تعكس أرقام صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا تخبطًا للقارة العجوز ما بين الاضطرار إلى استمرار الاعتماد عليه ومواصلة زيادة المشتريات، ومحاولات الظهور في صورة المحارب له، إذ قفزت الواردات من غاز موسكو بنسبة 39% في شهر مايو/أيار الماضي.
وكشفت تقارير عدّة، اليوم الإثنين 3 يونيو/حزيران 2024، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أنّ تعطُّل محطة معالجة في النرويج أدى إلى ارتفاع الأسعار لأعلى مستوى منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2023؛ ما يكشف مدى حساسية سوق الغاز، عكس ما يحاول المسؤولون ترويجه.
كما يأتي ذلك في الوقت الذي تجهز فيه أوروبا مقترحًا بدفعة جديدة من العقوبات تستهدف صادرات روسيا من الغاز، بالتزامن مع قفزة هذه الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي.
وقبل غزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، كانت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا تلبي نحو 40% من احتياجات الدول الأعضاء في الاتحاد، وفي بعض البلدان -مثل ألمانيا- كانت تزيد لتتجاوز نصف الاحتياجات.
وسعت المفوضية الأوروبية إلى فطام نفسها عن مصادر الطاقة الروسية، مركّزةً جهودها في البداية على النفط؛ كون الغاز وقودًا رئيسًا في القارة، وعدّته وسيلة انتقالية في طريق تحول الطاقة، ولعلاج أزمة الطاقة والأسعار المتصاعدة إلى مستويات قياسية.
وكثّفت الدول مشترياتها بعيدًا عن صادرات الغاز الروسي، خاصة من أميركا وبعض الدول العربية مثل قطر ومصر، لكن يبدو أن هناك تغيرًا في هذا الاتجاه مجددًا.
صادرات الغاز الروسي في مايو
أظهرت بيانات شركة غازبروم الروسية المملوكة للدولة أن إمدادات الغاز اليومية إلى أوروبا ارتفعت بنسبة 7.3% في شهر مايو/أيار الماضي، مقارنة بأبريل/نيسان، بينما ارتفعت بما يقارب 40% على مستوى سنوي، حسب وكالة رويترز، اليوم الإثنين 3 يونيو/حزيران 2024.
ووفق حسابات رويترز، التي اعتمدت على بيانات مجموعة نقل الغاز الأوروبية “إنتسونغ” Entsog، وتقارير “غازبروم” اليومية الخاصة بخطّ الأنابيب المار عبر أوكرانيا، فقد ارتفعت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا اليومية لتسجّل 89.5 مليون متر مكعب، من 83.4 مليون متر مكعب في أبريل/نيسان 2024، و64.5 مليون متر مكعب في مايو/أيار 2023.
كما ذهبت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا هذا العام بعيدًا، إذ بلغت -حتى الآن- 13 مليار متر مكعب، مع العلم أن “غازبروم” لم تنشر إحصاءات منذ بداية 2023.
وكانت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا قد بلغت نحو 63.8 مليار متر مكعب في 2022، وتراجعت بنسبة 55.6% في 2023 لتسجل 28.3 مليار متر مكعب في 2023، وفق بيانات “غازبروم”.
وتسبَّب الهبوط الحاد في صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا عام 2023 بتحقيق خسائر لموسكو للمرة الأولى منذ عام 1999، بلغت قيمتها 7 مليارات دولار.
وكانت تلك الصادرات قد وصلت إلى ذروتها خلال العام 2018-2019، وتراوحت بين 175 و180 مليار متر مكعب.
عقوبات جديدة
تستعد أوروبا إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا، مستهدفة الغاز المسال؛ ما دعا مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون إلى طمأنة المشترين الآسيويين بأنهم لن يتأثّروا بها.
وقالت سيمسون للصحفيين في العاصمة اليابانية طوكيو، اليوم الإثنين 3 يونيو/حزيران 2024، إن مقترحًا أوروبيا هو جزء من الحزمة الـ14 من العقوبات على روسيا، سيحظر خدمات إعادة التحميل التي تقدّمها منشآت الاتحاد الأوروبي لنقل الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى دول ثالثة، ولن يؤثّر بالواردات إلى الاتحاد.
كما يستعد الاتحاد الأوروبي إلى حظر الاستثمارات الجديدة وتوفير السلع والتقنية والخدمات من قبل مشغّلي التكتل لاستكمال مشروعات الغاز الطبيعي المسال الروسي قيد الإنشاء مثل “آركتيك إل إن جي” Arctic LNG و “مارمانسك إل إن جي” Murmansk LNG.
وأضافت سيمسون: “هذا لن يسبب مشكلات للمستهلكين الآسيويين.. فسوق الغاز المسال تتّسم حاليًا بالسيولة، ويمكن أن تجد بدائل في حالة عدم قدرة روسيا على إيجاد وسائل لنقل غازها”.
تقول مفوضة الطاقة الأوروبية، إنها زوّدت الأعضاء في الاتحاد بالبيانات الخاصة بتلك العقوبات المرتقبة على روسيا، التي تشير إلى عدم تأثُّر السوق العالمية وصادرات الغاز الروسي بها.
وأضافت أن “تلك العقوبات سترفع التكلفة على صادرات الغاز الروسي فقط، إذ ستضطر إلى البحث عن سفن بديلة لنقل شحنات الغاز المسال”.
ويرى دبلوماسيون أن الاتحاد الأوروبي يرغب في تعجيل فرض العقوبات على صادرات الغاز المسال الروسي، قبل تولِّي المجر رئاسة الاتحاد في شهر يوليو/تموز المقبل؛ بسبب رفض بودابست تقديم مساعدات لأوكرانيا، وارتباط رئيس وزرائها فيكتور أوربان بعلاقات جيدة مع الرئيس فلاديمير بوتين.
أسعار الغاز في أوروبا
قفزت أسعار الغاز في أوروبا لأعلى مستوى خلال 2024، اليوم الإثنين 3 يونيو/حزيران 2024، بعد توقُّف غير مخطط لمحطة معالجة الغاز النرويجي في نيهامن؛ ما يكشف عدم دقة حديث مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون بعدم تأثُّر سوق الغاز بالعقوبات على صادرات الغاز الروسي.
وكانت النرويج قد حلّت مكان روسيا بوصفها أكبر مصدّر للغاز في أوروبا عام 2022. وفق تقرير منفصل لوكالة رويترز.
وارتفع سعر الغاز في العقود الآجلة الهولندية، بعد إعلان الخبر، بنسبة 10%، ثم هبط إلى 9% وبلغ 37.4 يورو (40.77 دولارًا أميركيًا) لكل ميغاواط/ساعة، وهو أعلى مستوى منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2023.
المصدر : https://attaqa.net/2024/06/03/%d8%a7%d8%b1%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%b9-%d8%b5%d8%a7%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a7/