
منها أن لإيران استثمارات ضخمة في سوريا في مختلف مناحي الحياة، ولكن الأزمة السورية قد أثرت بالسلب على هذه الاستثمارات.
وقد تمثلت دراسة الحالة الخاصة بتلك الدراسة فى دولة إيران، كما اعتمدت الدراسة على منهج تحليل النظم، الذى يقوم على وجود بيئة تفاعلية بين وحدات معينة في النظام الدولي، وأخيراً توصلت هذه الدارسة إلى عدد من النتائج، أبرزها: تحالف روسيا وإيران على الحلول السياسية التي توقف المعارك الدامية داخل سوريا من خلال الحوار بين النظام والمعارضة، وذلك حفاظاً على إرادة الشعب السوري.
ويتمثل وجه الإستفادة منها فى: فى معرفة الأهداف الكامنة وراء تدخل إيران فى الأزمة السورية، ومستوى ذلك التدخل.[4]
- دراسة (س/ ٢٠١٨) بعنوان “أثر ملامح وتوجهات السياسة الخارجية الإيرانية وانعكاساتها تجاه الأزمة السورية (٢٠١١/ ٢٠١٥)”، للباحث “أحمد خلف الله على”، وقد هدفت تلك الدراسة إلى معرفة محددات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الأزمة السورية، فضلاً عن تحليل ملامح وتوجهات السياسة الخارجية الإيرانية وانعكاساتها تجاه الأزمة السورية، وأيضاً التطرق إلى الأبعاد المتعلقة بتطورات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه قضايا الدول العربية والأزمة السورية، وقد تمثلت دراسة الحالة الخاصة بها في دولة إيران، واعتمدت على عدة مناهج يتمثلون فى:
١- المنهج الاستنباطى “الإستدلالى”: الذى ينتقل من الكل إلى الجزء أو من العام إلى الخاص.
٢- منهج تحليل النظم: والذى اعتمدت عليه الدراسة في تناول محددات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه قضايا الدول العربية ومعرفة التطورات الخاصة بها.
٣- المنهج التاريخي: معرفة التطورات التاريخية فيما يتعلق بالاجتماعات واللقاءات التي تتم بين إيران والأطراف المختلفة، وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها:
- زيادة النفوذ الروسي في النظام الدولي خلق رهبة لدى إيران دفعها إلى زيادة نفوذها.
- لابد من وجود استراتيجية عربية موحدة تسعى من أجل تحقيق المصالح العربية المشتركة.
ويتمثل وجه الإستفادة منها فى: محاولة معرفة مدى تأثير الأزمة السورية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه تركيا وسوريا.[5]
- دراسة بعنوان “السياسة الخارجية الإيرانية والسعودية تجاه الأزمة السورية”، للباحثة نور الهدى دحدوح، وتهدف هذه الدراسة إلى تناول الموضوع بناءاً على النظرة الموضوعية البعيدة عن تحيز إيران أو السعودية، وسعي الباحثة نحو تقديم إضافات جديدة وملموسة في ذلك الشأن، بالإضافة إلى تناول طبيعة النظام السياسي الإيراني والسعودي بصورة موسعة، وقد تمثلت دراسة الحالة الخاصة بها في دولتي إيران والسعودية، واعتمدت تلك الدراسة على المنهج التحليلي في تناول محددات السياسة الخارجية الإيرانية والسعودية، وأفضت الدراسة في النهاية إلى بعض النتائج أبرزها تأثير الأزمات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط على التواجد الإيراني السعودي، واختلاف الرؤى بين إيران والسعودية فيما يتعلق ببقاء الأسد فى الحكم، فإيران ترى ضرورة وجوده، بينما ترى السعودية ضرورة تنحيه ورحيلها؛ لذا تقوم بدعم المعارضة السورية.[6]
ويتمثل وجه الإستفادة منها فى: محاولة معرفة مدى أهمية سوريا بالنسبة لإيران، وكيف تعاملت إيران مع تلك الأزمة
ثانيا”/ الدراسات الأجنبية:
دراسة أجنبية (س/ ٢٠١٥) بعنوان:
“The Iranian involvement in the Syrian conflict 2011-2014: analytical study“, “للباحثة “لينا العالول
وقد هدفت تلك الدراسة إلى تحليل أحد الصراعات المستمرة في تاريخ الشرق الأوسط، وهو الصراع السوري ، وستركز على دور إيران في هذا الصراع، حيث اتضح أنها أكثر الفاعلين حماسة في دعم الأسد والأسباب الكامنة وراء هذا الانخراط، وهذا يدل على أن الصراع السوري لم يعد صراعاً داخلياً، بل صراعاً دولياً. سيساعد في النهاية على تفسير تعقيد وغموض الصراع السوري، وتعتمد هذه الدراسة على المنهج النوعي والسياقي الذي يعتمد على فحص عشرات الأبحاث والتقارير الصحفية والمقالات والمجلات ثم تحليلها بعمق باستخدام التقنية التفسيرية للبيانات المجمعة. وسيتم الإستفادة منها، من خال تدعيم الفقرات الخاصة بالفترة من 2014:2011 بالمعلومات التفصيلية المهمة. [7]
النقد: أن تلك الدراسة الأجنبية لم توضح النتائج التى توصلت إليها الدراسة، واكتفت بالعرض داخل الفصول.
المجموعة الثالثة / الأدبيات المتعلقة بتأثير الأزمة السورية علي العلاقات التركية-الإيرانية:
١) الفئة الأولي : الدراسات العربية :
١) دراسة (٢٠٢٠/٢٠١٩) بعنوان “أثر الأزمة السورية علي العلاقات التركية الإيرانية ٢٠١١-٢٠١٨” ، للباحث حابس سلطان مشهور الفواعرهة، وقد هدفت تلك الدراسة إلي التركيز علي العلاقات التركية الإيرانية وتحليل طبيعتها ، وكذلك تحليل آلية صنع القرار في كل من تركيا وإيران ، كما هدفت كذلك الدراسة إلي دراسة وتحليل إلي أي مدي أثرت الأزمة السورية علي العلاقات التركية الإيرانية ، وفي سبيل ذلك الهدف قامت الدراسة بالاعتماد علي أكثر من منهج مثل منهج نظرية الدور في العلاقات الدولية ، ومنهج النظام الدولي ، ومنهج صنع القرار ، وقد توصلت هذه الدراسة إلي عدة نتائج كانت أبرزها : ظهور أزمات جديدة في بيئة النظام الإقليمي نتيجة الأزمة السورية التي مثلت أزمة حقيقية للمنطقة وساهمت كذلك في تعظيم مصادر التهديد القائمة بالفعل ، وأن الأزمة السورية تعد إمتداد لحركات الربيع العربي ولكنها تحولت من الطابع السلمي للمسلح.
وسيتم الإستفادة من تلك الدراسة، فى معرفة الأثار السياسية والإقتصادية والأمنية الواقعة على العلاقات بين البلدين الناتجة عن التأثر بالأزمة السورية حتى عام 2018[8]
٢) دراسة (س/٢٠١٩) بعنوان “تأثير الأزمة السورية علي العلاقات الإيرانية التركية” ، الباحث محسن عامر أبو جعفر المرغني ، وقد هدفت تلك الدراسة إلي التعرف علي مدي التأثير الذي خلفته الأزمة السورية علي العلاقات التركية الإيرانية ، وفي سبيل ذلك الهدف قامت الدراسة بالاعتماد علي أكثر من منهج مثل المنهج التاريخي ، ومنهج التحليل الوصفي ، والمنهج الاستنباطي ، والمنهج الاستقرائي ، وقد توصلت هذه الدراسة إلي عدة نتائج كانت أبرزها: أن العلاقات التركية الإيرانية تتميز بأزدواجيتها ، حيث إنها تتسم بالتنافس والتعاون في ذات الوقت ، أي أن التعاون عندما يكون هو الظاهر في بعض الأحيان يكون هناك تنافس ضمني ، وفي الأحيان الأخري التي يكون فيها التنافس هو الظاهر يكون هناك تعاون ضمني ، ومن ثم يمكن القول أنه حتي وإن تراجعت في البداية قاعدة المصالح المشتركة في حكم العلاقات التركية الإيرانية نتيجة للأزمة السورية لابد وأن تعود للتقدم والظهور مجدداً.
وهذه الدراسة سيتم الإستفادة منها فى المحاور الخاصة بأثر العلاقات السياسية والأمنية بين البلدين[9]
٣) دراسة (٢٠١٥/٢٠١٤) بعنوان “التنافس التركي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط ٢٠١١-٢٠١٩” ، للباحثين دنيدني سهام وغدوشي أنيسة ، وقد هدفت تلك الدراسة إلي التعرف علي أهم أسس ومظاهر التنافس التركي الإيراني حول منطقة الشرق الأوسط ، وفي سبيل ذلك الهدف قامت الدراسة بالاعتماد علي أكثر من منهج مثل المنهج التاريخي ، والمنهج الوظيفي والبنائي ، ومنهج القيادة السياسية ، وقد توصلت هذه الدراسة إلي عدة نتائج كانت أبرزها: أن التنافس التركي الإيراني في المنطقة كان نتيجة لغياب الدور العربي حاليا ، وأن المصالح المتبادلة هي التي تحكم العلاقات التركية الإيرانية ، هذا إلي جانب التقارب الجغرافي بينهما وحاجة كل منهم للآخر مما يتحتم عليهم التعاون.
وسيتم الإستفادة من تلك الدراسة فى معلافة نقاط التنافس التركى- الإيرانى ففى سوريا[10]
٢) الفئة الثانية : الدراسات الأجنبية :
1- دراسة أجنبية (٢٠١٨/٢٠١٧) بعنوان :
“Continuity and fluctuation in the Turkish – Iranian relationship 2002-2018” for Jules De Neve
“الاستمرارية والتغير في العلاقات التركية الإيرانية ٢٠٠٢-٢٠١٨”
وقد هدفت تلك الدراسة إلي التعرف علي العوامل التي ظلت ثابتة في العلاقات التركية الإيرانية في الفترة من ٢٠٠٢ ل ٢٠١٨ ، وكذلك تهدف للتعرف علي العوامل المتقلبة أو التي تغيرت في هذه العلاقة ، وفي سبيل ذلك الهدف قامت الدراسة بالاعتماد علي المنهج الوصفي التحليلي ، وذلك لتحليل العلاقات التركية الإيرانية خلال الفترة محل الدراسة ، للتوصل إلي ما إذا كانت هذه العلاقة ثابتة أم متغيرة وما هي عوامل الاستمرارية أو التغير تلك ، وقد توصلت هذه الدراسة إلي عدة نتائج كانت أبرزها : أن العلاقات التركية الإيرانية دائماً ما تتأثر بالتطورات الجيوسياسية حتي ولو لم يكن هذا التأثر بطريقة متسقة ، إن العلاقات التركية الإيرانية غالبا كانت تتسم بالغموض ، وهو ما يثبت مقولة النظرية الواقعية بأن النظام الدولي فوضوي وأن الدول هي أهم الجهات الفاعلة في هذا النظام ، بالإضافة إلي أن العلاقات التركية الإيرانية دائماً ما تتأثر بشكل كبير وثابت بالتجارة الثنائية بين البلدين وكانت هذه التجارة جانب هام دائماً في هذه العلاقة ، كما ظل دور النخب والأفراد ثابت طوال الفترة من ٢٠٠٢ ل ٢٠١٨ وهو العامل الوحيد الذي ظل ثابت ولم يتغير خلال هذه الفترة ، وقد كان لهذه النخب دائماً دور داعم وحاسم في العلاقات التركية الإيرانية ، بالإضافة إلي أن العلاقة بين البلدين يصعب وصفها بالتنافس كما إنها لا تصل إلي مرحلة التحالف ، وبالتالي فمن الأفضل أن يتم تسميتها بالشراكة بين البلدين أو إنها شريكتين. وسيتم الإستفادة من تلك الدراسة فى معرفة أثر الأزمة فى الثلاث مجالات السياسية والإقتصادية والسياسية.[11]
٢) دراسة أجنبية: (س/٢٠١٧) بعنوان :-
“Turkish – Iranian relations in the post – Arab Spring period : A historical sociological/ foreign policy analysis” for Iain William Macgillivray.
“العلاقات التركية الإيرانية في فترة ما بعد الربيع العربي : تحليل تاريخي سياسي / اجتماعي”
وقد هدفت تلك الدراسة إلي التعرف علي ما يمكن أن يكون أثر علي العلاقات التركية الإيرانية من تغيرات واستمرارية ، وكذلك تهدف هذه الدراسة إلي التعرف علي خلفية العلاقة التركية الإيرانية ، وفي سبيل ذلك الهدف قامت الدراسة بالاعتماد علي أكثر من منهج مثل المنهج التاريخي ، ومنهج تحليل السياسة الخارجية ، وكذلك منهج دراسة الحالة وذلك لتحليل الربيع العربي والأزمة السورية في الفترة من ٢٠١١ ل ٢٠١٦ ، وكذلك حالة القضية النووية من ٢٠٠٦ ل ٢٠١٥ ، وقد توصلت هذه الدراسة إلي عدة نتائج كانت أبرزها : أن هناك توازن دقيق في العلاقات بين تركيا وإيران ، وأنه حتي الآن لا يوجد تحديات خطيرة تضر بالعلاقات الودية بين البلدين والتعاون الاقتصادي المستمر ، ولكن مع اكتساب الجهات الجهات الفاعلة دون الوطنية الشرعية الدولية ، وكذلك تغير التكوين الجغرافي بالكامل في الشرق الأوسط قد لا يمر وقت طويل حتي يحدث صدام قد يكسر هذا التوازن الدقيق.
وهذه الدراسة سيتم الإستفادة منها فى العلاقات السياسية والأمنية بين البلدين.[12]
ثامناً/ متغيرات الدراسة:
- النتغير المستقل: الأزمة السورية .
- المتغير التابع: العلاقات التركية-الإيرانية.
تاسعاً/ الإطار النظرى والمفاهيمى:
أولاً/ الإطار النظرى:
من أجل دراسة تأثير أزمة دولة على علاقة دولتين أخرتين، فإن ذلك يحتاج إلى عدد من النظريات للإلمام بالجوانب المختلفة بالموضوع؛ ولذلك فإننا سنقوم بدراسة هذه المسألة من خلال نظريتين أساسيتين، يتمثلان فى:
- النظرية الواقعية.
- نظرية الدور.
1/ النظرية الواقعية:
تعتبر دراسات كل من “كار وهانز مورجنثاو” من أهم الدراسات التى أجريت فى مجال العلاقات الدولية ، وتعود جذور هذه النظرية إلى هوبز وميكافيللى وتوسيدوس -الذى تحدث عن حرب البلبونيز التى بين أثينا واسبرطا- ،وفيها فقد تحدث عن أسباب الحرب وآثارها ،وقد اعتبر أن الطبعة البشرية هى السبب الأساسى وراء الصراع ،كذلك يعتبر أن التحول فى ميزان القوى: هو السبب وراء التحول فى ميزان القوى ،وتعتبر هذه الأراء هى نفس الأراء التى يعبر عنها هوبز.
أما بالنسبة لمورجنثاو، فيعتبر مورجنثاو من أهم الشخصيات التى أثرت فى النظريات المتعلقة بالعلاقات الدولية ،فقد ركز فى كتابه “السياسة بين الأمم ” ،الذى نشر فى عام 1948 ،على افتراضات بنيت على أساسها النظرية الواقعية. [13]
وتحتوى النظرية على مجموعة من الإفتراضات ،كان أهمها:
1/ اعتبار هوبز أن الطبيعة البشرية تتصف بالأنانية وحب الذات ، كذلك ينطبق على الدول؛ فالدول أنانية تماماً مثل البشر وتبحث عن مصالحها الخاصة فى السياسة الدولية ،فهذه الدول تبحث عن سياسة خارجية عقلانية ومراعاة المصالح الوطنية على أى حال.
2/ اعتبار أن الحرب أهم وسيلة فى تسوية المعارضات والخلافات فى المصالح.
3/ اعتبار أن أهم غاية فى هذا الهيكل الفوضوى ؛تحقيق البقاء.
4/ التركيز على العوامل العسكرية بدلاً من العوامل الإجتماعية و الإقتصادية
وفى موضوعنا هذا، فإن تدخل كل من إيران وتركيا فى الأزمة السورية ؛يمكن تفسيره برؤية النظرية الواقعية الكلاسيكية؛ حيث أن كل منهما يتدخل بدعوى تحقيق مصالح معينة ،بل وكل منهما يسعى لإكتساب مزيد من القوة على الإقليم.
ثانياً: الإطار المفاهيمى:
هناك بعض المصطلحات التى يمكن أن تتداخل مع مفهوم الأزمة ،وذلك مثل مصطلحى “الصراع” و “التوتر” ،وفيما يلى سيتم تناول هذان المصطلحان بالإضافة إلى مصطلح الشرق الأوسط .
- الصراع
- التوتر
- الشرق الأوسط
- الصراع:
1/ التعريف الإصطلاحى:
- يمكن تعريف الصراع على أنه عبارة عن: “نتيجة لتعارض المصالح بناءً عى ثلاث عوامل رئيسية، هى: قلة الموارد، تعارض الأهداف، والإحباط”[14]
- كما يمكن أن يتم تعريفه على أنه: ” موقف تنافسى يكون كل من أطرافه عالماً بعدم التوافق فى المصالح التى يتبناها الطرف الأخر، كما يكون كل من طرفى الصراع مضطراً لإتخاذ موقف غير متوافق مع المصالح المدركة للطرف الأخر”
- واخيراً يمكن تعريف الصراع على أنه: “تصادم إرادات وقوى خصمين أو أكثر حيث يكون لكل طرف من الأطراف رغبة فى تحطيم الطرف الأخر كلياً أو جزئياً بحيث تتحكم إرادته فى إرادة الخصم، ومن ثم يمكن أن ينتهى الصراع بما يحققه من أهداف وأغراض” [15]
2/ التعريف الإجرائى:وفى تلك الدراسة فإن المقصود بالصراع هو التعريف الثانى من التعريفات الإصطلاحية.
- التوتر:
التعريف الإصطلاحى :
1/ وفقاً للباحثة حنان سعد الله ،فإن مفهوم التوتر يعرف على أنه ” حالة عداء وتخوف وشكوك وتصور لتباين المصالح والرغبة على السيطرة والتوتر هو حالة تسبق الأزمة وأسباب التوتر غالباً ماتكون مرتبطة بأسباب الصراع .” [16]
2/ كما يمكن تعريفه على أنه ” حالة من القلق وعدم الثقة المتبادلة بين فاعلين أو أكثر داخل الدولة الواحدة أو بين دولتين ،وعليه فالتوتر يكون مرحلة سابقة عن الأزمة قد يؤدى إليها أو لا .”[17]
التعريف الإجرائى :
وفى درستنا هذه ،فإننا نعرف التوتر على أنه : عبارة عن مرحلة سابقة للأزمة ،يتولد فيها شكوك وعدم ثقة فى العلاقة بين الدولتين أو أكثر .
- الشرق الأوسط :
التعريف الإصطلاحى :
لمفهوم الشرق الأوسط مجموعة مختلفة من التعريفات قدمها بعض المختصين فى العلاقات الدولية ،ومن هذه التعريفات ما يلى:
1/ يعتبر الباحث أحمد اوغلو الشرق الأوسط على أنه ” أن منطقة الشرق الأوسط وفقاً للمفاهيم الجيوسياسية منطقة أساسية وانفتاحية واستراتيجية كونها التقاء لقارات العالم الأساسية “افرواسيا” وهى منطقة محورية القلب ،وهذا الوصف من قبل (أحمد داوود اغلو) ” [18](Heart land)
2/ كما يعرفه عالم انجليزى على أنه “أن الشرق الأوسط ينظمن دول أسيا الواقعة جنوب أوروبا الشرقية بالإضافة إلى مصر فى إفريقيا ،كما يستخدم البعض عبارة الشرق الأوسط للدلالة على كل من :مصر ،الدول الأسيوية الناطقة بالعربية ،إسرائيل ،إيران ،قبرص ،تركيا وأحياناً يضمون إليها كل من ليبيا والسودان ”
3/ وتعرفه الباحثتان دنيدى سهام وغدوشى أنيسة على أنه ” رقعة منبسطة تقع عند التقاء القارات أوروبا ،أسيا وإفريقيا ،والشرق الأوسط مصطلح سياسى استراتيجى فى نشأته وفى استخدامه وتسميته الشرق الأوسط ليست مستمدة من من طبيعة المنطقة أو خصائصها الذاتية وإنما مستمدة من علاقة المنطقة بالغير ،فحين نقول الشرق الأوسط يشار السؤال شرق بالنسبة لمن ؟؟ “[19]
التعريف الإجرائى :
سيتم تناول مفهوم الشرق الأوسط فى هذه الدراسة على أنه : عبارة عن رقعة منبسطة فى الأرض تقع فى جنوب شرق أسيا، وتضم منطقة من شمال إفريقيا، ودولة تركيا من قارة أوروبا ، وتزداد أهميتها نظراً لما تشهده المنطقة من صراع وتنافس عليها من قبل القوى العالمية الكبرى.
عاشراً/ منهج الدراسة:
تجمع تلك الدراسة بين عدد من المنهاهج المختلفة ؛حيث حتى يتم استيفاء جميع الجوانب والأبعاد الخاصة بالدراسة فلابد من الجمع بين أكثر من منهج ،وتتمثل هذه المناهج المستخدمة فى:
1ـ المنهج التاريخى .
2ـ المنهج الوصفى و التحليلى .
أولاً/ المنهج التاريخى :
بالرغم من تحديد فترة حديثة للدراسة، إلا أنه من أجل فهم وقائع هذه الفترة المحددة وفهم الظاهرة والقدرة على تحليلها ،فلابد من الرجوع إلى الماضى ،وتتبع مسار الظاهرة ، ،حيث أن المنهج التاريخى لا يكتفى عند سرد والوقائع ووصفها، وانما يقوم أيضاً بتحليلها وتفسيرها أيضاً .[20]
ثانياً/ المنهج الوصفى التحليلى :
يهتم ذلك المنهج بسرد الوقائع كما توجد فى الواقع والعمل على وصفها وصفاً دقيقياً ، حيث تكمن أهميته فى أنه أحد الطرق الهامة للتحليل والتفسير بشكل علمى ومنظم ،وفى دراستنا هذه :فإن ذلك المنهج يعتبر هو الأنسب من أجل الوصول إلى اجابات دقيقة وقيمة لأسئلة الدراسة وحل مشكلتها البحثية .[21]
الفصل الأول : العلاقات التركية الإيرانية قبل عام 2011م
تمهيد:
تعتبر العلاقات التركية الإيرانية، واحدة من أهم العلاقات التى يجب دراستها، نظراً لما تحمله تلك العلاقة من صفات ليست موجودة إلا فى علاقات محدودة بين الدول، لاسيما بعد مجئ حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، وفى ذلك الفصل فإننا سنقوم بدراسة تلك العلاقة منذ أن تم إعلان الجمهورية التركية فى عام 1923 حتى عام 1938، ثم سننتقل بالحديث عنها فى الألفينات، بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية الحكم فى عام 2002، بهدف معرفة الملامح العامة للعلاقة بين البلدين قبل حدوث الأزمة السورية.
أولاً/ العلاقات التركية-الإيرانية منذ اعلان الجمهورية التركية 1923حتى عام 1938:
بعد تفكك وانتهاء الدولة العثمانية –فى نهاية الحرب العالمية الأولى 1918م- أصبحت تركيا تحت حكم الحلفاء حتى عام 1923 ؛ ففى عام 1923 تم الجمهورية التركية الحديثة.
وقد كان قيام جمهورية تركيا الحديثة نقطة انطلاقة لبدء حقبة جديدة فى تاريخ العلاقات التركية- الإيرانية؛ حيث كانت تتسم العلاقات فيما بينهم قبل سابق بالعلاقات المتوترة والغير مستمرة، ولكن فى تلك الحقبة الجديدة حاول الطرفان التقرب من بعضهما البعض، وكان ذلك التقرب بحكم أو نتيجة عدة عوامل؛ أهمها انشغال كلا الطرفين بمشكلاتهما الداخلية، فضلا عن قربهما نتيجة لتقارب وجهات نظر بينهما فى مواجهة التحديات والظروف الدولية المحيطة بهما آنذاك، واخيراً كان ذلك التقارب ناتج عن تولى رضا بهلول شاهاً لإيران (1926-1941)، والذى مثل نقطة انطلاقة مهمة لبدء عصر جديد من العلاقات. [22]
وفى عهد ذلك الشاه، كان هدف حكومته من ذلك التقرب، هو إقامة علاقات جديدة مع الأتراك فى محاولة لتجاوز الماضى، وانهاء السلسلة الطويلة من الحروب والمشكلات الحدودية بين البلدين، فضلاً عن محاولة وضع اسس مشتركة وبنود يلتزم بها الطرفان لتحقيق التعاون فيما بينهم.
ومن أهم العوامل التى ساهمت فى تحسين العلاقات بين الطرفان، هو اعجاب شاه ايران وتأثره الشديد بشخصية مصطفى كمال، مما جعله يريد أن يستفيد ويحاكى اصلاحاته، والتى من خلالها نهضت تركيا الحديثة، ومن ثم حاول الشاه تحرير اقتصاد شمال ايران من خلال تحويله من الإعتماد على موانئ الإتحاد السوفيتى إلى الإعتماد على موانئ الجمهورية التركية .
ومنذ ذلك الحين اخذت العلاقات ما بين البلدين تطور، إلى أن تم توقيع معاهدة للصداقة فى 22 نيسان 1926م، وقد اهتمت تلك المعاهدة بالتركيز على عدم الإعتداء والإلتزام بالحياد بين البلدين، كما تضمنت مبادئ أساسية تحكم علاقتهما، واخيراً ركزت الإتفاقية على عدم السماح بتوتير الأمن ومحاولة التصدى لأى عمليات تهريب على الحدود.
وقد أسهم توقيع تلك المعاهدة فى قطع شوطاً كبيراً فى حقل العلاقات فيما بين البلدين؛ حيث:
- تم تخفيض روح الحذر والشكوك بين البلدين، والتى كانت ناتجة عن سلسلة الحروب الطويلة بين الدولة الصفوية والعثمانية.
- فضلاً عن قيام وزير البلاط الإيرانى بزيارة تركيا بصحبة وفد حكومى فى خريف عام 1926م، وقد نتج عن تلك الزيارة: توقيع اتفاقيات عززت من علاقاتهما، منها توقيع اتفاقية تجارية مؤقتة لتنشيط العلاقات الإقتصادية، وتسهيل انتقال البضائع بينها، كما تم قيام اتصالاً تلغرافياً بين انقرة وطهران فى عام 1928م. وكل ذلك كان يمثل مؤشرات للدلالة على العلاقات الجيدة التى يتم إقامتها بين الدولتان. [23]
إلا أنه على الرغم من ذلك التطور السلمى بين البلدين، لم تخلو العلاقة من وجود بعض المشكلات والمسائل الخلافية، التى كان على رأسها “النشاطات الكردية” التى كانت ضد الحكومة التركية، مما جعل الحكومة تتهم ايران بأنها تدعم تلك الحركات المسلحة وتقوم بإيوائهم، بل وزادت تلك الشكوك بقيام حركة كردية مسلحة أخرى ما بين عامى (1927- 1930)، والتى كانت تتخذ قواعد لها داخل الأراضى التركية، ونتيجة لما سببته تلك الحركة من خسائر للحكومة التركية، أخذت حكومة انقرة موقفاً متشدداً تجاه إيران، ومن ثم تدهورت العلاقات مرة أخرى بين البلدين .
ولكن فى حقيقة الأمر لم تكن ايران هى الداعم الحقيقى للأكراد –فذلك ليس من مصلحتها – ولكن كان الدعم هو التأثير السلبى على نفوس الأكراد نتيجة لسياسة مصطفى كمال السلبية ضدهم، مما دفعهم إلى حمل السلاح ضد حكومته، بالإضافة إلى الدعم القادم من أكراد ايران لهم، فضلاً عن الأيدى الخارجية والتى من مصلحتها منع استمرار ذلك التطور فى العلاقات وسيادة عدم الإستقرار فى المنطقة، واهمهم الإتحاد السوفيتى.
وبالتالى تم اصدار تقرير رسمى بأن العلاقات بين البلدين تتسم بالتراجع والخمول، ولكن على الرغم من ذلك استطاع الأتراك أن يأخذوا موافقة ايران للتدخل فى حدودها حتى تقوم بالقضاء على الحركة الكردية بشكل مؤقت، وقد أدى ذلك إلى تحسن العلاقة ما بين البلدين.
وبعد التخلص من تلك الإشكالية (الحركة الكردية)، عاد مسار التطور إلى مساره مرة أخرى؛ إذ شهدت العلاقات ما بين البلدين تطورات ملموسة، مثل أنه: تم ارسال وفد تركى يترأسه وزير الخارجية التركى “توفيق رشدى” إلى الأراضى الإيرانية، فى عاصمة إيران، وكان الهدف من تلك الزيارة هو، البحث فى المشكلات الحدودية[24] المعلقة بين البلدين، والقيام بتعزيز العلاقات بينهما من خلال وضع بنود اساسية لإدارة العلاقات ما بين البلدين، وكان من ضمن تلك البنود
- وضع أسس الإتفاق التجارى والإقتصادى، الذى نص على منح تسهيلات كبيرة للتجار والعاملين الأتراك فى ايران
- الموافقة على مد خط سكة حديد يربط تبريز بطرابزون مروراً بمنطقة ارضوم.
- الموافقة على مرور البضائع الأتراك عبر الخط الحديدى بطريق الترانزيت.
- اعادة النظر فى معاهدة الصداقة التركية- الإيرانية لعام 1926، وتطوير بنودها على وفق مقتضيات المرحلة المستقبلية بشكل يتفق مع تطور العلاقات الإيجابية بين الطرفين.
وتم عقد أول اتفاقية حدودية بين البلدين، نصت فى مجملها على إنهاء النزاع الحدودى الطويل بين البلدين فى 23 كانون الثانى 1932، وقد كانت تلك الإتفاقية الأساس لبناء علاقات جديدة بين البلدين؛ حيث تضمنت تلك الإتفاقية مجموعة من المصالح السياسية والإقتصادية والعسكرية، فضلاً عن أنها دخلت حيز التنفيذ فى 6 كانون 1932، وتبادل الطرفان الوثائق المصدقة فى 5 تشرين الثانى 1932.
وبذلك كانت العلاقات بين البلدين مستقرة بعد ذلك التاريخ، واصبح هناك مواضيع وتطورات مشتركة بين البلدين، فضلاً عن نمو روح ومشاعر الوحدة والأخوة بينهما نتيجة لتأثر شاه ايران بشخصية مصطفى كمال اتاتورك .
وفى عام 1934م، زار شاه ايران تركيا، وقام بعقد اتفاقية مع اتاتورك تنص على :
- تسوية القضايا الحدودية بينهما، وحسمها بشكل نهائى .
- العمل على عقد اتفاقية لتجارة الترانزيت الإيرانية عن طريق تبريز – طرابزون، وجعلها تسود بصفة مؤقتة، لحين إقامة سكة حديد تربط البلاد الأخرى بالموانئ الإيرانية.[25]
- عقد تحالف عسكرى بين الطرفين فيما يخص مواجهة الحركات الكردية المسلحة على الحدود المشتركة بينهما.
وبالتالى تميزت العلاقات بين البلدين بالإتساع الكبير فى مجالين التجارة، والأمن والثقافة، وقد كان ذلك نتيجة طبيعية لنقل البضائع بين البلدين من خلال طريق الترانزيت، وفى عام 1938م، توفى مؤسس دولة تركيا الحديثة مصطفى، وقد ابدت الدولة الإيرانية بحزنها الشديد على تلك الواقعة؛ حيث اعلن البلاط الشاهى الحداد فى ذكرى وفاته لمدة شهر كامل.[26]
وتخطياً لفترة طويلة من الزمن، فإننا سننتقل بالحديث عن تلك العلاقات بين البلدين منذ عام 2002 حتى عام 2010م، أى بعد تولى او وصول حزب الحرية والعدالة إلى السلطة عام 2002م، فبعد تولى ذلك الحزب السلطة، شهدت العلاقات بين البلدين تطورات كبيرة ومهمة على الصعيد السياسى، والإقتصادى، والأمنى، حيث:
المبحث الأول/ العلاقات التركية الإيرانية فى المجال السياسى:
منذ مجئ حزب العدالة والتنمية وتوليه للسلطة، اصبحت العلاقات التركية الإيرانية فى تقدم وتطور مستمر، فكما رأينا احتفال ايران فى بلادها بوصول ذلك الحزب إلى السلطة فى تركيا، وكان ذلك نتيجة إلى أن ذلك الحزب يحمل الأيديولوجية الإسلامية.
وبالفعل استطاع ذلك الحزب أن يكسب تأييد جيرانه، واقامة علاقات جيدة معهم؛ بحيث تبنى فى سياسته الخارجية “سياسة توازنية” ما بين مجاوريه جهة الشرق وكذلك الغرب، ومن بين الدول التى تحسنت علاقة تركيا بها كانت، “ايران”، فقد كانت ايران ترحب بالحكومة الجديدة، نظراً لتوجهاتها الإسلامية، وكذلك تركيا كان لديها انفتاح وتسامح مع ايران، بل واصبحت صديقاً لها وحليفاً استراتيجياً فى المنطقة.[27]
وأصبح هناك اهداف ومصالح سياسية مشتركة بين الدولتين، كما كان هناك ارتياح من جانب الأخر لبعضهم البعض نتيجة إلى اشتراك وجهات نظرهم فى المشكلات والتطورات السريعة التى تشهدها المنطقة، والتى كانت أهمها:
- غزو الولايات المتحدة للعراق فى عام 2003م، ووضع العراق الذى اصبح عاملاً حساساً فى العلاقات بينهما، فقد مثل ما شهده العراق فى تلك الفترة تهديداً خطيراً على أمن كلتا الدولتين؛ حيث رفضت تركيا إستخدام أراضيها كقاعدة عسكرية تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية فى غزو العراق، وكان ذلك الموقف من أهم العوامل التى أدت إلى تنامى العلاقات بين البلدين، حيث سعت ايران لإستغلال الفرصة وقامت بتقوية علاقاتها مع تركيا، وقد تم استقبال تلك القرارات بكل ترحاب من جاب تركيا
- الإقليم الكردستانى المشترك الذى لابد من مواجهته بشكل تعاونى، والعمل على منع قيام دولة كردية؛ إذ تعد القضية الكردية من أهم القضايا التى ساهمت فى تطوير العلاقات بين البلدين بشكل كبير؛ حيث تحتوى تركيا على حوالى 12 مليون كردى، كما تحتوى ايران على 7 مليون كردى، وبعد احتلال العراق فقد مثل تطور الحكم الذاتى الخاص بالإقليم الكردستانى العراقى تهديداً خطيراً على الأمن القومى الخاص بكلتا البلدين، مما استدعى مواجهة ذلك بشكل مشترك فيما بينهما، وتم توقيع اتفاقية 2004م، والتى سيتم الإشارة إليها فيما بعد. [28]
- السعى وراء توسيع العلاقات فيما بينهما لتشمل كافة المجالات، فنتيجة لوجود وتبادل وجهات النظر المشتركة حول القضايا الأمنية الدائرة حولهما، أدى ذلك إلى رغبة كلا البلدين فى تنمية العلاقات الإقتصادية والتجارية فيما بينهما، وتطوير علاقات ثنائية قائمة على الإحترام المتبادل، مما سيؤدى فيما بعد إلى توسيع وترسيخ السلام والإستقرار الإقليمى. [29]
وبناءً على ذلك، قام كلا البلدين بتفعيل دور لجنة الصداقة البرلمانية التركية- الإيرانية، فضلاً عن تبادل الزيارات بينهما فى محاولة لتحسين العلاقات السياسية والدبلوماسية، كما أكدت كلتا البلدين على أن العلاقات بين البلدين سيتم وضعها ضمن أولويات السياسة الخارجية الخاصة بهما.[30]
المبحث الثانى/ العلاقات التركية الإيرانية فى المجال الإقتصادى:
تتسم العلاقات الإقتصادية بين تركيا وايران بالتحسن والتطور الدائم بعد وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة؛ حيث أنه كما ذكرنا، كان هناك رغبة من جانب ذلك الحزب فى بدأ عهد جديد لتركيا مع جيرانه قائم على الإنفتاح والتوازن فى سياساته، فضلاً عن سعيه لإقامة علاقات جيدة معهم.
كما أكد أحد المسؤولون الإيرانيون على ضرورة توسيع العلاقات الإقتصادية بين البلدين، قائلاً: ” إن مستوى التبادل التجارى والإقتصادى بين البلدين ليس كافياً مقارنةً بلإمكانيات المتاحة”
وفى زيارة رجب اردوغان إلى ايران عام 2004م، قام بزيارة اللجنة الإقتصادية ووقع إتفاقية لرفع حجم التبادل التجارى بين البلدين بنسبة 19%، أى بحوالى 4.2 مليار دولار، كما تمكنت الشركات التركية من إقامة استثمارات داخل الأراضى الإيرانية، وتصدير الغاز إلى تركيا.
وفى عام 2005، ارتفع حجم التبادل التجارى بين البلدين أكثر، وذلك الرفع أو الزيادة كان نتيجة لإحتياج ايران إلى تركيا، باعتبارها الجسر الذى يربط مصالحها الإقتصادية بالغرب؛ حيث تمر الإستيرادات القادمة من البلاد الأروبية لإيران خلال الأراضى التركية، وفى عام 2006م تصاعدت التبادلات التركية لتصل إلى 6.7 مليار دولار.[31]
وفى عام 2007، قام وزير الخارجية الإيرانى “متكى” بزيارة إبى تركيا، وهناك إلتقى برئيس الوزراء رجب اردوغان، وفى تلك الزيارة تم التأكيد على ضرورة رفع حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى عشرة مليارات خلال ذلك العام، مؤكداً على أن امكانيات كلا البلدين هى ما دفعته إلى مثل ذلك القرار، قائلاً أنه ” يجب علينا أن نبدأ عهداً جديداُ من التعاون من أجل المستقبل، إن هذا التعاون سيكون فى كافة المجالات السياسية والعسكرية والتجارية والإعلامية”
وبالفعل فى عام 2008 تصاعد حجم التبادل التجارى بين البلدين ليصل إلى 10.22 مليار دولار؛ حيث كانت واردات تركيا من النفط الإيرانى وصلت إلى أكثر من 90%.
إلا أنه فى عم 2009، تراجع حجم التبادل التجارى بينهما، حيث بلغ حوالى 5.4 مليار دولار، ولكن عاد إلى مساره الطبيعى فى عام 2010، حيث بلغ حوالى 10.6 مليار دولار[32]
وبذلك يعتبر العامل الإقتصادى أحد العوامل الأساسية التى تشكل العلاقات بين كلتا البلدين.
المبحث الثالث/ العلاقات التركية الإيرانية فى مجال الأمن:
لم تشهد العلاقات التركية الإيرانية تطوراً على المستوى السياسى والإقتصادى فحسب، وانما امتد التطور ليشمل العلاقات فى مجال الأمن ايضاً؛ حيث كانت القضية الأمنية الأبرز والمشتركة بين البلدين تتمثل فى قضية:
“التهديد الكردى”: فقد مثل تطور الحكم الذاتى الخاص بالإقليم الكردستانى العراقى تهديا خطيراً على الأمن القومى الخاص بكلتا البلدين، مما استدعى مواجهة ذلك من قبل البلدين بشكل مشترك.
وبناءً على ذلك تم تفعيل لجنة الأمن العليا التركية – الإيرانية، والتى تم تأسيسها فى عام 1998م، إلا أنها كانت غير مفعلة إلا بعد الإحتلال الأمريكى للعراق وبروز حزب الحرية الكردستانى فى ايران عام 2004 .
فعقدت تلك اللجنة اجتماعات عديدة فى انقرة لتبادل المعلومات والإستخبارات حول حزب العمال الكردستانى وحزب الحرية الكردستانى، ومنها تم توقيع اتفاق تعاون أمنى عام 2004، والذى تم فيه اعلان كلا الحزبين كمنظمتين ارهابيتين.
كما اقترحت ايران على تركيا الإنضمام معها هى وسوريا لتأسيس برنامج تعاون امنى ثلالثى ضد المسلحين الأكراد
وفى اغسطس 2005، اعلنت الوزارة الخارجية الإيرانية عن تحالفها مع جارتها تركيا لإيجاد حلول مشتركة فيما بينهما لمواجهة قضية الإرهاب، وبناءً على ذلك، فى ديسمبر من نفس العام زار وزير الخارجية الإيرانى متكى انقرة، بهدف تنسيق التعاون بين البلدين فيما يخص قضية الإرهاب، كما وقع كلا الطرفين اتفاقية فى عام 2006 فى نفس الخصوص، والذى بناءً عليها سيقوم البلدين بمكافحة عناصر الأحزاب الموجودة عند الأخر فى اراضيها؛ اى أن ايران سوف تقوم بقتل اى عناصر تابعة لحزب العمال الكردستانى على اراضيها، وكذلك تركيا ستقوم بقتل عناصر منظمة مجتهدى خلق الإيرانية على أراضيها، وهى منظمة مسلحة موجودة بالأراضى الإيرانية ومعارضة للحكومة .
وقد كان عام 2008 هو العام الأكثر أهمية فى ذلك الخصوص؛ حيث تم التحضير إلى اتفاقية سميت بـ” اتفاقية الأمن الشاملة”، فقد زار الرئيس الإيرانى نجاد أنقرة، وقد كان الهدف من تلك الزيارة هو زيادة تحسين العلاقات بين البلدين، والبحث عن حلول مشتركة وتبادل وجهات النظر حول قضية مكافحة العدوان والإرهاب، وقد كانت تلك الزيارة بمثابة رسالة إلى العالم كله بأن إيران ليست وحيدة وغير منعزلة،[33] بل وقادرة على إقامة علاقات جيدة مع جيرانها رغماً عن الضغط الممارس من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عليها، ولذلك شنت تلك الزيارة ضجة اعلامية كبيرة فى وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية، كما شملت تلك الإتفاقية تعاوناً على مستوى جميع المجالات؛ وفيما يخص مجال الأمن فإنه تم التوقيع على اتفاقية التعاون فى مجال مكافحة المخدرات ومكافحة الإرهاب.
إلا أن الموازين تبدلت بشأن تلك الإتفاقية وتم تأجيل التوقيع عليها، نتيجة للضغط الأمريكى على تركيا ، الذى بناءً عليه أجلت تركيا التوقيع بعد أن خافت من امكانية احداث خلل على مستوى علاقاتها مع الدول الأخرى .
أما اذا تحدثنا على موقف تركيا من الملف النووى الإيرانى، فإننا سنجد أن ذلك البرنامج كان يمثل مصدر تهديد محتمل للعلاقات بين البلدين؛ حيث كانت المؤسسة العسكرية التركية لا تؤيد رغبة ايران وطموحاتها فى بناء ذلك المشروع النووى العسكرى، فقد جاءت تركيا معربة عن ذلك بقولها: أن تركيا تعتبر أى نووى فى ذلك الإقليم يمثل مصدر تهديد للمنطقة كلها، إلا أنها حتى تحافظ على علاقاتها الطيبة مع ايران فإنها صرحت عن تأييدها ودعمها لحق ايران فى الإستفادة السلمية من التكنولوجيا النووية.
وكذلك كان هناك تعاون بين البلدين فى مجال أمن الطاقة، حيث بدأ التعاون بينهما فى ذلك الخصوص منذ منتصف تسعينات القرن العشرين، ولكن تم تفعيل ذلك التعاون فى 13 يوليو 2007حينما زار وزير الخارجية الإيرانى “متكى” أنقرة، فخلال تلك الزيارة، تم التأكيد على ضرورة بناء علاقات ثنائية بين الدولتين فى مجال الطاقة؛ وبناءً عليه إلتقى وزير الخارجية الإيرانى متكى بوزير الطاقة التركى حلمى غولر، ووقعوا اتفاقية تفاهم وتعاون بين البلدين فى مجال الطاقة، والتى بناءً عليها تتمكين تركيا من المشاركة فى تطوير مشروع الغاز الطبيعى فى حقل فارس الجنوبى[34] الإيرانى بشكل مباشر، وأكدوا على ضرورة بناء السدود والمناجم والتنقيب عن النفط، كما ستستطيع تركيا بناءً على تلك المذكرة من نقل الغاز الطبيعى الإيرانى إلى اوروبا.
وفى ذلك الصدد رأى المحللون أن ايران دولة كبيرة فى مجال الطاقة، وتركيا تسعى إلى توطيد علاقتها معها لأنها تفتقر إلى مصادر الطاقة وتعتمد على 90% من حاجاتها على الإستيراد من الخارج، أما اذا نظرنا من الجهة الأخرى فإننا سنجد أن ايران تتعاون مع تركيا حتى تقوم بتحسين وضعها الإقتصادى بعد أن تعرضت لأزمة نتيجة للعقوبات الإقتصادية عليها من قبل المجتمع الدولى، فكما رأينا إن ايران وتركيا رفعوا تعاونهم الإقتصادى وتبادلهم التجارى من 7 مليار دولار عام 2006 إلى 10 مليار دولار فى عام 2007.
كما أن لذلك التعاون أهداف سياسية والتى تتمثل فى: ” مساعدة تركيا على تحقيق هدفها الإستراتيجى بإنشاء ممر دولى للطاقة وتعزيز ضمان أمن الطاقة ورفع مكانتها السياسية فى المنطقة والعالم”، أما بالنسبة لإيران فإنها ترى أن تعاونها مع تركيا سيمثل باب الأمل الذى من خلاله يمكن أن يخفف من عليها الضغوط المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولى”[35]
ملخص (رأى الباحث):
وبعد الإنتهاء من ذلك الفصل، فإنه يمكن القول بأن العلاقات التركية الإيرانية قبل عام 2002 كانت بين فترات الإزدهار والتراجع، فكما رأينا وجود محاولات لتطوير العلاقات فيما بينها، وكذلك وجود عوامل تظهر تؤدى إلى تراجعها، ولكن من بعد عام 2002 عند وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة حتى قبيل عام 2011م، كان هناك تطور مستمر فى العلاقات على مستوى جميع المجالات، ولذلك كان هناك محاولة لتفادى المشكلات والخلافات بينهما حتى تستمر تلك العلاقات فى التطور؛ حيث أصبحت العلاقات أقوى وأهم من ذى قبل، ولذلك كانوا يحاولوا بقدر الإمكان تخطى نقاط الخلافات فيما بينهما، وفيما يلى فإننا سنحاول أن نقوم بعرض تأثر تلك العلاقات بالأزمة السورية التى ظهرت فى عام 2011، وكيف تحولت العلاقات فى بعض المستويات.
الفصل الثانى : أثر الأزمة السورية على العلاقات التركية-الإيرانية خلال الفترة (2015:2011)
تمهيد:
تعتبر الأزمة السورية مسرحاً ممتازا للصراع بين ايران وتركيا، فكما ذكرنا فى الفصل الأول كان كلا البلدان يسعان دائماً إلى تبنى مبدأ السياسة الخارجية الحكيمة، وتفادى المشكلات والخلافات بينهم، حتى تسير الأمور بشكل سلمى، ذكرنا ايضاً أن بداية تقارب العلاقات بين البلدين كان نتيجة لتقارب وجهات نظرهم تجاه القضايا المختلفة لتفادى تلك النقاط الخلافية، ولكن مع ظهور الأزمة السورية أصبحت وجهات النظر الخاصة بكلا البلدين تجاهها غير متبادلة وغير متوافقة، واصبح كل منهما ينظر من وجهة نظر مصالحه، والتى كانت تتسم بالتعارض بينهما مع الجانب الأخر، ولذلك فإنه يتعين علينا أن نتحدث عن أهمية سوريا بالنسبة لكل منهما، وموقف كل منهما تجاه اندلاع تلك الأزمة.
المبحث الأول: أثر الأزمة السورية على العلاقات السياسية بين البلدين:
قبل الحديث عن أثر الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية، فإنه يجب الحديث أولاً عن أهمية سوريا بالنسبة لكل من تركيا وايران، وموقف كل منهما تجاه الأزمة السورية هذه.
أولاً/ أهمية سوريا بالنسبة لإيران وموقفها من اندلاع الأزمة:
تعتبر سوريا ذو أهمية كبيرة جداً بالنسبة لإيران؛ إذ أنها تقع فى قلب المشروع الإيرانى، فضلاً عن أنها الوسيط الذى يجعلها تستطيع أن تتواصل مع حلفاؤها فى لبنان وفلسطين، ولذلك فإن ايران تحقق آمالها المرجوه من خلال جعل نفسها قوة اقليمية كبرى فى المنطق، وحماية أمن ايران من خلال سوريا، كذلك تعتبر سوريا لاعباً أساسيا فى العلاقات الإيرانية العربية، اذ أنها تمثل نافذتها التى تنظر من خلالها على الدول العربية، واخيراً تمثل سوريا منطقة العبور التى من خلالها تستطيع ايران[36] أن تمد حزب الله فى لبنان بالإمدادات اللازمة، ولذلك تسعى ايران دائماً أن تحافظ على علاقاتها مع النظام السياسى السورى.
موقفها تجاه الأزمة السورى:
ولذلك حينما اندلعت الأزمة السورية فى مارس 2011، كانت إيران أكثر المعارضين إليها، وأكثرهم مساندةً للنظام القائم، حيث أنه اذا نجحت الثورة وتم سقوط وإنهاء نظام بشار الأسد، فهذا يعنى أن كل آمال ايران فى المنطقة سوف تنهار، ولذلك فقد رأينا من أول لحظة مساندة ايران بكل قوتها إلى النظام القائم، والسعى لحل تلك الأزمة من خلال اصلاح النظام وليس سقوطه.
فقد قامت ايران بتقديم مساعدات مالية وعسكرية كبيرة للنظام السورى، كما قامت بتكليف قواتها ” الحرس الثورى، وفيلق القدس” بتدريب القوات السورية للتصدى للثوار.
وبالرغم من رفض إيران المستمر لحضور مجتمعات فيينا التى يتم قيامها، إلا أنها كانت تحضر تلك الإجتماعات الخاصة بالحديث عن الأوضاع فى سوريا، وكان ذلك سعياً للحفاظ على دورها ومكانتها الإقليمية فى تلك الأزمة، كما أنها كانت تحاول أن تخفف من الضغوط المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولى.
وبعد فترة من الزمن ظهر اتجاه دولى واقليمى قوى يسعى إلى اصلاح الأوضاع فى سوريا من خلال اصلاح النظام القائم، وباعتبار إيران من أهم الداعمين للنظام، فقد كان يتم اشراكها فى الحديث عن الخطط المستقبلية للأوضاع فى سوريا .[37]
ثانياً/ أهمية سوريا بالنسبة لتركيا وموقفها من اندلاع الأزمة:
كذلك تعتبر سوريا ذو مكانة وأهمية كبيرة بالنسبة لتركيا، وذلك نظراً لإعتباراها اداة أساسية فى السياسة الخارجية الخاصة بتركيا، فسوريا تشكل المحور الأساسى فى[38] سياسات تركيا الخاصة بالسياسة التركية الشرق متوسطية وتوازناتها ،وكذلك السياسة التركية بالمنطقة.
كذلك تمثل سوريا النافذة أو منطقة الوصل التى من خلالها تستطيع تركيا أن تتواصل مع العالم العربى فيما يتعلق بالعلاقات التجارية، كما أنها نقطة البداية التى تستطيع من خلالها أن تتواصل مع الجزء الجنوبى لها الذى يتمثل فى: لبنان، وفلسطين، والأردن، وكذلك مع السعودية، ودول الخليج العربى.
هذا فضلاً عن أهمية كبيرة سوريا فى الجانب الأمنى لتركيا، إذ أن هناك حدود طويلة بين البلدين، وبهذا فإن استقرار الأوضاع فى تلك المنطقة يعنى استقرار الأوضاع لتركيا من جهة الجنوب [39]
موقفها تجاه الأزمة السورى:
وحينما اندلعت الأزمة السورية فى بداياتها كان الرئيس التركى يحرص دائماً على تقديم النصيحة للرئيس بشار الأسد؛ حيث كان ينصحة بمحاولة الإستجابة للإصلاح والتغيير، وعدم استخدام القوة والعنف أمام المحتجين، ولكن مع عدم استجابة النظام اعتبرته تركيا فاقد للشرعية ولابد من العمل على اسقاطه، وأصبحت تساند المحتجين والمجموعات المعارضة على مستوى جوانب عدة؛ فقد فكانت تساندهم عسكرياً، اقتصادياً، اعلامياً، سياسياً، وعلى مستويات أخرى، لدرجة أن الأراضى التركية اصبحت مركزاً لعقد الكثير من المؤتمرات، لاسيما فى اسطنبول، كما أن تركيا حرصت على تزويد الشعب السورى بالتدريبات العسكرية اللازمة من أجل المقاومة، فقد ساهمت فى تشكيل ما يسمى “بالجيش الحر” بشكل مباشر، فهذا الجيش تم تكوينه بعد أن اعترض على أوامر إطلاق النار على المحتجين والمتظاهرين، وكان بداية تكوين الجيش ناتج عن مبادرة قادها المقدم ” حسين هرموش”، وكان فيها يدعو زملاءه للإنضمام معه، حتى يكونوا جيش بديل عن ذلك الجيش النظامى المستبد،[40] ومن هنا بدأت تركيا بدعمه، حتى يصمد أمام النظام، ولكن بعد مرور خمس سنوات من تاريخ اندلاع الأزمة السورية، وجدت تركيا نفسها وحيدة فى قرار دعم المجموعات المعارضة، واصبحت محاصرة من كل الإتجاهات، ومن هنا بدأت تركيا تعيد حساباتها مرة أخرى فى سياستها الخارجية والأمنية، ومن ضمن الأسباب التى جعلتها تغيرها:
- وجود نفسها وحيدة فى قرار دعم المعارضة السورية، وفى شعار إسقاط النظام، وعدم وجود أى مكان لها فى التحالفات الموجودة على الساحة الدولية.
- تزايد التقارب الروسى الإيرانى، وكذلك أمريكا، بعد أن تقاربت وجهات نظرهم بخصوص حل الأزمة السورية؛ إذ أنهم إتفقوا على بقاء النظام السورى لحين عمل انتخابات.[41]
أما عن تأثير تلك الأزمة على العلاقات السياسية بينهما، فقد كشفت الأزمة السورية عن الخلافات المتواجدة بين البلدين؛ حيث رأينا أن اختلاف الرأى ووجهات النظر الخاصة بكلتا البلدين أدى -كما أوضحنا- إلى اصابة العلاقات بينهم بحالة من التوتر الحاد، فبعد أن كانت المصالح الخاصة بكل طرف تقرب وجهات النظر فيما بينهم حول القضايا المختلفة، أصبحت المصالح أيضاً هى السبب الأساسى لحدوث ذلك التوتر، فكان هدف ايران فى بناء المشروع الإيرانى، يتعارض مع هدف تركيا فى محاولة جعل نفسها ذو مكانة اقليمية كبرى فى المنطقة.
ففى البداية كانت تركيا تحاول أن تدعم النظام السورى، ولكن تدهورت العلاقات بينهما بعد ذلك نتيجة لإطلاق الجيش السورى النار لإسقاط طائرة تركية فى الحدود بينهما، وهذا أدى إلى تدهور العلاقات بينهما، والذى بناءً عليه قامت تركيا بدعم المجموعات المعارضة فى سوريا، وبالتالى معارضة النظام السورى السائد، وفى ذلك الوقت كانت تركيا متوقعة أن فترة الصراع لن تمتد وستنتهى بسقوط نظام الأسد[42] وانتصار المعارضة، أما عن إيران فهى ترى أنه اذا سقط النظام السورى ونظام بشار، فهذا سيؤدى إلى فقدان إيران نفوذها السياسى والعسكرى والثقافى والإقتصادى فى المنطقة، وأن تركيا تحاول أن تخرجها من دائرة الصراع، وتحاول أن تقصر امتدادها الشيعى فى البلاد الأخرى.
وبناءً عليه، كانت إيران تساعد النظام السورى بكل ما يحتاج إليه للتصدى أمام تلك المعارضة، فكانت ترسل إليه الإمدادت المالية العسكرية اللازمة؛ حيث كانت ترسل إليه مليارات الدولارات سواء من تدريب فنى للجيش السورى، أو حتى إرسال جنود إيرانيين للمحاربة معهم، وكانت ترسل لسوريا نشطاء سياسيين ليدعمو النظام، لدرجة أنهم وصلوا إلى حوالى 10000 ناشط سياسى بحلول عام 2013.
أما بالنسبة لعلاقتها مع تركيا، فنتيجة للسياسات التى تنتهجها تركيا تجاه الأزمة، أصبحت إيران ترسل بعض الرسائل التحذيرية إلى تركيا حتى تتراجع عن موقفها هذا، ولكن لم تستجب تركيا لهذا كله، واصبحت وسائل الإعلام الإيرانية تتحدث بشكل كبير عن موقف تركيا المعارض للمصالح الإيرانية، بل واصبحت تلقى عليها بعض الإتهامات، كأن تركيا تقوم بذلك تنفيذاً إلى سياسات أمريكا، والكيان الصهيونى، الذى هدفه اصابة الأزمة بمزيد من التوتر وزعزعة الأوضاع فى سوريا، وبالتالى كانت ايران ترى أن الحكومة التركية هى المتحملة لكل تلك التفجيرات الحادثة فى سوريا؛ باعتبار تركيا تتحدث بشكل رسمى عن تسليح المعارضين السوريين.
كما اتهمت ايران فى ذلك الإعتبار قطر، فهى من تتشارك مع تركيا فى تلك التدريبات والخطوات، وكذلك كانت تركيا تحذر ايران من تدريب القوات العسكرية السورية، لأن هناك نهاية لذلك النظام المستبد، ولا يجب أن تقف أمام ارادة الشعب السورى، وبالتالى يمكن القول بأن الأزمة جددت من حالة التنافس التاريخى التى كانت سائدة بين البلدين.[43]
إلا أنه يجب الإشارة هنا إلى، أنه بالرغم من ذلك التوتر على مستوى العلاقات الساسية بين البلدين، إلا أن كلتا البلدين تحاول ألا يتحول ذلك التوتر إلى نزاع مباشر، وذلك باعتبار وجود علاقات أكثر أهمية على المستوى الأمنى، والتجارى، والإقتصادى، ففى اجتماع فى اكتوبر 2012 فى اذربيجان، أكدت ايران على ضرورة البحث عن حلول ووجهات نظر مشتركة بين البلدين بشأن الأزمة السورية، حتى لا يتم الإضرار بالعلاقات فيما بينهما، كما طلبت طهران من أنقرة أن تتوسط فى مفاوضات بين المعارضين المعتدلين فى سوريا من جهة، ونظام الأسد من جهة أخرى، كم طلبت أنقرة من ايران أن تتواجد فى فريقين من التفاوض الدولى، وهو ايران وتركيا ومصر من ناحية، وايران وتركيا وروسيا من جهة أخرى، وكان ذلك الطلب لتعلن تعاونها مع ايران لإيجاد وجهات نظر مشتركة حو الأزمة. [44]
وبالتالى يمكن القول بأن: ذلك التعارض بينهم كان حتى عام 2013، وهو العام الذى تولى فيه “حسن روحانى” الإمامة فى ايران، فمنذ أن تولى ذلك الإمام الحكم أصبح هناك اتجاه سائد فى السياسة الخارجية الإيرانية، وهو جعل ايران أكثر انفتاحاً على دول الجوار، كما أنها انفتحت بشكل كبير عما سبق مع الغرب، وذلك منذ أن تم التوقيع على الإتفاق النووى الإيرانى مع القوى الكبرى، ومن هنا عادت العلاقات التركية-الإيرانية إلى مسار التقارب من جديد، واعطت إيران لتركيا فرصة لإقامة علاقات جديدة معها، والعمل على تقليل التوتر الحادث بينهما نتيجة للأزمة السورية، وهنا وافقت بالطبع تركيا، حيث أنها رأت عدم جدوى من السياسات التى تتبناها تجاه الأزمة، مما جعلها تندفع لإقامة علاقات تعاونية جديدة مع ايران.
ولذلك يمكن القول بأن ذلك التقارب فى العلاقات راجع إلى عدة اعتبارات:
أولاً: تحسن وضع ايران الدولى على مستوى المجتمع الدولى.
ثانياً: تخلى تركيا عن موقفها تجاه الأزمة السورية، نتيجة لتراجع وجهة نظرها فى اسقاط النظام السورى، واجماع معظم المجتمع الدولة على ادخال الإصلاحات على النظام القائم.
ثالثاً: توسع النزاع الطائفى فى سوريا، وامتداده إلى حدود ايران وتركيا، حيث أنه يوجد شبه توترات داخلية فى تركيا ناتج عن الإنقسام السنى- العلوى، وكذلك هناك توتر فى ايران بإحتمالية ظهور حكم ذاتى إلى الأكراد السوريين فى الشمال بقيادة حزب العمال الكردستانى، مما يستوجب إلتقاء البلدين ومحاولة تقريب وجهات النظر حتى يتم مواجهة ذلك الخطر بشكل سليم.
كل ذلك جعل تركيا فى عام 2013 تسعى للتقليل من حالة التوتر التى كان سائدة فى علاقاتها مع ايران خلال السنوات الماضية نتيجة إلى الأزمة السورية؛ حيث سعت لإقامة علاقات جديدة مع ايران، وقام وزير الخارجية التركى بزيارة إلى طهران فى نفس العام.
وفى عام 2014، زار وزير الخارجية الإيران ” محمد جواد ظريف” تركيا، وكان الهدف من تلك الزيارة هو بدأ حقبة العلاقات الجديدة بشكل فعلى، والعمل على تدشين علاقات اقتصادية وسياسية جديدة، وفى يونيو من نفس العام قام الرئيس الإيرانى بزيارة تركيا بشكل مفاجئ، وقد احدثت تلك الزيارة ضجة اعلامية دولية كبيرة؛ حيث كانت تلك الزيارة أول زيارة رسمية لرئيس ايران منذ 18 عام، وقد كان ذلك اثبات للعالم كله بأن العلاقات التركية _الإيرانية فى تقارب مستمر. [45]
إلا أنه بالرغم من ذلك التقارب الكبير بين تركيا وايران، تراجعت العلاقات مرة اخرى وعادت إلى التوتر مرة أخرى، نتيجة تدخل أطراف دولية كبرى فى دائرة حل الأزمة، مثل: روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وللكل اهداف ومصالح معينة فى تلك الأزمة، وقد أدى ذلك التدخل إلى التوتر فى العلاقات بين تركيا وايران، ففى تلك الحقبة ارتفع مستوى التقارب الروسى-التركى حول الأزمة السورية، وتوصلوا إلى قرار اعلان وقف اطلاق النار، وكان قد وصل التوتر فى العلاقات التركية- الإيرانية فى ذلك الوقت إلى مستوى لم يعد هناك امكان فى احتوائه أو تحييده، ولكن على الرغم من ذلك فإن كلتا البلدين تحاول دائما عدم تحويل ذلك التوتر إلى صراع مفتوح أو نزاع مباشر بينهما، بسبب العلاقات الأخرى التى بينهما.[46]
وبعد ذلك التوتر الحاد الموجود فى العلاقات ما بين البلدين، اتجه التطور مرة أخرى نحو التطور الإيجابى، وكان ذلك نتيجة لحدوث حدث تاريخى، أو مفصل تاريخى مهم، وهو توقيع اتفاقية بشأن الرنامج النووى الإيرانى.
البرنامج النووى الإيرانى 2015:
وبشأن توقيع إتفاقية البرنامج النووى الإيرانى: قامت القوى الستة التى تتمثل فى: (الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن + ألمانيا) من جهة، وإيران من جهة أخرى، بتوقيع اتفاقية مع إيران بشأن البرمامج النووى الإيرانى، الذى فيه تم الإتفاق على قيام إيران بتقليص نشاطها النووى فى مقابل رفع العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولى ، وبموجب ذلك سيتم قطع أى سبيل أمام إيران للحصول على أسلحة نووية، وقد أعرب الرئيس الإيرانى على ذلك الإتفاق، بقوله أن ذلك الإتفاق سيفتح فصلاً ومرحلةً جديدة فى علاقات إيران والمجتمع الدولى[47].
أما بالنسبة عن موقف تركيا من ذلك الإتفاق، فقبل توقيع ذلك الإتفاق، كانت تركيا متخوفة من حدوث أى مشكلات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، التى من شأنها أن تعزل إيران تماماً عن العالم، حيث أنه إذا حدث ذلك، ستصاب المنطقة بعدم إستقرار، كما أنها لن تستطيع أن تحافظ على علاقتها مع إيران، والتى تكتسب أهمية كبرى بالنسبة لها، خاصة على مستوى العلاقات الإقتصادية، ومن هنا قررت تركيا أن تقوم بدور الوساطة بينهما، حتى يتم التوصل بحل سلمى وسياسى بشأن ذلك الخصوص.
وفى تشرين الثانى من عام 2013، بدأت المحادثات بين إيران والمجتمع الغربى فى جينيف، وبالفعل كانت تركيا هى الوسيط بينهما ، وفى تلك المحادثات عبر المسؤولون الإيرانييون والتركيون عن إرتياحهم بشأن الإقدام على تلك الخطوة، فضلاً عن تعبير الإيرانيون عن شكرهم للأتراك على جهودهم المبذولة فى هذا الشأن.
وفى 14 تموز 2015م، توصل الإيرانيون مع الدول الغربية إلى نتيجة توقيع الإتفاقية بشأن المشروع النووى الإيرانى فى فيينا.
وبالتالى كانت تركيا مرحبة بتلك الخطوة، وبعد توقيع الإتفاقية، كانت النخبة السياسية التركية منقسمة إلى قسمين، أحدهما معارض لتلك الخطوة، والأخر مؤيد، فالمعارضون يروا أن إيران بعد تلك الخطوة ستفرض سيطرتها ويدها على القضايا الموجودة بالمنطقة بشكل واسع، بالإضافة إلى إحتمالية حدوث الإتفاقيات بينها ووبين الولايات الممتحدة الأمريكية، والتى بدورها ستأتى على المصالح التركية بالمنطقة.
وهناك المؤيدين، الذين يروا أن تلك الخطوة ستأتى فى صالح تركيا؛ بحيث سترفع من مستوى التفاهم بين الطرفين للإتفاق بشأن القضايا المختلفة، كما أنها سترفع من مستوى التقارب الإقتصادى، إذ أنه بعد رفع العقوبات الإقتصادية من على إيران، سيرتفع حجم التبادل التجارى بينهما، وكل ذلك من الممكن أن يساهم فى رفع مستوى التعاون فى المجال الأمنى [48]
وقد ساد رأى المؤيدين فى النهاية، ورحبت تركيا بتلك الخطوة
إلا أنه على أرض الواقع، بعد الإتفاق النووى ساءت العلاقات بين البلدين، نتيجة تخوف تركيا من أن تستخدم إيران قوتها السياسية والإقتصادية فى المنطقة بشكل
يكون على حساب المصالح التركية، وبالفعل بعد رفع العقوبات من على إيران، أصبحت إيران شريكاً أساسياً فى حل المشكلات الإقليمية، كما أنه تم إعادة أرصدتهاالمجمدة، والتى تقدر بمليارات الدولارات، هذا بالإضافة إلى عدم تبنى إيران لسياسة التنسيق مع تركيا بشأن القضايا الموجودة بالمنطقة
وهذا جعل حالة المنافسة فيما بينهما فى تزايد، ومن ثم ازدياد تدهور العلاقات، وإتهمت تركيا إيران بأنها مصدر للإنقسامات التى حدثت فى المنطقة فى تلك الفترة، وهو ما سيتم الإشارة إليه لاحقاً. [49]
وعلى مستوى التطورات فى الأزمة السورية التى أثرت على العلاقات بين الإثنين، أنه فى عام 2015 حدث تحولات فى صفوف المعارضة ؛ حيث حدث إنشقاق فى صفوفها، وبدأت تظهر الطوائف السورية المختلفة كأطراف فى الأزمة وبشكل قوى، وكان ذلك الإنشقاق ناتج عن تدخل روسيا فى الأزمة، فمع تدخل ذلك الطرف تحولت الثورة والمظاهرات السورية إلى حرب أهلية سورية، وبشكل قوى وحاد، فظهر لنا اتحاد السلفية الجهادية، والذى لم يكن يطبق ايديولوجية السلفية الجهادية، وإنما كان عبارة عن ستار يحقق فيه الإتحاد أهدافه من جمع أموال من قبل دول الخليج العربى، وكذلك اتحدت جبهة النصرة مع تنظيم القاعدة “داعش”، وكان ذلك بجانب العلويين الشيعيين، والذين كانوا مدعومين من قبل إيران، وفصائل الجيش الحر التابعة للنظام السورى، وبذلك فقد كان المشهد السورى مُفعم بالإنقسامات الطائفية، والتى يتم تدعيمها من قبل أطراف خارجية تتمثل فى إيران، تركيا، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربى[50].
وقد كان لذلك كله أثر على العلاقات السياسية التركية الإيرانية، حيث أنه :فى تلك الفترة ونتيجة للأحداث التى تشهدها سوريا من إنقسام شعبها إلى عدة طوائف، بدأ كل من تركيا وإيران أن يلقوا الإتهامات لبعضهما البعض، فى أنهم السبب فى حدوث تلك الإنقسامات، وأخذت تأخذ المشادات الكلامية منعطفاً حاداً، ويزيد بمرور الوقت؛ بحيث إتهم كل منهما الأخر، بأنه يريد أن ينشأ مشروعه فى دول المنطقة، فمثلا تتهم إيران تركيا بأنها تريد أن توسع من ” التوجه العثمانى الجديد”، كم تتهم تركيا إيران بأنها تريد أن تنشأ ما يسمى بـ ” الهلال الشيعى”.[51]
كما إتهمت تركيا إيران، بأنه نتيجة للسياسات التى تتخذها داخل المنطقة، فقد حدث حالة من عدم الإستقرار السياسى بتلك المنطقة، فضلاً عن إتهامها بأنه نتيجة لتلك السياسات، وقيام إيران بإستغلال نفوذها فى الشرق الأوسط، أصبحت إيران صاحبة اليد العليا فى صعود الجماعات المتطرفة بالمنطقة، مما يزيد من توتر المشهد[52].
كما قام الرئيس اردوغان فى نفس العام بإتهام إيران، بأن محاربتها لداعش بالعراق ليس إلا بهدف أن تحل محلاً اقليمياً كبيراً فى المنطقة، والهيمنة عليها، فتقول تركيا أنها تحاول أن تعمق التوترات الطائفية بالمنطقة؛ بحيث أنها تساعد المليشيات الشيعية حتى يحافظوا على مقالدهم بالسلطة فى مواجهة الأغلبية السنية فى سوريا.
ولكن فى 2 ابريل 2015، قام الرئيس الإيرانى حسن روحانى بزيارة إلى تركيا، وكان هدف تلك الزيارة هو: زيادة وتعميق التعاون بين البلدين، وبناءً على ذلك الهدف، تم توقيع ثمانى مذكرات تفاهم بين البلدين
وفى نوفمبر 2015، حدثت تغيرات إيجابية فى العلاقات التركة الروسية، بحيث جعلت روسيا تركيا تتبنى مواقف أكثر مرونة تجاه نظام الأسد بسوريا، حتى لا تشجع تقدم الأكراد فى شمال سوريا، وقد أدى ذلك التطور الإيجابى، إلى حدوث تطور ايجابى فى العلاقات التركية الإيرانية؛ إذ رأت إيران أن ذلك سيمثل طرفاً إيجابياً فى حل الأزمة السورية.
وبالتالى كان هناك تفاؤل متزايد حول حول تحسين العلاقات التركية الإيرانية.
وبالتالى فإنه يمكن القول، أن العلاقات التركية الإيرانية تتسم بالطبيعة التعاونية-التنافسية فى نفس الوقت، وتلك الطبيعة هى نتيجة منطقية لطبيعة المصالح الخاصة بكل منهما، فهناك بعض المصالح المتوافقة مع بعضها البعض، كالتعامل مع الأزمة الكردية، والتعاون الإقتصادى وغيره، وهناك المصالح المتنافسة مع بعضها البعض، وقد كانت الأزمة السورية ضمن تلك المصالح التى أدت إلى زيادة التوتر فى العلاقات، نتيجة إلى المصالح المتعارضة بها، والتى تم ايضاحها بالأعلى، ولكن يحاول الطرفان طوال الوقت أن يقللوا من تلك المناطق التنافسية بينهما، وتقريب وجهات النظر حتى يحافظوا على علاقتهما ببعضهم البعض.
فهناك أسس وسياسات معينة تسير عليها العلاقات بين البلدين، فلا يوجد مسار يؤثر بالشكل الكبير على المسار الأخر
المبحث الثانى/ أثر الأزمة السورية على العلاقات الإقتصادية بين البلدين:
على عكس العلاقات السياسية التى كانت مصابة بالتوتر الحاد نتيجة لتأثرها بالأزمة السورية، كانت العلاقات الإقتصادية فى تطور متزايد فى عام 2011؛ حيث وصل حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى مستوى لم يكن من مسبوق من قبل، فكان متجاوز 16 مليار دولار .[53]
وكان هناك لقاءات بين وزير الخارجية التركى السابق ” احمد داوود أوغلوا” مع نظيره الإيرانى “على أكبر صالحى”، تهدف إلى زيادة حجم التبادل التجارى بين الدولتان من 15 مليار دولار إلى 30 مليار دولار.[54]
وفى عام 2012، شهدت العلاقات الإقتصادية تطورات أكبر مما قبلها، بل وأصبح العام الأكثر بروزاً وأهمية فى العلاقات الثنائية بين البلدين؛ إذ وصل حجم التبادل التجارى فى ذلك العام إلى 21 مليار دولار، وهذا أقصى تبادل تجارى تم بين البلدين،[55] وقد كانت تلك الزيادة الكبيرة ناتجة عن مخطط يسمى ” الغاز مقابل الذهب”، أو ” النفط مقابل الذهب”، فمن هنا زاد تصدير الذهب من تركيا لإيران زيادة كبيرة، حيث كان حجم تلك الزيادة حوالى ستة مليارات فى أول سبعة أشهر من عام 2012م، وبالتالى شكل هذا المخطط حوالى 75% من حجم الصادرات التركية لإيران فى ذلك العام.
ولكن فى عام 2013 إنخفض التبادل التجارى بينهم حتى وصل إلى 16مليار دولار مرة أخرى، وكان السبب فى ذلك هو إكتشاف أوباما رئيس الولايات المتحدة لهذه الثغرة، والتى من خلالها إستطاع كلتا الدولتان تخطى أزمة العقوبات الإقتصادية التى كانت مفروضة على إيران من جانب الولايات المتحدة الأمريكة، ومن هنا قام الرئيس أوباما بسد تلك الثغرة، والتى أدت إلى إنخفاض فى حجم التبادل التجارى للدولتان فى ذلك العام.[56]
وبالتالى فمن الجدير بالذكر هنا، أن ذلك الإنخفاض لم يكن نتيجة لسوء العلاقات بين الدولتين، وانما كانت نتيجة للقيود المفروضة على ايران من قبل مجلس الأمن، والتى بالرغم منها حاولت تركيا أن تحل تلك الأزمة من خلال التقايض بالذهب بدلاً من الدولار للخروج من تلك الأزمة، ولكن حينما أكتشفت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك، فإنها لم تسكت عنه، واصدرت قرار بمنع بيع الذهب والمعادن النفطية الأخرى إلى الجمهورية الإسلامية، مما وتر من العلاقات بين تركيا والعالم الغربى، ولكن بالرغم من ذلك حاولت تركيا بشتى الطرق أن تحافظ على علاقاتها معها، وأن تساندها فى أزمتها، وكان ذلك من خلال جعل سوق انقرة مفتوح للغاز الإيرانى وبالتالى فهنا يمكن أن نقول أن هناك تأزم فى العلاقات بين الدولتين، ولكنه لازال هناك تقارب بينهم. [57]
وإذا نظرنا من جانب أخر سنجد وجود تنافس بين تركيا وايران فى المجال الإقتصادى ناتج عن الأزمة السورية، حيث ترى تركيا أن ايران لا تنظر إلى عدد القتلى السوريين الناتج عن الحرب مع النظام، ولا تنظر إلا لمصلحتها الشخصية وكيفية الحفاظ النظام القائم فى سوريا عليها، ولذلك فإن تركيا ترى أن كلمة “الإسلامية” التى تطلق على ايران لا تمسها بأى شئ
وكذلك صرح وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركى، أن إيران لا تلتزم بالإتفاقية المنشأة بين الدولتان بشأن تخفيض سعر الغاز الإيرانى لها، وترفض إيران ذلك، مما سيؤدى بإحتمالية كبيرة إحالة تركيا لإيران إلى محكمة تحكيم دولية، وأنه سيصبح هناك خطوات مستقبلية للتقليل من الإعتماد على الغاز الطبيعى الإيرانى[58]
كذلك فى عام 2014 انخفض حجم التبادل التجارى أكثر، حيث وصل إلى 9.7 مليار دولار، وكان ذلك الإنخفاض نتيجة للعقوبات الأمريكية المفروضة على ايران وليس تأثير الأزمة السورية.[59]
وفى عام 2014 أيضاً زار الرئيس اردوغان طهران حتى يضع التفصيلات النهائية فى اتفاقية تجارية مع ايران، وهنا أشار الرئيس أردوغان لأهمية العلاقات الإقتصادية بين الدولتين، وعلى ضرورة استمرارها رغم التوترات الحادثة على مستوى العلاقات السياسية بينهما، وهنا وصف الرئيس أردوغان ايران بأنها “وطنه الثانى”، وهذه دلالة قوية على شدة أهمية وترابط العلاقات فيما بينهما. [60]
وفى الزيارة الخاصة بالرئيس الإيرانى حسن روحانى ، والتى تمت الإشارة إليها قبل فى ابريل 2014، تم فيها التحدث أيضاً على ضرورة توسيع العلاقات الثنائية بين البلدين، بحيث أشار إلى الإمكانيات المتاحة لدى البلدين، والتى بدورها تمكنهم من اقامة علاقات إقتصادية وتجارية أوسع.
وفى عام 2015، إرتفع حجم التبادل التجارى مرة أخرى ، إلا أن تلك الزيادة لم تكن زيادة كبيرة؛ إذ أنه وصل إلى 10 مليار دولار، أى كان مقدار الزيادة حوالى 0.3 مليار دولار، ولكن فإنها أولاً وأخراً تسمى زيادة، وقد كانت تلك الزيادة ناتجة عن توقيع الإتفاق النووى مع إيران، ومن ثم التعافى التدريجى من العقوبات الإقتصادية المفروضة على إيران، فبناءً على ذلك بدأ التبادل التجارى بين البلدين يتعافى، ويأخذ مسار الزيادة مرة أخرى؛ إذ أصبح يوجد سهولة فى عملية الغاز الإيرانى إلى الأسواق الأوروبية عبر تركيا، وهذا بالطبع زاد من العلاقات الإقتصادية بين البلدين. [61]
وبناءً على ذلك التقارب، قام الرئيس التركى بزيارة إلى إيران، وهناك تم التأكيد على بعض النقاط الأساسية، والتى تتمثل فى:
- العمل على التعاون على مستوى المجالات المصرفية، مما سيساهم فى زيادة مستوى التقارب فى العلاقات الإقتصادية بين البلدين
- العمل على إنشاء مركزاً تجارياً فى طهران (عاصمة إيران)، ويعتبر ذلك العمل من أهم الأعمال التى تمثل خطوة كبيرة بالنسبة لتركيا، وتم افتتحاه من قبل وزير الإقتصاد التركى “نهاد زيبكجى”، وهنا ألقى كلمته، قائلاً: “إيران وتركيا ليستا متنافستين بل يكمل بعضهما الأخر”
وبالتالى فإن كلا البلدان يحتفظوا بعلاقات متطورة على مستوى المجال الإقتصادى، ويأملوا أن يصب ذلك التقدم فى تعاونهم على مستوى المجال السياسى، والعسكرى،
وكذلك فى قطاع النفط والغاز اللذان يمثلان عوامل مهمة فى مستوى حجم التبادل التجارى الخاص بكلا البلدين، وجميع المجالات المشتركة بينهما.[62]
حجم الصادرات الخاصة بكل دولة للأخرى:
وهنا فإننا سنقوم بالإشارة إلى حجم الصادرات الخاصة بكل دولة للأخرى، فحينما نتحدث عن حجم الصادرات الإيرانية إلى تركيا، فإننا سنجد أن حجم الصادرات الإيرانية إلى تركيا بلغت فى عام 2011: (12 مليار دولار)، وكذلك كان نفس حجم الصادرات فى عام 2012، ولكن ظل حجم الصادرات الإيرانية إلى تركيا يتزايد حتى بلغ 31 مليار دولار فى عام 2013، وبعد ذلك التاريخ انحدر ثانيةً إلى الإنخفاض منذ عام 2014م.
أما عن حجم الصارات التركية لإيران، فقد بلغ حكم تلك الصادرات ما يقارب حوالى 22 مليار دولار فى عام 2012، ثم تراجعت بشكل حاد بعد ذلك، ففى خلال عامى 2014-2015 تراجع حجم الصادرات التركية إلى إيران ما يقرب حوالى 4 مليارات دولار.[63]
المبحث الثالث/ أثر الأزمة السورية على العلاقات الأمنية بين البلدين:
واذا نظرنا للعلاقات الأمنية وتأثرها بالأزمة السورية، سنجد أن كلتا البلدان تستطيع أن تحدد موقفها من جانب القضايا الأمنية المختلفة التى تجمعها.
فمن وجهة النظر التركية، فهى ترى أنها يجب عليها أن تحافظ على علاقتها الأمنية مع ايران، حتى لا تشعر أنها وحدها فى مواجهة الأزمات المختلفة، خاصةً بعد سوء علاقاتها مع حلف الناتو، والذى لم تعد تستطيع أن تعتمد عليه للحصول على الدعم، وكذلك إيران تتعاون مع تركيا بهدف حفظ أمنها الداخلى، وبالتالى فإنه يمكن القول بأن المصالح هى التى تحكم العلاقات بين الدولتان، فضلاً عن أن مواقف الدول تجاه بعضهما البعض يختلف بإختلاف القضايا، فمثلاً:
اذا تحدثنا عن قضية الإرهاب: سنجد أنه يوجد اتفاق بين الدولتين 2011 يهدف إلى تعزيز التعاون بينهم فى المجال الأمنى لمحاربة الجماعات الإرهابية التى يتم دعمها من قبل شمال العراق، وهذا يعنى وجود تعاون ومصالح مشتركة بين الدولتان، وبالتالى الإشتراك فى وجهة النظر
ولكن اذا تحدثنا عن القضية السورية، فهناك – كما ذكرنا اعلاه- توتر فى العلاقات من ذلك الجانب نتيجة تضارب المصالح، فقد كانت إيران منذ اللحظة الأولى تقد الإمدادات العسكرية اللازمة، مثل أنها قامت بإرسال متطوعين إيرانيين للدفاع فى سوريا والإنخراط فى الأعمال العسكرية ضد قوى المعارضة، فضلاً عن القيام بإرسال مليشيات شيعية مجمعة من العراق وافغانستان، للدخول أيضاً فى أعمال العنف المسلحة، مثل: “كتائب أبو الفضل العباس”، كما قامت بإرسال عناصر النظام السورى، مثل: “عصائب أهل الحق”، “لواء الإسلام”، “فيلق بدر” العراقى، فضلاً عن تقديم التدريبات العسكرية اللازمة للعناصر السورية التابعة للنظام، وقد تم إتهام إيران[64] بتوغلها الكبير فى سوريا، ووجودها بشكل مبالغ فيه، إلا أن إيران نفت كل تلك الإتهامات.
وبناء على ذلك سمحت تركيا لحلف الناتو بنشر قوات الدرع الصاروخى على الحدود مع سوريا، كما أنه فى 2 سبتمبر 2011 قامت تركيا بإعلان موافقتها على نشر رادار إنذار مبكر فى شرق الأناضول، والذى على بعد 435 ميلاً من حدود إيران من جهة الغرب، وذلك كجزء من درع الناتو الصاروخى، وهنا أرسل اللواء رحيم صفوى مستشار المرشد الإيرانى للشؤون العسكرية رسائل تحذيرية لتركيا حول سلوكها الخاطئ هذا، والذى يساهم فى توتر العلاقات بين البلدين .
وقد توترت العلاقات أكثر بينهما حينما قامت ايران بالقبض على احد قادة حزب العمال الكردستانى، وحينما رفضت القوات الإيرانية التعاون مع تركيا للقيام بعملية هجومية مشتركة على حزب العمال الكردستانى فى جبال قنديل، وقد أدى ذلك كله إلى اتهام تركيا لإيران بتعاونها مع حزب العمال الكردستانى[65].
وفى عام 2012، أصبح التهديد بشكل واضح ورسمى، وذلك نتيجة استيائها من القوات المقدمة من حلف الناتو المنتشرة على الحدود التركية السورية، حيث اتهموا حزب العدالة والتنمية، أن تلك الخطوة هدفها خدمة المصالح الغربية لتهديد أمن ايران بشكل مباشر، وإذا تم استخدامها بالفعل وتم تعرضها لهجوم أمريكى إسرائيلى، فإن إيران ستقوم بضرب درع الناتو الصاروخى النوجود فى تركيا، وذلك حينما أرسل الرئيس الإيرانى رسالة تحذيرية إلى رئيس الوزراء “رجب اردوغان”، قائلاً: “إن استعمال قواعد عسكرية تركية للهجوم على سوريا يعرضها لقصف صاروخى إيرانى، ولكن رد داوود أوغلوا على تلك الرسائل التحزيرية، وطمأن نظره الإيرانى: بأن تركيا لن تستخدم أبداً تلك الصواريخ أو القوات المنتشرة على أراضيها ضد أى من جيرانها، لاسيما ايران الشقيقة.[66]
كذلك فى نفس العام انتقدت تركيا صمت إيران عن العنف الذى يواجهه المتظاهرون السوريين من قبل الحكام.
هذا فضلاً عن مخاوف إيران الناتجة عن التحالف الذى بين تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية، المؤيد للمعارضة السورية، وبالرغم من ذلك تراجعت تلك المخاوف نتيجة إلى ظهور الخلافات بين الثلات، والذى نتيجة إلى الإختلافات المالية التى يتم إرساالها للمعارضة السورية، وبالتالى لا يمكن الإعتراف بأن ذلك التحالف “تحالف جاد”.[67]
ولكن فى 2013 عرَّضت السياسات التركية التى تم اتخاذها من قبلها ضد بشار الأسد ودعمهم للمعارضة إلى تهديد أمنى فعلى لأنقرة، حيث قادت الجماعات الإسلامية المتطرفة حرباً مع المتمردين المعتدلين والمليشيات الكردية، والتى كانت قريبة بشكل كبير مع الحدود التركية، ودخلت تلك الحرب الحدود التركية بالفعل؛ اذ ترك المصابين الأتراك أماكنهم القريبة من تلك الحرب، هذا بالإضافة إلى فيضان اللاجئين الذى ذهب إلى تركيا من سوريا، مما أدى ذلك إلى جعل تركيا تخاف، وتدرك أن دعمها للمعارضين السوريين أدى إلى المساس بأمنها القومى وتعريضه للخطر، ويجب عليها أن تقوى علاقتها بدول الجوار، لاسيما مع إيران.[68]
ولكن إذا نظرنا على جانب أخر، سنجد أن هناك عاملاً أخر أثر أكثر على العلاقات التركية الإيرانية وهو: التنافس التركى الإيرانى على العراق؛ إذ قامت تركيا بتحسين علاقاتها مع كردستان العراق فى مجال الطاقة والتجارة، وهذا أثر بالسلب على العلاقات بينها وبين ايران؛ حيث حينما تدعم تركيا كردستان العراق، فمعنى ذلك أنه سيبقوا لإقامة حكم ذاتى مستقل عن بغداد (عاصمة العراق)، وايران ترتبط بشكل أساسى مع حكومة بغداد، نظراً لأنها المعبر الذى من خلاله تستطيع إيران أن تتواصل مع سوريا وترسل إليها الأسلحة، فمعنى ذلك أن توسع تركيا فى العلاقات مع كردستان العراق يعنى إضعاف نفوذ إيران فى العراق وكذلك سوريا، وهذا بالطبع أثر سلباً على العلاقات ما بين تركيا وإيران بالشكل السلبى.[69]
إلا أنه كان هناك تعاون بين البلدان على المستوى العسكرى؛ اذ يوجد تبادل زيارات بينهما، مثل الزيارة التى قام بها رئيس أركان الجيش الإيرانى، وأكدوا فيها على ضرورة التعاون بين البلدين فى المجال العسكرى، فقد قال رئيس أركان التركى” بالإضافة إلى التعاون فى المجال السياسى والإقتصادى بين تركيا وايران، نحاول توسيع التعاون العسكرى واتفقنا بشكل خاص لمكافحة الإرهاب بين الدولتين”، وقد أكد على كلامه رئيس أركان الجيش الإيرانى ” محمد باقرى”، حيث أنه أكد على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدان وتبادل وجهات النظر حول القضايا الأمنية المشتركة بينهما.[70]
وفى عام 2015، نتيجة لظهور حركة داعش ” الدولة الإسلامية فى العراق سوريا”، أصبح الأمن فى تركيا فى حالة من الإنعدام، وكان ذلك نتيجة تسهيل النظام دخول المتطرفين عبر الحدود إلى سوريا، وبالتالى فإن تركيا هى الدولة الوحيدة فى الناتو، والتى تشترك فى نفس الوقت فى حدود مع داعش، وقد أدى ذلك التساهل الذى حدث من جانب تركيا إلى تنشيط الحركات الكردية من جديد؛ حيث أنه فى ذلك العام تمت مفاوضات بين تركيا وحزب العمال الكردستانى، ولكن باءت هذه المحاولات بالفشل، وعليها دخل الطرفان فى صراع وصل إلى حدود دموية، وشمل أجزاء كبيرة من جنوب شرق تركيا، وكذلك شهدت إيران فى نفس الفترة، مجموعة من أعمال الشغب الحادثة من جانب حركات حرب العصابات الكردية
ومن المعروف أن تركيا وإيران يستحوزان على أكبر نصيب من الأكراد الذين ينادون بالإنفصال، ومن هنا كان تعاون وتقارب البلدان (تركيا وإيران) أمر ضرورى[71].
وكذلك من أحد العوامل التى أدت إلى التقارب بين إيران وتركيا فى ذلك العام، كان توقع إيران أنه مع اسقاط نظام الأسد، سيصيح حزب الإتحاد السورى الديمقراطى هو المسيطر على مصير حل الأزمة السورية،[72] وبإعتبار أن ذلك الحزب تربطه علاقات وثيقة مع حزب العمال الكردى فى تركيا، ومع حزب الحياة الحرة الكردستانى، وقد كانت كلٌ من إيران وتركيا خائفين من حدوث ذلك السيناريو ، ولذلك فإنهم وسيحاولوا أن يتحدوا مع بعضهم البعض لمواجهة تلك الأزمة. [73]
وبالفعل، مع تطور الأزمة السورية إلى حرب طائفية وعرقية، وتوطيد الأراضى من قبل داعش، وجبهة النصرة، ومع تراجع وضعف سيطرة الأسد، استطاعت حركة كردية صاعدة أن تسيطر على اراضى سورية فى شمال سوريا تحت حكم “حزب الإتحاد الديمقراطى الكردى”، والتى تتشارك فيها مع تركيا، وكان هدفها من تلك السيطرة هو، الدفاع عن المجتمع الكردى الموجود هناك، وقد اتجهت تلك الحركة لمحاربة داعش، وبالفعل استطاعت أن تأخذ الشرعية الدولية، فضلاً عن الحكم الذاتى، وبذلك أصبح الأكراد أحد الفاعلين الرئيسيين فى الصراع فى سوريا ،وظهور تلك الحركة أدى إلى اثارة القلق والمخاوف لدى كلاً من تركيا وإيران؛ إذ ترى تركيا أن ذلك الحزب هو الفرع السورى لحزب العمال الكردستانى الموجود بها.[74] ولذلك فلا يوجد علاقات ودية بينهم -بين تركيا وحزب الإتحاد الديمقراطى الكرد-، وكذلك تخشى إيران من ذلك الحزب، وهذه المشكلة الجيوسياسية هذه جعلت التقارب بين إيران وتركيا يتزايد، من أجل منع حدوث أى شكل من أشكال إنفصال كردى عنهما، ومحاولة تكوين دولة كردية مستقلة[75]
ملخص (رأى الباحث):
اذن وفى نهاية ذلك الفصل، فنحن نرى أن الأزمة السورية أثرت بشكل أساسى على المستوى السياسى بدرجة كبيرة، وكذلك أثرت على العلاقات الأمنية بينهما، لاسيما فى عام 2015 حينما صعدت قضية الأكراد بقوة على الساحة الأمنية بينهما، إلا أن الأزمة السورية لم يكن لها تأثير واضح على العلاقات الإقتصادية، وكان كل ذلك نتيجة إلى قدرة صانعى القرار فى كلتا الدولتين أن يقوموا بصناعة سياسة رشيدة، يكون فيها فصل على مستويات المجالات المختلفة.
وقد أدلينا بذلك، حينما رأينا أنه فى عام 2012، كان هناك تدهور حاد فى العلاقات السياسية بين البلدين، ولكن حينما نظرنا على العلاقات الإقتصادية فى نفس العام وجدنا أنه كان العام الأبرز والأهم فى تاريخ العلاقات الإقتصادية بينهما.
وحينما نظرنا إلى عام 2013، رأينا وجود تحسن فى العلاقات السياسية بينهما، ولكن انخفاض فى حجم التبادل التجارى بينهما،وهذا خير دليل على قدرة الدولتان على الفصل فى علاقتاهما على المستويات المختلفة.
ثانياً/ يعتبر العامل الإقتصادى هو العامل الأهم فى العلاقات التركية- الإيرانية، فما يجعل الدولتان لا تريد أن تتواجه سياسياً بشكل مباشر هو العلاقات الأخرى، فنتيجة لإفتقار تركيا بأهم عامل فى التصنيع وهو الطاقة، يجعلها دائماً تحافظ على علاقاتها مع ايران، والتى تمثل أكبر انتاج غاز طبيعى فى المنطقة، وتعتمد عليه تركيا بحوالى 90% من حاجاتها للطاقة، كذلك ايران تحاول الحفاظ على علاقاتها مع تركيا نظراً للعقوبات الإقتصادية المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولى، ومجلس الأمن، وأمريكا بالخصوص، فمن خلال تركيا تستطيع ايران أن تتواصل مع العالم الغربى، وكذلك هى المعبر الذى من خلاله تستطيع ايران الحصول على استيرادتها من الخارج.
وعليه فإننا نستطيع القول بأنه: برغم التوترات الجيو سياسية الحادثة بين الدولتين فى نفس الفترة، والتى تجعلنا نعتقد أنه سيحدث توتر على مستوى المجالات الأخرى بما فيها الإقتصادية، إلا أنه نتبجة إلى سياسة البلدان الرشيدة، فقد تم مخالفة كل التوقعات، وقامت بالفصل بين المجالات بعضها البعض.
وعموماً فقد إنتهت تلك الفترة بـ:
- تحسن على مستوى العلاقات السياسية.
- وعلى المستوى الإقتصادى، كان هناك ارتفاع فى حجم التبادل التجارى،حيث وصل إلى 10 مليار دولار، إلا أن ذلك الرقم لم يساوى حتى نصف حجم التباد التجارى بينهما فى عام 2012 حيث بلغ 21 مليار دولار.
- وجود تقارب بينهما على المستوى الأمنى فى عام 2015 للتعامل مع القضية الكردية، ولكن قبل ذلك العام، فقد كانت العلاقات الأمنية بينهما تتسم بالتنافسية الحادة.
الفصل الثالث : أثر الأزمة السورية على العلاقات التركية-الإيرانية خلال الفترة (2021:2016)
تمهيد:
فى الفصل السابق أوضحنا العلاقات السياسية والإقتصادية، والأمنية التى بين تركيا وإيران خلال الفترة من(2011-2015)، وفى تلك الفترة القادمة (2016-2021) فإننا سنستكمل الحديث عن تلك المباحث السابقة خلال الفترة الجديدة:
المبحث الأول/ أثر الأزمة السورية على العلاقات السياسية بين البلدين:
انتهى الحديث فى الفصل السابق بوجود علاقات تفاؤلية بين البلدين على المستوى السياسى، والناتج عن الدعم التركى لإيران، ومساندتها فى أزماتها، وفى ذلك المبحث، فإننا سنقوم بإستكمال تلك العلاقات، واستعراض ما حدث من تطورات على المنطقة بوجه عام، وعلى الأزمة السورية بوجه خاص، وأخيراً الحديث عن تأثيرها على العلاقات السياسية بين البلدين.
بناءً على ذلك التحسن الحادث فى عام 2015، زار الرئيس التركى إيران فى 4 مارس 2016، بهدف توحيد الجهود بينهما فى التعامل مع القضايا الإقليمية المختلفة، وقد أكد فى تلك الزيارة على أنه لا يجب ترك مصير القضايا الإقليمية المختلفة تحت يد أطراف خارجية، أى خارج المنطقة- بإعتبار تدخل روسيا فى حل الأزمة.[76]
ثم حدث بعد ذلك محاولة الإنقلاب الفاشل فى تركيا، والتى أدت إلى تطور إيجابى فى تحسين العلاقات بين البلدين، وفيما يلى سوف نرى ماذا حدث فى ذلك الإنقلاب.
محاولة الإنقلاب العسكرى التركى فى يوليو 2016: .
كان ذلك الإنقلاب بمثابة نقطة أساسية فى تحسين العلاقات التركية الإيرانية، حيث أنه حينما وقع ذلك الإنقلاب أثار قلق إيران، وكانت ايران أول الداعمين والمساندين[77] للرئيس رجب أردوغان، حيث كان ذلك الإنقلاب يمثل تهديداً كبيراً للدولة التركية، وإذا نجح سيكون مكسب كبير لصالح الأكراد التى تعيش بها، واحتمال كبير بأن تمتد نجاحاتها إلى الأكراد الموجودين فى الأراضى العراقية والإيرانية، ومن هنا أكد الإيرانيون دعمهم لحكومة اردوغان؛ إذ أدرك الرئيس الإيرانى “حسن روحانى”، وجهاز السياسة الخارجية لجواد ظريف، أن ذلك الإنقلاب إذا نجح، فإنه سيمثل تهديداً خطيراً ليس فقط على مستوى تركيا نفسها، وإنما سيمثل تهديداً أيضاً وسيحدث عدم إستقرار على مستوى الشرق الأوسط بأكمله، بل أنه سيولد مجموعة من العواقبالوخيمة، ومن هنا كانت إيران داعمة بشكل كبير إلى الحكومة التركية؛ فكانت إيران دائماً على اتصالات هاتفية مع تركيا لأكثر من أربع مرات فى اليوم، وذلك لمحاولة رفع الروح المعنوية لإيران، وعدم إستسلامها لهذا الإنقلاب، وقد كانت تلك الإتصالات لها تأثير نفسى كبير وعميق على أردوغان وصناع القرارات السياسية الأتراك، وقد كان ذلك يتناقض بكل كبير عن موقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ كانوا داعمين لتركيا فى وقت متأخر، ولم يكن ذلك الدعم مؤثر بالقدر الذى أثر به موقف إيران على تركيا، ومن هنا إزداد التقارب بين إيران وتركيا بشكل كبير.
وإذا نظرنا على الهدف الحقيقى لإيران وراء ذلك الدعم الذى تقدمه لتركيا، سنجد أن هدفها من ذلك كان: محاولة ايضاح الفرق بينها وبين الدول الغربية ودول الخليج الذين هم حلفاء موسميين ولا يتحالفوا معها إلا للمصالح، وأن ايران ستظل معاوناً لها فى أى شدة لها، فبالرغم من أى مشكلات بينهما، فستظل ايران هى الأكثر دعماً لحكومة اردوغان [78]
وبعد ذلك الإنقلاب حدثت مجموعة مهمة من الأحداث التى أدت إلى تحسين العلاقات بين تركيا وإيران على المدى القصير، وكان ذلك التطور يتمثل فى : أن تركيا أدركت بأن مصدر التهديد فى سوريا بالنسبة لها ليس نظام الأسد، وإنما هو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث قام ذلك التنظيم بمجموعة من الهجمات الإرهابية على تركيا، وقد أدت تلك الهجمات إلى مقتل العشرات من المواطنين التركيين، ومن هنا أصبح النظام نفسه مشكلة هامشية بالنسبة لتركيا.
وبعد تلك الهجمات، أعلنت تركيا فى عام 2016عن تدخلها العسكرى المباشر فى سوريا، وأطلقت على القوات المتدخلة إسم ” درع الفرات”، وكان هدف ذلك الدرع هو محاربة الدولة الإسلامية (داعش)، والعمل على حماية الشعب منها.[79]
وقد كان كل ذلك عوامل من تحسين العلاقات بين تركيا وإيران
ومن ضمن الأحداث التى حدثت فى عام 2016 وإمتدت أحداثها لعام 2017، هو أنه فى شهر ديسمبر 2016، أعلنت كل من روسيا وتركيا وإيران عن دخولهما فى محاثات مشتركة بشأن (مرحلة السلام السورية الجديدة)، وقد إختاروا من (أستانا موقعاً لتلك المحادثات)، وبالفعل تمت أول محادثتين فى ذلك الخصوص فى يومى 23 و24 من شهر يناير 2017، وقد إتفقت القوى الثلاث فى تلك المحادثات على إنشاء هيئة مراقبة ثلاثية لفرض وقف إطلاق النار فى سوريا.
ومن هنا بدأت تركيا تعلن عن تغيير توجهاتها فى سوريا، وجعل نظرتها أكثر مرونة تجاه بشار الأسد، وأعلنت تركيا عن أنها سوف تكون فى سياساتها المقبلة أكثر برجماتية، وكل هذه التغيرات أدت إلى زيادة التقارب بينها وبين إيران.
وفى شهر يناير من عام 2017، حدث أكثر من محادثة فى أستانا، إلا أنه لم يكن يوجد هناك نتائج ملموسة على أرض الواقع، وهذا يشير إلينا على وجود الخلافات المستمرة بين إيران وتركيا حول الملف السورى، وأنه على المستوى الرسمى فمجرد وجود محادثات مشتركة بينهما حول سوريا، فهو أمر فى غاية الأهمية.[80]
وبالتالى، بالرغم من كل ذلك التقارب فى العلاقات السياسية، ووجهات النظر المشتركة حول التعامل مع القضية السورية، إلا أننا لا نستطيع أن نغفل عن الصراع الأيديولوجى بينهم، والذى كان له تأثير كبير فى تراجع العلاقات بينهما؛ إذ أنه بالرغم من كل ذلك التقارب، فلابد أن نعلم أن الصراع الأساسى الموجود فى سوريا، هو بالأحرى صراع طائفى بين مجموعات السنة والشيعة، وكلا البلدان تحاول بقدر الإمكان أن تستفيد من الإضطرابات الموجودة بسوريا، ومن هنا تقاسمت المصالح مرة أخرى، وبالتالى فإنه يمكن القول بأنه فى عام 2017م، أثرت الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية بشكل سئ.[81]
وقد حدثت بعض المشادات الكلامية وإلقاء الإتهامات على بعضهم البعض مرة أخرى؛ إذ اتهمت تركيا إيران بأنها هى من تشعل الحروب الطائفية فى المنطقة، ولاسيما فى سوريا، ولكن ردت إيران على تلك الإتهامات بأسلوب دبلوماسى للغاية؛ إذ أنها أرسلت مذكرة إحتجاج عن تلك التصريحات، أرسلتها مع السفير التركى فى إيران، ولكن قامت تركيا فى اليوم التالى بالإستمرار فى تلك الإتهامات الموجهة لإيران، وهنا لم تسكت إيران عن ذلك الوضع، ورد عليهم مستشار المرشد الإيرانى، قائلاً: “إن تركيا تريد أن تصلى فى الجامع الأموى فى دمشق وإنها فشلت فى ذلك، وعليها سحب قواتها من العراق وسوريا شاءت أم أبت”[82]
وبعد عام 2018، أصبح هناك فتور فى العلاقات السياسية بين البلدين، وتصدر العامل الأمنى فى تلك الفترة العلاقات فيما بينهما، وهو ما سيتم الإشارة إليه فيم بعد
المبحث الثانى/ أثر الأزمة السورية على العلاقات الإقتصادية بين البلدين:
فى الفصل السابق إنتهينا إلى حدوث ارتفاع فى حجم التبادل التجارى بين البلدين، والذى بلغ حوالى 10 مليار دولار لعام 2015، وهنا فإننا سنستكمل الحديث ببداي عام 2016.
حجم التبادل التجارى:
فى عام 2016، إنخفض حجم التبادل التجارى مرة أخرى، حيث بلغ حوالى 8400 مليار دولار، وقد كان حجم الإنخفاض فى قيمة التبادل التجارى يمثل حوالى 215 مليون دولار و8 ألاف دولار، وحينما تم رفع حجم التبادل التجارى بين البلدين، فقد كانت الزيادة فى الميزان التجارى لصالح تركيا؛ إذ ارتفعت قيمة الصادرات التركية إلى إيران فى ذلك الحين بمقدار 500 مليون دولار و830 ألف دولار، وكانت تمثل مقدار57,2%، هذا كان مع حدوث إنخفاض فى قيمة إستيرادات تركيا من إيران فى نفس الشهر، وكانت نسبة ذلك الإنخفاض حوالى 14,3%؛ إذ أنها بلغت حوالى 366مليون دولار[83]
ولكن بالرغم من ذلك، فقد كان كلا الطرفان يسعيان لزيادة حجم التبادل التجارى بينهما، حتى يصل إلى 30 مليار دولار، وقد صرح وزير الجمارك التركى، بأن التبادل التجارى مع إيران قد زاد بعد رفع العقوبات المفروضة عليها بنسبة 30 %.[84]
ومن الأحداث الهامة التى حدثت فى ذلك العام هو قمة روسيا وإيران وتركيا، والتى كانت تهدف إلى إثبات أن: التوترات الموجودة على الصعيد السياسى بسبب وجهات النظر المختلفة حول القضايا الإقليمة، لا تمنع وجود تشارك بينهما على المستوى الإقتصادى .
وفى تلك القمة تم التصريح بحجم الناتج المحلى الخاص بالثلاث دول، وقد كان ويبلغ حوالى 2.5 تليريون دولار، ولروسيا النصيب الأكبر فى ذلك، ويبلغ الناتج المحلى لتركيا فى عام 2016 حوالى: 836 مليار دولار، كما يبلغ الناتج المحلى لإيران فى العام نفسه حوالى 418 مليار دولار،ومن بين البيانات الرسمية الخاصة بتركيا لعام 2016، نجد أن حجم التجارة الخاص بتركيا 9.5 مليار دولار، وفى عام 2017 ارتفع ليصل 10.6 مليار دولار، كما أنه إذا تحدثنا عن الميزان التجارى الخاص بتركيا نجد أنه حقق فائضاً يصل إلى 300 مليون دولار، فى مقابل أنه فى عام 2017 حقق عجزاً يصل إلى 4.2 مليار دولار.
وهذه الأرقام التى تم ذكرها، الغرض منها هو اعكاس مدى إستقرار العلاقات التجارية والإقتصادية بين البلدين، كما أنه فى ظل التوترات الحادثة فى العلاقات التركية مع الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تؤدى سياسة الحماية المتبناه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إلى نتائج سلبية على الأداء التجارى لتلك الدول، ولكن مع تعاونهم مع بعضهم البعض، فإنهم سيحاولوا أن يتخطوا تلك الأزمة.[85]
وفى عام 2017، إرتفع حجم التبادل التجارى مرة أخرى، ولكن أيضاً لم تكن الزيادة الكبيرة؛ إذ كان حجم التبادل التجارى بينهما يبلغ 9665 مليار دولار.
ولكن يعتبر زيادة حجم التبادل التجارى فى عام 2017 ليست زيادة كبيرة، ولكن هناك طموح مستمر لدى لكلا البلدان أن يرتفع حجم التبادل التجارى بينهما ليصل إلى حوالى 30 مليار دولار فى عام 2018، وقد تم طرح ذلك الحلم مرة أخرى من جانب الرئيس أردوغان فى أكتوبر 2017، حيث أن ذلك الحلم موجود منذ أن تم توقيع مذكرة التفاهم فى عام 2009. [86]
ومن ضمن الإجراءات التى تم إتخاذها لرفع حجم التجارة الثنائية بين البلدين، هو توقيع اتفاقية بين البنكين المركزين لكلا البلدين، والعمل على التداول بينهما بالعملاتالمحلية الخاصة بكل بلد منهما، ويعتبر ذلك التطور فى غاية الأهمية؛ إذ أنه سيسهل من عملية التجارة بينهما، وسيعمل على خفض تكاليف تحويل العملات.[87]
وفى نفس العام تم عمل حصار على قطر من قبل السعودية ، وإجتمع كل من إيران وقطر وتركيا بالعاصمة طهران، بهدف تعزيز العلاقات الإقتصادية بينهما، إذ أنه بعد فرض الحصار على قطر من جانب المملكة المتحدة السعودية والإمارات والبحرين، أصبحت إيران وتركيا هم مصدر توريد السلع لقطر الرئيسى .
وبالفعل فى يوم 26 نوفمبر 2017، قامت كل من إيران وتركيا بتوقيع إتفاقية تجارية ثلاثية مع قطر فى حتى يتم التقليل من ضغوط الحصار عليها، وأرسلت تركيا إليها 221 طائرة شحن مليئة بمواد الإستخدام اليومى إلى قطر، وحقيقةً يمكن القول أن تلك الإتفاقية ساهمت فى تعزيز العلاقات الإقتصادية بين إيران وتركيا، وإرتفاع قيمة التبادل التجارى بينهما. ،[88]
وفى إتصال هاتفى بين رئيس تركيا أردوغان، ورئيس إيران حسن روحانى، أعرب كل منهما عن إرتياحهما لتطوير العلاقات الإقتصادية بينهما.
إلا أن نتيجة لتلك العقوبات، انخفضت حجم التجارة الثنائية بين البلدين حوالى 5,6 مليار دولار فى عام 2019، أى أن الإنخفاض كان بنسبة 50% .
وفى 28 إبريل من عام 2021، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين، كان خلال اجتماع اللجنة الإقتصادية المشتركة بينهما، وقد ركزت تلك المذكرة على مجموعة[89] من المجالات الإقتصادية المختلفة، مثل: حجم التبادل التجارى، مجال الطاقة، والجمارك، كما أنها ركزت على مجالات أخرى، مثل: التكنولوجيا، وتكنولوجياالمعلومات، الصناعة، النقل، التعليم، البيئة، وغيره من المجالات الأخرى، بل وزاد حجم التبادل التجارى بينهما خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021.
وبقيام بايدن خلال تلك السنة برفع وإلغاء العقوبات الإقتصادية المفروضة على إيران منذ عام 2018 بشكل تدريجى، إلى تحسين العلاقات الإقتصادية بين البلدين، وحجم التبادل التجارى، وتعود العلاقة بشكل طبيعى مرة أخرى، وتصبح إيران من جديد هى المصدر الأول بالنسبة لتركيا لإستيراد حاجاتها من الطاقة، وتصبح البضائع التركية هى صاحبة الحصة الأكبر فى الأسواق الإيرانية من جديد.[90]
التعاون فى مجال الطاقة:
يشهد التعاون فى مجال الطاقة، تعاوناً ملحوظاً بين البلدين؛ إذ أنه زاد الطلب التركى عليه، فتركيا تستورد 10 مليار متر مكعب سنوياً من إحتياجاتها من الغاز الإيرانى، وقد صرح رئيس شركة الغاز الوطنية الإيرانية عن أن عملية تصدير الغاز الإيرانى لتركيا يشهد تطوراً كبيراً بحيث زاد حجم تصدير الغاز الإيرانى لتركيا بحوالى 11% فى عام 2017، وهذا مقارنةً بالعام السابق عليه 2016م، كما أكد على ذلك أحمد داوود أوغلو، حينما قال: ” إن تركيا تحتاج إلى الطاقة الإيرانية بإعتبارها امتداداً طبيعياً لمصالحها الوطنية، لذلك فإن اتفاقية الطاقة التركية مع إيران لا يمكن أن تعتمد على العلاقات مع الدول الأخرى”.[91]
وفى تلك الفترة تم إنشاء مشروع باكو، وهو عبارة عن ممر دولى يربط بين الشمال والجنوب، إذ يربط بين شمال أوروبا والهند، ودول الخليج عبر إيران وروسيا وأذربيجان، وقد عزز ذلك المشروع من قدرة نقل الطاقة والغاز الإيرانى لتركيا وأوروبا، وبالتالى يعد ذلك المشروع بالغ الأهمية بالنسبة لها، كما أنه بعد ذلك المشروع تم توقيع إتفاقية بين تركيا والحكومة السويسرية، وكان الغرض منها: هو محاولة نقل الطاقة الإيرانية لسويسرا من خلال العبور على تركيا. [92]
من الجدير بالذكر هنا، أن التبادل التجارى بين البلدين يقوم على أساس المقايضة .
وفى عام 2018 ، شهدت صادرات الغاز الإيرانى إلى تركيا انخفاض كبير، حتى وصل حصتها من الغاز الإيرانى حوالى 15.61% ، ولذلك سعت تركيا إلى تقليل اعتمادها على النفط الإيرانى خلال 2019، والإعتماد أكثر على مصادر أخرى إلى جانب المصادر المحلية، حتى تشجع الإنتاج المحلى، وبناءً على تلك الخطوة الخاصة بتركيا، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتعويضها عن الإمدادات النفطية القادمة من إيران، لأن تركيا لا تستطيع الإستغناء عن الغاز الإيرانى بسهولة.
أما بالنسبة لحصة تركيا من الغاز الإيرانى المذكورة أعلاه، فإن تلك الحصة يتم أخذها مقابل سلع من تركيا، كشكل من مخطط “الغاز مقابل السلع” وهذه الإتفاقية ستسرى حتى عام 2026.
حجم الصادرات الخاصة بكل دولة للأخرى:
فى عام 2016، زادت حجم الصادرات التركية إلى إيران حوالى خمس مليارات دولار ، وتعتبر قيمة الصادرات هذه لا تتعدى نصف قيمة الصادرات فى عام 2012 ، ثم إنخفض أكثر فى عام 2017 ليصل قيمته إلى حوالى3.2 مليار دولار
أما بالنسبة لقيمة الصادرات الإيرانية إلى تركيا، فقد ظلت فى الإنخفاض منذ عام 2013، حتى وصلنا إلى عام 2016، حيث بلغت قيمة الصادرات فى عام 2016 حوالى 4,7 مليار دولار ، ثم على عكس صادرات تركيا لإيران فى عام 2017، فقد إزداد حجم صادرات إيران إلى تركيا ليصل إلى حوالى 7.5 مليار دولار.[93]
ومنذ عام 2018، تم تقليص الإستيرادات التركية من النفط الإيرانى، نتيجةً للعقوبات التى تم فرضها على إيران من قبل دونالد ترامب، بل وتم تقليصه أكثر فى عام 2019، حينما قامت أمريكا بألغاء الأذونات الخاصة لتركيا وسبع دول أخرين لشراء النفط الإيرانى، بل وتم عقد اجتماع للجمعية العامة فى دورته الرابعة والسبعين فى 24 سبتمبر 2019، والذى كان يهدف إلى محاولة توصيل مبيعات إيران من الطاقة أن تصل إلى الصفر، ولكن صرح الرئيس أردوغان عن موقفه تجاه فرض العقوبات هذه عليها ، حيث أنه ذكر، أن أنقرة تعتمد على الغاز والنفط الإيرانى بشكل كبير، وبالتالى فمن المستحيل أن نقوم بإلغاء علاقاتنا مع إيران، ولكن بعد ذلك واجهت تركيا تعثرات وعقبات فى شراء النفط، حيث إنسحب القطاع الخاص نتيجة التهديدات الأمريكية الموجهة لهم، إلا أن تركيا أعلنت تواصلها الإقتصادى مع إيران.
وقد كان السبب فى إعادة تلك العقوبات على إيران، هو أنه فى 14 سبتمبر 2019 تم استهداف حقل خريض النفطى الموجود بالمملكة العربية السعودية، وقد تم إثبات أن من قام بذلك هم الحوثيون اليمنيون، ولكن تم إتهام إيران من قبل واشنطن والعديد من الحكومات الأوروبية، فقد اعتبروها أنها هى المسؤولة عن حدوث ذلك، ولكن كان موقف تركيا من ذلك أنها قالت يجب التمهل وتوخى الحذر من إتهام إيران بذلك.[94]
وبالتالى فإن العلاقات الإقتصادية المتدهورة تأتى على حساب إيران بشكل أكبر، حيث أن إيران تواجه ضغوطات إقتصادية غير مسبوقة، وهذا يجعل إيران تحاول أن تحافظ على تلك العلاقات حتى لو ستحصل تركيا على النصيب الأكبر منها، فتركيا بالنسبة لإيران تمثل شريان حياة للإقتصاد الإيرانى، ولذلك كانت الضغوط الإقتصادية التى تمر بها إيران تمثل فرصة إلى تركيا، فبعد تلك الضغوط رأينا وجود الإستثمارات الإيرانية الكبيرة فى تركيا فى عام 2018 ، كما كان المواطنون[95] الإيرانيون هم أول من أسسوا شركات فى تركيا، فقد كان عدد تلك الشكات حوالى 978 شركة، وقد زاد عدد الشركات هذه خلال عام 2019 .[96]
وهذا التدهور أو التقلص فى العلاقات الإقتصادية بين البلدين، سيؤدى بدوره إلى تأثر سلبى فى العلاقات السياسية بين البلدين، فنحن كنا نقول، أن التوازن الجيو سياسى الموجود بالعلاقات التركية الإيرانية، ناتج عن المصالح الإقتصادية المشتركة بينهما، ومع هذه التآكل للعلاقات الإقتصادية فإن هذا يعنى مجئ تنافس إقليمى كبير بينهما.[97]
ولكن فى عام 2019، نتيجة للعقوبات المفروضة على إيران، والتى ساهمت فى تآكل العلاقات الإقتصادية بين البلدين، أصبحت إيران بحاجة إلى الدعم التركى إليها، مما جعل وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف يقوم بزيارة إلى تركيا فى 15 يونيو 2019، والتى كان الهدف منها مساعدة إيران للتخفيف من العقوبات الإقتصادية المفروضة عليا، مقابل قيام إيران بدعم موقف تركيا تجاه ليبيا.
وفى عام 2020، بلغت الإستيرادات التركية من إيران حوالى 2.254 مليار دولار، وقد كان ذلك الإنخفاض ناتج عن جائحة كورونا .
المبحث الثالث/ أثر الأزمة السورية على العلاقات الأمنية بين البلدين:
من أهم الملفات الأمنية الجامعة للبلدين (إيران وتركيا)، هو الملف الكردى، وتأثير سوريا على إثارة تلك القضية، وفيما يلى فإننا سنحاول توضيح المستجدات الحادثة على ذلك الملف، خلال الفترة المحددة لذلك الفصل.
الملف الكردى:
فى عام 4 مارس 2016، قام رئيس الوزراء التركى (أحمد داوود أوغلو) بعمل زيارة إلى طهرن، كان الغرض منها البحث فى مستجدات القضية الكردية، للتعاون والعمل بشكل تشاركى، كما أنه فى 26 نوفمبر 2016، قام وزير الخارجية (مولودجاويش أوغلو) بعمل زيارة أخرى لطهران فى نفس الصدد.
وكذلك فى 7 يونيو 2017، زار وزير الخارجية الإيرانى ( محمد جواف ظريف) تركيا، وكان الهدف منها هو النقاش حول أمن الحدود، وضرورة محاربة الإرهاب والجرائم المنظمة.
وفى نفس العام، بدأ كيان كردى فى سوريا ينشأ فى مراحله الأولى، وهذا الكيان موجود على طول الحدود السورية مع تركيا، فضلاً عن أنه تابع لقوات سوريا الديمقراطية الكردية، والتى هى بدورها متعاونة مع حزب العمال الكردستانى، وكذلك له علاقات مع حزب الحياة الحرة الكردستانى فى إيران والتابع أيضاً إلى حزب العمال الكردستانى، وقد أدى ذلك إلى تصميم كل من تركيا وإيران على ضرورة محاربة حزب العمال الكردستانى بشكل تعاونى.
كما أن ذلك الحزب استطاع فى ديسمبر 2017 أن يهيمن أو يحرر مناطق الضفة الشرقية لنهر الفرات من داعش، كما استطاع أن يسيطر على منطقة عفرين، وهى مدينة توجد فى شمال حلب، وبذلك يسيطر الأكراد على حوالى 23% من مساحة[98] سوريا، وهذه المساحة تحتوى على الآبار النفطية، والغاز، فضلاً عن مصادر المياه وثلاثة سدود، ونتيجة لذلك تم اعتبار الأكراد كفاعل أساسى على أرض المعركة ، وبالتالى فى مفاوضات النظام السورى، وقد كان كل ذلك نتيجة للدعم الأمريكى والروسى، إذ دخلت الولايات المتحدة الأمريكية فى الملف السورى، وقامت بتسليح وتدريب الأكراد الموجودين على الحدود مع تركيا، وقد كان هذا كله يثير قلق كل من تركيا وإيران [99]
ولذلك ففى أكتوبر 2017، زار الرئيس التركى رجب أردوغان إيران، وإجتمع بالمرشد الإيرانى الأعلى ورئيسها، وكان الهدف من تلك الزيارة هى محاولة جعلها بداية تقارب تركى- إيرانى، والعمل على تنسيق الجهود بين البلدين، للعمل بشكل مشترك حيال أزمة الأكراد فى سوريا ، خصوصاً إن انفصال الأكراد بالعراق بدء يتحول إلى قضية مثيرة للإهتمام الدولى، وهناك إحتمالية لحدوثة، وبناءً على كل تلك الأحداث، طلب الرئيس أردوغان من الرئيس حسن روحانى فى قمة سوتشى، أن يحصل منه على دعم، حتى ينفذ عملية عسكرية ضد الأكراد السوريين التابعين لحزب الإتحاد الديمقراطى،الموجودين فى شمال سوريا، وقد سميت تلك العملية بـ “غصن الزيتون”
ومن الجدير بالذكر هنا، أن ما جعل كل من إيران وتركيا أن يتشاركا ويحاربوا حزب العمال الكردستانى، هى التطورات الحادثة فى العراق من إستفتاء يقيمه حزب الأكراد فى العراق، مما جعل الأمر يستوجب ضرورة محاربة الأكراد فى كل الجهات، حتى لا ينفصلوا، ويغيروا من الجغرافيا السياسية لدول المنطقة.
ومن الجدير بالذكر هنا، أن عمل إيران وتركيا بشكل تعاونى، سيؤثر بشكل مؤكد على مسار الحرب السورية؛ حيث أنه تم البدء فى الدخول فى رسم خطوط واقعية، والدخول فى مرحلة تسمى ” بداية النهاية”، وهذه التطورات لا تكتسب أهمية على[100] المستوى الأمنى فحسب، وإنما كذلك على المستوى السياسى، حيث أنه إذا تم ذلك بالفعل، فإنه سيصبح هناك إمكانية فى إطلاق مرحلة التعاون الإقليمى[101]
وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بدعم وحدات حماية الشعب الكردية ، وهم عبارة عن مجموعة من الأكراد السوريين، المعتبرين أنهم الفرع السورى لحزب العمال الكردستانى فى تركيا، وبالتالى كانت تركيا تعمل على مقاتلة وحدات حماية الشعب هؤلاء، على طول الحدود بينها مع سوريا، فى يناير 2018، قامت تركيا بتشكيل بعمل عملية جوية وبرية، أطلقت عليها اسم: “غصن الزيتون” ، وهى عملية تم الإتيان بها بعد فشل اللجوء إلى الحل السياسى، والذى هو متمثل فى: دخول تركيا مع روسيا وإيران فى مفاوضات فى أستانة تهدف إلى خفض التوتر فى عفرين، وادراجه ضمن المذكرة التى بينهما، وبعد الفشل فى ذلك الحل، لجأت تركيا إلى الحل العسكرى، والذى فيه شكلت عملية “غصن الزيتون”، وعملية غصن الزيتون: هى عملية متجهة إلى منطقة بشمال سوريا تسمى “عفرين”.
معركة “غصن الزيتون” 2018:
كان هدف تركيا من تلك العملية هو:
- منع التواصل بين المقاطعات الكردية، حيث قال رجب أردوغان فى أحد تصريحته الرسمية، أنه سيمنع إقامة ما تم وصفه بـ “الممر الإرهابى” فى شمال سوريا، وهو ممر يمر على ثلاث مقاطعات (الجزيرة- كوبانى- عفرين)، وهى مناطقيسيطر عليا وحدات الحماية الكردية، فإذا تم الإنتهاء بالفعل من ذلك الممر، فإن تركيا ستُعزل تماماً برياً عن سوريا، مما سيؤثر على تواصل تركيا بالعالم العربى. [102]
- إنشاء حزام حدودى: إذ صرح الرئيس أردوغان بعد أن تحركة قوات معركة غصن الزيتون، أن الهدف الثانى من تلك المعركة، وهو محاولة إنشاء حزاماًأمنياً لها، يحمى من خلاله المناطق التركية المعرضة لعد الإستقرار نتيجة لأعمال الشغب الموجودة على الحدود مع سوريا، كما أن إنشاء ذلك الحزام سيؤدى فى النهاية، إلى تمكين تركيا من الدخول فى مفاوضات مع القوى الكبرى لجعل تلك المنطقة: منطقة خفض تصعيد خامسة.
- العمل على فرض منطقة آمنة: حيث صرح رئيس وزراء تركيا، بأن هدف تركيا من تدخلها العسكرى هذا فى سوريا، هو محاولة إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كم، وسيتم الإنتهاء من ذلك الهدف خلال أربعة مراحل.
وبالتالى كان الهدف الأساسى لتركيا من ذلك، هو محاربة الشعب الكردية والقضاء عليهم ، من أجل الحفاظ على الأمن القومى التركى .
أما بالنسبة للموقف الإيرانى من ذلك، فقد كانت إيران ضد تلك العملية “غصن الزيتون”، وكانت تنتقد ذلك العمل التركى،فقد كان تقوم بعرقلة تحرك القوات التركية، من خلال إمداد وحدات الحمايةالكردية حتى يستمر ذلك الانجاز الميدانى المتسارع، فقد كانت تقوم ببعض الجهود، مثل:
- “فتح طريق إمداد لوحدات الحماية الكردية من مناطق شرق الفرات بإتجاه عفرين عبر مناطق النظام السورى”
- العمل على تزويد وحدات الحماية بإعطاءه عربات عسكرية إيرانية الصنع.
- العمل على نشر منظومة دفاع جوى، تابع للنظام السورى، وقد ادت تلك المنظومة إلى منع سلاح الجو التركى من التمكن من التحليق فوق منطقة عفرين لمدة أربعة أيام[103].
- توقيع اتفاق مع وحدات الحماية الكردية بعفرين فى 18فبراير2018م، بهدف تأمين دخول القوات الشعبية، والتى ستساعد على تقوية وصمود وحدات الحماية الكردية.
وقد أدى كل ذلك إلى مزيد من التدهور فى العلاقات التركية الإيرانية، فحينما أطلقت تلك العملية وذهبت إلى سوريا، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، وجيش الحكومة السورية، وإيران واقفين وداعمين للشعب الكردية، محاولين منع التدخل التركى فى سوريا.
ومن هنا فإنه يمكن القول، بأنه منذ عام 2016 حتى تلك الفترة: كانت العلاقات بينهما فى خلافات، فما نراه أن تركيا وإيران لا يهمهما غير المصلحة الشخصية، والتى بناءً عليها يقوموا بدعم جميع الأطراف الموجودة فى الصراع السورى، مما يؤكد إلينا أن كلا البلدان يستفيدون من ذلك الصراع والأحوال المتدهورة الموجودة بسوريا.[104]
أزمة إدلب :
إدلب: هى عبارة عن أخر منطقة يسيطر عليهت المسلحون المعارضون، وتضم أكثر من مليون نازح سورى، من جميع محافظات سوريا، وبالتالى فإن تلك المنطقة تجمع بين العديد من الفصائل، وتعتبر جبهة النصرة هى الفصيلة الأكثر وجوداً فلا تلك المنطقة، ونتيجة لتجمع كل تلك الفصائل، أصبحت تلك المنطقة ضمن المناطق التى يوجد بها تصعيد مسلح، ونتيجة لقربها من الحدود مع تركيا، فقد أدى ذلك إلى جعل تركيا تسعى لفرض سيطرتها على تلك المنطقة أيضاً كما فعلت بمنطقة عفرين، ولذلك قامت تركيا فى 18 سبتمبر 2018، بتوقيع اتفاقية سوتشى مع روسيا، وقد نصت تلك الإتفاقية على: [105]
- تقوية نقاط المراقبة التركية واستمرارها، بهدف منع حدوث أى أعمال عسكرية أو شن هجمات على إدلب.
- إنشاء منطقة منزوعة من السلاح، والعمل على انسحاب الفصائل المسلحة هناك، والقضاء على أى جماعات إرهابية داخل تلك المنطقة.
- سحب جميع المعدات العسكرية الموجودة بالمنطقة، كالدبابات ووالصورايخ، والمدفعية، ومدافع الهاون الخاصة بالأطراف المقاتبة.
- العمل على تنسيق الجهود بين القوات المسلحة التركية والروسية، والعمل على إستخدام الطائرات بدون طيار فى المراقبة، مع ضمان حرية السكان المدنيين الموجودين بالمنطقة.
- العمل على تنسيق الجهود الإيرانية والتركية والروسية، فى إقرار نظام يحمل صفة الإستدامة، لوقف النار داخل منطقة خفض التصعيد فى إدلب.
وبالتالى فى عام 2018، كان هناك شئ من التقارب بين البلدان، أما على مستوى الملف السورى، فلا يزال الأمر معقداً أكثر، نتيجة الدعم الإيرانى المقدم إلى بشار الأسد
وفى عام 2019، استمرت تركيا فى محاربة الأكراد بشمال سوريا، حيث شنت عمليات عسكرية هناك، كان أخرها ” عملية نبع السلام” بين مدينتين تل أبيض ورأس العين فى أواخر عام 2019، إلا أن إيران طلبت من تركيا بإنهاء تلك العملية العسكرية التركية بشمال سوريا فى أسرع وقت ممكن،مطالباً بإحترام وحدة الأراضى السورية، وسيادتها.[106]
واقترحت على تركيا بأن تلتزم بإتفاقية أضنة الموقعة بينها وبين سوريا فى عام 1998، واعتبارها هى الحل الأمثل للهواجس الأمنية الخاصة بها، والتى أقرت على إلزام سوريا بتقليص عمل حزب العمال الكردستانى داخل الأراضى السورية[107]
الإنقلاب الفاشل 2016:
كان لذلك الإنقلاب أثار أمنية على العلاقات التركية الإيرانية، فبعد أن أدركت تركيا قربها الأكبر من إيران، وفتور العلاقات بينها وبين الغرب، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتعليق المحادثات الخاصة بوقف إطلاق النار فى المناطق التى بين تركيا وسوريا، قامت تركيا بالإشتراك مع روسيا وإيران فى محادثات سميت بـ “محادثات السلام السورية فى أستانا”[108]
النتائج والتوصيات
وبعد الإنتهاء من الموضوع، فقد خلصت تلك الدراسة إلى مجموعة من النتائج، أهمها:
أولاً: إن العلاقات التركية الإيرانية قبل عام 2002 كانت بين فترات الإزدهار والتراجع، فكما رأينا وجود محاولات لتطوير العلاقات فيما بينها، وكذلك وجود عوامل تظهر تؤدى إلى تراجعها، ولكن من بعد عام 2002 عند وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة حتى قبيل عام 2011م، كان هناك تطور مستمر فى العلاقات على مستوى جميع المجالات، ولذلك كان هناك محاولة لتفادى المشكلات والخلافات بينهما حتى تستمر تلك العلاقات فى التطور؛ حيث أصبحت العلاقات أقوى وأهم من ذى قبل، ولذلك كانوا يحاولوا بقدر الإمكان تخطى نقاط الخلافات فيما بينهما.
ثانياً/ هناك اختلاف كبير بين العلاقات الثنائية قبل وبعد حدوث الأزمة، فقبل حدوث الأزمة كانت العلاقات تتسم فى معظمها بالتقارب، وتبادل وجهات النظر المشتركة حول القضايا، فضلاً عن نمو العلاقات الإقتصادية بينهما فى كل عام بزيادة حجم التبادل التجارى عن العام الذى يسبقة، إلا أن العلاقات بعد حدوث الأزمة، اتسمت بالتأرجح الشديد بين التعاونية والتنافسة، ففى عام يمكن أن يكون هناك تعاون بين البلدين، والعام الذى يليه تصاب بتوتر حاد، وبالتالى أصبحت العلاقات تتسم بالتذبذب.
ثالثاً: تتسم العلاقات الثنائية بين هاتين البلدين بالطبيعة الفريدة من نوعها؛ حيث أن طبيعة العلاقات فيما بينهما أخذت مساراً فريداً من نوعه وخير دليل على ذلك: حينما رأينا أنه فى عام 2012، كان هناك تدهور حاد فى العلاقات السياسية بين البلدين، ولكن حينما نظرنا على العلاقات الإقتصادية فى نفس العام وجدنا أنه كان العام الأبرز والأهم فى تاريخ العلاقات الإقتصادية بينهما.
وحينما نظرنا إلى عام 2013، رأينا وجود تحسن فى العلاقات السياسية بينهما، ولكن انخفاض فى حجم التبادل التجارى بينهما،وهذا خير دليل على قدرة الدولتان على الفصل فى علاقتاهما على المستويات المختلفة.
رابعاً: بالرغم من التوترات الجيوسياسية الحادثة بين الدولتين فى نفس الفترة، والتى تجعلنا نعتقد أنه سيحدث توتر على مستوى المجالات الأخرى بما فيها الإقتصادية، إلا أنه نتيجة إلى سياسة البلدان الرشيدة، فقد تم مخالفة كل التوقعات، وقامت بالفصل بين المجالات بعضها البعض
خامساً: كان للأزمة السورية تأثير أكبر على مستوى العلاقات السياسية بشكل اساسى، وكذلك الأمنية، ولكن على مستوى العلاقات الإقتصادية، فقد تأثرت تلك العلاقات بشكل طفيف جداً بالأزمة السورية، إذ كان يسعى الطرفان دائماً إلى الحفاظ على العلاقات الإقتصادية بينهما وعدم تعريضها للتدهور نتيجة المتغيرات السياسية، حيث يعتبر العامل الإقتصادى هو العامل الأهم فى العلاقات التركية- الإيرانية، وهذا الذى يجعل الدولتان لا تريد أن تتواجه سياسياً بشكل مباشر .
سادساً: إن التدهور على مستوى العلاقات الإقتصادية، يكون ناتج أكثر عن العقوبات الإقتصادية التى يتم فرضها من جانب المجتمع الدولى، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية على إيران، وليس نتيجة التأثر بأزمات المنطقة، ويعتبر عام 2018، من أكثر الأعوام الذى تم فيه انخفاض كبير فى حجم التبادل التجارى، نتيجة الحصار الشديد الذى كان مفروض على إيران.
سابعاً: كانت العاقات الأمنية تتصدر الساحة بشكل قوى على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين منذ عام 2017، نتيجة إلى تهدد الأمن القومى الخاص بالأراضى التركية من ناحية حدودها مع سوريا، مما جعلها تقوم بشن المعارك والعمليات العسكرية على مناطق التهديد، والتى يسيطر عليها مجموعة من الطوائف المسلحة.
السيناريوهات المحتملة
هناك ثلاث سيناريوهات محتملين الحدوث فى الفترة القادمة:
السيناريو الأول:
أن يتم الإتفاق بين البلدين على سياسة خارجية واحدة، يتم التعامل من خلالها تجاه الأزمة، ولكن ذلك السيناريو ضعبف الحدوث، حيث يغلب على طبيعة العلاقات بين البلدين، لاسيما فى الفترة الأخيرة، البراجماتية وتغليب المصالح، وهذا الأمر ضعيف الحدوث فى بلد مثل سوريا، ففى معظم الأوقات كان هناك تضارب فى المصالح بين الدولتين فى تلك البلد، مما يزيد من التوتر فى العلاقات السياسية بينهما.
السيناريو الثانى:
استمرار الصراع بينهما إلى أن يتم انهاك الطرفان، فلا تصبح سوريا موضع الإهتمام بالنسبة لهما، وهذا السيناريو محتمل الحدوث، خاصة أن الصراع اليوم بين الدولتان أصبح فى مناطق أخرى، بل وأكثر حدة من الصراع المتواجد بينهما فى سوريا، مثل الصراع فى منطقة أسيا الوسطى.
السيناريو الثالث:
أن يستطيع الأكراد أو الجماعات الإسلامية الإستيلاء على أراضى كثيرة فى سوريا، وانهيار حكم بشار الأسد فى سوريا، ثم التمكن أى منهما من الوصول إلى السلطة، وإذا حدث ذلك السيناريو، فإن ذلك يعنى انهيار مخططات وطموحات إيران وتركيا فى سوريا، وبإنهيار النظام لن يصبح هناك شئ يتم التصارع عليه، ومن ثم لا تصبح سوريا بؤرة تضارب مصالح فى العلاقات الثنائية بين البلدين.
النظرة المستقبلية للعلاقات بين البلدين
هناك بعض المعطيات والملفات التى يجب الإشارة إليها ، والتى لها دور رئيسى فى توجيه السياسة التركية والإيرانية فى عام 2022م -2023:
فى السنين السابقة رأينا تنسيق قوى وعلى مستوى كبير بين البلدين فى بعض الملفات المشتركة، والتى فى مقدمتها: ملف الأكراد؛ حيث رأينا أن توسع الأكراد سواء فى سوريا أو العراق تطلب تعاون وجهود مشتركة للقضاء عليه، فرأينا التوسع الذى قام به الأكراد السوريين، وقدرتهم العالية على التنظيم، فضلاً عن الدعم الأمريكى لهم، كذلك رأينا محاولة إقليم كردستان العراق فى الإنفصال .
كما وجدنا حالات التنافس التى كانت توجد بينهما طوال فترة الدراسة، وبالتالى فمن رأيى، فإن العلاقت التركية الإيرانية ستظل كما هى، ذات طبيعة تعاونية وتنافسية فى آن واحد.
ولكن من الممكن أن تحدث توجهات بايدن تجاه إيران، إلى تغير فى العلاقات بين البلدين، حبث كما رأينا يسعى بايدن إلى فك الحصار والعقوبات المفروضة على إيران مع بدء حقبة جديدة من العلاقات الأمريكية- الإيرانية، وهذا الأمر من المحتمل أن يؤثر أكثر على العلاقات الإقتصاادية بين الطرفين.
إلا أن ذلك لن يؤثر بشكل كبير على العلاقات الأمنية الموجودة بين الطرفين، وذلك لأن فك العقوبات ليس له صلة بكيفية التعامل مع الأكراد، فهذا الملف يتطلب جهود ذات طبيعة تعاونية بينهما حتى يتم مواجهة ذلك الخطر أ والتهديد.
أنا بالنسبة للعلاقات السياسية بين البلدين، فإنها ستظل تتغير من منطقة إلى أخرى، لاسيما الصراع التنافسى الموجود حالياً بينهما فى بؤر أخرى غير سوريا.
الخاتمة:
وبعد أن انتهينا من تلك الدراسة، فإنه يمكن القول أن للأزمة السورية آثار كبيرة ومتعددة فى مستوى العلاقات بين البلدين، لاسيما العلاقات السياسية والأمنية بين البلدين.
فعلى المستوى السياسى كان أى تطور يجد على الأزمة السورية، يؤثر بالضرورة على العلاقات السياسية بين البلدين، لاسيما فى أول خمس أعوام من حدوث تلك الأزمة
وكانت العلاقات الأمنية أيضاً تتأثر بالأزمة السورية ولكن بدرجة أقل عن المستوى الياسى، فقد كانت أكثر الملفات الأمنية الجامعة بين البلدين هو “الملف الكردى”
ولكن كان للأزمة تأثير طفيف على العلاقات الإقتصادية بينهما؛ حيث كان يسعى الطرفان دائماً إلى فصل العامل الإقتصادى عن غيره من العوامل الأخرى، لأن البلدان لا يستطيعا أن يتخلو عن بعضهم البعض فى ذلك المستوى الإقتصادى.
وحينما كان يحدث انخفاض فى حجم التبادل التجارى بينهما، فإنه كان نتيجة إلى أسباب خارجة عن إرادة البلدين، فقد كان التراجع نتيجة إلى العقوبات الإقتصادية التى يتم فرضها على إيران من جانب المجتمع الدولى، فما بينهما فى ذلك العامل كبير ولا يمكن التنازل عنه بسهولة
قائمة المراجع:
المراجع العربية
أولاً/ الكتب العلمية:
- أحمد داوود اوعلو ،” العمق الإستراتيجى موقع تركيا ودورها فى الساحة الدولية ” ( بيروت ـ الدار العربية للعلوم – 2010)
- جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، (برلين- الركز الديمقراطى العربى- 2019)
- لقمان عمر محمود، ” العلاقات التركية الإيرانية (2002-2008)”، مج 6- ع17، (جامعة الموصل- مركز الدراسات الإقليمية- 2010)
- منهل الهام عبدال- فراس صالح- اخرون، ” العلاقات التركية الإيرانية”، (عمان- دار غيداء للنشر والتوزيع- 2014)
ثانياً/ الرسائل العلمية
- حابس سلطان ،”أثر الأزمة اللسورية على العلاقات التركية الإيرانية 2018-2011″، رسالة ماجيستير، (جامعة آل البيت- معهد بيت الحكمة-2020)
- ديندى سهام، غدوشى أنيسة، “التنافس التركى الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط”، رسالة ماجيستير، (جامعة مولود معمرى- كلية الإقتصاد والعلوم السياسية- 2015)
- صوفية بو على ووفاء طوالبيه ،”الدور الإقليمى التركى فى ظل المتغيرات الراهنة (2010ـ2016)” ،رسالة ماجستير،(جامعة العربى التبسى ـ كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ2015 /2016)
- فارس أحمد أبو علبة ،”التحول فى مسارات السياسة التركية فى الشرق الأوسط وأثره على الدور الإقليمى(2011ـ2017 )”،رسالة ماجستير ،(جامعة النجاح الوطنية ـ كلية الدراسات العليا ـ 2018)،
- نور الهدى دحدوح، “السياسة الخارجية الإيرانية والسعودية تجاه الأزمة السورية”، رسالة ماجيستير،(جامعة العربى بن مهيدى- كلية الحقوق والعلوم الإنسانية-…..)
المجلات العلمية:
- أحمد خلف الله، “أثر ملامح وتوجهات السياسة الخارجيةالإيرانية وانعكاساتها تجاه الأزمة السورية (2011-2015)، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مج9، ع2، (جامعة قناة السويس-كلية التجارة بالإسماعيلية، 2018)
- أحمد محمود علو، فراس صالج خضر، “الإتفاق النووى الإييرانى عام 2015م وأثره على العلاقات التركية- الإيرانية”، مج:47، ع:2، ملحق:2، (جامعة الأردن- كلية التربية للعلوم الإنسانية- 2020)
- محسن عامر المرغنى، “تأثير الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية”، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مج10،ع3، (جامعة قناة السويس- كلية التجارة بالإسماعيلية- 2019)
- محمود صافى محمود محمد، “إدارة الصراعات الداخلية خلال مرحلة التحول الديمقراطى: رؤية نظرية”، 2020 )
- نواف منير، “الموقف الإيرانى من الأزمة السورية: الأهداف والتحديات”، مجلة النهضة، مج 15،ع4، (جامعة القاهرة- كلية الإقتصاد والعلوم السياسية-2014
- هدى رؤوف، “السياسات الإيرانية التركية -بعد قدوم بايدن- بين التقاطع والتنسيق والتنافس”، ع:187، (جامعة الدول العربية- الأمانة العامة- 2021).
المراجع الإنجليزية
- Ali Omidi, “Turkish- Iranian Relations: prospects aand uncertainty”, Journal of political studies of Islamic world, vol:6, No:1, (university of Isfahan- 2017)
- Fedra Abic ,” The Impacts Of Arab Spring On Turkish Foreign Policy Towards The Middle East And North Africa ” ,Master ,(faculty Of Western Illinois University ,2019)
- Gulden Ayman, “Turkey and Iran: between friendly competition and fierce rivalry”, pluto journals, (Istanbul university- faculty of political science)
- Iain William, “Turkish-Iranian relations in the post- Arab spring period: A historical sociological/foreign policy analysis”, Master’s thesis, (middle east technical university- march 2017)
- Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”,Master’s thesis,(Gent universiteit- Faculeit politieke- 2017/2018)
- Ozden Oktav, “the Syrian civil war and Turkey-Syria-Iran relation”, Syrian studies, (Turkey- Ankara).
- partners in need: An overview of turkey-iran relations in twenty-first century https://www.icwa.in
- عمر حمدان، analytical study”” “The Iranian involvement in the Syrian conflict 2011-2014″، رسالة ماجيستير، (الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا،2015)
[1] / ، صوفية بو على ووفاء طوالبيه ،”الدور الإقليمى التركى فى ظل المتغيرات الراهنة (2010ـ2016)” ،رسالة ماجستير،(جامعة العربى التبسى ـ كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ2015 /2016) ص 5-6-88-89
[2] / فارس أحمد أبو علبة ،”التحول فى مسارات السياسة التركية فى الشرق الأوسط وأثره على الدور الإقليمى(2011ـ2017 )”،رسالة ماجستير ،(جامعة النجاح الوطنية ـ كلية الدراسات العليا ـ 2018)، ص 8:6 – 132
[3] /1/ Fedra Abic ,” The Impacts Of Arab Spring On Turkish Foreign Policy Towards The Middle East And North Africa ” ,Master ,(faculty Of Western Illinois University ,2019).p 5-6-p61:59
[4] نواف منير، “الموقف الإيرانى من الأزمة السورية: الأهداف والتحديات”، مجلة النهضة، مج 15،ع4، (جامعة القاهرة- كلية الإقتصاد والعلوم السياسية-2014)
[5] أحمد خلف الله، “أثر ملامح وتوجهات السياسة الخارجيةالإيرانية وانعكاساتها تجاه الأزمة السورية (2011-2015)، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مج9، ع2، (جامعة قناة السويس-كلية التجارة بالإسماعيلية، 2018)
[6] نور الهدى دحدوح، “السياسة الخارجية الإيرانية والسعودية تجاه الأزمة السورية”، رسالة ماجيستير،(جامعة العربى بن مهيدى- كلية الحقوق والعلوم الإنسانية-…..)
[7] عمر حمدان، analytical study““ The Iranian involvement in the Syrian conflict 2011-2014“، رسالة ماجيستير، (الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا،2015)
[8] حابس سلطان ،”أثر الأزمة اللسورية على العلاقات التركية الإيرانية 2018-2011″، رسالة ماجيستير، (جامعة آل البيت- معهد بيت الحكمة-2020)
[9] محسن عامر المرغنى، “تأثير الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية”، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مج10،ع3، (جامعة قناة السويس- كلية التجارة بالإسماعيلية- 2019)
[10] ديندى سهام، غدوشى أنيسة، “التنافس التركى الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط”، رسالة ماجيستير، (جامعة مولود معمرى- كلية الإقتصاد والعلوم السياسية- 2015)
[11] Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”,Master’s thesis,(Gent universiteit- Faculeit politieke- 2017/2018),
[12] Iain William, “Turkish-Iranian relations in the post- Arab spring period: A historical sociological/foreign policy analysis”, Master’s thesis, (middle east technical university- march 2017
[13] / Fedra Abic ,” The Impacts Of Arab Spring On Turkish Foreign Policy Towards The Middle East And North Africa ” p 8:13
[14] منظمة الصحة العالمية، “فيروس كورونا(كوفيد-19)”، موقع منظكة الصحة العالمية، https://www.who.int/ar/emergencies9
[15] محمود صافى محمود محمد، “إدارة الصراعات الداخلية خلال مرحلة التحول الديمقراطى: رؤية نظرية”، 2020 ص:171
[16] / حنان بن سعد الله ،”تأثير الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية فى الفترة الممتدة (2011ـ2016)” ، مرجع سابق ،ص 5
[17] /https://books.google.com.eg
[18] / أحمد داوود اوعلو ،” العمق الإستراتيجى موقع تركيا ودورها فى الساحة الدولية ” ( بيروت ـ الدار العربية للعلوم – 2010) ، ص 359
[19] / دنيدى سهام وغدوشى أنيسة ،”التنافس التركى الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط (2011ـ2015)” ، مرجع سابق ، ص : ز ، ح
[20] / الناصر ،على محمد على ومؤلفين آخرين ،”العلاقات التركية الإيرانية للفترة (1979ـ 2010)” ، مرجع سابق ، ص: 11
[21] / فارس أحمد أبو علبة ،”التحول فى مسارات السياسة التركية فى الشرق الأوسط وأثره على الدور الإقليمى(2011ـ2017 )”، مرجع سابق ، ص8
[22] منهل الهام عبدال- فراس صالح- اخرون، ” العلاقات التركية الإيرانية”، (عمان- دار غيداء للنشر والتوزيع- 2014)، ص:15-16
[23] المرجع السابق، ص/ 16: 23
[24] المرجع السابق، ص/ 23:27
[25] المرجع السابق، ص/ 27- 28.
[26] المرجع السابق، ص: 27- 28-32
[27] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، (برلين- الركز الديمقراطى العربى- 2019)، ص/31.
[28]المرجع السابق، ص/ 31: 26
[29] لقمان عمر محمود، ” العلاقات التركية الإيرانية (2002-2008)”، مج 6- ع17، (جامعة الموصل- مركز الدراسات الإقليمية- 2010)، ص: 145.
[30] المرجع السابق، ص: 146
[31] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص/ 37
[32] المرجع السابق، ص/ 37- 38
[33] لقمان عمر محمود، ” لعلاقات التركية الإيرانية (2002-2008)”، مرجع سابق، ص/ 157: 161
[34] المرجع السابق، ص/ 159: 162، 166
[35] المرجع السابق، ص/ 166-168
[36] محسن عامر المرغنى، “تأثير الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية”، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مج10،ع3، (جامعة قناة السويس- كلية التجارة بالإسماعيلية- 2019)، ص:663-664
[37] المرجع السابق، ص: 665: 667
[38] المرجع السابق، ص:644
[39] المرجع السابق، ص:665
[40] المرجع السابق، ص:667: 669
[41] المرجع السابق، ص:669
[42] Gulden Ayman, “Turkey and Iran: between friendly competition and fierce rivalry”, pluto journals, (Istanbul university- faculty of political science), P:18
[43] Gulden Ayman, “Turkey and Iran: between friendly competition and fierce
rivalry”, previous resource, P:20
[44] Ozden Oktav, “the Syrian civil war and Turkey-Syria-Iran relation”, Syrian studies, (Turkey- Ankara), P: 12
[45] محسن عامر المرغنى، “تأثير الأزمة السورية على العلاقات التركية الإيرانية”،مرجع سابق، ص:671-672
[46] المرجع السابق، ص: 672
[47] الإعلان الرسمى عن إتفاق تاريخى بشأن برنامج إيران النووى https://www.bbc.com/arabic
[48] أحمد محمود علو، فراس صالج خضر، “الإتفاق النووى الإييرانى عام 2015م وأثره على العلاقات التركية- الإيرانية”، مج:47، ع:2، ملحق:2، (جامعة الأردن- كلية التربية للعلوم الإنسانية- 2020)، ص: 247: 249
[49] المرجع السابق، ص: 248: 251
[50] تحولات فى صفوف المعارضة السورية المسلحة https://carnegieendowment.org/sada/62257
[51] Ali Omidi, “Turkish- Iranian Relations: prospects and uncertainty”, Journal of political studies of Islamic world, vol:6, No:1, (university of Isfahan- 2017), P: 24-25
[52] أحمد محمود علو، فراس صالج خضر، “الإتفاق النووى الإييرانى عام 2015م وأثره على العلاقات التركية- الإيرانية”، مرجع سابق، ص: 251
[53] Ozden Oktav, “the Syrian civil war and Turkey-Syria-Iran relation, previous resource , P: 13
[54] The previous resource, P: 13
[55] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص:57
[56] المرجع السابق، ص: 57
وللمزيد أنظر:
Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018″,Master’s thesis,(Gent universiteit- Faculeit politieke- 2017/2018), P: 32 ”
[57] Ozden Oktav, “the Syrian civil war and Turkey-Syria-Iran relation, previous resource , P: 13
[58] Gulden Ayman, “Turkey and Iran: between friendly competition and fierce
rivalry”, previous resource, P:19
[59] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص:58
[60]Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”, previous resource, P: 31
[61] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص/ 58: 60
[62] المرجع السابق، ص/ 60 -61
[63] Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”, previous resource, P: 31-32
[64] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص/ 66: 69
[65] المرجع السابق، ص:69
[66] المرجع السابق ، ص:122-123
وللمزيد من التفاصيل Gulden Ayman, “Turkey and Iran: between friendly competition and fierce rivalry”, previous resource, P:19-20
[67] The previous resource, p: 20
[68] The previous resource, p: 18
[69] Ozden Oktav, “the Syrian civil war and Turkey-Syria-Iran relation, previous resource , P:14
[70] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص: 67
[71] Ali Omidi, “Turkish- Iranian Relations: prospects aand uncertainty”, previous resource, P;25
[72] Iain William, “Turkish-Iranian relations in the post- Arab spring period: A historical sociological/foreign policy analysis”, Master’s thesis, (middle east technical university- march 2017), P; 88
[73] The previous resource, P;88- 89
[74] Ali Omidi, “Turkish- Iranian Relations: prospects aand uncertainty”, previous resource, P; 26
[75] The previous resource, 26
[76] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص:49
[77] Ali Omidi, “Turkish- Iranian Relations: prospects aand uncertainty”, previous resource, P; 24: 26
[78] The previous resource, P; 24:26
[79] Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”, previous resource, P:28
[80] The previous resource, P;37- 38
[81] Ali Omidi, “Turkish- Iranian Relations: prospects and uncertainty”, previous resource, P;26- 27
[82] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص:54
[83] المرجع السابق، ص: 60- 61
[84] تركيا وإيران 2017: المسارات المحتملة https://eipss-eg.org
[85] https://www.alaraby.co.uk
[86] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص:61
[87] المرجع السابق، ص:61
[88] Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”, previous resource, P:40
[89] هدى رؤوف، “السياسات الإيرانية التركية -بعد قدوم بايدن- بين التقاطع والتنسيق والتنافس”، ع:187، (جامعة الدول العربية- الأمانة العامة- 2021)، ص: 67
[90] المرجع السابق، ص:68
[91] جاسم محمد حاتم العزاوى، ” العلاقات التركية الإيرانية بعد عام 2011″، مرجع سابق، ص:62
[92] المرجع السابق، ص: 62
[93] Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”, previous resource, P:31-32-40
[94]حدود التوافقات الكولونالية التركية الإيرانيةhttps://www.elbalad.news/4385528
[95] هدى رؤوف، “السياسات الإيرانية التركية -بعد قدوم بايدن- بين التقاطع والتنسيق والتنافس” ص: 68
[96] المرجع السابق
[97] https://carngieendowment.org/sada/81273
[98] مستقبل أكراد سوريا ما بين التحالفات الإقليمية https://caus.org.lb
[99] المرجع السابق
[100] سر التقارب-الإيرانى: عوامل تدفع بإتجاه “تفاهمات مرحلية”، https://www.alanba.com.kw
[101] المرجع السابق
[102] Jules De Neve, “continuity and fluctuation in the Turkish Iranian relationship 2011-2018”, previous resource, P: 39
[103] The previous resource, P; 39-40
[104] The previous resource, P; 40
[105] إدلب وملف معلق فى أزمة سوريا، https://www.skynewsarabia.com
[106] رجب طيب أردوغان: هل يأمر بشن عملية عسكرية شمالى سوريا….. https://www.bbc.com/arabia/middleeast-61571946
وللمزيد انظر “إيران تعبر عن تفهمها لضرورة تنفيذ عملية…….” https://www.france24.com
[107] إيران ترفض عملية شرق الفرات التركية فى سوريا، https://arabic.cnn.com
[108] partners in need: An overview of turkey-iran relations in twenty-first century https://www.icwa.in