علي ال غراش
ضب في قفص الدجاج
مع انتشار وباء كورونا… وما يقال إن سبب فيروس الوباء يعود لأكل الخفافيش من قبل الصينيين، ونتيجة للعزل والحجر المنزلي تذكرت حادثة وقعت لي في التسعينيات من القرن الماضي.
ففي نهاية التسعينيات سافرت إلى مدينة داخل السعودية، وفي أحد الأيام ذهبت إلى محل لبيع الدجاج في أحد الأحياء، وقد كانت منتشرة في مدن وقرى السعودية في تلك الفترة قبل منعها بعد عام 2000 فدخلت المحل فوجدت عاملا مصريا سألته عن الدجاج وسعره.
فقال: سعر الدجاجة بالحبة.
فقلت له: أريد 4 دجاجات.
فقال لي: اختر الدجاج الذي يعجبك من القفص الموجود داخل المحل… ذهبت ناحية القفص الكبير لاختيار الدجاج المناسب، ولكني تعرضت لصدمة عندما رأيت في القفص مخلوقا غريبا وبشعا لأول مرة أراه في حياتي!.
قلت له: ما هذا الحيوان وماذا يفعل هنا؟.
فاستغرب العامل من ردة فعلي واستغرابي وغضبي واشمئزازي.
فقال لي: إنه ضب ألا تعرفه… أم أنك غريب؟
فقلت له: لماذا هو هنا؟
قال: كي أبيعه.
قلت له: هل تقوم ببيعه وذبحه وسلخه هنا.
قال: نعم.
قلت له: هل يوجد زبائن له.
قال: نعم. وأضاف مستغربا مني: الظاهر أنك لست سعوديا.
قلت له: ومن قال لك إن المواطنين في السعودية يأكلونه.
قال: لم أعرف هذا الحيوان «الضب» إلا هنا في السعودية من خلال السعوديين، فهناك طلب على الضب من قبلهم.
قلت له من باب المزيد من السخرية البيضاء: هل تذبحه حسب الطريقة الإسلامية وبالسكين نفسها التي تذبح الدجاج. قال: نعم.
فازداد لدي الأمر بشاعة واشمئزازا للمحل.
قلت له: لا ينبغي أن تعرض هذا المخلوق البشع السحلية للبيع أو تستخدم السكين نفسه… فإن كثيرا من المواطنين لا يأكلونه.
فقال: الظاهر أنك لست سعوديا أصليا.. فالسعوديون يحبون أكله.
فقلت له: نحن أهالي الأحساء والشرقية لا نعرفه ولا نأكله بل هو بالنسبة لنا مجرد حيوان من الزواحف السحلية يثير الاشمئزاز كالوزغ «برعصي كبير» شكله مقرف.
فنحن في الأحساء الشرقية لا نأكله ولا نأكل الجرابيع ولا السحليات كذلك وكثير من المخلوقات البرية والبحرية لا نأكلها. فهناك أشياء لا تتناسب مع صحة الإنسان ممنوعة من قبل الشرع أو العرف أو الصحة.
فقال: إذن انت لم تجرب كبسة الضب السعودية؟. وبذلك ضيعت عمرك… إنه مقوي. يقول ذلك كمحاولة للدعاية فللأسف الشديد فكلمة مقوي، وصحي لفقدان الوزن والجمال..؛ إنها كلمات سحرية في هذا العصر للترويج!.
عموما تركت له المحل وخرجت وهي يناديني بغضب قائلا:.. والدجاج يا بيه؟.
قلت: لا أريد دجاجا من محل يبيع الضب سحلية «برعصي كبير».
وسبحان الله عندما أتذكر هذه السالفة أتذكر شكل الضب وأكره الأكل.
هوس بالقوة والجمال
أعود لكلمة مقوي ومنشط التي تستخدم من المروجين كمحاولة دعائية لجذب الزبائن البسطاء والضعفاء الذين يبحثون عن القوة والنشاط والجمال بهوس وبأي طريقة، مما جعل كثيرا من الناس يضعفون ويصبحون أسرى لهذه الدعايات باسم القوة وأحيانا باسم الجمال أو الشفاء أو التبرك؛ عبر أكل وشرب ما هو غريب ومقرف وقذر مثل: أكل حيوانات كالخفافيش وحشرات مقرفة كالصراصير والديدان، وشرب ما تخلفه الحيوانات كالبول للبقر أو الإبل، وشرب قهوة تنتج من فضلات – براز- الحيوانات كحيوان الزباد وهي أغلى قهوة…، وحساء القرود، ومؤخرا تم نشر أخبار عن حليب الصراصير!.
إلى أين يتجه البشر بسبب حب المغامرة والتجربة والاكتشاف، عبر تجربة ما هو غريب من أشياء بشعة وقذرة وغير صالحة للبشر؛ بالإضافة لملاحقة والقضاء وأكل بعض الحيوانات التي تشكل خطرا على صحتهم؛ فهي لها دور قد خلقت لأجله لا ليستخدمها البشر للغذاء، وكذلك تجربة مواد مصنعة من مواد كيميائية.. وما فيه ضرر؟.
لقد كرم الله البشر وحدد لهم ما هو طيب ومفيد ومناسب، ومنعهم من أكل وشرب ما هو قذر وخطير، فالخالق جميل وطيب وحكيم ورحيم وعليم وذلك من باب مصلحة الإنسان الذي هو أكرم الخلق؛ ولكن البشر وبسبب الجهل يريدون أن يجربوا كل شيء، ولو أدى إلى مصائب وبلاء وأمراض وتهديد لوجودهم؛ كما يحدث حاليا من انتشار لوباء كورونا الذي يهدد البشرية، إذ يقال بأن سببه هو أكل الخفافيش.
كما أن كل حيوان قد خلقه الخالق سبحانه وتعالى لغرض وهدف، ربما الإنسان لا يدركه لغاية اليوم، فكثير من الحيوانات والحشرات لها هدف في نهاية الأمر كالمحافظة على التوازن الطبيعي الذي يخدم البشر في نهاية الأمر.
إن قيام البشر بالنزوح إلى الغابات والصحاري والمناطق الخاصة بالحيوانات والحشرات الخطرة وقتلها لمجرد التسلية ظنا منه أنها تشكل خطرا على حياتهم أو الأكل بمبرر أنها مقوية أو للجمال، فهو جهل بشري لا يدرك مدى خطورة الاعتداء على تلك الحيوانات وما ينتج عن ضرب التوازن الطبيعي وما له من آثار سلبية على حياة الناس… رغم أن الإنسان هو المعتدي على تلك الحيوانات بقتلها أو أكلها أو إستخدامها من أجل أمور تخصهم.
وقد أثبتت المختبرات أن سبب وباء كورونا هو فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة؛ فيروس قد كشف مدى ضعف البشر وفقر العلوم رغم التقدم البشري الهائل في كافة المجالات في العصر الحالي… إلا أن العالم المتطور العصري يقف لغاية اليوم يحاول اكتشاف لقاح لهذا المرض القاتل والفيروس الصغير!.
وباء من صناعة الإنسان
هل فيروس كورونا الصغير هو فيروس طبيعي أم بيولوجي صنع في مختبر ما؟.
الإنسان بطبعه يحب الاكتشاف والقيام بتجارب لإشباع حب الاكتشاف حتى لو كان ذلك أمرا خطيرا على صحته وبقائه لأنه لا يدرك عاقبة ما يفعله؛ كالتجارب النووية والبيولوجية والجرثومية والتلاعب بالتركيبة الوراثية -الجينية- وكل ذلك من أجل القوة والهيمنة على العالم. وهناك من يقول بأن وباء كورونا هو من صنع البشر صنع في مختبر ما، وقد سرب أو تسرب من المختبرات والمعامل نتيجة بعض التجارب في المختبرات الجرثومية.
لقد اكتشف وصنع الإنسان في العقود الأخيرة أشياء كثيرة ساهمت في راحته في عالم السرعة كطفرة الإتصالات والتقنية وعالم الاتصال وصناعة مواد حديثة غير معروفة سابقا كمادة البلاستيك التي تستخدم في الكثير من الصناعات، ولكن للأسف بعد سنوات اكتشف العالم خطر هذه المادة على البيئة والكائنات الحية على الأرض، وهناك مواد كثيرة صنعها الإنسان ولكن بعد سنوات يتم اكتشاف مخاطرها.
إن ما تقوم به بعض الدول بصناعة وتخزين أسلحة نووية وجرثومية قادرة على تدمير البشرية والكرة الأرضية لعدة مرات.. أمر خطير على الجميع، واستخدامها من قبل أي دولة؛ جنون وسيكون المستخدم أول المتضررين.
البشرية في خطر
لماذا يصنع الإنسان ما يضره ويضر الآخرين؟.
الوقاية خير من العلاج، والوقاية وتجنب ما هو وقذر والابتعاد عن صناعة ما يشكل ضررا على البيئة والكائنات الحية هو في مصلحة الإنسان. فالإنسان المسؤول عن إعمار الأرض وليس التدمير.
هل يتجنب البشر أكل وشرب ما فيه إضرار وخطورة على صحتهم بعد هذه الجانحة العالمية وباء كورونا (كوفيد – 19) وإعادة النظر في الكثير من الصناعات وما يؤكل ويشرب؟.
لا أكل ولا شرب لكل ما هو قذر وخطير، ولا صناعة للمواد البلاستيكية وغيرها، ولا تجريب لأسلحة جرثومية، ولا للاعتداء على التوازن الطبيعي والبيئي للتسلية أو غيرها بل مطلوب المحافظة على البيئة وعلى الكائنات الحية نباتات أو حيوانات صغيرة أو كبيرة غريبة وبشعة أو متوحشة أو جميلة ومسالمة، ولا تساهل مع المرض ولا بد من التقيد والالتزام بالتوجيهات الصحية والطبية للوقاية من الأمراض. هل سنرى حالة من الوعي لحماية الطبيعة ليحافظ الإنسان على صحته وبقائه؟.