- يُعدُّ التوجه الاستراتيجي الإماراتي لتحقيق تنمية صناعية مستدامة وتعزيز دور التكنولوجيا المتقدمة في هذا التحول، جزءاً محورياً في استراتيجية دولة الإمارات للعقود المقبلة، والتخطيط لزيادة حجم الاقتصاد الوطني ومزاياه التنافسية.
- إعلان النوايا الإماراتي-الألماني المشترك بشأن تعزيز التعاون في مجال المسرّعات الصناعية، يندرج ضمن مساعي الإمارات لتحقيق الأهداف التي حددتها استراتيجية “مشروع 300 مليار”، وهي الخطة الأكبر والأشمل لتطوير القطاع الصناعي في الدولة.
- الإمارات ماضيةٌ في تبني العديد من المبادرات والخطط التي تُمكّن التحوّل الرقمي وتُحدِّث القوانين اللازمة لتطوير بنية تحتية صناعية متكاملة ومستدامة، تُسهِم في إدارة الشراكات الاستراتيجية لدولة الإمارات مع الدول الكبرى والاقتصادات والقوى الصاعدة، وتنويعها.
تدفع التحولات الكبرى المتسارعة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة وطرق إنتاج الثروة، دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التفكير بطريقة مختلفة؛ تُعيد من خلالها قائمة الأولويات والأهداف والتوجهات والموارد؛ استعداداً لمستقبل مُغاير. ويُعدُّ التوجه الاستراتيجي الإماراتي لتحقيق تنمية صناعية مستدامة وتعزيز دور التكنولوجيا المتقدمة في هذا التحول، جزءاً محورياً في استراتيجية دولة الإمارات للعقود المقبلة، والتخطيط لزيادة حجم الاقتصاد الوطني والمزايا التنافسية، التي من شأنها أن تؤهل البلاد لأخذ مكانة متقدمة في سوق الابتكار والتطوير.
في هذا السياق، جاء توقيع وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتية إعلان نوايا مشتركاً مع ولاية بادن-فورتمبيرغ الألمانية، بشأن تعزيز التعاون في مجال المسرّعات الصناعية، ومرونة سلاسل التوريد، وتوظيف وتطوير حلول التكنولوجيا المتقدمة، بالإضافة إلى خفض الكربون من القطاع الصناعي، ودعم جهود تحقيق الحياد المناخي؛ وذلك على هامش مشاركة الوزارة في فعاليات مؤتمر ميونخ للأمن، الذي اختتم أعماله في ألمانيا في 18 فبراير الجاري. وكانت بادن فورتمبيرغ قد أنشأت في نوفمبر 2022 مكتباً تمثيلياً للأعمال في دولة الإمارات لدعم الشراكة مع الإمارات ومنطقة الخليج وتعزيزها.
تمكين “مشروع 300 مليار”
تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى دفع القطاع الصناعي لديها خطوات نوعية إلى الأمام، وتحقيق الأهداف التي حددتها استراتيجية “مشروع 300 مليار” التي أُطلِقَت في العام 2021، وتهدِف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي الإماراتي في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031. وتتوافق الاستراتيجية مع الأهداف الوطنية والالتزامات الدولية المتعلقة بتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، ونشر حلول الطاقة النظيفة، وقيادة الابتكار الصناعي، وتعزيز المسؤولية في مجالات الاستهلاك والإنتاج.
وتهدف هذه الرؤية، كما تذكر المواقع الرسمية الإماراتية، إلى:
- تطوير القطاع الصناعي في دولة الإمارات.
- زيادة قيمة هذا القطاع داخل الدولة.
- ترسيخ مكانة الإمارات بوصفها مركزاً عالمياً للصناعات المستقبلية.
- بناء سمعة المنتجات الصناعية الإماراتية من خلال ترويج الصادرات إلى الأسواق العالمية.
- خلق فرص عمل نوعية في القطاع الصناعي.
سوق مشتركة لإنتاج الهيدروجين الأخضر
تعمل الإمارات على أن تصبح واحدة من الدول الرائدة في إنتاج الهيدروجين في العالم بحلول عام 2031. ويشير الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، الذي وقّع إعلان النوايا مع الجانب الألماني، إلى أن التعاون مع ولاية بادن-فورتمبيرغ سيركز على دعم نمو وتطوير التصنيع المستدام، وحلول التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة، والاستثمار المشترك بما يدعم مرونة سلاسل التوريد واستدامتها.
وغالباً ما تتعرض سلاسل الإمداد لتحديات ومخاطر أساسية في حال اندلاع الحروب والأزمات الإقليمية والدولية الكبرى. وقد وجدنا ذلك مع اندلاع الحرب في أوكرانيا ومع أزمة وباء كوفيد-19، ونعيشه حالياً مع الحرب الدموية في غزة، وتداعياتها على الممرات المائية (البحر الأحمر) والتجارة الدولية.
من جهتها، قالت ثيكلا ووكر وزيرة البيئة وحماية المناخ وقطاع الطاقة في الولاية الألمانية «يعتبر الهيدروجين الوقود الأمثل لبناء مجتمعات صناعية محايدة مناخياً، ونتطلع لتعزيز التعاون مع شركائنا الاستراتيجيين، وعلى رأسهم دولة الإمارات، لإنشاء سوق مشتركة للهيدروجين الأخضر؛ حيث تتمتع كل من دولة الإمارات وولاية بادن فورتمبيرغ بالقدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو ما سيعزز قدراتنا لتحقيق مستهدفاتنا للحياد المناخي، بالاعتماد على وقود نظيف ومستدام».
وسيُعزَّز التعاون بين مختلف جهات القطاعين الحكومي والخاص لدى الجانبين الإماراتي والألماني، ويشمل ذلك الترويج للاستثمارات الصناعية الخضراء تحت مظلة مبادرة «اصنع في الإمارات»، التي أطلقتها وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة. وتسعى الوزارة إلى زيادة كفاءة واستدامة دورات الإنتاج وسلاسل التوريد من خلال قيادة البحث والتطوير (R&D)، وإنشاء نظام شامل للمواصفات والمقاييس لإنشاء بنية تحتية متكاملة للجودة للقطاع الصناعي، فضلاً عن تنفيذ الصناعات المستدامة وتبني السياسات التي تقلل من استهلاك الموارد، وتدعم العمل المناخي وجهود الحياد الكربوني.
وفي مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، الذي استضافته الإمارات في نهاية العام 2023، كشفت دولة الإمارات عن خريطة طريق لإزالة الكربون من الصناعة، مما يوفر نموذجاً رائداً للتخفيضات التدريجية والمستهدفة في انبعاثات الكربون. وتهدف خريطة الطريق إلى “خفض الانبعاثات في القطاع الصناعي بمقدار 90 مليون طن من الكربون سنوياً، و2.9 جيجا طن بشكل تراكمي حتى عام 2050″، وذلك من خلال نشر حلول مثل احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه وحلول الطاقة النظيفة في الصناعات التي تكافح من أجل تقليل الانبعاثات، كما ورد في بيان إعلان النوايا.
أربع ركائز تقود النجاح
تعزو وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة إنجازاتها إلى أربع ركائز أساسية:
- تعزيز بيئة صديقة للأعمال.
- تعزيز القيمة المحلية المضافة للقطاع.
- تسريع التحول التكنولوجي.
- تعزيز الاستدامة.
وتتوافق هذه الركائز مع الأهداف المحددة في الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، “مشروع 300 مليار”. ولذلك، تؤكد الوزارة التزامها الاستفادة من الحلول التقنية المتقدمة لتعزيز القدرة التنافسية للقطاع الصناعي ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات.
الشراكة الصناعية التكاملية
على المستوى الإقليمي، كانت مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية قد بدأت أولى خطواتها التنفيذية في مثل هذه الأيام من العام 2023 بين 4 دول عربية، بالإعلان عن 12 اتفاقية بقيمة استثمارات تتجاوز ملياري دولار في قطاعات عدة. وتوزعت الاتفاقيات التي وقعتها حينها الإمارات والأردن ومصر والبحرين، بين قطاعات الزراعة والأدوية والمعادن والكيماويات والسيارات الكهربائية.
وفي أواخر مايو من العام 2022 أُعلِنَ عن إطلاق الشراكة الصناعية التكاملية من أبوظبي، حيث ضمت مصر والأردن بجانب الإمارات، وخصصت الشركة القابضة “ADQ” – أحد الصناديق السيادية لحكومة أبوظبي- 10 مليارات دولار، لإنشاء صندوق يستهدف مشروعات مشتركة، وبعدها بشهرين انضمت البحرين إلى الشراكة خلال الاجتماع الثاني للجنة العليا الذي عُقد في القاهرة. كما أعلن عن انضمام المملكة المغربية إلى نفس الشراكة، خلال الاجتماع الرابع للجنة العليا للشراكة الذي استضافته المنامة، في 11 يناير 2024.
دور مصرف الإمارات للتنمية
ويُعدُّ بنك الإمارات للتنمية (EDB) عامل تمكين رئيس لمشروع 300 مليار. وبموجب الاستراتيجية، خصص البنك محفظة بقيمة 30 مليار درهم لدعم القطاعات الصناعية ذات الأولوية على مدى خمس سنوات. وسيسهم البنك في تمويل 13,500 شركة صغيرة ومتوسطة، وخلق 25,000 فرصة عمل في التصنيع، وتطوير البنية التحتية (الطاقة والنقل والاتصالات والبنية التحتية الرقمية)، والتكنولوجيا (البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات وأجهزة التخزين وتكنولوجيا الطاقة المتجددة وتكنولوجيا التعليم والتكنولوجيا الحيوية)، والأمن الغذائي (الزراعة والثروة الحيوانية وتربية الأحياء المائية وتحلية المياه).
كل هذا يتطلب تبني العديد من المبادرات والاتجاهات التي تُمكّن التحوّل الرقمي وإدارة البيانات وتُحدِّث القوانين الصناعية وتمنحها المرونة التي تساعد في تطوير بنية تحتية متكاملة للجودة، وفي المحصلة إدارة وتنويع الشراكات الاستراتيجية لدولة الإمارات مع الدول الكبرى والاقتصادات والقوى الصاعدة وفقاً لقدرة الأخيرة على الدفع بهذه الاستراتيجية الإماراتية إلى الأمام، وتحقيق مبدأ المنافع المتبادلة، بناء على خريطة طريق واضحة ومُفصَّلَة.
عن آراء مُعدِّيها، ولا تعكس بالضرورة توجهات يتبنَّاها مركز الإمارات للسياسات. ولا يتحمَّل المركز أي مسؤولية عن محتوى الجهات أو المواقع الإلكترونية أو المَراجِع المُحال إليها ضمن هذه المقالة، والتي قد يَرِدُ ذكرها عَرَضَاً، أو في صورة مُحددة، أو الإشارة/الاستناد إليها لدواعي الاقتباس أو الاستشهاد أو التوثيق العلمي. ومع بذلنا الجهد لتحرِّي الدقة أثناء مراجعة المحتوى وتحريره، إلا أننا غير مسؤولين عن حدوث أي أخطاء فيه، أو عن أي إجراءات قد تُتَّخذ استناداً إلى هذا المحتوى.
تنويه: نسمح بمشاركة روابط مقالاتنا وموادنا المنشورة في هذا الموقع، والمحمية قانونياً بحقوق الملكية الدولية، بشرط عدم نسخ محتواها، جزئياً أو كلياً، وإعادة نشره في مكان آخر، أو إعادة إنتاجه في أي صورةٍ كانت، دون أخذ إذن مُسبَق من مركز الإمارات للسياسات. جميع الحقوق محفوظة © 2024. |