عبد الامير رويح
بعد اكثر من عام منذ أن تسببت جائحة كورونا بانهيار أسواق النفط العالمية، التي وصلت الى مستويات غير مسبوقة مسجلة مستويات سلبية، بدأت أسعار النفط ومنذ بداية العام بالارتفاع مرة أخرى، وجاء تحسن أسعار النفط بحسب بعض الخبراء، نتيجة للتطورات المهمة التي تحققت في الفترة الاخيرة بخصوص ايجاد لقاحات خاصة لفيروس كورونا، يضاف الى ذلك الالتزام بحصص الإنتاج من جانب أعضاء “أوبك” والدول المتعاونة معها. واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول، أوبك، وحلفاؤها في وقت سابق، على إبقاء الإنتاج مستقراً على نطاق واسع في فبراير/ شباط ومارس/ آذار، في حين قالت السعودية إنها ستخفض طوعاً إنتاجها بمقدار مليون برميل يومياً عن مستويات يناير/ كانون الثاني.
وقفزت أسعار النفط، كما نقلت بعض المصادر لتبلغ أعلى مستوى في أكثر من عام، وذلك بعد تقرير أقوى من المتوقع للوظائف في الولايات المتحدة وقرار أوبك وحلفاؤها عدم زيادة الإمدادات في أبريل، كما يتزامن مع الهجمات على منشآت نفطية سعودية. وتجاوز سعر العقود الآجلة لخام برنت مستوى 71 دولارا أميركيا للبرميل الواحد، وذلك للمرة الأولى منذ 8 يناير 2020. وأفادت معطيات التداول بارتفاع العقود الآجلة لشهر مايو لمزيج نفط بحر الشمال ماركة برنت بنسبة 2.32 بالمئة ليبلغ 71.15 دولارا للبرميل. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة لشهر أبريل بنسبة 2.57 بالمئة ليبلغ 67.81 دولارا للبرميل. وفي وقت سابق، أظهرت بيانات التداول ارتفاع سعر خام برنت ليتجاوز مستوى 70 دولارا للبرميل.
أظهر استطلاع سابق للرأي أن أسعار النفط ستشهد تعافيا مطردا هذا العام مع وصول لقاحات للوقاية من كوفيد-19 للمزيد من الناس وتسارع وتيرة الانتعاش الاقتصادي، وفي ظل قوة دفع إضافية من التحفيز وضبط إمدادات منتجين كبار للخام. ومن بين 41 خبيرا شاركوا في استطلاعي يناير كانون الثاني وفبراير شباط، رفع 32 مشاركا توقعاتهم. وقال معظم المحللين إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها (أوبك+) قد يخففون القيود الحالية المفروضة على الإنتاج عندما يجتمعون في الرابع من مارس آذار لكنهم سيتفقون أيضا على الحفاظ على ضبط الإمدادات. وتوقع الاستطلاع أن ينمو الطلب على النفط بما يتراوح بين خمسة وسبعة ملايين برميل يوميا في 2021. لكن الخبراء حذروا من أن أي تدهور في موقف تفشي كوفيد-19 أو الرفع المحتمل للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران قد يعطل تعافي النفط.
توقعات جديدة
رفع جولدمان ساكس (NYSE:GS) كوموديتيز ريسيرش توقعه لسعر خام برنت للربعين الثاني والثالث خمسة دولارات للبرميل بعد أن أبقت أوبك وحلفاؤها اتفاقهم لخفض الإمدادات دون تغيير وقال إن “انضباط منتجي النفط الصخري” على الأرجح وراء زيادة إنتاج المجموعة بوتيرة أبطأ. وقال البنك إنه يتوقع الآن أن تبلغ أسعار برنت 75 دولارا للبرميل في الربع الثاني و80 دولارا للبرميل في الربع الثالث من 2021.
وتفاعل منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة سريعا مع مكاسب أسعار النفط في السنوات الأخيرة، ليفوزوا بحصة سوقية في الوقت الذي خفضت فيه السعودية ومنتجون آخرون كبار الإنتاج، بيد أنهم أحجموا عن تعزيز الإنتاج منذ تدمر الطلب بفعل الجائحة في العام الماضي. واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها على تمديد معظم تخفيضات إنتاج الخام حتى أبريل نيسان، بعد أن قرروا أن تعافي الطلب من جائحة فيروس كورونا ما زال هشا.
وقال جولدمان “استراتيجية إمدادات أوبك ناجحة بسبب عدم توقعها وفجائيتها. “نعتقد أنه من الواضح حاليا أن أوبك+ في الحقيقة تنتهج إستراتيجية سوق النفط التي تتسم بالشح، فيما يشير ميزان العرض-الطلب المحدث لدينا إلى أن (مخزونات) دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تنخفض لأدنى مستوياتها منذ 2014 بحلول نهاية العام الجاري”. بحسب رويترز.
وخفض البنك توقعه لإنتاج أوبك+ 0.9 مليون برميل يوميا على مدى الأشهر الستة المقبلة، وقال إن الإمدادات من النفط الصخري وإيران وخارج أوبك ستظل غير مرنة بشدة على الأرجح تجاه الأسعار حتى النصف الثاني من 2021، مما يسمح لأوبك+ بإعادة موازنة سوق النفط سريعا. وقال البنك إن المسألة الرئيسية ستكون “رد الفعل المحتمل للإمدادات الصخرية، بيد أن أحدث موسم للأرباح يشير إلى أن المستثمرين ما زالوا بعيدين عن تعويض النمو”.
من جانب اخر توقعت كبيرة محللي النفط لدى شركة الأبحاث Energy Aspects ، أمريتا سين، خلال تصريحات صحفية سابقة بأن ترتفع أسعار النفط الخام إلى مستويات 100 دولار للبرميل في العام المقبل وذلك على الرغم من تعرض أسعار النفط لضغوط قوية بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد. وأشارت خبيرة النفط إلى أن ارتفاع أسعار النفط قد يستمر بقوة بسبب استمرار السياسات التسهيلية من جانب الدول الكبرى بهدف دعم التعافي الاقتصادي من تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد بما يدعم تعافي الطلب وارتفاع الأسعار.
روسيا والسعودية
من جانب اخر أعلن وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أن روسيا حصلت على حق في إطار اتفاق “أوبك +” لزيادة إنتاج النفط في شهر أبريل بواقع 130 ألف برميل يوميا لتلبية الطلب الداخلي. وأوضح نوفاك، في حديث لقناة “روسيا 24” عقب اجتماع لمجموعة “أوبك +” “توصلنا إلى رأي موحد لإبقاء الإنتاج عند مستوى مارس وأبريل مع أن يتم تقديم استثناءات لروسيا وكازاخستان”.
وأشار نوفاك إلى أن الاجتماع توصل إلى قرار يسمح لروسيا برفع الإنتاج في أبريل بواقع 130 ألف برميل يوميا، ولكازاخستان بواقع 20 ألف برميل يوميا. وتابع: “هذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا بسبب الطلب الموسمي لدينا. من الضروري لنا رفع حجم الإنتاج في منشآت تكرير النفط وتلبية الطلب المرتفع على المنتجات النفطية في روسيا”. وخفضت “أوبك+” الإنتاج بمقدار قياسي العام الماضي بلغ 9.7 مليون برميل يوميا مع انهيار الطلب بسبب الجائحة. وفي مارس الحالي، واصلت “أوبك+” خفض الإنتاج 7 ملايين برميل يوميا بما يعادل نحو سبعة بالمئة من الطلب العالمي، وبإضافة الخفض السعودي الطوعي، يصبح إجمالي الخفض ثمانية ملايين برميل يوميا.
من جانبها أعلنت شركة النفط الوطنية السعودية “أرامكو”، أنها رفعت بشكل ملموس سعر البيع الرسمي لخامها العربي الخفيف إلى آسيا في شهر أبريل المقبل. وحددت الشركة سعر بيع الخام العربي الخفيف إلى شمال غرب أوروبا بخصم 2.20 دولار للبرميل عن “برنت” في بورصة “إنتركونتننتال”، بانخفاض 0.50 دولار عن مارس. كما ذكرت أن سعر البيع للولايات المتحدة سيكون عند 0.95 دولار للبرميل فوق مؤشر “أرغوس” للخام عالي الكبريت، بزيادة 0.10 دولار مقارنة مع الشهر السابق.
الى جانب ذلك أعلنت حركة “أنصار الله” (الحوثية) في اليمن، عن تنفيذ عملية هجومية على السعودية بـ14 طائرة مسيرة و8 صواريخ باليستية. وقال المتحدث باسم الحركة العميد يحيى سريع في سلسلة تغريدات عبر “تويتر”: “بعون الله تمكنت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير من تنفيذ عملية هجومية واسعة بـ14 عشرة طائرة مسيرة و8 صواريخ باليستية”. وأضاف أنه “من بين الطائرات المسيرة والصواريخ في العملية الهجومية الواسعة 10 طائرات مسيرة من نوع صماد3 وصاروخ ذوالفقار”.
وأشار إلى أن العملية التي أطلق عليها اسم “عملية توازن الردع السادسة”، استهدفت شركة أرامكو في ميناء رأس التنورة وأهدافا عسكرية أخرى بمنطقة الدمام. وتابع: “تم استهداف مواقع عسكرية أخرى في عسير وجيزان بـ4 طائرات مسيرة من نوع قاصف 2k و7 صواريخ من نوع بدر محققة إصابة دقيقة”. وقال سريع: “عملية توازن الردع السادسة تأتي في إطار حقنا الطبيعي والمشروع في الرد على تصعيد العدوان وحصاره الشامل”. وأردف: “نعد النظام السعودي بعمليات موجعة ومؤلمة طالما استمر في عدوانه وحصاره على بلدنا”
متغيرات توزيع اللقاح
على صعيد متصل قال مسؤول بوكالة الطاقة الدولية إن منتجي النفط يواجهون تحديات غير مسبوقة لتحقيق توازن بين العرض والطلب، إذ تخيم على التوقعات عوامل منها وتيرة توزيع لقاحات كوفيد-19 والاستجابة لها. وقال تيم جولد رئيس توقعات واستثمار إمدادات الطاقة “يصارع المنتجون ضبابية هائلة بشأن ماذا يتعين فعله فيما بعد. “ليس هذا فقط من حيث التعافي الاقتصادي، لكن مؤشرات ربما لم نكن نعتاد النظر إليها بالضرورة (مثل) مستويات الثقة في الدول المختلفة بشأن اللقاحات”.
ورغم أن الجائحة دفعت بعض شركات الطاقة العالمية ومراقبون إلى توقع أن الطلب العالمي على النفط اقترب من ذروة أو ربما حققها بالفعل في 2019، قال جولد إن الوكالة تخالفهم في الرأي. وقال “كما تبدو الأمور، وتيرة التغير التي نشهدها على الجانب الهيكلي ليست كافية في نظرنا لإحداث ذروة في أي وقت قريب”. وأضاف “النمو في الاقتصاد والتعافي في الاقتصاد سيعيد طلب النفط عاجلا أم آجلا إلى مستويات 2019. عشرينات هذا القرن في نظرنا هو آخر عقد قد ترى فيه زيادة طلب النفط”.
وانتعشت أسواق النفط مجددا بدعم من تسريع تطعيمات كورونا، وعادت أسعار الخام إلى الارتفاع مجددا بعد خسائر كبيرة. وأدت مؤشرات على إحراز تقدم في توزيع لقاحات كوفيد-19 في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك في العالم، إلى انتعاش توقعات الطلب. وكتب محللون في إيه.إن.زد في مذكرة: “إجراءات التحفيز المستمرة، مع تسريع تطعيمات كوفيد-19، دعمت المعنويات”.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت سابق، إن بلاده سيكون لديها ما يكفي من لقاحات كوفيد-19 لجميع البالغين الأمريكيين بحلول نهاية مايو أيار، وذلك بعدما وافقت “ميرك آند كو” على صنع تطعيم منافستها “جونسون آند جونسون”.
رابط المصدر: