تتفاقم أزمةُ اقتراب فقاعة العقارات في الصين من الانفجار، مما أحدث هزة في الاقتصاد الوطني، وأدى إلى قلاقل اجتماعية متمثلة في اندلاع مظاهرات وحملة واسعة النطاق تهدف إلى التوقف عن سداد القروض العقارية، قبيل أسابيع من انعقاد المؤتمر العشرين التاريخي للحزب الشيوعي في منتصف أكتوبر 2022.
تستكشف هذه الورقة طبيعة الأزمة، ومحدداتها، والفاعلين فيها، إلى جانب سياسات الحكومة للخروج منها، ومنْع تطورها إلى أزمة اقتصادية عالمية.
هل يقترب سوق العقارات الصيني من الانهيار؟
منذ عام 1998، أزالت الصين العقبات أمام الملكية الخاصة في السوق العقاري، وهو ما خلق الظروف لإنتعاش ضخم في السوق. وكان ذلك إحدى محفزات الهجرة الجماعية من المناطق الريفية إلى الحضر، حيث قفز سكان المدن من ثلث إجمالي سكان الصين فقط في تسعينيات القرن الماضي، إلى حوالي الثلثين في نهاية عام 2020. وساهم ذلك في نمو مدن صينية عدة، كشانغهاي وبيجين وشنجن، بسرعة فائقة نتيجة تشجيع الحكومات المحلية، التي تعتمد على مبيعات الأراضي مصدراً رئيساً لتحقيق عوائد مالية مرتفعة، وشجع المطوّرين العقاريين على التوسع وزيادة سرعة طرح المشاريع العقارية. واتسق هذا المسار التنموي مع سعي الحكومة المركزية إلى الاستثمار في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة. وتعمّق هذا التوجه خصوصاً منذ تولي شي جينبينغ حكم البلاد في 2012، أي أن قطاع العقارات لعب دور إحدى الرافعات الأساسية لقصة نجاح النمو الاقتصادي الصيني على مدار العقود الماضية.
لكن هذا المسار أسهم في تراكم الديون على المطوّرين والبنوك والمستثمرين، في الداخل والخارج، على حد سواء، إلى جانب تفاقُم أزمة الفائدة نتيجة مضاعفة الديون. وخلق هذا الواقع مخاطرَ في القطاعين المصرفي والمالي الصينيَّين، مُجبراً الحكومة في منتصف عام 2020 على شن حملة واسعة لنزع فتيلة قنبلة الديون الموقوتة، ولتجنُّب حدوث فقاعة عقارية من خلال تطبيق سياسة لحصار “الارتفاعات الثلاثة”: أسعار العقارات المرتفعة، والديون المرتفعة، ومعدلات التمويل العقاري المرتفعة. وفضلاً عن ذلك، كان للإغلاقات العامة المتكررة المرتبطة بسياسة “صفر-كوفيد” دور في تراجع الطلب بشكل حاد على شراء العقارات.
وأدت هذه العوامل، منذ سبتمبر عام 2021، إلى تراجُع حاد في أسعار العقارات، ودخول المطوّرين العقاريين في أزمات مالية متتالية أدت إلى تخلف 18 منهم (على رأسهم إيفرغراند) عن سداد المدفوعات على عوائد السندات الخارجية في مواعيدها وإعلان بعضهم الآخر إفلاسهم، وحدوث شبه انهيار في المبيعات.
وفي منتصف يوليو الماضي، وعلى أثر اندلاع شرارة أزمة البنوك المحلية في إقليم هينان (نتيجة قيام بعض البنوك بحجز ودائع العملاء، واعتقال مسؤول مصرفي كبير بتهم فساد، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات أحرجت القادة السياسيين في بيجين)، أعلنت مجموعة من المواطنين المستثمرين في مشاريع عقارية لم تُستكمَل في مواعيدها امتناعَهم عن الاستمرار في سداد أقساط الرهن العقاري إلى البنوك. ومع الوقت اتسعت هذه الحركة بشكل منتظم، واتخذت لنفسها شعار “نحن بحاجة إلى بيت” لتصل إلى مقاطعة 342 مشروعاً عقارياً متوقفاً في 100 مدينة صينية بحلول منتصف سبتمبر الجاري.
ويُتوقع أن تزيد حملة مقاطعة أقساط قروض الرهن العقاري من مخاطر قطاع العقارات. وبمجرد بروز الحملة في منتصف يوليو، أظهرت بيانات “أن مبيعات المنازل الجديدة في 30 مدينة رئيسة تراجعت بنسبة 41%، و12% من حيث المساحة المتْرية مقارنة بالأسبوع السابق”.
وصل السوق العقاري الصيني إلى نقطة اهتزاز الاستقرار مع زيادة عدد المشاريع المتأخرة في التسليم، وحملة الحكومة لوضع قيود على التوسع في الديون ومواجهة مشكلة الفائدة المتراكمة، والتراجع الكبير في أسعار العقارات في نحو ثلثي عدد المدن الكبرى في الصين
مُحرِّكات أزمة العقارات
على خلاف دول أخرى غربية، يظل شائعاً في الصين نظام شراء وحدة سكنية من خلال الحصول على قرض رهن عقاري من البنك قبل البدء في بناء الوحدة. وبيعت قرابة 90% من الوحدات العقارية في الصين وفقاً لهذه الآلية في عام 2021. وتحول هذا النظام مع الوقت إلى أحد مصادر التمويل الرئيسة بالنسبة للمطوّرين العقاريين لطرح مشروعات جديدة، ما ساعد على انتعاش سوق العقار على مر السنوات الماضية.
لكن هذا النظام كشف عن ثغرتين، هما:
الثغرة الأولى، أن الانتعاش في سوق العقارات، الذي يُفترَض أن يكون مُحرِّكاً للاقتصاد، تحوّل مع الوقت إلى آلية للمطورين للحصول على تمويل سريع ورخيص وسهل. فكلما واجه المطور صعوبةً في توفير السيولة النقدية اللازمة لاستكمال مشروعاته (المباعة سلفاً)، سارع إلى اللجوء إلى الحل الأسهل من خلال شراء أراض جديدة وطرح مشروعات سكنية عليها في السوق وبيعها إلى المشترين دون تحمل كلفة كبيرة. وقد استخدمت آلية التمويل هذه بشكل مكثف وسريع.
والثانية، أن البنوك والحكومات المحلية حوّلت النظام، الذي كان يفترض تضمينه آليات حماية المشترين ووضع ضوابط تجبر المطورين على استخدام أموال المشترين في بناء المشروعات المخصصة لها من قبيل حسابات الضمان الواقعة تحت إشراف الحكومة، إلى نظام تعزيز ذاتي يدور في حلقة مفرغة. وتم ذلك من خلال سماح البنوك والمسؤولين المحليين للمطورين باستخدام أموال المشترين المخصَّصة لمشاريع محددة لتمويل أنشطة أخرى، وعلى رأسها شراء المزيد من الأراضي التي تُعد المصدر الأول لتمويل خزائن الحكومات المحلية. أي أن معدل شراء الأراضي وطرح المطورين مشروعات جديدة، اعتماداً على التوسع في الائتمان والتمويل الرخيص، تخطى قدرتهم الحقيقية على إنهاء المشروعات المباعة مسبقاً بالفعل. وأدى الاستسهال في استغلال ثغرات هذا النظام في ارتفاع مستوى المخاطر الهيكلية داخل القطاع المالي الصيني.
وساعد المشترون والمستثمرون الصينيون في تعزيز هذه المخاطر تدريجياً. فنتيجة الممارسات سابقة الذكر، واجه المطوّرون صعوبات في تسليم المشروعات السكنية القائمين عليها في مواعيدها، وامتدت مُهل التسليم إلى سنوات. فعلى سبيل المثال، قال محللون في شركة الاستشارات “نومورا إنترناشونال هونغ كونغ” في منتصف يوليو إن المطورين العقاريين الصينيين تمكّنوا من تسليم 60% فقط من المشاريع العقارية المباعة سلفاً خلال عامي 2013 و2020.
وقد حكم العلاقةَ المعقدة بين المطوّرين والمستثمرين (المشترين) نوعٌ من التوافق التضاربي، يتلخص في قناعة المشترين بأن تأخير مواعيد تسليم المشروعات يظل مقبولاً مادام هناك توقع بأن أسعار العقارات ستستمر في الارتفاع بمؤشرات مهولة. ويحقق ذلك بالنسبة لهم معادلة استثمارية رابحة تصب في العائد المرتفع على الاستثمار في العقارات مادام هذا العائد المتوقع أكبر كثيراً من ثمن قسط قرض الرهن العقاري. لكن، في وقت الأزمات وغياب الاستقرار، أو في حال بدأت أسعار العقارات في التراجع، يقود ذلك عادة إلى اهتزاز ثقة المستثمرين في قطاع العقارات. وقد وصل السوق الصيني إلى نقطة اهتزاز الاستقرار مع زيادة عدد المشاريع المتأخرة في التسليم، وحملة الحكومة لوضع قيود على التوسع في الديون ومواجهة مشكلة الفائدة المتراكمة، والتراجع الكبير في أسعار العقارات في نحو ثلثي عدد المدن الكبرى في الصين. ويعني تراكم هذه العوامل وتشابكها أن امتناع المشترين عن سداد أقساط الرهن العقاري خلق ضغطاً تمويلياً كبيراً على المطوّرين، وضغَط على السيولة في البنوك المحلية، وقلّص ميزانيات الحكومات المحلية المعتمدة على بيع الأراضي لتحقيق النمو. وربما يقود استمرار هذا الواقع لفترة طويلة إلى حدوث فقاعة عقارية كبرى، وانهيار السوق العقاري الصيني.
وقد بلغ إجمالي قروض الرهن العقاري التي لم تُسدد بكاملها بعد حتى نهاية يونيو الماضي 41 تريليون يوان (6 تريليونات دولار)، أي حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني. ويبلغ إجمالي ديون الأسر الصينية حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي، أو 114% من إجمالي دخل الأسر المتاح. ودفع حجم المخاطر الاقتصادية الكبيرة الحكومة إلى تبني إجراءات عاجلة لاحتواء هذه المخاطر ومنع قطاع العقارات من الانهيار، على النحو الآتي:
أولاً، على مستوى الحكومات المحلية
- قامت حكومات الأقاليم التي تعاني من ارتفاع معدلات المقاطعة بتخفيف الضوابط على شراء العقارات عبر خفض نسبة الدفعة المقدمة على قرض الرهن العقاري، والسماح للأفراد بشراء أكثر من عقار. وبلغ عدد القواعد التي جرى تخفيفها أكثر من 300 على مستوى الحكومات المحلية المختلفة بين شهري مايو ويوليو، بهدف إنعاش الطلب.
- أنشأت بعض الحكومات المحلية صناديق مالية عاجلة تُقدِّم حزم إنقاذ للمطورين المتعثرين لمساعدتهم في الانتهاء من المشروعات المتأخرة. وخصصت مدينة جانغجو، عاصمة إقليم هينان الأكثر تأثراً بحملة المقاطعة، 80 مليار يوان (12 مليار دولار) لصندوق الإنقاذ العقاري. ومن بين السياسات التي ستقوم هذه الصناديق بها تخصيص قروض “خاصة” بتسهيلات كبيرة للمطورين، فضلاً عن دفع الشركات الحكومية العملاقة في الإقليم إلى الدخول في اتفاقات شراكة واستحواذ مع البنوك المحلية لشراء المشروعات المتأخرة واستكمالها. إلى جانب ذلك، قد تقوم هذه الصناديق بسداد دفعات الرهن العقاري للمستثمرين، وعرض الوحدات للإيجار بعد استكمالها لتعويض المبالغ المنفقة في حملة اإانقاذ الحكومية.
- أبلغ بعض الحكومات المحلية، كحكومة هينان، المطورين بضرورة البدء في استكمال كل المشاريع المتوقفة بحلول 6 أكتوبر المقبل، وخضوع الشركات غير القادرة إلى خطط إعادة هيكلة أو تحقيقات بتهم الاحتيال على المستثمرين.
امتناع المشترين عن سداد أقساط الرهن العقاري خلق ضغطاً تمويلياً كبيراً على المطوّرين الصينيين، وضغَط على السيولة في البنوك المحلية، وقلّص ميزانيات الحكومات المحلية المعتمدة على بيع الأراضي لتحقيق النمو. وربما يقود استمرار هذا الوضع إلى حدوث فقاعة عقارية كبرى، وانهيار السوق العقاري الصيني
ثانياً، على مستوى الحكومة المركزية
- أعلنت الحكومة في بيجين أنها أصبحت الضامن لسندات المطوّرين المتعثرين، وهو ما يسمح لهم بطرح سندات بفائدة مخفضة تنقل العبء الحقيقي إلى ميزانية الحكومة، وذلك لتوفير المزيد من السيولة ولطمأنة المستثمرين.
- خصصت الحكومة المركزية أيضاً قروضاً “خاصة” من البنوك الحكومية للمطوّرين الذين تعتقد أنهم قادرون أكثر من غيرهم على إنهاء المشروعات المتأخرة. وقد كشفت تقارير عن أن حجم التمويل الحكومي يصل إلى 200 مليار يوان فقط.
تأثير مخاطر سوق العقارات على استقرار القطاع المالي الصيني
قد تُسبِّب سياسات الإنقاذ المالي الجديدة في تحويل مخاطر تراجع الطلب إلى قطاعات أخرى قد تلجأ إليها الحكومات المحلية لتوفير السيولة المتراجعة. فعلى سبيل المثال، لم تُثبت الإجراءات التي عكف عليها المسؤولون المحليون في جانغجو نجاعةً بعدُ نظراً لعدم توافر السيولة لدى شركات التمويل المحلية، والضغط الهائل على البنوك نتيجة حملة مقاطعة سداد قرض الرهن العقاري.
وإلى جانب ذلك، تبدو الحكومة المركزية مُترددةً في الإلقاء بثقلها خلف هذه الحملة لإنقاذ قطاع العقارات، رغم نزعتها باتجاه تجنُّب المخاطر وضمان الاستقرار قبيل انعقاد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في 16 أكتوبر الجاري. فعلى سبيل المثال، تغطي حزمة 200 مليار يوان المخصصة من قبل بيجين لإعادة تنشيط المشروعات المعطلة، 10% فقط من إجمالي حجم المشروعات العقارية غير المستكملة، باعتبار أن إجمالي كلفة الوحدات العقارية المباعة قبل البناء منذ عام 2020 بلغت 5 تريليونات يوان. إضافة إلى ذلك، في 20 سبتمبر، تدخلت الحكومة المركزية لإلغاء جميع تسهيلات الحكومات المحلية على شراء العقارات بعد 24 ساعة فقط من تطبيقها. وعكس ذلك تناقضاً بين أهداف الحكومات المحلية، التي تبدو قلقة من احتمال انهيار سوق العقارات ومن ثم ميزانياتها المحلية من جهة، ومخاوف الحكومة المركزية من الارتفاع المبالغ في أسعار العقارات وتخطي المعروض حجم الطلب الحقيقي على العقارات المستخدمة فعلياً للسكن، والمخاطر المالية المصاحبة لذلك من جهة أخرى.
وتتلخص أهم مخاوف بيجين في انتقال أزمة سوق العقارات إلى البنوك الحكومية مع تصاعد حملة مقاطعة سداد قرض الرهن العقاري، ومن ثمّ تأثُّر استقرار النظام المالي على المستوى الوطني.
وتعكس مخاوف الحكومة المركزية إدراكها لطبيعة الأزمة الهيكلية باعتبارها لا تتصل بتراجع مرحلي في الطلب على العقارات أو بتعثُّر بعض المطورين، ولكنها تتصل اتصالاً مباشراً بالأزمة المزمنة المتمثلة في عدم قدرة الحكومات والبنوك المحلية على الوفاء بالتزاماتها المالية ومواعيد سداد ديونها. وتُعد هذه أزمةً هيكلية تحتاج إلى طريقة معاجلة مختلفة، فإلى الآن تبدو مقاربة الحكومة المركزية للتعامل مع أزمة العقارات مرتكزة على علاج مشكلة نقص السيولة، بدلاً من إدخال تعديلات بنيوية طويلة الأمد تعالج الإختلال في الملاءة المالية (Insolvency issue) للبنوك والحكومات المحلية.
في المقابل، تبدو خيارات الحكومات المحلية محدودة للغاية. فعلى سبيل المثال، أظهرت تقارير أن بعض الحكومات المحلية بدأت تُجبر محركات التمويل المحلية (الشركات المملوكة للدولة) على شراء الأراضي بمعدلات مرتفعة، وصلت إلى 50% في بعض المدن في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بـ9% فقط في الفترة نفسها من العام الماضي. ويعني ذلك أن الحكومات المحلية تُجبر الشركات المملوكة لها على الاقتراض بضمان الحكومة واستخدام هذه القروض لشراء أراض جديدة بأسعار مرتفعة لتعزيز عوائد الحكومات المحلية ودعم ميزانياتها. وتعني هذه الممارسة أن الحكومات المحلية تقترض المزيد من البنوك بطريقة غير مباشرة (عبر الشركات الحكومية)، وتُدرِج هذه القروض في الميزانية باعتبارها عوائد من بيع الأراضي. وتكمن المخاطرة في أن خسائر الحكومات المحلية قد تتضاعف إذا ما اهتزت أسعار الأراضي في المستقبل.
ويعني ذلك أن تعامل الحكومة المركزية مع الأزمة باعتبارها أزمة سيولة فقط يقود إلى نقل الأعباء والمخاطر المالية من البنوك المحلية إلى ميزانيات الحكومات المحلية لتأجيل الانفجار. وفيما قد تنتج هذه الإجراءات بعض التحسن في قطاع العقارات على المدى القصير، يتطلب علاج هذه المعضلة المركبة، على المديين المتوسط والطويل، إيجاد حلول لتراجع القدرات المالية للحكومات المحلية الناتجة عن خطط بيجين لإعادة ضبط سوق العقارات بشكل يسمح لها بتوفير ملاءة مالية قادرة على الوفاء بخدمة الدين، والنظر في التشوهات المزمنة في سياسات الحكومات المحلية النقدية والمالية، فضلاً عن إعادة النظر في التوقعات المرتفعة وغير المنطقية للنمو الاقتصادي على المستوى الوطني الذي كان يعتمد ربعه على قطاع العقارات.
ولتجنُّب انفجار فقاعة ديون كبرى، سيكون على بيجين نقل بعض أعباء القطاع المصرفي المتراكمة إلى الحكومات المحلية أو قطاعات أخرى رابحة في الاقتصاد الصيني.
تأثير أزمة العقارات الصينية قد يكون له امتدادات ذات طابع مختلف على الاقتصاد العالمي، الذي يمثِّل الاقتصاد الصيني خُمس حجمه تقريباً، وقد يتسبَّب التباطؤ المتوقع هذا العام، واستمراره لفترة طويلة في تأخُّر تعافي النظام العالمي من أزمة الركود الناتجة عن الحرب الروسية-الأوكرانية
هل تؤدي أزمة العقارات الصينية إلى أزمة عالمية؟
يُتوقع أن يكون لأزمة قطاع العقارات في الصين تأثيرات تمتد إلى خارج حدودها، لكن يتوقع أن يتوقف عمق هذه التأثيرات على المدة الزمنية التي تستمر معها أزمة العقارات، خصوصاً التراجع الحاد في الأسعار.
وفي عام 2020، وصل حجم السندات المقوَّمة بالدولار التي باعها المطورون الصينيون إلى مستثمرين في الخارج إلى قرابة 64.5 مليار دولار. وتُمثل السندات المقوَّمة بالدولار نحو الربع مقارنة بإجمالي الديون التي حصل عليها المطورون العقاريون في الصين في العام الماضي. ويعني ذلك أن حجم الديون الخارجية المستحقة على المطورين قليلٌ مقارنة بالدائنين المحليين، وهو ما يؤدي إلى الاستنتاج أن الأزمة العقارية الصينية ليست كافية لخلق أزمة تشبه ما حدث عام 2008 في الولايات المتحدة.
لكن تأثير أزمة العقارات الصينية قد يكون له امتدادات ذات طابع مختلف على الاقتصاد العالمي. فالاقتصاد الصيني يمثل حوالي خُمس حجم الاقتصاد العالمي، ومن ثم، فإن التباطؤ المتوقع هذا العام (تحقيق نمو لا يتخطى 3%)، واستمراره لفترة طويلة قد يتسبب في تأخر تعافي النظام العالمي من أزمة الركود الناتجة عن الحرب الروسية-الأوكرانية. وقد يؤدي فشل القطاع المصرفي الصيني في امتصاص الأزمة، وطول فترتها الزمنية، إلى دخول الصين في سيناريو الركود الذي طبع الاقتصاد الياباني خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
.
رابط المصدر: