عادل رفيق
في 12 أكتوبر 2022، أصدرت الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس جو بايدن “استراتيجية الأمن القومي” الأمريكي التي ترسم “رؤية لعالم حر ومنفتح وآمن ومزدهر، مع خطة شاملة لتحقيق هذه الرؤية، بحسب بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية في نفس اليوم. حيث يقول بيان الخارجية، “ليست هذه رؤيتنا فحسب، بل هي رؤية نتشارك فيها مع العديد من البلدان الأخرى التي تسعى إلى العيش في عالم يحترم المبادئ الأساسية لتقرير المصير وسلامة الأراضي والاستقلال السياسي؛ عالم تكون الدول فيه حرة في تحديد خيارات سياستها الخارجية؛ عالم يتيح حرية تدفق المعلومات ويحترم حقوق الإنسان العالمية ويعمل الاقتصاد العالمي فيه على أساس تكافؤ الفرص، ويوفر الفرص للجميع”.
ونظراً لأهمية الاستراتيجية في العمل البحثي، فقد قام المعهد المصري للدراسات بترجمة كامل النص وإتاحته للباحثين، على حلقات، تم نشر الحلقة الأولى منها، والتي شملت مقـدمة الرئيس بايدن، وعرض إجمالي للاستراتيجية؛ والحلقة الثانية، والتي شملت الجزء الأول من الاستراتيجية، تحت عنوان: “المنافسة على ما هو قادم”، والحلقة الثالثة، والتي شملت الجزء الثاني من الاستراتيجية، تحت عنوان: “الاستثمار في قوتنا”، والحلقة الرابعة، وشملت الجزء الثالث من الاستراتيجية، تحت عنوان: “أولوياتنا العالمية”. وهذه هي الحلقة الخامسة والأخيرة، وتشمل الجزء الرابع من الاستراتيجية، تحت عنوان: “استراتيجيتنا حسب كل منطقة”، والجزء الخامس وهو عبارة عن “الخاتمة”، وذلك على النحو التالي:
الجزء الرابع: استراتيجيتنا حسب كل منطقة
لا يمكن للولايات المتحدة أن تواجه تحديات هذا العقد الحاسم إلا من خلال الشراكة مع الدول والشعوب في جميع أنحاء العالم. فالأمريكيون يعتمدون على علاقاتنا الواسعة والعميقة في كل منطقة ويستفيدون منها؛ ويقومون بالاستثمار والتجارة مع جميع الدول تقريباً؛ وويدرسون ويعملون ويعيشون في كل قارة. لذا، فإن مستقبلنا وومستقبل العالم مترابطان. وهذا هو السبب في أن استراتيجيتنا عالمية.
الترويج لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ كمنطقة حرة ومفتوحة
تغذي منطقة المحيطين الهندي والهادئ الكثير من النمو الاقتصادي في العالم وستكون بؤرة الجغرافيا السياسية للقرن الحادي والعشرين. وللولايات المتحدة مصلحة حيوية في تحقيق منطقة مفتوحة ومترابطة ومزدهرة وآمنة ومرنة، بصفتها أبرز قوى المحيطين الهندي والهادئ.
وستعمل الولايات المتحدة مع الدول الإقليمية الأخرى لإبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ مفتوحة وسهلة الوصول، وضمان أن تكون الدول حرة في اتخاذ خياراتها الخاصة، بما يتفق مع الالتزامات بموجب القانون الدولي. وندعم المجتمعات المفتوحة من خلال الاستثمار في المؤسسات الديمقراطية والصحافة الحرة والمجتمع المدني ونتعاون مع الشركاء لمواجهة التلاعب بالمعلومات والفساد. وسوف نؤكد على حرية البحار ونبني دعماً إقليمياً مشتركاً لحرية الوصول المفتوح إلى بحر الصين الجنوبي – وهو طريق يمر بحوالي ثلثي التجارة البحرية العالمية وربع إجمالي التجارة العالمية.
لا يمكن تحقيق حرية وانفتاحاً في منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلا إذا أسسنا ورسخنا القدرة الجماعية. إننا نعمل على تعميق تحالفاتنا الخمس الإقليمية المبنية على المعاهدات، وكذلك تعزيز أوثق شراكاتنا. ونؤكد على مركزية رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، ونسعى إلى إقامة روابط أعمق مع شركاء جنوب شرق آسيا. وسنقوم بتوسيع مشاركتنا الدبلوماسية والإنمائية والاقتصادية الإقليمية، مع التركيز بشكل خاص على جنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ. بينما نعمل مع شركاء إقليميين في جنوب آسيا للتصدي لمسألة تغير المناخ، ووباء كوفيد -19، والسلوك القسري للصين، وسنعمل على تعزيز الازدهار والترابط الاقتصادي عبر منطقة المحيط الهندي. سيكون الحوار الأمني الرباعي (بين أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة) وتحالف أوكوس AUKUS (اتفاق أمني ثلاثي بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) حاسماً أيضاً لمواجهة التحديات الإقليمية، وسنعزز قوتنا الجماعية بشكل أكبر من خلال تقريب حلفائنا وشركائنا من بعضهم البعض – بما في ذلك من خلال تشجيع الروابط الأوثق بين دول المحيطين الهندي والهادئ والدول الأوروبية.
ويرتبط ازدهار حياة الأمريكيين العاديين بازدهار منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وطالما كانت الولايات المتحدة رائدة في التجارة والاستثمار في هذه المنطقة. ونعمل مع شركائنا الإقليميين على تطوير “إطار العمل الاقتصادي للمحيطين الهندي والهادئ” من أجل تحقيق ازدهار شامل وواسع النطاق وتعزيز مصالحنا المشتركة في اقتصادات مرنة وعادلة ورقمية ومنخفضة الكربون. وستستكمل منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) هذه الجهود.
وعلى مدى 75 عاماً، حافظت الولايات المتحدة على وجود دفاعي قوي وثابت بتلك المنطقة وستواصل المساهمة بشكل هادف في استقرار المنطقة وسلامها. ونعيد تأكيد التزاماتنا القوية تجاه حلفائنا في معاهدة المحيطين الهندي والهادئ – أستراليا واليابان وجمهورية كوريا والفلبين وتايلاند – وسنواصل تحديث هذه التحالفات. وسنعيد التأكيد على التزامنا الراسخ بالدفاع عن اليابان بموجب معاهدتنا الأمنية المتبادلة التي تشمل جزر سينكاكو. ونظراً لأن الهند هي أكبر دولة ديمقراطية في العالم وشريك دفاعي رئيسي لنا، فإن الولايات المتحدة والهند ستعملان معاً، على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، لدعم رؤيتنا المشتركة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة. وسنسعى إلى تحقيق دبلوماسية مستدامة مع كوريا الشمالية لإحراز تقدم ملموس نحو نزع الأسلحة النووية بالكامل من شبه الجزيرة الكورية، مع تعزيز الردع الموسَّع في مواجهة أسلحة الدمار الشامل الكورية الشمالية والتهديدات الصاروخية. وقد أدى الانقلاب العسكري الوحشي في بورما إلى تقويض الاستقرار الإقليمي، وسنواصل العمل عن كثب مع الحلفاء والشركاء، بما في ذلك رابطة دول جنوب شرق آسيا، للمساعدة في استعادة التحول الديمقراطي في بورما.
