هذا التقرير يتناول جلسة استماع نظمتها لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب الأمريكي الخميس الموافق 29 أبريل 2021، حول حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد عشر سنوات من الربيع العربي وآثارها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وفي هذا التقرير، نورد مقدمة الجلسة كما جاءت على الموقع الإلكتروني للجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب الأمريكي؛ مقدمي الجلسة: النائب جيمس بي ماكجفرن، الرئيس المشارك للجنة، والذي استعرض في مقدمته مظاهر تردي حالة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في دول الربيع العربي، وأكد على حثّ اللجنة للإدارة الأمريكية على ضرورة الضغط على الحكومات المستبدة في المنطقة لإطلاق سراح معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، مذكِّراً ببعض أسماء هؤلاء المعتقلين في أكثر من دولة من دول المنطقة. وشارك في التقديم أيضاً النائب كريستوفر إتش سميث، الرئيس المشارك للجنة؛ ثم يأتي القسم الرئيسي للتقرير، وهو استعراض الشهادات التي أدلى بها الشهود عن الحالة الحقوقية في المنطقة، والتي اختتموها بتقديم بعض التوصيات، كان أبرزها المطالبة بضرورة إيقاف الولايات المتحدة لجميع صادرات الأسلحة للأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، وكذلك وقف جميع أشكال المعونة التي تقدمها لبعض هذه الدول بشكل كامل، والضغط عليها لإطلاق سراح المعتقلين.
مقدمة
أثار عمل احتجاجي بسيط -لكنه يائس- في تونس في ديسمبر 2010، وهو إضرام بائع متجول محبط النار في نفسه، أثار سلسلة من الانتفاضات المؤيدة للديمقراطية في البلدان ذات الأغلبية المسلمة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي أصبحت تعرف باسم الربيع العربي. مستلهمة التنحي السريع للرئيس التونسي المستبد، اجتاحت المنطقة الحركات الشعبية الساعية للإصلاح السياسي والمتطلعة لاحترام أكبر لحقوق الإنسان. ولكن بعد مرور عشر سنوات، تراجعت بعض النجاحات الأولية لتلك التحركات، وتم قمع معظم الحركات التي قامت بها بوحشية، وعزز الحكام المستبدون من سلطتهم، وتم تدمير ثلاث دول بسبب النزاعات المسلحة التي اندلعت فيها، حيث امتدت عواقبها الإنسانية المدمِّرة إلى خارج حدودها. وانطوت الأساليب التي استُخدمت في قمع المعارضة على انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما في ذلك تجريم التعبير وتكوين الجمعيات، والاحتجاز التعسفي لفترات طويلة، والتعذيب، والتجريد من الجنسية، والانتقام من أفراد الأسرة، والتدخل في عمل المنظمات غير الحكومية من خلال سن القوانين المقيِّدة، والتي غالباً ما كانت تتم تحت غطاء قوانين مكافحة الإرهاب. ولكن العديد من تلك البلدان التي لديها أسوأ السجلات في هذا الصدد هي في الأساس دول حليفة للولايات المتحدة منذ وقت طويل. إن فرض عقوبات من حين لآخر على بعض من يُزعم أنهم مسؤولون عن بعض أسوأ الانتهاكات لم ينجح بشكل عام في تغيير سلوك تلك الأنظمة. في هذه الجلسة، سوف يتناول الشهود أنماط انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة منذ اندلاع الربيع العربي، وسيقدمون توصيات للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة، قائمة على حماية حقوق الإنسان.
تقديم الجلسة:
قام بتقديم الجلسة كل من: جيمس بي ماكجفرن، عضو الكونجرس، الرئيس المشارك للجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان؛ وكريستوفر إتش سميث، عضو الكونجرس، الرئيس المشارك للجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان.
الشهود:
يضم الشهود من الخبراء الذين أدلوا بشهاداتهم خلال الجلسة كلاً من:
1- فيليب ناصيف، مدير مناصرة الحقوق، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية
2- سارة هوليوينسكي، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش بواشنطن
3- صموئيل تادروس، زميل أول، مركز معهد هدسون للحرية الدينية
4- سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية، الديمقراطية في العالم العربي الآن، دون
5- ستيفن ماكينيرني، المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، بوميد
استعراض شهادات وتوصيات الخبراء
وفيما يلي نستعرض الشهادات التي أدلى بها الشهود من خبراء حقوق الإنسان، مذيّلة بالتوصيات التي قدموها للكونجرس الأمريكي وصانعي السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والتي جاءت على النحو التالي:
أولاً: فيليب ناصيف، مدير مناصرة الحقوق، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية:
على مدى السنوات العشر الماضية منذ الانتفاضات الجماهيرية التي اندلعت في عام 2011 والتي أصبحت تُعرف فيما بعد باسم الربيع العربي، استمر النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، استمروا في المطالبة بحقوقهم في مواجهة القمع المستمر الذي قامت به الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في إصرار مخيف على سحق الاحتجاجات بالقوة المفرطة وانتهاك حقوق مئات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والإصلاحات السياسية، بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية التي دفعت هؤلاء للنزول إلى الشوارع. فالسلطات في البحرين ومصر وليبيا وسوريا واليمن سعت إلى سحق الاحتجاجات وحاولت إسكات المعارضة باستخدام العنف الشديد ولاعتقالات الجماعية والاحتجاز التعسفي لترهيب المنتقدين لها. وبعد مرور عشر سنوات، فإن الصورة التي ترسمها حالة حقوق الإنسان في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبدو قاتمة. ومع ذلك، فإن هناك مؤشرات واضحة على أن الشباب الشجعان هناك لم يتخلوا عن المطالبة بحقوقهم. ففي عام 2019، اجتاحت موجة جديدة من الاحتجاجات الجماهيرية المنطقة عندما نزل الجزائريون واللبنانيون والعراقيون إلى الشوارع مطالبين بالتغيير. واحتج أيضاً آلاف المصريين، الذين عاشوا سنوات تحت قمع حكومة السيسي؛ وكذلك آلاف الإيرانيين، الذين لم يخشوا حملة القمع هناك والمخاطر الكبيرة على سلامتهم. وقد حان دورنا الآن لدعم الجهود الشجاعة لهؤلاء.
توصيات:
في ليبيا: يجب أن يكون هناك تحرك مشترك من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس النواب ومجلس الشيوخ لتمرير قانون لدعم الاستقرار في ليبيا وإجراء تحقيق لضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي تحدث هناك.
في مصر: يجب على الحكومة الأمريكية حظر جميع مبيعات الأسلحة إلى مصر خاصة ما يتعلق منها بصادرات بذخيرة الغاز المسيل للدموع والأسلحة الصغيرة وغيرها من المعدات القمعية، بالنظر إلى الظروف الأمنية التي آلت إليها البلاد بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها حكومة السيسي هناك. ولابد من التأكيد على ضرورة أن تفرج الحكومة عن جميع سجناء الرأي والكف عن الاعتداء على المتظاهرين السلميين ووسائل الإعلام المستقلة، وينبغي أن تتبع المحاكم المعايير الدولية لضمان محاكمات عادلة لمن يتم اعتقالهم.
في اليمن: يجب تحرك الكونجرس لعرقلة مبيعات الأسلحة بمليارات الدولارات إلى الإمارات بسبب سلوكها في اليمن وليبيا وممارساتها في تسليم الأسلحة إلى الميليشيات، ومواصلتها ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان كما هو موثق في تقرير منظمة العفو الدولية الرائد في ذلك والذي يجب الرجوع إليه.
في لبنان: يجب على حكومة الولايات المتحدة التعامل مع الحكومة في لبنان لحل الأزمة الإنسانية الناجمة عن انهيار الاقتصاد الذي تفاقم مع انتشار كوفيد-19 ويجب تقديم مساعدات إنسانية فورية في شكل طعام ومياه ودواء وكهرباء وتوصيلها مباشرة إلى الشعب اللبناني.
في سوريا: يجب على الكونجرس الأمريكي الضغط على السلطة التنفيذية للعمل مع الجهود الحالية التي تقودها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومحكمة العدل الدولية، وقد أبلغت المحكمة الجنائية الدولية تلك الحكومة عن المسؤولية عن الجرائم ضد الإنسانية التي تجري هناك.
ثانياً: سارة هوليوينسكي، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش بواشنطن:
اسمحوا لي أن أقول إن هيومن رايتس ووتش هي منظمة عالمية تساعد في حماية حقوق الناس في أكثر من 90 دولة من خلال جمع الحقائق وتزويد صانعي السياسات مثلكم بالمعلومات التي يمكنكم استخدامها لوضع سياسة خارجية تعتبر حقوق الإنسان ركيزتها الأساسية. ذكر فيليب ناصيف من قبل أن صورة أوضاع حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط قاتمة في ظل القمع بما في ذلك سجن أصحاب الرأي والسياسيين. ورغم الفشل الذي مني به الربيع العربي، كما يحلو للبعض أن يطلق عليه، إلا أن كل أدوات القمع لم تستطع وقف الناس في جميع أنحاء المنطقة من المطالبة والتحفيز لنيل حقوقهم. ورأينا ما حدث في الجزائر، وشهدنا تحركات مماثلة في العراق ولبنان، لذا فالإخفاق الذي انتاب تحركات الربيع العربي لا يعني على الإطلاق أن الشعوب هناك قد استسلمت، أو توقفت عن الدفاع عن حقوق الإنسان أو النضال من أجل حقوق الإنسان. والحركات الحقوقية التي تكافح الآن هناك لا تكافح فقط لتلافي آثار تفشي فيروس كورونا ولكن أيضاً ضد القوانين الوطنية القمعية والتكتيكات الوحشية التي تقوم بها قوات الأمن في البحرين ومصر وإيران ولبنان وسوريا. وحتى في المغرب والأردن اللذان يتمتعان بسمعة إيجابية نسبياً في دائرة السياسة الخارجية الأمريكية، تم هناك قمع منتقدي الأنظمة وسجن قادة الاحتجاج السلمي وكذلك استهداف المعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي والفنانين والصحفيين، وقد فرضت المحاكم المغربية في الواقع عقوبة تصل إلى 20 عاماً بسبب النشاط السلمي.
توصيات:
هذا يقودني إلى عرض توصيات يمكن للولايات المتحدة أن تقوم بها ذلك لأن تلك البلدان مثل المغرب والأردن والعديد من الدول الأخرى حليفة للولايات المتحدة ومع ذلك فهي تنتهك حقوق الإنسان. لذا فعلى حكومة الولايات المتحدة ببساطة إعادة تقييم أخطاء السياسة التي ارتكبتها في الماضي والتي أدت إلى تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان ويجب ألا تكررها وهذا يوضح ما هو واضح ولكن يبدو أنه ليس واضحاً جداً عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأمريكية لأنها تواصل ارتكاب الأخطاء، فقد شجعت إدارة ترامب المستبدين مثل الرئيس المصري ومثل ولي العهد السعودي. وباعت الولايات المتحدة أسلحة بقيمة المليارات من الدولارات للحكومات التي لا تحترم الحقوق والتي تقمع المعارضة السلمية والمجتمع المدني. لذلك سأقدم أربع توصيات نيابة عن منظمة هيومن رايتس ووتش وهي:
1- تبني نهج إقليمي أكثر اتساقاً لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونعني بالاتساق أن الرسائل العامة الأمريكية وانتقاد انتهاكات حقوق الإنسان. ويجب أن تشمل انتقادات الولايات المتحدة لانتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة مع الدول التي تنتهك الحقوق بشكل واضح وربما تلك التي ليست بهذا الوضوح الكبير، وسيكون ذلك أمراً أساسياً لمعالجة فجوة المصداقية التي تم تراكمها على مدى عقود، والولايات المتحدة لديها الأدوات القانونية التي يمكنها استخدامها مثل قانون ماغنتسكي وغيرها، والتي يجب تنفيذها في جميع المجالات مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.
2- يجب أن يكون هناك حظر على مبيعات الأسلحة إلى أسوأ الحكومات التي تنتهك الحقوق، وقد لوحظ بالفعل في هذه الجلسة بخصوص مبيعات الأسلحة أنه تم إرسال إخطارات للكونجرس بخصوص مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة وهي مؤشرات إيجابية على أن الإدارة الأمريكية تعتبر حقوق الإنسان ركيزة أساسية لسياستها الخارجية. وإذا لم تفرض إدارة بايدن إيقافاً كاملاً على هذه الأنواع من مبيعات الأسلحة للدول التي لا تحترم الحقوق، فنحن نأمل أن يؤدي الكونجرس دوره في التأكد من أن الأسلحة لا تقع في أيدي الحكومات القمعية.
3- استخدم اتفاقيات السلام والاتفاقيات السياسية لتعزيز وليس تقويض التزامات حقوق الإنسان، ومن الواضح أنه عند التفكير في ذلك، يأتي في طليعة ما يتبادر إلى الذهن ’خطة العمل الشاملة المشتركة‘ الجديدة لإعادة الانخراط مع إيران بشأن الاتفاق النووي، ولكن هناك اتفاقيات ومفاوضات حول اتفاقات أخرى من المؤكد أنه يجب أن تأتي حقوق الإنسان كجزء من تلك الاتفاقيات وألا تُستخدم كمبرر لإهمال قضايا حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة.
4- وأخيراً أن تقوم الولايات المتحدة بدعم منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان والمنتقدون للأنظمة كل يوم لأخطار كبيرة على أنفسهم وعائلاتهم من أجل توثيق ومقاومة انتهاكات حقوق الإنسان، لذا فهم بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة، ويمكن أن يكون ذلك علنياً تماماً كما فعل عضو الكونجرس ماكجفرن اليوم من قراءة أسماء السجناء السياسيين. هذا النوع من التصريحات العلنية مهم بشكل كبير ويظهر للمدافعين عن حقوق الإنسان أن الولايات المتحدة تولي اهتماماً لذلك. ولكن يمكن أن يكون أيضاً أقل مباشرة، حيث يمكن للولايات المتحدة أن تبدأ باستدعاء المسؤولين الحكوميين وغيرهم ممن يشكلون تهديداً لاضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان أو الإضرار بهم.
ثالثاً: صموئيل تادروس، كبير باحثين، مركز معهد هدسون للحرية الدينية:
بدلاً من الدخول في حقبة جديدة من التحولات الديمقراطية والحصول على حريات أكبر، لم يؤدِ الربيع العربي إلى شيء من ذلك، مع استثناءات قليلة في تونس والسودان، ولم يستطع الحفاظ على الوضع الراهن لاضطهاد الأنظمة بل أدى إلى تفاقم أوضاع حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة. واستُبدلت مظاهر الانفتاح السياسي المحدود وتنامي منظمات المجتمع المدني التي شهدتها العديد من دول المنطقة قبل الربيع العربي، استبدلت بقمع جميع أشكال المعارضة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولا يزال الشرق الأوسط واحداً من أقل المناطق ديمقراطية في جميع أنحاء العالم حيث غابت حريات الدين والتعبير تماماً تقريباً.
أعلن الرئيس بايدن بالأمس أن أمريكا لن تتراجع عن التزامها بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وإذا أرادت الولايات المتحدة أن تنتهج سياسة خارجية متجذرة في قيمها وتسعى إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وفتح الأبواب أمام الإصلاحات الديمقراطية، فعليها أن تتعامل مع الإرث الذي تركه الربيع العربي والتصدعات التي كشفها العقد الماضي.
أولاً، كشف الربيع العربي الضعف المتأصل في دولة الشرق الأوسط الحديثة بينما زرعت بذور هذا الانهيار منذ البداية. والانهيار الحالي هو نتيجة فشل الأنظمة في تطوير ميثاق حكم يجعل مواطنيهم يعتقدون أن الدولة ملكهم، ولخدمة مصالحهم.
ثانياً، طوّرت الأنظمة اليوم وقطاعات كبيرة من شعوبها رواية بأن السبب في الاضطرابات المستمرة في بلدانهم يعود إلى مؤامرة شريرة قامت بها الولايات المتحدة ضد المنطقة والتي تستخدم المجتمع المدني ووسائل الإعلام لإلحاق الضرر ببلدانها، وبدأوا يصدقوا تلك الرواية. وساعد على إنشاء وتضخيم ذلك دول مثل روسيا وإيران من خلال منافذهم الدعائية باللغة العربية.
ثالثاً، على الرغم من الآمال التي سادت بأن الربيع العربي سيؤدي إلى ظهور لاعبين ليبراليين وديمقراطيين في المنطقة ووضع حد لحتمية الاختيار بين الأنظمة الاستبدادية والحركات الإسلامية، إلا أن العقد الماضي كشف فقط الضعف المتأصل للفاعلين الديمقراطيين الليبراليين في جميع أنحاء المنطقة، فضلاً عن ضعف التزامهم بهذه القيم.
رابعاً، ينظر قسم من سكان المنطقة إلى أحداث الربيع العربي على أنها معركة من أجل البقاء. حيث أدى صعود الحركات الإسلامية سواء إلى السلطة أو قيادة الانتفاضات المناهضة للأنظمة إلى قيام قطاعات من السكان باختيار الأنظمة القائمة على الرغم من الاضطهاد التي تمارسه عليهم باعتباره أخف الضررين.
توصيات:
على الرغم من هذا الإرث والعقبات التي يشكلها أمام محاولة الولايات المتحدة تعزيز المزيد من الحريات وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، لا يزال هناك مجال بالنسبة للولايات المتحدة للعمل في العديد من المجالات الرئيسية:
1- يجب على الولايات المتحدة أن تولي اهتماماً خاصاً لحرية الصحافة والوصول إلى المعلومات والدفاع عن الأصوات الشجاعة القليلة ووسائل الإعلام المستقلة التي لا تزال موجودة وكذلك استخدام الأدوات المتاحة في معالجة هذا النقص في الوصول إلى الأخبار الدقيقة بالإضافة إلى نظريات المؤامرة والخطاب المناهض لأمريكا من قبل هذه الأنظمة وخاصة تلك الحليفة للولايات المتحدة.
2- بينما لا يفيد كثيراً تقديم الدع لأحزاب أو سياسيين معينين، فإن الالتزام بدعم المؤسسات والأفكار الديمقراطية ضروري، خاصة من خلال الأنظمة التعليمية التي ستساعد في علاج هذا الضعف على المدى البعيد.
3- تقديم الضمانات للأقليات الدينية في جميع أنحاء المنطقة وتعزيز قيم التعايش والتسامح بين شعوب المنطقة.
رابعاً: سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية، ’الديمقراطية في العالم العربي الآن‘، دون:
تناول زملائي الذين سبقوني بالحديث عن ظروف انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة والتي أعتقد أنها يمكن وصفها بأنها “كارثية” في ظل المزيد من النزاعات الداخلية لا تزال تجتاح المنطقة، بما فيها الصراعات المسلحة التي تم تدويلها والحروب الأهلية ,القمع الجماعي والتعذيب الممنهج والواسع النطاق، وإفلات قوات الأمن من العقاب، وأجهزة القضاء المسيسة، والحرمان بشكل جماعي من الحقوق المدنية والسياسية التي تؤثر على معظم الناس في المنطقة. وحيال ذلك، تتمثل مسؤوليتنا في الولايات المتحدة كصانعي سياسات ومدافعين عن حقوق الإنسان ومشرعين في الكونجرس ومواطنين عاديين في إجراء فحص دقيق ونقدي لسياسات حكومتنا في المنطقة وتقييم ما إذا كانت الأمور تسير بشكل أفضل أو أسوأ لمن هم يتأثرون بشكل مباشر بسياساتنا في المنطقة.
أولويتنا الدولية الأولى هي الإصرار على أن تمتثل حكومتنا لالتزاماتها الخاصة بحقوق الإنسان والتي تحظر المساهمة في الانتهاكات، حيث إننا نتحمل أيضاً مسؤولية ضمان إنفاذ القوانين الأمريكية الحالية التي تمنعنا من تصدير الأسلحة إلى الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان. هذه هي أولويتنا، حيث يجب توجيه انتباهنا. وفي هذا، يؤسفني أن أقول إن سياسة الولايات المتحدة فشلت في تحقيق هذه الأهداف خلال العقد الماضي من الانتفاضات العربية. فمنذ الانتفاضات العربية وعقود عديدة قبل ذلك، ساعدت الولايات المتحدة بدأب أخطر الأنظمة التعسفية في الشرق الأوسط من خلال توفير الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري للحكومات القمعية في المنطقة في انتهاك لالتزاماتنا تجاه حقوق الإنسان، بموجب القانون الأمريكي والقانون الدولي. نحتاج فقط إلى إلقاء نظرة على ممارسات الأنظمة والأفراد التي تستفيد من أمريكا، نعم هذا هو ما يجب أن ينصب عليه اهتمامنا بشكل صحيح لأنه يؤكد ضرورة أن نتحمل فيه أكبر قدر من المسؤولية، لذا فإن الأسماء التي قرأها عضو الكونجرس ماكجفرن للتو عن السجناء السياسيين في الشرق الأوسط تصب في هذا الاتجاه.
هذا الأسبوع، خلص تقرير مفصل لـ هيومن رايتس ووتش إلى أن الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عن جرائم الفصل العنصري والاضطهاد في حكمها للفلسطينيين سواء داخل إسرائيل أو في الأراضي المحتلة. وجاءت النتائج التي توصلت إليها الدراسة مطابقة للنتائج التي توصلت إليها منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية الرائدة التي وقفت منذ فترة طويلة وجهاً لوجه مع الواقع البشع المتمثل في التمييز الممنهج والشديد الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. ويساهم الدعم العسكري والحماية الدبلوماسية التي تقدمها الولايات المتحدة للحكومة الإسرائيلية في الانتهاكات التي ترتكبها ضد الفلسطينيين والتي يجب أن نسميها جميعاً الآن بالفصل العنصري.
وأريد أن أسجل ملاحظة حول الانتخابات التي تجري وكذلك الانتخابات المصرية التي ألمح إليها عضو الكونجرس سميث سابقا، وأريد أن أؤكد أننا كأميركيين لا يمكننا اختيار من يختاره الشعب العربي أو الشعب في أي بلد في انتخاب قادتهم. خلال هذا الأسبوع وعلى الرغم من شهر رمضان المبارك، قامت دولة تعتبر إحدى شركاء أمريكا الأمنيين، وهي مصر، بإعدام 17 معتقلاً في يوم واحد فيما نعرف أنه نموذج للمحاكمات والإجراءات شديدة الجور التي أدت إلى سجن أكثر من 50000 شخص من النشطاء السياسيين منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب ديمقراطياً عام 2013. لقد أصبحت مصر رائدة عالمياً في عمليات الإعدام حيث قامت بتنفيذ 228 حكما بالإعدام منذ 2014، حسب آخر إحصاء لي، لا يزال 106 أعضاء سابقين في البرلمان المصري مسجونين ظلماً، وهي أكبر نسبة للبرلمانيين المسجونين على مستوى العالم.
وكما أشار عضو الكونجرس ماكجفرن، فعندما قامت هدى عبدالحميد، والدة السجين السياسي، عبدالرحمن الشويخي، بنشر مقطع فيديو يشرح بالتفصيل الاعتداء الجنسي والتعذيب الذي تعرض له ابنها على يد قوات الأمن المصرية، داهمت قوات الأمن المنزل في منتصف الليل للقبض عليها وعلى زوجها وعلى ابنتهما البالغة من العمر 18 عاماً. وتجاهل النائب العام المصري حماده الصاوي الذي يتم الترحيب به في الولايات المتحدة، فتح تحقيق في ذلك.
إن هذا السلوك هو نهج تنتهجه السلطات المصرية في اعتقال أفراد الأسرة للانتقام منها نكاية في أحد أفرادها سواء تم اعتقاله، لإجباره على الاعتراف، أو كان لا يزال طليقاً، لإجباره على تسليم نفسه. لقد حدث ذلك أيضا في حالة اعتقال علا القرضاوي وزوجها حسام خلف، نكاية في والدها العالم الإسلامي يوسف القرضاوي، وسجنها منذ أربعة أعوام تقريبا وحتى الآن في زنزانة انفرادية.
في مصر اليوم إذا اشتكيت من التعذيب أو من اختفاء أولادك، أو عملت كمحامي للدفاع عن المضطهدين أو كصحفي مستقل، أو حتى إذا كنت تؤلف موسيقى أو تلتقط صوراً أو تنشر فيديو “تيك توك” عن أحد الأحداث، فسوف تجد نفسك عرضة للملاحقة القضائية بتهمة أنك “إرهابي”.
يجب أن نكون واضحين في أن تقديم 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية سنوية لهذه الحكومة المصرية يدعم الجرائم ضد الشعب المصري.
توصيات:
1- يجب على حكومة الولايات المتحدة إنهاء الدعم العسكري والمالي الأمريكي المقدم للحكومة المصرية بالكامل، فالواقع يقول إن تقديم الدعم العسكري للحكومة المصرية ينتهك التزاماتنا وقوانيننا الخاصة بحقوق الإنسان التي تحظر تصدير الأسلحة إلى الحكومات التي تنتهك الحقوق بشكل منهجي.
2- لأسباب مماثلة، يجب على الولايات المتحدة إنهاء دعمها العسكري للسلطات الإسرائيلية، بما في ذلك السلطات العسكرية الإسرائيلية التي تحتل على مدى 54 عاماً من قطاع غزة والضفة الغربية.
3- على الرغم من أهمية قرار بايدن بإنهاء مشاركتنا في الهجمات السعودية والإماراتية العشوائية والمتعمدة على المدنيين اليمنيين، لكن يجب أن نكون واضحين أن استمرار إمداد المملكة العربية السعودية بما يسمى بالأسلحة الدفاعية، وكذلك الموافقة مؤخراً على توريد أسلحة بقيمة 23 مليار دولار للإمارات العربية المتحدة لا يؤدي إلا إلى تشجيع ومساعدة قادتهم المتوحشين، غير الديمقراطيين، وغير المنتخبين، وغير الخاضعين للمساءلة. حيث لا تُستخدم تلك الأسلحة فقط ضد شعوبهم، ولكن أيضاً في تدخلاتهم الإقليمية الخبيثة التي تسبب الفوضى وعدم الاستقرار. هذا الأسبوع فقط، كانت هناك تقارير توثق كيف اعتمد المتمردون التشاديون الذين خدموا كمرتزقة في ليبيا لصالح ميليشيا حفتر على الأسلحة التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة واستخدموها لشن انقلاب في تشاد.
خامساً: ستيفن ماكينيرني، المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، بوميد
أتفق تماماً مع تعليقات الشهود الآخرين بشأن الوضع الفظيع والمتدهور لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. سوف أركز ملاحظاتي بشكل أساسي على دور السياسة الأمريكية في الانتهاكات الفظيعة التي تقوم بها الدكتاتوريات الاستبدادية في المنطقة. وأود أن أبدأ فقط بالتحدث بصراحة حول كيف أرى سياسات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي أعتبرها “كارثة” و “فشلاً استراتيجياً” و “وصمة عار أخلاقية” على بلادنا. إذا كانت أهداف الولايات المتحدة في هذه المنطقة هي العمل على تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك سجن وتعذيب وقتل المدنيين الأبرياء، ومنع التحول الديمقراطي، وتأجيج التطرف وعدم الاستقرار والعنف، فسأقول إن السياسة الأمريكية في المكان الصحيح تقريباً، وأن هذه السياسات قد نجحت في تحقيق هذه الأهداف غير المعقولة. ومع ذلك، نظراً لأن الأهداف المعلنة رسمياً للولايات المتحدة هي بالضبط عكس ما وصفته للتو، يجب أن يُنظر إلى سياسة الولايات المتحدة بأكملها على أنها “فشل ذريع”. لكن أحد أكثر الأشياء المدهشة حول سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط هو أنه بغض النظر عما يحدث، وبغض النظر عن مدى فشل السياسات، يبدو دائماً أن الإجابة هنا في واشنطن هي مضاعفة هذه السياسات بدلاً من تغيير المسار بشكل كامل. في التسعينيات كانت تهيمن على المنطقة سياسة أمريكية تتبنى توفير الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم للأنظمة الاستبدادية القمعية. وبعد وقوع الهجمات المروعة في 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، كان الرد الأمريكي الرئيسي في المنطقة هو غزو العراق، وكان خطأ استراتيجياً هائلاً له عواقب وخيمة، وثانياً زيادة دراماتيكية في توريد الأسلحة للأنظمة الاستبدادية.
وبعد عقد من الزمان في عام 2011، جاءت انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بالديكتاتوريين من السلطة في غضون 13 شهراً، مما يدل على حماقة الاعتماد على الديكتاتوريات لتوفير الاستقرار، وأيضاً تُظهر الرغبة العارمة لمواطني المنطقة في الحقوق والحريات التي يتمتع بها الآخرون في جميع أنحاء العالم. . كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تنظر إلى هذه الأحداث الرائعة في الربيع العربي كحدث يمثل فرصة تاريخية لإصلاح سياستها الفاشلة. ولكن بدلاً من ذلك حدث العكس، كان الرد الرئيسي لإدارة أوباما هو مضاعفة هذه السياسات من خلال زيادة مبيعات الأسلحة إلى الديكتاتوريات بشكل كبير. ثم ضاعفت إدارة ترامب مرة أخرى زيادة المبيعات إلى معدلات أعلى بكثير. الحقيقة المزعجة هي أن المجتمع السياسي في واشنطن يبدو أنه لا يهتم فعلاً بالاستقرار في الشرق الأوسط. حيث لا يهتم معظم صانعي السياسات على الإطلاق بحقوق الإنسان، على الرغم من العقود التي أثبتت أن عكس ذلك هو الصحيح. وأنا أعتقد أن الأمر الوحيد الأكثر أهمية هو الدافع وراء سياسة الولايات المتحدة، وهو النفوذ والتأثير الفاسد للفاعلين الذين يستفيدون من الوضع الراهن ومن السياسة القائمة، وخاصة الديكتاتوريات البغيضة التي هي في الواقع المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار.
إن أخطر تطور يتعلق بسياسة الولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو تزايد الاستخدام الفاسد للأموال من قبل بعض أسوأ الديكتاتوريين في العالم، الذين ينبغي اعتبارهم قتلة جماعيين وإرهابيين، لشراء النفوذ هنا في واشنطن من خلال جماعات الضغط وعقود العلاقات العامة والتمويل لمراكز الفكر والجامعات والاستثمارات المحسوبة على قطاعنا الخاص. ببساطة، من غير الممكن دعم حقوق الإنسان ودعم الدكتاتوريات في نفس الوقت. عليك أن تختار بين الاثنين.، ولكن حكومتنا تدعم بشكل مأساوي الديكتاتورية في جميع أنحاء المنطقة بدلاً من الديمقراطية مما ينذر بنتائج كارثية ولكن يمكن التنبؤ بها. ولكي تتحسن سياسة الولايات المتحدة أو سلوكها في المنطقة يجب أن تقوم بتغيير جذري. يجب أن تدعم بلادنا حقوق الإنسان وتعارض وحشية الديكتاتورية. ولكن هذا لا يعني عملياً أن كثيراً من التغييرات يمكن أن تحدث في الوقت الحالي دفعة واحدة.
توصيات:
1- إنهاء دعم الولايات المتحدة للقتلة الدكتاتوريين، حيث تحظر العديد من القوانين الفيدرالية مبيعات الأسلحة أو المساعدة العسكرية للأنظمة الدكتاتورية. حيث تجاهلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بشكل صارخ توصيات الكونجرس بقيادة أعضاء لجنة لانتوس في ذلك.
2- عندما يكون هناك تقدم نحو التحول الديمقراطي، فإن دعم هذا التقدم يجب أن يكون أولوية قصوى للولايات المتحدة. خلال العقد الماضي، كانت تونس هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي أحرزت تقدماً حقيقياً في الديمقراطية أو حقوق الإنسان، لذلك فدعم تونس والديمقراطية التونسية يجب أن يكون في مقدمة أولويات الولايات المتحدة.
3- يجب على الكونجرس أن يكافح بفعالية النفوذ الفاسد المستشري للديكتاتوريات القاتلة في واشنطن، وهذا يشمل جميع الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، بما في ذلك أنظمة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وغيرها.
وعلى أعضاء هذه اللجنة أن يعارضوا بشدة إدراج شهود خلال أي جلسات استماع في الكونجرس يأتون من أي منظمة تمولها تلك الأنظمة الاستبدادية.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الكونجرس تمرير تشريع يمنع أي شخص خدم في أي من السلطة التنفيذية أو التشريعية من العمل في مثل هذه المنظمات. وكذلك يجب منع أي شخص كان على جدول رواتب تلك الأنظمة الديكتاتورية من الخدمة في حكومتنا.
رابط المصدر: