فرضت جائحة «كوفيد19» تحديات غير مسبوقة وغير متوقعة على مختلف القطاعات حول العالم، وخاصةً على قطاع مرافق المياه وتسببت في زيادة الاستهلاك. ولا شك أن الأزمة الحالية، بما حملته من تعقيدات عدة، طرحت تحديات جديدة يجب أن نتغلب عليها لتقديم خدماتنا الأساسية في المياه والصرف الصحي في مجتمعاتنا.
وفي ضوء هذه التحديات، سيكون للقرارات التي يتخذها قادة قطاع المرافق اليوم لحماية الموظفين والمجتمعات والشركات من تداعيات الجائحة أثر كبير على سير العمليات في المستقبل وسيستمر الحرص على سلامة العمّال حالياً بلعب دورٍ كبير في الحفاظ على الاستقرار التشغيلي وتعزيز البنية التحتية وتهيئتها لمواجهة التحديات والأزمات المحتملة خلال السنوات القادمة وبالنظر إلى المستقبل ينبغي التركيز على الدروس المتعلّمة من هذه الأزمة وتوظيفها لتحفيز الابتكار والحلول الذكية التي من شأنها تعزيز كفاءة شبكات المياه على المدى الطويل.
وعلى الرغم من التحديات التي فرضتها الأزمة الحالية إلا أنها حملت أيضاً دروساً إيجابية يمكن الاستفادة منها للتأقلم مع الواقع الجديد، إذ يمكن تطبيق الكثير منها للارتقاء بمرونة القطاع وسرعة استجابته في فترة «كوفيد19» وما بعدها.
وتمتاز الإمارات ببُناها التحتية الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم والتي لعبت دوراً أساسياً في قدرة الدولة على التصدي لتحديات الأزمة ومعالجتها، حيث كانت هذه الجائحة بمثابة تذكير بأهمية التخطيط لاستمرارية الأعمال. وفيما يتكيّف العالم تدريجياً مع واقعه الجديد، ينبغي على شركات المرافق التركيز بصورة أكبر على التحليلات التنبؤية ونمذجة سيناريوهات مختلفة لضمان الجاهزية والاستعداد لكافة الاحتمالات.
وفيما يعمل القادة التنفيذيون لشركات المرافق على توجيه مؤسساتهم للتكيف مع التغييرات الجديدة والحتمية التي فرضتها الجائحة، من الضروري أيضاً النظر في آثارها المستقبلية الأوسع نطاقاً وأخذها بعين الاعتبار، ويشمل ذلك التغيرات المحتملة في نماذج التشغيل المعتادة. فعلى سبيل المثال، وبعد أن أصبحت قواعد التباعد الاجتماعي أمراً اعتيادياً يهدف للحد من انتشار فيروس «كورونا» ، ينبغي أيضاً تطبيق إجراءات أخرى تضمن توفير الموارد الأساسية.
ويحمل التحوّل الرقمي فوائد مالية عدّة، إلى جانب دوره في تمكين قطاع المرافق من توفير المزيد من الفرص لدعم جهود الاستدامة. وتعمل حلول صناعة القرار التي تعتمد على المعلومات والبيانات لاتخاذ قرارات أفضل، على تمكين قطاع المرافق من تقديم المزيد بتكلفة أقل وتمكين التحسين الكامل لهذا المورد الثمين. وإلى جانب مستويات الطلب المتزايدة على موارد المياه، تمثّل حوادث التسرّب وانفجار الأنابيب الشائعة عامل ضغطٍ إضافي على قطاع المرافق، يطلق عليه اسم المياه غير المربحة NRW. وفيما يتأقلم قطاع المياه مع الواقع الجديد، من المرجح أن تبدأ المرافق بالبحث عن سُبل أخرى للاستفادة من التقنيات الرقمية بغية مساعدتها في تعزيز مرونتها واستجابتها للأزمات المستقبلية، ولتخرج من هذه الجائحة أكثر قوةً واستدامةً من أي وقتٍ مضى.
وفي الوقت الذي يتجه به العالم نحو المدن الذكية، ستكون مثل هذه التحسينات الرقمية للمرافق علامة فارقة مهمة لزيادة الأمن المائي للقطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والسكنية، والتي تؤثر جميعها بشكل مباشر على الأمن والنمو الاجتماعي والاقتصادي للدولة.
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة وغير المسبوقة التي خلّفها تفشّي «كوفيد19» لا يمكن التغاضي عن الفرص والدروس الإيجابية التي حملها، والآثار طويلة الأمد الذي سيتركها على القطاع. ونتوقع أن تشمل هذه الآثار الإيجابية تسريع عملية التحوّل الرقمي لقطاع المرافق وغيره.