سنعمل أيضاً على تعزيز مرونة وقدرة الشركاء في مواجهة التحديات العابرة للحدود الوطنية، بما في ذلك التهديدات المناخية والبيولوجية. وتعد منطقة المحيطين الهندي والهادئ بؤرة أزمة المناخ ولكنها في نفس الوقت ضرورية لتوفير الحلول لمسألة تغير المناخ، وتعد استجاباتنا المشتركة لأزمة المناخ ضرورة سياسية وفرصة اقتصادية. وتشمل مشاركتنا أيضاً مساعدة المنطقة على بناء وترسيخ المرونة والصمود في مواجهة الأمراض الوبائية وتعزيز أنظمتها الصحية، ودفع الاستثمارات في مجال الأمن الصحي العالمي، وتوسيع قدرة المنطقة على منع حالات الطوارئ واكتشافها والاستجابة لها.
لقد دخلنا فترة جديدة هامة من السياسة الخارجية الأمريكية التي ستتطلب من الولايات المتحدة المزيد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بشكل يفوق ما كان يتعيّن علينا منذ الحرب العالمية الثانية. إذ ليس هناك منطقة أكثر أهمية للعالم وللمواطنين لأميركيين العاديين من منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ونحن طموحون في هذا الصدد لأننا نعلم أنه لدينا نحن وحلفاؤنا وشركاؤنا رؤية مشتركة لمستقبلها.
تعميق تحالفنا مع أوروبا
وفي ظل أسس متجذرة في القيم الديمقراطية المشتركة، والمصالح المشتركة، والروابط التاريخية، تعد العلاقة عبر الأطلسي منصة حيوية تُبنى عليها العديد من العناصر الأخرى لسياستنا الخارجية. لقد كانت أوروبا وستظل شريكنا التأسيسي في معالجة جميع التحديات العالمية. ومن أجل متابعة أجندة عالمية مشتركة بشكل فعال، نقوم بتوسيع وتعميق الروابط عبر الأطلسي – من حيث تعزيز حلف شمال الأطلسي، ورفع مستوى الطموح في العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والوقوف مع حلفائنا وشركائنا الأوروبيين في الدفاع عن النظام القائم على القواعد الذي يقوم عليه أمننا وازدهارنا وقيمنا.
إن أوروبا اليوم تقف في الخطوط الأمامية في النضال من أجل الدفاع عن مبادئ الحرية والسيادة وعدم الاعتداء، وسنواصل العمل معاً بخطى ثابتة لضمان أن تسود الحرية. وتظل أمريكا ملتزمة بشكل واضح بالدفاع الجماعي على النحو المنصوص عليه في المادة 5 من معاهدة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسنعمل جنباً إلى جنب مع حلفائنا في الناتو لتحقيق الردع وتعزيز الدفاع وبناء المرونة في مواجهة العدوان والإكراه بجميع أشكاله. وبينما نضاعف مساهماتنا الكبيرة في قدرات حلف الناتو وجهوزيته – بما في ذلك من خلال تعزيز القوى والقدرات الدفاعية، والتمسك بالتزامنا الطويل الأمد بالردع الموسع – فإننا أيضاً نعتمد على حلفائنا لمواصلة تحمل مسؤولية أكبر من خلال زيادة إنفاقهم وقدراتهم ومساهماتهم. حيث ستكون الاستثمارات الدفاعية الأوروبية، من خلال الناتو أو المكملة له، حاسمة لضمان أمننا المشترك في هذا الوقت الذي تشتد فيه المنافسة. ونحن نقف أيضاً وراء قدرة الناتو على التكيف المستمر مع التحديات الأمنية الحديثة، بما في ذلك تركيزه على الدفاع في الفضاء الإلكتروني، وأمن المناخ، والمخاطر الأمنية المتزايدة التي تمثلها السياسات والإجراءات التي تتبناها جمهورية الصين الشعبية.
تحافظ الولايات المتحدة على التزامها الأساسي بالسعي إلى أن تظل أوروبا موحدة وحرة وتعيش في سلام. ولكن تفاقم الغزو الروسي لأوكرانيا يشكل تهديداً خطيراً لهذه الرؤية، ولهذا السبب نحن مصممون على دعم أوكرانيا في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها مع فرض تكاليف باهظة على موسكو بسبب عدوانها هذا. وقد دعمنا أوكرانيا بتقديم المساعدات الأمنية والإنسانية والمالية. وانضممنا إلى حلفاء وشركاء في أوروبا وحول العالم لفرض عقوبات وضوابط تصدير من شأنها أن تقلل من قدرة روسيا على شن حروب عدوانية في المستقبل. وخلنا في شراكة مع المفوضية الأوروبية بشأن خطة طموحة لتقليل اعتماد أوروبا على الوقود الأحفوري الروسي، وتعزيز أمن الطاقة الأوروبي، وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة. ومن خلال هذه الجهود، يعتبر الاتحاد الأوروبي – وهو سوق متكامل يضم أكثر من 450 مليون شخص – شريكاً لا غنى عنه للولايات المتحدة، ولذلك فإننا ندعم الجهود المبذولة لتعزيز وحدة الاتحاد الأوروبي. كما نشجع التعاون الوثيق في الأمور ذات الاهتمام المشترك بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، نؤكد دعمنا لاتفاق الجمعة العظيمة الذي يشكل حجر الأساس للسلام والاستقرار والازدهار في أيرلندا الشمالية.
وبينما نستمر في دعم أوكرانيا، سنعمل أيضاً على تعزيز استقرار وصمود الديمقراطيات الأخرى. وسندعم التطلعات الأوروبية بشأن جورجيا ومولدوفا والتزامهما بإصلاحات مؤسسية مهمة. وسنساعد الشركاء في تعزيز المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون والتنمية الاقتصادية في غرب البلقان. وسندعم الجهود الدبلوماسية لحل الصراع في جنوب القوقاز. وسنواصل التواصل مع تركيا لتعزيز علاقاتها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والمؤسسية مع الغرب. وسنعمل مع الحلفاء والشركاء لإدارة أزمة اللاجئين التي خلقتها الحرب الروسية في أوكرانيا. وسنعمل على إحباط التهديدات الإرهابية لأوروبا. وسنواصل دعم استقلال وسيادة وسلامة أراضي آسيا الوسطى، في أماكن أخرى من أوراسيا.
إننا سنعمل على تعزيز الجهود لتعزيز المرونة والتنمية الديمقراطية في البلدان الخمسة في هذه المنطقة. وسنواصل العمل من خلال المنصة الدبلوماسية “C5 + 1” (كازاخستان وجمهورية قيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان والولايات المتحدة) لتعزيز التكيف مع المناخ، وتحسين الطاقة الإقليمية والأمن الغذائي، وتعزيز التكامل داخل المنطقة، وبناء قدر أكبر من التواصل مع الأسواق العالمية.
وعلى الرغم من أن أجندتنا مع الحلفاء والشركاء الأوروبيين متجذرة عبر المحيط الأطلسي من حيث القوة والاستقرار، فهي أيضاً عالمية. وسنعمل مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز التجارة والاستثمار والتعاون التكنولوجي القائم على القيم الديمقراطية المشتركة – من حيث تعزيز الاقتصاد العالمي المنفتح والشامل، ووضع معايير عالية للتجارة، وضمان المنافسة العادلة، ودعم حقوق العمال، وتشجيع تنحية الكربون، ومحاربة الفساد، و حماية ابتكاراتنا من الاستخدامات التي تتعارض مع مصالحنا وقيمنا. ومن خلال مجموعة السبع، سنعمل مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة لحفز التعاون الدولي بشأن أكثر تحديات العالم إلحاحاً. وسندافع بشكل مشترك عن حقوق الإنسان، سواء في بيلاروسيا أو شينجيانغ. ومن أجل تفعيل هذه الأجندة الطموحة، سنعمل على تعميق التوافق الاستراتيجي بيننا – من حيث التشاور بانتظام، وتبادل المعلومات والاستخبارات، والعمل معاً باستمرار.
تعزيز الديمقراطية والازدهار المشترك في نصف الكرة الغربي
ليست هناك منطقة تؤثر على الولايات المتحدة بشكل مباشر أكثر من نصف الكرة الغربي. وفي ظل 1.9 تريليون دولار في التجارة السنوية، والقيم المشتركة والتقاليد الديمقراطية، والروابط العائلية، تعد دول نصف الكرة الغربي، وخاصة في أمريكا الشمالية، من المساهمين الرئيسيين في ازدهار الولايات المتحدة ومرونتها وصمودها. لكن جائحة كوفيد -19 والركود الذي تلاها أدى إلى تفاقم التحديات الهيكلية الطويلة الأمد، وأدى كذلك إلى تأجيج الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وتقويض الإيمان بقدرة الديمقراطية على الإنجاز، وحفز مستويات غير مسبوقة من الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء المنطقة. وإدراكاً للصلة المباشرة بين ازدهار المنطقة وأمنها وبين ازدهار الولايات المتحدة وأمنها، فمن الضروري لنا تنشيط شراكاتنا لبناء والحفاظ على المرونة الاقتصادية والاستقرار الديمقراطي وأمن المواطنين داخل نصف الكرة الأرضية الغربي. وسنقوم بتعزيز هذه الجهود من خلال التفاعلات المنتظمة، والتعاون متعدد الأطراف والمؤسسي، والمبادرات الإقليمية، ومن خلال تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها في القمة التاسعة للأمريكتين.
وتؤثر حركة الأشخاص في جميع أنحاء الأمريكتين، بما في ذلك أكثر من ستة ملايين فنزويلي أجبروا على مغادرة منازلهم منذ عام 2015، على جميع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وتعزز الحاجة إلى العمل الإقليمي. ويكمل إعلان لوس أنجلوس بشأن الهجرة والحماية جهود الولايات المتحدة في الداخل لتحديث بنيتها التحتية الحدودية وبناء نظام هجرة عادل ومنظم وإنساني مع شراكة جريئة على مستوى نصف الكرة الغربي تتمحور حول مبدأ تقاسم المسؤولية والاستقرار وتقديم المساعدة للفئات المتضررة، وتوسيع المسارات القانونية، وإدارة الهجرة الإنسانية، والاستجابة المنسقة للطوارئ. وتقود الولايات المتحدة أيضاً مهمة توسيع المسارات القانونية للهجرة ومكافحة التهريب غير المشروع للبشر والاتجار الذي يدمر المهاجرين المستضعفين. وتهدف هذه الجهود مجتمعة إلى استقرار المهاجرين واستبدال الهجرة غير النظامية بتدفقات منظّمة يمكن أن تغذي النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة وعبر المنطقة. وسنواصل هذه الجهود التعاونية مع ضمان اتباع نهج عادل ومنظم وإنساني بشكل أساسي لإدارة الهجرة يعزز أمن الحدود ويحمي أمتنا.
ويعد إنهاء آثار جائحة كوفيد -19 والتخفيف من حدتها وتعزيز الأمن الصحي أمراً ضرورياً لرفاهية نصف الكرة الأرضية الغربي بأكمله. وبالإضافة إلى التبرع بأكثر من 72 مليون لقاح، من خلال خطة العمل بشأن الصحة والقدرة على الصمود في الأمريكتين (APHRA)، نشارك مع المنطقة لمنع التهديدات الوبائية المستقبلية وحالات الطوارئ الصحية العامة الأخرى، والجهوزية والاستجابة لها مع توسيع نطاق التوصيل العادل للرعاية الصحية والخدمات العامة للسكان النائية والضعيفة والمهمشة. وبالإضافة إلى دعم الدول، لا سيما في أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، في الوصول إلى معدل تطعيم ضد فيروس كورونا يصل إلى 70%، تعمل الشراكات المرتبطة بها على تعزيز القدرة على تصنيع اللقاح بشكل متزايد والمساعدة في تدريب 500000 متخصص في الصحة العامة والطب بحلول عام 2027 من خلال هيئة الصحة في الأمريكتين.
ونعمل جنباً إلى جنب مع الشركاء الإقليميين على تعميق التعاون الاقتصادي لضمان النمو الاقتصادي الدائم والشامل الذي يخدم العمال من أبناء شعبنا. إن أولويتنا هي العمل مع كندا والمكسيك لتعزيز رؤية أمريكا الشمالية للمستقبل والتي تعتمد على قوتنا المشتركة وتعزز القدرة التنافسية العالمية للولايات المتحدة. وبالمثل، فإن شراكة الأمريكيتين من أجل الازدهار الاقتصادي (APEP) ستوجه مشاركتنا الاقتصادية الإقليمية من خلال التركيز على أكبر محركات النمو من القاعدة إلى القمة والمستوى المتوسط ، وتحديث الأدوات لمواجهة التحديات الجديدة والمعقدة التي تواجهنا اليوم وفي العقود القادمة، مع التركيز على تنشيط المؤسسات الاقتصادية الإقليمية، وتأمين سلاسل التوريد، وخلق وظائف الطاقة النظيفة، وتعزيز إزالة الكربون، وضمان التجارة المستدامة والشاملة، والقيام باستثمارات تغير قواعد اللعبة وتزيد من فعالية الإدارة العامة.
وستكون معالجة أزمة المناخ والاستفادة من ديناميكية المنطقة أمراً محورياً في نهجنا، وسنستخدم جهود التخفيف والتكيف لتغذية الانتعاش الاقتصادي المستدام وحماية النظم الإيكولوجية للغابات، بما في ذلك من خلال تعزيز التجارة والاستثمار في الطاقة النظيفة لتحقيق مستهدف جماعي يقدر بـ 70% من القدرة المركبة لتوليد الطاقة المتجددة في قطاع الكهرباء في هذه المنطقة بحلول عام 2030 وحشد التمويل وأشكال الدعم الأخرى لتعزيز الحفاظ على منطقة الأمازون. وقد أطلقت الولايات المتحدة والمجموعة الكاريبية أيضاً “الشراكة لمعالجة أزمة المناخ 2030” بهدف توسيع فرص الوصول إلى تمويل المشاريع، وجذب الاستثمار الخاص في البنية التحتية للطاقة النظيفة ومشاريع التكيف مع المناخ، وتعزيز القدرة المحلية على التقييم والتخطيط والتنبؤ والتخفيف، والاستجابة لظواهر الطقس القاسية والمخاطر ذات الصلة في ظل مناخ متغير.
وتعتمد الولايات المتحدة على الاستقرار الديمقراطي والمؤسسات في المنطقة لجني الفوائد الأمنية والاقتصادية، حيث توفر قيمنا المشتركة أساساً للتعاون وحل النزاعات سلمياً. ومن أجل المساعدة في الحفاظ على هذه التقاليد وتعزيزها، سندعم الشركاء الذين يسعون لبناء مؤسسات شفافة وشاملة وخاضعة للمساءلة. وسندعم معاً الحكم الديمقراطي الفعال الذي يستجيب لاحتياجات المواطنين، ويدافع عن حقوق الإنسان ويكافح العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومعالجة الفساد، والحماية من التدخلات الخارجية أو الإكراه، بما في ذلك من الصين أو روسيا أو إيران. ومن خلال المؤسسات النشطة والتمثيلية لدول الأمريكتين، وبالشراكة مع المجتمع المدني والحكومات الأخرى، سندعم حق تقرير المصير الديمقراطي لشعب فنزويلا وكوبا ونيكاراجوا وأي بلد يتم قمع الإرادة الشعبية فيه. أما في هايتي، التي تعاني من أزمة إنسانية وسياسية واقتصادية ممتدة، فسنعمل على حشد المجتمع الدولي من أجل المساعدة في استعادة الأمن وإعادة بناء مؤسسات الحكم ودعم أساس الرخاء الذي يمكن للشعب الهايتي من خلاله تقرير مستقبله.
وسنساعد الشركاء أيضاً في مواجهة التهديدات الأمنية. وقد تكون هذه التحديات داخلية – بما في ذلك من العصابات المحلية، أو العابرة للحدود الوطنية، بما في ذلك المنظمات الإجرامية التي تتاجر بالمخدرات والبشر وتقوم بعمليات غير قانونية أخرى – أو خارجية، في ظل مساعي الجهات الخبيثة إلى الحصول على موطئ قدم عسكري أو استخباراتي في المنطقة. وتؤثر هذه التهديدات على الأمن في جميع أنحاء الأمريكتين، بما في ذلك هنا في داخل الولايات المتحدة، وبالتالي سنعمل على تعزيز التعاون للمساعدة في مساعدة الشرطة المدنية، وتعزيز أنظمة العدالة في الأمريكتين، وتوسيع مشاركة المعلومات مع شركائنا.
إن هذه الأولويات – توسيع الفرص الاقتصادية، وتعزيز الديمقراطية، وبناء الأمن – يعزز بعضها البعض وتساهم في الاستقرار الوطني والإقليمي والعالمي. ولدينا مصلحة إستراتيجية مهيمنة في متابعة وتعزيز التعاون من خلال المشاركة الدبلوماسية المكثفة مع شركاء ومؤسسات نصف الكرة الأرضية الغربي على أساس الفرضية التي تعزز الرؤية التي تعتبر وجود منطقة آمنة تحمي الطبقة الوسطى والديمقراطية هي في الأساس من صميم مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. ويبرز التحدي والمخاطر في هذا المشروع من خلال خلفية التقلبات الجيوسياسية والجيواقتصادية المتزايدة، والتحديات المترابطة التي تفرضها ظواهر مثل تغير المناخ، والأوبئة العالمية، والهجرة الجماعية، والاعتراف بأن أمن الولايات المتحدة وازدهارها يتوقفان على أمن وازدهار جيراننا.
دعم خفض التصعيد والتكامل في الشرق الأوسط
وعلى مدى العقدين الماضيين، ركّزت السياسة الخارجية للولايات المتحدة في أغلب الأحيان على التهديدات الآتية من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لقد اقتصرنا في كثير من الأحيان على السياسات التي تتمحور حول الجيش والتي تستند إلى إيمان غير واقعي بالقوة وتغيير النظام لتحقيق نتائج مستدامة، بينما نفشل في نفس الوقت في حساب تكاليف الفرصة المناسبة للأولويات العالمية المتنافسة أو لمواجهة العواقب غير المقصودة. لقد حان الوقت لتجنب التركيز على المخططات الكبرى لصالح المزيد من الخطوات العملية التي يمكن أن تعزز المصالح الأمريكية وتساعد الشركاء الإقليميين على إرساء الأُسس لمزيد من الاستقرار والازدهار والفرص لشعوب الشرق الأوسط وللشعب الأمريكي.
وقد وضعت الولايات المتحدة إطاراً جديداً للسياسة الأمريكية في المنطقة استناداً إلى الميزة النسبية التي لا تُضاهى لأمريكا في بناء الشراكات والائتلافات والتحالفات لتعزيز الردع، مع استخدام الدبلوماسية لتهدئة التوترات وتقليل مخاطر نشوب صراعات جديدة، ووضع أُسس طويلة الأمد للاستقرار.
