لندن– أثار خبر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية وأحد حراسه الشخصيين في العاصمة الإيرانية طهران موجة من التكهنات والتهديدات والتحليلات في وسائل الإعلام الإيرانية.
وكان هنية في طهران للمشاركة في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. وتوعد “المرشد” الإيراني علي خامنئي بالثأر لدم إسماعيل هنية قائلا إن الانتقام لهو من واجبنا نظرا لأن الاغتيال وقع على أراضينا.
ونشر موقع “بصيرت” التحليلي الإخباري المحسوب على “الحرس الثوري” الإيراني تقريرا بعنوان “لماذا تم هذا الاغتيال في طهران؟”، معتبرا أن “اغتیال (هنیة) في طهران يدل على يأس الكيان الصهيوني (اسرائيل) وعجزه أمام تطورات الأيام الأخيرة في طهران. إن مقر المكتب السياسي لحركة (حماس) في قطر وإن هنية الذي كان يزور عددا من دول المنطقة باستمرار معرض للاغتيال في أي من تلك الدول ولكن السؤال: لماذا جرت عملية اغتياله في طهران؟”. وتابع التقرير: “1- لقد حظيت تصريحات الرئيس الجديد حول دعم القضية الفلسطينية ومحور المقاومة في حفل تنصيبه بترحيب واسع من الحاضرين في الحفل وهذا جاء خلافا لتوقعات المحور الإسرائيلي– الغربي. وأظهرت تصريحات الرئيس مسعود بزشكيان أن تغيير الحكومات لا يؤدي إلى تغيير المواقف الثابتة لإيران في دعم القضية الفلسطينية وأن إيران ستظل إلى جانب المقاومة (…) حتى تحقيق الهدف النهائي وهو تحرير القدس. 2- أظهرت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ(حماس) في طهران فشل (إسرائيل) في ميدان الحرب حيث لم تتمكن خلال الأشهر التسعة الماضية من تحقيق أي إنجاز في حرب غزة مما وجه ضربة قاسية إلى صورة إسرائيل في العالم وقضى تماما على أسطورة الردع الإسرائيلي. وتستمر إسرائيل في سياسة الاغتيالات ومنها اغتيال إسماعيل هنية في طهران للتغطية على هزائمها وحرف الأنظار عن عجزها وفشلها في الميدان. 3- أصبحت إيران تقود محور المقاومة لدى الرأي العام العالمي بعد عمليات طوفان الأقصى، والوعد الصادق. وبالتالي جاء اغتيال هنية في طهران محاولة من إسرائيل لتشويه صورة إيران في العالم غير أن إسرائيل لا يمكنها الهروب من هزائمها من خلال الاغتيالات التي ستعجل بمسارات انهيارها. 4- سيؤدي اغتيال إسماعيل هنية إلى تعزيز حالة التقارب بين دول المنطقة أمام (إسرائيل) أكثر من أي وقت مضى ما يلحق خسائر لا يمكن التعويض عنها للمعسكر الإسرائيلي- الغربي في المنطقة، كما أنه سيمهد الطريق لمسارات ردود فعل محور المقاومة ضد إسرائيل التي يجب على ساستها اعتبار تل أبيب منطقة غير آمنة للصهاينة على غرار شمال إسرائيل من الآن فصاعدا”.
إسرائيل لا يمكنها الهروب من هزائمها من خلال الاغتيالات التي ستعجل بمسارات انهيارها
موقع “بصيرت”
وأعاد موقع “تابناك” الإخباري في تقرير بعنوان “ما طبيعة الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية؟”، قراءة تصريحات “المرشد” علي خامنئي، قائلا إن “هذه التصريحات تشير إلى أن إيران ستقوم بالرد المناسب على عملية الاغتيال حيث إن خامنئي حمل إسرائيل مسؤولية الاغتيال أولا، وأشار ثانيا إلى العدوان على الأراضي الإيرانية وثالثا إلى “الرد القاسي” القادم من إيران”.
وأضاف الموقع: “تدل هذه المحاور الثلاثة على أن الرد الإيراني على (إسرائيل) سيتجاوز “المنطقة الرمادية” لأن إيران أكدت على أن هذا الاغتيال هو عدوان على الأراضي الإيرانية وفقا للقوانين الدولية وبالتالي يمكن أن نتوقع حق الدفاع المشروع لإيران”.
وتابع “تابناك”: “إن تصريحات خامنئي تشبه إلى حد بعيد رسالته بعيد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، حيث قال المرشد آنذاك في خطبة صلاة عيد الفطر إن الاعتداء على قنصليتنا هو بمثابة العدوان على أراضينا وأن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة للعقاب وستتم معاقبتها… كما أن المرشد قال بُعيد مقتل محمد رضا زاهدي أحد القيادات العليا في “فيلق القدس” إنه ستجري معاقبة إسرائيل من قبل رجالنا الشجعان وسنجعلها تندم ورأينا بعد ذلك استهداف إسرائيل بمئات المسيرات والصواريخ مباشرة من الأراضي الإيرانية”.
رويترز
مشاركون في جنازة إسماعيل هنية في طهران في الأول من أغسطس
ونشر موقع “جهان نيوز” الإخباري تقريرا جاء فيه أن إسماعيل هنية التقى خامنئي قبيل حفل تنصيب الرئيس الجديد وأدلى بتصريحات تدعو للتأمل بعد اغتياله حيث قال هنية خلال لقائه المرشد إننا دخلنا منعطفا تاريخيا وعلينا ترسيخ بطولات الشعب الفلسطيني والمقاومة وانتصاراتهم”.
وتابع التقرير: “تدعو هذه التصريحات إلى التأمل: 1- لقد أشار هنية إلى فترة العدوان على غزة حيث إن إسرائيل بدأت حربها قبل أكثر من 300 يوم منذ طوفان الأقصى بهدف القضاء على (حماس) غير أنها لم تنجح في تحقيق أهدافها ولم نلاحظ تحقيق شيء إلا ارتكاب المجازر والجرائم ضد النساء والأطفال. 2- لقد أوصل المأزق العسكري في غزة والتصعيد في الشمال مع (حزب الله) من جهة والأزمة الداخلية التي يواجهها نتنياهو قادة إسرائيل إلى نقطة قد يجرون فيها بلادهم إلى الهاوية من خلال قرارات أو عمل غير سليم. 3- لقد أدى ترسيخ انتصارات الشعب الفلسطيني وبطولاته إلى طوفان الأقصى الذي حطم الجدار الحديدي لإسرائيل مما جعلها معرضة لضربات من جبهات متعددة (حزب الله) في لبنان، و(أنصار الله) في اليمن، والمقاومة العراقية. وهذا لم يكن قابلا للتصور حتى قبل طوفان الأقصى. 4- شكلت عمليات الوعد الصادق منعطفا في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى لأن الوعد الصادق أول ضربة عسكرية إلى إسرائيل من الأراضي الإيرانية. 5- هذه الانتصارات الاستراتيجية لمحور المقاومة إلى جانب الصمود البطولي لسكان غزة هي محاور اللقاء الأخير بين هنية وخامنئي. إن العمل الوحيد الذي أظهر الكيان الصهيوني براعته فيه هو الاغتيال. يتصور مسؤولو الكيان أن هذا الاغتيال قد يعقد الأمور لصالح إسرائيل ولكنه عمل متهور ستدفع إسرائيل ثمنا باهظا له”.
كانت إسرائيل قادرة على اغتيال هنية في قطر أو تركيا ولكنها اختارت طهران عمدا لتستفز النظام الإيراني
المحلل والناشط الإصلاحي أحمد زيد آبادي
هذا وقال الأستاذ الجامعي والمحلل في الشؤون الأمنية أصغر زارعي لموقع “فرارو” إن إسرائيل لم تتمكن “خلال الأشهر العشرة الماضية من احتواء المقاومة وإطلاق سراح أسراها وبالتالي حاولت إسرائيل جر لبنان إلى الحرب غير أن هذه الخطوة لم تلق ترحيبا أميركيا وغربيا وبالتالي لجأ نتنياهو إلى سياسة اغتيال قادة المقاومة وتم بالفعل اغتيال ثلاثة قادة لمحور المقاومة في غضون 14 أو 15 ساعة في لبنان والعراق وإيران وهم: القيادي في (حزب الله) اللبناني فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية في طهران، وأحد قيادات (الحشد الشعبي). تدل هذه السياسة على أن إسرائيل تسعى إلى خلق إنجازات لها من خلال اغتيال قادة المقاومة للتغطية على هزائمها غير أن هذه الاغتيالات لم تؤثر سلبا على نهج المقاومة بل أدت إلى تعزيز علاقات جبهة المقاومة أكثر فأكثر”.
وقال زارعي: “إسرائيل غارقة في المستنقع وستغرق أكثر بفعل هذه العمليات… الخطاب والموجة المناهضة لإسرائيل في العالم في طور الانتشار حيث يتم اعتبار إسرائيل نظاما مجرما”.
ويعتقد الخبير الإيراني أن “اغتيال (هنية) كان عملية مخططا لها لتتم في طهران التي تعتبر مركز جبهة المقاومة. تريد إسرائيل إظهار اغتيال هنية في طهران على أنه إنجاز عظيم وأنه كان باستطاعتها قتل هنية في دول أخرى غير أنها استهدفته في طهران، ولكن قادة إسرائيل ارتكبوا خطأ استراتيجيا لأن هذا الاغتيال سيعزز التضامن والوحدة داخل محور المقاومة”.
ويرى المحلل والناشط الإصلاحي أحمد زيد آبادي: “1- إن كل العقلاء في العالم يعتبرون إسرائيل مسؤولة عن اغتيال هنية سواء تبنت الهجوم أم لا. 2-كانت إسرائيل قادرة على اغتيال هنية في قطر أو تركيا ولكنها اختارت طهران عمدا لتستفز النظام الإيراني. 3- كانت إسرائيل قادرة على اغتيال هنية في توقيت آخر ولكنها اختارت أن تقتله بعد حفل تنصيب الدكتور بزشكيان لتخلق أزمة وحالة ارتباك للحكومة الجديدة منذ انطلاق عملها. 4- لقد تدهورت الأزمة بعد عملية الاغتيال هذا على كافة المستويات ولا يمكن الجزم بالخطوة المناسبة والصحيحة القادمة من قبل إيران. 5- لقد تحولت حرب غزة منذ فترة طويلة إلى ساحة مواجهة مباشرة بين (حزب الله) وإسرائيل ومواجهة غير مباشرة بين إيران وإسرائيل. سيكلف الاستمرار في هذه الحرب ثمنا باهظا مما يصعب إنهاء الحرب. 6- لا بد من الاختيار بين الاستمرار في الحرب أو إنهائها. 7- هذه هي تراجيديا السياسة.. لا بد من اختيار النهاية المريرة”.
المصدر : https://www.majalla.com/node/321716/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A5%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D8%A7%D9%84%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%87%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%9F