إيطاليا في عُهْدة اليمين: كيف ستُدير حكومة ميلوني ملفات السياسة الداخلية والخارجية؟

باسم راشد

 

كما كان مُتوقَّعاً، حقق تحالف اليمين بقيادة حزب “إخوة إيطاليا” الذي تتزعمه جيورجيا ميلوني فوزاً حاسماً في الانتخابات المبكرة في إيطاليا التي أُجريت في 25 سبتمبر 2022، ما جعله في وضعٍ يتيح له تشكيل أول حكومة في البلاد يقودها اليمين المتطرف منذ الحرب العالمية الثانية، والدَّفع بميلوني لتُصبِح أول رئيسة للوزراء في إيطاليا منذ توحيدها في عام 1861.

 

تُسلِّط هذه الورقة الضوء على الدلالات السياسية لنتائج الانتخابات الإيطالية، وتداعياتها المتوقعة، والمسارات المحتملة التي ستتبعها حكومة ميلوني في إدارة أهم الملفات الداخلية والخارجية.

 

دلالات فوز اليمين الإيطالي

أُعلِنَت النتائج النهائية للانتخابات التشريعية المبكرة في إيطاليا، يوم 26 سبتمبر، وأسفرت عن فوز ائتلاف اليمين، الذي يضم أحزاب “إخوة إيطاليا”، و”الرابطة”، و”فورزا إيطاليا”، بعد حصوله على 44,1% من الأصوات، فيما كان حزب “إخوة إيطاليا”، بقيادة جورجيا ميلوني، الأكثر حصولاً على الأصوات بنسبة 26,2%، بعد فرز جميع بطائق الاقتراع، لتُصبِح ميلوني رئيسة الوزراء الجديدة في البلاد، وأول سيدة تشغل هذا المنصب.

 

وعَكَسَ فوز اليمين الإيطالي بهذه الانتخابات دلالات سياسية مهمة عدة، أبرزها الآتي:

 

أولاً، نجاح ائتلاف اليمين في اختبار الوحدة. يُعزى فوز اليمين بشكل أساسي إلى دخوله السباق الانتخابي بائتلاف متماسك في ظل نظام انتخابي يمنح ميزة تنافسية للتحالفات الأكبر؛ إذ يتم من خلاله تحديد ثلث المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ عبر نظام تصويت الأغلبية أو انتخاب صاحب الأكثرية. وفي أعقاب سقوط حكومة دراغي السابقة، عملت الأحزاب اليمينية على الفور على تكثيف التواصل مع بعضها للدخول في ائتلاف مشترك، على الرغم من ضغط الحملة الانتخابية وضيق الوقت أمامها. وعلاوة على ذلك، كانت هذه المرة الأولى التي تُصوِّت فيها إيطاليا لانتخاب برلمان بعدد محدود من المُشرِّعين، مما جعل المنافسة على الفوز بمقعد عدوانية أكثر من أي وقت مضى.

 

ثانياً، انقسام اليسار وتفتُّته. فقد فشل الحزب الديمقراطي بقيادة إنريكو ليتَّا في توحيد أحزاب اليسار في ائتلاف سياسي موحد، ما أدى إلى وجود أكثر من ائتلاف يساري في الانتخابات، تنافست في النهاية ضد بعضها البعض. وارتكب ليتَّا خطأً كبيراً عندما حاول التمسُّك بأجندة دراجي ورفض تشكيل ائتلاف مع حركة النجوم الخمسة، مما فوَّت الفرصة على إمكانية تشكيل تحالف تنافسي أمام تحالف اليمين. ناهيك عن أنه كانت هناك منافسة أيضاً من تيار الوسط تمثلت في القائمة التي أنشأها ماتيو رينزي وكارلو كاليندي تحت اسم “القطب الثالث”، لذلك عانى الحزب الديمقراطي من المنافسة من اليسار والوسط معاً. ومن الناحية السياسية والبرامجية، كانت دعوات اليسار بالاستمرار فيما بدأه دراغي أقل إقناعاً للناخبين الفقراء الذين يعانون من القلق في إيطاليا المغرقة بالديون، إذا ما قورنت بوعود التغيير التي يرفعها اليمين.  ونتيجة لكل ذلك فإن الحزب الديمقراطي دخل المنافسة مهزوماً منذ البداية، وهو ما عكسته تصريحات إنريكو ليتا، في 10 سبتمبر (أي قبل الانتخابات بأسبوعين)، التي اعترف فيها بالهزيمة في خطوة مفاجئة للجميع، بل وإعلانه، بعد الخسارة في الانتخابات، التنحي عن منصب رئيس الحزب الديمقراطي.

 

وعكست النتائج النهائية للانتخابات بكل وضوح حالة الانقسام والتفتُّت اليساري؛ إذ حقق الحزب الديمقراطي 19,1% من الأصوات، وهي نسبة تقل عن الحد الأدنى الذي كان الحزب يستهدفه بـ20%. وفي ائتلاف اليسار، الذي جمع إجمالاً 26,2% من الأصوات، حَّقق تحالف “اليسار-الخضر” نسبة 3,5% ليتجاوز بالكاد الحد الأدنى المطلوب لدخول البرلمان.

 

تعهَّدت جيورجيا ميلوني بخفض الضرائب وتخفيف البيروقراطية، كما طرح بيرلسكوني أمراً مشابهاً، لكنهما لم يوضِّحا كيف سيتم تحقيق ذلك في ظل الركود والتضخم الكبير والديون المرتفعة التي تعاني منها إيطاليا (150% من الناتج المحلي الإجمالي)

 

ثالثاً، مكافأة “ميلوني”، ومعاقبة “سالفيني”، وإحياء “بيرلسكوني”. فقد كان حزب “إخوة إيطاليا” بزعامة جورجيا ميلوني الحزب الوحيد الحاضر في المعارضة خلال السنوات الخمس الماضية، في حين أن جميع الأحزاب الأخرى كانت في الحكومة مرة واحدة على الأقل خلال نفس الفترة، وهو ما قد يكون دَفَعَ المواطنين إلى مكافأة “إخوة إيطاليا” على دورهم في المعارضة. ويعكس النجاح غير المسبوق لميلوني أمرين مهمين: أولهما، فقدان الثقة في النخب التقليدية والحلول التي تقدمها لتحسين الأوضاع الداخلية والخارجية. وثانيهما، نجاح ميلوني في تقديم نفسها سياسيةً ماهرةً خلال الفترة الماضية، وطمأنة المواطنين بشأن مسألة الجذور الفاشية لحزبها، مؤكدةً أن “اليمين الإيطالي سلّم، منذ عقود، الفاشية إلى التاريخ”.

 

ويمكن عَدُّ حزب الرابطة بقيادة سالفيني من أكبر الخاسرين في الانتخابات؛ إذ حصل على 9% من الأصوات، ليتراجع تمثيله داخل البرلمان الإيطالي من 17,3% التي كان قد حققها في الانتخابات الماضية، ومن 34% التي نالها في آخر انتخابات أوروبية، وهو ما يشير إلى أن سالفيني يدفع ثمن الخيارات التي اتخذها خلال السنوات الثلاث الماضية؛ أولاً، حينما ترك حكومة جوزيبي كونتي في 2019 بهدف اللجوء لانتخابات مبكرة وهو ما لم يحصُل. وثانياً، عندما قرر الانضمام لحكومة بقيادة دراغي مما أدى إلى تقييد الحزب داخل الائتلاف، الذي تقوده شخصية تكنوقراطية، وهو أمر غير مناسب وغير جيد لحزب يتمتع بنوع من الشخصية الشعبوية. وقد استفادت ميلوني في النهاية من أخطاء سالفيني، إذ تحول جزء كبير من ناخبي العصبة إلى إخوة إيطاليا.

 

أما بيرلسكوني، فيُعدَّ أحد ثوابت السياسة الإيطالية من وقت طويل، وقد حقَّق حزبه “فورزا إيطاليا” في الانتخابات الأخيرة أداءً فاق التوقعات بحصوله على 8,3% من الأصوات، وهو أمرٌ يمثِّل إحياءً جديداً له. ومع أن هذه النتيجة تُوحي بانخفاض دعم الحزب بشكل عام، لكن بيرلسكوني لا يزال قادراً على إعادة وضع نفسه وحزبه داخل الطيف السياسي، وربما يكون حزبه “صانع الملوك” المقبل، من حيث مساهمته المتوقعة في تحديد تشكيل الحكومة المقبلة، وضمان حصول التحالف اليميني على أغلبية المقاعد.

 

المسارات السياسية المتوقعة

يمكن تحديد ثلاثة مستويات محتملة قد تسعى حكومة ميلوني الجديدة إلى إحداث اختراقات وتأثيرات سياسية فيها، وهي المستوى الوطني، والمستوى الأوروبي، ومستوى السياسة الإيطالية في منطقة الشرق الأوسط.

 

1. على المستوى الوطني

ينتظر المواطنون الإيطاليون أن تفي ميلوني وحكومتها المنتظرة بوعودها خلال حملتها الانتخابية، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ثلاثة ملفات أساسية قد يعمل عليها التحالف اليميني بعد فوزه في الانتخابات المقبلة:

 

1. تغيير طبيعة نظام الحكم في إيطاليا من برلماني إلى رئاسي؛ إذ يرغب التحالف اليميني بقيادة ميلوني في إحداث تعديل دستوري يسمح بتحويل النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، بحيث يتم انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب. لكن مثل هذا التعديل يتطلب موافقة الأغلبية المطلقة في مجلسي الشيوخ والنواب، ثم تثبيته لاحقاً في استفتاء شعبي، أو موافقة بأغلبية الثلثين من غير استفتاء. وفي هذه الحالة سيحتاج ائتلاف ميلوني إلى إجراء مزيد من الاتفاقات مع أحزاب أخرى مثل حركة خمس نجوم الشعبية (15.3%) لتحقيق الأغلبية المطلقة اللازمة لتمرير المقترح قبل طرحه للاستفتاء.

 

2. طبيعة الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة في إيطاليا؛ فقد تعهَّدت ميلوني بخفض الضرائب وتخفيف البيروقراطية، كما طرح بيرلسكوني أمراً مشابهاً بقوله: “معنا سيكون لدينا دولة صديقة للمواطنين مع ضرائب أقل وإجراءات بيروقراطية أبسط. وستهتم إيطاليا بالأضعف وستعطي مستقبلاً لشبابنا”. لكن بيرلسكوني أو ميلوني لم يوضِّحا كيف سيتم تحقيق ذلك في ظل الركود والتضخم الكبير والديون المرتفعة التي تعاني منها إيطاليا (150% من الناتج المحلي الإجمالي)، خاصةً أن هذه الملفات كانت من أسباب سقوط حكومة دراغي السابقة.

 

3. تشديد الإجراءات ضد الهجرة غير الشرعية واتخاذ سياسات قيمية وقومية لحماية المجتمع الإيطالي؛ فقد كان شعار “الله، الوطن، العائلة” الذي رفعته ميلوني وجذب الكثير من الناخبين، أساساً للتعهدات التي قطعها التحالف اليميني بخصوص تقويض استقبال المهاجرين غير الشرعيين، وكذلك رفض المثلية، و”العنف الإسلامي”. ومن ثم يتوقَّع أن يتم تشديد القوانين والإجراءات ضد الأقليات المثلية والمهاجرين في إيطاليا. وسبق أن أكَّدت ميلوني، في حديث توجهت به للمجتمع الإيطالي في يونيو الماضي، أنَّه “ليس هناك حل وسط ممكن.. إما أن تقولوا نعم أو لا؛ نعم للعائلة الطبيعية، لا لجماعات المثليين الجنسيين … نعم لعالمية الصليب، لا للعنف الإسلامي. نعم لتأمين الحدود، لا للهجرة الجماعية”.

 

وقد قدَّم حزب “إخوة إيطاليا” مقترحات، خلال تجمع حاشد في ميستري يوم 13 سبتمبر، لمعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية؛ منها تنفيذ مهمة أوروبية للتعامل مع ليبيا ووقف عمليات المغادرة، وفتح النقاط الساخنة التي يديرها المجتمع الدولي في أفريقيا، والتأكيد على أهمية إعادة توزيع اللاجئين في الاتحاد الأوروبي وإعادة المهاجرين غير الشرعيين؛ وجميعها إجراءات مشددة وحاسمة لا تتضمن استقبال المهاجرين وإدماجهم في المجتمع الإيطالي.

 

ويتطلب تنفيذ هذه الأجندة الطموحة قدراً كبيراً من الاستقرار الحكومي، لكن هذا الاستقرار سيظل مرهوناً بمدى التوافق بين الأحزاب الثلاثة المُشكِّلة للائتلاف، وعلى الرغم من أن ميلوني ستكون رئيسة الوزراء، لا يُنتظر أن يكون سالفيني وبيرلسكوني أدوات طيِّعة في يدها، بل سيكون لهما تأثير بالغ في غالبية القرارات، وإلا فإنهما سيلعبان بورقة التهديد بترك الائتلاف، ومن ثم الدعوة لانتخابات مبكرة من جديد، خاصةً أن السياسة الإيطالية معروفة بالتعقيدات الائتلافية وصعوبة بناء التوافق لفترة طويلة.

 

نجاح التحالف اليميني الحاكم في إيطاليا في البقاء سيظل مرهوناً بتجاوز تحديات مهمة، من بينها: الحفاظ على استمرار التماسك بين الأحزاب المكونة للائتلاف في إدارة القضايا المختلفة؛ وقدرة ميلوني على اتخاذ سياسات اقتصادية ذات أثر ملموس في الشارع الإيطالي بالتوافق مع المؤسسات الأوروبية الممولة

 

2. على المستوى الأوروبي

تابعت العواصم الأوروبية بقلق بالغ الانتخابات الإيطالية، ولم يكن خافياً على أحد تخوفها من صعود اليمين بزعامة ميلوني لقيادة ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا، لما قد يحمله ذلك من تداعيات قد تعزز الانقسام الأوروبي، في ظل احتمال فتْح ثغرة جديدة في جدار المشروع الوحدوي الأوروبي الذي يكافح لاحتواء العناصر المشككة في جدواه، خاصة في مواجهة التهديد الروسي. ويمكن الإشارة تالياً إلى بعض الملفات الإشكالية المحتملة بين الطرفين خلال الفترة المقبلة:

 

  • التعامل مع روسيا: على الرغم من تعهُّد التحالف اليميني الفائز في إيطاليا بأنه لن يتخذ موقفاً مختلفاً عن الاتحاد الأوروبي في التعامل مع روسيا، لكن الاتحاد يخشى من أن يؤثر تباين المواقف السياسية بين أحزاب التحالف اليميني على الموقف الإيطالي من روسيا؛ ففي حين تعهدت ميلوني بدعم المقاومة الأوكرانية ضد الاجتياح الروسي، وتعهد حزب فورزا إيطاليا، بالمثل، في مؤتمر يوم 12 سبتمبر بـ”مواصلة اتباع سياسة الاتحاد الأوروبي في دعم أوكرانيا ضد روسيا” في حال فوز الائتلاف بالانتخابات، فإن ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة، عضو التحالف، عبَّر عن تحفظه بشأن العقوبات الغربية ضد روسيا، باعتبارها تؤثر على الشركات والعمال الإيطاليين، كما أن بيرلسكوني نفسه كان صديقاً شخصياً لبوتين. لذلك يخشى الاتحاد من انضمام إيطاليا إلى بولندا والمجر في مواقفها تجاه روسيا، بما يبرز وجود انقسام داخل الاتحاد يصب في صالح موسكو التي ستسعى في الغالب إلى تغذيته.

 

  • حدود الاستمرار في الخطة الإصلاحية المدعومة من المفوضية الأوروبية، والتي بدأتها حكومة دراغي: فقد كانت الأخيرة تدير عملية موازنة تتمثل في الحفاظ على نمو الاقتصاد بعد الوباء وتقليص ديون إيطاليا الهائلة، وهي الأكبر في منطقة اليورو بنحو ضعف ونصف الناتج المحلي الإجمالي. وفي الوقت الذي تأتي فيه حكومة إيطالية يمينية جديدة، يقوم البنك المركزي الأوروبي بتشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، علماً بأن العائد على سندات الحكومة الإيطالية لأجل 10 سنوات قد تجاوز 4% في يونيو الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 2014. وعلى الرغم من حاجة حكومة ميلوني الماسة للتمويل الأوروبي (200 مليار يورو) لدعم الإصلاحات فقد أكَّدت أنها ستُعيد التفاوض حول شروط خطة الإصلاح وآليات تنفيذها، وفي المقابل تحتاج المفوضية الأوروبية إلى ضمان جدية الحكومة الجديدة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد الإيطالي. وعليه يُتوقَّع أن تضغط إيطاليا على المفوضية باستخدام حق النقض ضد سياسات الاتحاد الأوروبي التي تُؤخذ بالإجماع، مثل تلك المتعلقة بميزانية الكتلة، والسياسة الخارجية بما فيها مسألة العقوبات، وذلك بهدف الحصول على تنازلات من بروكسل بشأن خطة الإصلاح وشروطها أو في قضايا أخرى، كما تفعل المجر وبولندا.

 

  • ملفات وقضايا أخرى: قد تصطدم إيطاليا ببروكسل بشأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك سيادة القانون والحقوق المدنية المحلية وحقوق الأقليات وسياسة الهجرة، خاصةً في ظل تعهُّد حكومة ميلوني بتشديد الإجراءات ضد المهاجرين غير الشرعيين والمجتمعات المثلية على سبيل المثال. ومن ناحية أخرى، لا يُخفي الاتحاد الأوروبي خشيته الكبيرة من إمكانية اتساع رقعة التمرد اليميني داخل الاتحاد (بولندا، والمجر، والسويد مؤخراً بعد الانتخابات، والآن إيطاليا) مع ما قد يحمله ذلك من تصاعد للأصوات المشككة في جدوى الاتحاد، خاصةً مع احتمالية انتقال صدى التجربة الإيطالية (أي صعود اليمين) إلى أوروبا مجدداً، وما تحمله معها من أفكار قومية تُعلي المصالح الوطنية على مصلحة الاتحاد.

 

3. على مستوى منطقة الشرق الأوسط

من المحتمل أن تهتم الحكومة الإيطالية اليمينية، على الأقل في بداية ولايتها، بملفين أساسيين في إطار تحركها في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة؛ وهما الملف الليبي، وملف الطاقة.

 

  • الملف الليبي: من المتوقع أن تُبقي حكومة ميلوني على السياسة الإيطالية في ليبيا، والتي ترتكز على دعم الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية بهدف الحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية من هذا البلد. لكن مع تشديد الإجراءات في الوقت ذاته، بما فيها إمكانية فرْض حصار بحري على السواحل الليبية، وإعادة التفاوض مع الحكومة الليبية حول سياسات الهجرة بحسب ما صدر عن ميلوني من تصريحات في وقت سابق، لكن يظل التحدي قائماً في ظل عدم استقرار الأوضاع الليبية ووجود حكومتين داخلها.

 

  • ملف الطاقة: من المرجح أن تلجأ حكومة ميلوني إلى دول الخليج العربي لعقد اتفاقات جديدة تضمن توريد النفط والغاز إلى إيطاليا، كبديل محتمل عن النفط الروسي، خاصة مع دخول فصل الشتاء في أوروبا. وذلك على غرار ما فعلته ألمانيا عبر جولة مستشارها أولاف شولتز مؤخراً. ومن المرجَّح أن تكون المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من بين أوائل الدول التي قد تلجأ إليها حكومة ميلوني في هذا الصدد.

 

الخلاصة

إن نجاح جورجيا ميلوني وتحالفها اليميني في تحقيق انتصار غير مسبوق في الانتخابات الإيطالية هو مجرد خطوة أولى في رحلة طويلة نحو “إصلاح الأوضاع” في هذا البلد بحسب الوصفة التي يرتئيها الائتلاف الصاعد للحكم أخيراً، لكن نجاح هذا التحالف اليميني في البقاء والاستمرار سيظل مرهوناً بتجاوز العديد من التحديات، من بينها: الحفاظ على استمرار التماسك بين الأحزاب المكونة للائتلاف في القضايا المختلفة؛ وقدرة ميلوني على اتخاذ سياسات اقتصادية ذات تأثير ملموس في الشارع الإيطالي بالتوافق مع المؤسسات الأوروبية الممولة؛ ومدى المواءمة التي يُمكن لميلوني وحكومتها تحقيقها في التعامل مع الملفات الإشكالية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي، خاصةً تلك المتعلقة بروسيا التي لا تزال تحتاج إيطاليا إلى استيراد الغاز منها حتى 2024، وبما لا يصطدم مع النهج الأوروبي والأمريكي في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية.

 

.

رابط المصدر:

https://epc.ae/ar/details/scenario/italia-fi-uhdat-alyamin-kayf-studyr-hukumat-meloni-milaffat-alsiyasa-aldakhilia-walkharijia

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M