أسماء شكر
في يوليو منذ سبع سنوات خرج علينا المشير عبد الفتاح السيسي حين كان قائدًا للقوات المسلحة بخطاب عزل أول رئيس مدني منتخب في مصر، وكان ذلك مساء يوم الأربعاء 3 يوليو 2013، حيث خرج السيسي على المصريين بزيه العسكري في صورة ستظل هي الفارقة في تاريخ الانقلاب بمصر. خرج الجنرال من عتبة المقاعد الخلفية بعد أن أعد العدة وملك زمام الجيش وخضعت له الأحزاب السياسية ودعمته المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر والكنيسة، وقام بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي الذي تم انتخابه بعد ثورة 25 يناير المجيدة، ليطيح بهذه الخطوة بكل مكتسبات ثورة يناير.
وتضمنت خريطة الطريق التي قدمها السيسي في بيان الانقلاب عزل مرسى، وتعطيل العمل بالدستور، مع إسناد الرئاسة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور، ولاحقا أغدق السيسي وعوده بالرفاهية والحياة الكريمة والاستقرار السياسي والاقتصادي على المصريين.
وعلى مدار سبع سنوات تكررت الوعود من وزير الدفاع الأسبق “عبد الفتاح السيسي”، بأن مصر ستكون “أد الدنيا”، وبـ “بكرة تشوفوا مصر”، و”انتوا نور عنينا”، وغيرها من التصريحات التي أثارت سخرية المصريين خاصة بعد الأزمات المتعاقبة عليهم طيلة سنوات حكم السيسي.
ولكن الواقع يكشف زيف هذه الوعود، حيث يعيش الشعب المصري منذ الانقلاب في دوامة من الأزمات والديون غير المسبوقة، بالإضافة إلى التفريط في مقتضيات الأمن القومي المصري والتفوق الاستراتيجي.
التخلص من شركاء الانقلاب والانفراد بالحياة السياسية
منذ الأسابيع الأولى لانقلاب يوليو 2013، ظهرت رغبة السيسي الواضحة في التنصل من الالتزامات التي تصورت القوى السياسية التي أيّدته أنه سيسعى لتحقيقها، حيث تخلَّص السيسي من شركائه الأساسيين كافة، وصار صُناع مشهد عزل مرسي خارج “دولة 30 يونيو”، فانحسرت عنهم الأضواء وباتوا على هامش الحياة السياسية، أو داخل المعتقلات أو مطاردين بالخارج.
كانت البداية بتدخلات عسكرية وسلطوية عديدة في عمل لجنة الخمسين التي أعدت التعديلات الدستورية، ثم بالسيطرة على مقاليد التشريع عملياً عبر الرئيس المؤقت عدلي منصور، وتأجيل الانتخابات التشريعية التي كان مقرراً إجراؤها خلال 6 أشهر، وإجراء الانتخابات الرئاسية أولاً. ولدى ترشحه للرئاسة، أصّر السيسي على ارتداء الزي العسكري، في رسالة بعدم التخلي عن المؤسسة العسكرية والرهان على الجيش في إدارة شؤون الدولة، وهو ما ترجمته توجهاته على جميع الأصعدة، خصوصاً الإدارة والاقتصاد.
التخلص من رفاقه في المؤسسة العسكرية
أيقن السيسي أن الانتخابات الأولى بعد أي انقلاب هي الأسهل، لكنه كان يعلم تمامًا أن عام 2018 سيحمل له منافسين محتملين من داخل القوات المسلحة وخارجها، وعرف أن عليه خلال 5 سنوات إحكام قبضته والاستعداد جيدًا لمنافسيه الحقيقيين أو حتى الحالمين، فأطاح بالفريق سامي عنان والفريق أحد شفيق.
لم يستثن السيسي شركاءه في الانقلاب، فبعد توليه فترة الرئاسة الأولى، حصّن السيسي منصبه كوزير للدفاع وهيكل المجلس العسكري، بقانونين رقم 18 و20، وبعد شهرين فقط من توليه منصب الرئيس، وبنهاية يوليو 2014، ودع اللواءان سعيد عباس قائد المنطقة الشمالية، وطاهر عبدالله رئيس الهيئة الهندسية العسكرية المجلس العسكري للأبد، وغاب عن المشهد الكثير من الأسماء التي كان لها دور بارز في مرحلة ما بعد 25 يناير، ومنهم اللواء محمد عبد النبي واللواء محمد فريد حجازي واللواء محسن الفنجري واللواء إسماعيل عتمان واللواء عادل عمارة واللواء محمد عطيه.
سعى السيسي للتخلّص من العدد الأكبر ممن يوصفون بمراكز الثقل في دوائر حكمه، فأسماء شهيرة كاللواء محمد عرفات قائد المنطقة الجنوبية، وأحمد وصفي قائد الجيش الثاني الميداني لم تجد لها مكانًا، وفي مطلع عام 2018، واصل السيسي مسلسل الإطاحات، بعدما أقال رئيس جهاز الاستخبارات اللواء خالد فوزي الذي كان يشغل منصب رئيس وحدة الأمن القومي في جهاز الاستخبارات العامة إبان انقلاب 3 يوليو.
ووسّع السيسي تلك الإقالات لتطال صهره والرجل القريب منه في المؤسسة العسكري محمود حجازي رغم الصعود إلى رئاسة الأركان، ففي 28 من أكتوبر 2017، أقال السيسي الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وعينه مستشارًا للرئيس وكلَّف الفريق محمد فريد حجازي بدلًا منه.
تخلص السيسي أولا من الشركاء المدنيين جملة واحدة، في حين حرص على التخلص من الشركاء العسكريين على فترات، خشية اتفاقهم بالانقلاب عليه.
الأوضاع في مصر بعد سبع سنوات من الانقلاب
ألقى الانقلاب العسكري في مصر، بظلاله على كل ما هو شرعي في البلاد، ولكن لنتناول هنا أبرز الملفات والقضايا والمشاهد التي عايشها ولامسها الشعب المصري، وعانى كثيرا من إطباقها عليه طيلة السنوات الماضية.
الاقتصاد
على المستوى الاقتصادي وصلة العملة المحلية المصرية “الجنيه” لأدنى مستوى له منذ نشأته ومستمر في التدني، أضف على ذلك مصانع عطلت، وأرزاق قطعت، مما كان له الأثر البالغ في هروب العقول إلى الخارج، بحثا عن وطن بديل وملاذ آمن للعيش فيه بكرامة.
وتولى السيسي الحكم وكان سعر الدولار مقابل الجنيه المصري 6 جنيهات وسبعين قرشاً، لتحل الذكرى السادسة لانقلابه وسعر الدولار يلامس الـ17 جنيهاً، إذ جاءت الزيادة الكبيرة هذه بعد قرار صادر في الثالث من نوفمبر 2016 بتعويم الجنيه المصري، كاستجابة لأحد شروط “صندوق النقد الدولي” للموافقة على منح مصر قرضاً بقيمة 12 مليار دولار على ثلاثة أعوام.
أمّا على صعيد الدين العام، أعلن البنك المركزي المصري، الأربعاء، ارتفاع حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر إلى نحو 112.67 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول من عام 2019، مقابل 96.61 مليار دولار بنهاية ديسمبر من عام 2018، محققة ارتفاعاً نسبته 16.6%، وقدره 16.1 مليار دولار على أساس سنوي.
وأظهرت بيانات البنك ارتفاعاً في حجم الدين الخارجي بواقع 3.31 مليارات دولار، خلال الربع الأخير من العام الماضي، واستحواذ الديون طويلة الأجل على نسبة 89.9% من إجمالي الدين الخارجي المصري، وقيمتها نحو 101.4 مليار دولار.
وسجل الدين الخارجي المُستحق على البنوك ارتفاعاً قدره 1.1 مليار دولار خلال عام 2019، ليصل إلى 8.74 مليارات دولار بنهاية العام، مقابل 7.69 مليارات دولار بنهاية 2018، بينما شهد انخفاضاً خلال الربع الأخير من العام الماضي، وذلك من 9.2 مليارات دولار في سبتمبر/ أيلول 2018. وتُقدر الديون قصيرة الأجل بنحو 3.37 مليارات دولار.
وبذلك يقفز الدين الخارجي في مصر بنسبة تصل إلى 145%، منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم في منتصف عام 2014، إذ لم تكن الديون الخارجية آنذاك تتجاوز 46 مليار دولار، نتيجة توسعه في الاقتراض من الخارج لتمويل مشروعات غير ذات جدوى اقتصادية، على غرار “تفريعة” قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة.
التعليم
أصبح التعليم الآن في أدنى مستوى له، وأصبحت ظاهرت تسريب الامتحانات ظاهرة شائعة طبيعية، وسط تلك المنظومة الفاسدة، وحذف كل ما هو اسلامي من المناهج التعليمية هو السائد والمستشري في المنظومة التعليمية تحت ذريعة التطوير، وأصبح مستقبل التعليم ينهار عاما بعد عام، بل يوما بعد يوم.
وتتجه الحكومة إلى خصخصة التعليم العام، فبدأ الطريق نحو الخصخصة المقننة بإنشاء المدارس التجريبية، التي تُدرِّس مناهج الوزارة بلغة أجنبية مقابل مصروفات أعلى، مقدمة بديلاً للتعليم الخاص باللغات الأجنبية.
ثم بدأت الحكومة في 2018 في إنشاء المدارس الحكومية الدولية التي تعمل بالنظام البريطاني بتكلفة أقل من التعليم الدولي الخاص. وحتى النموذج الياباني، الذي كان من المفترض أن يكون مجانياً، تجاوزت مصاريفه عشرة آلاف جنيه.
ضياع مكانة مصر
تراجعت مكانة مصر بشكل كبير على المستوى الدولي والإقليمي، فبعد أن كانت مصر كدولة رائدة ومصدرة لكل شيء، أصبحت الآن تعاني الفقر في كل شيء، فقر في الزراعة وفقر في الصناعة وفقر في التجارة.
وتراجعت البلاد في عهد السيسي حتى صارت تتوسل لوساطة تغيثها من تشدد إثيوبيا في استكمال بناء سد النهضة ليس هذا فقط بل وملئه بالكيفية التي تريدها أديس أبابا.
بالإضافة إلى فقدان مصر لدور الوساطة في ملف من صميم أمنها القومي وهو الملف الليبي الذي رهنته لإمارة أبوظبي حتى استيقظت على واقع استعانت فيه حكومة طرابلس بالدولة التركية لإنقاذها من خليفة حفتر وداعميه بالخليج.
الشباب
وعلى مستوى الشباب ففقد الغالبية الأمل في الحصول على حقوقهم المشروعة من توظيف وتحسين أوضاعهم، وذكر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في أغسطس 2018، أن عدد الشباب في الفئة العمرية 18-29 عاما في مصر بـ20.2 مليون نسمة، بنسبة تصل إلى 21% من إجمالي عدد السكان، منهم نحو 17% حاصلون على مؤهل جامعي فأعلى، في حين وصلت نسبة الأمية وسط الشباب إلى 16%.
وبلغ معدل البطالة بين الشباب الحاصلين على مؤهـل جامعي فأعلى 38.3% مقابل 30.7% للحاصلين على مؤهل متوسط فني، بحسب بيانات مسح وزارة القوى العاملة عام 2017. وبلغ عدد الأسـر التي يعولها شباب نحو 2.9 مليون أسرة بنسبة 12.3% من إجمالي الأسـر المصرية.
الهجرة
بعد سبع سنوات من الانقلاب العسكري زادت وتيرة هجرة المصريين إلى الخارج بشكل متسارع، خاصة بين فئة الشباب، في الوقت الذي تزعم فيه الحكومة المصرية توفير فرص عمل، وتراجع نسبة البطالة، وإقامة مشروعات قومية غير مسبوقة.
كشف الجهاز المركزي للإحصاء، في تقرير رسمي له، عن ارتفاع عدد المصريين المهاجرين، بنسبة زيادة بلغت 10.6%.
تؤكد زيادة الهجرة في مصر على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في مصر، وأيضا دليل واضح على تردي الأوضاع التي وصلت إليها مصر بعد 7 سنوات من الانقلاب العسكري، فبعد ثورة يناير عاد المصريون من الخارج لبناء بلدهم، لأنهم استشعروا قيمة الحرية بعد عقود من حكم العسكر.
نيل جاف
بعد تمرير اتفاقية إعلان المبادئ لسد النهضة الإثيوبي والتي وصفها الخبراء بـ “الكارثية” على الثروة المائية لمصر، دخلت مصر بسببها تحت مظلة الفقر المائي، وأصبحت الثروة المائية والحياة في مصر مهددة بالانقراض خاصة بعد تخاذل الحكومة المصرية عن حل أزمة سد النهضة.
أرض مباعة وحدود ضائعة
أُكذوبة سعودية الجزيرتين “تيران وصنافير” أصبحت محل نقاش ومهاترات بعد أن بت القضاء بسيادة مصر عليهما، إلا أن “السيسي” أصر واستمات في بيعهما للسعودية، وقام بتأمين قراره في أروقة البرلمان المصري الموالي له.
تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري
بعد أن كان جيش مصر يشاد له بالوطنية، وبعد أن كان بالأمس عدوه الأول “الاحتلال الإسرائيلي” تغيرت عقيدته وأصبح الآن عدوه الأول أبناء شعبه، إما بقتلهم أو بتهجيرهم من أراضيهم بذريعة الإرهاب.
أما عن حروبه بالوكالة خارج أراضيه، ففي الوضع في ليبيا واليمن وفي سوريا أوضح دليل على تورط الجيش في مخططات السيسي.
التطبيع مع الكيان الصهيوني
التطبيع الآن أصبح من أهم وأبرز سمات المرحلة على الصعيد المصري بل والعربي، وأصبح حلم الدولة الصهيونية الذي كان يراودها قريب التحقيق بفضل أعوانهم من حكام العرب.
وقال السفير الإسرائيلي الأسبق لدى القاهرة يتسحاق ليفانون في تصريح له، “إن الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي لا يألو جهدا من أجل تحسين صورة إسرائيل في المجتمع المصري، وتقليل العداوة لها، وإبراز الإيجابية في علاقة السلام بين الطرفين”، مستبعدا أن تؤثر خطة ضم أراض فلسطينية على موقفه من تل أبيب.
وذكر ليفانون -في مقال له بصحيفة معاريف الإسرائيلية- أن السيسي إذا نجح في هذه السياسة فإن الأمر سوف يساعد إسرائيل مستقبلا في التقدم نحو تطبيع العلاقات.
البقاء في الحكم
كما تحلّ الذكرى السابعة للانقلاب وسط تغيّر نوعي كبير بعدما انقلب السيسي على الدستور الذي تمّ الترويج له في العام 2014 على أنه الأفضل في تاريخ مصر، ليقوم بمنح نفسه سلطات مطلقة فوق القضاء، عبر تشكيل مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسته ليقضي تماماً على مبدأ استقلال القضاء.
كما منحت التعديلات الدستورية التي تمّ تمريرها في استفتاء شعبي مثير للجدل السيسي البقاء في الحكم حتى العام 2030، بعد أن كانت المواد الخاصة برئيس الجمهورية قبل الانقلاب لا تجيز لأي شخص البقاء في المنصب إلا فترتين، كل واحدة منهما 4 سنوات فقط، وذلك وسط حديث عن تعديل الدستور برمته مرة أخرى خلال 5 سنوات.
وبعد تعديل المادة 140 من دستور 2014، أصبحت تنصّ على أنه “ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين”، مع مادة انتقالية تنصّ على أنه “يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه مرة واحدة على النحو الوارد بالمادة 140 المعدلة من الدستور”.
وفى مايو الماضي استغل السيسي جائحة كورونا واتخذها مبررا لتعديل قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وذلك بإضافة مواد جديدة من شأنها ضم عسكريين بشكل دائم لتشكيل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ الاستثنائية في الأساس، والتوسع في التحقيق ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وسط تغاضي وصمت من قبل مجلس القضاء الأعلى والهيئات القضائية على هذه التعديلات التي تعصف باستقلال القضاء.
الملف الحقوقي
منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة في البلاد، شهد وضع حقوق الإنسان في مصر تدهوراً كارثياً وغير مسبوق، ومن خلال سلسلة من القوانين الوحشية والتكتيكات القمعية التي ارتكبتها قوات الأمن التابعة للنظام، نظمت حكومة السيسي حملة مكثفة لتشديد قبضة الدولة على السلطة من خلال زيادة تآكل استقلال القضاء وفرض قيود خانقة على وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية ونقابات العمال والأحزاب السياسية، والناشطين المستقلين.
وتحت ستار محاربة الإرهاب، شهدت مصر الآلاف من الاعتقالات التعسفية، بما في ذلك المئات التي استهدفتهم من النقاد والمتظاهرين السلميين، فضلاً عن استمرار الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق بما في ذلك التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة والاختفاء القسري الجماعي والإعدام خارج نطاق القانون، والإفراط في استخدام القوة.
ووصل عدد السجناء على ذمة قضايا سياسية إلى 80 ألفاً من المعارضين، فيما توسّع السيسي في بناء السجون لاستيعاب المعارضين المقبوض عليهم.
الإعلام
بعد أن كانت الآلة الإعلامية التابعة للأجهزة الأمنية تروّج قبل الانقلاب أنه سيتم تأميم الإعلام في عهد مرسي، سيطرت الأجهزة الأمنية التابعة لعبد الفتاح السيسي وعلى رأسها جهاز الاستخبارات العامة الذي يترأسه رجل السيسي، عباس كامل، وسائل الإعلام كافة بعد قيام شركة “إعلام المصريين” بالاستحواذ على القنوات الفضائية كافة، مثل “الحياة” و”النهار” و”سي بي سي” و”دي إم سي”، وكذلك غالبية الصحف اليومية والمواقع الإخبارية، مثل “اليوم السابع” و”الدستور”، و”مبتدأ”، و”صوت الأمة”.
كما شهدت السنوات الستّ عقب ولاية السيسي غلْق الكثير من وسائل الإعلام، وحجب نحو 500 موقعاً إخبارياً من دون أي قرارات رسمية، كان آخرها موقع “التحرير” الإخباري، وقبله موقعي “مدى مصر”، و”مصر العربية”.
ماذا بعد 7 سنوات من الانقلاب العسكري في مصر؟
لم يفِ السيسي بأيٍ من وعوده وخاصة وعده في مثل هذه الأيام بأن “مصر هتكون في حته تانية “، فللأسف تيران وصنافير ونهر النيل هم اللذين سُرقوا وذهبوا “في حته تانية”، وشباب مصر اعتُقلوا أو هاجروا وصاروا “في حته تانية”، والأسعار والديون التي تضاعفت ذهبت أيضا “في حته تانية”.
رغم مرور 7 سنوات على انقلاب يوليو 2013 وما ترتب عليه من تداعيات، فإننا ما زلنا نشهد الجدل المتجدد بين المصريين حول مسؤولية وأسباب الانقلاب، والانقسام والسخرية والهجوم المتبادل الذي يصل حد الشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
وتتزايد أزمات المعارضة المصرية في الداخل كل عام عن ما سبق، حيث زادت حالة التشتت والتشرذم بين مختلف الأطياف السياسية رغم النفق المظلم الذي دمر الجميع، واتسعت الفجوة بين كل الكيانات والأحزاب السياسية من ناحية والشعب المصري من ناحية أخرى بشكل كبير.
ولم تكن المعارضة والرافضون للانقلاب في الخارج أفضل حالاً من المعارضة المشروطة في الداخل، فهي في تشتت وحيرة؛ فالتشتت مرجعه حالة الاستقطاب السياسي الذي قسمها إلى شظايا متناثرة لا قوة ولا قيمة لها، أما الحيرة فتعود لعدم معرفتها بدورها المطلوب منها، وهو ما جعلها تتخبط في كثير من ممارساتها، الأمر الذي أفقدها فاعليتها وقدرتها على التأثير.
القارئ للمشهد السياسي المصري منذ بداية انقلاب 3 يوليو وحتى اليوم يلاحظ أن النظام الحاليّ ورط نفسه في العديد من القضايا التي لو أُحسِن استغلالها لكانت شكلت ضربات قاصمة له.
المعارضة بشقيها انشغلت طيلة السنوات الأخيرة بملف واحد على الأكثر، وهو الملف الحقوقي، حيث ركزت على القمع السياسي للمعارضين والإخفاء القسري والسجن والتعذيب وغيرها من تلك الموضوعات التي لا يشكك أحد في قيمتها وأهميتها، لكن المعركة السياسية مع أي نظام يجب أن تتسع لتشمل كل ساحات المواجهة وعلى مختلف الأصعدة وليس جانب واحد فقط.
ومن أولويات المرحلة في تلك المرحلة والذي ينادي به العقلاء منذ بداية الانقلاب، هو نبذ الخلافات وتوحيد الصفوف لأن أكثر ما أفاد العسكر هو نجاحهم في نظرية “فرّق تسد”، ويعد من الضروريات الآن نسيان الماضي ونبذ الخلاف تماماً، وتوحد أطياف المعارضة على برنامج وطني واحد لمواجهة النظام العسكري.
ورغم ضرورة التوحد والاصطفاف إلا أنه لابد أن يحدث تقييم شامل لما جرى خلال السبع سنوات الماضية للجميع، وليس فقط “الإخوان المسلمين”، ومعرفة أن “الفرقة والاختلاف بين قوى المعارضة هي عملية أدارها “المجلس العسكري” باحترافية شديدة.
لابد من التوقف التام عن خلافات الماضي، بل التفكير في المستقبل، وهو الأمر الذي ينبغي أن تنشغل فيه الحركة الوطنية المصرية بكافة أطيافها.
تتزامن الذكرى السابعة من الانقلاب العسكري في مصر، من الذكري الأولي لوفاة أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، بعد أن قتله السيسي ونظامه بالمنع المتواصل من الزيارة ومن الرعاية الصحية، وبالحبس الانفرادي والمنع من الدواء ومنع الغذاء السليم. وخلال حياة الرئيس المختطف وقبل وفاته، عاشت المعارضة المصرية المتكونة بعد 3 يوليو 2013 حالة من الانشطارات والانقسامات المتتالية بسبب المطالبة بــ “عودة الشرعية”، فهل سيتغير الواقع الآن بعد وفاة الرئيس مرسي، وبعد مرور سبع سنوات عجاف على مصر وأهلها؟
رابط المصدر: