عادل رفيق
في 12 أكتوبر 2022، أصدرت الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس جو بايدن “استراتيجية الأمن القومي” الأمريكي التي ترسم “رؤية لعالم حر ومنفتح وآمن ومزدهر، مع خطة شاملة لتحقيق هذه الرؤية، بحسب بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية في نفس اليوم. حيث يقول بيان الخارجية، “ليست هذه رؤيتنا فحسب، بل هي رؤية نتشارك فيها مع العديد من البلدان الأخرى التي تسعى إلى العيش في عالم يحترم المبادئ الأساسية لتقرير المصير وسلامة الأراضي والاستقلال السياسي؛ عالم تكون الدول فيه حرة في تحديد خيارات سياستها الخارجية؛ عالم يتيح حرية تدفق المعلومات ويحترم حقوق الإنسان العالمية ويعمل الاقتصاد العالمي فيه على أساس تكافؤ الفرص، ويوفر الفرص للجميع”.
ونظراً لأهمية الاستراتيجية في العمل البحثي، فقد قام المعهد المصري للدراسات بترجمة كامل النص وإتاحته للباحثين، على حلقات، تم نشر الحلقة الأولى منها، والتي شملت مقـدمة الرئيس بايدن، وعرض إجمالي للاستراتيجية. وهذه هي الحلقة الثانية، وتشمل الجزء الأول من الاستراتيجية، تحت عنوان: “المنافسة على ما هو قادم”، وذلك على النحو التالي:
الجزء الأول: المنافسة على ما هو قادم
رؤيتنا الدائمة
نعيش حالياً في السنوات الأولى من عِقد حاسم بالنسبة للولايات المتحدة والعالم أجمع. فسيتم تحديد شروط المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى. وستضيق بشكل كبير مساحة الفرص للتعامل مع التهديدات المشتركة، مثل تغير المناخ. وستحدد الإجراءات التي نتخذها الآن ما إذا كانت هذه الفترة ستُعرف بـ “عصر الصراع والشقاق” أم ستُعتبر “بداية لمستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً”.
نحن نواجه تحديين استراتيجيين: التحدي الأول هو أن حقبة ما بعد الحرب الباردة قد انتهت نهائياً وأن المنافسة تجري الآن بين القوى الكبرى لتشكيل ما سيأتي بعد ذلك. وفي هذا الصدد، لا توجد دولة في وضع أفضل لإحراز النجاح في هذه المنافسة من الولايات المتحدة، طالما أننا نعمل في قضية مشتركة مع أولئك الذين يشاركوننا رؤيتنا لعالم حر ومنفتح وآمن ومزدهر. وهذا يعني أنه يجب احترام المبادئ الأساسية لتقرير المصير، وسلامة الأراضي، والاستقلال السياسي؛ ويجب تعزيز المؤسسات الدولية، وأن تكون الدول حرة في تحديد خيارات سياستها الخارجية، والسماح بحرية تدفق المعلومات؛ ويجب دعم حقوق الإنسان العالمية، وأن يعمل الاقتصاد العالمي على أساس تكافؤ الفرص وتوفير الفرص للجميع.
والتحدي الثاني هو أنه في الوقت الذي تجري فيه هذه المنافسة، يكافح الناس في جميع أنحاء العالم لمواجهة آثار التحديات المشتركة العابرة للحدود – سواء كانت تغير المناخ، أو انعدام الأمن الغذائي، أو الأمراض المعدية، أو التضخم. هذه التحديات المشتركة ليست قضايا هامشية وثانوية في الجغرافيا السياسية. لكنها في الحقيقة من صميم الأمن القومي والدولي ويجب التعامل معها على هذا الأساس. فهذه التحديات، بحكم طبيعتها، تتطلب تعاون الحكومات إذا أرادت بالفعل حلها. لكن يجب أن نكون واضحين في أنه سيتعين علينا مواجهة هذه التحديات في بيئة دولية تنافسية، حيث يؤدي تصاعد المنافسة الجيوسياسية والقومية والشعبوية إلى جعل هذا التعاون أكثر صعوبة وسيتطلب ذلك منا التفكير والتصرف بطرق جديدة.
فاستراتيجيتنا تستهدف بالأساس تحقيق مصالحنا الوطنية، بما في ذلك: حماية أمن الشعب الأمريكي، وتوسيع الفرص والازدهار الاقتصادي، وتحقيق القيم الديمقراطية والدفاع عنها كأساس لطريقة الحياة الأمريكية. ونحن لا نستطيع القيام بأي بهذا كله بمفردنا ولا يتعين علينا ذلك. فمعظم الدول حول العالم تحدد مصالحها بشكل يتوافق مع مصالحنا. وبهذا سنبني أقوى وأوسع تحالف ممكن من الدول التي تسعى إلى التعاون مع بعضها البعض، بينما تتنافس مع القوى الأخرى التي تقدم رؤية أكثر قتامة، وتحبط جهود تلك القوى التي تهدد مصالحنا.
دورنا الدائم
لم تكن الحاجة إلى دور أمريكي قوي وهادف في العالم بأسره في أي وقت مضى أشد مما هي عليه الآن. فالعالم يصبح الآن أكثر انقساماً ويسوده عدم الاستقرار. وقد أدت الزيادات العالمية في نسب التضخم منذ تفشي جائحة كوفيد-19 إلى جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للكثيرين. ويتم مهاجمة واستهداف القوانين والمبادئ الأساسية التي تحكم العلاقات بين الدول، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة والحماية التي يوفرها لجميع الدول من غزو جيرانها أو إعادة رسم حدودها بالقوة. ومخاطر الصراع بين القوى الكبرى آخذة في الازدياد. وتخوض الدول الديمقراطية والأنظمة الاستبدادية سباقاً لإظهار أي نظام حكم يمكن أن يحقق أفضل النتائج لشعوبها وللعالم. وتتزايد المنافسة لتطوير ونشر التقنيات الأساسية التي ستؤدي لتحول كبير في أمننا واقتصادنا. وبدأ التعاون العالمي حول المصالح المشتركة يتلاشى رويداً رويداً، حتى عندما تكون الحاجة إلى هذا التعاون ذات أهمية وجودية. ويزداد حجم هذه التغييرات مع مرور كل عام، كما تتزايد مخاطر عدم اتخاذ أي إجراء حيالها.
وعلى الرغم من أن البيئة الدولية أصبحت أكثر إثارة للجدل، إلا أن الولايات المتحدة تظل القوة الرائدة في العالم. ويستمر اقتصادنا وسكاننا وابتكاراتنا وقوتنا العسكرية في النمو، وغالباً ما تفوق الولايات المتحدة نظيراتها في البلدان الكبيرة الأخرى. وتظل قوتنا الوطنية المتأصلة بلا منافس – بما في ذلك براعة وإبداع ومرونة وتصميم الشعب الأمريكي؛ قيمنا وتنوعنا ومؤسساتنا الديمقراطية؛ قيادتنا التكنولوجية وديناميكيتنا الاقتصادية؛ وسِلْكنا الدبلوماسي وخبراء التنمية وعالم المخابرات وكذلك جيشنا. ونحوز خبرة كبيرة في كيفية استخدام وتطبيق قوتنا بالاشتراك مع حلفائنا وشركائنا الذين يضيفون إلى نقاط قوتنا بشكل كبير. لقد تعلمنا الدروس من إخفاقاتنا كما تعلمنا من نجاحاتنا. إن فكرة وجوب قيام الولايات المتحدة بمنافسة القوى الاستبدادية الكبرى من أجل تشكيل النظام الدولي تحظى بدعم واسع النطاق من كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) في الداخل وبشكل متزايد في الخارج.
تُعتبر الولايات المتحدة ديمقراطية كبيرة ومتنوعة، تضم أناساً من كل جهة من جهات العالم، ومن جميع مناحي الحياة، وكذلك من كل نظام عقدي في العالم. وهذا يعني أن سياستنا ليست دائماً سلسة – في واقع الأمر، فغالباً ما تكون عكس ذلك. ونحن نعيش الآن في لحظة من الشدة والانفعال السياسي العاطفي الذي يمزق أحياناً نسيج الأمة. لكننا لا نخجل من إبراز هذه الحقيقة أو نستخدمها كذريعة للتراجع في ربوع العالم الأرحب. وسوف نستمر في التعامل مع انقساماتنا بصراحة وتواضع في نفس الوقت، وسنعمل من خلال سياساتنا بشفافية وديمقراطية. فنحن نعلم أنه على الرغم من كل الجهود التي نبذلها، فإن ديمقراطيتنا تستحق ذلك التعب والعناء. لإنها الطريقة الوحيدة للتأكد من أن الناس قادرون حقاً على عيش حياة كريمة والتمتع بالحرية. ولن يصل هذا المشروع الأمريكي إلى مرحلة التمام أبداً – فالديمقراطية دائماً عمل قيد التقدم والتطور – لكن ذلك لن يمنعنا من الدفاع عن قيمنا ومواصلة السعي وراء مصالح أمننا القومي في العالم. وللتطبيق الجيد لديمقراطيتنا في الداخل تأثير بالغ على قوة ومصداقية قيادتنا في الخارج – تماماً كما تؤثر شخصية العالم الذي نعيش فيه على قدرتنا على التمتع بالأمن والازدهار والحرية على أرض الوطن.
وتُعتبر تحديات منافسينا عميقة ومتصاعدة. حيث ترتبط مشاكلهم، في الداخل والخارج على حد سواء، بالأمراض الكامنة في الأنظمة الاستبدادية التي تتسم بالشخصنة بشكل كبير، ولذلك فعلاجها يكون أصعب من قدرتنا على مشاكلنا. على العكس من ذلك، فلطالما قامت الولايات المتحدة بتحويل التحديات المحلية والخارجية إلى فرص لتحفيز الإصلاح وضخ دماء جديدة في الداخل. وهذا هو أحد الأسباب التي دحضت كل التوقعات بشأن التراجع الأمريكي مراراً وتكراراً في الماضي – وفي أن الرهان ضد أمريكا لم يكن أبداً رهاناً جيداً. لقد اعتدنا أن ننجح دائماً عندما نتبنى رؤية إيجابية للعالم تتصدى للتحديات المشتركة وتدمجها مع ديناميكية ديمقراطيتنا وتصميمنا على تحدي منافسينا.
طبيعة المنافسة بين الدول الديمقراطية والأنظمة الاستبدادية
إن مجموعة الدول التي تدعم رؤيتنا لعالم حر ومنفتح ومزدهر وآمن واسعة النطاق وقوية. وهي تشمل حلفاءنا الديمقراطيين في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ بالإضافة إلى شركاء ديمقراطيين رئيسيين في جميع أنحاء العالم يشاركوننا الكثير من رؤيتنا للنظام الإقليمي والدولي حتى لو لم يتفقوا معنا في جميع القضايا، وكذلك الدول التي لا تتبنى المؤسسات الديمقراطية ولكنها مع ذلك تعتمد على نظام دولي قائم على القواعد وتدعمه.
سوف يدعم الأمريكيون حقوق الإنسان العالمية ويتضامنون مع أولئك الذين يسعون خلف الحرية والكرامة فيما وراء شواطئنا، تماماً كما نواصل العمل الحاسم لضمان تحقيق المساواة والتعامل على أسس متساوية أمام القانون في الداخل. وسنعمل على تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم لأن الحكم الديمقراطي يتفوق باستمرار على الاستبداد فيما يخص حماية كرامة الإنسان، ويؤدي إلى مجتمعات أكثر ازدهاراً ومرونة، ويخلق شركاء اقتصاديين وأمنيين أقوى وأكثر موثوقية للولايات المتحدة، ويشجع على قيام نظام عالمي سلمي. وسوف نتخذ خطوات، على وجه الخصوص، لإظهار أن الدول الديمقراطية معطاءة – ليس فقط من خلال ضمان قيادة الولايات المتحدة وشركائها الديمقراطيين لأصعب التحديات في عصرنا الحالي، ولكن من خلال العمل مع الحكومات الديمقراطية الأخرى والقطاع الخاص لمساعدة الديمقراطيات الناشئة على أن تعود بنفع ملموس على سكانها. ومع ذلك، لا نعتقد أنه يجب إعادة تشكيل الحكومات والمجتمعات في كل مكان على الصورة التي عليها الولايات المتحدة حتى نكون آمنين.
ويأتي التحدي الاستراتيجي الأكثر إلحاحاً والذي يواجه رؤيتنا، من طرف قوى تتبنى الحكم الاستبدادي جنباً إلى جنب مع سياسة خارجية رجعية. إن سلوكهم هو الذي يشكل تحدياً للسلام والاستقرار الدوليين – لا سيما في شن حروب عدوانية أو التحضير لها، وتقويض العمليات السياسية الديمقراطية في الدول الأخرى بشكل فعال، والاستفادة من التكنولوجيا وسلاسل التوريد بغرض الإكراه والقمع، وتصدير نموذج غير ليبرالي من النظام الدولي. وبينما تنضم العديد من الدول غير الديمقراطية إلى ديمقراطيات العالم في نبذ هذه السلوكيات، إلا أن روسيا وجمهورية الصين الشعبية للأسف لا تفعل ذلك.
حيث تطرح روسيا وجمهورية الصين الشعبية تحديات مختلفة. فروسيا تشكل تهديداً مباشراً للنظام الدولي الحر والمفتوح، وتنتهك اليوم بتهور القوانين الأساسية للنظام الدولي، كما أظهرت حربها العدوانية الوحشية ضد أوكرانيا. وعلى النقيض من ذلك، فإن جمهورية الصين الشعبية هي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي، وخاصة القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية، بشكل متزايد، من أجل تحقيق هذا الهدف.
ومثلما استفادت الولايات المتحدة ودول العالم بشكل كبير من النظام الدولي بعد الحرب الباردة، استفادت أيضاً الصين وروسيا. فقد نما اقتصاد جمهورية الصين الشعبية وزاد تأثيرها الجيوسياسي بسرعة. وانضمت روسيا إلى مجموعة الثماني ومجموعة العشرين وتعافت اقتصادياً في العِقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، فقد خلصوا إلى أن نجاح نظام دولي حر ومفتوح قائم على القواعد يشكل تهديداً لأنظمتهم ويحد من طموحاتهم. ولذلك، فهم يسعون الآن، بطريقتهم الخاصة، إلى إعادة تشكيل النظام الدولي لخلق عالم يُفضي إلى نوعهم المفضل من الاستبداد شديد القمع والشخصنة.
ولكن سعيهم وراء هذه الرؤية يبدو معقداً بسبب عدة عوامل. فقد تسبب السلوك الإصراري لجمهورية الصين الشعبية في قيام دول أخرى بمقاومة ذلك دفاعاً عن سيادتها لأسباب مشروعة خاصة بها. وتحتفظ الصين أيضاً بمصالح مشتركة مع دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، بسبب الاعتماد المتبادل على المناخ والاقتصاد والصحة العامة. وقد تم الكشف عن القيود الاستراتيجية التي تم فرضها على روسيا في أعقاب حربها العدوانية ضد أوكرانيا. كما أن لدى موسكو بعض الاهتمام بالتعاون مع الدول التي لا تشاركها رؤيتها، خاصة في جنوب الكرة الأرضية. نتيجة لذلك، فلدى الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا فرصة لتشكيل الصين والبيئة الخارجية لروسيا بطريقة تؤثر على سلوكهم حتى عندما نتنافس معهم.
ولا تشعر بعض أجزاء العالم بالارتياح تجاه المنافسة بين الولايات المتحدة وأكبر الأنظمة الاستبدادية في العالم. ونحن نتفهم هذه المخاوف. ولكننا نريد أيضاً إلى تجنب الوصول لعالم تتصاعد فيه المنافسة حتى يصبح عالماً من التكتلات الجامدة. نحن لا نسعى إلى صراع أو حرب باردة جديدة. بل نحاول دعم جميع الدول، بغض النظر عن حجمها أو قوتها، في ممارسة حرية الاختيار التي تخدم مصالحها. وهذا فرق حاسم بين رؤيتنا، التي تهدف إلى الحفاظ على استقلالية وحقوق الدول الأقل قوة، ورؤية منافسينا، التي لا تفعل ذلك.
التعاون لمواجهة التحديات المشتركة في عصر المنافسة
وتُعتبر المنافسة المتزايدة بين الدول الديمقراطية والأنظمة الاستبدادية هي مجرد أحد اتجاهين مهمين نواجههما. أما الاتجاه الآخر فهو التحديات المشتركة – أو ما يسميه البعض التحديات العابرة للحدود – التي لا تتقيد بالحدود وتؤثر على جميع الدول. فهذان الاتجاهان يؤثران على بعضهما البعض – حيث تؤدي المنافسة الجيوسياسية إلى تغيير، وغالباً إلى تعقيد، السياق الذي يمكن فيه معالجة التحديات المشتركة بينما تؤدي هذه المشاكل في أغلب الأحيان إلى تفاقم المنافسة الجيوسياسية، كما رأينا في المراحل الأولى من جائحة كوفيد -19 عندما كانت جمهورية الصين الشعبية غير راغبة في التعاون مع المجتمع الدولي. ولا يمكننا أن ننجح في منافستنا مع القوى الكبرى التي تقدم رؤية مختلفة للعالم إذا لم تكن لدينا خطة للعمل مع الدول الأخرى للتعامل مع التحديات المشتركة، ولن نكون قادرين على القيام بذلك ما لم نفهم كيف يؤثر الجو التنافسي على التعاون وبالمقابل كيف تؤثر الحاجة إلى التعاون على المنافسة. لذا فنحن بحاجة إلى استراتيجية لا تتعامل مع كليهما (التنافس والتحديات المشتركة) فحسب، بل تعترف بالعلاقة بينهما وتكيف أمورها وفقاً لذلك.
ويُعتبر تغير المناخ هو الأكبر من بين جميع المشاكل المشتركة التي نواجهها، حيث يُحتمل وجوده في جميع الدول. وبدون اتخاذ إجراء عالمي فوري خلال هذا العِقد الحاسم، فستتجاوز درجات الحرارة العالمية عتبة ‘الاحتباس الحراري الحرج’ البالغة 1.5 درجة مئوية، وحيث حذر العلماء مما سيأتي بعد ذلك من بعض التأثيرات المناخية الأكثر كارثية التي ستكون لا رجعة فيها. وستزداد الآثار المناخية وحالات الطوارئ الإنسانية سوءاً في السنوات المقبلة – من حرائق الغابات والأعاصير الأكثر قوة في الولايات المتحدة إلى الفيضانات في أوروبا، وارتفاع مستويات سطح البحر في أوقيانوسيا (قارة تضم البلاد الواقعة في جنوب المحيط الهادئ، مثل أستراليا ونيوزيلندا، وغيرها)، وندرة المياه في الشرق الأوسط، وذوبان الجليد في القطب الشمالي، والجفاف و درجات حرارة مميتة في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا. وسوف تزداد حدة التوترات مع تنافس البلدان على الموارد ومزايا الطاقة – زيادة الاحتياجات الإنسانية وانعدام الأمن الغذائي والتهديدات الصحية، فضلاً عن احتمالية عدم الاستقرار والصراع والهجرة الجماعية. إن ضرورة حماية الغابات على مستوى العالم، وكهربة قطاع النقل، وإعادة توجيه التدفقات المالية وإحداث ثورة في الطاقة لتفادي أزمة المناخ، تعززها الضرورة الجيوسياسية لتقليل اعتمادنا الجماعي على دول مثل روسيا التي تسعى إلى استخدام الطاقة كسلاح للإكراه.
في الحقيقة، إنه ليس مجرد التغير المناخي (الذي يجسد أحد أهم التحديات المشتركة). حيث أظهر كوفيد -19 أن التحديات العابرة للحدود يمكن أن تضرب بنفس القوة المدمرة للحروب الكبرى. فقد قتل كوفيد -19 الملايين من الناس وأضر بسبل عيش مئات الملايين إن لم يكن أكثر من ذلك. لقد كشفت تلك الجائحة العالمية عن عدم كفاية هيكلنا الصحي العالمي وسلاسل التوريد، وأدت إلى اتساع عدم المساواة، وقضت على سنوات عديدة من التقدم الإنمائي. كما أضعفت الجائحة النظم الغذائية، ورفعت الاحتياجات الإنسانية إلى مستويات قياسية، وعززت الحاجة إلى مضاعفة جهودنا للحد من الفقر والجوع وتوسيع نطاق الوصول إلى التعليم من أجل العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، تستمر الأمراض المعدية مثل الإيبولا في الظهور ولا يمكن التعامل معها إلا إذا تحركنا مبكراً بالتعاون مع دول أخرى. لقد أبرزت الجائحة الحاجة إلى قيادة وعمل دوليين لإنشاء أنظمة صحية أقوى وأكثر إنصافاً وأكثر مرونة – حتى نتمكن من الوقاية أو الاستعداد للوباء أو الطوارئ الصحية القادمة، حتى قبل أن تبدأ.
تم تمديد التحديات الاقتصادية العالمية الناتجة عن جائحة كوفيد -19 وتعميقها على مستوى العالم حيث تجاوز التعافي المتفاوت للطلب قدرات الموردين وتسبب في ضغوط هائلة على سلاسل التوريد. ويعاني المستهلكون وصناع السياسات في جميع أنحاء العالم أيضاً من ارتفاع أسعار الطاقة وتزايد مظاهر انعدام الأمن الغذائي، مما يزيد من حدة التحديات الأمنية مثل الهجرة والفساد. وبالإضافة إلى ذلك، فغالباً ما تسيء الحكومات الاستبدادية إلى النظام الاقتصادي العالمي من خلال استخدام ترابطه ونقاط قوته كسلاح من أجل الضغط. ويمكنهم كذلك رفع التكاليف بشكل تعسفي عن طريق منع حركة السلع الرئيسية. حيث تستفيد تلك الحكومات من الوصول إلى أسواق تلك السلع والتحكم في البنية التحتية الرقمية العالمية لتحقيق أغراض قسرية. وهم أيضاً يغسلون أموالهم ويخفون ثرواتهم، وغالباً ما تكون عائدات الممارسات الفاسدة الأجنبية، في الاقتصادات الكبرى من خلال الشركات الوهمية وتلك المستخدمة كواجهة لبعض الجهات.
وتستغل الجهات الفاعلة الشريرة – بعضها برعاية الدول وبعضها غير ذلك – الاقتصاد الرقمي لجمع الأموال وتحويلها لدعم برامج الأسلحة غير المشروعة والهجمات الإرهابية وتأجيج الصراع وابتزاز المواطنين العاديين المستهدفين ببرامج دفع الفدية أو الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الصحية الوطنية، والمؤسسات المالية، والبنية التحتية الحيوية. وتقيد هذه العوامل المختلفة خيارات سياستنا وكذلك خيارات حلفائنا وشركائنا لتعزيز مصالحنا الأمنية وتلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنينا.
وقد شهدنا أيضاً أزمة طاقة عالمية نتجت عن استخدام روسيا لإمدادات النفط والغاز التي تسيطر عليها كسلاح في يدها، والتي تفاقمت بسبب إدارة أوبك لإمداداتها من مصادر الطاقة. ويؤكد هذا الظرف على الحاجة إلى انتقال عالمي سريع وعادل ومسؤول للطاقة. ولهذا السبب فإننا نركز أيضاً على تنفيذ أهم تشريع مناخي في تاريخ أمتنا، لتحقيق الابتكار من أجل توسيع نطاق تقنيات الطاقة في أسرع وقت ممكن – – حتى مع استمرارنا في استكشاف جميع الفرص مع حلفائنا وشركائنا لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة والحصول على الإمدادات لمن يحتاجون إليها.
ويجب أن نستمر في العمل مع الدول الأخرى لمواجهة التحديات المشتركة لتحسين حياة الشعب الأمريكي وكذلك حياة الناس في جميع أنحاء العالم. ونحن ندرك أننا سنبذل مثل هذا الجهد في ظل بيئة تنافسية، حيث ستعمل القوى الكبرى بنشاط لتطوير رؤية مختلفة للتعامل مع ذلك. وسنستخدم قوة الدفع التي أطلقها عصر المنافسة للتأسيس لسباق إلى القمة وإحراز تقدم في التحديات المشتركة، سواء كان ذلك عن طريق الاستثمار في الداخل أو من خلال تعميق التعاون مع الدول الأخرى التي تشاركنا رؤيتنا.
نظرة عامة على نهجنا الاستراتيجي
إن هدفنا واضح – نحن نريد نظاماً دولياً حراً ومنفتحاً ومزدهراً وآمناً. فنسعى إلى نظام حر بحيث يسمح للناس بالتمتع بحقوقهم وحرياتهم الأساسية والعالمية. ونظام منفتح بحيث يوفر لجميع الدول التي توقع على هذه المبادئ فرصة للمشاركة في القواعد وأن يكون لها دور في تشكيلها. ونظام مزدهر بحيث يمكّن جميع الدول من رفع مستوى معيشة مواطنيها باستمرار. ونظام آمن، بحيث يخلو من العدوان والإكراه والترهيب.
يتطلب تحقيق هذا الهدف بذل الجهود على ثلاثة محاور، حيث سنقوم بما يلي:
1- الاستثمار في المصادر والأدوات الأساسية للقوة والنفوذ الأمريكيين؛
2- بناء أقوى تحالف ممكن من دول العالم لتعزيز نفوذنا الجماعي لتشكيل البيئة الاستراتيجية العالمية وحل التحديات المشتركة؛
3- تحديث قواتنا العسكرية وتقويتها لتكون على جاهزية تامة لمواجهة عصر المنافسة الاستراتيجية مع القوى الكبرى، مع الحفاظ على القدرة على عرقلة التهديد الإرهابي للوطن. وسيتم تغطية هذا الأمر في الجزء الثاني من هذه الاستراتيجية.
وسنستخدم هذه القدرات للتغلب على منافسينا الاستراتيجيين، وحفز العمل الجماعي لمواجهة التحديات العالمية، وتشكيل قواعد الطريق اللازمة للتكنولوجيا، والأمن السيبراني، والتجارة والاقتصاد. وسيتم تغطية هذا الأمر في الجزء الثالث. ويشمل نهجنا جميع عناصر القوة الوطنية – الدبلوماسية، والتعاون الإنمائي، والاستراتيجية الصناعية، وفن الحكم الاقتصادي، والاستخبارات، والدفاع – بحيث يستند على عدة ركائز أساسية:
أولاً، لقد حطمنا الخط الفاصل بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية. فنحن ندرك جيداً أنه إذا كان للولايات المتحدة أن تنجح في الخارج، فيجب أن نستثمر في ابتكاراتنا وقوتنا الصناعية، وأن نبني قدرتنا على الصمود في الداخل. وبنفس الطريقة، فمن أجل تعزيز الرخاء المشترك داخلياً ودعم حقوق جميع الأمريكيين، فإنه يتحتم علينا أن نقوم بشكل استباقي بتشكيل النظام الدولي بما يتماشى مع مصالحنا وقيمنا. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة في ظل عالم تنافسي، حيث تنخرط قوى أخرى في ممارسات قسرية أو غير عادلة لكسب ميزة على الولايات المتحدة وحلفائنا. وعلينا أن نستكمل القوة الابتكارية للقطاع الخاص من خلال استراتيجية صناعية حديثة تقوم باستثمارات إستراتيجية عامة في القوى العاملة الأمريكية، وفي القطاعات الإستراتيجية وسلاسل التوريد، وخاصة التقنيات الحرجة وتلك الناشئة، مثل الإلكترونيات الدقيقة، والحوسبة المتقدمة، والتقنيات الحيوية، وتقنيات الطاقة النظيفة، والاتصالات السلكية واللاسلكية المتقدمة.
ثانياً، تعد تحالفاتنا وشراكاتنا حول العالم أهم أصولنا الاستراتيجية وعنصراً لا غنى عنه يساهم في السلام والاستقرار الدوليين. فحلف الناتو القوي والموحد، وتحالفاتنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وشراكاتنا الأمنية التقليدية في أماكن أخرى لا تردع العدوان فحسب؛بل إنها توفر منصة للتعاون وتبادل المنفعة التي تعزز النظام الدولي. نحن نولي أهمية كبيرة لتنمية الروابط الجامعة في التكنولوجيا والتجارة والأمن بين حلفائنا الديمقراطيين وشركائنا في منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا مع إدراك أنهم يعززون بعضهم البعض وأن مصير المنطقتين متشابك. الولايات المتحدة قوة عالمية لها مصالح عالمية. نحن أقوى في كل منطقة تكون بها بسبب مشاركتنا الإيجابية مع الآخرين. وإذا انحدرت إحدى المناطق إلى الفوضى أو هيمنت عليها قوة معادية، فسيؤثر ذلك بشكل ضار على مصالحنا في المناطق الأخرى.
ثالثاً، هذه الاستراتيجية تدرك أن جمهورية الصين الشعبية تمثل التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية لأمريكا. وعلى الرغم من أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي المكان الذي سيتم فيه تشكيل نتائج هذا التحدي الجيوسياسي بشكل أكثر حدة، إلا أن هناك أبعاداً عالمية كبيرة لهذا التحدي. وتُشكّل روسيا تهديداً مباشراً ومستمراً لنظام الأمن الإقليمي في أوروبا وهي مصدر اضطراب وعدم استقرار على المستوى العالمي لكنها تفتقر إلى القدرات الشاملة التي تحوزها جمهورية الصين الشعبية. ونحن ندرك أيضاً أن القوى الأوتوقراطية الأخرى الأصغر تتصرف أيضاً بطرق عدوانية ومزعزعة للاستقرار. ويجدر الذكر هنا أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها، وتنشر الصواريخ والطائرات المسيرة من خلال وكلائها، وتخطط لإلحاق الضرر بالأمريكيين، بمن فيهم المسؤولون السابقون، وتعمل على تطوير برنامج نووي يتجاوز أي حاجة مدنية ذات مصداقية. وتواصل جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أيضاً توسيع برامج أسلحتها النووية والقذائف المحظورة.
رابعاً، سنعمل على تجنب الوقوع في إغراء رؤية العالم فقط من خلال منظور التنافس الاستراتيجي، وستستمر في إشراك بعض الدول حسب شروطها الخاصة. وسوف نتبع أجندة إيجابية لتعزيز السلام والأمن وتعزيز الرخاء في كل منطقة. ويُعتبر الشرق الأوسط الأكثر تكاملاً الذي يمكّن ويقوي حلفاءنا وشركاءنا من شأنه أن يعزز السلام والازدهار الإقليمي، مع تقليل متطلبات الموارد التي تعول فيها المنطقة على الولايات المتحدة على المدى الطويل. أما بالنسبة لأفريقيا، فإن الديناميكية والابتكار والنمو الديموجرافي للمنطقة تجعل لها أهمية مركزية في معالجة المشاكل العالمية المعقدة. ويؤثر نصف الكرة الغربي بشكل مباشر على الولايات المتحدة أكثر من أي منطقة أخرى، لذلك فسنواصل إحياء وتعميق شراكاتنا هناك لتعزيز المرونة الاقتصادية والاستقرار الديمقراطي وأمن المواطنين.
خامساً، نحن ندرك أن العولمة قد وفّرت فوائد هائلة للولايات المتحدة ودول العالم، ولكن هناك حاجة الآن إلى تعديلها للتعامل مع التغيرات العالمية الدراماتيكية مثل اتساع عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها وبين الدول الأخرى، وظهور الصين كمنافس أكثر أهمية لنا وكواحد من أكبر شركائنا التجاريين والتكنولوجيات الناشئة التي تقع خارج حدود القواعد واللوائح الحالية. ولدينا أجندة إيجابية للاقتصاد العالمي لتمكينه من الاستفادة بشكل كامل من المزايا الاقتصادية للقرن الحادي والعشرين مع تعزيز مصالح العمال الأمريكيين. وإدراكاً منا لضرورة تجاوز اتفاقيات التجارة الحرة التقليدية، فإننا نقوم برسم ترتيبات اقتصادية جديدة تهدف لتعميق الشراكة الاقتصادية مع شركائنا، مثل “الإطار الاقتصادي للمحيطين الهندي والهادئ من أجل الازدهار” (آي بي إي إف)؛ في ظل حد أدنى من الضرائب عالميا يضمن أن تقوم الشركات بدفع نصيبها العادل من الضرائب أينما كان مقرها في العالم؛ وكذلك “الشراكة من أجل الاستثمار العالمي والبنية التحتية” (بي جي آي آي) لمساعدة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على تأمين استثمارات عالية المستوى للبنية التحتية الحيوية؛ والقيام بتحديث قواعد العمل للتكنولوجيا والفضاء السيبراني والتجارة والاقتصاد؛ وكذلك ضمان أن يفتح الانتقال إلى الطاقة النظيفة الفرص الاقتصادية والوظائف الجيدة في جميع أنحاء العالم.
وأخيراً، فإن مجموعة الدول التي تشاركنا رؤيتنا لمستقبل النظام الدولي واسعة النطاق وتشمل دولاً في كل قارة. إننا نشترك في الرغبة في أن تخضع العلاقات بين الدول لميثاق الأمم المتحدة؛ من أجل احترام الحقوق العالمية لجميع الأفراد – السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية -؛ من أجل حماية بيئتنا وهوائنا والمحيطات والفضاء والفضاء السيبراني وشرايين التجارة الدولية وإتاحتها للجميع؛ ومن أجل تحديث المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، وتعزيزها لمواجهة التحديات العالمية بشكل أفضل وتقديم المزيد من الفوائد الملموسة لمواطنينا. إن النظام الذي نسعى إليه يبني على ما تم إنجازه من قبل، لكنه في نفس الوقت يعالج أوجه القصور الخطيرة ويتعامل مع الوقائع الجديدة ومحاولات بعض الدول لتقديم نموذج أقل حرية وانفتاحاً. ومن أجل الحفاظ على التعاون الدولي وزيادته في عصر المنافسة، فسوف نتبع نهج المسار الواحد المزدوج.
فمن ناحية، سنتعاون مع أي دولة، بما في ذلك خصومنا الجيوسياسيين، شريطة أن تكون على استعداد للعمل معنا بشكل بناء لمواجهة التحديات المشتركة، وسنعمل سوياً مع وسنعمل على تعزيز وضع المؤسسات الدولية. ومن ناحية أخرى، سنعمل على تعميق تعاوننا مع الديمقراطيات والدول الأخرى ذات التفكير المماثل: على غرار تكتل الـ “إندو باسيفيك كواد” (أستراليا، الهند، اليابان، الولايات المتحدة) ومجلس التجارة والتكنولوجيا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتكتل “آوكوس” (أستراليا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة) وكذلك تكتل “آي تو يو تو” (الهند، إسرائيل، الإمارات العربية المتحدة، الولايات المتحدة)، مع تأسيس شبكة من العلاقات القوية والمرنة والمتبادلة الدعم مما يثبت أن الدول الديمقراطية يمكن أن تقدم يد العون لشعوبها والعالم أجمع. فالعالم الآن يمر بنقطة انعطاف كبيرة. وسيكون هذا العِقد حاسماً، في تحديد شروط تنافسنا مع جمهورية الصين الشعبية، وإدارة التهديد الحاد الذي تشكله روسيا، وكذلك في جهودنا للتعامل مع التحديات المشتركة، لا سيما تغير المناخ والأوبئة والاضطرابات الاقتصادية. وإذا لم نتصرف على وجه السرعة وبإبداع، فستضيع علينا فرصة تشكيل مستقبل النظام الدولي والتصدي للتحديات المشتركة. ويجب أن تبدأ تلك الإجراءات بتطوير وسائل تنفيذ استراتيجيتنا، من خلال القيام باستثمارات متجددة في الداخل والخارج.
*****
تعرض الحلقة القادمة من “استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام 2022” الجزء الثاني من الاستراتيجية، والذي جاء تحت عنوان: الاستثمار في قوتنا.
.
رابط المصدر: