يُعد مؤتمر ميونخ للأمن (MSC) من أهم وأكبر المؤتمرات الأمنية في العالم، ويعرف أحياناً بأنهُ مؤتمر مستقل تنظمهُ مؤسسة ميونخ، بالرغم من أنهُ يُعقد تحت رعاية رسمية، وتستفيد المؤسسة المنظمة بشكل كبير من الإعانات الحكومية والشركات الألمانية والدولية الكبرى، وتُقدر ميزانيته بحوالي مليوني يورو تقريباً، إذ يهدف المؤتمر إلى المساهمة في حل النزاعات والصراعات الدولية بالطرق السلمية، وجاء هذا الهدف تعضيداً للمبدأ الأول من مبادئ الأمم المتحدة، كما يهدف أيضاً إلى بحث السياسات الأمنية والأزمات والصراعات الأمنية والعسكرية والسياسية على المستوى الدولي.
وتُنتظم اجتماعات المؤتمر على مدار ثلاثة أيام في شهر (شباط / فبراير) للمدة (14 – 16) من كل عام في مدينة (ميونخ) عاصمة (ولاية بافاريا)، بحضور ممثلي الدول رفيعي المستوى (رؤساء دول وحكومات ووزراء الخارجية ووزراء الأمن)، فضلاً عن منظمات دولية غير حكومية ومراكز البحوث والدراسات وقادة قطاع الأعمال، كونهُ المنصة الأمنية، المهمة في جمع الحكومات على طاولة الحوار والاستماع المباشر أي وجهات النظر المتبادلة، وتشهد المنطقة التي يعقد فيها المؤتمر تحوط أمني كبير وتدابير للحماية كجزء من الإجراءات الوقائية التي تعمل على إجهاض أي عمل إرهابي أو مناهض للمؤتمر، ومن الجدير بالذكر أنً المؤتمر يواجه في كل عام احتجاجات مناهضة يقودها ما يُسمى بـ (تحالف العمل ضد مؤتمر ميونخ للأمن).
بدأت الانطلاقة الأولى للمؤتمر بعد الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في العام (1963) على يد الألماني ( إيوالد فون كلايست) أحد أبرز منظمي المقاومة ضد النازية، وكان آنذاك عبارة عن اجتماع تداولي محدود (ألماني – أمريكي) يقتصر على تبادل المعلومات الأمنية ومن ثم تطور تدريجياً حتى تحولَ إلى منتدى عالمي للأمن، حمل عناوين عدة أثناء مسيرة التطور (اللقاء الدولي لعلوم الدفاع) و (اجتماع العلوم العسكرية الدولي) و(المؤتمر الدولي لعلوم الدفاع) وصولاً إلى (مؤتمر ميونخ للأمن) ويُعرف أحياناً (بمؤتمر دافوس للدفاع) في إشارة إلى أهميتهِ العالمية، كما أنَ مضامين ونقاشات ومواضيع المؤتمر توسعت فلم تُعد مقتصرة على الجوانب الأمنية وتحديداً مع ترأس الدبلوماسي الألماني السابق (فولفغانغ إيشينغر –
1946 ولغاية الآن) المؤتمر منذ العام (2010) ولغاية (2022)، إذ عملَ في العام (2011) على تسجيل اسم المؤتمر كمنظمة غير حكومية تتولى عقد وتنظيم المؤتمر بصورة دورية (كل عام). ومنذ مطلع العام (2022) تسلم رئاسة المؤتمر الدبلوماسي السابق (كريستوف هويسجن- 1955 ولغاية الآن) مهامه.
وشهدت السنوات الأولى من انطلاق المؤتمر حضوراً محدوداً في عدد المشاركين، حيث تدور النقاشات فيه حول السياسات الغربية ضمن الإطار الشامل لمواجهة الحرب الباردة التي كانت موضوع الاهتمام آنذاك، وبعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي، سعى مؤسسو المؤتمر إلى توسيع نطاقه ليشمل دول أوروبا الوسطى والشرقية، فضلاً عن دول الاتحاد السوفيتي السابق، ويكون لهُ دوراً أكبر ومؤثراً على المستوى العالمي ، كما عمقت نظرية عالم متعدد الأقطاب من توسيع المؤتمر ليشمل مناقشة التحديات الأمنية والسياسية أينما كانت.
وبالرغم من أن المؤتمر بدا للوهلة الأولى أمنياً ودفاعياً، بيد أن عملية التطور جعلت منهُ مؤتمراً شمولياً، حيث يتم فيه طرح ومناقشة جميع القضايا التي من شأنها تعكر صفو الاستقرار والأمن، مع وجود بعض المؤاخذات المسجلة عليه مثل ضعف الاهتمام بالقضايا العربية باستثناء تلك التي يكون لها تأثير على الأمن العالمي.
المصدر : https://www.bayancenter.org/2024/03/10968/