توفيق بوستي
ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى تشخيص تعامل الاتحاد الأوروبي مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال اعتماده لمقاربة أمنية محضة، انطلاقا من إدراكه لطبيعة التهديدات والمخاطر الأمنية التي تفرزها هذه الظاهرة على أمن الدول والمجتمعات الأوروبية على كافة المستويات، مما دفع الدول الأعضاء في الاتحاد إلى تجريم الظاهرة بالاعتماد على إجراءات وآليات قمعية بوليسية للحد من تسلل المهاجرين غير الشرعيين للأراضي الأوروبية، حيث انتقل الاتحاد الأوروبي بإضفائه على الظاهرة طابعا أمنيا، إلى معالجتها على مستوى السياسات العليا بعد ما كانت في السابق مجرد قضية ذات صلة بالعمالة والاقتصاد تدرج في السياسات الدنيا للدول الأوروبية.
وهو الأمر الذي جعلها تدرج كإحدى القضايا الأمنية الجديدة، عبر خطاب أمني جديد تبنته النخب السياسية والبيروقراطية الأوروبية، يقوم على تسييس الظاهرة ثمّ أمننتها، باعتبارها واحدة من أخطر التهديدات الأمنية المسببة لعدم الاستقرار وانعدام الأمن في أوروبا، والمسؤولة عن الكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، كالمساس بالهوية (الأمن المجتمعي) والرفاه الاقتصادي للشعوب الأوروبية، وفي هذه الظروف تحوّل مفهوم الهجرة من ظاهرة إنسانية اجتماعية تساهم في نقل الثقافات وإحتكاك الشعوب بعضها ببعض، إلى ظاهرة تنقل الدمار والخوف وتؤدي إلى تصادم الشعوب والدول، وهو ما أدى بدول الاتحاد إلى أمننة الظاهرة.
مقدمة:
تعتبر الهجرة غير الشرعية من أكثر القضايا الاجتماعية حساسية بحيث لا تزال تؤرق المجتمع الدولي كونها تمس مختلف شرائحه، ولكن بالرغم من أنها ظاهرة إنسانية، فرضتها الاختلافات الموجودة في الأوضاع الأمنية والمعيشية بين مختلف مناطق العالم، تهدف لانتقال الأفراد بحثاً عن مكان آمن للاستقرار وتحقيق العيش الكريم، إلا أنها أصبحت مرتبطة بمظاهر العنف والإرهاب والجريمة المنظمة بمختلف أشكالها، وهو ما جعلها تشكل خطرا على الأمن المجتمعي الأوروبي، وحولها إلى مشكلة تتسبب في حالة من الفوضى واللاأمن في المجتمعات الأوروبية، فقد كان لحوادث 11 سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية، و11 مارس بمدريد وتفجيرات لندن، مادة إعلامية استخدمتها وسائل الإعلام الغربية لتهويل ظاهرة الهجرة وتخويف الحكومات والشعوب الأوروبية منها، وبالمقابل وظفتها الأحزاب اليمينية في حملاتها الانتخابية للوصول إلى السلطة أو المشاركة في الحكومات.
في ظل هذه الظروف، حدث تحوّل في مفهوم الهجرة من ظاهرة إنسانية اجتماعية ناتجة أساسا عن الأزمات الاقتصادية والصراعات الداخلية، والتغيرات المناخية، إلى جانب انهيار الدول لتصبح قضية سياسية أمنية، حيث لم يعد ينظر للهجرة على أنها مجرد تدفق للأفراد داخل الحدود الأوروبية فحسب، بل أصبح يُنظرُ إليها كتهديدٍ أمني جديد يمس قيم الوحدة المرجعية للأمن بأبعاده المختلفة وعلى رأسها الأبعاد المجتمعية، وهو ما أدركه الاتحاد الأوروبي وتجلى في خطب النخب الأوروبية في العديد من المناسبات ودعمتها جملة السياقات وعلى رأسها أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي ساهمت بشكل فعلي في أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وعليه يمكن طرح الإشكالية الرئيسية التالية: فيما تتمثل دوافع وانعكاسات سياسات الاتحاد الأوروبي لأمننة الهجرة غير الشرعية؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية الرئيسية عدة إشكالات فرعية:
1-ما معنى ومدلول الأمننة؟
2-ما هي دوافع أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية؟
3-فيما تتمثل إجراءات وسياسات الاتحاد الأوروبي لأمننة الهجرة غير الشرعية؟
4-فيما تتمثل انعكاسات أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية؟
وللإجابة عن الإشكالية الرئيسية والإشكاليات الفرعية قسمنا الدراسة إلى المحاور التالية:
المحور الأول: الأمننة: المدلول والمعنى
المحور الثاني: دوافع أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
المحور الثالث: إجراءات وسياسات الاتحاد الأوروبي لأمننة الهجرة غير الشرعية
المحور الرابع: انعكاسات أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
-أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق جملة من الأهداف يمكن إجمالها فيما يلي:
1-التعريف بنظرية الأمننة التي ظهرت في إطار مدرسة كوبنهاغن
2-تبيان طبيعة العلاقة بين الأمن والهجرة
3-تسليط الضوء على مختلف الدوافع التي دفعت دول الاتحاد الأوروبي إلى أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
4-رصد مختلف الإجراءات والأليات المتبعة من قبل الاتحاد الأوروبي في أمننته لظاهرة الهجرة غير الشرعية
5-تسليط الضوء على انعكاسات أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
-أهمية الدراسة:
تكتسي الدراسة أهمية كبيرة بالنظر لمعالجة موضوع مهم من مواضيع الدراسات الأمنية والمتمثل في: “أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي: الدوافع والانعكاسات” من خلال توضيح العلاقة بين متغيري الأمن والهجرة، وكيف تحولت هذه الأخيرة من قضية اقتصادية واجتماعية إلى قضية سياسية وأمنية، وهو ما أدى بالحكومات الأوروبية للتركيز على الأليات والإجراءات الأمنية المحضة، في ظل رهاب الأوروبيين من كل ما هو أجنبي (مسلم) والذي أصبح يشكل تهديدا للأمن الأوروبي.
-الدراسات السابقة:
1-مرسي مشري، أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والانعكاسات (مجلة سياسات عربية، العدد 15، جويلية 2015)، حيث توصل الباحث إلى أن مفهوم أمننة الهجرة غير الشرعية عبر عن التوجهات السياسية للحكومات الأوروبية، وعن النفوذ السياسي الذي تملكه المعارضة اليمينية المتطرفة، إلى جانب سيطرة الطابع الأمني على الخطاب الأوروبي في معالجة ظاهرة الهجرة بالاستناد إلى الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية.
2-علي بلعربي، أمننة الهجرة في سياسات الاتحاد الأوروبي: دراسة في تأثير الهجرة على الأمن الأوروبي (مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد10، العدد 2، سبتمبر 2019)، ركز في دراسته على مدرسة كوبنهاغن كمقاربة نظرية مهمة للكشف عن طبيعة العلاقة الموجودة بين الهجرة والأمن وتحولها من قضية اقتصادية اجتماعية إلى قضية سياسية أمنية، إلى جانب تبيان تطور مسار أمننة الهجرة في الاتحاد الأوروبي مركزين في ذلك على حدثين مهمين تمثل الأول في أحداث 11 سبتمبر 2001، والثاني في ثورات الربيع العربي، فضلا عن التركيز أهم التهديدات التي تشكلها الهجرة على الأمن الأوروبي، وأهم السياسات الأوروبية في بعدها الأمني للسيطرة على الهجرة وتقييمها.
3-خديجة بتقة، الأمننة الأوروبية للهجرة غير الشرعية وانعكاسها على سياسات دول شمال إفريقيا ” المغرب والجزائر نموذجا”(مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، المجلد1، العدد 2، جوان 2018، المركز الديمقراطي العربي)، حيث تعالج هذه الدراسة إشكالية أمننة الهجرة غير الشرعية في الخطاب الأمني الأوروبي وسياساته كدول استقبال بإدراجها ضمن نطاق عالم الإجرام والأمن، إلى جانب الوقوف على انعكاس هذه المقاربة على سياسات دول المنشأ (المغرب والجزائر) من أجل تسليط الضوء على إمكانية نجاح خطاب الأمننة الأوروبي في التدفق من حركات للهجرة غير الشرعية بسياساته العملية وكيفية استجابة هذين الدولتين في سياتهما تجاه الظاهرة.
-فرضيات الدراسة:
الفرضية الأولى: إن تزايد تدفق أعداد المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي أثر سلبا على الأمن المجتمعي للدول الأوروبية
الفرضية الثانية: أمننة الهجرة غير الشرعية في الاتحاد الأوروبي أدّت إلى تبني سياسات أوروبية أمنية محضة للحد منها.
الفرضية الثالثة: أمننة الهجرة غير الشرعية أدى إلى بروز الإسلاموفوبيا وتأكيد نظرية صدام الحضارات
-المناهج المستخدمة:
تم الاعتماد في هذه الدراسة على تكاملية منهجية فرضتها طبيعة في المنهج التاريخي وذلك من خلال تتبع تطور مسار أمننة الهجرة في الاتحاد الأوروبي وتحولها من قضية اقتصادية إلى قضية أمنية عبر مختلف الإجراءات والسياسات، كما إعتمدت على المنهج النظمي من خلال دخول مدخلات من البيئة الداخلية والخارجية تتمثل في دوافع أمننة الهجرة غير الشرعية إلى الهيئات الحكومية فتدخل في عملية تحويل بالنسبة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية ثم تخرج في شكل سياسات وإجراءات أمننة الهجرة غير الشرعية وما ينجم عنه من انعكاسات لهذه الظاهرة ترجع للبيئة الداخلية والخارجية عبر التغذية العكسية، كما إعتمدت الدراسة أيضا على منهج دراسة الحالة كونها تناولت موضوع أمننة الهجرة في سياسات الاتحاد الأوروبي.
المحور الأول: الأمننة: المدلول والمعنى
أولا-تطور مفهوم الأمن حسب مدرسة كوبنهاغن:
ساد المنظور الواقعي للأمن منذ معاهدة واستفاليا ونشأة الدولة القومية عام 1648، أي ساد لمدة ثلاثة قرون ونصف القرن، حيث اختزل مفهوم الأمن في المجال العسكري (الحرب والتهديدات العسكرية)، ولكن سرعان ما تغير هذا المفهوم من المنظور الصلب إلى المنظور الليّن نتيجة عاملين أساسيين هما[1]:
أ-لم تعد الدولة القومية هي الفاعل الوحيد المؤثر في العلاقات الدولية، حيث ظهرت فواعل جديدة تحت قومية وفوق قومية يتجاوز تأثيرها بكثير تأثير الدولة القومية كالمنظمات الحكومية الإقليمية والدولية، والمنظمات الدولية غير الحكومية.
ب-التحول الذي طرأ على مصادر التهديد الموجه للدولة القومية، فلم يعد التهديد ذو الطابع العسكري الخارجي (الأتي من الخارج) هو التهديد الوحيد لأمن الدولة كما يفترضه المنظور الواقعي، بل أصبحت الدولة تواجه عدة مصادر من التهديدات ذات طبيعة مغايرة للطبيعة العسكرية، كما أن تأثيرها أشد وطأة كتجارة المخدرات عبر الحدود، والجريمة المنظمة، وانتشار الإرهاب الدولي، والهجرة غير الشرعية، وانتشار الأمراض والأوبئة كالإيدز، وانتشار الفقر، والتلوث البيئي… إلخ، في ظل عجز المنظور التقليدي للأمن عن التعامل مع تلك القضايا.
وهو ما أدى إلى ظهور الدراسات النقدية التي حاولت استعاب كل تلك التهديدات وتعويض النقص الحاصل في المنظور الواقعي، وفي هذا الإطار ظهرت مدرسة كوبنهاغن التي ارتبطت بشكل أساسي أصولها التنظيرية في العلاقات الدولية بكتاب المنظر باري بوزانBarry buzan الذي يحمل عنوان: people state and fear: The National Security problem in international Relations الصادر سنة 1983، حيث ترتكز طروحات مدرسة كوبنهاغن على التجليات الاجتماعية للأمن، بمعنى أن الأمن ليس مفهوما ثابتا كما أقرها يوهان غالتونغ في إطار هذه المدرسة، بل إنه بناء اجتماعي يتشكل عبر الممارسة وبشكل ديناميكي، وبهذا الشكل يمكن توسيع الأمن ليتجاوز المنظور التقليدي الذي يركز على الحروب بين الدول[2].
تعتبر مقاربة بوزان ذات أهمية بالغة بالنظر إلى تعاملها مع جميع جوانب الظاهرة الأمنية من جزئياتها إلى كلياتها، بالإضافة إلى إدراجها العوامل الاجتماعية للأمن مع كيفية بناء الأفراد أو المجتمعات للتهديدات، فقد أشار بوزان إلى أن الأمن لفظ متعدد المعاني، موضحا أنه مصطلح خلافي بالأساس ليس فقط بسبب اندراجه ضمن معظم مجالات الحياة الاجتماعية واليومية، ولكن بصفة خاصة لأنه من المرجح أن يكون هذا المصطلح في حد ذاته ذا دلالات أيديولوجية وأخلاقية ومعيارية[3]، لذلك فقد اعتبر بوزان الأمن بأنه: “العمل على التحرر من التهديد (وفي سياق النظام الدولي فانه يعني) قدرة الدول والمجتمعات على الحفاظ على كيانها المستقل وتماسكها الوظيفي ضد قوى التغيير التي يرونها معادية، فالحد الأدنى للأمن هو البقاء، لكنه يتضمن أيضا إلى حد معقول سلسلة من الاهتمامات الجوهرية حول شروط حماية هذا الوجود”[4]
كما أنه من بين أهم الأفكار والطروحات التي قدمتها مدرسة كوبنهاغن في الدراسات الأمنية نجد:
1-مستويات التحليل الأمني:
ينظر باري بوزان Barry Buzan للأمن من خلال: الفرد، الدولة والنظام الدولي، إلا أن أمن الفرد والنظام الدولي يبقى تابعا لأمن الدولة باعتبارها الوحدة المرجعية لفهم السلوكيات الأمنية، فالدولة تتكون وفقا لبوزان Buzan من ثلاث مكونات: فكرة الدولة الوطنية / القومية Nationalisme، القاعدة الفيزيائية للدولة (الشعب، الموارد، التكنولوجيا)، المظهر المؤسساتي للدولة (النظام السياسي والإداري) تبعا لذلك يعتقد انه بتعريف الدولة بهذا الشكل يسهل تصور التهديدات لأي من هذه المكونات الثلاث[5].
كما فرق بوزان Buzan بين الدول الضعيفة والدول القوية كشرط للأمن على مستوى الدولة، فإذا كانت قوة الدول وضعفها في تحليل والتزwaltz تقاس فقط بمدى قدراتها المادية، فان بوزان يراها تقاس تبعا لمستوى استقرارها المؤسساتي ومدى انسجامها السياسي ـ الاجتماعي الداخلي، فالترابط المعقد للسياقات الداخلية والخارجية جعل من العسير تحديد فيما إذا كان تهديد أمن حكومة ما نابع من الداخل أم من الخارج، مما زاد من تعقيد مشكلة التحليل الأمني[6].
2-قطاعات الأمن:
أ-القطاع السياسي:
يتجسد هذا المجال من خلال العلاقة بين الأمن كمتغير والعناصر المكونة للدولة ( السيادة، والوحدة الإقليمية )، وعلى وجه العموم فإن المجال السياسي للأمن الوطني هو حرية الدول من الضغوط السياسية الناتجة عن التفاعل السياسي على المستوى الداخلي، بحيث يتحقق الأمن من خلال ضمان أو فرض احترام الفاعلين السياسيين لمختلف الشروط المؤدية للاستقرار والوحدة الوطنية، أما على المستوى الخارجي فيكون من خلال قدرة الدول على التكيف مع الضغوط الهادفة إلى إجبارها على تغيير مواقفها، أو من خلال تبني مواقف قد تتعارض مع المبادئ التي تؤمن بها أو المصالح التي تهدف إلى تحقيقها[7].
ب-القطاع العسكري:
يخص مستويين، هما قدرات التسلح الهجومي والدفاعي للدول، وكذا مدركات الدول تجاه بعضها البعض، من حيث النوايا السياسية والأمنية فيما يخص نظام واستقرار الدول، وكذا أنظمة الحكم والإيديولوجيات التي تستمد منها شرعيتها، فنهاية الحرب الباردة قد قلصت من القواعد العسكرية في دول المحيط، كما قللت من الحوافز للتزود بالسلاح، وفوتت على القوى الكبرى الكثير من المكاسب، إلا أن نهاية الحرب الباردة سمحت بنشوب مواجهات عسكرية داخل المحيط وبروز دور لوساطة القوى الكبرى التي تعتبر نفسها راعية للسلام والأمن الجماعي[8].
ج-القطاع الاقتصادي:
يرى باري بوزان أن الأمن الاقتصادي للدولة يتمحور أساسا حول قدرة الدولة على بلوغ الموارد المختلفة والإمكانات المالية اللازمة، وضمان الأسواق لتوفير مستوى معيشي مقبول، واستقرار نظام الحكم وحماية الاقتصاد الوطني من مختلف التهديدات الناجمة عن اضطرابات النظام الاقتصادي داخليا، وتأثيرات العولمة وما ينجر عنها من اضطرابات اجتماعية، وضعف التماسك والتكافل الاجتماعي، العقوبات ضعف توفر الثروات المختلفة، النشاطات الإجرامية[9].
د-القطاع المجتمعي:
يعرف باري بوزان الأمن المجتمعي على أنه استمرار في ظل شروط مقبولة للتطور، أنماط تقليدية للغة والثقافة، وكذا للهوية والممارسات الوطنية والدينية لمجتمع من المجتمعات، ويعرفه أول ويفر OLE Weaver بأنه قدرة مجتمع على حماية هويته في مواجهة تهديدات كامنة أو حقيقية[10].
ه-القطاع البيئي:
بالنسبة للقطاع البيئي، فالأمن يقوم على وحدتين هما: التهديدات الطبيعية والتهديدات الاجتماعية، بحيث تجعل الحضارة الإنسانية في خطر، فالتهديدات الطبيعية تتمثل أساسا في الهزات الأرضية ونشاط البراكين، ذوبان الجليد، الفياضات، الجفاف، التصحر…. وتتمثل التهديدات الاجتماعية في كل ما يضر البيئة وسلامتها، وينتج أساسا عن مختلف أنشطة الإنسان كالتلوث، المواد الكيميائية، استنزاف الثروات الطبيعية مما يحدث اضطرابا وخللا في النظام الطبيعي وبنية الكوكب[11].
ثانيا-مفهوم الأمننة:
ظهر مفهوم الأمننة أول مرة في مدرسة كوبنهاجن، وهو يعني تحول أي موضوع إلى قضية أمنية، بحيث يقدمها الفاعلون على أنها تهديد لوجودهم ويتقبلها الجمهور، فنقطة البداية في مفهوم الأمننة هي نظرية الفعل الخطابي[12]، فالجوهر الأساسي لنظرية الأمننة هو اعتبارها الأمن فعلا خطابيا، فبمجرد وسم شيء ما بأنه مسألة أمنية يجعله كذلك، فقد أشار واييفر إلى ذلك بقوله: “يمثل شيء ما مشكلة أمنية متى أعلنت النخب أنه كذلك”[13]
بمعنى يمكن القيام بأفعال بالكلمات، فالأمننة تدرس من خلال تحليل الخطاب لتقديم شيء ما بوصفه تهديداً وجودياً، بحيث يتقبلها الجمهور ويسمح باستخدام الإجراءات الاستثنائية لمحاربة التهديد، ففكرة الأمننة تشير إلى البناء الاستطرادي للتهديد، وأن افتراضها الرئيسي يكمن في اعتبارها الأمن كفعل الخطاب، فبمجرد التلفظ أن شيئا ما يشكل قضية أمنية فإنه يصبح كذلك، وبعبارة أخرى فإن تصريح فاعل ما أن موضوعا مرجعيا ما مهدد في وجوده، يمنحه الحق في اتخاذ تدابير استثنائية لضمان بقاء ذلك الموضوع المرجعي، الأمر الذي يؤدي إلى نقل القضية من حيز السياسة العادية إلى حيز القضايا الطارئة، أين يمكن التعامل معها بسرعة، خارج قواعد الديمقراطية العادية[14].
وبالتالي فإن الأمننة هي المسار الذي یقوم من خلاله فاعل ما بالإعلان على أن مشكلة خاصة أو دینامیكیة معینة تمثل تهدید وجودیا ” thread Existential ” لموضوع معین، ویتم قبوله من قبل جمهور المستمعين، بحیث یتوقف نجاح هذا المسار بالمكانة التي یتمتع بها المخاطب وقدرته على إقناع الجمهور المستمع، وجعل من أفعال الخطاب حركة أمنية ” Securitizing Move[15].
وبالمقابل يرى أنصار نظرية الأمننة بأن الأمننة الناجحة تتضمن شرطين أساسيين هما: الخطاب وقبوله الواسع لدى الجمهور، فتصبح قضية ما مسالة أمنية متى أمننت من طرف فاعل ما كالحكومة أو البرلمان أو أي سلطة سياسية أخرى وحتى قادة الرأي وكبار البيروقراطيين طالما أن لهم القدرة لممارسة هذا النوع من العمل عبر الخطاب وكان له القبول بوجود توليفة من الشروط المساعدة والسياقات الخاصة التي تتضمن شكل فعل الخطاب، موقع ومنزلة الفاعل المؤمن والظروف التاريخية المرتبطة بهذا التهديد[16]، فضلا عن شرط آخر وهو تحديد التهديدات الفعلية والعمل المستعجل، فتقديم مسألة على أنها تهديد فعلي، كما يعني بوزان: “إذا لم نعالج هذه المشكلة، فكل شيء آخر سيكون غير ذي معنى، لأننا لن نكون موجودين أو لن نكون أحرارا للتعامل معها بطريقتنا الخاصة، وتسمى هذه الخطوة نحو الأمننة الناجحة بالتحرك نحو الأمننة “[17].
وفي هذا الإطار تتكون مستويات الأمننة من ثلاثة مستويات هي[18]:
1-الفواعل: يمكن تقسيم هذا المستوى إلى شقين؛ الشق الأول يتمحور حول الفواعل، وهو يضمّ أولئك الذين يساهمون أو يقاومون، مباشرة أو عن طريق الوكالة، في تصميم القضايا الأمنية أو ظهورها) أمننة الفواعل، والجماهير، والفواعل الوظيفية (، أمّا الشق الثاني فيتضمن المواضيع التي تشكّل العلاقة التي تؤطر الوضعية الأمنية، وهي وضعيات القوة) العلاقات البديلة (للفواعل، والهويات الشخصية والهويات الاجتماعية التي تكشف سلوك الفواعل، وكذلك الموضوع المرجعي والشخص المعني، أي من يهدد وماذا يهدد؟
2-الفعل: ويهتم هذا المستوى بالممارسات استطرادية أكانت أم غير استطرادية، والتي تدخل ضمن مسار الأمننة قيد الدراسة، والنتيجة الشاملة تشمل السياسات والطرق التي تخلق الأمن، ويتكون هذا المستوى بدوره من أربعة جوانب:
1-نوع الفعل
2-الاستراتيجية
3-مكونات الأمننة
4-السياسات الناجمة عن الأمننة
3-السياق: ذلك أنّ الخطاب الأمني لا ينبع من فراغ بل ينتج عن سياق الحوادث والتهديدات.
هذا، ويرى الموسعون في إطار مدرسة كوبنهاغن بأن إطار الأمننة يستند إلى ثلاثة معاني:[19]
أولا ـ شكل الفعل the form of the act: المبنى أمنيا مع التركيز على خطاب الفاعلين المهيمنين الذين غالبا ما يكونون قادة سياسيين.
ثانيا ـ سياق الفعل context of the act : محدد بدقة مع التركيز فقط على لحظة التدخل
ثالثا ـ طبيعة الفعل natur of the act: من خلال معرفة مهددات الأمن
كما جادل واييفر بأنه لا يمكن اعتبار الأمن كحالة سابقة في وجودها عن الخطاب كما بين أنه ممارسة ذاتية المرجعية بمعنى أن شرط وجوده قد أسس بفعل الخطاب ذاته وليس بتهديد مفروض مهما كان نوعه، وتعرف أعمال الخطاب على أنها أفعال تؤدي عبر الخطاب، وهي تشير إلى وحدات صغيرة تحدث فعلا (أمر / وعد / طلب) عن طريق اللغة، إلا أن واييفر اهتم بمفهوم الأداء الذي طوره أوستين، الذي يشير إلى أن الألفاظ التعبيرية (أعلن / قال / وعد / دعا / حكم) هي من الأشكال التعبيرية المكونة للفعل، فضلا عن اعتبار أفعال الخطاب وفقا لمدرسة كوبنهاغن أدوات تستخدم من طرف الفواعل لتحقيق أهدافهم.
أما فيما يخص عناصر الأمننة فهي تتكون من ثلاثة عناصر أساسية تتمثل في أمننة الفعل، الفاعل والجمهور: [20]
1-أمننة الفعل securitizing act
هو فعل الخطاب باستعمال مصطلحات الأمن فيما يتعلق ببعض الأحداث والمسائل والتطورات، بحيث يجب التأكيد على هذه القضية بشكل استباقي باعتبارها تهديدا أو خطرا، وبهذا يتم تحويلها إلى حالة من انعدام الأمن، فالأمننة هي وسيلة فعالة لحشد الدعم السياسي والوسائل المؤسساتية لأن انعدام الأمن يعني الخوف، والخوف هو أداة قوية للعمل السياسي.
2-الفاعل securitizing actor
هو الذي يحاول أمننة قضية ما، وعليه يجب أن يكون الفاعل في موقع السلطة ويحظى بالشرعية السياسية كي يتمكن من إقناع الجمهور بالتهديد، وبعبارة أخرى، تحتاج الجهات والمؤسسات التي تقوم بالأمننة إلى نوع من المصداقية في نظر الجمهور الذي يُعتبر المستهلك للخطاب ولديه القدرة على تمكين ممثل الأمننة من العمل.
3-الجمهور The audience :
وهو المستهلك للخطاب ولديه القدرة على تمكين ممثل الأمننة من العمل، ومن الأهمية بمكان، أن يشترك الجمهور في التهديد الأمني الذي يشكله من أجل إنتاج تأثيرات سياسية فعلية، ولتحقيق هذا النجاح، يجب أن يكون لدى القائم بالأمننة القدرة على التعرف على مشاعر الجمهور.
ومن بين الأفكار التي ميزت هذا الحقل من الدراسة والمستندة إلى نظرية الأمننة فكرة الأمننة الكلية macro-securitization التي أطلقها بوزان في دراسته لعام 2006 والتي تحمل عنوان: the war on terrorism as the new macro -securitization والتي تشير إلى معنى نظرية الأمننة نفسه ولكنها تمارس على نطاق أكثر اتساعا مستندة إلى بناءات عالمية للتهديدات والوحدات المرجعية على غرار : التهديدات الجيواقتصادية، الإرهاب، الانتشار النووي، ويرجع بوزان هذه الظاهرة إلى العولمة والاعتقاد بأيديولوجية عالمية، وتمثل الحرب الباردة وفقه المثال التاريخي الأكثر وضوحا لهذا النوع من الأمننة، كما يعتقد أن هذه الظاهرة قادرة على تنظيم حركيات الأمن السائدة بين مجتمع الدول لعدة عقود[21].
وبذلك فإنّ أمننة الهجرة غير الشرعية يعني تحويلها من قضية إنسانية بسبب فرار الأشخاص من ظروف اقتصادية وسياسية وأمنية صعبة، إلى قضية أمنية وتحدٍ يهدد الوجود الحضاري والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدول الأوروبية، ما يستوجب اتخاذ تدابير استثنائية ردعية وعقابية لمواجهة هذا التحدي، وفي هذا الإطار يمكن أن يتقاطع مفهوم الأمننة مع مفهوم آخر وهو مفهوم تجريم الهجرة غير الشرعية[22].
وعلى هذا الأساس، فإنّ تعامل الاتحاد الأوروبي مع قضية الهجرة غير الشرعية مر بعدة مراحل، وذلك عبر إدراجها في إطار التعاون بين الأطراف المتوسطيين، ثم التحول إلى تسييس هذه القضايا وإبرازها بصفتها أهدافاً خاصة في السياسات العامة للاتحاد الأوروبي، وذلك بتخصيص الإمكانيات والميزانيات اللازمة لمواجهتها، ثم الوصول إلى المرحلة الأخيرة وهي أمننة هذه القضايا، فهي تعطي الحق للجوء إلى وسائل وإجراءات استثنائية وغير عادية لمواجهتها[23].
المحور الثاني: دوافع أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
توجد عدة عوامل ودوافع تقف وراء أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي يمكن إجمالها فيما يلي:
1-تهديد للأمن المجتمعي الأوروبي:
يعتبر المهاجرون غير الشرعيين تهديدا للهوية الوطنية الأوروبية، تبعا لتحول ظاهرة الهجرة غير الشرعية من ظاهرة اقتصادية إلى مسألة أمنية عبر خطاب اجتماعي وسياسي، وفي هذا الإطار يعتبر بيغو
أن: “مقولة الهجرة مشكلة كبرى لأوروبا ليست فقط مجرد ملاحظة، بل قوة صيغت مضمون الكلام إلى تغير المدلول الاجتماعي لمفهوم الهجرة، وإلى تحولها بفضل قوة المفردات إلى مسألة أمن بحد ذاته”[24]
لقد أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشرعية قضية أمنية ذات أولوية كبيرة بالنسبة للحكومات الأوروبية في ظل تزايد تدفق أعداد المهاجرين، الذين أصبحت تنظر إليهم على أنهم يمثلون تهديد سافر للأمن المجتمعي الأوروبي عبر استخدام خطاب عدائي يربط بين المهاجرين ومشاكل البطالة والجريمة المنظمة بكل أنواعها وتجارة المخدرات والتهديدات الإرهابية، وهو ما دفع الدول الأوروبية إلى تعزيز جهودها الهادفة إلى أمننة الظاهرة من خطر المساس بالانسجام الاجتماعي الأوروبي، وتآكل الهوية الوطنية، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، كما تحولت الهجرة أيضا إلى تحدي يهدد الأمن الوظيفي للأوروبيين، كل هذه المخاوف جعلت الهجرة على رأس جدول أعمال العديد من الناخبين الأوروبيين الذين يسعون إلى ضبط النظام العام والأمن الداخلي، كما تم تبني مثل هذه المخاوف وتعزيزها من قبل وسائل الإعلام مما يدخل الحكومات في صلب القضية ويجعلها مضطرة للرد[25].
ويزداد القلق الأوروبي أكثر فأكثر خاصة أن نسبة كبيرة من المهاجرين هم من المسلمين، الأمر الذي يثير تساؤلات حول وجود مد إسلامي بأوروبا، وإمكانية تأثير هذه الأقلية داخل المجتمعات الأوروبية المسيحية، مما يساهم هذا الوضع في تغذية الخوف من انتشار الإسلام أو ما يعرف بظاهرة الإسلاموفوبيا، وبالتالي هذا ما يدفع إلى تعميق الفجوة بين المهاجر وشعوب الاستقبال، الأمر الذي قد ينجر عنه تورط هؤلاء المهاجرين في المشاكل المذكورة سابقا كتعبير عن رفض التهميش والإقصاء الذي يتعرض له أثناء تواجده في دول الاستقبال[26].
كما يقدم الخطاب الأوروبي الهجرة غير الشرعية في سياسته العامة قاصدا به الدخول والبقاء غير الشرعي في الدول الأعضاء، حيث يعتبر كريستوفر كالدويل في كتابه “قضايا الهجرة والإسلام” أن مشكلة أوروبا الأساسية مع الهجرة بشكل عام ومع الإسلام بشكل خاص تكمن في قلقها من أن تفرض الجاليات المسلمة في أوروبا قيمها وعاداتها وأفكارها على المجتمع الأوروبي وإنخراط الأجيال الجديدة منها في العمل السياسي مما ينعكس ذلك على مطالبهم وسلوكهم الإنتخابي والتخوف من فتح وإعادة النظر في قضايا مجتمعية يعتقد الأوروبيون أنها قد حسمت إلى الأبد[27].
2-دور الإعلام في أمننة الهجرة وربطها بالتهديدات الأخرى:
تعتمد الحكومات والدول الأوروبية بصفة متزايدة على تصور وسائل الإعلام والاتصال في صوغ سياساتها للهجرة، نظراً لقدرة الإعلام على صناعة رأي عام وطني تجاه أي قضية، كما تستخدم هذه الحكومات وسائل الإعلام من أجل توجيه الرأي العام الوطني والدولي في اتجاه يخدم مصالحها، وهو في هذه الحالة توجيه من أجل أمننة ظاهرة الهجرة بشقيها الشرعية وغير الشرعية، حيث تجدر الإشارة في هذا الإطار صرّحت السيّدة إليسا راي Elissa Ray المتحدثة باسم لجنة “مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا” قائلة: ” عبر عشر سنوات كاملة، لاحظنا ارتباطا كاملا وثيقا بين خطاب الكراهية للإسلام والمسلمين سياسيا و إعلاميا وبين أعمال العنف التي تمارس ضد المسلمين، ويعني هذا أنه كلما روجت أجهزة الإعلام والسّاسة لهذه الكراهية العنيفة ضد المسلمين، كلما شعر المواطنون بأنهم أحرار في ممارسة التمييز والعنف ضد المسلمين”[28]
3-تغيير التركيبة العددية والقومية للمجتمع الأوروبي:
إنّ عدد هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين أعلى من نسب إنجاب السكان المحليين، وهو ما يجعل أوروبا مكانا لقوميات عديدة، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تهديد كيان السكان الأوروبيين الأصليين، ونتيجة لذلك يتكون مجتمع جديد مزيج من عدة قوميات، بحيث يتراوح عدد المهاجرين غير الشرعيين في أوروبا حسب معطيات مشروع Clandistino 1.9 مليون إلى 3.8 مليون مهاجر سنة 2008، وحسب إحصائيات الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود FRONTEX بلغ عدد الداخلين بصفة غير شرعية إلى إيطاليا حوالي 56000 في عام 2011 أغلبهم جاؤوا من تونس إذ بلغ ذروة عددهم 14000 تونسي في شهر مارس 2011 وصلوا إلى لامبيدوزا، بلغ عددهم من ليبيا 25000 مهاجر غير شرعي في شهر أفريل إلى أوت، ويقيم حوالي 10000 مهاجر غير شرعي تونسي في فرنسا، بالإضافة إلى السياسة الانتقائية التي تعتمد عليها مجتمعات المقصد والمعتمدة على انتقاء ذوي الخبرات العالية، وهذا ما يعد من أول الآثار الاجتماعية للهجرة غير الشرعية[29].
4-صعود التيارات اليمينية ومعاداتها للمهاجرين:
جرت العادة في الحملات الإنتخابية أن تركّز الأحزاب السياسية في الدول الأوروبية على توظيف هواجس الجماهير ومخاوفها، والاستثمار في مشاكلها من خلال التطرق إليها وتقديم الحلول لها، وهو نهج الأحزاب اليمينية المتطرفة باستثناء أنّ هذا التوظيف يمثّل لب العمل السياسي للأحزاب اليمينية التي تقوم أيديولوجيتها على مناهضة الهجرة واعتماد كراهية الأجانب، ورفض التعددية الثقافية، والنظر إلى الثقافات الأخرى نظرة دونية، والتأكيد على الهوية الوطنية، ونقاء القومية من العناصر الدخيلة، حيث تعتبر الهجرة أحد الأسس المهمة في خطاب اليمين المتطرف في أوروبا، فقد كان لتوظيف قضية الهجرة دور كبير في نهضة أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا[30].
كما ترى الأحزاب اليمينية أن سبب وجودها هو الحفاظ على الهوية الوطنية وحمايتها، كما إعتمدت الأحزاب المتطرفة على الصحافة الموالية لها في نشر دعايتها، وترويج مواقفها تجاه المهاجرين، وبذلك أصبحت أحزاب اليمين المتطرف جزءاً من اللعبة السياسية الأوروبية يحسب له حساب في صوغ سياسات الهجرة، هذا إن لم يكن تصور اليمين للمهاجرين هو السائد حتى لدى التيارات السياسية، المعتدلة أكانت في اليمين أم في اليسار، خاصة أنها تسعى للحفاظ على وعائها الإنتخابي الذي صار ينزف بسرعة لمصلحة اليمين المتطرف الذي نصّب نفسه ناطقاً رسمياً باسم الشعوب الأوروبية.
5-المشكلات الاقتصادية:
على الرغم من الأهمية الاقتصادية للهجرة إلى أوروبا متمثلة في حاجة هذه القارة إلى اليد العاملة التي تساهم بشكل كبير في ضمان التوازن، خاصة في ظل معاناة الدول الأوروبية من إنخفاض نسب النمو الديمغرافي وشيخوخة بنية سكانها، مما يعني أن المهاجرين غير الشرعيين يمثلون فرص للمستخدمين الأوروبيين وللاقتصاد الأوروبي، ورغم اعتبارهم أهم مصدر للعمالة الرخيصة، غير أن الظاهرة تعد مشكلة أساسية وخلل في سوق العمل الأوروبية باعتبارها منافسا قويا لليد العاملة المحلية، وذلك نتيجة انتشار العمالة العشوائية غير الضرورية التي تتميز بالإنتاجية المنخفضة، وظهور سوق موازية للعمالة المتسللة التي تقبل بأجور أقل، وهو ما يقود في غالب الأحيان إلى تفشي البطالة في الدول الأوروبية بسبب المهن والوظائف التي يقبلها المهاجرين ويرفضها سكانها الأصليين[31].
6-أمننة الهجرة وتأكيد نظرية صدام الحضارات:
تقوم نظرية صدام الحضارات على الاختلافات الثقافية الموجودة بين مختلف الشعوب والثقافات، وتزداد حدة التصادم بين الثقافات عندما يترسّخ في ذهن البعض فكرة سمو ثقافتهم وإزدراء ثقافة الآخرين، غير أنّ إضفاء الطابع الأمني على ظاهرة الهجرة على أنّها تأتي بأشخاص من ثقافات دونية مختلفة ويرفضون الإندماج بالمفهوم الغربي، وسّع مفهوم التصادم ليتجاوز الجماعات المتطرفة من الحضارتين، ويشمل باقي أفراد المجتمع فباتت المجتمعات الأوروبية تنظر لصدام الحضارات على أنه ينتج بفعل شعور المهاجر – عند وصوله ولفترة زمنية معينة – بالعجز والإحباط في مجتمع لا يتكلم لغته ولا يتفهم ثقافته، بل وأكثر من ذلك يحاول إدماجه بالقوة من خلال إجباره على إعتناق ثقافة المجتمع المستقبل، فأصبح هذا المفهوم الخاطئ للإدماج الأساس الذي تقوم عليه السياسة الأوروبية للهجرة[32].
7-المشاكل الصحية والبيئية:
تشكل الهجرة غير الشرعية تهديدا بيئيا من حيث انتقال الأمراض المعدية بسبب عيش المهاجرين في أحياء الضواحي غير اللائقة للحياة، وقد تكون مصدر لانتشار الأوبئة والأمراض المختلفة مثل الإيدز، الكبد الوبائي…، بالإضافة إلى فقدانهم للإمكانيات اللازمة لتحمل تكاليف ونفقات العلاج ومعظمهم خارج مظلة التأمين الصحي[33]
8-أحداث 11 سبتمبر والتغير في سياسات الهجرة:
خلفت حوادث 11 سبتمبر آثاراً اقتصادية وسياسية على الدول الغربية، كانت ضخمة في حجمها وقصيرة في مداها الزمني، غير أنّ الآثار النفسية التي تركتها في نفوس المجتمعات الغربية كانت أعظم، ذلك أنّها رسّخت فكرة الخوف من الأجنبي القادم من الدول العربية والإسلامية، ويظهر ذلك جلياً في تعامل الدول والحكومات الغربية مع ظاهرة الهجرة، ففي الفترة التي أعقبت تم اتخاذ عدة إجراءات منها إعادة صياغة قانون الهجرة، وبحسب وثيقة “اﻹستراتيجية اﻷوروبية للأمن”، التي اقترحها الممثل الأوروبي للسياسة الخارجية خافيير سولانا وتبناها المجلس اﻷوروبي في اجتماعه في ديسمبر2003، فإنّ التهديدات الجديدة من بينها اﻹرهاب والجريمة المنظمة والهجرة السرية ﻻ يمكن معالجتها بالوسائل العسكرية، ما يحتم اللجوء إلى جملة من الوسائل المختلطة كالعمل المخابراتي، واستخدام وسائل الشرطة والوسائل القانونية والعسكرية إذا لزم اﻷمر، وبذلك أصبح بإمكان الدول الأوروبية بموجب اجتماع برلين استخدام إمكانيات الحلف الأطلسي من أجل مواجهة مثل هذه التهديدات، وقد تقاطعت الرؤية الأوروبية مع التصور الأطلسي الذي يرى حوض المتوسط منطقة جيوسياسية حيوية لها ديناميكيتها الخاصة، فالهجرة الدولية بشقيها الشرعية وغير الشرعية ومختلف التهديدات الصادرة عن تلك المنطقة تُعدّ هواجس أمنية كبرى بالنسبة إلى أوروبا والحلف الأطلسي[34].
المحور الثالث: إجراءات وسياسات الاتحاد الأوروبي لأمننة الهجرة غير الشرعية
عمل الاتحاد الأوروبي على رصد مجموعة من الإجراءات والسياسات في إطار أمننة الهجرة غير الشرعية، يمكن إجمالها فيما يلي:
1-إنشاء الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود:
تأسست هذه الوكالة في سياق تحول الهجرة غير الشرعية إلى معضلة أمنية في أوروبا، فقد تم إنشاء هذه الوكالة في 26 أكتوبر 2004 بهدف رئيسي يتمثل في دعم التعاون من الناحية العملية بين الدول الأوروبية فيما يتعلق بحدودها الخارجية، وذلك في ضوء تزايد معدلات تدفق المهاجرين غير الشرعيين وتوسع الاتحاد الأوروبي والربط المباشر بين المهاجرين والإرهاب في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وبدأت هذه الوكالة وظيفتها رسميا في أكتوبر 2005، وأسست مركزها في ” وارسو”، حيث تمثلت مهمتها الرئيسية في حراسة الحدود خاصة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، ناهيك عن تطوير نظام الحراسة على الحدود الخارجية من خلال تنسيق عمليات مشتركة لدولها الأعضاء[35].
وبالمقابل تم تكثيف مراقبة الحدود، حيث كان رد الاتحاد الأوروبي الأبرز في هذه الفترة هو تكثيف سياسات مراقبة الحدود البرية والبحرية من خلال تعبئة الوكالة الأوروبية لحماية الحدود والسواحل “Frontex” في 20 فيفري2011 للقيام بعملية مشتركة، الهدف منها مساعدة إيطاليا في السيطرة على السفن التي تحمل المهاجرين واللاجئين.[36]
2-النظام الأوروبي لمراقبة الحدود EUROSUR:
هو نظام متعدد الأغراض للتعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وفرونتكس، يهدف إلى زيادة القدرة على الاستجابة للمخاطر الأمنية على الحدود الخارجية، أنشأ في 22 أكتوبر 2013، والهدف منه هو منع الجريمة عبر الحدود والهجرة غير الشرعية والمساعدة في حماية أرواح المهاجرين، وهو يشمل جميع البلدان في منطقة شنغن.
بموجب قانون EUROSUR، لدى كل دولة عضو مركز تنسيق وطني NCC يقوم بتنسيق وتبادل المعلومات بين جميع السلطات المسؤولة عن مراقبة الحدود الخارجية ومع المراكز الأخرى وFrontex[37]
3-أسلوب الترحيل:
قام المجلس الأوروبي في أكتوبر 2008 بتبني الاتفاق الأوروبي الخاص بالهجرة وهو أساس سياسة الهجرة أثناء فترة الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2008 في ميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي، ويفرض الاتفاق غير الملزم رقابة أشد على لم شمل أسر المهاجرين، ويدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى السعي إلى تبني الطرد ودفع النقود للمهاجرين لكي يعودوا إلى بلادهم، إلى جانب الدخول في اتفاقات مع دول الأصل لإبعاد المهاجرين غير الشرعيين[38].
