استخدامات الغاز المصري بين الأسعار الدولية والمحلية

ممدوح الولي

 

أشار التوزيع النسبي لاستهلاك أنواع الطاقة بمصر خلال العام الماضي، إلى تصدر الغاز الطبيعي بنسبة 54.5%، يليه النفط بنسبة 38.6% ثم الطاقة الكهرومائية بنسبة 3.1%، والفحم 2.1% والطاقة المتجددة من الشمس والرياح 1.5%.

وكان هذا التوزيع النسبي لأنواع الطاقة بمصر قبل عشر سنوات أي عام 2009، قد تضمن تصدر الغاز الطبيعي بنسبة 50% والبترول 45%، والطاقة الكهرومائية 3.8% والفحم 0.8% والطاقة المتجددة 0.3%.

وهو ما يعنى زيادة نصيب الغاز الطبيعي خلال السنوات العشر باعتباره صديقا للبيئة، على حساب المنتجات البترولية الأكثر إضرارا بالبيئة كالمازوت والسولار والبنزين، إلى جانب توافر الغاز الطبيعي من الإنتاج المحلى له، ووجود فائض منه بعد تغطية الاستهلاك المحلي ما قبل عام 2014 وما بعد عام 2018.

بعكس المنتجات البترولية التي يتم استيراد أكثر من ثلث الاحتياجات منها، مما يتطلب تدبير موارد دولارية لاستيرادها، كما تراجع النصيب النسبي للطاقة الكهرومائية خلال السنوات العشر، وزاد نصيب الطاقة المتجددة مع التوسع بمشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من قبل القطاع الخاص.

ويشير التوزيع النسبي لاستهلاك الغاز الطبيعي محليا حسب قطاعات النشاط حتى نهاية يونيو حزيران 2019، إلى تصدر محطات إنتاج الكهرباء بنصيب 62.3% والتي تمتلك الدول غالبيتها، وقطاع الصناعة 22.5% وقطاع البترول ومشتقات الغاز 10.1%، والقطاع المنزلي 4.3% وقطاع تموين السيارات بالغاز الطبيعي 0.8% من مجمل الاستهلاك.

الكهرباء تتصدر الاستهلاك قبل الصناعة

وإذا كان الاستهلاك المحلى السنوي خلال العام المالي 2018/2019 قد بلغ 2182 مليار قدم مكعب، بمتوسط يومي 5977 مليون قدم مكعب يومي، فقد بلغ نصيب قطاع الكهرباء السنوي 1359 مليار قدم مكعب، بمتوسط يومي 3723 مليون قدم مكعب يومي.

وبلغ نصيب قطاع الصناعة السنوي 490 مليار قدم مكعب، بمتوسط يومي 1343 مليون قدم مكعب، وكانت أبرز الصناعات المستهكلة للغاز الطبيعي الأسمدة بنصيب 224.5 مليار قدم مكعب سنوي، وقطاع الحديد والصلب 73.5 مليار قدم مكعب سنوي، والأسمنت 600 مليون قدم مكعب، وتراجع نصيب قطاع الأسمنت بعد إلزامه بالتحول إلى استخدام أنواع لأخرى من الطاقة.

فى فترة عجز الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعي عن الوفاء بكميات الاستهلاك المحلى منه، والتي أدت لاستيراد كميات من الغاز الطبيعي المسال، والتي امتدت ما بين سنوات 2015 وحتى 2018، وبلغت كمية استهلاك باقي الصناعات 191.5 مليار قدم مكعب سنوي.

وكان نصيب قطاع البترول ومشتقات الغاز السنوي 221 مليار قدم مكعب، بمتوسط يومي 605 مليون قدم مكعب، حيث يستخدم فى معامل التكرير والبتروكيماويات وإنتاج الميثانول ومشتقات الغاز، وبلغ استخدام القطاع المنزلي السنوي.95 مليار قدم مكعب، بمتوسط يومي 261 مليون قدم مكعب، وقطاع تموين السيارات السنوي 16.5 مليار قدم مكعب، بمتوسط يومي 45 مليون قدم مكعب.

ونظرا لاستيراد أكثر من نصف الاحتياجات من البوتاجاز والتي تتطلب عملة أجنبية، إلى جانب تراجع الإنتاج المحلى منه بشكل مستمر خلال السنوات الخمس الأخيرة، من 1.452 مليون طن عام 2014/2015 إلى 1.218 مليون طن، فقد تم التوسع فى توصيل الغاز الطبيعي للمنازل لتوفير استهلاك البوتاجاز وتقليل كميات استيراده.

سنوات طويلة لتوصيل الغاز للبيوت

وفي العام المالي 2019/2020 بلغ عدد الوحدات السكنية التي تم توصيل الغاز الطبيعي لها 1 مليون و70 ألف وحدة سكنية، مقابل 1 مليون و230 ألف وحدة سكنية تم التوصيل لها بالعام المالي 2018/2019، وكانت ظروف الحظر الجزئي وارتباك العمل بالشركات العاملة بالتوصيل بسبب فيروس كورونا من أسباب ذلك خاصة بالنصف الثاني من العام المالي، حيث بلغ معدل التوصيل بالنصف الأول 630 ألف وحدة مقابل 440 ألف وحدة سكنية بالنصف الثاني من العام المالي.

ويمثل الغاز المنزلي والتجاري بمثابة إيرادات منتظمة للشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي – إيجاس -، خاصة بعد الاتجاه لعمل عدادات غاز مسبوقة الدفع بالمنازل، بعكس تذبذب أسعار تصدير الغاز، وتعمل بتوصيل الغاز للوحدات السكنية ثماني شركات هي: تاون جاز وغاز مصر وغاز الأقاليم، وسيناء للغاز وغاز القاهرة وناتا جاز ومجموعة طاقة للغاز والفيوم للغاز.

وبلغ إجمالي العدد التراكمي للوحدات السكنية التي وصل الغاز الطبيعي إليها 11.1 مليون وحدة سكنية، وكان التعداد الأخير للمنشآت التي تم عام 2017 قد أشار الى وجود 43 مليون وحدة سكنية نسبة 25% منها خالية، مما يعنى الحاجة إلى أكثر من عشر سنوات لتوصيل الغاز الطبيعي لكل الوحدات السكنية، فى ظل معدل توصيل سنوي مليون وحدة سكنية، وهو ما أشار إليه وزير البترول كرقم مستهدف للتوصيل بالعام المالي الحالي 2020/2021..

ويتم مشروع توصيل الغاز للبيوت من خلال قرض من البنك الدولي بقيمة 300 مليون دولار، وقرض من الوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة 70.مليون يورو، وقرض من الصندوق الكويتي للتنمية بقيمة 37 مليون دينار كويتي، ومنحة من الإتحاد الأوروبي بقيمة 68 مليون يورو.

وهناك شروط للحصول على منحة الإتحاد الأوروبى للمشتركين، منها متوسط استهلاك الكهرباء خلال سنة التعاقد بحيث لا يقل عن 50 كيلو وات شهريا ولا يزيد عن 300 كيلو وات شهريا، وخلال العام المالي 2018/ 2019 تقدم للحصول على المنحة 36 ألف عميل تمت الموافقة على نحو 29 ألف منهم، وتوجد مبادرة لتقسيط جزء من مساهمة العملاء فى تكلفة التوصيل على ست سنوات، بدون مقدم وبدون فوائد بالمناطق الجديدة التي يصلها الغاز للمرة الأولى.

2531 مصنع تعمل بالغاز الطبيعي

أما باقي القطاعات المستهلكة للغاز الطبيعي فإن عمليات توصيل الغاز لها أقل عددا، ففي العام المالي 2018/2019 تم تحويل العمل إلى الغاز الطبيعي فى 40 مصنعا، ليصل العدد الإجمالي للمصانع العاملة بالغاز الطبيعي إلى 2531 مصنعا منها 417 مصنعا للطوب، ويشكو القطاع الصناعي من إجراءات توصيل الغاز وارتفاع تكلفته بالمقارنة للأسعار العالمية، والتي يحصل عليها المنافسون لهم فى الأسواق التصديرية.

وبالقطاع التجاري تم توصيل الغاز الطبيعي خلال نفس العام المالي إلى 1841 عميل منهم 507 مخبزا، ليصل العدد الإجمالي لعملاء النشاط التجاري للغاز أقل من 21 ألف عميل تجارى منهم حوالى ثمانية آلاف مخبز.

كذلك هناك مشروع لتحويل السيارات لاستخدام الغاز الطبيعي بدلا من البنزين والسولار، لعوامل بيئية فى ظل العوادم الكثيفة للسيارات بالطرق وخاصة داخل المدن، إلى جانب استيراد جانب من استهلاك كل من البنزين والسولار مما يزيد من مشكلة نقص العملات الأجنبية قبل وبعد تداعيات فيروس كورونا.

وبالعام المالي 2018/2019 تم تحويل حوالى 32 ألف سيارة للعمل بالغاز الطبيعي، ليصل العدد الإجمالي للسيارات العاملة بالغاز الطبيعي 276 ألف سيارة، خلال حوالى 12 عاما، بينما يصل عدد المركبات فى عام 2018 لحوالي 11 مليون مركبة منها نحو خمسة ملايين سيارة خاصة.

حيث يوجد 72 مركز لتحويل استخدام السيارات للغاز على مستوى المحافظات، و187 محطة تموين للسيارات فى 22 محافظة، وهو ما يعنى وجود خمس محافظات ليست بها محطات تموين بالغاز، كما أن عدد المدن المصرية البالغ نحو 220 مدينة بخلاف مدن المجتمعات العمرانية الجديدة أكبر من عدد محطات التموين، وخلال العام المالي 2018/2019 لم يتم إضافة سوى مركز وحيد لتحويل السيارات للعمل بالغاز ومحطة تموين وحيدة للغاز، وزاد المعدل قليلا بالعام المالي 2019/2020.

أسعار غاز عالمية تتجه للهبوط

وفى ضوء الارتباط بين أسعار النفط وأسعار الغاز الطبيعي صعودا وهبوطا، إلى جانب الفارق السعرى بين الغاز المنقول عبر الأنابيب وهو الأرخص، من الغاز المُسال المنقول عبر الناقلات، والذي يضاف إلى تكلفته عمليات التحويل للحالة السائلة والنقل ثم عملية التغيير مرة أخرى بميناء الوصول.

فقد شهد متوسط سعر الغاز فى أوروبا تراجعا منذ عام 2013 وحتى العام الحالي، حيث هبط من 11.79 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عام 2013 إلى 10.05 دولار بالعام التالي، ثم إلى 6.82 دولار عام 2015 ثم إلى 4.56 دولار بعام 2016، ليعاود الصعود عامي 2017 و2018 مثلما حدث لسعر النفط، ليصل 5.72 دولار بعام 2017 ثم إلى 7.68 دولار عام 2018، وبعدها عاود سعر الغاز الهبوط عام 2019 مثل اتجاه سعر النفط إلى 4.8 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية.

وعلى نفس النهج سار سعر الغاز الطبيعي داخل الولايات المتحدة خلال نفس السنوات، حيث هبط من 4.37 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عام 2014، إلى 2,61 دولار عام 2015 ثم استمر بالتراجع إلى 2,49 دولار عام 2016، ليعاود الصعود عامي 2017 و2018 مثل اتجاه أسعار النفط خلال العامين، ليصل إلى 2.96 دولار عام 2017 والى 3.16 دولار عام 2018، ثم عاود سعر الغاز بالولايات المتحدة الهبوط مثل اتجاه سعر النفط إلى 2.57 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عام 2019.

وفى النصف الأول من العام الحالي هبط سعر الغاز الطبيعي فى أوربا بنسبة 62% عما كان عليه بشهر ديسمبر كانون أول من العام الماضي، منخفضا من 4.62 دولار فى ديسمبر الى 1.75 دولار فى يونيو حزيران.

حيث انخفض المتوسط السعرى فى يناير الى 3.63 دولار ثم الى 2.91 دولار فى فبراير، ثم إلى 2.72 دولار بمارس، واستمر بالهبوط بأبريل إلى 2.12 دولار وبمايو إلى 1.58 دولار، قبل أن يتحسن السعر جزئيا فى مايو إلى 1.75 دولار.

وهكذا انخفض متوسط سعر الغاز الأوروبي من 3.09 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية بالرابع الأول من العام الحالي إلى 1.82 دولار بالربع الثاني من العام الحالي نتيجة التداعيات السلبية للفيروس على اقتصادات الدول الأوروبية وهو ما انعكس سلبا على سعر النفط الذي يرتبط به أيضا سعر الغاز.

وخلال النصف الأول من العام الحالي هبط سعر الغاز الطبيعي داخل الولايات المتحدة بنسبة 28% منخفضا من سعر 2.24 دولار بديسمبر إلى 1.61 دولار بشهر يونيو، حيث انخفض متوسط السعر من 1.91 دولار بالربع الأول من العام إلى 1.7 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية بالربع الثاني، لينخفض مؤشر أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 38% خلال النصف الأول من العام الحالي.

الخفض المحلي اقتصر على الصناعة

ويصبح السؤال حول مدى تأثر أسعار بيع الغاز الطبيعي داخل مصر بتلك الأسعار العالمية للغاز الطبيعي خلال السنوات الأخيرة؟

ونظرا لتعدد أسعار الغاز الطبيعي فى مصر حسب نوع الاستخدام يتطلب الأمر استعراض تسعيرة كل نوع من استخدامات الغاز الطبيعي، حيث يتم التسعير للغاز جبرا من قبل وزارة البترول حيث لا توجد تنافسية مصرية لأسعار استهلاك الغاز بمصر بعد، ولقد زاد سعر استخدام الغاز الطبيعي لصناعة الأسمنت من 6 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية إلى 8 دولار فى يوليو تموز 2014 مع الرفع الأول لأسعار المنتجات البترولية التي قام بها النظام الحاكم لمصر.

وظل السعر ثابتا لمدة خمس سنوات، حتى تم خفضه إلى 6 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية فى أكتوبر تشرين أول 2019، وهو خفض لم تستفد به صناعة الأسمنت كثيرا حيث أُجبرت قبل ذلك بسنوات على التحول لاستخدام مزيج آخر من الوقود يضم المخلفات.

بحيث قل استخدامها للغاز الطبيعي، كما تعانى صناعة الأسمنت خلال السنوات الأخيرة من انخفاض الطلب بعد منافسة الجيش لها بالإنتاج، وصعوبات التصدير للمنطقة العربية لوجود منتجين عرب منافسين سعريا، مما جعل مصانع القطاع الخاص المحلية والأجنبية العاملة بمصر لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية.

أما الصناعات كثيفة الاستهلاك الطاقة مثل صناعات الحديد والألومنيوم والنحاس والسيراميك والبورسلين والزجاج المسطح، فقد تم رفع سعر الغاز لها من 4 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية إلى 7 دولار فى يوليو تموز 2014، وظل السعر ثابتا لمدة خمس سنوات حتى تم خفضه إلى 5.5 دولار فى أكتوبر تشرين أول 2019 عقب تظاهرات سبتمبر من العام الماضي.

ولم يقنع رجال الصناعة بهذا الخفض السعرى حيث يرون أن السعر المناسب يصل إلى 3 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، خاصة صناعة السيراميك التي تعانى من ضعف المبيعات وصعوبات التصدير، وذكروا أن وزارة البترول المصرية قد أعلنت خفض كميات تصديرية لها بالشهور الأخيرة من عام 2019 نظرا لانخفاض الأسعار بالأسواق الأوروبية، عن السعر المستهدف للتصدير البالغ 5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية.

سعر التصدير أقل من السعر المحلي للصناعة

كما دفعها تراجع الأسعار العالمية للسماح بشركات أجنبية عاملة بمصر مثل إينى الإيطالية وبي پي البريطانية، بتصدير جانب من إنتاجهما من الغاز الطبيعي بعد أن كانت تقوم بشرائه منهما لتغطية نقص نصيب الجانب المصرى من الإنتاج عن الوفاء بكامل الاستهلاك المحلى، كما ذكر خبراء غاز أن تكلفة إنتاج الغاز المصرى تصل الى 7 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، تتضمن تكلفة إنتاج بنحو 2.65 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، بالإضافة إلى تكلفة إسالة وشحن الغاز من مصنع إدكو والتي تصل تتراوح ما بين 3 إلى 4 دولار للمليون وحدة حرارة بريطانية.

فإذا كان سعر التصدير للغاز المصري يتضمن تكلفة التحويل للحالة السائلة إلى جانب تكلفة النقل، فإن الغاز المحلى يتم ضخه مباشرة عبر الشبكة القومية لأنابيب الغاز المحلية إلى المصانع بحالته الغازية الطبيعية، أي أنه يجب أن يكون أرخص كثيرا من السعر الذي يتم التصدير به للبلدان الأوربية مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

خاصة وأن مصر قد عادت للتصدير للغاز الطبيعي بكميات صغيرة عام 2016، ثم زادت الكميات بعد إيقاف استيراد الغاز المُسال منذ سبتمبر أيلول 2018، واستئناف تصدير الغاز المصرى إلى الأردن منذ سبتمبر 2018، والاستغناء عن مركب التغيير التي كانت تعمل بميناء السخنة وتأجيرها لخفض القيمة الإيجارية، والاحتفاظ بوحدة تغيير بميناء السخنة كتأمين استراتيجي، فى حالة حدوث توقفات بالإنتاج أو حدوث أي مشاكل تشغيلية بالشبكة القومية لتوزيع الغاز الطبيعي.

وبلوغ كميات تصدير الغاز المصرى المُسال بالعام الماضي 4.5 مليار متر مكعب، مقابل 2 مليار متر مكعب من صادرات الغاز المُسال عام 2018، حيث اتجهت كميات تصير الغاز المصرى المُسال بالعام الماضي إلى أكثر من 15 دولة تشمل: باكستان 900 مليون متر مكعب وسنغافورة 600 مليون متر، وكل من تركيا وإيطاليا 500 مليون متر، وفرنسا 400 مليون متر، وكل من الصين والهند 300 مليون متر، وكل من كوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند 200 مليون متر، وكل من الإمارات والكويت واليابان 100 مليون متر مكعب خلال العام الماضي.

ولهذا يطالب قطاع الصناعة بمعاملته بنفس الأسعار التي يتم البيع بها للدول الأوروبية بعد استبعاد تكلفة التحويل للحالة السائلة والنقل، خاصة بعد تضرر المصانع بسبب تداعيات فيروس كورونا، التي تطلبت تقليل عدد العمال داخل صالات الإنتاج وزيادة تكلفة الإجراءات الوقائية، وصعوبات التسويق للمنتجات محليا بسبب تراجع القوى الشرائية، وصعوبات التصدير فى ضوء تراجع الطلب العالمي وزيادة معدلات البطالة، وتحول كثير من الاقتصادات المتقدمة إلى الانكماش خلال العام الحالي.

صعود مستمر لأسعار الاستهلاك المنزلي

وكانت آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي مصر كأحد شروط الحصول على قرض الاثني عشر مليار دولار فى عام 2016، والتي بدأ العمل بها منذ يوليو 2019 قد نصت على مراجعة أسعار الغاز الطبيعي للصناعة كل ستة أشهر.

وإذا كانت اللجنة الموكلة بالتسعير التلقائي والمشكلة من وزارتي البترول والمالية، قد خفضت سعر الغاز للصناعة فى أكتوبر 2019 فقد مر شهر إبريل من العام الحالي دون تغيير بالأسعار رغم الانخفاض الواضح لها عالميا بتلك الفترة، مما يزيد من التكهنات أن الخفض السعرى فى أكتوبر الماضي وفى ظل أسعار غاز عالمية مرتفعة نسبيا، كان يستهدف زيادة الاستهلاك المحلي من الغاز فى ظل صعوبات التصدير بتلك الفترة.

وتأخذ أسعار بيع الغاز الطبيعي للمنازل والنشاط التجاري شكل شرائح سعرية، فالشريحة الأولى والأدنى استهلاكا والتي يصل استهلاكها الشهري حتى 30 متر مكعب، زاد سعر المتر المكعب لها من 40 قرشا إلى مائة قرش للمتر في يونيو 2017، ثم إلى 175 قرشا للمتر المكعب فى يونيو 2018 ثم إلى 235 قرشا للمتر المكعب فى يوليو 2019.

وشريحة الاستهلاك من أكثر من 30 متر مكعب وحتى 60 متر مكعب شهريا زاد سعر المتر المكعب من الغاز الطبيعي لها، من 75 قرشا للمتر الى 175 قرشا للمتر فى يونيو 2017، ثم إلى 250 قرشا للمتر فى يونيو 2018 ثم إلى 310 قرشا للمتر المكعب في يونيو 2019.

أما شريحة الاستهلاك المنزلي والتجاري الأكثر من 60 متر مكعب من الغاز الطبيعي شهريا، فقد زاد السعر لها من 200 قرشا للمتر فى نوفمبر 2016 إلى 225 قرشا فى يونيو2017، ثم إلى 300 قرشا للمتر فى يونيو 2018 ثم إلى 360 قرشا فى يوليو 2019.

وهكذا أخدت أسعار الغاز للمنازل والنشاط التجاري اتجاها تصاعديا ولم يلحقها أي خفض ولو محدود مثلما حدث للبنزين والمازوت بعد تظاهرات سبتمبر 2019، وبعد تراجع الأسعار العالمية للغاز خلال النصف الأول من العام الحالي.

حوافز مطلوبة لتحويل السيارات للغاز:

وهكذا لا يمكن للحكومة المصرية أن تتعلل باستمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي محليا بالأسعار العالمية، كما تفعل مع البنزين والسولار التي تستورد جانبا من استهلاكها، حيث يوجد اكتفاء ذاتي من الغاز حسب زعمها، وهو أمر به مغالطة حيث تحسب كميات إنتاج الشركات الأجنبية العاملة بمصر ضمن كميات الإنتاج الإجمالية، كما أن الأسعار العالمية للغاز تتجه للانخفاض، والمهم أن الغاز أصبح سلعة محلية الإنتاج.

نشاط ثالث لاستهلاك الغاز الطبيعي بمصر يتمثل في استخدام الغاز الطبيعي المضغوط كوقود للسيارات، والذي أخذ اتجاها سعريا صعوديا هو الآخر من 40 قرشا للمتر المكعب المضغوط قبل تولي الجيش السلطة فى يوليو 2013، إلى 110 قرشا للمتر المكعب فى يوليو 2014 ثم إلى 160 قرشا للمتر في نوفمبر 2016، ليرتفع إلى 200 قرش فى يونيو 2017 ثم إلى 275 قرشا فى يونيو 2016، ثم إلى 350 قرشا للمتر فى يوليو 2019.

لتلحق به خمس زيادات متتالية، ورغم انخفاض أسعار الغاز دوليا وحدوث خفض طفيف لسعر البنزين فى أكتوبر 2019 ثم فى إبريل من العام الحالي بعد الانهيار لأسعار النفط فى ضوء الخلاف الروسي السعودي وإغراق الأسواق بالنفط، إلا أن الغاز الطبيعي المضغوط للسيارات لم يلحق به أي خفض، رغم الدعوة الحكومية لتحويل سيارات الميكروباص للعمل بالغاز الطبيعي، مما يتطلب حافز سعري يجذب للتحويل، ورغم العمل بألية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية منذ يوليو 2019 للنظر فى أسعار المشتقات كل ثلاثة أشهر ظلت أسعار غاز السيارات المضغوط ثابتة على ارتفاعها.

وخلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي ورغم انخفاض الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعي إلى 14.65 مليون طن بنقص 12.6% عن إنتاج نفس الشهور من العام الماضي، إلا أن كميات الإنتاج المحلى ما زالت أعلى من كميات الاستهلاك المحلي التي بلغت 14.468 مليون طن، والتي انخفضت بنسبة 2.1% عن نفس الشهور من العام الماضي.

ليظل الغاز الطبيعي سلعة محلية الإنتاج، مما يتطلب تسعيرا عادلا لها يتواءم مع الظروف الاقتصادية لجموع المصريين التي ترتبت على انتشار فيروس كورونا، سواء على القطاع المنزلي أو التجاري أو الصناعي.

 

رابط المصدر:

https://eipss.online/%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ae%d8%af%d8%a7%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%b9%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M