أثر الحرب الروسية الأوكرانية على المعاملات الخارجية لمصر

سالى عاشور

 

أشارت كافة التقارير والتقديرات الاقتصادية إلى أن الحرب في أوكرانيا قد تؤدي إلى تراجع النمو المتوقع في التجارة العالمية بنحو النصف عام 2022، ومن المرجح أن يشعر الأفراد في جميع أنحاء العالم بالتكاليف المتعلقة بانخفاض التجارة والإنتاج مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، وانخفاض توافر السلع التي تصدرها روسيا وأوكرانيا.

ويعد الانخفاض الحادث في حجم التجارة العالمية والإنتاج العالمي في السنوات الثلاث الماضية أكبر انخفاض منذ الحرب العالمية الثانية؛ إذ يقدر حجم هذا الانخفاض بنحو 285 مليار دولار؛ نتيجة جائحة كورونا والأزمة الروسية_ الأوكرانية التي تتسبب في تفاقم سلسلة صدمات الإمداد التي لحقت بالاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة وفقًا لتصريحات صندوق النقد الدولي في 19 أبريل 2022.

وتعد كل من روسيا وأوكرانيا من أكبر البلدان المنتجة للسلع الأولية، وقد أدت انقطاعات سلاسل الإمداد إلى ارتفاع الأسعار العالمية بصورة حادة، ولا سيما أسعار النفط والغاز الطبيعي. وشهدت تكاليف الغذاء قفزة في ظل المستوى التاريخي الذي بلغه سعر القمح، حيث تسهم كل من أوكرانيا وروسيا بنسبة 30% من صادرات القمح العالمية. الأمر الي ينعكس على ارتفاع فاتورة الواردات وخاصة المصرية بوصفها من أكبر الدول المستوردة للقمح على مستوى العالم. إضافة إلى ذلك، فإن السياح الروس والأوكرانيين يشكلون نحو ثلث العدد الإجمالي لسياح مصر؛ وأي انخفاض كبير سيلحق الضرر بصناعة السياحة، التي تشكل مصدرًا رئيسًا للتوظيف والعملة الأجنبية على حد سواء.

أولًا: الصادرات والواردات المصرية خلال الأشهر الأولى من الحرب

بلغ إجمالي قيمة الصادرات المصرية السلعية غير البترولية نحو 3.1 مليارات دولار وذلك في أبريل من عام 2022، مقارنة بنحو 2.5 مليون دولار للشهر نفسه من العام السابق بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 24%. وقد أشار تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن إجمالي الصادرات الزراعية قد بلغ خلال الفترة من أول يناير 2022 وحتى 11 يونيو 2022 نحو 3 ملايين ونصف طن؛ إذ يتم تصدير الفائض عن احتياجات السوق المحلية بهدف توفير العملة الأجنبية.

وقد تصدرت أهم الصادرات الزراعية كل من الموالح، والبطاطس، والبصل الطازج، والطماطم الطازجة، والبطاطا، والفراولة، والفاصوليا الطازجة والجافة، والثوم، والبطيخ؛ إذ بلغ إجمالي الصادرات الزراعية من الموالح مليون و486 ألفًا 344 طنًّا، بالإضافة إلى تصدير 746 ألفًا 950 طنًّا من البطاطس الطازجة، لتحتل المركز الثاني في الصادرات الزراعية بعد الموالح، فيما تم تصدير 152 ألفًا و56 طنًّا من البصل، محتلًا المركز الثالث في الصادرات، واحتلت الفاصوليا المركز الرابع في الصادرات الزراعية بإجمالي 70 ألفًا و472 طنًّا.

في حين احتلت البطاطا المركز الخامس في الصادرات بإجمالي 38 ألفًا و635 طنًّا، واحتلت صادرات مصر من الطماطم المركز السادس بإجمالي بلغ 30 ألفًا و878 طنًّا، فيما احتلت صادرات مصر من العنب المركز السابع بإجمالي 27 ألفًا و380 طنًّا، تليها في المركز الثامن الفراولة بإجمالي 19 ألفًا و425 طنًّا، وحلّ الثوم في المركز التاسع في الصادرات بإجمالي بلغ 17 ألفًا و296 طنًّا، وحلَّ البطيخ في المركز العاشر في الصادرات الزراعية المصرية بإجمالي بلغ 5341 طنًّا.

لقد تبنت الحكومة إجراءات طوارئ لتلافي الأثر المباشر لارتفاع أسعار الأغذية، فقد حظرت السلطات تصدير المواد الغذائية الأساسية مثل القمح، والفول، والعدس والمعكرونة، وقدمت حوافز وفرضت أنظمة جديدة على منتجي القمح المحلي في محاولة لتعزيز الإمدادات المحلية. إضافة إلى ذلك، فرض الرئيس عبد الفتاح السيسي حدًا أعلى لسعر الخبز غير المدعوم.

وفيما يخص صادرات مصر من الغاز والبترول، فقد قفزت صادرات مصر من الغاز بنحو 98% في أول أربعة أشهر من 2022، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 3.892 مليار دولار. وتتوقع “بلومبرج إن إي إف” أن تصدّر مصر 8.2 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال هذا العام، بسبب ارتفاع أسعاره الفورية في أوروبا، الأمر الذي حفّز البلاد على زيادة إنتاج الغاز لدعم صادراتها منه. وبحسب بيانات وزارة البترول المصرية، فإن قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي زادت خلال عام 2021 بنسبة 768.2% لتصل إلى 3.959 مليارات دولار مقابل 456 مليون دولار خلال 2020.

وقد سعت مصر إلى الاستفادة من الطفرة التي شهدتها أسعار الغاز الطبيعي، خاصة في أوروبا بفعل العقوبات على روسيا والمساعي إلى حظر الغاز القادم منها، والذي يشكل نحو 40% من احتياجاتها. وسرَّعت البلاد من صادراتها، اعتمادًا على امتلاكها محطتين لتسييل الغاز في مدينتي إدكو ودمياط على ساحل البحر المتوسط، وارتفعت كميات الغاز المسال المصدر منها بمعدل 42% في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي على أساس سنوي.

صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال في أول 5 أشهر من 2022

ويمثل ذلك أعلى مستوى تصدير لمصر منذ عام 2009، بناءً على بيانات من المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لشركة “بريتش بتروليوم”. وأدّت أسعار الغاز المرتفعة في أوروبا إلى تحويلها كوجهة مسيطرة بالنسبة للغاز المصري الطبيعي المسال، والتي كانت تهيمن عليها تاريخيًا آسيا.

ثانيا: إيرادات قناة السويس

سوف نلقي نظرة سريعة على إيرادات قناة السويس بعد الجرب الروسية الأوكرانية، وما حدث لها من انعكاسات، فقد ارتفع عدد السفن العابرة لقناة السويس ليصل إلى 1.8 ألف سفينة في شهر مارس الماضي، بزيادة بلغت نحو 13% في متوسط الارتفاع في متحصلات قناة السويس، وأعداد السفن العابرة خلال عام 2021 وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فيما بلغ عدد ناقلات البترول العابرة نحو 394 سفينة في يناير الماضي، مقابل 400 ناقلة بترول في نفس الشهر من العام السابق له.

وجاءت الزيادة في عدد السفن العابرة بالتزامن مع ارتفاع عائدات هيئة قناة السويس؛ فقد سجلت العائدات نحو 6.3 مليار جنيه عام 2021، مقابل 5.6 مليار جنيه في عام 2020 ويعكس الشكل التالي تطور أعداد السفن العابرة من القناة.

ثالثًا: تحويلات العاملين بالخارج

أشارت تصريحات البنك المركزي المصري في مايو 2022 إلى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو 12.8% في مارس، لتسجل نحو 3.3 مليار دولار مقابل نحو 2.9 مليار دولار قبل عام. وقد وارتفع إجمالي التحويلات في الشهور التسعة الأولى من السنة المالية 2021-2022 بنسبة 1.1% على أساس سنوي إلى 23.6 مليار دولار. وسجّلت مصر في أبريل ارتفاعًا في صافي الاحتياطات الأجنبية بالبلاد وصل إلى 37.123 مليار دولار في نهاية أبريل، ارتفاعًا من 37.082 في مارس.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/71037/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M