تمهيد
ينتهج الاتحاد الأوروبي سياسة مستندة على عدة معايير وقيم ينادي بها، ويدعو الدول إلى تطبيقها، مثل حقوق الانسان، والحريات، والديمقراطية، والليبرالية، والحقوق النسوية، وحقوق الشواذ، وغيرها. وعلى الرغم من وجود بعض المعايير غير المقبولة لدى مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن المعايير المتعلقة بالحريات وحقوق الانسان والديمقراطية تتطلع لها العديد من المجتمعات، والتي كان خروجها في ثورات شعبية نتيجةً للانتهاكات والممارسات السلبية والتعدي على حقوق المواطنين السياسية من قبل الأنظمة القمعية.
فخطابات أبرز القادة الأوروبيين، والسياسات التي ينتهجونها في دعم الأنظمة الديكتاتورية، وتوفيرهم لغطاء سياسي – وصولا في بعض الأحيان لتقديم دعم عسكري مباشر، يناقض ويضاد المعايير التي يتبناها الاتحاد الأوروبي. مثلما نجده في الاعتراف بانقلاب السيسي، وتسليح حفتر في ليبيا، وإبرام صفقات سلاح مع السعودية والإمارات تُستخدم في ارتكاب مجازر باليمن.
ونحن هنا عندما نشير إلى هذا التناقض في السياسات الأوروبية؛ فإننا نضع أيدينا على أحد جذور مشكلة الهجرة التي تواجهها أوروبا منذ عقدين، والتي بدأت تتنامى بشكل كبير بعد ثورات الربيع العربي، وانتهاج بعض الأنظمة العربية لسياسات قمعية تجاه شعوبها، كما يحدث في سوريا واليمن وليبيا.
يواجه الاتحاد الأوروبي أزمات داخلية على خلفية ملف الهجرة، واختلاف وجهات النظر بين صناع القرار الأوروبيين حول الآليات والسياسات التي يجب اتباعها لوقف موجات الهجرة غير الشرعية. وتأخذ هذه الظاهرة منحى خطيرا قد يصل لدرجة التسبب في تفكك الاتحاد الأوروبي، وهو ما بدأ يظهر جليا مع استغلال تيارات وأحزاب اليمين المتطرف لهذا الملف في خطاباتهم العامة المعادية للمهاجرين وللإسلام.
سنستعرض في تلك الدراسة – التي قسمناها إلى ثلاثة أقسام – أزمة المهاجرين، مع عرض الاحصاءات الخاصة بالمهاجرين، ومدى انعكاس ظاهرة الهجرة على تماسك الاتحاد الأوروبي. أما في الجزء الثاني؛ فسنستعرض الدوافع التي تساهم في اتخاذ المهاجرين قرار الهجرة بالرغم من المخاطر التي يتعرضون لها خلال سفرهم، سواء برا، أو بحرا، أو أثناء السفر رفقة المهربين. وسنجري مقابلات تشمل مهاجرين من عدة دول أفريقية وعربية، بالإضافة إلى أحد المهربين. أما الجزء الثالث؛ فسنستعرض خلاله السياسة الجديدة التي يسعى الاتحاد الأوروبي – وبالأخص ألمانيا وفرنسا – لتنفيذها في دول شمال أفريقيا، في محاولة لاستنساخ الاتفاق الذي أبرم مع تركيا في 2016، كما سنناقش عوامل نجاح وفشل هذه السياسة، ومدى واقعية تنفيذها في واقع منطقة غير مستقرة.
الجزء الأول | المعلومات والإحصاءات المرتبطة بملف الهجرة والمهاجرين
يحاول الاتحاد الأوروبي التغلب على أزمة اللاجئين وموجات الهجرة غير الشرعية التي تزايدت على مدار السنوات العشر الماضية، خاصة بعد ثورات الربيع العربي، وعلى وجه الخصوص بعد الثورة السورية، التي يتعرض خلالها الشعب السوري لحرب إبادة من قِبل بشار الأسد وداعميه الإقليميين والدوليين، وهو ما أسفر عن مقتل مئات الآلاف، وهجرة ملايين الأسر السورية إلى الدول المجاورة كتركيا، ولبنان، والأردن، بالإضافة إلى مصر، والسودان، وذلك لما وفرته لهم تلك الدول من بيئة آمنة بالمقام الأول، وتسهيلات اقتصادية وتجارية لمباشرة أعمالهم وأنشطتهم، مما أتاح لهم الانخراط في المجتمع. ولاحقا حاولت بعض الأسر الهجرة إلى أوروبا للبحث عن مزيد من الاستقرار وطلبا لحياة كريمة وآمنة.
خيارات اللجوء للسوريين في المحيط الإقليمي
عندما ندقق في سلوك حركة اللاجئين؛ يمكننا أن نستشف مجموعة من الدوافع التي يمكن أن نلخصها في أمرين مهمين هما؛ التطورات الاقتصادية والأمنية في تركيا، ثم مصر منذ عام 2011 إلى عام 2013، حيث وفرت تركيا ومصر بعض الامتيازات والتسهيلات للسوريين لمساعدتهم على المشاركة والانخراط في المجتمع، مما ينعكس إيجابيا على معدل التنمية. وقد قامت تركيا ومصر – كما أشرنا – بعمل تسهيلات خاصة بالإقامة والدراسة، وإنشاء المصانع، والحصول على رعاية صحية، وتعليم مُدَعَّم، كالذي يحصل عليه مواطنوا تلك الدول. بل قد يتمتع السوريون بامتيازات أفضل في بعض المجالات، مثل المجال التجاري، بداية من فتح الشركات الصغيرة، والإعفاءات من الضرائب كعامل محفز، وفي المقابل فإن الدول الغنية – مثل السعودية، والكويت، والامارات، وقطر – لم تستقبل لاجئين بشكل مباشر، بل فرضت إجراءات مشددة فيما يخص منح تأشيرات الدخول، وتوفير العمل للسوريين، ومنعت السعودية إصدار تأشيرات الحج والعمرة للسوريين إلا باستثناءات خاصة.
وتوضح لنا الأرقام التالية أعداد اللاجئين السوريين في عام 2013:
الموجة الكبرى؛ أزمة الهجرة غير الشرعية في أوروبا سنة 2015
لم يكن لدى معظم السوريين رفاهية تحديد واختيار بلد الهجرة. وتوضح هذه الخريطة كيف أن الدول العربية الغنية لم تساعد السوريين، سواء في استقبالهم كلاجئين، أو عبر تبني سياسة منفتحة تجاههم.
وبعد الانقلاب في مصر في عام 2013، قلصت الحكومة التسهيلات الممنوحة للسورريين، وتبنت سياسة مناهضة للسوريين بشكل ضمني، ومع زيادة أعداد اللاجئين السوريين في تركيا، زادت تكلفة وجودهم هناك قرابة 37 مليار دولار حتى الآن حسب تصريح الرئيس التركي أردوغان، وهو ما انعكس على الاقتصاد التركي، وانخفض سعر صرف الليرة التركية، مما جعل تركيا تفتح حدودها أمام حركة اللاجئين المتجهة إلى أوروبا.
وتوضح الاحصاءات التالية على الخريطة أعداد المهاجرين وحجم تدفقهم إلى أوروبا في سنة 2014 و2015
توضح تلك الإحصاءات كيف تغيرت الأوضاع منذ عام 2014، حيث كانت أكبر موجات النزوح تأتي من ليبيا، لكن في عام 2015 انخفضت معدلات الهجرة مقارنة مع منطقة شرق البحر المتوسط عند الحدود البحرية التركية اليونانية، والتي زادت بنحو 20 ضعفا. وبحسب تقدير المنظمة الدولية للهجرة (IOM)؛ فإن أكثر من مليون و11 ألفا و700 مهاجر وصلوا عن طريق البحر في عام 2015، وقرابة 34 ألفا و900 مهاجر وصلوا عن طريق البر. وجدير بالذكر أن الوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل (Frontex) تراقب الطرق المختلفة التي يستخدمها المهاجرون، وتحصى الأعداد التي تصل إلى حدود أوروبا، حيث بلغ عدد المهاجرين في أوروبا خلال عام 2015 أكثر من مليون و800 ألف مهاجر، وبالمقارنة مع عام 2014 سنجد أن من وصلوا عن طريق البر والبحر بلغ عددهم 280 ألف مهاجر، حيث كان معظم المهاجرين يتجهون إلى اليونان بسبب قصر المسافة، منطلقين من تركيا إلى جزر كوس، وخيوس، وليفوس، وساموس، مستخدمين القوارب المطاطية أو الخشبية الصغيرة
لاحقا؛ فتح الاتحاد الأوروبي مناقشة جادة مع تركيا، قادتها ألمانيا، وذلك لمعالجة الأزمة من خلال تمويل بعض مخيمات اللاجئين والخدمات الصحية والتعليمية والأمنية تحت إشراف الحكومة التركية. وقد توجت المباحثات بإبرام اتفاقية في 20 مارس 2016. وهو ما انعكس على انخفاض أعداد المهاجرين إلى أوروبا. وستوضح لنا الإحصاءات والأرقام التالية الفرق بين أعداد المهاجرين قبل وبعد الاتفاقية، والتي يصفها الاتحاد الأوروبي – وألمانيا على وجه الخصوص – بالاتفاقية الناجحة، ومن ثم يسعون لتعميمها مع دول أخرى على رأسها دول شمال أفريقيا
- عمليات التهجير في الداخل السوري وارتباطها بالهجرة إلى أوروبا
توضح لنا الإحصاءات التالية حول الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتي اعتمدت على الأرقام التي رصدتها نقاط عبور الحدود (BCPs) من قِبل الاتحاد الأوروبي بين عامي 2009 و 2017، كيف تقلصت أعداد المهاجرين على المدى القصير من 1.8 مليون مهاجر سنة 2015 إلى قرابة 511 ألف مهاجر سنة 2016، ثم إلى 204 ألف مهاجر سنة 2017.
وعلى الرغم من نجاح هذه السياسة بشكل فعال، إلا أن هذا لا يعني أنه لن تكون هناك موجات هجرة كبرى في المستقبل كما حدث في 2015، خاصة مع تصاعد الهجمات على مدينة إدلب السورية التي تعتبر ضمن آخر المدن المستعصية على النظام السوري. حيث أخلى النظام آلاف السكان من المدن التي حاصرها وقصفها، بدءا من مدينة حمص في مايو 2014، ثم مدينة الزبداني، ومدينتي داريا والمعضمية في أكتوبر 2016، ثم حلب في أخر عام 2016، ثم تبعتهم الغوطة. ومما لا شك فيه أن سياسة تهجير سكان المدن السورية الثائرة يرتبط ارتباطا مباشرا بارتفاع أعداد المهاجرين إلى أوروبا وتركيا بالمقام الأول.
والسؤال هنا عن مدى صمود الاتفاق الذي وقعه الاتحاد الأوروبي مع تركيا، خاصة وأن أوروبا لم تدفع إلا ملياري يورو من أصل 6 مليارات يورو حسب ما تضمنته الاتفاقية، كذلك يأتي تصريح الرئيس التركي أردوغان خلال مؤتمر صحفي عقد باليابان بعد قمة العشرين الأخيرة في يوليو 2019عن أن تركيا تحملت ما مقداره 37 مليار دولار نتيجة استقبالها 4 ملايين لاجئ من سوريا، وأن الاتحاد الأوروبي لم يسدد إلا ملياري يورو فقط، فضلا عن مليار دولار دفعتها مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، فيما أشار إلى أن المجتمع الدولي يجب أن يشارك تركيا الأعباء.
وقد حذر جيرالد، كناوس رئيس مؤسسة مبادرة الاستقرار الأوروبي، وصاحب فكرة الاتفاقية، والمقرب من دوائر اتخاذ القرار في أوروبا، من فشل الاتفاقية. وقال كناوس في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية في اسطنبول: إنه على الرغم من تراجع عدد اللاجئين القادمين عبر بحر إيجة إلى أوروبا خلال عامي 2016 و2017، وعلى الرغم من انخفاض أعداد المتوفين منهم أثناء عبور البحر، إلا أن الاتفاقية مهددة بالفشل، فحسب الاتفاقية؛ تلتزم تركيا باستقبال أي لاجئ وصل منذ 20 مارس 2016 إلى اليونان، وفي المقابل يلتزم الاتحاد باستقبال لاجئ سوري شرعي عوضا عن كل لاجئ يعاد إلى تركيا، وتمويل مساعدات تقدم للاجئين الذين يعيشون في تركيا. وبالنظر إلى التطبيق؛ فلم تتم إعادة سوى 1564 لاجئاً خلال عامي 2016 و2017، في حين تم قبول 12489 لاجئا سوري من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، كانت حصة ألمانيا منهم 4313 شخصا. وتكمن المشكلة هنا في أن إجراءات قبول المهاجرين في اليونان بطيئة جدا، في حين هددت تركيا بإلغاء الاتفاقية أكثر من مرة على خلفية “عدم دفع المبلغ المتفق عليه، وعدم إلغاء تأشيرة الدخول المفروضة على المواطنين الأتراك الراغبين في السفر إلى الاتحاد الأوروبي.
وتأتي تصريحات أردوغان قبيل القمة التي تخطط تركيا لعقدها مع روسيا وألمانيا وفرنسا لمناقشة الملف السوري والهجرة. وتسعى تركيا لتوظيف هذه القمة كمسار آخر بديل للاجتماعات التي تتم في آستانا مع روسيا وإيران، وذلك للحد من ممارسات نظام الأسد، وللضغط على روسيا وإيران بشكل غير مباشر. ومن المهم هنا أن نشير إلى أن هذه السياسة الجديدة التي يحاول الاتحاد الأوروبي تطبيقها في دول شمال أفريقيا وتركيا للحد من تدفق المهاجرين لا تحل المشكلة من جذورها، ولا تمنع تكرار مثل هذه الموجات في المستقبل. وهو ما سنستعرضه خلال الجزئين القادمين من الدراسة.
- تداعيات ملف الهجرة على دول الاتحاد الأوروبي وتماسكه
يخلق ملف اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين أزمة بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث تقوم العديد من الدول الأوروبية بممارسة ضغوط على الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى لتحمل عبء استقبال أعداد إضافية من المهاجرين، ففي سنة 2015 تصدرت كلٌ من المجر والسويد والنمسا دول الاتحاد الأوروبي من حيث استقبال اللاجئين بالنسبة لتعداد سكانهما، وفي سبتمبر 2015 اجتمع وزراء دول الاتحاد الأوروبي للتصويت على نقل ومشاركة 160 ألف مهاجر من اليونان وإيطاليا، حيث يبلغ المتوسط بالنسبة للاتحاد الأوروبي 260 لاجئا لكل 100 ألف مواطن من السكان الأصليين. وهو ما سينعكس على الدول الكبرى ذات التعداد السكاني الكبير، حيث اعتمد في الاجتماع نقل 27 ألف مهاجر إلى ألمانيا و19 ألفا إلى فرنسا، و9 آلاف إلى إسبانيا، ثم تأتي دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بأرقام أقل، وذلك حسب تعداد سكانها الأصليين. وتوضح لنا الاحصائية التالية ترتيب أعضاء الاتحاد الأوروبي حسب عدد السكان المحليين لكل 100 ألف مواطن.
لقد انعكس ملف الهجرة على أعضاء الاتحاد الأوروبي، وكان له تأثير وعلاقه مباشرة بظاهرة تفكك الاتحاد الأوروبي. ويمكن قياس ذلك من خلال متابعة سلوك الجماهير والمواطنين في أوروبا خلال الانتخابات السابقة، وكيف استغل الشعبويون وأحزاب اليمين المتطرف ملف الهجرة والمشكلات المرتبطة بالمهاجرين غير الشرعيين واللاجئين للحصول على دعم وتأييد شعبي، وتوضح لنا استطلاعات الرأي خيارات شريحة من المواطنين فيما يخص مستقبل الاتحاد الأوروبي ونسبة المتشائمين من استمراره قبيل انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة 2019.
أشارت نتائج استطلاعات الرأي إلى أن غالبية المشاركين يحملون شعورا سلبيا تجاه الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي. حيث تشاركت في هذا الشعور 25 دولة من أصل 28 دولة عضوة بالاتحاد. وقال حوالي تسعة من كل عشرة أوروبيين: إنه ينبغي اتخاذ تدابير إضافية لمكافحة الهجرة غير الشرعية. بينما عبر سكان دول بولندا وإيرلندا ورومانيا عن ردود فعل إيجابية تجاه مستقبل الاتحاد، ونرى هنا كيف أن سكان ومواطني ألمانيا وفرنسا من أكثر مواطني الاتحاد تشاؤما تجاه مستقبله بنسبة 50٪، ثم هولندا وبلجيكا بنسبة 40٪، وتعتبر تلك الدول من ركائز الاتحاد الأوروبي، ويمكن اعتبار ذلك أحد المؤشرات المهمة التي تدل – رفقة مؤشرات أخرى – على تنامي ظاهرة تفكك الاتحاد الأوروبي.
يمكن اعتبار صعود الشعبويين واليمين المتطرف خلال العشر سنوات الماضية، وتحقيقهم تقدما في نتائج الانتخابات الأخيرة في عدة دول أوروبية بمثابة مؤشر على تنامي هذه الظاهرة في المستقبل. وهو ما يدعمه توجه المحافظين في بريطانيا للانفصال عن الاتحاد رغم عدم انتهاء المفاوضات حتى الآن، والتي من المرجح أن تذهب إلى استفتاء ثانٍ. أما في فرنسا فيتقدم الشعبويون يوما بعد يوم، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تنامي شعبية اليمين في آخر انتخابات رئاسية جرت بين ماكرون وماري لوبان سنة 2017، والتي فاز فيها ماكرون. أما في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة في 2019، فقد حصل حزب لوبان على 24%، بينما حصل حزب ماكرون على 22.5%. ويعتبر هذا التقدم الصغير مؤشرا في غاية الأهمية، حيث فشل ماكرون في إقناع الناخبين ببرنامجه الإصلاحي. أما في ألمانيا، فقد تراجعت نتائج حزبي الوسط الرئيسيين، إذ انخفضت نسبة حزب المستشارة أنجيلا ميركل – الحزب الديمقراطي المسيحي – من 35% من الأصوات في عام 2014 إلى 28%، بينما انخفضت شعبية الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي الاجتماعي من 27% إلى 15.5%. وفي المجر؛ حصل حزب فيكتور أوربان المناهض للهجرة على 52% من الأصوات و13 من أصل 21 مقعدا من حزمة مقاعد المجر في البرلمان الأوروبي. وفي إيطاليا بمقاعدها ألـ 73، تقدم حزب الرابطة اليميني، الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ماتيو سالفيني، في البرلمان الأوروبي، حيث حصل على 34.33% من الأصوات، وكان قد حصل سابقا على 6% فقط في انتخابات 2014، وهو ما يعتبر تقدما كبيرا وملحوظا. وقد ارتفعت نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات مقارنة مع الإقبال على الانتخابات السابقة في عام 2014 .
وجدير بالذكر أن البرلمان الأوروبي يتكون من 751 عضوا، يتم انتخابهم بشكل مباشرة من قبل ناخبي الاتحاد الأوروبي كل خمس سنوات، ويمثل هؤلاء الأعضاء 28 دولة. وتوضح النتائج حصول حزب الشعب الأوروبي – الذي يمثل المحافظين – على 180 مقعدا كأكبر كتلة، حيث خسر 36 مقعدا مقارنة بالانتخابات السابقة. ويأتي في المرتبة الثانية تحالف الاشتراكيين والديمقراطيين بعدد مقاعد 146، حيث خسر 39 مقعدا، وتأتي في المرتبة الثالثة أحزاب اليمين المتطرفة بعدد 109 مقاعد، بزيادة قدرها 38 مقعدا، وسيكون لهذه النتائج تأثير كبير على المفاوضات الجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وملف الهجرة، والإسلاموفوبيا، والتعددية، وحرية الاعتقاد، وغيرها من
الملفات التي سيسعى الشعبويون واليمين المتطرف لمناقشتها وإثارتها واستخدامها لتعبئة الجماهير وإقرار قوانين بما يساعدهم على الفوز بالانتخابات القادمة.
- أعداد المهاجرين غير الشرعيين عالميا حسب الدولة، وعلاقة الأعداد بالوضع الداخلي لكل دولة
تعتبر الأوضاع الداخلية للدول، سواء بالنسبة لطبيعة نظام الحكم، أو الظروف الاقتصادية، أو الحروب الأهلية، أوالانقلابات العسكرية، عاملا مباشرا يدفع الكثير من الشباب والمواطنين إلى التفكير في الهجرة والسفر للبحث عن حياة كريمة تضمن حقوقه الأساسية أو تحميه من الملاحقات الأمنية من قبل النظام الحاكم في حال اعتناق الفرد لأراء سياسية معارضة. وفيما يلي نورد إحصاءات توضح أعداد المهاجرين غير الشرعين من عام 2002 حتى عام 2017 في قسمين، حيث يرصد القسم الأول دول الشرق الأوسط، ويرصد القسم الثاني الدول الأفريقية. وعلاوة على ذلك؛ سنعرض بجانب كل دولة الوضع القائم، والتصنيف، ونسبة أعداد المهاجرين إلى تعداد السكان. وسنلاحظ من خلال الرسومات والإحصاءات التالية كيف كانت أحداث الثورات التي اندلعت ضد الأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط ذات علاقة بارتفاع أعداد المهاجرين، سواء بشكل مباشر من نفس الدولة، أو بشكل غير مباشر عن طريق الانفلات الأمني، وضعف الرقابة على الحدود، فضلا عن استخدام بعض الدول لملف الهجرة للضغط على الاتحاد الأوروبي لتحقيق منافع سياسية أو أمنية.
دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط
الدول الأفريقية
الأوضاع الداخلية للدول سنة 2017
ترتيب الدول يكون من الأدنى تصنيفا بداية من 1 وحتى الأفضل 195
من هذا الجدول، يمكننا الخروج ببعض النقاط التالية:
- معظم الأسباب الشائعة التي تدفع الأفراد إلى اللجوء أو الهجرة تنطلق من قاعدة الحقوق والأوضاع السياسية في البلدان القمعية أو التي تشهد حروبا أهلية. ويمكن اعتبار ذلك مؤشرا مستقبليا على حدوث موجات لجوء وهجرة جديدة، وذلك لاعتبارات تتعلق بالرفض الشعبي، والتظاهر، أو التمرد على تلك الأنظمة، التي غالبا ما يولد أسلوب إدارتها للدولة مستويات مرتفعة من الفساد تنعكس على الاقتصاد، وتظهر تجليات ذلك في ارتفاع نسبة البطالة، وزيادة الأسعار، وتقلص الطبقة الوسطى في المجتمع، وزيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء. وتُعد هذه المؤشرات عوامل مؤثرة على من يفكرون في الهجرة. مع التنويه على أن الاتحاد الأوروبي منذ نشأته لم يواجه مشكلة كبيرة لها تداعيات اجتماعية وديموغرافية مثلما حدث مع أزمة ملف الهجرة، وعلى وجه الخصوص موجات الهجرة السورية التي بلغت ذروتها في عام 2015.
- تعتبر مصر على رأس القائمة من حيث المؤشرات الخاصة بالأوضاع الداخلية من زاوية حقوق الانسان والحريات الأساسية وتردي الأوضاع الاقتصادية من دول شمال أفريقيا. فتغير الوضع فيها سينعكس على الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر وغير مباشر. حيث ستنشأ موجات هجرة مباشرة من مصر إلى اليونان وإيطاليا، وعلاوة على ذلك فإن خروج الحدود المصرية عن السيطرة سيشجع الآلاف من اللاجئين المتواجدين في السودان وغيرها على اتخاذ قرار بالهجرة. وهو ما يمثل تهديدا جديا لأوروبا.
- بالرجوع إلى خريطة الاستعمار التاريخية للدول الأفريقية، سنجد أن هذا الاستعمار لا يزال قائما حتى الآن، ولكن بأشكال مختلفة، وبخاصة في الشأن الاقتصادي، واستغلال الموارد الطبيعية. ولضمان استمرار مثل هذه الامتيازات الاستعمارية؛ تعمل الدول الكبرى على دعم الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة، وهو ما يمثل أحد أبرز دوافع الهجرة من القارة الأفريقية والشرق الأوسط إلى أوروبا.
[1] http://ichef-1.bbci.co.uk/news/624/cpsprodpb/11F0A/production/_88328437_migrant_routes_numbers_v9.png
https://www.yenisafak.com/ar/news/3423316
https://www.yenisafak.com/ar/news/3423316
[1] https://ccis.ucsd.edu/_files/wp194.pdf
[1] https://www.express.co.uk/news/politics/648105/Revealed-secret-map-continent-doomed-EU-Europe
[1] https://multimedia.europarl.europa.eu/en/european-election-2019-updates-of-national-estimates_I173247-V_v
https://knoema.com/atlas/ranks/Political-rights-index
https://knoema.com/atlas/ranks/Civil-liberties-index
https://knoema.com/atlas/ranks/Corruption-perceptions-index
https://knoema.com/atlas/ranks/Unemployment-rate
https://knoema.com/atlas/ranks/Population
رابط المصدر: