بعد 31 عاماً على اتفاق أوسلو الموقّع في 13 سبتمبر/أيلول 1993، تُعيد “المجلة” نشر مقالات من أرشيفها. وهذا المقال كتبه أشرف صادق من القاهرة:
• فكرة التوفيق بين العرب واليهود برزت منذ بداية القرن الحالي، حيث بادرت شخصيات يهودية إلى الاتصال بعدد من الزعماء العرب في العاصمة العثمانية ولكنها لم تحقق شيئا.
• ثم جرت محاولة لعقد وفاق يهودي عربي على هامش المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس عام 1913 وقد تزعم جودا ماجنيس أول رئيس للجامعة العبرية في القدس فريقا من اليهود الليبراليين للعمل على تحقيق نوع من التقارب والتعاون بين العرب واليهود في فلسطين، وأسفرت جهودهم عن تكوين جمعيات تعبر عن أفكارهم.
• خلال الفترة بين عامي 34- 1936 أجرى بن جوريون أول رئيس لحكومة إسرائيل محادثات مع بعض الزعماء العرب، وقد فشلت لأن بن جوريون لم يتحدث سوى عن الحدود التاريخية لأرض إسرائيل.
وقامت ثورة فلسطين الكبرى عام 1936 وأعلنت خطة التقسيم ووافق عليها المؤتمر اليهودي عام 1937 واستمرت الثورة الفلسطينية اعتراضا على قرار التقسيم حتى قيام الحرب العالمية الثانية في أواخر عام 1939.
• في 26 فبراير/شباط 1947 أحالت بريطانيا القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة. وفي 3 سبتمبر/أيلول 1947 ألفت الجمعية العامة لجنة مثلت فيها كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لكي تنظر في حل القضية الفلسطينية على أساس أي من التوصيتين:
الأولى: تدعو إلى قيام دولة واحدة في فلسطين يمثل فيها سكان البلاد حسب تعدادهم. والثانية: تدعو إلى تقسيم فلسطين بين العرب واليهود.
وعقدت هذه اللجنة 34 اجتماعا استمعت خلالها إلى ممثلي العرب واليهود.
وقد خضع مندوبو الدول للإغراء وفي بعض الأحيان للتهديد لكي تتم الموافقة على قرار التقسيم وبمقتضى القرار أصبح لا بد من وجود دولة يهودية خُصص لها 56 في المئة من مساحة فلسطين، ودولة فلسطينية خُصص لها 43 في المئة من المساحة والباقي 1 في المئة وهي القدس أصبحت قطاعا دوليا تتولى إدارته الأمم المتحدة.
• رفض العرب التقسيم واعتبروه خرقا لنصوص ميثاق الأمم المتحدة الذي يعطي كل شعب الحق في أن يقرر مصيره بنفسه.
• في 14 مايو/أيار 1948 انتهى الانتداب البريطاني رسميا على فلسطين، وفي نفس التاريخ أعلن المجلس الوطني اليهودي وجود دولة إسرائيل، وقد تولى بن جوريون رئاسة الحكومة وتولى حاييم وايزمان رئاسة الدولة.
• بعد اشتعال الحرب بين العرب وإسرائيل يوم 15 مايو 1948 اتخذ مجلس الأمن قرارا في 22 مايو 1948 بوقف إطلاق النار.
اقتراحات برنادوت أزعجت الحركة الصهيونية وإسرائيل ولذا سرعان ما وقع ضحية اغتيال لعصابة “شتيرن” وذلك يوم 17 سبتمبر 1948 وتمت واقعة القتل في القدس في القطاع الذي تحتله إسرائيل
• في 27 يونيو/حزيران 1948 تقدم الكونت برنادوت رئيس جمعية الصليب الأحمر والذي عينه مجلس الأمن كوسيط للمشكلة الفلسطينية بمقترحات خاصة لفض النزاع على أساس إنشاء اتحاد جمع بين الدولتين العربية واليهودية، كما اقترح ضم شرق الأردن والنقب إلى الدولة العربية وأوصى بإقامة اتحاد جمركي ومجلس اقتصادي مركزي، وحاول فرض بعض القيود على الهجرة وذلك تحت رقابة مجلس الاتحاد والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
• رفضت إسرائيل قبول مقترحات برنادوت لأنها لا ترضي أهدافها التوسعية كما رفضها العرب لأنها لا تخرج عن حدود مقترحات التقسيم.
• بعد عودة اشتعال الحرب في 9 يوليو/تموز 1948 لمدة 9 أيام دعا مجلس الأمن إلى وقف إطلاق النار وقُبلت دعوته وأُعلنت الهدنة، وخلالها رفع برنادوت تقريرا إلى الأمم المتحدة أكد فيه أنه “ما من تسوية تكون عادلة وكاملة إلا إذا تم الاعتراف بحق اللاجئ العربي في العودة إلى دياره”. اقتراحات برنادوت أزعجت الحركة الصهيونية وإسرائيل ولذا سرعان ما وقع ضحية اغتيال لعصابة “شتيرن” وذلك يوم 17 سبتمبر/أيلول 1948 وتمت واقعة القتل في القدس في القطاع الذي تحتله إسرائيل، ويعتبر برنادوت أول ضحية للسلام العربي الإسرائيلي.
جندي إسرائيلي يراقب نازحين فلسطينيين يعبرون الحدود للوصول إلى الضفة الشرقية للأردن في 22 حزيران/يونيو 1967
• عين مجلس الأمن وسيطا آخر هو المستر رالف بانش أميركي الجنسية وقد اقترح بانش عقد اتفاقيات للهدنة بين الأطراف المتنازعة وإنشاء مناطق منزوعة السلاح.
• في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1948 اتخذ مجلس الأمن قرارا يدعو الأطراف المعنية إلى عقد هدنة ولم يقتنع الطرفان العربي والإسرائيلي بالهدنة واستمر القتال.
بعد نكسة يونيو 1967 صدر من مجلس الأمن قرارا 242، 338 حول أزمة الشرق الأوسط حيث أعلن ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية وإقامة سلام عادل ودائم وإنهاء حالة الحرب
• استطاعت بريطانيا وأميركا الضغط على الأطراف العربية لتوقيع هدنة دائمة بين مصر وإسرائيل وبعدها هدنة بين إسرائيل وكل من الأردن ولبنان وسوريا، وبمقتضى هدنة رودس بين مصر وإسرائيل انسحبت قوات مصر المحاصرة في الفالوجا بكامل أسلحتها ابتداء من 26 فبراير 1949 بعد يومين من توقيع الهدنة وتم تبادل الأسرى خلال عشرة أيام ووضع قطاع غزة وحدوده الشمالية 15 كيلومترا شمالا تحت إشراف مصر.
وقد احتفظت إسرائيل بموجب الهدنة مع الأطراف العربية بكل ما تمكنت من احتلاله تقريبا من الأراضي الفلسطينية، وهو يمثل كل فلسطين بحدودها الدولية وقت الانتداب فيما عدا قطاع غزة الذي تقرر أن تشرف عليه مصر، وفيما عدا منطقة عربية تقع غرب نهر الأردن، وفيما عدا القدس القديمة.
• في عام 1965 ظهر أول مشروع سلام عربي وهو مشروع الرئيس التونسي حبيب بورقيبة وكان من نقاط هذا المشروع:
أ- تعيد إسرائيل إلى العرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ إنشائها لتقوم عليها دولة عربية فلسطينية.
ب- يعود اللاجئون إلى دولتهم الجديدة.
ج- تتم المصالحة بين العرب وإسرائيل وتنتهي حالة الحرب بينهما.
وقد استنكر العرب بشكل جماعي مشروع بورقيبة كما أن رئيس وزراء إسرائيل ليفي أشكول رفض أن يتنازل عن أي أرض مقابل السلام.
عرفات والملك حسين ملك الأردن,يتصافحان بينما الرئيس المصري جمال عبد الناصرينظر إليهما في 27 سبتمبر 1970 في القاهرة بعد توقيعهما اتفاقية، وقف إطلاق النار خلال أحداث أيلول/سبتمبر الأسود
• في نفس العام قدم أشكول مشروعا جديدا للسلام تضمن النقاط الآتية:
أ- إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والبلدان التي وقعت هدنة رودس من أجل إحلال اتفاقية سلام محل اتفاقية الهدنة.
ب- تتم التسوية السلمية على أساس وضع إسرائيل القائم حاليا، باستثناء بعض التعديلات الطفيفة المتبادلة والمتفق عليها عند نقاط معينة على الحدود بهدف تسهيل الحياة اليومية للسكان، وطلب أشكول تطبيع العلاقات في جميع المجالات.
بعد 1967
• بعد النكسة في يونيو 1967 صدر من مجلس الأمن قرارا 242، 338 حول أزمة الشرق الأوسط حيث أعلن ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية وإقامة سلام عادل ودائم وإنهاء حالة الحرب.
في 17 سبتمبر أعلنت الولايات المتحدة عن توصل مصر وإسرائيل إلى اتفاق بينهما ينهي النزاع العربي الإسرائيلي وإحلال سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط
• حاولت أميركا في 1970 تنشيط فرص السلام وقدمت مبادرة روجرز والتي قبلها عبدالناصر في أغسطس/آب 1970. هذه المبادرة وضعت في الحسبان:
أ- تنفيذ اتفاقية جديدة تسعى إليها الولايات المتحدة والهدف منها إقرار سلام دائم.
ب- تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 والخاص بالاعتراف بالسيادة الإقليمية لكل دول الشرق الأوسط.
ج- انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها بعد سنة 1967.
د- عدم الاعتراف بأي إجراءات اتخذتها إسرائيل في مناطق الأراضي المحتلة.
وفاة عبدالناصر بعد شهر واحد من قبول مبادرة روجرز أوقفت التحرك الدولي لإقرارها.
• في 4 فبراير 1971، أعلن الرئيس أنور السادات عن مبادرته الأولى للسلام ووافق على وقف إطلاق النار وامتداد مبادرة روجرز ثلاثين يوما ولكن إسرائيل رفضت المبادرة.
• في 22 يونيو 1971 قدم حكماء أفريقيا العشرة مشروعا جديدا للسلام ينص على الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة إلى حدود عام 1967 ولكن إسرائيل رفضت المبادرة.
• بعد انتصار أكتوبر/تشرين الأول 1973 تقدم السادات في 16 أكتوبر بمبادرة جديدة للسلام وأعلنها في مجلس الشعب المصري، وقال فيها إن مصر مستعدة لقبول وقف إطلاق النار مقابل انسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة فورا وتحت إشراف دولي إلى خطوط 5 يونيو 1967.
وأكد أن مصر على استعداد لحضور مؤتمر السلام الدولي عقب الانسحاب تحت مظلة الأمم المتحدة ولكن إسرائيل لم تستجب أيضا.
• في 19 نوفمبر 1977 ألقى الرئيس السادات بقنبلة لتحقيق السلام حيث قام بزيارة القدس وأعلن أمام الكنيست الإسرائيلي مبادرة السلام المصرية الثالثة.
• في 2 أكتوبر 1977 صدر بيان أميركي سوفياتي مشترك بشأن رعايتهما للسلام في الشرق الأوسط عن طريق عقد مؤتمر جنيف للسلام.
• في 17 سبتمبر أعلنت الولايات المتحدة عن توصل مصر وإسرائيل إلى اتفاق بينهما ينهي النزاع العربي الإسرائيلي وإحلال سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وقد جاء الاتفاق عقب ثلاثة عشر يوما من المحادثات بين بيجن والسادات بحضور كارتر في كامب ديفيد والتي سميت الاتفاقية باسمها.
• اتفاقية كامب ديفيد تضم وثيقتين: الأولى تحدد من جهة أسس علاقات السلام بين إسرائيل والدول العربية وتدعو الأردن وسوريا ولبنان إلى الموافقة عليها واعتمادها. وتنص من جهة أخرى على إقامة حكم ذاتي لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك لمدة خمسة أعوام من دون تحديد موعد البدء بها أو ما سيخلفها بعد انقضاء المدة.
والوثيقة الثانية ترسم أسس معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وانسحاب إسرائيل من كل الأراضي المصرية.
بين عام 1979 وعام 1991 والذي عُقد فيه مؤتمر مدريد للسلام عرف العالم أحداثا هامة من بينها اندلاع انتفاضة فلسطينية في الأراضي المحتلة في ديسمبر 1978، وتفكك الاتحاد السوفياتي
• رفضت الدول العربية في مؤتمر القمة العربية الذي عُقد في بغداد في الثاني من نوفمبر عام 1978 اتفاقات كامب ديفيد.
• في 26 مارس/آذار 1979 وقّعت مصر وإسرائيل في واشنطن اتفاقية السلام التي تقضي بأن توافق إسرائيل على إعادة شبه جزيرة سيناء إلى مصر. وبعد توقيع هذه الاتفاقية تم تبادل السفراء بين مصر وإسرائيل في يناير/كانون الثاني 1980.
• بين عام 1979 وعام 1991 والذي عُقد فيه مؤتمر مدريد للسلام عرف العالم أحداثا هامة من بينها اندلاع انتفاضة فلسطينية في الأراضي المحتلة في ديسمبر/كانون الأول 1978، وتفكك الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية، وإعلان عرفات القبول بوجود دولة إسرائيل في عام 88، وغزو العراق للكويت في أغسطس 1990، كل هذه الأحداث وغيرها قادت إلى عقد مؤتمر مدريد لإقرار السلام في الشرق الأوسط في أكتوبر 1991، وبعد انعقاد هذا المؤتمر دخلت الأطراف المعنية، إسرائيل والدول العربية “الأردن- سوريا- لبنان- فلسطين- مصر” في مفاوضات سلام في جولة وراء جولة، وبعد أن استمر التفاوض قرابة العامين وبلغ عدد الجولات 11 جولة بدأ السلام يلوح في الأفق بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت اسم اتفاق “غزة أريحا أولا”.