هذا الإطار يتكون من خمسة مبادئ:
أولاً، ستدعم الولايات المتحدة وتعزز الشراكات مع الدول التي تشترك في النظام الدولي القائم على القواعد، وسوف نتأكد من أن تلك الدول يمكنها الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية.
ثانياً، لن تسمح الولايات المتحدة للقوى الأجنبية أو الإقليمية بتهديد حرية الملاحة عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط، بما في ذلك مضيق هرمز وباب المندب، ولن تتسامح مع جهود أي دولة للسيطرة على دولة أخرى – أو المنطقة – من خلال حشد القوة العسكرية أو التوغلات أو التهديدات.
ثالثاً، وحتى عندما تعمل الولايات المتحدة على ردع التهديدات التي يتعرض لها الاستقرار الإقليمي، فإننا سنعمل على تقليل التوترات، وخفض التصعيد، وإنهاء النزاعات حيثما أمكن ذلك من خلال الدبلوماسية.
رابعاً، ستعزز الولايات المتحدة التكامل الإقليمي من خلال بناء روابط سياسية واقتصادية وأمنية مع شركاء الولايات المتحدة وفيما بينهم، بما في ذلك من خلال هياكل دفاع جوي وبحري متكاملة، مع احترام سيادة كل دولة وخياراتها المستقلة.
خامساً، ستعمل الولايات المتحدة دائماً على تعزيز حقوق الإنسان والقيم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
يعتمد هذا الإطار الجديد على التقدم الأخير الذي حققته دول المنطقة في مواجهة الانقسامات المستمرة. وسنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء لتعزيز قدراتهم لردع ومواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. وسوف نواصل الدبلوماسية لضمان عدم تمكن إيران من الحصول على سلاح نووي، مع الحفاظ على موقفنا وجهوزيتنا لاستخدام وسائل أخرى في حالة فشل الدبلوماسية. ولن يتم التسامح مع تهديدات إيران ضد الأفراد الأمريكيين وكذلك المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين، وكما أوضحنا، سنرد بقوة عندما يتعرض شعبنا ومصالحنا للهجوم. وأثناء قيامنا بذلك، سنقف دائماً إلى جانب الشعب الإيراني الذي يناضل من أجل الحقوق الأساسية والكرامة التي حرمه منها النظام في طهران منذ فترة طويلة.
وسنجمع بين الدبلوماسية والمساعدات الاقتصادية والمساعدة الأمنية للشركاء المحليين على نطاق أوسع لتخفيف المعاناة وتقليل عدم الاستقرار ومنع تصدير الإرهاب أو الهجرة الجماعية من اليمن وسوريا وليبيا، وفي نفس الوقت العمل مع الحكومات الإقليمية لإدارة التأثير الأوسع لهذه التحديات. وسنسعى إلى توسيع وتعميق علاقات إسرائيل المتنامية مع جيرانها والدول العربية الأخرى، بما في ذلك من خلال اتفاقيات أبراهام، مع الحفاظ على التزامنا الصارم بأمنها. وسنستمر أيضاً في الترويج لحل الدولتين القابل للتطبيق والذي يحافظ على مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية بينما يلبي تطلعات الفلسطينيين إلى دولة آمنة وقابلة للحياة خاصة بهم. وكما صرح الرئيس بايدن خلال زيارته للضفة الغربية في يوليو 2022، “تظل دولتان على طول حدود 1967، مع تبادلات متفق عليها، أفضل طريقة لتحقيق قدر متساوٍ من الأمن والازدهار والحرية والديمقراطية للفلسطينيين وكذلك الإسرائيليين.”
يعتمد هذا الإطار الجديد على موقف عسكري مستدام وفعال يركز على الردع، وتعزيز قدرة الشركاء، وتمكين التكامل الأمني الإقليمي، ومكافحة التهديدات الإرهابية، وضمان التدفق الحر للتجارة العالمية. وبالتزامن مع استخدام الأدوات الأخرى للقوة الوطنية، تساعد هذه الأنشطة العسكرية أيضاً في مواجهة التوسع العسكري للأطراف الخارجية في المنطقة. إننا لن نستخدم جيشنا لتغيير الأنظمة أو إعادة تشكيل المجتمعات، ولكن بدلاً من ذلك سنحصر استخدام القوة في الظروف التي يكون فيها الأمر ضرورياً لحماية مصالح أمننا القومي وبما يتماشى مع القانون الدولي، مع تمكين شركائنا من الدفاع عن أراضيهم ضد التهديدات الخارجية والإرهابية.
سنشجع الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تساعد على إطلاق إمكانات المنطقة، بما في ذلك من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي لدفع النمو وخلق فرص العمل. وسنشجع منتجي الطاقة على استخدام مواردهم لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية، مع الاستعداد أيضاً لمستقبل الطاقة النظيفة وحماية المستهلكين الأمريكيين. وسنواصل أيضاً دعم شركائنا من الدول الديمقراطية والمطالبة بالمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، مع الاعتراف بأنه في حين أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يأتي إلا من الداخل، لا يزال للولايات المتحدة دور مهم تلعبه في هذا الخصوص. فالولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات الإنسانية، وهي منذ فترة طويلة، رائدة للعمل الإنساني القائم على سد الاحتياجات، على أساس احترام المبادئ. وسنحافظ على ريادتنا في مجال المساعدة الإنسانية وندير أزمات اللاجئين والنزوح طويلة الأمد، مما سيساعد على تحقيق الكرامة الإنسانية وتعزيز الاستقرار. وسنعمل على تسريع دعمنا للشركاء الإقليميين لمساعدتهم على بناء قدر أكبر من المرونة والصمود، حيث سيتم تحديد مستقبل الشرق الأوسط من خلال التغيرات المناخية والتكنولوجية والديموجرافية بقدر ما يتم تحديده من خلال المسائل الأمنية التقليدية.
بناء شراكات بين الولايات المتحدة وأفريقيا في القرن الحادي والعشرين
تعد الحكومات والمؤسسات والشعوب في إفريقيا قوة جيوسياسية رئيسية، وهي قوة ستلعب دوراً حاسماً في مواجهة التحديات العالمية في العقد القادم. فقد أصبحت إفريقيا أكثر شباباً وديناميكيةا وتعليماً وتواصلاً من أي وقت مضى. وتشكل الدول الأفريقية أحد أكبر مجموعات التصويت الإقليمية في الأمم المتحدة ويقود بعض مواطنيها المؤسسات الدولية الكبرى. إن ازدهار سكان القارة، والموارد الطبيعية الحيوية، وريادة الأعمال النابضة بالحياة، إلى جانب “منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية” (ACFTA)، لديها القدرة على دفع النمو الاقتصادي التحويلي.،ر] ساعدت شراكاتنا مع الدول الأفريقية على مدى العقود الثلاثة الماضية على إرساء الأساس لهذا النمو. ولتسريع وتيرة ذلك، يجب أن تتكيف الشراكات بين الولايات المتحدة وإفريقيا مع بعضها البعض لتعكس الدور الجيوسياسي المهم الذي تلعبه الدول الأفريقية على مستوى العالم.
وسيتوقف تعزيز المصالح القومية الأمريكية جزئياً على العمل عن كثب، ليس فقط مع الدول الأفريقية، ولكن أيضاً مع الهيئات الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي، والحكومات المحلية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص ومجتمعات الشتات. وسنواصل الاستثمار في أكبر دول المنطقة، مثل نيجيريا وكينيا وجنوب إفريقيا، مع تعميق علاقاتنا مع الدول المتوسطة والصغيرة. وسنشرك البلدان الأفريقية معنا كشركاء متساوين لتحقيق أولوياتنا المشتركة من الصحة والتأهب لمواجهة الأوبئة إلى تغير المناخ. وسنضغط أيضاً على شركائنا بشأن حقوق الإنسان أو الفساد أو السلوك الاستبدادي، وسنعمل على تعميق الشراكات مع الدول التي تحرز تقدماً نحو حوكمة أكثر انفتاحاً وديمقراطية. وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين والهيئات الإقليمية، سنواجه التراجع الديمقراطي عن طريق فرض عقوبات على القيام بانقلابات والضغط من أجل إحراز تقدم في عمليات الانتقال المدني. وسنستمع إلى القادة الأفارقة والشعوب الأفريقية وهم يعبرون عن رؤيتهم لشراكاتهم الخارجية، بما في ذلك توقعات الشفافية والمساءلة والإنصاف والإدماج والمساواة.
إن تعزيز السلام والازدهار في إفريقيا سيعزز قدرة إفريقيا على حل المشكلات الإقليمية والعالمية. ويمكن أن يؤدي التزام المنطقة وقدرتها على تجديد الديمقراطية، بالإضافة إلى توقع ومنع ومعالجة النزاعات الناشئة وطويلة الأمد، إلى نتائج إيجابية للأفارقة والأمريكيين على السواء. وسندعم الجهود التي تقودها أفريقيا للعمل على إيجاد حلول سياسية للنزاعات المكلفة، وزيادة النشاط الإرهابي، والأزمات الإنسانية، مثل تلك الموجودة في الكاميرون، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وموزمبيق، ونيجيريا، والصومال، ومنطقة الساحل؛ والاستثمار في بناء السلام وحفظ السلام على الصعيدين المحلي والدولي لمنع نشوب صراعات جديدة. وتماشياً مع نهجنا الأوسع لمكافحة الإرهاب، سنقوم بإعاقة وتقليل التهديدات الإرهابية ضد الولايات المتحدة بينما ندعم الشركاء لمنع توسع الإرهاب. وسنعمل مع شركائنا الأفارقة والدوليين لمعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، بما في ذلك عن طريق مكافحة الفساد، وتعزيز المساءلة والعدالة، والاستثمار في التنمية الاقتصادية الشاملة، وتعزيز حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة، وكذلك التصدي للآثار المزعزعة للاستقرار المتمثلة في مجموعة فاغنر المدعومة من روسيا.
وسندعم تسريع النمو من خلال استثمارات القطاع الخاص، ومساعدة إفريقيا على إطلاق اقتصادها الرقمي، ومضاعفة جهود معالجة انعدام الأمن الغذائي، وتوسيع البنية التحتية للطاقة النظيفة من خلال مبادرات “إفريقيا المزدهرة” (PA)، و “الغذاء للمستقبل” (FF)، و”قوة إفريقيا” (PA). وسندعم التكيف مع المناخ، والمحافظة عليه، والانتقال العادل للطاقة، حيث تعاني دول إفريقيا جنوب الصحراء بالفعل من تأثيرات مناخية شديدة، وتعثيدات استخدام الأراضي، وتحديات الهجرة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع، والتي تفاقمت بسبب استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا. وتعد أنظمة الرعاية الصحية عالية الجودة ضرورية للنمو الاقتصادي، لذل سنعوّل على شراكاتنا المستمرة منذ عقود للاستثمار في مجالات الأمن الصحي والبنية التحتية للأنظمة الصحية، والاستجابة المستمرة لفيروس كورونا. وسنعمل أيضاً مع الحكومات الأفريقية لتهيئة بيئات الأعمال والقيام بالاستثمارات في رأس المال البشري وتنمية القدرات لجذب المستثمرين وتنمية الأعمال التجارية وخلق وظائف جيدة عبر القطاعات – ومن أجل تعزيز التجارة بين الولايات المتحدة وإفريقيا وخلق فرص جديدة للشركات الأمريكية، سنسعى إلى تقديم الفرص التي تعكس المزايا التنافسية لأمريكا، وتعزيز النمو الشامل، واحترام حقوق العمال، وحماية موارد المنطقة للأجيال القادمة.
الحفاظ على منطقة قطبية سلمية
وتسعى الولايات المتحدة إلى أن تنعم منطقة القطب الشمالي بالسلام والاستقرار والازدهار والتعاون. حيث يجعل تغير المناخ الوصول إلى القطب الشمالي أكثر يسراً من أي وقت مضى، ويهدد مجتمعات القطب الشمالي والنظم الإيكولوجية الحيوية، ولكنه يخلق فرصاً اقتصادية جديدة محتملة. ويكثف المنافسة من أجل تشكيل مستقبل المنطقة. وقد استثمرت روسيا بشكل كبير في تواجدها في القطب الشمالي على مدار العقد الماضي، حيث قامت بتحديث بنيتها التحتية العسكرية وزيادة وتيرة المناورات وعمليات التدريب. وقد أدى سلوكها العدواني إلى زيادة التوترات الجيوسياسية في القطب الشمالي، مما أدى إلى نشوء مخاطر جديدة لنشوب صراع غير مقصود وعرقلة التعاون. وسعت جمهورية الصين الشعبية كذلك إلى زيادة نفوذها في القطب الشمالي من خلال تسريع معدل استثماراتها في القطب الشمالي، ومتابعة أنشطة علمية جديدة، واستخدام هذه الارتباطات العلمية لإجراء البحوث ذات الاستخدام المزدوج مع التطبيقات الاستخباراتية أو العسكرية.
ومن جهتنا سندعم أمن الولايات المتحدة في المنطقة من خلال تحسين وعينا بالمجال البحري، والاتصالات، وقدرات الاستجابة للكوارث، وقدرتنا على كسح الجليد وكسر الجمود، استعداداً للنشاط الدولي المتزايد في المنطقة. وسنفعل تواجد الحكومة الأمريكية في المنطقة كما هو مطلوب تماماً، مع تقليل المخاطر ومنع التصعيد غير الضروري. وتتحمل دول القطب الشمالي المسؤولية الأساسية عن مواجهة التحديات الإقليمية، وسنعمل على تعميق تعاوننا مع حلفائنا وشركائنا في القطب الشمالي والعمل معهم للحفاظ على مجلس القطب الشمالي ومؤسسات القطب الشمالي الأخرى على الرغم من التحديات التي تواجه التعاون في القطب الشمالي بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا. وسنواصل حماية حرية الملاحة وتحديد الجرف القاري الممتد للولايات المتحدة وفقاً للقواعد الدولية. وعلينا بناء قدرتنا على الصمود والتخفيف من آثار تغير المناخ في المنطقة، بما في ذلك من خلال اتفاقيات للحد من الانبعاثات والمزيد من التعاون البحثي عبر القطب الشمالي. ومع زيادة النشاط الاقتصادي في القطب الشمالي، سنستثمر في البنية التحتية، ونعمل على تحسين سبل العيش، ونشجع الاستثمار المسؤول للقطاع الخاص من قبل الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا، بما في ذلك في المعادن الهامة، وتحسين جهود تدقيق الاستثمار لتحقيق أغراض الأمن القومي. وعبر هذه الجهود، سوف نتمسك بالتزامنا باحترام السيادة القبلية والحكم الذاتي من خلال التشاور والتعاون المنتظم والهادف والقوي مع مجتمعات ألاسكا الأصلية.
حماية البحر والجو والفضاء
يعتمد الناس في جميع أنحاء العالم على البحر والجو والفضاء من أجل أمنهم وازدهارهم.
تخلق المحيطات والأراضي والممرات المائية والنظم البيئية الأخرى المترابطة في العالم فرصاً اقتصادية وتمكن من النشاط التجاري والعسكري المهم. فهي تحتوي على تنوع حيوي للأمن الغذائي، وهواء وماء نظيفين، ومناخ مستقر، وصحة ورفاهية. وتؤثر التهديدات التي تتعرض لها هذه الأنظمة – بما في ذلك المزاعم البحرية والجوية المبالغ فيها والتلوث وإزالة الغابات غير المنظمة والاتجار في الأحياء البرية والصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم – يؤثر ذلك كله على قدرة الحكومات على تلبية الاحتياجات البشرية الأساسية، ويساهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وسندافع عن حرية الملاحة والتحليق جواً، وندعم حماية البيئة، ونعارض ممارسات الصيد المدمرة في المياه البعيدة، من خلال التمسك بالقوانين والأعراف الدولية، بما في ذلك قواعد القانون الدولي العرفي في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وسنعمل على تعزيز مكانة القارة القطبية الجنوبية كقارة مخصصة للسلام والعِلم وفقاً لأحكام معاهدة أنتاركتيكا لعام 1959.
ويفيد استكشاف الفضاء واستخدامه البشرية، بدءا من خلق فرص اقتصادية إلى تطوير تقنيات جديدة وتمكين مراقبة المناخ. وستحافظ أمريكا على مكانتنا كرائدة في العالم في مجال الفضاء وستعمل جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي لضمان استدامة المجال وسلامته واستقراره وأمنه. وعلينا أن نؤدي دورا محورياً في تحديث إدارة الفضاء الخارجي، وإنشاء نظام لتنسيق حركة المرور في الفضاء ورسم مسار لمعايير الفضاء وتحديد الأسلحة في المستقبل. ومن خلال العمل مع الحلفاء والشركاء، سنطور سياسات ولوائح تمكّن قطاع الفضاء التجاري الأمريكي المزدهر من المنافسة دولياً. وسنعزز مرونة أنظمة الفضاء الأمريكية التي نعتمد عليها في الوظائف المهمة للأمن القومي والداخلي. وتهدف هذه الجهود إلى حماية المصالح الأمريكية في الفضاء، وتجنب سباقات التسلح المزعزعة للاستقرار، وإدارة بيئة الفضاء بشكل مسؤول.
وتعتمد صحة مؤسسات الأمن القومي والقوى العاملة لدينا على الإيمان بالطبيعة غير السياسية لوكالات إنفاذ القانون الفيدرالية واللجنة الدولية ودبلوماسيينا وموظفي الخدمة المدنية ومؤسسات البحث والتطوير الممولة اتحادياً والجيش بينما نعمل معاً في الخدمة الوطنية.
شحذ أدوات أصول الحكم لديناتدعم مؤسسات الأمن القومي والقوى العاملة لدينا قيادة أمريكا العالمية وأمن وازدهار وحريات الشعب الأمريكي. ومن أجل تحقيق أهدافنا الطموحة، علينا تحديث وتكييف أدوات فن الحكم لدينا لمواجهة تحديات اليوم. وعلى سبيل المثال، فنحن نقوم بالآتي:- تعزيز الدبلوماسية الأمريكية من خلال تحديث وزارة الخارجية، بما في ذلك من خلال إنشاء قسم جديد للفضاء الإلكتروني والسياسة الرقمية ومبعوث خاص للتقنيات الهامة والناشئة.- العمل على تكييف مجتمع الاستخبارات (IC)، بما في ذلك من خلال مواءمة مؤسساتنا للتعامل بشكل أفضل مع مسألة المنافسة، وتبني أدوات البيانات الجديدة، وتعزيز تكامل المواد مفتوحة المصدر.- تعزيز الإنذار المبكر والتنبؤ في االولايات المتحدة والعالم حول تهديدات الأمراض المعدية والأوبئة من خلال زيادة الدعم المقدم لـ “مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها” (CDC)، بشأن تفشي الأمراض والتنبؤ والتحليلات والمساعدة الخارجية للأمن الصحي العالمي.- إعادة تنظيم مكتب وكيل وزارة الدفاع للسياسة، لرفع مستوى تركيزه على التقنيات الناشئة ورفع مستوى انتباه القادة الكبار إلى المناطق الحساسة. وكذلك تعزيز خدمة الأمن السيبراني التابعة لوزارة الأمن الداخلي (DHS) من خلال إعادة تصور كيفية توظيف وزارة الأمن الداخلي للمواهب الإلكترونية عالية المستوى والمتنوعة وتطويرها والاحتفاظ بها.- العمل على جعل المساعدة الإنمائية أكثر إنصافاً وانفتاحاً من خلال زيادة المشاركة وتحويل 25% من تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) إلى شركاء محليين، ومضاعفة جهود الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في تمكين النساء والفتيات.- توسيع نطاق مشاركتنا مع أصحاب المصلحة وبناء قدرتنا على الشراكة مع القطاع الخاص والعمل الخيري ومجتمعات الشتات والمجتمع المدني.- إعطاء الأولوية لدور التكنولوجيا في الأمن القومي من خلال ترفيع “مكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا” إلى وكالة على مستوى مجلس الوزراء ومرتبة عضو كامل الصلاحية في مجلس الأمن القومي.وسيتطلب نجاح هذه الجهود وسياستنا الخارجية تعزيز القوى العاملة في مجال الأمن القومي من خلال توظيف المواهب المتنوعة ذات الكفاءات العالية والاحتفاظ بها. ولذلك، فسنقوم بالآتي:- إعطاء الأولوية للتنوع والإنصاف والإدماج وإمكانية الوصول لضمان أن تعكس مؤسسات الأمن القومي الجمهور الأمريكي الذي تمثله.- خلق ممارسات أكثر فاعلية وكفاءة في مجالات التوظيف عامة، و وتجنيد العناصر الموهوبة واستبقائها وتطوير مواهبها، لا سيما في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والاقتصاد واللغات الهامة والشؤون الإقليمية.- دعم فرص التطوير المهني – لكل من المهارات القيادية والفنية – على جميع مستويات القوى العاملة.- إتاحة الفرص للقوى العاملة في الأمن الوطني للتنقل بين المؤسسات، داخل الحكومة وخارجها على حد سواء، ونقل المهارات التي يطورونها إلى وكالاتهم المحلية.- تزويد القوى العاملة بأحدث التقنيات ودمج البيانات والأدوات التحليلية بشكل أفضل لدعم اتخاذ القرار.- إعطاء الأولوية لقدرات الموارد البشرية والأفراد الذين سيقودون كل هذه المبادرات ويشرفون عليها. |
*****
الجزء الخامس: الخاتمة
نحن على ثقة من أن الولايات المتحدة، إلى جانب حلفائنا وشركائنا، في وضع يمكّننا من النجاح في مسعانا لتحقيق نظام عالمي حر ومنفتح ومزدهر وآمن. ومن خلال العناصر الرئيسية التي تم إيجازها في هذه الاستراتيجية، سنتصدى التحديين المتلازمين في عصرنا، وهما: التغلب على منافسينا في تشكيل النظام الدولي، مع معالجة التحديات المشتركة، بما في ذلك تغير المناخ، والجهوزية لمواجهة الأوبئة، والأمن الغذائي، والتي ستحدد المرحلة التالية من تاريخ البشرية. وسنقوم بتعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، وكذلك المؤسسات متعددة الأطراف، في الوقت الذي نتطلع فيه إلى المستقبل لرسم قواعد جديدة وعادلة للطريق بشأن التكنولوجيا الناشئة، والأمن السيبراني، والتجارة والاقتصاد. وسنفعل كل هذا وأكثر من خلال الاستفادة من مزايانا الكبيرة وتحالفنا الذي لا يُضاهى من الحلفاء والشركاء.
وأثناء تنفيذنا لهذه الاستراتيجية، سنقوم باستمرار بتقييم وإعادة تقييم نهجنا لضمان تقديم أفضل خدمة للشعب الأمريكي. وسنسترشد بالحقيقة التي لا جدال فيها وهي أن قوة وجودة المشروع الأمريكي في الداخل يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بقيادتنا في العالم وقدرتنا على تشكيل شروط النظام العالمي. وسيتم تقييم استراتيجية الأمن القومي هذه من خلال مقياس جوهري: وهو ما إذا كانت ستجعل الحياة أفضل وأكثر أماناً وإنصافاً لشعب الولايات المتحدة، وما إذا كانت ستُعلي من شأن الدول والأشخاص حول العالم الذين يشاركوننا رؤيتنا للمستقبل.
إن لدينا رؤية واضحة تحفزنا للوفاء بمتطلبات النجاح الذي ينتظرنا في نهاية هذا العقد الحاسم.
ومن خلال تعزيز قدرتنا الصناعية، والاستثمار في شعبنا، وتعزيز ديمقراطيتنا، سنكون قد قمنا بتعزيز أساس اقتصادنا، وقدرتنا الوطنية، ومصداقيتنا على المسرح العالمي، ونكون قد ضمنّا الحفاظ على ميزاتنا التنافسية.
ومن خلال تعميق وتوسيع علاقاتنا الدبلوماسية -ليس فقط مع حلفائنا من الدول الديمقراطية- ولكن مع جميع الدول التي تشاركنا رؤيتنا لمستقبل أفضل، سنكون قد طوّرنا شروط التنافس مع منافسينا الاستراتيجيين بحيث تتماشى مع مصالحنا وقيمنا؛ ونكون قد وضعنا الأساس لزيادة التعاون حول التحديات المشتركة.
ومن خلال تحديث جيشنا، ومتابعة التقنيات المتقدمة، والاستثمار في القوى العاملة الدفاعية لدينا، سنكون قد قمنا بتعزيز عامل الردع في عصر المواجهة الجيوسياسية المتزايدة، وساعدنا على تموضع الولايات المتحدة في موقعها الملائم للدفاع عن وطننا، وحلفائنا، وشركائنا، ومصالحنا في الخارج، وقيمنا حول العالم.
ومن خلال الاستفادة من قوتنا الوطنية وحشد تحالف عريض من الحلفاء والشركاء معنا، سنعمل على تعزيز رؤيتنا من أجل عالَم حر ومنفتح ومزدهر وآمن، وسنتغلب على منافسينا، ونحقق تقدماً ملموساً في قضايا مثل تغير المناخ، والصحة العالمية، و الأمن الغذائي لتحسين حياة -ليس فقط- الأمريكيين، ولكن جميع الناس في كل أنحاء العالم.
إن هذا هو ما علينا أن نحققه في هذا العقد الحاسم. وكما فعلنا طوال تاريخنا، فستغتنم الولايات المتحدة هذه اللحظة وترتقي إلى مستوى التحدي. وليس هناك أي مجال لإضاعة الوقت.
*****
وبهذا تنتهي الحلقة الخامسة والأخيرة، والتي عرضت الجزء الرابع من الاستراتيجية، تحت عنوان: “استراتيجيتنا حسب كل منطقة”، وكذلك الجزء الخامس وهو عبارة عن “خاتمة” الاستراتيجية. وسنتبع ذلك بنشر النص الكامل للاستراتيجية مع الخاتمة – بحيث تضم الحلقات الخمس مجتمعة في ملف واحد، لتيسير الاطلاع عليها.
.
رابط المصدر: