د. عبد الرسول عبد الرضا الاسدي
بالنظر للوضع الراهن وللحاجة الماسة لإيجاد حلول عملية في كل الموضوعات التي تشكل مجال عمل التخصصات العلمية والانسانية يمكن تتبع الموضوع اعلاه من خلال عدة محاور وهي على النحو الاتي: –
اولا: – الاطار العام لاستراتيجية استثمار البحث العلمي
تعني الاستراتيجية فن الادارة والتخطيط للحياة الحالية والمستقبلية لذا فنحن نستخدم هذه الجزئية البسيطة كأداة في اطار موضوع يهم حياة الانسان بشكل عام في حاضره ومستقبله، ولأجل تتبع هذا الاداة في موضوعنا فسوف ننطلق من قاعدة قديمة نسبيا تتمثل بالمحافظة على التوازن بين حاجات الفرد والمجتمع ووسائل اشباعها، وتلافي الاختلال بين الحاجة والوسيلة لأنه حتما سيفضي الى ارتباك في المنظومة الامنية والاقتصادية للجميع افراد او دول.
هذه القاعدة تجد لها مجالات للتطبيق في عدة ميادين واذا احسنا تطبيقها يمكن ان نتقدم ونتطور في كثير من المجالات وكلما انحسر تطبيق تلك القاعدة ستظهر النزاعات والحروب ويشيع الشعور بعدم العدالة كما سنشهد تنامي الهجرة كلما اختل التوازن بشكل اكبر، وبانحسار القاعدة سيضيق مجال انطباقها ويقل عدد المستفيدين منها ويخسرها الكثيرون، كما انها اكثر استجابة في التطبيق في الوقت الحاضر.
ولأجل ذلك فلابد ان نعرف كيف نسد الحاجات التي تتطلبها المرحلة الحالية ونوفر وسائل ملائمة لها، لنعرف كيف نلبي حاجاتنا ومن يستطيع ان يوفر الوسائل الازمة لإشباعها فاذا عرفنا من هو القائم بهذا العمل فيكون لزاما علينا ان نرعاه ونحرص على حقوقه ونوفر له المزايا التي تضمن بقائه وديمومة انتاجه.
وتظهر قراءة الاوليات والوثائق التاريخية في اي بلد او امة انها لم تتقدم وتتطور الا بفضل العلم والمعرفة ومن يقوم بهذه المهام في المقدمة هم العلماء والباحثين فهم الطرف الرئيس في معادلة التطور والتقدم في كل المجالات، ولا يمكن ان يكون الباحث في مجال العلم والمعرفة وعلى وجه الخصوص في مجال البحث العلمي يطرح مجرد امال او افكار عامة انما هو يقدم انتاجه الفكري بشكل علمي وعملي فهو يجهز الحياة بالحلول التي تجعل العيش فيها افضل واجمل واسهل وايسر. وهنا لنا ان نقول ان من البديهيات هناك تناسب طردي بين دعم البحث العلمي وتحقيق التنمية.
ثانيا:- تزايد الحاجة العالمية لاستثمار مخرجات البحث العلمي
ان اشكالية انتشار الوباء العالمي (فايروس كورونا) ضاعف الحاجة العالمية للبحث العلمي في هذا المجال، مما يثير ذلك النتاج العلمي فضول فئة من المهنيين الذين يبحثون عن الاستثمار الاقتصادي لذلك النتاج لتحويله الى مستلزمات (سلع او خدمات) متاحة لمن يبحث عن سد حاجته منها والمتمثل بطرف المستهلك المستفيد.
فالباحث هنا دوره انشاء او تقرير وسيلة مادية او معنوية يجهز بها المستفيد الذي ممكن ان يكون هو المستهلك في المعادلة وهو يبحث عن تلك الوسيلة، وبين طرف الباحث كمقدم وسيلة والمستفيد المستهلك صاحبة الحاجة يتطلب وجود طرف ثالث ينسق ويكيف بين الطرفين اي بين وضع الحاجة ووضع الوسيلة، فهذا الطرف يمكن ان يكون مستثمرا منتجا للوسائل بطريقة تقنية يراعي فيها ذوق وملائمة حاجة المستهلك، فدوره هو تحويل المخرج العلمي للبحوث الى قيم وخدمات وسلع بفضل راس المال الذي يمتلكه والادارة والتنظيم، فالطرف الاخير به ستكتمل معادلة استراتيجية استثمار البحث العلمي لتكون تلك المعادلة ثلاثية الاطراف (الباحث، المستهلك، المستثمر). وهذه الاطراف ضرورة توافرها مجتمعة لتطوير واستمرارية البحث العلمي.
واذا تتبعنا موضوع آلية الاستثمار في مجال البحث العلمي كاستراتيجية سنجد في هذا الاطار ان المستثمر يبحث عن الفرص الفائدة من خلال استغلال حاجة فئات من الناس فيسعى الى اشباعها عبر وسائل وطرق واساليب جذابة ومشوقة كما يقدم عروض مغرية لمن يقدم الفكرة العلمية عن هذه الطرق والاساليب لإشباع هذه الحاجات، وهؤلاء هم الباحثون في كافة المجالات فيكون دوره موفقا ومكيفا بين حاجة طرف (المستهلك) لوسيلة كشف عنها او اوجدها طرف اخر (الباحث) فيكون مستثمر لوسيلة باتجاه اشباع حاجة فالطرف الاخير يمتلك مرونة عالية للتوفيق بين الطرفين اعلاه وهو الجسر الذي تعبر من خلاله وسيلة الباحث الى حاجة المستهلك، ونجد اليوم وفي ظل هذه الازمة العالمية التي خلفها الوباء كثير من المنتجين والمستثمرين ينتظرون على ابواب الباحثين تقديم ما يسعف حياة الملايين من البشر في وسائل للوقاية او العلاج.
ثالثا:- اطراف معادلة استثمار البحث العلمي
وبناء على ما تقدم فان الحياة تستمر بين صاحب حاجة (المستهلك) ومجهز لهذه الحاجة (مصنعة) وهو المستثمر او كمادة خام (الباحث) وسيكون لكل طرف من الاطراف هدف يسعى الى تحقيقه و تتكامل هذه الاهداف لانعاش استراتيجية البحث العلمي، وفي الواقع سيكون هدف كل طرف مختلف ولكن وجهته واحدة تتمثل بمخرجات البحث العملي. فالمستهلك هدفه سد حاجته الملحة ولا يهمه سواء حصلت بفضل البحث ام بغيره وهذه الحاجة ممكن تكون سلعة او خدمة او اي محتوى تتطلبها حياته اليومية، ومن المعروف ان هذه الحاجة تشتد اذا تعلق الامر بإنقاذ حياته وتحسين مستوى معيشته فهو سيضحي بكثير من الحاجات مقابل ما يسد حاجته في البقاء في الحياة، ويقابل الطرف المتقدم المستثمر المنتج الذي يكون هدفه من البحث هو الحصول على الربح المادي في الغالب من وراء صناعته استثماره، وهذا سيقدم اعلى واغلى العروض لمن يمتلك ما يداوي حاجة المستهلك وخاصة تلك التي تتعلق بأمنه الصحي والغذائي، في حين سنجد هدف الباحث في الغالب يكون علمي ذات ابعاد مادية واقتصادية وما عليه في هذه المرحلة التي يمر بها العراق والعالم الا ان يستغل وينتهز الفرصة باتجاه ان يحظى بكسب عروض المستثمر.
ولعل هذه الابعاد يمكن ان تشكل احد اهم العوامل في تطور البحث العلمي باتجاه خدمة الحياة فضلا عن العوامل الاخرى التي تتمثل بحاجة المستهلك والمستثمر له، وبالنتيجة كلما نجح المستثمر في التوفيق بين تطلعات الباحث وحاجات المستهلك وفقا لمتطلبات السوق كلما كانت بحوثه لها صدى علمي واسع وقيمة اقتصادية عالية.
ويمكن ان نقول في هذا الاطار اذا كان الاستثمار يحصل بطرق متعددة ويأخذ اشكال متنوعة ومن بين انواعه الاستثمار المعنوي الذي يعتمد في الحصول على المعرفة أو أصول فكريّة، مثل تنفيذ بحث علميّ. فهنا يمكن ان نحصل على النتيجة التي قدمنا لها وهي ضرورة ان تشكل فكرة البحث موضوع قابل للاستثمار والتسويق بحيث تكون له آثار مادية واقتصادية محسوسة وتأثيرها يظهر في المستثمر الذي يسعى الى تحويل القيم العلمية الى قيم اقتصادية يعبر عنها بالسلع والخدمات، هذه الاخيرة ممكن ان تكون ابتكار اجهزة باقل الكلف او توفير طريقة للوقاية مستحدثة او لعلاج المرضى.
وبالمقابل هناك افكار تتعلق بتعويض الايرادات بعد انهيار اسعار النفط ومنها مثلا تطوير النظام الضريبي (معالجة الازدواج الضريبي والتهرب الضريبي) وكذلك القضاء على الفساد الحاصل في مزاد العملة هذه الموضوعات مشتركة بين علم القانون والاقتصاد والسياسية ومخرجاتها تحمي ملايين البشر في امنهم المعيشي وتفتح باب من الواردات للدولة.
رابعا: – آليات تطبيق استراتيجية استثمار البحث العلمي في العراق وتحدياتها
وفق لكل ما تقدم يمكن ان القول بان الباحث العراقي في الوقت الحاضر لديه مساحة واسعة لتشخيص العديد من الاشكاليات التي يواجهها المجتمع العراقي وتكون لحلولها قابلية الاستثمار وتحويلها الى ما تتطلبه حياتنا اليومية من مستلزمات، وهذه الاشكاليات تشتد وتتعقد اكثر مع انتشار الوباء العالمي (كورونا) نظرا للحاجة العالمية لمواجهة هذه الاشكالية (الوقاية والمعالجة)، وهي اشكالية مركبة لأنها امتدت الى النواحي الصحية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للفرد والدولة على المستوى المحلي والدولي مما يزيد الحاجة للبحث عن حلول للوقاية او المعالجة، فما يطرحه الباحث في كل النواحي اعلاه سيكون مرحبا به لاسيما عند من يريد ان يسوق البحث العلمي تسويق اقتصادي وهو المستثمر، لان كل فرد في العالم وفي العراق على وجه الخصوص في ظل هذا الوباء اما فرد ينتظر الاصابة فيكون بحاجة ملحة لمن يطرح له لقاح على المستوى الصحي او يوفر له بديل عن فرصة عمل كان قد فقدها على المستوى الاقتصادي، او فرد مصاب ينتظر علاج لإصابته وكلاهما سيكون في المركز القانوني للمستهلك، فالجميع ستكون توجهاتهم الاستهلاكية الى الحاجة للمستلزمات الصحية (وقائية او علاجية وما يتعلق بها)، واول مرة في تاريخ البشرية تتحول الحاجة الاستهلاكية لكل فرد في العالم باتجاه نفس الحاجة وهذا يعني ان اكثر من 7.5 مليار فرد في العالم سيطلب نفس الحاجة ملاحظة لابد من الوقوف عندها طويلا.
فالمستثمر ينتظر هكذا افكار لانها مطلوبة مجتمعيا محليا وعالميا. فالباحث في المجال الطبي يقتضي ان يوجه جهده البحثي باتجاه البحث في الوسائل المثالية للوقاية من الوباء والوسائل العلاجية وايجاد البدائل الاسهل والايسر في الاستعمال، وفي المجال الاقتصادي يقتضي ان يتوجه جهده البحثي باتجاه ايجاد فرص عمل في ظل اجراءات الحظر وماهي البدائل الافضل لتمويل العجر الحاصل في الموازنة بفعل انهيار اسعار النفط عالميا وتأثر الاقتصاد بهذا الوباء، ويأتي المختص في القانون للبحث في الآليات القانونية لاستثمار البحث العلمي حسب قواعد القانون التجاري والقانون الدولي وهل ممكن عقد اتفاقية اممية تصادق عليها جميع الدول لمواجهة تداعيات فايروس كورونا؟
كيف نخلق حالة التكاملية بين الاختصاصات العلمية والانسانية لمواجهة هذا الوباء العالمي بحيث تكون مخرجات تخصص هي مدخلات لتخصص آخر فالمختص بالإحصاء في كلية الادارة والاقتصاد مثلا يجهز باقي التخصصات بخارطة رقمية واضحة عن النواحي الصحية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثلا عدد العراقيين في الداخل والخارج وعدد المتعلمين والمهاجرين والنازحين والمستفيدين من بعض البرامج فالعراق لا يمتلك قاعدة بيانات في الكثير من الجوانب ومنها ضحايا الارهاب والاموال موضوع الفساد وما بتعلق بالنظام الصحي.
ولأجل تطبيق ما تقدم من نتائج فلابد ان نشخص الاشكالية القائمة والتي تمثل تحدي للبحث العلمي والمتمثلة في عدم توافق الاطراف الثلاثة وهم الباحث والمنتج (المستثمر) والمستهلك. فالمستهلك مثلا بحاجة الى فرص عمل او تقنية تسهل الاجراءات الادارية في اطار ما تتطلبه حياته اليومية او بحاجة الى تحسين وضعه الصحي في ظل التحديات العالمية التي تواجه صحة الانسان في المرحلة الحالية، او البيئي او المعيشي او العيش بسلم اهلي، في حين الباحث يجري بحثه في موضوع اخر نتائجه لا تخدم تلك الحاجات وهذا هدر للجهد والوقت والتكاليف فهو وضع الشيء ليس في موضعه، وبالمقابل سوف لا تكون موضوعا جاذبا للمستثمر اي تغيب الفرص الاستثمارية امام الاخير، وذلك لغياب موضوع يستطيع ان يوفق فيه المستثمر بين الباحث والمستهلك، وكأنما يضع الباحث امام المستهلك وسيلة لا تتلائم لتحقيق غايته وحاجته فالوسيلة من طبيعة لا تتناسب مع طبيعة الغاية التي ينشدها المستهلك فهنا سيفوت الباحث الفرصة على المستثمر اولا في استثمار جهده العلمي وفيها خسارة اقتصادية للباحث فضلا عن خسارته المعنوية، فهو بدلا من استثمار جهده العلمي استثمارا معنويا وماديا ستكون النتيجة سلبية، وسوف لا يلبي الباحث حاجة المستهلك ثانيا.
فالإشكالية تبدأ بالباحث لتنتهي بالمستهلك والاخير يعد الاكثر تضررا والكافة تعد بمثابة مستهلك والقليل منهم يمثل فئة الباحثين وهم ايضا في مركز المستهلك، فعلى هذه القلة التي تمثل النخبة ان تأخذ على نفسها تلبية حاجة سوق العمل لتخدم بذلك المستهلك وهم الكثرة بل هم الكافة والمستثمر في نفس الوقت كما انها ستكون الطرف المستفيد ايضا، علما ان العراق لديه مورد بشري غني بالكفاءات فهو يمتلك باحثا ذكيا وجيدا قياسا بالمستوى العالمي ومستهلك محنك وفي الوقت نفسه لدينا اموال تبحث عن فرص استثمارية امنية تتمثل بالمستثمر الوطني وحتى الاجنبي سيدخل في المعادلة ليكون طرفا قويا في تحقيق مستوى متقدم في التنمية.
ان هذا يضعنا امام بذل المزيد من الجهود وهو ما يتطلب اولا تذليل التحديات التي تواجه البحث العلمي بعد ان علمنا ان الباحث يعيد تنظيم الحياة بمختلف مناحيها بأسلوب اكثر تحضرا وتطورا وتنظيما على نحو يفيد اكبر مساحة من البشر، لكن إلقاء نظرة بسيطة على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية في العراق لا يفيد هذا المعنى انما يظهر وجود وضع مرتبك ولعل احد اهم الأسباب الرئيسة وراء ذلك هو عدم وجود تنسيق بين جهود الباحث من جهة وحاجة المستهلك من جهة اخرى.
فوجود هذا التنسيق معناه توفير فرص جاذبة امام المستثمر العراقي والاجنبي. ويقتضي ان يكون هناك جهاز معني بذلك ينسق عمل كل هذه الأطراف، وبالعودة الى قانون الخدمة الجامعية رقم 32 لسنة 2008 نجده اشار الى المعاني المتقدمة في المادة (2/عاشرا) نص على(القيام بالدراسات والبحوث التي تقترحها دوائر الدولة والقطاع العام والخاص في نطاق التعاون بين مؤسسته وتلك الجهات). وهي احد اهم الواجبات التي يضطلع بها موظف الخدمة الجامعية ولم تبين المادة الاليات المعتمدة في هذا التعاو،ن وهنا يمكن ان نرجع الى تعليمات تعضيد البحث العلمي[1] اذ نصت المادة(1)على ان “أولا- تقوم الجامعة وهيئة المعاهد الفنية والهيئة العراقية العليا للاختصاصات الطبية بالاتصال بالجهات الحكومية، والأهلية، للتعرف على مشاكلها العلمية واقتراح مشاريع بحثية والاتفاق معها على مشاريع علمية تطبيقية موجهة لحل هذه المشاكل لقاء مبالغ معينة أو خدمات أو مواد عينية، ووفق عقود بين الجامعة أو الهيئتين، والجهات الحكومية، والأهلية، ولها ان تخصص اوجه صرف هذه المبالغ حسب التشريعات، كما ان للجامعة أو الهيئتين اقتراح مشاريع بحوث حسب الخطط العلمية للأقسام تخصص لها الاعتمادات اللازمة في ميزانيتها. ثانيا- توفر الجامعة أو الهيئتان، والجهات المستفيدة، وحسب العقود للباحثين أثناء قيامهم بأبحاثهم جميع ما يحتاجون اليه، مما هو ضروري لإجراء البحث واستكمال متطلباته”، كما ذهبت المادة(2) منه الى ان” أولا- للجامعة والهيئتين ان تعضد البحث العلمي للباحثين الذين يقومون بالأبحاث العلمية بناء على رغبتهم، وفي المواضيع التي يختارونها أو التي يتفق عليها مع الجهات الحكومية أو الأهلية، ويكون كل ذلك بموافقة القسم أو الفرع العلمي، ويعضد البحث المكتمل ويمنح الباحث المكافأة بالحدود المشار اليها في المادة (4) من هذه التعليمات، على ان تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في هذه التعليمات، وان لا يكون قد عضد سابقا. ثانيا- تخصص مبالغ ضمن العقود المبرمة مع الجهات الحكومية، والأهلية، وتصرف كمكافئات الى اعضاء الفريق البحثي الذي يقوم بتنفيذ تلك العقود”.
كما نصت المادة(3) منه على ان “اضافة الى ما ورد في المادة (2) من هذه التعليمات تخضع البحوث الآتية: لغرض التعضيد للقواعد المنصوص عليها في هذه التعليمات ووفقا لما يأتي: أولاً: البحوث التطبيقية والابتكارات ذات المردود العلمي والاقتصادي للقطر التي تجرى بالاتفاق مع قطاعات العمل بأية صيغة موثقة. ثانيا – البحوث المستلة من مشاريع بحوث طلبة الصفوف المنتهية ومن رسائل الدبلومات العالية والماجستير والدكتوراه التي قدمها أو اشرف عليها عضو هيئة التدريس. ثالثا – بحوث التفرغ العلمي. رابعا – بحوث الزمالات والايفادات والندوات والمؤتمرات”.
ورغم ما تقدم من نصوص تشريعية لا نلحظ لها تطبيق يذكر، ولعل احد اهم اسباب ذلك يرجع الى عدم اتخاذ خطوات تنفيذية من قبل الحكومة، وكذلك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تطوير البحث العلمي وتشجيع الباحثين على ذلك من خلال رصد التخصيصات المالية لهم اضافة الى عدم تطبيق مبدأ الثواب لمن يقوم بعمل متميز والعقاب لمن لا يحسن ذلك وكان يمكن ان تشجع البحث العلمي بحيث يكون تمويله ذاتيا من خلال اعتماد طرق التعاقد مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في مواضيع انتاجية او خدمية او صناعية او صحية او انسانية.
خامسا: – الباحث بوصفه محور المعادلة
لأجل نجاح الباحث في جذب فضول المستثمر فيمكن ان نلاحظ ان هناك مرحلتين يمر بها الباحث وممكن ان يغطيها المستثمر: الاولى قبل انجاز البحث والثانية بعد انجازه فالأولى تنصرف الى اختيار موضوعات تشكل تحديات او اشكاليات تواجه الفرد او الدولة او المجتمع او معا تفضي الى حلول متعددة الوظائف وتكون موضوع طلب في السوق. فهنا الباحث يمكن ان يستثمر جهده العلمي للبحث عن منتج يرحب وينجذب الى انتاجه العلمي ليقوم بعدها بترويجه ثم تسويقه، اما مرحلة بعد الانجاز فتتمثل بالاستفادة من المدخلات في المرحلة الاولى والتي تفضي به الى الحصول على مخرجات نوعية وتدفع به هنا الى استثمار ما توصل اليه من نتائج علمية عن طريق بحثه عن منتج او مستثمر يقوم بتوظيف النتاج العلمي في سوق العمل، مثلا ذلك اذا افضى البحث العلمي الى اختراع دواء لمرض او لقاح له او توفير فرص عمل او ايجاد مواد بديلة كطاقة بديلة عن البترول صديقة للبيئة او الكشف عن مواقع اثرية يمكن استثمارها او الالة جديدة توفر اقتصاد في الوقت والتكاليف، فهذا يعني ان هذه المرحلة تتمثل بتسويق مخرجات البحث العلمي وتبدو ان المرحلتين متداخلتين، مما يعني ان هناك استثمارين في الموضوع: استثمار الباحث نشاطه العلمي في البحث عن حلول وهو استثمار لمدخلات البحث العملي ثم استثمار هذه الحلول في سوق العمل وهو استثمار لمخرجات البحث العلمي، مما يعني ذلك ان الاستثمار للبحث العلمي سيأخذ طابع مركبا يتداخل الجهد العلمي للباحث وهو استثمار يمكن ان نقول مجازا استثمار فكري معنوي، مع النتائج العملية لتك الجهود والتي تصبح واقع محسوس يكون موضوع عمل المستثمر وهذا هو الاستثمار بمعناه التقليدي.
وفي الوضعين يحصل تداخل بين الجهود العلمية للباحث مع حاجة المجتمع لما ينتجه، ووجود مستثمر يوجه النشاط العلمي وما افضى اليه من نتائج الى سوق العمل وهنا سيكون البحث العلمي مفيدا لعدة اطراف الباحث فهو سيحصل على مقابل اقتصادي لجهده، والمستثمر سوف يستثمر نتائج البحث ويحصل على مردود مالي ايضا، ثم يأتي المستهلك الذي سيحصل بفضل الباحث والمستثمر على حاجته التي يمكن ان تكون على شكل فرص عمل او آلة تسهل عليه اداء مهامه اليومية او علاج طبي لتدارك ما يعانيه من علل صحية، فهكذا مخرجات تعبر عن ابتكار وتكون موضوع يصلح لمنح شهادة براءة الاختراع [2]. او العيش بسلام وأمان في بيئة تسودها النزاعات.
سادسا:- بعض الشواهد التي تعكس استراتيجية استثمار مخرجات البحث العلمي
هناك بعض الشواهد التي يمكن ان نستدل بها على صحة ما ذكرناه والمتمثلة بالمجلات التي تدخل ضمن محركات البحث العالمية ومنها سكوبس وتومسن رويترز وغيرها فهي عبارة عن مؤسسات او شركات على وصف البعض لا يغيب عن أهدافها البعد الاقتصادي فهي تبحث عن بحوث نوعية عالية الجودة، فلا تنشر مجرد بحوث لأغراض ترقية مثلا او تعبر عن مجرد نشاط علمي، انما يجب ان تكون بحوث قابلة للتطبيق العملي ولها مردود اقتصادي او انساني ملموس فهي تمثل مستوى متقدم في النتاج الفكري، ولعل احد اهم الاسباب التي تقف وراء ذلك هو سعي هذه مؤسسات او الشركات للمحافظة على سمعتها اولا وسمعة المجلات التي تدخل في منظومتها على المستوى العالمي، لذا فان زيادة عدد الناشرين من جامعة معينة للبحوث مثلا على محركات البحث العالمية اعلاه تعد احد اهم العوامل التي ترفع من تصنيف تلك الجامعة في العالم، كما ان تلك المؤسسات او الشركات (ثومسن رويترز وسكوبيس وكلارفيت) تحافظ على المجلات التي تدخل في منظومتها من خلال ضمان سرعتها في الانتشار والتوزيع بل تبحث عن تطوير مستوها من خلال وضع شروط ومعايير للنشر فيها وبما يطرح جيل من البحوث النوعية فهي بين الحين والاخر تدخل مجلات وتقوم بإخراج مجلات معتمدة على معايير عالمية لا تخلو من تقييم اقتصادي.
فهذه المجلات والقائم على ادارة محركات البحث العالمية ممكن ان تكون قد وفقت بين الباحث صاحب النتاج الفكري والمستهلك وهم القراء بالدرجة الاولى وكذلك الجهات المستفيدة التي تحول مخرجات البحث العلمي الى واقع متحرك له قيمة اقتصادية، فتوظف تلك المخرجات على شكل انتاج علاج مثلا لمرض او مضاد لمرض مستحدث او حل اشكالية تتعلق بالوضع المعيشي للفرد او ظاهرة سلبية تواجه المجتمع كالإرهاب او توفر عوامل محركة للبيئة الاقتصادية فتحولها الى بيئة جاذبة للاستثمارات بعد توظيف البحوث التي توفر البيئة الامنة، وهكذا فان توجه مثل هكذا مجلات ومن يقوم بإدارتها يتخلله البعد التجاري من ناحيتين الاولى ان اغلب المجلات التي تصنف ضمن سكوبس او ثومسن رويترز تأخذ مقابل مالي لنشر البحث والثانية تتمثل في دفع مقابل من قبل من يقتني نسخ من مجلاتها الكترونيا او ورقيا.
وبذلك تكون تلك المجلات الداخلة ضمن التصنيفات اعلاه والقائم على ادارتها قد احسنت استثمار البحث العلمي ولكن لحسابها بطريقين: الاول انها تلقت مورد مالي من الباحث والثاني انها تلقت مورد مالي من المتلقي فهي استفادت مرتين بذلك وامام هذه الجهود العلمية كان يجب ان توظف داخل البلد وتوجه لأجل غايات معلومة.
لذا نحن يمكن ان نجد في الدول المتقدمة ومنها بريطانيا وفرنسا واستراليا عناية عالية بالبحث العلمي وتطويره وتوظيفه فلم يترك الامر للباحث ليبحث في كل شيء ولم يترك المستهلك بدون ان تسد حاجاته بطرق سهلة ويسيرة وامانة، كما ان المستثمر وفرت الجهات المعنية في تلك الدول له فرصة الاستفادة من تلك البحوث من خلال اتاحة التعاقد بين الجامعات او المراكز البحثية والمستثمر للنتاج العلمي.
فهذه العقود تأخذ طبيعة تجارية استثمارية فاطراف العقد ستكون الجامعات مثلا ممثلة بالكلية او المركز البحثي اللذان يتبع احدهما الباحث والطرف الثاني المستثمر او المنتج والجهاز المعني بالشؤون البحثية هو الذي يضع الشروط النموذجية التي تتعلق بالقواعد التنظيمية التي يسير عليها الطرفين ومنها الاستقطاعات الضريبية والنسب المقررة لكل من الجهاز الحكومي البحثي والجامعة فضلا عن مراعاة ما يتعلق بالنظام العام، ويترك للطرفين حرية تقرير الشروط الاخرى من حيث مدة الانجاز والالتزامات والحقوق التي تقع على عاتقهم، وجزاء الاخلال بالعقد وكيفية الاتفاق على المقابل المالي (للباحث والكلية) قبل انجاز البحث ام بعده والضمانات التي تتعلق بسلامة وصلاحية المخرج العلمي للعمل ومدة الفحص والتسليم وحماية المستهلك، اي ان هناك استراتيجية للبحث العلمي وهذه الاستراتيجية يضطلع بها جهاز مركزي فهو سيحاكي حاجات الفرد والمجتمع والدولة توفيقه بين ما ترسله الاجهزة الحكومية وغير الحكومية من اشكاليات او تحديات والتي تواجه عملها او ممكن ان تواجهها في المستقبل.
اذ سيرحل هذا الجهاز تلك الاشكاليات والتحديات الى الجهات البحثية (جامعات مراكز بحثية) لتقوم الاخيرة بدورها في توجيه الكليات والاقسام التابعة لها من خلال ارسال تلك الاشكاليات والتحديات لها كتابة ويقتضي ان يكون هناك تقييم للجامعات او المراكز البحثية حسب نسبة الانجازات للبحوث التي نجحت في القضاء او الحد من الإشكاليات او التحديات موضوع البحث العلمي فكلما كانت نسبة تلك البحوث عالية وناجحة في تحقيق اهدافها كلما ارتفع التصنيف العلمي العالمي لتلك الجامعات كما يمكن ان تكون من الجامعات المعيارية كجامعة شنكغاي.
وهذا ينسحب بالمثل على ادارات الجامعات والكليات ونزولا الى تقييم التدريسيين على المستوى العلمي والمالي وفي كل شيء ونحن الان في زمن الكورونا مطالب كل تدريسي ان يبذل كل ما يستطيع وكلا من تخصصه لسد حاجة الفرد والمجتمع من الخدمات والسلع وبما يحقق انسيابية عالية في الحلول البديلة مثال ذلك كيفية معالجة اشكالية البطالة في ظل اجراءات الحظر هل هذه هي مسؤولية مجتمعية ام مسؤولية دولة فقط ام ماذا.
كيف تستطيع الدولة ان ترشد الانفاق وتوسع الايرادات في ظل هذه الازمة كل ذلك يتطلب البحث عن بديل في كل اوجه الحياة بعد ان تعطلت 90% منها هل ممكن استرداد اموال العراق المهربة الى الخارج؟ هل يمكن مطالبة العراق بالتعويضات عن الاضرار التي خلفها الارهاب من الدول التي يحمل الارهابيين جنسيتها؟ وهكذا يمكن ان تتوسع الجهود باتجاه البحث عن فرص بديلة. كذلك اشاعة ثقافة التامين على الحياة او الصحة بشكل عام بحيث يكون هناك تكافل بين افراد المجتمع على التصدي للمخاطر وهنا ملاحظة مهمة وهو ان الدولة ستعضدها شركات التامين في مواجهة مثل هكذا ازمات والمتمثلة بهذا الوباء.
ان التقدم الذي حصل في الكثير من البلدان يعود بالدرجة الاساس الى اهتمامها بالبحث العلمي واستثمار مخرجاته وقبل ذلك دورها في تطوير هذا القطاع في الجامعات ورصد التخصيصات المالية لهذا الغرض لذا نجد اكثر الدول تقدما هي تلك التي تتصدر القائمة في دعم البحث العلمي حيث تحافظ الولايات المتحدة على الصدارة وتأتي بعدها اليابان والاتحاد الاوربي وهذه الدول تنفق ما يقارب (417 بليون دولار) اي تعادل ثلاث ارباع العالم في الانفاق على هذا القطاع [3] واخر الاحداثيات في هذا المجال تقدم الصين في المرتبة الثانية[4] فهي لا تنظر الى البحث العلمي مجرد نشاط عادي او علمي بل انه عبارة عن تنظيم الافكار بطريقة متطورة ومفيدة ومنتجه بحيث نتائج البحث تكون صناعة جديدة متناغمة مع حاجات الفرد والدولة وسوق العمل، فلا يمكن ان يكون البحث عبارة عن ترديد لما هو كائن او اعادة صياغة الافكار بأسلوب اخر والنتيجة واحدة انما يجب ان يكون البحث تشكيل او تطوير لوضع كائن او سيكون فمثلا في علم الارقام النتيجة المنطقية لجمع رقمين ستختلف عن كل رقم تم جمعه 1+1= 2 فالنتيجة 2 لاتشبه رقم 1 انما النتيجة رقم جديد لا تكرار للأرقام التي جمعها المعني، فكذلك البحث يجب ان لا تكون مخرجاته هي اعادة نفس الافكار التي وضعت في البحث انما يجب ان يكون عبارة عن جمع كل تلك الافكار والخروج بأفكار جديدة صالحة للتوظيف والاستعمال لغاية معينة اي يمكن تطبيقها على الحياة بمختلف مناحيها وبحيث يكون المستفيد بالمحصلة النهائية الانسان سواء في الجانب الصحي او المعاشي او الانسانية او الامني. فاذا كانت الدول المعيارية كما يمكن توصيفها اهتزت منظومتها الاقتصادية والصحية وطالت الامن الانساني امام هذا الوباء وما رافقه من تداعيات فيها فكيف الحال بالدول النامية ووضعنا في العراق ليس ببعيد؟ كما ان العالم قد تجاوز مرحلة البحوث النظرية المجردة وان كانت هي نوع من انواع البحوث وهي ما تسمى بالبحوث الاساسية [5]
سابعا: الاستنتاجات والمقترحات
ان اهم ما توصلنا اليه من نتائج هي: –
1- تجاوز مرحلة البحوث التقليدية الى مرحلة البحوث المنتجة والقابلة للاستثمار.
2- رغم اختلاف طريقة استثمار مخرجات البحوث في اطار التخصصات الانسانية عن طريقة استثمار البحوث في اطار التخصصات العلمية الا ان ذلك لا يمكن من تكاملها فهناك ثمة تكامل بين البحوث الطبية في مجال مواجهة الوباء العالمي والاطار القانوني لمسؤولية ناقل الوباء فالمختص في القانون لا يعرف الجوانب العلمية عند تحديد الوضع الصحي للمصاب او من يضطلع بمعالجته انما رائيه القانوني سيكون مبني على الرائ العلمي ليقرر فيما بعد المسؤولية القانونية، وبالمثل فالمختص في تقنيات تكنولوجيا المعلومات يزود المختص بالقانون بالاطار التقني والفني للإنسان الآلي لكي تحدد المسؤولية القانونية فيما بعد عن الافعال الصادرة عن الانسان الالي من حيث درجة تقنية سيطرة الانسان على الانسان الالي.
3- يقتضي توظيف مخرجات البحوث في التخصصات الانسانية باتجاه تطبيق برامج معينة تتعلق بالتنمية البشرية والثقافة القانونية لتقليل الجرائم مثلا فيحين مخرجات البحوث في التخصصات العلمية تنصرف الى الابتكار والتحديث في مجال الالة او العلاج وغيرها.
4- استثمار ما يتمخض من مخرجات عن البحث العلمي في كافة التخصصات لتحقيق عوائد مالية مفيدة للباحث والجهة التي يتبعها وفي نفس الوقت مفيدة للمستثمر الذي سيضع مخرجات ابحاث الباحث تحت تصرف المستهلك بالكمية والنوعية التي ترضيه وتسد حاجته سواء كانت تلك الحاجة متعلقة بالغذاء ام الدواء ام السكن ام وسائل النقل ام نظافة البيئة وصحته وأمنه.
وفي ضوء ما تقدم يمكن ان نقترح من اجل الاهتمام بالبحث العملي في مدخلاته ومخرجاته كموضوع استراتيجي وخاصة في هذا الوقت الذي يمر به العراق وهو يواجه تحديات متزايدة وكبيرة الاتي: –
اولا: – ضرورة رعاية البحث العلمي وعليه يقتضي اولا وقبل كل شيء ان نحدد الجهات المسؤولة عن إدارة البحث العلمي، ثم نُوزع المهام بينهما، وهذه الجهات يقتضي أن يحكمها مبدآن: للوصول الى إدارةٍ صحيحةٍ، وسليمةٍ لبحث العلمي في مدخلاته ومخرجاته، هما: التعاون، والتكاملُ، وحسبما يأتي:
الجهة المنظمة والمسؤولة عن السياسة العامة في الدولة: المتمثلة في (السلطة التشريعية) والجهات الساندة لها كالسلطة التنفيذية (مجلس الوزراء مجلس الرئاسة) وعلى هذه الجهة مسؤولية تخصيص دور كل طرف من الأطراف في البحث العلمي (الجهة البحثية كجهة منتجة والجهة المستفيدة كجهة مستثمرة او مستهلكة) بموجب قانون تقترحه السلطة التنفيذية وتقوم بمناقشته السلطة التشريعية (مجلس النواب) ليأخذ بعد تطويره طريق التشريع.
الجهة البحثية (المؤسسة التعليمية، الجامعات، المراكز البحثية): المتمثلة على سبيل المثال بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
الجهة المستفيدة (المؤسسات الحكومية وغير الحكومية)، وزارات الدولة:
ولأجل تفعيل هذه الاستراتيجية يتوجبُ تحقيقُ التعاونِ بين الأطراف ذات العلاقة من خلال اعتماد الآلية التالية:
1- تقوم الجهة المنظمة، (السلطة التنفيذية، مجلس الوزراء) او (السلطة التشريعية مجلس النواب) على سبيل المثال بإصدار قانون او تعليماتٍ مركزيةٍ يتحدد بموجبها دور كل طرفٍ، بعدها يُصار الى إِصدار اعمامٍ إلى كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية (الوزارات)، الطرف الثاني: بعرض تفصيلي للإشكاليات، والتحديات التي تواجهها، وترسلها بكتاب الى الطرف الأول، وعلى الأخير ان يقوم بأعمام الاشكاليات على المؤسسات التعليمية (الجامعات)، المراكز البحثية، على ان تتقيد بنوع المشكلة، وحجمها، وطبيعتها، ويكون للجهة المستفيدة اذا كانت حكومية تشكيل لجنة وزارية اما اذا كانت غير حكومية فيمكن فحص النتائج لدى جهاز التقييس والسيطرة النوعية، تعنى بدارسة جدوى التوصيات التي خرجت بها الجهات البحثية، وانسجامها مع الاشكالية، كما وردت في الكتاب أعلاه، وبعد اقرارها تصبح ملزمة لها وواجباً عليها تنفيذُها، على ان تعلم الجهة المنظمة بما قامت بتنفيذه، على أن يكون الأثر المترتب على عدم التزام الأطراف أعلاه وحسبما يأتي:
أ- الجهة البحثية: تعليق الدراسات المتخصصة فيها في مجال ما(الدراسات العليا) مثلاً، أو منح بعض الشهادات لعدم جدواها، وتحقيق أغراضها(جودتها) على ان يذكر ذلك في تقييمها.
ب- الجهة المستفيدة: دفع المستحقات المالية التي ترتبت للجهة البحثية (وزارة التعليم، الجامعات) على ان ترحل نسبة منها الى الجهة المنظمة لاحقا(مجلس الوزراء) مثلاً، ويكون ذلك وفقاً للقوانين والتعليمات المعنية.
2- الأثر المترتب على التزام الأطراف أعلاه يكون على النحو الآتي:
أ- الجهة البحثية يكون استحقاقها مقابل مالي بموجب عقد يتم عن طريق المكاتب الاستشارية وحسب القوانين، والأنظمة النافذة.
ب- الجهة المستفيدة تحتفظ بالحق في التصرف بكافة أنواع التصرفات بالحلول والتي يمكن ان تكون على شكل براءة الاختراع أو ملكية فكرية من أي نوع.
3- التوصية للجهات التشريعية المحلية، بتحديد جزء من ايراداتها في موازنتها السنوية لدعم البحث العلمي في المؤسسات العلمية.
4- مفاتحة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة لمعرفة المواصفات التي يتطلب توافرها في الطلبة الخريجين.
5- ارسال ممثلين عن الجامعة للجهات المستفيدة للتعرف على احتياجاتهم عن كثب وقد اشارت الى الافكار المتقدمة بعض التعليمات النافذة.
6- ان تحقيق ما تقدم يتطلب اتخاذ اجراءات منها تشكيل لجان في كل طرف من الأطراف الثلاثة تأخذ على عاتقها رسم خارطة طريق لتجويد أعمالها، وتوصيفها التوصيف العلمي، والعملي الصحيح.
7- تكوين قاعدة بيانات لمتابعة الطلبة بدءً من السنة التحضيرية، خاصة بمتابعة البحوث من خلال منحه كتاب (تسهيل مهمة باحث) الى الجهة التي يفترض أنها ستستفيد من بحثه (الجهة المستفيدة) لغرض الاطلاع على الاشكاليات والتحديات التي تعترض عملهم على المستوى التشريعي، والقضائي والتنفيذي، لكي يتخذها الطالب مادة خام لمعالجتها في موضوع رسالته، أو اطروحته، لغرض التحول باتجاه جعل البحوث العملية كلياً بحوثاً تطبيقيه، ويكون كل ذلك من مادة السمنار، ولا يوافق للطالب على موضوعه ما لم يمر عبر الاجراءات أعلاه.
8- تشكيل لجان لدراسة توصيات الرسائل والأطاريح التي تبحثُ في موضوعات تشكل تحدياً آنياً أو مستقبلياً للفرد، أو المجتمع، والدولة بشكل عام.
9- استثمار مادة السمنار لاختيار الطالب موضوعاً يمثل اشكالية تشكل تحدياً آنياً، أو مستقبلياً أو تمس الفرد، أو تؤثر سلباً على المصلحة العامة، وإمكانية اختيار ذلك الموضوع محلاً لأطروحة الدكتوراه أو رسالة الماجستير، وهذا يصب في تسويق المادة العلمية، وتوظيفها، باتجاه الواقع بالشكل الذي يحقق فكرة البحوث المنتجة، ومن ثم الجامعة المنتجة، فتكون الجامعة المصنع الذي يستقبل المادة الخام(الاشكالية)، ليتم صناعة حل لها، وتحويلها الى مادة مفيدة، أي تحويل المشاكل الى حلول.
ثانيا: – استحداث قسم متخصص بالبحث العلمي في كل كلية مع تشكيل لجنة داخل القسم تعنى بدراسة الجدوى من اي بحث يقدم سواء من قبل التدريسي ام طالب الدراسات الاولية ام العليا وبدون جدوه يرفض واللجنة يجب ان يكون من بين اعضاها عضو متخصص بالإدارة.
ثالثا: – تخصيص فقرة في الموازنة معنية بدعم البحث العلمي لما له من دور في تحقيق التنمية والعراق احوج ما يكون لها في المرحلة الحالية.
رابعا: – يقتضي ان يكون هناك تنسيق على مستوى متقدم بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من جهة ووزارة التخطيط من جهة اخرى وذلك لكي تستفاد الاخيرة من مخرجات الاولى وبالمقابل تجهز وزارة التخطيط وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بمدخلات لتكون موضوعات لرسائل ماجستير او اطاريح دكتوراه وتعتمد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هذا المعيار اساس في تقييم اداء الجامعات.
نسأل الله التوفيق لنا ولكم
* ا.د. عبد الرسول عبد الرضا الاسدي، كلية القانون-جامعة بابل
……………………………….
[1] – منشورة في الوقائع العراقية بالعدد(3433) في 23/11/1992.
2- اشارة الى هذا المعنى المادة الاولى من قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية المرقم بـ (65) لسنة 1970 التي نصت على………. -4 الاختراع: كل ابتكار جديد قابل للتطبيق الصناعي سواء اكان متعلقا بمنتجات صناعية جديدة ام بطرق ووسائل مستحدثة ام بهما معا، او يحقق نسبة تطوير معينة ليكون خارج اطار التقليد. 5 – المخترع: من توصل الى اختراع. -6 مالك حق الاختراع: الحامل الفعلي لبراءة الاختراع سواء أكان المخترع أم من آلت اليه حقوق الاختراع.
[3] – م.م. خوشي عثمان عبداللطيف، واقع البحث العلمي في الدول النامية مقارنة بالدول المتقدمة في توطين التكنلوجيا ]الصين والماليزيا واليابان[ أنموذجاً بحث منشور في مجلة كلية التربية للعلوم التربوية و الانسانية جامعة بابل العدد /30 كانون اول /2016 ص 202 وما بعدها.
[4] – حسب معهد اليونسكو للاحصاء لغاية 2019.
[5] – معهد اليونسكو للإحصاء دليل إرشادي استبيان إحصاءات البحث والتطوير التجريبي، مونتريال، سبتمبر/ أيلول 2018، الإصدار 1، ص4
رابط المصدر: