ضياء الوكيل
بايدن وترامب ، كلاهما أمريكي، وينظر إلى بلاده من هذه الزاوية الواسعة، تنافسا بشراسة ولكن ضمن حدود اللعبة الديمقراطية، تابعنا باهتمام سباقهما المحموم نحو البيت الأبيض، وكأننا نتابع مباراة مثيرة وممتعه لكرة القدم، لم نشعر معها بالملل، وكانت فرصة لوسائل الإعلام لإختبار قدرتها على تغطية مثل هذا الحدث السياسي الكبير بالبحث والتحليل وكسب المزيد من الجمهور، لا فرق بين ترامب وبايدن فيما يخص مصالح أمريكا، ((يختلفان في الإسلوب، ويلتقيان في الإستراتيجية))، وذلك سيلمسه العالم في عهد بايدن، سيجد تغييرا واضحا في نبرة الخطاب السياسي، ولكن دون المساس بجوهر الإستراتيجية الأمريكية، التي ترفع شعار ( أمريكا أولا)، سيعود إلى إتفاقية باريس للمناخ، ولكنه لن يجرُؤ على إلغاء قرار ترامب، ويعيد سفارة أمريكا من القدس إلى تل أبيب، لن تتحول في عهده كوريا الشمالية من عدو إلى صديق، لن تصبح الصين شريكا، لن تكون روسيا أو إيران حلفاء، ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا أعداء وفقا لشعارات بايدن..( الخصوم ليسوا أعداء)، سيتخذ قرارات ذات بعد دعائي وإعلامي، و سيحصل الديمقراطيون على ما يريدون بالقوّة الناعمة، والسياسة المحترفه، ويتركون لخصومهم فرصة التمتع بهامش من الرضا النسبي، ولكن ضمن مجال التأثير، وحدود السيطرة، والمقاس الأمريكي، سيتفنن بايدن في إدارة الأزمات على الصعيد العالمي، ولكنه لن يسعى إلى حلّها، وسيحتكم في كلّ خطوة إلى ضمان المصالح الأمريكية، وعدم المساس بالنظام العالمي، والتوازنات الدولية القائمة، والقوّة الناعمة هنا، لا تعني التخلي عن القوّة العسكرية، والتلويح باستخدامها عند الضرورة، فالسياسة المعزولة عن القوة المسلحة هي سياسة عقيمة من وجهة النظر الأمريكية، وتلك استراتيجية تعتمد على نوعية الإدارة السياسية،( ولا فرق هنا بين جمهوري وديمقراطي)، ولا يمكن تجاهل أن الإنتخابات التشريعية أنتجت أغلبية جمهورية في مجلسي النوّاب والشيوخ، وذلك يرسم حدودا للتوازن السياسي في النظام الأمريكي، ويعدّ مقياسا مهما لاستشراف المرحلة المقبله، وفي اعتقادي أن سياسة بايدن تجاه العراق لن تخرج عن دائرة المصالح وتبادل المنافع، لن يهمه من يحكم العراق، وما يجري فيه، ولكن يهمه جدا من يتعهد بضمان المصالح الأمريكية التي تتعدى جغرافية العراق الى محيطه الإقليمي، وفي إعتقادي أن أمريكا لن تتخلى عن الشرق الأوسط والخليج ولن تقبل الهزيمة فيهما لأن ذلك يلامس بالخطر أحد أهم دعامات النظام العالمي الذي يضمن لأمريكا التفوق على المسرح الإستراتيجي الدولي، وسيتصرف بايدن بمنتهى البراغماتية والواقعية، وربما يكون العراق جزءا من صفقة إقليمية وبذات المنظار والعدسة التي تضمن مصالح الأمريكان وتواجدهم فيه، ولكن يبقى ذلك في إطار التكهن والتحليل، وسابقا لأوانه، ولا يمكن القطع فيه، أمّا موضوع التفاؤل الذي ساد الوسط السياسي فيحتاج الى دراسة وتحليل مجمل الصورة، وبكل أبعادها، وعلى القدرة السياسية في توظيف المتغيرات لصالح العراق، بعيدا عن ردود الأفعال والمواقف المرتجله أو المتسرعه، ستعيد دول العالم ترتيب أوراقها وبما يضمن مصالحها، فماذا أعدّ السياسيون العراقيون من خطط لمواجهة المستقبل، في عالم متغيّر، وعاصف، وشديد التعقيد…
رابط المصدر: