وسع البنك المركزي الروسي قائمة العملات التي يحددها أسعار الصرف الرسمية اليومية للروبل مقابل تسع عملات إضافية بما في ذلك: الدرهم الإماراتي، والبات التايلاندي، والروبية الإندونيسية، والدونج الفيتنامي، والدينار الصربي، والدولار النيوزيلندي، واللاري الجورجي، والريال القطري، والجنيه المصري. ليرتفع بذلك عدد العملات المعتمدة يوميًا لدى البنك المركزي الروسي إلى 43 عملة يتم تحديد أسعار صرفها مقابل الروبل يوميًا. القرار الجديد سيسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين، وذلك بدلا من الدولار، حيث يقدر حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا بنحو 4.7 مليار دولار لعام 2021.
وتعد روسيا أكبر مورد لمصر لمحصول القمح، وكذلك غنية بمستلزمات الإنتاج والذهب، فيما تصدر مصر لها سلعًا غذائية (فاكهة وخضروات). ويعزز اعتماد روسيا الجنيه المصري من تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في تسديد وارداتها المرتفعة لروسيا.
ومما سبق يمكن أن نستنتج أن القرار الجديد قد يسهم في تسهيل التبادل التجاري بين البلدين عبر تفعيل ما يعرف بنظام “الصفقات التجارية المتكافئة” المعروف عالميا باسم «Offset» باعتبار أن توافر مثل هذه الآلية سيعطي قوى دفع إضافية لأنشطة التبادل التجاري مع مختلف دول العالم، فضلًا عن إسهامه في نفاذ الصادرات المصرية إلي أسواق خارجية جديدة.
أهمية تطبيق هذا النظام بين مصر ومختلف دول العالم وخاصة الدول النامية يهدف إلى تحقيق سهولة التجارة المتبادلة دون الحاجة إلي استخدام النقد الأجنبي. ويحقق نظام الصفقات التجارية المتكافئة لمصر فتح أسواق تصديرية جديدة واستيراد مواد خام ومستلزمات إنتاج بأسعار منخفضة، بالإضافة إلى الإسهام في النفاذ المنظم للصادرات المصرية باتجاه الأسواق الأفريقية التي ترتبط بنسبة مخاطرة مرتفعة حيث يمكن لمصر استيراد المواد الخام مقابل تصدير السلع الصناعية ذات القيمة المضافة وذلك في حالة عدم توافر النقد الأجنبي لدى هذه الدول.
وتمثل السياحة الروسية أكبر روافد السياحة الوافدة لمصر سنويًا؛ فبلغ عدد السياح الروس الوافدين خلال عام 2021 أكثر من مليون سائح، ويشير الشكل التالي إلى الأسواق العشر الأُولى من حيث السائحين الوافدين إلى مصر خلال الفترة (يوليو 2021- يناير 2022). ويمثل القرار خطوة قد تسهم في زيادة تدفق السائحين الروس لا سيما مع استئناف حركة السياحة الروسية إلى مصر بعد توقفها لنحو ست سنوات، وستستفيد مصر كذلك بالسياحة الروسية الوافدة إليها في الحصول على الروبل الروسي في التبادل التجاري.
الأسواق العشر الأولى من حيث السائحين الوافدين إلى مصر (ألف سائح) خلال الفترة (يوليو2021-يناير 2022)
انعكاس آخر للقرار الذي تم اتخاذه وهو المساهمة في تسهيل وتسريع خطوات دخول مصر إلى مجموعة “البريكس”؛ كون مصر تخطط للانضمام إلى مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة التي يسيطر أعضاؤها على ربع الاقتصاد العالمي. وقد أعلنت رئيسة المنتدى الدولي لدول مجموعة “بريكس” أن مجموعة من الدول منها مصر قد ينضمون قريبًا إلى المجموعة، وسط اهتمام كبير للانضمام لهذا التحالف الاقتصادي. ومن المقرر أن تناقش طلبات عضوية البلدان الجديدة في قمة المجموعة خلال عام 2023.
وجدير بالإشارة أن التحالف الاقتصادي “بريكس” قد تأسس من قبل البرازيل وروسيا والهند والصين عام 2006، ثم انضمت جنوب إفريقيا إلى التحالف عام 2010. وقد تبنت دول مجموعة “البريكس” العديد من المبادرات لدعم التعاون فيما بينها في مختلف المجالات، منها تأسيس بنك للتنمية برأسمال 100 مليار دولار لتمويل مشاريع التنمية في الدول الأعضاء. وقد وافق مجلس الوزراء المصري على خطط مصر للانضمام إلى بنك التنمية.
ومن جهة أخرى، قد يذهب البعض إلى الإعلان عن مجموعة من التخوفات المتمثلة في خفض الحصيلة الدولارية من السياح الوافدين الروس؛ نظرًا إلى اتجاههم إلى الدفع بالروبل بدلًا من الجنيه، بما يعمل على خفض الحصيلة الدولارية. وجدير بالإشارة أن الجنيه المصري قد تم تسعيره أمام الروبل وفقًا لقيمته أمام الدولار الأمريكي باستخدام مكافئ العملات.
في الختام، يجدر القول إنه لا يجب المبالغة أو الإفراط في التفاؤل والمبالغة في التأثيرات الإيجابية لهذا القرار؛ فهو خطوة نحو فك الارتباط المبالغ به بالدولار الأمريكي، وخطوة في سبيل اللجوء إلى استخدام بدائل الدولار في التجارة الدولية.
.
رابط المصدر: