أثر القيادة الأمريكية الجديدة على قضايا الشرق الأوسط

اعداد : عمرو عادل عبد الكريم علي – المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة:

مثّل تولي الرئيس الامريكي ترامب المنتهية ولايته ظاهره فريدة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية حيث أنه طوال فتره ولايته اتخذ العديد من المواقف المتناقضة والعديد من المواقف غير المتوقعة والجريئة حيث كان مبدئه امريكاً اولا وفي سبيل تحقيق هذا المبدأ كان لا يأبه لخطورة القرارات التي يتخذها ومدى تأثيرها على النظام العالمي وعلى العلاقات الثنائية مع الاطراف الدولية الاخرى.

ولقد كان لفتره ترامب تأثير مباشر وغير مباشر لا يستهان به على قضايا المنطقة العربية حيث ان العلاقات الامريكية-التركية والعلاقات الامريكية-الروسية والعلاقات الامريكية-الايرانية والعلاقات الامريكية-الاسرائيلية والعلاقات الامريكية-الاوروبية كان لها عظيم التأثير على العديد من القضايا العربية كالقضية السورية والليبية واليمنية والعراقية وقضية الصحراء المغربية فجميع القضايا العربية تأثرت بولاية ترامب.

ومع اقتراب تولي الادارة الامريكية الرئيس جو بايدن حيث رئيس جديد تختلف رؤيته بشكل كلي عن الرئيس السابق وله سياسات مختلفة عن ترامب تجاه العديد من الاطراف والقضايا الدولية كان لابد من النظر في العلاقات الامريكية الثنائية مع كلا من الاتحاد الاوروبي وإيران واسرائيل وروسيا وتركيا وانعكاسات العلاقات الامريكية الثنائية مع تلك الدول قضايا المنطقة العربية المختلفة ومقارنتها بالتوقعات حول تعامل الادارة الامريكية الجديدة مع تلك الاطراف وايضاً انعكاسات تلك العلاقات الجديدة على نفس القضايا التي تم النظر اليها وهو ما سيتضح من خلال العرض فالهدف من الدراسة توضيح إلى أي مدى تختلف العلاقات الامريكية الثنائية مع كلا من الاتحاد الاوروبي وروسيا وإيران وتركيا واسرائيل وانعكاسات هذه العلاقات على القضايا الرئيسية في المنطقة العربية في عهد ترامب عن ما هو متوقع في عهد بايدن؟

ثانياً “الإطار المفاهيمي”:

1- “مفهوم الوطن العربي”:

يُطلق مصطلح الوطن العربي او العالم العربي على منطقة جغرافية ذات تاريخ ولغة وثقافة مشتركة تمتد من المحيط الاطلسي غرباً الى بحر العرب والخليج العربي شرقاً وتشمل كل الدول العربية التي تنطوي تحت عضوية جامعه الدول العربية وعددها 22 دولة لغتها العربية هي اللغة الرسمية.

2- “الشرق الادنى”:

مصطلح استعمله البريطانيون في أواخر القرن التاسع عشر للدلالة على السلطنة العثمانية، بامتدادها في البلقان من البانيا وشمال اليونان الى الجزيرة العربية ومصر والسودان وطرابلس الغرب، وقد قسمت الخارجية الامريكية، شؤون الشرق الادنى على مكتبين : الاول خاص بتركيا واليونان وإيران والثاني خاص بالدول العربية، ً واستخدمت الهيئات الرسمية وغير الرسمية في ألمانيا مصطلح الشرق الادنى أيضا، للدلالة على الاقليم الممتد من بحر قزوين والقوقاز والبحر الاسود في الشمال إلى البحر العربي في الجنوب بحيث تشمل الدول الممتدة من إيران وتركيا في الشمال الى دول جنوب الجزيرة العربية والسودان في الجنوب، والمنطقة الممتدة من إيران في الشرق الى ليبيا في الغرب.

3- “الشرق الاوسط”:

لقد اتفقت أغلب الكتابات الانجليزية والفرنسية والعربية في الامم المتحدة على إطلاق تسمية الشرق الاوسط كبديل للمصطلحات السابقة، وللإشارة إلى المنطقة  الممتدة من تركيا شمالا الى اليمن جنوبا، ومن ليبيا غربا الى إيران شرقا، ويرتبط ظهور مفهوم الشرق الأوسط وانتشاره بتطور الفكر الإستراتيجي الإنجليزي، حيث استخدم هذا التعبير أول مرة عام ١٩٠٢م بواسطة ضابط بحري أمريكي هو (الفريد ماهان) صاحب نظرية القوة البحرية في التاريخ، وتطور استخدام هذا المفهوم حتى جاءت الحرب العالمية الثانية لتؤكده، فأنشأ مركز تموين الشرق الأوسط وقيادة الشرق الأوسط وذاع هذا المفهوم في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، فلا تزال هناك اختلافات عديدة حول تحديد المنطقة التي يشار إليها بهذا المصطلح.[1]

لقد درج استخدام المفاهيم والمصطلحات الثلاث للإشارة الى المنطقة العربية بالرغم من وجود اختلاف بينهم في المنطقة المقصودة لذلك كان لابد من توضيح هذا الامر قبل البدء في أجزاء الدراسة.

ثالثاً العلاقات الامريكية – الإيرانية في عهد ترامب وإنعكاسها على قضايا المنطقة العربية وتوقعاتها في عهد بايدن.

لقد ارتكزت استراتيجية الامن القومي الامريكي على عده نقاط منها الحفاظ على السلام من خلال القوة واعتبرت الاستراتيجية أن إيران تخلق تهديد للدول العربية السنية وإسرائيل وأكدت على حرمان إيران من إنتاج السلاح النووي والعمل مع الشركاء لتحييد الانشطة الايرانية في المنطقة كما اُعتبرت ضمن مصادر التهديد والتحدي للولايات المتحدة الامريكية لذلك دفع ترامب بعدد من القوات الامريكية في منطقة الخليج العربي لردع إيران التي هددت بإغلاق مضيق هرمز وتهديد المصالح الامريكية ومصالح حلفائها في المنطقة وترى الولايات المتحدة ان إيران وأذرعها المسلحة اهداف ارهابية تسعى للقضاء عليها.

ولقد مثّل مجيء الرئيس ترامب ظاهره في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية فخلال حملته الانتخابية بدأت ملامح موقف ترامب نحو إيران تتشكل في كل الملفات المتعلقة بها ولم يتردد خلال حملته في وصف الاتفاق النووي بأنه اسوأ اتفاق في التاريخ وأكد على معارضته للاتفاق النووي مع إيران وأنه سيوقفه بأي وسيلة ضرورية وأيّد زيادة العقوبات الاقتصادية عليها أكثر مما كانت قبل الاتفاق ولذلك حرص ترامب على اختيار شخصيات في فريقه تشاركه نفس الموقف المتشدد من إيران وهذا الامر ضاعف من التوتر المتوقع بين الولايات المتحدة وإيران وبلا شك سينعكس على المنطقة برمتها.

ولقد أظهرت ادراه ترامب رغبتها في عزل إيران وكان الاختبار الحقيقي لإدارة ترامب هو الرد على التجربة الايرانية لإطلاق صواريخ متوسطة المدى والتي قامت بها طهران في فبراير 2017 وقامت الإدارة الامريكية بفرض عقوبات اقتصادية على قائمة مكونه من 25 ما بين شركات وشخصيات تعتقد انها مرتبطة بالبرنامج الصاروخي الايراني ومؤسسات الحرس الثوري الايراني واعتبرت واشنطن العقوبات ما هي الا رسالة لطهران بأنها تلعب بالنار ومن هنا كانت البداية المتصلبة للمواقف الامريكية من إيران.

وفي 20 ابريل 2017 أعلن ترامب ان إيران لا تحترم الاتفاق الموقع مع القوى العظمى حول برنامجها النووي والذي دفع لتخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها كما رأى وزير الخارجية الامريكي ان الاتفاق يفشل في تحقيق اهدافه وتعتبر بداية الازمه الامريكية الايرانية في مايو 2018 حين أعلن الرئيس الامريكي ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني والاعلان عن سلسله جديده من العقوبات ضد إيران كان اخطرها منعها من تصدير النفط وتوعد الدول التي تستورد النفط الايراني بعقوبات شديده وتعتبر هذه الاجراءات محاوله لخنق الاقتصاد الايراني ودفع الطبقات الشعبية الى الاحتجاج والخروج الى الشارع ونقل المعركة مع النظام الى الداخل الايراني.

وهذا ما دفع الرئيس الايراني حسن روحاني في يوليو 2018 بالتهديد بتعطيل طريق الخليج الفارسي لتصدير النفط كرد فعل على الانسحاب الامريكي من الاتفاقية واتهم ترامب بمحاوله تدمير إيران عبر فرض عقوبات اقتصادية على إيران  وهدد باستئناف تخصيب اليورانيوم.

وبدءاً من اغسطس 2018 دخلت الدفعة الاولى من العقوبات الامريكية حيز التنفيذ حيث طالت المعاملات المالية والبيع المباشر وغير المباشر والنقل من وإلى طهران إضافةً إلى قطاع السيارات وكانت الدفعة الثانية من العقوبات في نوفمبر من نفس العام واستهدفت الطاقة وجميع الانشطة المتعلقة بالنفط وعمليات البنك المركزي الايراني.

وفي ابريل 2019 صنفت الولايات المتحدة الامريكية الحرس الثوري الايراني كمنظمة ارهابية وهو ما دفع القيادة الإيرانية بإعلانها ان الولايات المتحدة دوله راعية للإرهاب وفي مايو اتهمت الولايات المتحدة ايضا إيران بأنها وراء الهجوم على ناقلتي نفط سعوديتين وأمر ترامب بإرسال تعزيزات للقوات الامريكية في الخليج كما حملت الولايات المتحدة المسؤولية لإيران في تفجير ناقلتي نفط في خليج عمان واسقاط قوات تابعه للحرس الثوري الايراني طائره امريكية بدون طيار فوق مياه الخليج الفارسي ورفضت الولايات المتحدة التبريرات الايرانية ان الطائرة اخترقت الاجواء الايرانية واوقف ترامب رد فعل انتقامي من البنتاغون في يونيو 2019.

وفي يناير 2020 قُتل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في غاره امريكية استهدفت موكبه على مقربتاً من مطار بغداد وهو ما دفع المرشد الاعلى خامنئي بالتوعد بالانتقام لمقتل الرجل القوي في النظام الايراني عبر شبكة أذرع من الميليشيات الشيعية الموالية لإيران ونتيجة لعمليه الاغتيال تعرضت القوات الامريكية في العراق لهجمات صاروخية كما حذر نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس بأن هناك حالة رصد للتحركات الامريكية في المنطقة وكانت قواعد ينتشر فيها الجيش الامريكي والسفارات الاجنبية خصوصا البعثة الدبلوماسية الامريكية لما يقرب من 30 ضربة صاروخية منذ اكتوبر 2019 وحمّلت الولايات المتحدة مسؤولية هذه الهجمات للحشد الشعبي المدعوم من إيران والمتواجد في العراق.

وفي يناير 2021 اعلنت وزاره الخارجية الامريكية فرض عقوبات جديدة على كيانات ايرانية بسبب الانشطة المتعلقة بالأسلحة التقليدية.

يتضح مما سبق ان العلاقات الامريكية الايرانية في عهد ترامب شهدت صراع بينهم وتصعيد متبادل بين الطرفين واستخدام إيران ذراعها في العراق وهو الحشد الشعبي لاستهداف المنطقة الخضراء المتواجد بها السفارات والقوات الامريكية الى جانب ذلك تستهدف الولايات المتحدة القادة الايرانيين داخل الاراضي العراقية واصبحت العراق دوله لتصفيه الحسابات بين كلا الطرفين وهذا بطبعه ما يقود الى عدم الاستقرار داخل الدولة العراقية ويعتبر انتهاك واضح للسيادة العراقية ويمثل تدخل خارجي داخل الاراضي العراقية فالعراق دوله مخترقة من جانب الدولة الايرانية والولايات المتحدة الامريكية.

اعلنت وزاره الخارجية الامريكية تصنيف جماعه أنصار الله الحوثيين منظمه ارهابية حيث ترى الإدارة الاميركية ان جماعه الحوثي لديهم علاقات وثيقة مع الحرس الثوري الايراني الذي يعتبر من وجهه نظر واشنطن منظمه ارهابية كما احتجت إيران على القرار الامريكي الصادر ضد أحد أذرعها المسلحة في منطقة الخليج.

وتتميز العلاقات الحوثية الايرانية بالدعم العسكري والمالي حيث يتم تهريب الأسلحة والتكنولوجيا الصاروخية للحوثيين بهدف تهديد أمن الخليج ويُنظر الى القرار الامريكي على انه سيعقد الحل السياسي في اليمن التي تعاني من صراعات داخلية وصاحبها تدخلات خارجية كعاصفة الحزم من دول الخليج والدعم الايراني لجماعه الحوثي حيث تسيطر جماعه الحوثي على الحكم في صنعاء بفضل الدعم الايراني للجماعة ويعاني الجنوب اليمني من صدام بين قوات التحالف أحدهما مدعومة من السعودية والاخرى من الامارات[2].

يُعد الملف الايراني من اهم الملفات المطروحة على اجنده الرئيس الامريكي القادم بايدن لما حدث فيه من ازمات في عهد الرئيس الامريكي المنتهية ولايته وهناك إشكالية هل سيعود بايدن الى الاتفاق النووي القديم مع الجمهورية الايرانية ام سيلجأ الى عقد اتفاق نووي جديد مع الادارة الايرانية.

وكان بايدن قد أكد على استعداده لعودة إلى الاتفاق النووي ووضع لذلك شروطا حيث أكد بايدن على ان العودة للمفاوضات ستتناول تفكيك برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية وإشراك دول أُخرى في المفاوضات مثل السعودية والإمارات بما يعني وضع إيران وبرامجها النووية تحت وصاية إقليمية بعد الوصاية الدولية وتمديد فترة القيود على أنشطة إيران لإنتاج المواد الانشطارية التي قد تستخدم لصنع أسلحة نووية وهذا يعني إطالة المدة الزمنية للاتفاق النووي إلى أكثر من عشر سنوات وأيضاً الحصول على التزام إيراني بوقف كل الدعم السياسي والعسكري والمالي للأذرع العسكرية الحليفة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين المحتلة.

كما انه من المتوقع ان تفتح الإدارة الامريكية قنوات تواصل مع إيران ويتوقع ان تعود إيران الى الاتفاق النووي القديم حيث انها كانت متمسك به هي والدول الأوروبية ومع التعنت الامريكي عادت الى التخصيب مره اخرى بمعدلات اعلى من المنصوص عليها في الاتفاق الموقع عام 2015 ولكن العودة الايرانية الى الاتفاق القديم سيكون وفق للمفاوضات على شروط العودة بين الطرفين الامريكي والايراني للاتفاق القديم.

كما انه من المتوقع ان تتطرق الادارة الامريكية الجديدة الى ملف الاذرع الايرانية المسلحة في الدول العربية والدعم السياسي والعسكري والمالي الذي تقدمه طهران لهذه الميليشيات المسلحة التابعة لها والتي تستخدمها في تهديد أمن الدول الخليجية وامن اسرائيل وايضاً تستخدمها في ضرب المنطقة الخضراء في العراق كما حدث من الحشد الشعبي التابع لها فالإدارة الامريكية قد تضغط على إيران بخصوص هذا الامر في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الامريكية والعودة الى الاتفاق النووي القديم والسماح للدولة الايرانية بتصدير النفط ورفع تجميد الحظر عن الاموال الايرانية في الخارج والعمل على عوده الروح للاقتصاد الايراني المتأثر بشده من العقوبات الاقتصادية التي فرضت بشكل مستمر من الادارة الامريكية في عهد الرئيس الأمريكي المنهية ولايته دونالد ترامب.

وبالتالي فاضغط الامريكي على إيران بخصوص أذرعها المسلحة في دول المنطقة قد يساهم في تهدئه الوضع في اليمن بعد سيطرة جماعه الحوثي على السلطة في صنعاء وتهديدها لأمن المملكة السعودية ايضاً جماعه حزب الله في لبنان وتهديدها لإسرائيل بشكل مستمر الى جانب الحشد الشعبي في العراق وتهديده للبعثة الدبلوماسية الامريكية ومنطقة السفارات في العراق بسبب الاطلاق المستمر للصواريخ على تلك المنطقة ايضا محاوله الحد من التدخل الايراني في الشأن السوري ووقف الدعم الايراني للنظام السوري او الحد منه الى اقصى ما يمكن حيث ان إيران حولت الصراع الى صراع طائفي من خلال دعمها للشيعة السوريين وساهمت في انتشار الارهاب والجماعات التابعة لها في الاراضي السورية[3].

رابعاً العلاقات الامريكية – التركية في عهد ترامب وإنعكاسها على قضايا المنطقة العربية وتوقعاتها في عهد بايدن.

تدخل العلاقات الأمريكية التركية منذ تسلم ترامب السلطة بداية جدية تأمل تركيا ترجمه ذلك على أرض الواقع في الملفات العالقة وأبرزها الملف السوري بما فيه المنطقة الامنة والاكراد وأزمه اللاجئين ومكافحه الارهاب وملف غولن وتعتبر رؤية ترامب وسياساته غامضة جداً بالنسبة لتركيا ولكن هناك شبكة مصالح ضخمه ومعقده بين البلدين.

بالرغم من ان تركيا حليف للولايات المتحدة الامريكية في حلف الناتو ومساهمتها المالية متقدمة على معظم الدول الاخرى الا ان الولايات المتحدة الامريكية تحت إدارة ترامب انزعجت من التقارب التركي  الروسي وخصوصاً ما يخص الشأن السوري ورأت انه قد جرى اتفاق بينهما على ازاحه الولايات المتحدة الامريكية من مشهد الصدارة في سوريا.

ولقد مرت العلاقات الامريكية التركية بعده ازمات في فترة تولي الرئيس الامريكي ترامب منها تقديم ترامب الدعم والامداد والتسليح لوحدات حماية الشعب تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا بزعم محاربة الارهاب في مدينة الرقة الامر الذي اغضب الادارة التركية مما دعاها الى ان ترفض وتستنكر الممارسات الامريكية تجاه حلفائها في بيان رسمي على لسان مسؤولين اتراك فالدعم الامريكي لوحدات حماية الشعب بدأ في عهد اوباما واستمر في عهد ترامب حيث ارسلت إليهم شاحنات مليئة بالأسلحة الثقيلة والذخيرة كما انها دربت عناصر المنظمة الكردية وهذا ما دفع الإدارة التركية التهديد بشن عملية عسكرية جديده ضد المنظمة الكردية شمال سوريا.

كما ان دعم ترامب لقوات سوريا الديمقراطية لمواجهة تنظيم داعش وموافقته على تقديم السلاح لهم على نحو مباشر رأت تركيا ان هذه القوات تشكل خطراً كبيراً عليها بسبب انتمائها الى حزب العمل الكردستاني وتسببت هذه المصالح المتعارضة بحدوث تصادم بين انقره وواشنطن حيث تساعد الولايات المتحدة الاكراد وهذا من شأنه قيام اردوغان بسياسات واجراءات هدفها عرقلة الجهود المشتركة بين الولايات المتحدة وتركيا للقضاء على تنظيم داعش الارهابي.

كما ان قضية القس الامريكي أندرو برونسون تُعد إحدى الازمات التي طالت العلاقات الامريكية التركية حيث اعتقلت القوات التركية القس ووضعته تحت قيد الاقامة الجبرية لاتهامه بالضلوع في محاوله الانقلاب العسكري عام 2016وتعاونه مع غولن واقامة صِلات بحزب العمل الكردستاني وحدثت مفاوضات بين ترامب واروغان حولها وطالب ترامب بالإفراج عن القس الامريكي وهذا ما دفع أردوغان بطلب تسليم غولن للإدارة التركية مقابل الإفراج عن القس الامريكي.

ونتيجة لعملية الاعتقال فرضت الإدارة الامريكي عقوبات اقتصادية على الدولة التركية شملت تجميد اصول وزير الداخلية سليمان صويلو ووزير العدل عبد الله غل وتقييد دخولها الى الولايات المتحدة الامريكية ونتيجة للضغوط الامريكية تم الافراج عن القس ووضع تحت الاقامة الجبرية.

ثم بعد ذلك أعلن ترامب الحزمة الثانية من العقوبات الاقتصادية الامريكية على تركيا وشملت مضاعفه الرسوم الجمركية على واردات الحديد والصلب الالومنيوم التركية وهو ما دفع الادارة التركية الى القيام بنفس الاجراء التي قامت به الادارة الامريكية وتسببت العقوبات الامريكية انهيار العملية المحلية التركية امام الدولار الامريكي وتأثر الاقتصاد التركي والاسواق التركية ولكن بعد شهرين من الافراج التركي عن القس وعودته الى الولايات المتحدة وافقت واشنطن على تزويد انقره بصواريخ باتريوت وتسليم طائرات إف-35 المتفق عليها سابقاً.

وفيما يخص القضية السورية وتأثيرها على العلاقات بين الادارة التركية والامريكية في ديسمبر 2018 أعلن الرئيس الامريكي ترامب انه سيسحب قوات بلاده من سوريا وكان القرار مفاجئاً للجميع حيث اعترض عليه مسؤولون في الادارة الامريكية والحزبان الديمقراطي والجمهوري كما فاجئ القرار الدول الحليفة للولايات المتحدة أما تركيا فقد رحبت بالقرار مبدئياً باعتبار ان القوات الامريكية تحمي وتُدعم قوات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقره ارهابية وان الانسحاب يسهل نظرياً امام انقره التدخل في سوريا وضرب المسلحين الاكراد وبعد ذلك أعلن أردوغان توصله لاتفاق تاريخي مع ترامب لإقامه منطقة امنه في سوريا لكن ترامب ما لبث ان أعلن معارضته لاي تدخل عسكري تركي يمكن ان يؤدي الى ضرب الاكراد بل حذر تركيا من انه إذا باشرت هجوما عسكرياً على الاكراد فان الولايات المتحدة ستدمر الاقتصاد التركي ولكن بالرغم من التهديد الامريكي لتركيا الا انها نفذت العملية العسكرية شمال شرق الفرات بسوريا.

ومن الازمات الأخيرة التي شهدتها العلاقات التركية الامريكية ازمه شراء تركيا منظومه أس400 الروسية حيث استلمت تركيا الدفعة الاولى من منظومه السلاح الروسي في 2019 وهذا ما دفع الادارة الامريكية الى إعلان فرض عقوبات على تركيا تحت قانون مكافحه اعداء امريكيا حيث اوضحت وزارة الخارجية الامريكية ان الولايات المتحدة تفرض عقوبات على إدارة الصناعات الدفاعية في الجمهورية التركية أس أس بي وفقاً للمادة 231 من قانون مكافحه أعداء امريكا وذلك لمشاركتها عن علم في صفقة مهمه مع شركة روزربورن اكسبورت وهي الكيان الرئيسي لتصدير الاسلحة في سوريا من خلال شراء نظام صواريخ أرض جو إس 400.

وتشمل العقوبات حظرا على جميع التراخيص وتصاريح التصدير الامريكية لصالح ادارة الصناعات الدفاعية وتجميد الاصول الخاصة بالدكتور اسماعيل دمير رئيس ادارة الصناعات الدفاعية ومسؤولين اخرين فيها وفرض قيود التأشيرة عليهم وأوضحت الادارة الامريكية ان شراء تركيا للمنظومة الروسية من شأنه ان يعرض امن التكنولوجيا والافراد العسكريين الامريكيين للخطر ويوفر اموالا كبيرة لقطاع الدفاع الروسي فضلا عن تسهيل وصول روسيا الى القوات المسلحة التركية وصناعة الدفاع في تركيا وقد تسبب هذا القرار في تعليق عضوية تركيا والعمل على فصلها من البرنامج المشترك لصناعة المقاتلة إف-35.

وقد دانت تركيا العقوبات الاحادية التي فرصتها الإدارة الامريكية عليها بسبب صفقة منظومه السلاح الروسي معتبره الخطوة غير عقلانية وأنها ستؤثر على علاقات الثنائية بين البلدين.

ومع التدخل التركي العسكري في ليبيا بدا الدعم الامريكي الضمني لها فالخلاف بين البلدين كان على أشده في سوريا بسبب التعاون التركي الروسي حيث تزامنت زيارة اردوغان لواشنطن في نوفمبر 2019 الاعلان عن الاتفاقيات التركية مع حكومة الوفاق ولم يعارض ترامب زيادة التدخل التركي العسكري في ليبيا كونه يأتي موازناً للوجود العسكري الروسي هناك حيث استغلت تركيا انزعاج واشنطن من حفتر بسبب استعانته بموسكو وسماحه بزيادة اعداد مقاتلي شركة فاغنر الروسية على الاراضي الليبية.

ومع ظهور اتجاه امريكي يدعو لمحاربة التمدد الروسي في المنطقة مجدداً استغلت تركيا هذا الامر وهو ما يخدم دعم التوسع التركي العسكري في ليبيا ولكن بشروط امريكية حيث اعلنت قياده القوات الامريكية في افريقيا رفضها للوجود العسكري الروسي في ليبيا ومع عدم رغبه ترامب بالزج بالجيش الامريكي في المنطقة وصراعاتها فان الخيار الافضل لواشنطن من اجل ضبط جموح المشير حفتر وما خلقة من فرصه للتدخل الروسي هي دعم الوجود العسكري التركي في ليبيا من اجل احداث توازن عسكري على الارض يؤدي في النهاية الى بدء مفاوضات سياسية جدية وقد سمحت واشنطن لتركيا بحرية نقل السلاح الى ليبيا عبر البحر والجو كما سمحت لها باستخدام السلاح الامريكي في ليبيا[4].

لقد كانت لبايدن تصريحات ادلى بها لصحيفه نيويورك تايمز في ديسمبر 2019 ابدى فيها قلقة إزاء نهج اردوغان تجاه الاكراد في تركيا وتعاونه العسكري مع روسيا وبقاء القواعد الجوية الامريكية في تركيا حيث دعا الى تغيير سياسات الولايات المتحدة تجاه اردوغان وابداء دعمها علنا المعارضة التركية لتمكينها من الفوز في الانتخابات وتوعد الرئيس التركي المستبد بدفع الثمن وأكد انه سيدعم المعارضة التركية ويشجعها في حال أصبح رئيساً لأمريكا.

كما ابدى قلقة تجاه استمرار امتلاك الولايات المتحدة اسلحة نووية في تركيا ويرى ان الولايات المتحدة في حاجة الى العمل بجدية أكبر مع الحلفاء لعزل أفعال اردوغان في المنطقة لا سيما في شرق المتوسط كما ان بايدن عرف على الدوام بانتقاده سجل تركيا في ملفات حقوق الانسان والحريات وملف الاكراد ومذابح الارمن عام 1915.

ويبدو من تصريحات بايدن انه سيكون هناك مواقف أكثر صرامة من واشنطن تجاه تركيا ويتضح هذا الامر حين تجاهل الرئيس الامريكي جو بايدن، رسالة التهنئة التي أرسلها رجب طيب أردوغان، فيما رد على تهنئة البطريرك الأرثوذكسي المقيم في إسطنبول وتجاهل بايدن يكشف عمق الأزمة التي تنتظر تركيا في المستقبل، كما أنها تعري الخلافات بين إدارة بايدن المنتظرة وتركيا كما ان بايدن أعرب الرئيس الأمريكي المنتخب عن دعمه لاتحاد فيدرالي ثنائي المنطقة في جزيرة قبرص، التي تم تقسيمها منذ عام 1974 عندما غزت تركيا الشمال رداً على القبارصة اليونانيين بهدف توحيد الجزيرة مع اليونان.

فتصريحات الرئيس الامريكي الجديد بايدن تشير اتخاذ الإدارة الجديدة مواقف صرامة من الإدارة التركية وهذا من شأنه سيتعلق بقضايا مثل الوجود التركي العسكري في ليبيا حيث ساند ترامب هذا الوجود وسمح للإدارة التركية بنقل واستخدام الاسلحة الامريكية فيه بينما بايدن سيكون له مواقف مختلفة عما فعله ترامب مع اردوغان فيما يخص الشأن الليبي حيث قد تلجأ الإدارة الامريكية الى الضغط على تركيا لتقليل الوجود والتدخل العسكري التركي في لبيبا وليس الخروج الكلي من ليبيا نظراً لوجود المنافس الابدي الروسي في ليبيا.

وفيما يخص  قضية شرق المتوسط والازمه القبرصية التركية وايضا القضية السورية والتدخل التركي في سوريا سيكون للإدارة الامريكية الجديدة وجهه نظر مختلفة في التعامل مع الإدارة التركية حيث ان بايدن يفضل تسليح الاكراد والتعاون معهم ودعهم وهذا الامر سيزعج الادارة التركية حيث يعتبر حزب العمل الكردستاني جماعه ارهابية وفقاً للإدارة التركية لما يسبب لها من مشكلات حدودية رغبةً في الانفصال عن تركيا واستغلالهم الاوضاع في شمال سوريا الخاضع لهم وايضاً اكراد العراق والحث على الانفصال عن الاقليم التركي والسوري والعراقي وتكوين دولة كردية بين الاقليم السوري التركي العراقي وهذا الامر يعتبر خط احمر وفقاً للإدارة التركية وهو ما يدفعها لشن عمليات عسكرية على الاكراد في سوريا والعراق ورغبتها في امشاء منطقة امنه على الحدود مع سوريا.

وبالتالي نظراً لوجود اختلاف في الرؤى بين الادارة الامريكية الجديدة والإدارة التركية هذا الامر يؤكد على وجود ارتطام في العلاقات بين الادارتين الامريكية والتركية وهو ما قد نشهده في الايام المقبلة[5].

خامساً العلاقات الأمريكية – الروسية في عهد ترامب وإنعكاسها على قضايا المنطقة العربية وتوقعاتها في عهد بايدن.

مع تولي الرئيس الامريكي ترامب السلطة صدرت استراتيجية الامن القومي الامريكية الرابعة عشر وتنتهج الاستراتيجية مبدأ الواقعية وتسعى الاستراتيجية للحفاظ على السلام من خلال القوة وترى ان القوات الامريكية في الخليج رادعاً استراتيجياً روسيا ولقوى عالمية أخرى منافسه وتَعتبر الاستراتيجية روسيا مصدر تحدي وتهديد رئيسي كما ان الاستراتيجية طالبت روسيا بعدم التدخل في سياسات الدول الاخرى من خلال اشكال حديثة من التكتيكات التخريبية وتتبنى الإدارة الامريكية إستراتيجية تعمل على تقويض قوه روسيا وقليل استفادتها المجانية من المؤسسات الدولية التي اسستها الولايات المتحدة.

ورات استراتيجية الدفاع الوطني عام 2018 التي نشرتها وزاره الدفاع الامريكية ان روسيا تعتبر منافس استراتيجي للولايات المتحدة وترغب في تشكيل عالم يلائم نموذجها الاستبدادي ويقوض النظام الدولي القائم من داخله من خلال استغلال مميزاته وفي نفس الوقت هدم مبادئه والقواعد التي تحكمه.

وبالرغم من ان ترامب قد أعلن عن إعجابه بالرئيس الروسي بوتين الا انه مع مرور الوقت تبني وجهات نظر واستراتيجيات المؤسسات السياسية والامنية والاستخباراتية بتصعيد حده التنافس مع العدو التقليدي فمنذ تولي ترامب الرئاسة وقد هدفت الإدارة الامريكية مراجعه مفهومي توازن القوى والردع مع روسيا ليكونا أكثر ملاءمة لها والحفظ على الهيمنة العسكرية الامريكية في ظل الاستثمار الروسي في قوتها العسكرية واستخدامها لتعزيز مكانتها الاقليمية والدولية على حد سواء.

ففي منتصف 2017 فرض عقوبات على روسيا بسبب اتهامات وكاله الاستخبارات الامريكية تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية 2016 كما ايد طرد 60 دبلوماسي روسي واغلاق القنصلية الروسية بسبب تسمم جاسوس روسي سابق وابنته في بريطانيا.

وفي اغسطس 2019 فرضت الولايات المتحدة الامريكية حزمه جديده من العقوبات على روسيا تضم عدم تقديم اي قرض او مساعده تقنية اليها من جانب المؤسسات المالية الدولية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الامريكية وفرض قيود تمنع المصارف الامريكية من تمويل الديون السيادية الروسية وعلى صادرات السلع والتكنولوجيا الى موسكو.

كما ان الولايات المتحدة اعلنت انسحابها من معاهده القوى النووية متوسطة المدى التي ابرمتها مع روسيا 1987 وذلك بعد ان رأت ان موسكو تنتهك المعاهدة وهو ما نفاه الكرملين وفي اعقاب الانسحاب اعلنت وزاره الدفاع الامريكية عن اجراء تجربة صاروخ متوسط المدى الذي كان ممنوعاً وفقاً للمعاهدة حيث أعلن وزير الدفاع الامريكي آنذاك مارك أسبر بانه سيقوم بتفعيل برامج للتجارب الصاروخية التي كانت معطله بسبب المعاهدة مع روسيا وقد اثارت تلك التجربة حفيظة موسكو لأنها تصعد من حده سباق التسلح الدولي.

ولقد اقرت الادارة الامريكية مشروع قانون يعاقب روسيا الاتحادية لضمها شبة جزيرة القرم الاكرانية وما قيل بشأن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الامريكية عام 2016 وتشمل العقوبات الانشطة المتعلقة بالأمن السيبراني ومشاريع النفط الخام والمؤسسات المالية وانتهاكات حقوق الانسان والتهرب من العقوبات وخطوط التصدير وعمليات نقل السلاح الى سوريا.

وواجهت روسيا الاستراتيجية الامريكية الرامية الى احتوائها باستراتيجية قائمة على التحرك العسكري المباشر لضمان مصالحها والتوسع وزيادة الانفاق العسكري واعتمدت في 2018 مشروع قانون لمواجهه العقوبات الاجنبية ويخول للرئيس والحكومة اتخاذ اجراءات للرد على التدابير غير الودية للدول الاجنبية والاجراءات يمكن ان تكون انتهاء او تعليق التعاون بين روسيا والدول الاجنبية التي اتخذت السلوك العدائي بما في ذلك الشركات والمنظمات التابعة لها وحظر استيراد المنتجات والسلع من الدول الأجنبية غير الودية على ان تقوم الحكومة بتحديد قائمه المنتجات بشرط الا تشمل سلعا اساسية ليست لها بدائل في روسيا او دول اخرى ايضاَ حظر حكومات هذه الدول وشركاتها من المشاركة في مشاريع حكومية روسية او تقديم خدمات لكيانات ومنعها من المشاركة في خصخصة الممتلكات الحكومية بروسيا الاتحادية.

وينعكس التجاذب الامريكي الروسي على المنطقة العربية ويتطور الى صراع جوهري حيث تُعد الدولة في مناطق النزاعات التي تتجاذب فيها امريكا وروسيا هي الضحية الاكثر وضوحا وقد زاد التجاذب الروسي الامريكي من حده الازمة في دوله مثل سوريا وليبيا حيث في سوريا تدعم روسيا قوات الجيش السوري التابع للدولة برئاسة بشار الاسد بينما تدعم الإدارة الامريكية قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب وتدعم الجيش السوري الحر فالولايات المتحدة تدعم الاكراد وتسعى لاقتطاع جزء سوري لهم وبالتالي تصدع وتفكك سوريا بينما روسيا تدعم نظام الاسد من اجل وحده الدولة وعوده سيطرة وسياده النظام السوري على كامل الاقليم السوري وتشن كلا من روسيا والولايات المتحدة غارات على الاراضي السورية كما ان لكل منهم قواعد عسكرية دائمة في سوريا.

وتواصل روسيا دعم إيران ووصفها بالحليف وهو ما يجعلها في ايضاً في مواجهه مع الولايات المتحدة حيث دفعت روسيا الدولة الايرانية الى تدمير نسيج المجتمع السوري وحولت خلافاته السياسية الى صراعات طائفية طارده لكل حل سياسي عقلاني.

اما بالنسبة للقضية الليبية فالدولة الروسية تساعد وتدعم المشير خليفه حفتر وترسل شركة فاغنر الروسية قوات للحرب بجانب قوات المشير في ليبيا فضلا عن وجود اسلحه روسية تستخدمها في الصراع الليبي حيث تتهم الولايات المتحدة روسيا بإرسال الأسلحة الروسية الى ليبيا فالتواجد الروسي في لبيبا لدعم المشير خليفه حفتر دفع الولايات المتحدة لقبول التواجد التركي العسكري في ليبيا من اجل احداث التوازن حتى لا تصبح الساحة خالية للطرف الروسي لبسط نفوذه وسيطرته على كامل الدولة الليبية كما حدث في سوريا.

ولم تؤيد روسيا القرار الامريكي بنقل السفارة الامريكية الى القدس ورأت روسيا ان هذا القرار يخالف الاتفاقيات الدولية كما ان روسيا اعتبرت قرار السيادة الإسرائيلية على هضبه الجولان على انه يعرقل عملية السلام السياسي في سوريا وان الولايات المتحدة لا تريد السلام في المنطقة وانهم بحاجة الى الحرب ويهتمون بمبيعات اسلحتهم.

فالتجاذب ادى الى تعطيل حل القضايا العربية وتفاقم حدتها حيث لم تعد القضايا ملكاً لأصاحبها الذين باتوا وكلاء هامشيين لدى اللاعبين الكبار وان الحلول المقترحة لا تشبه الاهداف التي أرداها الفاعلون المحليون بقدر ما صارت نسخه عن طموحات اولئك اللاعبين وأجنده تنطوي على مصالحهم الخاصة[6].

يعتبر الملف الروسي من أخطر الملفات التي ستتدخل فيها الادارة الامريكية الجديدة وتعتبر ملامح سياسة بايدن تجاه روسيا معروفه منذ قبل تولية السلطة حيث انه في ديسمبر الماضي صرح بأنه على الولايات المتحدة ان تكيّف اولوياتها الدفاعية على خلفية التعقيدات الاستراتيجية التي خلقتها روسيا والصين وتسعى الإدارة الامريكية الجديدة لمواجهه التمدد الروسي في المنطقة العربية الى جانب تدخلها في العديد من الملفات الاخرى.

وتعتبر اداره بايدن وفريقه ان التركيز الامريكي لابد ان ينصب على التهديدات الي تشكلها روسيا على امن الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها وترى الادارة الجديدة ان الحزم هو السبيل الوحيد للتعامل مع روسيا حيث ان الأخيرة متهمة بأنها وراء القرصنة داخل أمريكا والهجمات السيبرانية داخل الاراضي الامريكية واوكرانيا.

وبالتالي ستعتبر روسيا الاتحادية هي المركز الاول بدلاً من الصين في قائمه أعداء أمريكا وستواجه الإدارة الامريكية الجديدة عملية التمدد الروسي وتدخله في قضايا المنطقة العربية مثل القضية الليبية والقضية السورية حيث ان روسيا هي الداعم الاول للنظام السوري بشار الاسد وبدون الدعم الروسي لكان النظام السوري سقط منذ فتره حيث ان الدعم الروسي مكّن النظام السوري من إعادة سيطرته على معظم الاقليم السوري ونظير ذلك أصبح لروسيا تواجد عسكري دائم داخل الاقليم السوري.

إلى جانب القضية السورية تتواجد روسيا في القضية الليبية حيث يقاتل المقاتلين الروس الى جانب قوات المشير خليفة حفتر حيث ان المشير طلب الدعم الروسي لمواجهه القوات المدعومة من تركيا وقطر وهذه الفرصة سمحت للروس بالتواجد في القضية الليبية فشركة فاغنر الروسية أحد الاذرع التي تُمد المشير خليفة حفتر بالمقاتلين.

وبالتالي ستعمل الإدارة الامريكية الجديدة على الحد من التدخل والتمدد الروسي في المنطقة العربية لما فيه من زيادة النفوذ الروسي واعطائها صلاحيات لتصبح أحد أطراف النزاعات كما ان ستصبح أحد الاطراف الرئيسية في المفاوضات للوصول الى حلول لتسوية القضايا فروسيا أصبحت طرف أساسي في القضية السورية وبالتالي لا يمكن أن تبتعد عن المفاوضات للوصول الى حل للتسوية السورية كما أنها تسعى لتصبح طرف أساسي في القضية الليبية وبالتالي تصبح أيضاً طرف أساسي في المفاوضات التي تسعى لتسوية القضية الليبية[7].

سادساً العلاقات الأمريكية – الاوروبية في عهد ترامب وإنعكاسها على قضايا المنطقة العربية وتوقعاتها في عهد بايدن.

منذ مجيء ترامب ويعاني الاتحاد الاوروبي من تحديات داخلية وخارجية حيث يشهد انقسام داخلي ساهمت إدارة ترامب بقدر ما في حدوثه الى جانب ذلك توتر العلاقات مع واشنطن حيث تواجه دول الاتحاد نوعا من الاستقطاب الامريكي الروسي حيث تسعى الدولتان اجذب أكبر عدد من الدول الاوروبية لمحورها مما يؤدي لإضعاف بنية الاتحاد حيث لجأت الحكومة البلجيكية لشراء مقاتلات امريكية بالرغم من وجود بدائل فرنسية واخرى اوروبية الى جانب ذلك اعلان رغبة رئيس وزراء المجر تعزيز التعاون مع موسكو لمرتبة التحالف الاستراتيجي.

على الصعيد الخارجي حيث العلاقات مع واشنطن فخلال حمله ترامب الانتخابية وجهه انتقادات للمؤسسات الاوروبية ورحب واستمتعت الإدارة الامريكية الجديدة بما يحدث داخل أوروبا من ازمات متعددة حيث سعت واشنطن بصوره مباشره وغير مباشره الى دعم الانقسام الاوروبي وذلك من خلال دعم بعض التوجهات المتطرفة حيث شجع ترامب القوى اليمينية والاحزاب الاوروبية وخلال حملة الرئاسة الفرنسية استقبل ترامب المرشحة اليمينية لوبان كما انه رحب بانسحاب بريطانيا من الاتحاد حيث تدعو واشنطن الدول الاوروبية الى التعامل معها بشكل فردي منعزل وتبتعد الإدارة الامريكية كل الابتعاد عن مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسيل.

وتناصب اداره ترامب النموذج الاوروبي الاتحادي العداء السياسي والاقتصادي فإدارة ترامب اعلنت حربا بارده من نوع جديد على حليفاتها الاوروبيات ما دمن لا ينصعن الى توجهاتها السياسية اقليميا ودولياً على مختلف الاصعدة والملفات حيث قامت اداره ترامب بفرض اجراءات حمائية على الواردات الاوربية من الحديد والصلب وهو ما أدى الى توتر العلاقات بينهم حيث أعلن ترامب عزمه فرض المزيد من الاجراءات لحماية الصناعة الامريكية تطبيقاً لمبدئه امريكا أولاً ويُتعبر ترامب أول رئيس أمريكي يصف حلفائه الاوروبيين بأنهم عدو اقتصادي.

وتتضمن الخلافات الامريكية الاوروبية اليات التعامل مع عدد من القضايا الدولية ومنها الملف النووي الايراني حيث رفضت الدول الاوروبية الضامنة للاتفاق مع طهران انسحاب واشنطن منه بعد اعلان ترامب في مايو 2018 واعلنت الدول الاوروبية استمرار تنفيذ الاتفاق ومعارضة العقوبات المفروضة على طهران بعد ان أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 12 تقريراً دولياً بأن إيران تمتثل لالتزاماتها بموجب الاتفاق بوقف تخصيب اليورانيوم ونتيجة لذلك أعلن الاتحاد الاوروبي ببروكسيل في اغسطس 2018 تقديمه 20 مليار يورو الى طهران كجزء من المبلغ الذي كان الاتحاد قد وعد به عند توقيع الاتفاق وهو 50 بليون يورو وهو ما اعتبرته الادارة الامريكية رسالة خاطئة لإيران وان الاتحاد الاوروبي يوجه هذه المبالغ من أموال دافعي الضرائب الاوروبيين.

فالخلاف الامريكي الاوروبي يتمحور حول اليات تنفيذ منع طهران من امتلاك السلاح النووي فالدول الاوروبية ترى الاتفاق السبيل للمنع بينما واشنطن ترى أن فرض المزيد من العقوبات الدولية على طهران هو السبيل لتغيير السلوك الايراني الخارجي حيث يطالب ترامب بتقليص الدور الايراني الاقليمي في الشرق الاوسط ولذلك فرضت عقوبات عليها ومع لوحظ ان واشنطن ضمت دولتين اوروبيتين اليونان وايطاليا في قائمة الدول المعفاة من العقوبات الامريكية والمسموح لها بمواصلة استيراد النفط الايراني لمده سته أشهر تقديرا لظروفهما الاقتصادية وحتى توفيق اوضاعهما في هذه الفترة.

ويظهر الخلاف الاوروبي الامريكي أيضاً حول المساهمة الاوروبية بموازنه حلف الناتو حيث دأب ترامب على انتقاد ضعف المساهمة الاوروبية حيث تساهم بنسبه 1.5% من موازنه الحلف وتتحمل واشنطن اغلب النفقات الدفاعية الاوروبية وكانت انتقادات ترامب تنصب على المانيا تحديدا والتي استجابت لمطالبة واقرت رفع نسبه مساهمتها بموازنه الحلف الى 2% من الناتج المحلي الاجمالي لها.

ويمثل الناتو الاليه الدفاعية الاوروبية الامريكية المشتركة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بيد ان واشنطن تعمل على ابقاء المظلة الامنية الامريكية فاعلة ونشطة على حلفائها الاوروبيين لاسيما بعد اعلان ترامب في اكتوبر 2018 عزمه على الانسحاب من معاهده الحد من انتشار الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى الموقعة 1987 بين الرئيس الامريكي ريجان والاتحاد السوفييتي سابقاً وعبرت موسكو عن أسفها للقرار الامريكي واقترح وزير الخارجية الالماني هايكو ماس اعاده النظر في نظام المراقبة على الأسلحة وعملية نزع السلاح للحفاظ على السلام في اوروبا حيث من المقرر ان تصبح اوروبا ساحة لإعادة نشر هذه الصواريخ وحال وجود مواجهه عسكرية أمريكية روسية ستكون على أرض اوروبية مما سيؤثر سلباً على البيئة الاجتماعية والاقتصادية الاوروبية.

وقد بدأت الدول الاوروبية في اتخاذ خطوات تنفيذية لصياغه سياسة دفاعية وأمنية مشتركة ومستقله عن الناتو وواشنطن مما يؤكد فقدان الثقة في الشريك الامريكي ورغبه الدول الاوروبية في الاعتماد على أنفسهم لتشكيل سياسة دفاعيه مستقله عن واشنطن لان تهديدات الامن الاوروبي ليست متسقه مع مثيلاتها الامريكية.

وتمثلت تلك الخطوة في اقرار اتفاقيه بيسكو نوفمبر 2017 حيث وقعت 23 دوله اوروبية على مذكره التعاون الهيكلي الدائم في الامن والدفاع وتعني الالتزام بالتعاون الامن والدفاعي الاستراتيجي طويل المدى والدائم مما يتيح للدول الاوروبية الموقعة التعاون بشكل أوثق لبناء القدرات الامنية والعسكرية مما سيتيح تنفيذ عمليات عسكرية ومهمات تدريبية.

ولكن اعلنت البرتغال والدنمارك ومالطا الاعتراض على المذكرة ورحبت واشنطن والامين العام لحلف الناتو بالآلية الاوروبية باعتبارها ستتيح زيادة الانفاق العسكري ورفع مستوى القدرات وتحمل الاتحاد مزيداً من المسؤوليات في الدفاع عن اوروبا الا ان المسؤولين الأمريكيين أبدوا قلقهم من احتمال انتهاج القارة الاوروبية سياسات حمائية في القطاع الدفاعي كما اعلنت كآيتي ولباجر أبرز مساعدي وزير الدفاع الامريكي ماتيس ان بلادها تسعى الى تناغم اتفاقيه بيسكو مع الناتو واحداث تكامل بينهما كما أشار المحلل السياسي الروسي اندريه كوشكين ان واشنطن لن تسمح للاتحاد الاوروبي بإنشاء الجيش الخاص به لكل تظل تسيطر على اوروبا التي تعتبرها المجال الحيوي لها وحال تم ذلك سيؤدي لتقليص الدور الامريكي في الناتو وعلى الصعيدين الاوروبي والدولي مما سيؤدي لمزيد من التوتر بين ضفتي الاطلسي.

وسيطر الخلاف الاوروبي الامريكي ايضاً على مؤتمر ميونخ للأمن الدولي في فبراير 2018 حين خاطب مايك بنس نائب الرئيس الامريكي الدول الأوربية بلهده امره ان عليهم الخروج من الاتفاق النووي الايراني وان يقطعوا علاقاتهم الاقتصادية مع روسيا خاصهً في مجال استيراد الغاز الطبيعي وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها وهي اللهجة التي استهجنها المشاركون الاوروبيون خاصهً المستشارة الألمانية ميركل.

وايضاً في قمة حلف الاطلنطي التي انعقدت في بروكسيل يوليو 2018 سيطر الخلاف بين الولايات المتحدة واعضاء حلف الناتو الاوروبيين على القمة حيث واصل ترامب انتقاده لأعضاء الحلف حول اتفاقهم الدفاعي وتحدث عن تحمل الولايات المتحدة بشكل غير عادل العبء الاكبر من تعاقدات الدفاع في وقت كان فيه اعضاء الحلف يبنون اقتصاداتهم وركز انتقاده على المانيا التي اعتبرها اسيره لروسيا مشيراً الى مد انابيب الغاز الروسي الى المانيا عبر البلطيق كما عبرت الإدارة الامريكية في اخر خطواتها عبرت الإدارة الامريكية عن طلبها من الاعضاء الاوروبيين في حلف شمال الاطلسي بسداد مبالغ طائلة تعويضاً عما انفقته الولايات المتحدة الامريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لتعزيز دفاعات الدول الغربية.

في ظل تواجد الخلاف بين الإدارة الامريكية والاتحاد الاوروبي صرح أحد المقربين من ترامب بأنه واعتمادا على قائمة انتماء أكثر المجاهدين لدى تنظيم داعش الارهابي الى اوروبا فعلى اوروبا ان تتولى مهمه محاربتهم ولا يجد غضاضه في انفكاك الولايات المتحدة عن الامر.

ولعل تفاقم الخلافات الاوروبية الامريكية لهذا الحد منذ وصول ترامب للسلطة 2017 يرجع الى اختلاف الرؤى بين الاخير والقيم الامريكية الاوروبية المتوارثة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فترامب يرفض التعامل مع المنظمات الاقليمية الدولية كالاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي ويرفض مبدأ الاحلاف ويسعى دوماً لتعزيز العلاقات الثنائية التي تكون فيها واشنطن الطرف المسيطر والاقوى لذا طرح ترامب على بريطانيا ابرام اتفاقيه تجاره حره وتعاون استراتيجي فور خروجها من الاتحاد السوفيتي.

فالمبادئ التي يدعمها ترامب تتنافى مع التحالف الامريكي الاوروبي القائم على الانتماء المشترك الى الديمقراطية الليبرالية والسوق الحر وبالتالي فعالية الدور الاوروبي في المنطقة العربية ستكون رهينه لآليات معالجه الدول الاوروبية للانقسامات الداخلية بينها والتي دفع ترامب الى حدوث بعضها الى جانب معالجه الدول الاوروبية للخلاف مع واشنطن.

حيث يوجد خلاف فرنسي ايطالي حول ملفات خاصه بالمنطقة وذات اهميه للدولتين منها الملف الليبي حيث دعت روما لعقد مؤتمر دولي حول تسوية الازمه بليبيا نوفمبر 2018 وذلك بعدما انتقدت مراراً الدور الفرنسي المتصاعد في ليبيا منذ تولي ماكرون منصبه في مايو 2017 حيث تنظر إيطاليا دوماً لليبيا على أنها إحدى مستعمراتها السابقة ولها فيها النفوذ الأكبر وهي الشريك التجاري الاول لليبيا وتعتمد إيطاليا على نحو 35% من امدادات النفط ونحو 20% من الغز من ليبيا وقد قاطعت روما مؤتمر باريس الذي عقد في مايو 2018 برعاية ماكرون هذا فضلا عن التنافس الفرنسي الايطالي على التواجد العسكري بسوريا ففي نهاية ابريل 2018 تمركزت وحدات خاصه من القوات الفرنسية بقاعدة امريكية في منطقة رميلان بمحافظه الحسكة شمالي سوريا.

وفي منتصف يونيو 2018 توجه عشرات الجنود الايطاليين الى محافظه الحسكة ودير الزور ايضا ليرتفع عدد العسكريين الايطاليين بسوريا الى 70 جندي ورغم ان القوات الفرنسية والايطالية تعمل بتنسيق مع التحالف الدولي بقياده واشنطن الا ان التحرك الايطالي الاخير يكشف عن رغبه روما في منافسه التواجد الفرنسي بسوريا خاصةً والشرق الاوسط عامةً.

الى جانب سوريا وليبيا تأثرت القضية الفلسطينية بالمواقف الامريكية الاوروبية حيث ان اوروبا  من خلال الاتحاد ابدت تفهمها للقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين وكان يعرب عن مواقف متباينة مع الولايات المتحدة الامريكية من حيث تأييده لدوله فلسطينية مستقله وادانته لبناء المستوطنات الإسرائيلية في الاراضي المحتلة.

ويتضح ان الخلاف الامريكي الاوروبي جعل الدول الاوروبية خاصهً الرئيسة أكثر اقتراباً من قضايا الشرق الاوسط والعالم العربي[8].

يعد فوز بايدن بمنصب الرئيس الامريكي له اثار ايجابية كثيره على العلاقات مع الاتحاد الاوروبي حيث يُعد الاتحاد الاوروبي حليف رئيسي للولايات المتحدة الامريكية لكن العلاقات الاوروبية الامريكية في عهد ترامب شهدت عده ازمات بسبب اعتبار ترامب ان الاتحاد الاوروبي أحد أعداء الولايات المتحدة الامريكية.

ويُنظر الى العلاقات الامريكية الاوروبية الجديدة  بحالة من التفاؤل في عهد الرئيس الجديد بايدن حيث يتواجد حالة اوروبية للتطلع لتحسين العلاقات مع الرئيس الامريكي الجديد بايدن ويأمل الاتحاد الأوروبي في عوده بايدن الى اتفاقيه المناخ والغاء انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من منظمة الصحة العالمية كما انه من المتوقع ان يحدث تهدئه داخل اعضاء حلف الناتو وقد يتم النظر والتفاوض بشأن المساهمة الاوروبية في الحلف.

ومع تولي الادارة الامريكية رئيس ذو فكر مختلف عن سابقه الى جانب تولي الاتحاد الاوروبي أيضاً قياده جديده في ديسمبر الماضي من المتوقع ان يكون هناك تحالف اوروبي أمريكي للتدخل في قضايا وأزمات الشرق الاوسط المختلفة والمساهمة في حلها.

سواء القضايا في سوريا او لبيبا او حتى ما يخص الشأن الايراني والعلاقات الامريكية الايرانية واستعداد الاتحاد الاوروبي للتدخل في حل القضية الايرانية فيما يتعلق بالاتفاق النووي الايراني والمساهمة في عمليه المفاوضات بين الجانب الامريكي والايراني كما حدث من قبل.

ولكن فيما يخص التسوية الفلسطينية الإسرائيلية فإنها أصبحت في المرحلة الحالية حكراً على الولايات المتحدة الامريكية حيث أن الولايات المتحدة في الوقت الحالي أصبحت هى المسئولة عن تسوية القضية فيما عُرف بصفقة القرن.

كما ان التعاون الامريكي الاوروبي سيؤدي الى وجود رؤية موحده بين الطرفين فيما يخص القضية السورية والليبية وبالتالي هذا سيمنع السعي الفرنسي او الايطالي الى زيادة تدخل أي منهما بشكل منفرد لزيادة تواجده العسكري او النفوذ داخل الاراضي السورية او اللبيبة كما حدث بينهما في فتره ترامب حيث كان هناك تنافس فرنسي ايطالي علي زيادة تواجد ونفوذ كلا منهما داخل سوريا الى جانب محاوله فرنسا التدخل في القضية الليبية وهو ما اثار خلاف مع ايطاليا التي ترى ان لبيبا هي احدى مستعمراتها السابقة وبالتالي لا يحق لفرنسا التدخل في الازمه اللبيبة فالرؤية الامريكية المشتركة سوف تؤدي الى الحد من هذه التنافسات والتطلعات المنفردة[9].

سابعاً العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في عهد ترامب وإنعكاسها على قضايا المنطقة العربية وتوقعاتها في عهد ترامب.

يُعد ضمان أمن اسرائيل من محددات العلاقات الامريكية الاسرائيلية حيث يمثل أمنها مصلحة اساسية للولايات المتحدة الامريكية فهناك ارتباط عضوي بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل متمثل في وجود قيم مشتركة وتواصل ثقافي لا محدود بين المجتمع الامريكي والاسرائيلي.

ولقد شهدت العلاقة بين اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية منذ تولي ترامب منصب الرئاسة الامريكية تحسن كبير بعد ان شابها فتور نسبي في عهد باراك اوباما خاصهً بعد ان امتنعت الولايات المتحدة عن افشال القرار الاممي رقم 2334 لمجلس الامن الدولي الذي أدان سياسة الاستيطان الاسرائيلية ولم تستخدم حق الفيتو كما هو معتاد لتحمي اسرائيل.

وكانت اول مواقف الرئيس ترامب تجاه قرارات الامم المتحدة رفضه لعدم استخدام واشنطن حق الفيتو تجاه وقف الاستيطان حيث عبر ترامب في تصريح له قبيل استلامه السلطة ان الامور ستكون مختلفة بعد ان يتولى مهام منصبه في 20 يناير.

وهذا يؤكد مدى حرص ترامب على تعزيز العلاقات الامريكية الاسرائيلية من اجل التأثير على قرارات الامم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية بما يتوافق مع المصالح الاسرائيلية ويعتبر وصول ترامب الذي يعد أهم صديق لنتنياهو وباقي المتطرفين في اسرائيل الى كرسي الرئاسة مكسب عظيم ساهم بازدياد قوه اسرائيل في المنطقة خصوصاً وان الولايات المتحدة وعدت اسرائيل بتقديم الدعم الكامل داخل الامم المتحدة مستقبلاً ووعدت ايضاً بمنع صدور أي قرار ضد المصالح الاسرائيلية في الامم المتحدة.

وقد أكد ترامب على التزامه بأمن اسرائيل ودعمه الكبير لها اقتصادياً وعسكرياً وسعى ترامب لحل القضية الفلسطينية من خلال ما عرف بصفقة القرن وقام بتخفيض المساعدات الثنائية المقدمة للضفة الغربية وقطاع غزه بشكل كبير كما اغلقت الادارة الامريكية مكتب التمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

ولقد قام ترامب بإصدار اعتراف صريح بأن القدس عاصمة لإسرائيل وهذا القرار ليس مستغرب في ظل العلاقات التي تربط واشنطن بتل ابيب ويُعد القرار وفق خبراء القانون الدولي فارغ من تأثيره القانوني كونه يستند الى مخالفة واضحة للقرارات والمواثيق الدولية وإن كان على أرض الواقع سيعطي تل ابيب الضوء الاخضر لبسط المزيد من نفوذها داخل المدينة ولكنه يخالف أيضاً ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي.

وقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقدمت بمشروعه تركيا واليمن يرفض إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل وصوتت 128 دولة لصالحه وعارضته 9 دول وامتنعت 35 دولة عن التصويت الا ان مندوبه الولايات المتحدة دافعت عن قرار ترامب ورفضت اسرائيل مشروع القرار وعبرت عن رضاها عن الدول التي رفضته كما اصدرت اسرائيل بيان تشكر ترامب على موقفه الداعم للقدس الذي لا لبس فيه وتشكر الدول التي صوتت مع اسرائيل ومع الحقيقة.

وقام ترامب بالتهديد بقطع المساعدات الامريكية عن الدول التي صوتت لصالح مشروع القانون في الامم المتحدة وبالفعل قام الرئيس الامريكي بتنفيذ تهديداته وهذا واضح تقليص الدعم المقدم للأونروا والتلويح بقطع المساعدات عن السلطة عن السطلة الفلسطينية وذلك تأكيد على الدعم الامريكي للمصالح الاسرائيلية والوقوف ضد أي قرار يُعرض تلك المصالح للخطر.

وتُعد السياسات والاجراءات التي اتبعها ترامب تمس وتهدد الثوابت الاساسية للقضية الفلسطينية وعلى رأسها موضوع القدس والمقدسات الدينية فالسياسات والممارسات الامريكية تخدم الكيان الصهيوني فلازالت الولايات المتحدة الامريكية تُدعم اسرائيل وممارستها الاجرامية بحق الفلسطينيين.

وقد شكل اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية الى القدس تمهيدا لما يخطط له ترامب ضمن صفقة القرن التي يتبناها وسُربت بعض تفاصيلها حيث تشمل قضية اللاجئين والقدس ومناطق التواجد الفلسطيني.

ويُحتمل ان تُقيم الصفقة وفقاً للتسريبات دولة فلسطينية او كيان فلسطيني في بعض اراضي الضفة الغربية او قطاع غزه او غزه الموسعة في شمال سيناء ووفقاً للموقع الفرنسي ميديا بارت ان الخطة تنحاز بشكل كبير الى الجانب الاسرائيلي.

وفيما يخص القضية الفلسطينية وما عُرف بصفقة القرن تم إطلاق ورشة البحرين في يونيو 2019 وشارك في المؤتمر وزراء ومسؤولون ماليون من دول خليجية بالإضافة الى وزير الخزانة الامريكية والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي وأكد مستشار البيت الابيض خلال ورشة العمل حول الجانب الاقتصادي لخطة السلام الامريكية في الشرق الاوسط شرط ضروري لتحقيق السلام كما تقترح الخطة جذب استثمارات قيمتها تتجاوز 50 مليار دولار لصالح الفلسطينيين وايجاد مليون فرصة عمل لهم ومضاعفة اجمالي ناتجهم المحلي ويمتد تنفيذها على 10 أعوام.

وبعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل اعترف ايضاً بالسيادة الاسرائيلية بهضبه الجولان السورية بعد ان نشر تويته في مارس 2019 انه حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان التي لها اهمية استراتيجية وامنية حيوية لدوله اسرائيل وللاستقرار الاقليمي وبعد اربعه ايام من ذلك وقع ترامب في البيت الابيض قراراً رئاسياً يعترف فيه بما يُسمى سيادة اسرائيل على هذه المنطقة ويمثل هذا القرار تأكيد على الدعم الاقتصادي والامني والسياسي والايديولوجي الامريكي لإسرائيل.

وبنهاية عام 2020 يمثل تطبيع كل من البحرين والامارات والسودان والمغرب نوعاً من الدعم الامريكي في عهد ترامب لدولة اسرائيل حيث تم الاعلان عن الاتفاقية بين الامارات والبحرين واسرائيل في اغسطس 2020 وتحققت بواسطة الرئيس الامريكي ترامب واتجهت الامارات للتطبيع لإصلاح سمعتها التي تضررت الى حد ما لدى واشنطن بسبب مشاركتها في حرب اليمن ايضاً الى جانب اهتمامها المتعلق بالتكنولوجيا والامن والتجارة فالإمارات تنظر الى اسرائيل على انها شريك منطقي في تطوير تلك الصناعات والقدرات.

وفي اكتوبر 2020 أعلن ترامب عن موافقه السودان على تطبيع العلاقات مع اسرائيل مؤكدا رفع السودان من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب وفي ديسمبر 2020 أعلن عن اتفاق بشأن تطبيع العلاقات بين اسرائيل والمغرب لتنضم المملكة الى دول عربية اتخذت خطوات مماثلة في الفترة الأخيرة حيث أعلن ترامب عن ان المملكة تستأنف علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين البلدين ومقابل ذلك حصلت المملكة المغربية على اعتراف من الرئيس الامريكي ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

وتعتبر جميع القرارات الامريكية المتخذة لصالح اسرائيل تُشكل دعم لها وتنعكس على المنطقة حيث تؤدي الى زيادة النفوذ الاسرائيلي في المنطقة وتعتبر اسرائيل في الاساس عدو للدول العربية وتعمل جميع القرارات على تقوية اسرائيل امام الدول العربية كما تعمل على تصفية القضية الفلسطينية وتؤدي الى نخر جامعة الدول العربية وميثاقها من الداخل حيث تعتبر الدول العربية الموقعة على ميثاق الانضمام ان اسرائيل دوله عدو وان القضية الفلسطينية هي القضية الام للدول العربية وعلى الدول العربية مسانده القضية الفلسطينية الا ان بعض الدول الخليجية تتعاون مع اسرائيل بشكل كامل من اجل التخلص من التهديد والخطر الايراني والبعض الاخر من الدول العربية يقيم علاقات مع اسرائيل لأهداف شخصيه منها الحصول على اعتراف امريكي على إحدى المناطق كالمملكة المغربية والحصول على اعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء حيث يدور عليها نزاع بين السلطة الغربية وجبهة البوليساريو وتُدعم الجزائر الجبهة وهناك دوله اخرى كالسودان تطبع علاقاتها مع اسرائيل من اجل رفعها من قائمه الدول الراعية للإرهاب والحصول على المساعدات الامريكية والمساعدات من الدول الأخرى الى جانب جذب الاستثمارات الخارجية بعد رفعها من قوائم الارهاب وتنعكس ايضا القرارات الامريكية على السيادة السورية وعلى الاقليم السوري المحتل حيث منح حق السيادة الاسرائيلية عليه من جانب الإدارة الامريكية.

ونتيجة للعلاقات الامريكية الإسرائيلية قامت اسرائيل بالعديد من الغارات الجوية على كلا من قطاع غزه وسوريا ولبنان حيث انه شنت اسرائيل في اغسطس 2019 غارات على مواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت تابعه حزب الله اللبناني وقتل عدد من قوات التنظيم المسلح كما شنت اسرائيل العديد من الغارات الجوية على سوريا حيث انه في عام 2020 فقط شنت اسرائيل 50 غاره جوية واستهدفت الغارات الجيش السوري وقوات ايرانية وعناصر حزب الله اللبناني وفي بداية العام الحالي شنت اسرائيل غاره في منطقه شرق وجنوب شرق سوريا اي منطقة دير الزور والبوكمال وأدت لمقتل 57 شخصاً من الجنود السوريين والمواليين لإيران.

وشهد قطاع غزه في عام 2020 فقط ما يقرب من 6 غارات اسرائيلية على القطاع استهدفت مواقع للمقاومة الفلسطينية حماس كان بعضها رداً على إطلاق المقاومة صواريخ تجاه من القطاع تجاه المستوطنات الاسرائيلية[10].

مع تولي بايدن الرئاسة الامريكية يثور سؤالا هل سيكون بايدن مع اسرائيل كما كان ترامب بلا شك يعتبر ضمان امن اسرائيل هدف لجميع الرؤساء الامريكيين سواء كانوا ديمقراطيين او جمهوريين ولكن ترامب كان ظاهره مختلفة ليس لها مثيل حيث فعل ما لم يفعله اي رئيس امريكي  من قبل في صالح الدولة الاسرائيلية فلقد وصفه نتنياهو بأفضل صديق لإسرائيل حل في البيت الابيض على الاطلاق وبالتأكيد ستختلف إدارة بايدن في تعاملها مع إسرائيل عما كانت علية إدارة ترامب.

فلقد عُرف بايدن مؤيد صريح لإسرائيل وأكد على تمسك الولايات المتحدة بوعدها المقدس بحماية وطن الشعب اليهودي كما رحب بايدن باتفاقيات التطبيع التي اجرتها حكومات بعض الدول العربية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو.

ولكن يرى بايدن ضرورة فتح قنصلية في القدس الشرقية التي ضمتها اسرائيل للتواصل مع الفلسطينيين كما انه رفض خطة ترامب للسلام في الشرق الاوسط حيث اعتبرها حيلة سياسية وتعهد بإجراء مفاوضات جديده على اساس حل الدولتين مع الفلسطينيين.

فالعلاقات الامريكية الاسرائيلية الجديدة قد تعمل على تقليل الضربات الجوية التي تقوم بها اسرائيل داخل الاراضي السورية على الجماعات الايرانية في حالة الوصول الى اتفاق امريكي-ايراني التفاوض بخصوص الاذرع الايرانية المسلحة وايضاً الغارات داخل الاراضي اللبنانية التي تشنها على حزب الله التابع لإيران وهو ما قد يدفع الى الاستقرار في المنطقة وتهدئة الاوضاع في المنطقة العربية.

وقد يدفع التواصل الامريكي مع الفلسطينيين واللجوء الى المفاوضات الى تهدئة المقاومة الفلسطينية والحد من عملية إطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات الاسرائيلية وفي المقابل الحد من الغارات التي تشنها الطائرات الاسرائيلية على المواقع التابع للمقاومة الفلسطينية المتمثلة في حركة حماس وأذرعها المسلحة.

فمن خلال الإدارة الامريكية الجديدة والعودة للتواصل مع الطرف الفلسطيني سوف يتم التطرق لقضية بناء المستوطنات الاسرائيلية والتفاوض بشأنها بين الاطراف الثلاث والوصول الى أفضل حل مؤقت بخصوصها لحين الوصول الى المرحلة الاخيرة لإنشاء دوله يهودية واخرى فلسطينية وفقاً لرغبة الادارة الامريكية الجديدة[11].

الخاتمة:

لقد ساهمت فتره الرئيس الامريكي ترامب في زيادة حده الصراع في القضايا المشتعلة في المنطقة العربية حيث ان فترته علاقته مع تركيا دفعت الى بدء التوغل العسكري التركي في ليبيا وسوريا شرق المتوسط وتعقيد الحل السياسي في كلا الدولتين السورية والليبية كما ان صداقته الشديدة لإسرائيل جعلته يتخذ قرارات لم يجرئ رئيس امريكي من قبل على اتخاذها مثل اعطاء القدس لإسرائيل واعترافه بالسيادة الاسرائيلية على الجولان ومساهمته في قيام بعض الدول العربية باتفاقيات تطبيع مع الدولة الاسرائيلية كما انه ساهم في ازدياد النفوذ الاسرائيلي من خلال زيادة بناء المستوطنات الاسرائيلية على الاراضي الفلسطينية والسماح لإسرائيل بشن الغارات الجوية على الاراضي السورية واللبنانية والفلسطينية.

كما ان علاقته مع إيران وانسحابه من الاتفاق النووي الايراني وفرضه العقوبات عليها بشكل مستمر ساهم في اشعال الوضع من خلال زيادة إيران دعمها لأذرعها المسلحة في المنطقة وعملها على تهديد امن دول الخليج وهو ما ساهم في تعقيد الوضع اليمني وسيطرة الحوثيين على الحكم في اليمن والتهديد بغلق الممر البحري وتهديد امن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة الى جانب التدخل السعودي الاماراتي من خلال عاصفه الحزم في اليمن وهو ما ساهم ايضاً في تعقيد القضية اليمنية وفي صعوبة الوصول الى حل سياسي نظرا لكثره الاطراف ولاحتدام الصراع بين جميع الاطراف المشاركة فيه ايضا الى جانب الصراع اليمني اثاره الاوضاع في العراق التي تحولت لساحه لتصفيه الحسابات بين كلا الطرفين الايراني والامريكي حيث لجوء الولايات المتحدة لتصفيه القادة الايرانيين داخل الاراضي العراقية ولجوء إيران من خلال أذرعها داخل العراق الى قصف المنطقة الخضراء ايضا تهديد حزب الله اللبناني بقصف اسرائيل وتأثر لبنان بهذه القضية.

ودفعت العلاقات الامريكية الروسية المتدهورة الى زيادة التمدد الروسي داخل المنطقة العربية واستغلالها للقضايا المشتعلة من اجل التدخل فيها كالقضية الليبية وزيادة نفوذها وسيطرتها كما حدث في القضية السورية اما فيما يخص الاتحاد الاوروبي واعتبار ترامب انه أحد أعداء الولايات المتحدة وعمله على تفكيكه ومساهمته في اضعاف دوره وعدم وجود رؤية للتعاون بين الولايات المتحدة والطرف الاوروبي كان له أثر على القضايا العربية وهو ما اتضح من التنافس الفرنسي الايطالي على زيادة النفوذ والتدخل في القضية السورية وايضا القضية الليبية.

ولكن بالنظر الى التوقعات الموجهة تجاه ولاية بايدن الاولى يُتوقع ان يتعامل بعقلانية مع الاطراف الدولية حيث انه لديه سياسات خاصه تجاه تركيا والتمدد الي تقوم به في المنطقة العربية وهو ما سينعكس على القضايا الليبية والسورية التي تتدخل فيهما تركيا كما انه سيسعى للتعامل مع إيران إما بالعودة للاتفاق النووي القديم او الوصول لاتفاق  جديد والتطرق للدعم الذي تقدمه إيران لأذرعها المسلحة في اليمن ولبنان والعراق ومدى تأثير هذا الدعم على القضية اليمنية والعراقية وملف حزب الله في لبنان وبالنظر الى اسرائيل فهو يسعى الى حل الدولة الفلسطينية الى دولتين يهودية وفلسطينية والنظر لملف الاستيطان وعوده التواصل مع الفلسطينيين وهو ما ينعكس على القضية الفلسطينية والغارات التي تشنها اسرائيل على قطاع غزه. 

اما فيما يتعلق بالاتحاد الاوروبي فمن المتوقع ان تصحب هناك رؤية امريكية أوروبية للتعامل مع القضية الليبية والسورية والإيرانية فيما يتعلق بالملف النووي الايراني والحد من التدخل الاوروبي بشكل منفرد في تلك القضايا وفيما يتعلق بالعلاقات الامريكية الروسية يتوقع ان يتعامل بايدن مع التمدد الروسي في المنطقة العربية مما يهدد المصالح الامريكية ومصالح حلفائها ويزيد من صعوبات الوصول الى تسوية سياسية خصوصاً فيما يتعلق بالشأن السوري.

فبعد العرض التالي يتضح الفرق بين الرئيس الامريكي ترامب المنتهية ولايته وبين الرئيس الجديد الذي سيتم تنصيبه في 20 يناير القادم مدى اختلاف تعامل وعلاقه ترامب مع الدول المذكورة سلفاً ومدى تأثير وانعكاسات علاقته مع هذه الدول على القضايا في المنطقة العربية وبين الرئيس الامريكي القادم ورؤيته حول التعامل مع الدول المذكورة وانعكاسات هذا التعامل أيضاً على القضايا في المنطقة العربية.

1) صدام مرير، الصراع الدولي والاقليمي في الشرق الاوسط واثره على المنطقة العربية (انموذج ثورات الربيع العربي)، مجلة تكريت للعلوم السياسية، ع11، ص297-298.

https://cpos.tu.edu.iq/images/cpos/journal/No11/%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D9%85_10-10.pdf

1) صخري محمد، الوطن العربي – دراسة جيوبوليتيكة، رسالة ماجستير،كلية العلوم السياسية والاعلام، جامعه الجزائر، 2014.

https://www.academia.edu/12228678/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A_%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9_%D8%AC%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9

2) سيد محمود علي غنيم، استراتيجيات الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية، مجلة البحوث المالية والتجارية، ع4، 2020، ص ص310،311.

2) محجوب الزويري، محددات السياسة الخارجية الامريكية تجاه ايران في ظل عهد ترامب: بين الثابت والمتغير، مجلة دراسات، مج4، ع1، 2017، ص ص 69:72.

2) محمد بوبوش، قضايا العرب والشرق الاوسط في ظل السياسة الخارجية الامريكية، المستقبل العربي، مج40، ع462، 2017، ص 21،22.

2) https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%88%D8%A9/a-51888436

2) https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1406420-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%B1-%D8%AA%D8%B5%D9%86%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%95%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9

3) https://www.bbc.com/arabic/world-54867152

4) مرجع سبق ذكره، قضايا العرب والشرق الاوسط في ظل السياسة الخارجية الامريكية، ص 25:27.

4) محمد نور الدين، التطورات المتناقضة في العلاقات الامريكية التركية ثنائياً واقليمياً، ع177، 2019، ص 41،42.

4) https://epc.ae/ar/topic/turkeys-intervention-in-libya-determinants-and-challenges

4) https://www.dw.com/ar/%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%B5%D9%81%D9%82%D8%A9-%D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/a-55940934

4) https://arabi21.com/story/1312632/5-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%86%D9%82%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%A5%D9%84%D9%8A%D9%87%D8%A7

5)https://aawsat.com/home/article/2452266/%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D8%AA%D9%81%D8%AC%D8%B1-%D8%AC%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%8B-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D9%8B-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7

5) https://al-ain.com/article/erdogan-biden-the-orthodox-patriarch

6) مرجع سبق ذكره، استراتيجيات الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية، ص ص 309:312.

6) عمرو عبد العاطي، سياسة ترامب تجاه روسيا والصين وتداعياتها على اعاده الاصطفاف الدولي والتماسك الغربي، شؤون عربية، ع179، 2019، ص ص 95:98، 99:101.

6) ظفر عبد مطر التميمي، العقوبات الامريكية على روسيا وأثرها على اوروبا، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، ع67،  2019، ص ص 55:57.

غازي دحمان، التجاذب الامريكي الروسي وأثره على قضايا العرب الساخنة، شؤون عربية، ع173، 2018، ص ص 57:61.

7) https://www.albayan.ae/world/global/2021-01-06-1.4059283

8) منى سليمان، فعالية الدور الاوروبي بالمنطقة في ضوء الانقسامات الاوروبية وتوتر العلاقات مع واشنطن، شؤون عربية، ع176، 2018، ص ص69، 72:77.

8) السيد امين شلبي، الانعكاسات الشرق اوسطية للخلاف الامريكي الاوروبي، شؤون عربية، ع177، 2019، ص ص 54:58.

8) سلام الكواكبي، الازمات الاوروبية وتداعياتها على الساحة الدولية والعلاقات مع امريكا، شؤون عربية، ع177، 2019، ص 66

9) https://aawsat.com/home/article/2669901/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D8%B7%D9%84%D8%B9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86

10) أمل سليم الوزير، أثر العلاقات الامريكية الاسرائيلية على دور الامم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية 2016-2018، مجله جامعه الاسراء للمؤتمرات العلمية، ع2، 2018، 729:731.

10) أحمد حسين الخطيب، السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية فيظل رئاسة دونالد ترامب، مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، ع28، 2020، ص ص 34:39.

10) ابراهيم عبد الكريم، الحسابات الاسرائيلية والامريكية بشأن تصريح ترامب حول الجولان، مجلة الفكر السياسي، س 20،ع71، 2019، 63، 70:79.

10) https://www.dw.com/ar/%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%8F%D8%B7%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D8%A8-%D8%A8%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84/a-55899737

11) https://www.france24.com/ar/20200813-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D8%AE%D9%81%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AA%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D9%86%D8%B4%D8%A3-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A3%D9%88%D8%A8%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%88%D9%81%D9%82-%D8%AE%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%A1

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=72347

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M