دلال العكيلي
عانت إيطاليا من أعلى عدد وفيات في العالم بسبب فيروس كورونا، لكن العدد الفعلي للوفيات قد يكون أعلى بكثير رؤساء البلديات في إيطاليا يقولون إن العدد الفعلي للوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في شمال إيطاليا قد يكون أكثر من ضعف العدد المبلغ عنه رسمياً، توقف كل شي في ايطاليا لا اعمال ولا سياحة، لا يستطيع احد ان يقدم لايطاليا شي يخفف وطء الجائحة العالم يقف مفرجاً فقط ويراقب ما تمر به.
يطالب العديد من الشركات وأساتذة الجامعات في إيطاليا الحكومة بإعادة فتح المصانع للحيلولة دون كارثة اقتصادية في الوقت الذي يراقب فيه العالم كيف ستتمكن أول دولة غربية تفرض على سكانها ملازمة البيوت من انتشال نفسها من هذه الإجراءات التي لم يسبق لها مثيل، ويدور هذا النقاش نفسه في مختلف أنحاء العالم: فإلي متى وإلى أي مدى يمكن استمرار العمل بقرارات الحظر المفروضة لمواجهة وباء فيروس كورونا قبل أن يحدث ضرر لا يمكن إصلاحه تنهار فيه الشركات وتنتشر البطالة بين قطاعات من السكان؟
وتواجه إيطاليا بعضا من أشد المعضلات إلحاحا ليس لأن قرارات الحظر سارية فيها لفترة أطول من معظم الدول ولأنها الدولة صاحبة أعلى عدد من الوفيات بل لأن فيروس كورونا المستجد ألحق أشد الضرر بقلب قلاعها الصناعية التي تدر على البلاد ثلث ناتجها الاقتصادي، قالت جوليا سفيليادو الرئيسة التنفيذية لشركة سيلينت المنتجة لألواح العزل الصناعية والتي يعمل بها 50 فردا ببلدة بادوا الشمالية “كيف يمكنني صرف الأجور إذا لم أحقق دخلا؟ كيف لي أن أحافظ على زبائني الأمريكيين إذا لم أكن في وضع يسمح لي بالوفاء بأي عقود؟”.
وقد نشر حوالي 150 من أساتذة الجامعات في إيطاليا رسالة بصحيفة إل سولي-24 أوري اليومية المالية والمملوكة لاتحاد كونفيندوستريا الإيطالي للأعمال يحثون فيها الحكومة على فك قيود الاقتصاد، تقول الرسالة “تنذر العواقب الاجتماعية والاقتصادية بضرر لا يمكن إصلاحه ربما يكون أخطر مما تسبب فيه الفيروس نفسه”، وكانت روما ألزمت السكان بالبقاء في البيوت في أنحاء البلاد في التاسع من مارس آذار الماضي عندما زاد عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس، الذي ظهر في الصين، عن 460 حالة، وبعد أسبوعين أعلن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي إغلاق الخدمات غير الضرورية مثل إنتاج السيارات والملابس والأثاث حتى الثالث من أبريل نيسان.
وقد ارتفع عدد الوفيات بشدة ليتجاوز 17 ألفا، ومددت الحكومة العمل بالقيود في الأسبوع الماضي حتى 13 أبريل نيسان ومن المتوقع على نطاق واسع أن تجددها لثلاثة أسابيع أخرى، غير أن تسجيل أقل زيادة يومية في الوفيات وكذلك أول انخفاض في عدد المرضى الذين يعالجون في وحدات العناية المركزة غذى الآمال أن يكون الوباء قد بلغ ذروته في إيطاليا وركز الأنظار على المرحلة التالية في الأزمة.
ما هي الخطة؟
تدرك أغلب الأعمال ضرورة ملازمة الناس لبيوتها صونا للصحة العامة فقد لا يثق الناس في الخروج من بيوتهم والعودة للعمل إذا رُفعت القيود قبل أن ينحسر انتشار الفيروس، وحثت منظمة الصحة العالمية الدول على عدم رفع القيود قبل الأوان، وقال المتحدث باسم المنظمة كريستيان ليندماير “الأمر يشبه كونك مريضا، فإذا نهضت من الفراش قبل الأوان وعاودت الجري بسرعة فإنك تجازف بالسقوط وحدوث مضاعفات”.
وما يقلق الكثيرين في إيطاليا وغيرها هو الغياب البادي لأي خطط تحظى بالمصداقية لكيفية رفع القيود بأمان في وقت تصارع فيه الحكومات عدوا مجهولا خفيا وغير عادي كما أن التوجيهات العلمية لا تتوفر إلا على أساس أسبوعي، وتطالب الشركات في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو الحكومة بوضع استراتيجية للانسلاخ تدريجيا من القيود.
وقال ستيفانو رورو مؤسس شركة سيرتك اليترونيكا المنتجة للمكونات الميكانيكية الكهربائية والإلكترونية والبرمجيات في فيتشنزا “أتوقع أن تضع الحكومة قواعد صارمة بشأن الأمن ثم تمنحنا إمكانية العودة للعمل”، وحتى الآن قال مسؤولون إن قيود العمل قد ترفع على أساس قطاع بقطاع لا على أساس جغرافي وتردد الحديث أيضا عن التباعد الاجتماعي وتوسيع نطاق استخدام وسائل الحماية الشخصية مثل أقنعة الوجه وتقوية نظم الصحة المحلية، وسيتم التوسع في إجراء الاختبارات و”تعقب المخالطين” بما في ذلك استخدام تطبيقات الهواتف الذكية وأشكال أخرى من التكنولوجيا الرقمية اقتداء بما اتبعته كوريا الجنوبية.
ضرر لا يمكن تقديره
تقع مدينتا فيتشنزا وبادوا في منطقة فينيتو إحدى أشد المناطق تضررا في إيطاليا مع لومباردي وإميليا رومانيا واعتبر كثيرون أن الكثافة العالية للمصانع والروابط الاقتصادية القوية مع الصين من الأسباب المحتملة وراء انتشار الوباء في تلك المناطق، وقال سيزر ماستروياني نائب رئيس شركة أبسوليوت لصناعة اليخوت الفاخرة بمدينة بياتشينزا في منطقة إميليا رومانيا “نحن نقول ذلك بصوت عال للسلطات. اسرعوا. فالإغلاق تسبب بالفعل في ضرر لا يمكن تقديره”.
وهددت اتحادات عمالية بالإضراب عن العمل ما لم تواصل الحكومة تقييد الأنشطة غير الأساسية. وتقول الاتحادات إن منطقها هو أن الصحة أولى بالحماية من الثروة وفي حين أن شركات كثيرة تطالب الحكومة بخطة لإعادة فتح المصانع فإنها لا تريد أن تجازف بالعاملين لديها، وقال جايتانو برجامي مؤسس شركة بي.إم.سي لإنتاج أجهزة تنقية الهواء لصناعة الدراجات النارية والسيارات ويعمل لديه 100 عامل “لدى طلبات كاملة (من العملاء) لكن لا أستطيع استئناف العمل ما دام الخطر قائما أن يمرض العاملون وسأستأنف عندما تقرر جهات مسؤولة أن ذلك ممكن” وتتزايد الضغوط على رئيس الوزراء كونتي لوضع خطة تفصيلية للانتعاش وذلك في ضوء توقعات انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا ستة في المئة هذا العام حسب تقدير كونفيندوستريا وارتفاع الدين العام مقتربا من 150 في المئة من الناتج المحلي وطلب الآلاف إعانات من الدولة، وقال رئيس الوزراء السابق ماتيو رينتسي زعيم حزب تحيا إيطاليا الحاكم المنتمي لتيار الوسط لصحيفة لافينير “لا يمكن أن ننتظر أن ينتهي كل شيء سيجوع الناس إذا استمر الإغلاق”.
اختبارات الأجسام المضادة
بدأت السلطات في شمال إيطاليا إجراء اختبارات للعاملين في مجال الصحة للكشف عن الأجسام المضادة للمساعدة في تحديد الأفراد الذين يتمتعون بحصانة من فيروس كورونا والهدف من ذلك هو السماح للسلطات بإصدار “تراخيص” للأفراد الذين يثبت أن لديهم حصانة للعودة للعمل، وقال فرانكو لوكاتيلي رئيس مجلس الصحة الأعلى في إيطاليا إن توفر اختبار موثوق به للكشف عن الأجسام المضادة سيوضح الصورة بشأن مدى انتشار الوباء في إيطاليا، غير أنه قال إن الأمر قد يستغرق شهرا آخر قبل أن تتمكن السلطات الصحية من إصدار توصيات بشأن خطة لإجراء اختبارات على مستوى البلاد.
وقال بعض رجال الصناعة إنهم سيسعدون بالإنفاق من مالهم الخاص على اختبارات العاملين إذا كان ذلك سيعجل بالعودة التدريجية لاستئناف نشاطهم، وقالت روبرتا مانتوفاني رئيسة شركة مانتوفانيبين المنتجة لجرافات الحفارات في ميراندولا بمنطقة إميليا رومانيا إنها تؤيد تولي أصحاب الأعمال فحص العاملين، وهذا الرأي ليس رأيها وحدها، فقد قالت سفيليادو الرئيسة التنفيذية لشركة سيلينت “يسعدني أن أتحمل التكلفة. فالخطر الحقيقي هو الخروج من السوق لا الإصابة بفيروس كورونا في مكان العمل”.
تمديد إجراءات العزل العام
قالت مصادر في نقابات عمالية لرويترز بعد اجتماع وزاري إن الحكومة الإيطالية تعتزم تمديد إجراءات العزل العام المفروضة لاحتواء انتشار كوفيد-19 حتى الثالث من مايو أيار، وشملت إجراءات العزل العام إغلاق أغلب الشركات والأعمال ومنع الناس من الخروج من منازلهم إلا للحاجات الضرورية وفرضتها السلطات منذ التاسع من مارس آذار وكان من المقرر انتهاؤها في 13 أبريل نيسان.
لكن مصادر في نقابات عمالية ومصدر في قطاع الصناعة قالت إن القيود المفروضة على كل الصناعات غير المرتبطة بسلاسل الإمداد الضرورية قد تشهد تخفيفا طفيفا قبل نهاية أبريل نيسان من خلال السماح لبعض المصانع بالعودة للعمل إذا سمحت بذلك الظروف الصحية، وأظهرت بيانات وكالة الحماية المدنية في وقت سابق من أن عدد الوفيات والإصابات الجديدة من فيروس كورونا المستجد شهدت تسارعا على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية مقارنة باليوم السابق.
تراجع خجول لحدة الوباء
بدأ مستوى تفشي فيروس كورونا المستجدّ بالتراجع في إيطاليا، الدولة الأكثر تضرراً جراء الوباء في العالم، لكنه لا يزال تحت رحمة التراخي في تدابير العزل، وقال مدير المعهد الوطني للصحة سيلفيو بروزافيرو إن “المنحنى بدأ بالانحدار” من “الاستقرار”، في حين بات عدد الوفيات يتجاوز الـ16 ألف حالة، وأُعلن الأحد عن 525 وفاة في يوم واحد وهي أدنى حصيلة يومية للوفيات منذ 19 آذار/مارس وسبق أن أعلنت إيطاليا تراجعاً غير مسبوق في عدد الحالات التي تستدعي عناية فائقة في المستشفيات للمرة الأولى منذ بدء تفشي الوباء منذ أكثر من شهرن، وأشار مدير الدفاع المدني أنجيلو بوريلي إلى أنه إضافة إلى العناية الفائقة، “يتراجع أيضاً عدد الأشخاص الذين يتمّ إدخالهم إلى الأقسام العادية في المستشفيات”، واعتبر طبيب الأمراض المعدية في مستشفى ساكو في ميلانو ماسيمو غالي السبت أن “الخبر السار الحقيقي هو أن هناك ضغطاً أقلّ في المستشفيات المعنية بدرجة أكبر في لومبارديا نحن غير واثقين من أننا خرجنا (من الأزمة) لكننا تحت ضغط أقلّ”.
ومنذ قرابة أربعة أسابيع، مُنع 60 مليون إيطالي من التجمّع وسُمح لهم فقط بالخروج لشراء حاجياتهم أو لأسباب صحية أو للقيام بنزهة للكلب أو مساعدة قريب محتاج أو للذهاب إلى العمل للذين يُعتبر عملهم ضرورياً، ومنذ أربعة أسابيع أيضاً، يسمع المواطنون الإيطاليون المسؤولين يعلنون تدابير وتوقعات لا تبشّر بالخير للقوة الاقتصادية الأوروبية الثالثة إذ إن أرباب العمل يتوقعون ركوداً بنسبة 6% إذا عادت الحياة إلى طبيعتها في البلاد في أيار/مايو وتقول جمعية المحاسبين القانونيين إن خسائر إيرادات الحانات والفنادق في البلاد ستبلغ نسبة 40%، فيما يتمّ توزيع قسائم غذائية إلى المحتاجين…
وزير الصحة يركز على المرحلة التالية
أعلن وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانتسا معالم خطط تهدف لإجراء فحوص على نطاق أوسع وتعزيز الخدمات الصحية في إطار حزمة إجراءات ستلحق تخفيفا في المستقبل لإجراءات العزل العام الرامية لمكافحة فيروس كورونا، وقال سبيرانتسا إن من السابق لأوانه تحديد متى ستكون إيطاليا قادرة على رفع الإجراءات التي فرضت في أنحاء البلاد في التاسع من مارس آذار، عندما أصبحت إيطاليا أول بلد في أوروبا يفرض عزلا عاما لإبطاء انتشار الفيروس.
وسجلت إيطاليا 15 ألف حالة وفاة ناجمة عن الفيروس، وهي أعلى حصيلة في العالم، مسجلة وحدها نحو ربع إجمالي الوفيات في العالم، وقال سبيرانتسا لصحيفة لا ريبوبليكا اليومية “تنتظرنا أشهر صعبة مهمتنا هي إتاحة ظروف للتعايش مع الفيروس” على الأقل حتى تطوير لقاح وأضاف أنه سيتعين أيضا الإبقاء على بعض إجراءات التباعد الاجتماعي، وغذى تسجيل أقل زيادة يومية في عدد الوفيات الناجمة عن مرض كوفيد-19 منذ نحو أسبوعين، وأيضا أول تراجع في عدد المرضى بوحدات العناية المركزة، الآمال في أن الوباء ربما بلغ ذروته في إيطاليا وأدى لتركيز الاهتمام على المرحلة التالية في الأزمة، وستستمر إجراءات العزل العام في البلاد، التي تقيد بشدة حركة السكان وتجمد جميع الأنشطة الاقتصادية غير الضرورية، رسميا حتى 13 أبريل نيسان على الأقل، لكن من المتوقع بشكل كبير تمديد أجلها.
وقال سبيرانتسا في تصريحات منفصلة لصحيفة كورييري ديلا سيرا اليومية “إذا لم نكن حازمين فإننا نخاطر بإهدار كل الجهود التي بذلناها” وأوضح سبيرانتسا أنه أصدر مذكرة تلخص خمسة مبادئ تعتزم الحكومة استخدامها لإدارة ما يطلق عليه “المرحلة اثنين” من الطوارئ، عندما تبدأ السلطات تخفيف قيود العزل ولكنها تسبق العودة الكاملة للأوضاع الطبيعية، وأضاف أن التباعد الاجتماعي سيستمر، مع استخدام أوسع نطاقا لوسائل حماية الأفراد مثل الكمامات، بينما سيجري تعزيز الأنظمة الصحية المحلية للسماح بمعالجة أسرع وأكثر فعالية للحالات التي يشتبه في إصابتها بكوفيد-19، وسيجري توسيع الفحوص و”تتبع المخالطين”، بما يشمل استخدام تطبيقات الهواتف الذكية وأشكال أخرى من التكنولوجيا الرقمية، بينما ستُقام شبكة مستشفيات مكرسة فقط لعلاج مرضى كوفيد-19.
الموت في البيت
ظلت سيلفيا برتوليتي تبذل محاولات مستميتة على مدى 11 يوما لإقناع طبيب بزيارة والدها إليساندرو البالغ من العمر 78 عاما الذي كان يعاني من الحمى وصعوبة التنفس، وعندما ذهب طبيب بالفعل إلى بيتها بالقرب من برجامو، بؤرة انتشار فيروس كورونا في شمال إيطاليا، مساء الثامن عشر من مارس آذار كان الآوان قد فات، وأعلنت وفاة إليساندرو برتوليتي في الواحدة وعشر دقائق صباحا من يوم 19 مارس آذار بعد عشر دقائق فقط من وصول سيارة إسعاف طلبتها الأسرة قبل ذلك بساعات وكان الدواء الوحيد الذي وصفه له طبيب عبر الهاتف هو مسكن عادي للألم ومضاد حيوي واسع المجال.
قالت الإبنة (48 عاما) “تركوا والدي يموت وحده في البيت دون مساعدة… تخلوا عنا بكل بساطة. لا أحد يستحق أن تنتهي حياته هكذا” تشير مقابلات مع أسر وأطباء وممرضات في منطقة لومبارديا المنكوبة في إيطاليا إلى أن ما مرت به أسرة برتوليتي ليس حالة فردية وأن العشرات يموتون في البيوت بعد أن تتفاقم الأعراض وأن الاستشارات الطبية عبر الهاتف ليس كافية دائما، وتبين دراسة حديثة لسجلات الوفاة أن عدد الوفيات الحقيقي في منطقة برجامو وحدها جراء انتشار المرض قد يزيد عن مثلي العدد الرسمي البالغ 2060 حالة ويشمل العدد الرسمي للوفيات حالات الوفاة في المستشفيات فقط.
وفي الوقت الذي تتركز فيه الجهود العالمية لإنقاذ الأرواح على زيادة عدد أجهزة التنفس في المستشفيات، يقول أطباء إن نقص إمكانيات الرعاية الصحية الأولية لا يقل فداحة لأن الأطقم الطبية لا يمكنها بل ولا تريد زيارة المرضى في البيوت مسايرة لتحول متبع على مستوى العالم إلى تقديم المشورة الطبية عن بعد، وقال ريكاردو موندا الذي يؤدي مهام طبيبين في بلدتي سيلفينو ونمبرو بالقرب من برجامو بعد أن أصيب طبيب زميل بالفيروس “ما أدى إلى هذا الوضع هو أن عددا كبيرا من أطباء الأسرة لم يزوروا مرضاهم لأسابيع”.
وأضاف “ولا أقدر أن ألومهم لأن هذا ما نجاهم” من المرض، وقال إنه كان من الممكن تحاشي حدوث وفيات كثيرة لو أن الناس في البيوت تلقوا مساعدة طبية فورية لكن الأطباء كانوا غارقين في العمل ويفتقرون للأقنعة والأردية الكافية لحماية أنفسهم من العدوى وكانوا لا يجدون حافزا للزيارات المنزلية سوى في حالات الضرورة القصوى.
وتابع موندا “الأطباء يصفون للناس في البيوت علاجا لكن إذا لم ينجح هذا العلاج وإذا لم يوجد الطبيب الذي يفحص ويغير أو يعدل الأدوية فسيموت المريض” وفي حين أصبح للعاملين في المستشفيات الأولوية في الحصول على الأقنعة، يقول بعض أطباء الأسرة إنهم خرجوا في زيارات طبية دون أقنعة ولذا شعروا أنهم غير قادرين على زيارة المرضى في أمان، وقالت متحدثة باسم المؤسسة الصحية إيه.تي.إس التي تديرها الدولة في برجامو إن السلطات في إقليم لومبارديا والتي تعد من أكفأ المؤسسات في الخدمات الصحية على مستوى العالم طلبت من أطباء الأسرة “التعامل مع المرضى عبر الهاتف بقدر الإمكان” مما حد من الزيارات المنزلية “لتقليل العدوى والإهدار في استخدام أجهزة الحماية”.
وأضافت أن 142 طبيبا في برجاموا أصيبوا بالمرض أو يقضون فترة في الحجر الصحي وكان من الضروري إبدالهم، وتعمل السلطات الآن على تعزيز الرعاية الأولية تطبيقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية التي تقول إن تحقيق الرعاية الصحية الأولية بطريقة آمنة يلي توفير قدرات الرعاية المركزة في ترتيب أولويات الحكومات، وفي منطقة برجامو بدأت ست وحدات خاصة من الأطباء العمل في 19 مارس آذار وكان كل منها مجهزا بالوسائل اللازمة لزيارة المرضى في البيوت وفي ميلانو القريبة حيث تجاوز عدد الوفيات في البيوت ومراكز رعاية المسنين المثلين في النصف الثاني من مارس آذار، لم تبدأ وحدات مماثلة العمل سوى في 31 مارس آذار.
وفيات خفية
وصل عدد الوفيات الرسمي في إيطاليا 15362 حالة أي ما يقرب من ثلث الإجمالي العالمي لكن ثمة أدلة متنامية على أن هذا العدد لا يمت بصلة للإجمالي الحقيقي وذلك لأن كثيرين يموتون في البيوت، وتقدر دراسة أجرتها صحيفة ليكو دي برجامو المحلية وشركة إنتويج الاستشارية للأبحاث باستخدام بيانات من المجالس البلدية المحلية أن 5400 شخص توفوا في منطقة برجامو خلال شهر مارس أذار أي ستة أمثال عدد المتوفين في الشهر نفسه من العام الماضي.
وتفترض الدراسة أن عددا يصل إلى 4500 من هؤلاء توفوا بسبب الكورونا أي أكثر من مثلي العدد الرسمي. وأوضحت الدراسة أنها تأخذ في الاعتبار وفاة 600 شخص في دور الرعاية وما قدمه الأطباء في أدلة، ولم تستجب مؤسسة إيه.تي.إس لطلب للتعليق على نتائج الدراسة، وقال بيترو زوتشيلي مدير شركة زوتشيلي للجنازات التي تقدم خدماتها في عدة قرى بوادي سيريانا حول برجامو إن أكثر من 50 في المئة من نشاطه في الأسبوعين الأخيرين تمثل في نقل الجثث من البيوت.
وقبل ذلك كان معظم نشاطه يتركز في المستشفيات ودور الرعاية، وقال موندا الطبيب الذي يعمل في بلدتي سيلفينو ونمبرو إنه تردد على مرضى في البيوت منذ أواخر فبراير شباط ووصف لهم مضادات حيوية لحالات الالتهاب الرئوي وعلاجا بالأكسجين إذا تطلب الأمر، وأضاف أنه رغم أن المضادات الحيوية ليست علاجا للفيروس فبإمكانها معالجة بعض المضاعفات الصعبة ومساعدة المرضى على التحسن دون الحاجة لدخول المستشفى، وحماية لنفسه اشترى أقنعة وجه قيمتها 600 يورو وهو يتولى تعقيمها في بيته باستخدام البخار مساء كل يوم.
رابط المصدر: