أسباب وتداعيات قرار الغاء الخطبة السياسية في جمعة كربلاء
فاجأ قرار الغاء الخطبة السياسية في جمعة كربلاء الا عند الضرورة الكثير من المراقبين والسياسيين ومختلف طبقات المجتمع، فكثير من مواقف المرجعية العليا السياسية تؤخذ عادة من تلك الخطب، وبالتالي فإن الغاءها يعني اعادة الضبابية للمواقف السياسية للمرجعية العليا.
هذا القرار لم يأتِ بغتة فقد مهد له خطباء جمعة كربلاء منذ اسبوعين، حيث بين السيد الصافي قبل جمعتين ان المرجعية بح صوتها من المطالبات وبلا مستجيب، وفي الجمعة التي تلتها تحدث الشيخ الكربلائي بأسلوب يدل على امتعاضه حيث قال: ( لا داعي لتكرار ما قلناه).
وهذا القرار ليس الأول من نوعه، فقد رفض المرجع السيستاني فيما سبق استقبال السياسيين في منزله احتجاجا على سوء تصرفاتهم، وحتى لا يستفيد السياسيون من ما يمكن استفادته من زيارة بيت المرجع والزخم الإعلامي الذي يرافقه، ولكن لا نعرف هل سيؤثر هذا القرار ايجابا على الشعب العراقي؟ .
وهذا يجعلنا نحلل أسباب وتداعيات هذا القرار، فأما الأسباب فكما يبدو ان تجاهل السياسيين لتوصيات المرجعية العليا دفعها لإلغاء تلك الخطبة، وهذا السبب وإن كان قريب من تسلسل أحداث خطب الجمعة التي بيناها اعلاه الا انه يرد من ناحية اخرى، فما قيمة السياسيين؟! والجماهير تحت رهن وطوع أمر المرجعية، هذه الجماهير التي لبت نداء مرجعياتهم وأقبلوا على الجبهات ليضحوا بأرواحهم، ألا يمكن ان تقوم نفس تلك الجماهير بتلبية دعوة المرجعية بمقاطعة الفاسدين من السياسيين؟! أليس السياسيون يستمدون قوتهم من الجماهير ، وبدون الجماهير يفلس السياسيون؟!
هناك رأي آخر يقول بأن قرار المرجعية بإلغاء الخطبة السياسية كان احتجاجا على الجماهير وليس على السياسيين فقط، لأنهم – اي الجماهير – بيدهم بذرة التغيير من خلال استجابتهم لتوجيهات مرجعيتهم، ولكن هل هناك شك في أن الجماهير لا تستجيب لنداء المرجعية لمحاربة السياسيين الفاسدين؟! فماذا عن الحشد الشعبي ألم يكن هو استجابة للمرجعية؟ كيف يمكننا ان نوفق بين الرأيين؟!
اما تداعيات هذا القرار فأعتقد ان علينا ان نترك الأمر للواقع ليبين لنا هذه التداعيات، فبما ان الأسباب مبهمة بمقدار ما فالتداعيات شبه مبهمة ايضاً، لأن التداعيات ترتبط بدرجة معينة بالأسباب.
فإذا كان السياسيون يعتمدون ويأخذون بتوجيهات المرجعية التي تنقل من خلال خطب الجمعة فسيجدون فراغا كبيرا بغياب الخطبة السياسية، وهذا غير حاصل لأن السياسيين لم ينفذوا اي توجيه من توجيهات المرجعية الا ما يمكن ان يستفيدون منه لصالحهم.
واذا كانت الجماهير مستفيدة من تلك الخطب السياسية فإنهم سيلمسون فراغا في الجانب السياسي، وهذا ايضاً لن يحصل لأن الجماهير لم تتفاعل مع توجيهات المرجعية لتؤدب السياسيين الفاسدين.
لذا أرى ان تبعات القرار سواء بالنسبة للسياسيين او للجماهير سيتبين في المستقبل القريب، وفي اكثر الاحتمالات القريبة للواقع فإن تغيرا سلبيا كبيرا أمر مستبعد الحدوث، لأن السياسيين والجماهير في كلتا الحالتين سواء بقت الخطبة السياسية ام ألغيت لم يتفاعلوا مع توجيهات المرجعية، فيبقى الأمر على ما هو عليه.