4-إنشاء مراكز اعتقال واحتجاز المهاجرين غير الشرعيين:
لقد قامت دول الاتحاد الأوروبي بإنشاء مراكز اعتقال خاصة بالمهاجرين غير الشرعيين الذين يتم القبض عليهم على السواحل الأوروبية، حي يتم احتجازهم و من ثم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، و لا توجد في هذه المراكز أدنى المعايير الإنسانية المطلوبة في الاعتقال و قد سمح القانون الجديد الذي أصدره البرلمان الأوروبي في عام 2008 باحتجاز المهاجرين غير الموثقين و ملتمسي اللجوء السياسي الذين لم يوافق على طلباتهم، و من بين الفئات التي يمسها الاحتجاز الأطفال غير المصحوبين بالكبار، لمدة أقصاها 18 شهرا، مع السماح بالحضر لمدة 5 سنوات على الدخول إلى الاتحاد، وقد انتقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في أكتوبر 2008، فترات الاحتجاز الواردة في القرار، ورآها مفرطة و تؤدي للأضرار بالحق في حرية المهاجرين، كما تعرضت مراكز الاحتجاز لانتقادات المنظمات الحقوقية، لاسيما فيما يتعلق بوجود مزاعم المعاملة السيئة وغير الإنسانية بحق المحتجزين بشهادة الصليب الأحمر ومفوضية شؤون اللاجئين[39].
كما تقدمت ألمانيا وبريطانيا باقتراح نقل معسكرات الاحتجاز بالاتحاد الأوروبي إلى دول شمال إفريقيا، على أن تتولى المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين عملية فحص طلبات ملتمسي اللجوء، وتحديد ما إذا كان المحتجزون الراغبون في الهجرة يستحقون وضعية اللاجئ أم لا، وهي الفكرة التي طرحت أثناء عقد قمة الاتحاد الأوروبي في جوان 2003، حيث تمت الدعوة إلى أن تقوم المفوضية الأوروبية خلال عام بإعداد إجراءات لنظام أكثر يسرا وسهولة في الإدارة لتنظيم دخول الأفراد إلى الاتحاد الأوروبي ممن هم بحاجة لحماية الدولة، إلا أنه وبعد عام من ذلك روجت المفوضية الأوروبية لفكرة توظيف اللاجئين في الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين[40].
5-الضغط على السلطات الجديدة في شمال أفريقيا خاصة في تونس وليبيا للتعاون للحد من الهجرة غير الشرعية
:بدأ الاتحاد الأوروبي في مرحلة مبكرة نسبيا بممارسة الضغط على الديمقراطيات الناشئة في شمال أفريقيا للتعاون وذلك لمنع الهجرة غير الشرعية، وفي هذا الإطار، سارعت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي منفردة إلى وضع ترتيبات ثنائية جديدة مع بعض السلطات الانتقالية، حيث تحركت إيطاليا بسرعة لإبرام اتفاق عاجل مع تونس لإعادة المهاجرين التونسيين إلى أرض الوطن، إذ وقعت الاتفاقية في 5 أبريل 2011، والتي قدمت من خلالها إيطاليا 200 مليون يورو كمساعدات وإئتمان مقابل تعاون تونس في منع المزيد من المغادرين وقبول المهاجرين العائدين، وهذا الإجراء أدى على الفور إلى انخفاض 75 ٪ من تدفق المهاجرين التونسيين، كما توصلت إيطاليا أيضا إلى عقد اتفاق مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي في 17 جوان 2011، قصد التعاون لمكافحة الهجرة غير الشرعية، بما في ذلك عودة المهاجرين غير الشرعيين، وبموجب هذا الاتفاق تم إعادة أكثر من 13000 مهاجر ليبي في الفترة الممتدة من جانفي إلى جويلية [41]2011
6-بناء الحواجز الحدودية”النموذج الإسباني”
منذ انضمام إسبانيا إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية، التي أصبحت لاحقا الاتحاد الأوروبي في عام 1986، تم اعتبار سبتة ومليلية تابعة للأراضي الأوروبية، والخط الأمامي لما يسمى”أوروبا الحصينة” أو “أوروبا القلعة” وفي عام 1993 بدأ تسييج محيط المدينتين بدعوى منع الهجرة غير النظامية، وتعزيز هذه السياجات وتجديدها باستعمال تقنيات متطورة من ضمنها كاميرات الأشعة ما تحت الحمراء أجهزة الاستشعار البصري والصوتي وأبراج المراقبة وأنظمة الرادار[42].
كما خصصت وزارة الدفاع الإسبانية قمرا إصطناعيا لمراقبة قوارب المهاجرين من إفريقيا وسواحل إسبانيا والبرتغال، وسيغطي القمر الصناعي”سباسنات” إسبانيا والبرتغال ودول إفريقيا الغربية مثل السينغال وموريتانيا ومالي، حيث نشرت إسبانيا في السابق منذ 2001 رادارات إلكترونية على طول مراحلها في مضيق جبل طارق وسواحل جزر الخالدات لمراقبة السواحل[43]
7-تعليق حرية الحركة:
وذلك من خلال إدخال أحكام جديدة في تشريعات الاتحاد الأوروبي من أجل فرض المزيد من القيود على حرية التنقل تبرّ رها الضغوط الخارجية للهجرة. في مراسلة عن الهجرة في ماي 2011، أشارت المفوضية الأوروبية إلى تقديم مقترحين منفصلين يهدفان إلى إدراج “آليات الطوارئ” ضمن قائمة التشريعات لتسمح للاتحاد الأوروبي “بالاستجابة بشكل أفضل للتدفقات المستقبلية للمهاجرين”، يتعلق المقترح الأول بتعديل نظام التأشيرة الذي تم الإعداد له من قبل، بينما الاقتراح الثاني يتعلق بتعديل قانون حدود شنغن SBC الذي تأثر بشكل مباشر بثورات الربيع العربي.[44]
8-دور نظام معلومات التأشيرة:
يهدف إلى تسجيل المعلومات البيومترية لطالبي التأشيرة لتسهيل تبادل البيانات بين الدول الأعضاء، بما يمكن السلطات الوطنية المختصة من الدخول وتحديث التأشيرة والتشاور إلكترونيا حول هذه البيانات، إذ يربط القنصليات في دول خارج الاتحاد الأوروبي وجميع نقاط العبور الحدودية الخارجية لدول شنغن[45].
9-دور نظام شنغن للمعلومات:
هي واحدة من أهم قواعد البيانات التي تستخدم على نطاق واسع لضوابط الهجرة والحدود في الاتحاد الأوروبي، تصور كأداة للتعويض عن انعدام الأمن التي انطوى عنها رفع الحدود الداخلية للاتحاد في إطار نظام شنغن، تم تأسيسها عام 1988 لترتبط بنظام مركزي مقره بمدينة ستراسبورغ بفرنسا وتعيين هذه الأخيرة المسؤول التقني للنظامSIS [46].
يتم استخدام SIS من قبل حرس الحدود وكذلك من قبل الشرطة والجمارك والسلطات القضائية في SIS يتم استخدام جميع أنحاء منطقة شنغن لجمع معلومات عن الأشخاص الذين قد يكونون متورطين في جريمة ما، أو قد لا يكون لهم الحق في الدخول أو البقاء في الاتحاد الأوروبي، كما تم إدخال المعلومات في الهيئة العامة للاستعلامات من قبل السلطات الوطنية وإرسالها عبر النظام المركزي لجميع دول فضاء شنغن، ويعتبر نظام المعلومات شنغن دليل يضع إجراءات للتبادلات بين دول الاتحاد من معلومات تكميلية عن التنبيهات المخزنة في الهيئة الهامة للاستعلامات.[47]
10-دور النظام المتكامل للمراقبة الخارجية:
ويعتبر النظام المتكامل للمراقبة الخارجية SIVE اليوم من أكبر أنظمة المراقبة في أوروبا التي تهدف إلى مسح المناطق البحرية المستهدفة من قبل المهاجرين غير النظاميين، تم تطبيق هذا النظام المتكامل في عام 1999 حول مضيق جبل طارق، حيث كان أغلب المهاجرين غير النظاميين في ذلك الوقت يصلون إلى التراب تدريجيا من خلال استخدام التقنيات المتقدمة في مراقبة الحدود وإدارتها بما في ذلك أنظمة الرادار لمسافات طويلة وأجهزة استشعار متطورة يمكنها من كشف دقات القلب عن بعد، وكاميرات حرارية، وأجهزة الكشف الليلي، وكاميرات مزودة بالأشعة ما تحت الحمراء، وطائرات هيلوكوبتر وزوارق الحرس[48].
11-معالجة أزمة اللاجئين في شمال إفريقيا:
أثمرت الجهود المبذولة للتخفيف من حدة أزمة اللاجئين في شمال أفريقيا في ديسمبر2011، بإطلاق المفوضية الأوروبية برنامج الحماية الإقليمية RPP في شمال أفريقيا والمصمّم لغرض بناء القدرات لمساعدة اللاجئين في المنطقة -ولا سيما تونس ومصر وفي نهاية المطاف ليبيا-هذا البرنامج يتم دعمه من قبل الاتحاد الأوروبي ويعتمد على شراكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي ستزود الاتحاد الأوروبي ببعض الوسائل اللازمة لإدارة أزمات اللاجئين خارج الحدود الأوروبية، كما يهدف نهج الشراكة الذي يقوم عليه هذا البرنامج إلى إعادة توطين اللاجئين على أراضي الاتحاد الأوروبي جنبا إلى جنب مع بناء القدرات في بلدان المنشأ والعبور.[49]
المحور الرابع: انعكاسات أمننة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
إعتمد مفهوم الأمننة على الخوف الجماهيري من ظاهرة الهجرة، ما انجرّ عنه انعكاسات سلبية، شملت المستويين الرسمي والشعبي، وكذلك الجبهتين الداخلية والخارجية، إذ صادرت أمننة مفهوم الهجرة حق المهاجرين في اللجوء السياسي، وصارت السياسات الأوروبية تراوح بين الإشادة بحقوق الإنسان وضرورة حمايتها وتعميمها في كل بقاع العالم من ناحية، وضرب هذه المبادئ عرض الحائط من خلال التضييق على حق المهاجر في اللجوء من ناحية أخرى، كما أنّ مفهوم الأمننة ساهم في انتشار ظاهرة سلبية في المجتمعات الأوروبية وهي الخوف من الإسلام )الإسلاموفوبيا( الذي يُعدّ الدين الرسمي لغالبية المهاجرين الوافدين من منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط، وبذلك أصبحت السياسات الأوروبية للهجرة تؤكد الطرح القائل بصدام الحضارات، وبالنظرة العنصرية التي تميز موقف الدول الأوروبية من الثقافات الوافدة إليها[50].
1-تأكيد نظرية صدام الحضارات:
ساهمت سياسة أمننة الهجرة في تعزيز نظرية صدام الحضارات القائمة على الاختلافات الثقافية الموجودة بين مختلف الشعوب والثقافات، حيث تزداد حدة الصدام بين الثقافات عندما يترسخ في ذهن البعض فكرة سمو ثقافتهم على ثقافة الآخرين، حيث ينظر للهجرة على أنها تأتي بأشخاص من ثقافات دونية مختلفة، ترفض الإندماج بالمفهوم الغربي، فباتت المجتمعات الأوروبية تنظر لصدام الحضارات على أنه ينتج بفعل شعور المهاجر بالعجز والإحباط في مجتمع لا يتكلم لغته ولا يتفهم ثقافته، بل وأكثر من ذلك يحاول إدماجه بالقوة من خلال إجباره على إعتناق ثقافة المجتمع المستقبل، فأصبح هذا المفهوم الخاطئ الأساس الذي تقوم عليه السياسات الأوروبية للهجرة، ففي فرنسا مثلا، أصبحت الإشكاليات المتعلقة بالهجرة والمهاجرين، أكثر حضورا منذ وصول الرئيس نيكولاي ساركوزي إلى الرئاسة الفرنسية، وهي تعكس في الواقع، إيمانه الشديد بنظريات “اليمين الجديد” وقناعاته حول أثر الاختلافات العرقية، وضرورة حامية الثقافة الوطنية، ومنعها من الاختلاط بمختلف أشكال الثقافات الأجنبية الأخرى، أو ما يسمى بـ “نظرية الاختلاف”[51].
2-الإسلاموفوبيا:
نظراً لتزايد أعداد المهاجرين وتزايد حجم خوف الشعوب الأوروبية من الإرهاب والجريمة التي أصبحت مرادفة للمهاجرين، بفعل سياسات أمننة ظاهرة الهجرة، نتج من ذلك نشوء ظاهرة الخوف المرضي غير المبرر من الإسلام والمسلمين الذين يشكّلون غالبية المهاجرين، وهذا ما أكدته التقارير التي أصدرتها اللجنة الأوروبية ضد العنصرية والتعصب التابعة لمجلس أوروبا، إذ تضمنت توصيات للسياسات العامة متعلقة بوضع الأجانب في أوروبا، منها التوصية رقم 5 لمكافحة التمييز والتعصب ضد المسلمين الصادرة عام 2000 والتوصية رقم 7 الصادرة عام 2003، المتعلقة بمكافحة العنصرية والتمييز الاجتماعي، فلقد جاء فيها أنه وبسبب سياسات مكافحة الإرهاب، أصبحت بعض الجماعات، ولا سيما العرب واليهود والمسلمين، وبعض طالبي اللجوء، واللاجئين السياسيين والمهاجرين، وبعض الأقليات، معرّضة للعنصرية والتمييز العنصري في العديد من المجالات منها على مستوى التعليم، وفي العمل، والسكن، والحصول على الخدمات، والولوج إلى الأماكن العامة.
وهو ما أدى إلى بروز اليمين المتطرف في أوروبا من خلال خطاباته وسلوكياته المتطرفة تجاه المهاجرين الأجانب، خاصة تلك الموجهة ضد المهاجرين المسلمين ودينهم الإسلام عبر برنامج سياسي يركز على إشاعة الخوف والسلبية تجاه المسلمين في المجتمعات الغربية، وتقديم صورة “الآخر” الإسلام بوصفه عقيدة جامدة، متطرفة، قمعية، تحمل العداء للغرب، وقد أكد زيكيت J. P Zuquete في دراسته “اليمين الأوربي المتطرف والإسلام” ما يعتبر أصلا حقيقة شائعة من أن هذه الأحزاب معادية للإسلام Anti-Islam وأنه طوال العشريتين الماضيتين كانت أحد أهم انشغالاتها ما، تعتبره التهديدات المنبعثة من الإسلام والمسلمين المقيمين في أوربا[52].
كما خلّفت حوادث 11سبتمبر 2001 فوبيا ضد الإسلام والمسلمين، خاصة المهاجرين الوافدين الجدد، وهذا ما ذهب اليه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد قائلا: “إنّ ما تقوم به الجماعات الراديكالية والمتطرفة من أعمال باسم الإسلام، قدّم مبررات لمن يكرهون الأجانب لكي يعززوا أجنداتهم، الأمر الذي يعرض الصّورة الإيجابية للإسلام للخطر، ويعزز الإسلاموفوبيا بكل أنحاء العالم”[53]، وهذا كذلك ما خلص إليه تقرير المرصد الأوروبي لظواهر العنصرية والخوف من الأجانب، إذ ميز ثلاث ظواهر ترسخت في المجتمعات الأوروبية هي:[54]
1-تضاعف الإعتداءات الجسدية وخاصة اللفظية.
2-تغيّر سلوك الجماهير الأوروبية ومواقفها: قلق، وعدائية.
3-محاولات التوظيف السياسي والإنتخابي للخوف من الإسلام من بعض الأحزاب السياسية، والمنظمات.
خاتمة:
قامت هذه الدراسة على تحليل العلاقة بين متغيري الأمن والهجرة في سياسات الاتحاد الأوروبي ارتكازا على التصورات النظرية لمدرسة كوبنهاغن، وهو ما أدى بنا للوصول إلى النتائج التالية:
1-عمد كل من باري بوزان وأوول واييفر على وضع الأسس الأولى لأمننة الهجرة من خلال مدرسة كوبنهاغن المرتكزة على إشكالية توسيع وتعميق مفهوم الأمن، وطرح مفهوم الأمن المجتمعي ونظرية الأمننة.
2-نجحت النخب السياسية والبيروقراطية الأوروبية في أمننة الهجرة غير الشرعية وتصويرها كتهديد للأمن المجتمعي الأوروبي، والرفاه الاقتصادي، وهو ما مكنها من طرح وتطوير إجراءات وسياسات أمنية محضة متعلقة بالهجرة غير الشرعية تمثلت في وضع وتطوير أنظمة وهيئات وظيفتها حماية الحدود الأوروبية، وأصبغت عليها نظرية الأمننة الشرعية
3-توجد علاقة وثيقة بين متغيري الأمن والهجرة خصوصا ما تعلق الأمر بالأمن الداخلي والمجتمعي، فتدفقات الهجرة وبأعداد كبيرة أضحت تشكل تهديدا للأمن الأوروبي وتؤثر سلبا على التجانس الاجتماعي للدول الأوروبية، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا وعزز من نظرية صدام الحضارات.
الهامش
[1] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مجلة سياسات عربية، قطر، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عدد 15، (جويلية 2015)، ص62
[2] للمزيد أنظر: بوستي توفيق، المنظورات الأمنية في العلاقات الدولية، (إسطنبول، تركيا: المعهد المصري للدراسات، 2019)، ص 51
[3] سليم قسوم، الإتجاهات الجديدة في الدراسات الأمنية: دراسة في تطور مفهوم الأمن في العلاقات الدولية، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2018)، ص 101
[4]Barry buzan , new patterns of global security in the twenty – first centery , international affairs ( 1991) pp 432-433
[5] بوستي توفيق، “مدرسة كوبنهاغن والتحول في مفهوم الأمن: نحو إطار جديد للأمن”، المجلة الجزائرية للأمن والتنمية، جامعة باتنة1، الجزائر، مخبر الأمن في منطقة المتوسط: إشكالية وحدة وتعدد المضامين، عدد 13، (جويلية 2018)، ص181
[6]Alex Macleod Anne – marie d’aoust et David grondin, les études des sécurités, in théories des relations internationales contestations et résistances ; éd ; Alex Macleod et dan O’meara (Québec ; Athéna éditions, 2007) p364
[7] سمية أوشن، دور المجتمع المدني في بناء الأمن الهوياتي في العالم العربي دراسة حالة الجزائر، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، تخصص سياسات عامة وحكومات مقارنة، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2009 -2010، ص 57
[8] اليامين بن سعدون، الحوارات الأمنية في المتوسط الغربي بعد نهاية الحرب الباردة: دراسة حالة مجموعة 5 + 5، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، تخصص دراسات متوسطية ومغاربية في التعاون والأمن، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2011-2012، ص 26
[9] نفس المصدر، ص 30
[10] حسام حمزة، الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2010 -2011، ص 17
[11] اليامين بن سعدون، مرجع سابق، ص 34
[12] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مصدر سابق، ص 63
[13] سليم قسوم، الإتجاهات الجديدة في الدراسات الأمنية: دراسة في تطور مفهوم الأمن في العلاقات الدولية، مصدر سابق، ص 115
[14]Rita Floyd, ‘‘Toward a Consequentialist Evaluation of Security : Bringing Together the Copenhagen and the Welsh Schools of Security Studies’’, In. Review of International Studies, Vol.33, N°1, (2007), p.329.
[15]دريس عطية، “النقاشات النظرية في المدارس الأمنية الأوروبية تجاه مسألتي الهجرة واللجوء”، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية، برلين، ألمانيا، المركز الديمقراطي العربي، المجلد 1، العدد 1، (سبتمبر 2018)، ص48
[16]بوستي توفيق، المنظورات الأمنية في العلاقات الدولية، مصدر سابق، ص67
[17]Taureck,rita.(2006)’’Securitization theory and securitizations studies, journal of international relations and development,9,p3, available at : link
[18] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مصدر سابق، ص64
[19] McDonald, matt. “Securitization and the Construction of Security“, Available At : http://sagepub.com/cgi/content/abstract/14/4/563
[20]علي بلعربي، “أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الإتحاد الأوروبي: دراسة تأثير الهجرة على الأمن الأوروبي”، مجلة العلوم القانونية والسياسية، الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الوادي، المجلد 10، العدد 2، (سبتمبر 2019)، ص 874-875
[21] سليم قسوم، الإتجاهات الجديدة في الدراسات الأمنية: دراسة في تطور مفهوم الأمن في العلاقات الدولية، مصدر سابق، ص 118
[22] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مصدر سابق، ص64
[23] نفس المصدر، ص64
[24]عبد النور بن عنتر، البعد المتوسطي للأمن الجزائري، (الجزائر: المكتبة العصرية، 2005)، ص 31
[25]Alessandra buonfino, securitising migration, open democracy, 12 february, 2004, at : link
[26]بن عربية رياض، “أمننة الهجرة في العلاقات الأورومغاربية وأبعادها المختلفة”، مجلة الدراسات القانونية، جامعة المدية، الجزائر، مخبر السيادة والعولمة، المجلد 2، العدد 2، (جوان2016)، ص 169
[27]كارن أبو الخير، “ملامح حول الجدل الأوروبي الهجرة والإسلام”، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، مركز الأهرام للدرات السياسية والإستراتيجية، العدد 172، (أكتوبر 2010)، ص ص 89-90
[28] هشام داود الغنجة، جميلة سرنيح، الإسلاموفوبيا والإرهاب: جدلية التأثير والتأثر، في: بوستي توفيق، بوقنور إسماعيل، حميداني سليم(محررون)، الإسلاموفوبيا في أوروبا: الخطاب والممارسة، (برلين، ألمانيا: المركز الديمقراطي العربي، 2019)، ص86
[29]أسماء شوفي، مريم شوفي، “الهجرة كمعطى أمني إجتماعي: ضرورة أمننة الهجرة في ظل صراع الحضارات”، مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، تونس، مركز جيل البحث العلمي، العدد 18، (ماي 2018)، ص 54
[30] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مصدر سابق، ص ص 65-66
[31] سفيان بولسنان، “الهجرة غير الشرعية والإتحاد الأوروبي: قراءة في أمننة الظاهرة”، مجلة العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، العراق، عدد 55، (2018)، ص 217
[32] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مصدر سابق، ص67
[33] خديجة بتقة، السياسة الأمنية الأوروبية في مواجهة الهجرة غير الشرعية، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية وإستراتيجية، قسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، جامعة محمد خيضر بسكرة، 2013-2014، ص56
[34] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مصدر سابق، ص67
[35] سفيان بولسنان، “الهجرة غير الشرعية والإتحاد الأوروبي: قراءة في أمننة الظاهرة”، مصدر سابق، ص 222
[36] علي بلعربي، “أمننة الهجرة في سياسات الاتحاد الأوروبي: دراسة في تأثير الهجرة على الأمن الأوروبي”، مصدر سابق، ص878
[37] European Commission, Migration and Home Affairs, EUROSUR, link
[38] خديجة بتقة، “الأمننة الأوروبية للهجرة غير الشرعية وإنعكاساتها على سياسات دول شمال إفريقيا: المغرب والجزائر نموذجا”، مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، برلين، ألمانيا، المركز الديمقراطي العربي، المجلد 1، العدد 2، (جوان 2018)، ص51
[39] خديجة بتقة، السياسة الأمنية الأوروبية في مواجهة الهجرة غير الشرعية، مصدر سابق، ص 90
[40] فتيحة ليتيم ونادية ليتيم،”البعد الأمني في مواجهة الهجرة غير الشرعية”، مجلة السياسة الدولية، متوفر على الرابط
[41] علي بلعربي، “أمننة الهجرة في سياسات الإتحاد الأوروبي: دراسة في تأثير الهجرة على الأمن الأوروبي”، مصدر سابق، ص878
[42] سعيد صديقي، ” تشديد الرقابة على الحدود وبناء الأسوار لمحاربة الهجرة: مقارنة بين السياستين الأمريكية والإسبانية “، رؤى إستراتيجية، جوان 2013، ص100
[43] ليندة عكروم، تأثير التهديدات الأمنية الجديدة على العلاقات بين دول شمال وجنوب المتوسط، (الأردن: دار إبن بطوطة للنشر والتوزيع، 2011)، ص121
[44] علي بلعربي، “أمننة الهجرة في سياسات الإتحاد الأوروبي: دراسة في تأثير الهجرة على الأمن الأوروبي”، مصدر سابق، ص ص878 -879
[45]خديجة بتقة، السياسة الأمنية الأوروبية في مواجهة الهجرة غير الشرعية، مصدر سابق، ص89
[46]Jeanna Parkin, the difficult road to the schengen information system II: the legacy of laboratories and the scot for fundamental rights and the rule of lw CEPS paper in liberty and security in Europe, CEPS, 2011,p01.
[47]European commission,” Shengen information system (SIS)”, 15-05-2020 /17:57H, Available at :http://ec.europa.eu/dgs/home-affairs/what-we-do/policies/borders-and-visas/schengen-informationsystem/index_en.htm
[48] خديجة بتقة، السياسة الأمنية الأوروبية في مواجهة الهجرة غير الشرعية، مصدر سابق، ص 89
[49] علي بلعربي، “أمننة الهجرة في سياسات الإتحاد الأوروبي: دراسة في تأثير الهجرة على الأمن الأوروبي”، مصدر سابق، ص879
[50] مرسي مشري، “أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات”، مصدر سابق، ص68
[51]أسماء شوفي، مريم شوفي، “الهجرة كمعطى أمني إجتماعي: ضرورة أمننة الهجرة في ظل صدام الحضارات”، مصدر سابق، ص56
[52]رابح زغوني، صعود اليمين المتطرف في أوروبا: تعبير عن عداء سياسي أم مجتمعي للإسلام؟، في: بوستي توفيق، بوقنور إسماعيل، حميداني سليم(محررون)، الإسلاموفوبيا في أوروبا: الخطاب والممارسة، (برلين، ألمانيا: المركز الديمقراطي العربي، 2019)، ص140
[53]هشام داود الغنجة، جميلة سرنيح، الإسلاموفوبيا والإرهاب: جدلية التأثير والتأثر، في: بوستي توفيق، بوقنور إسماعيل، حميداني سليم(محررون)، الإسلاموفوبيا في أوروبا: الخطاب والممارسة، (برلين، ألمانيا: المركز الديمقراطي العربي، 2019)، ص85
[54]أنظر: عبد الله صالح أبو بكر، حوار الحضارات تحليل نقدي لظاهرة الإسلاموفوبيا، (السودان: هيئة الأعمال الفكرية، 2005)، ص21
.
رابط المصدر: