الأبعاد الدستورية للتعداد السكاني

يجب ان يؤخذ التغيير الديموغرافي الذي حصل في العراق بسبب الحروب والاعمال الارهابية وانعكاس ذلك على البنيان السكاني للرقعة الجغرافية التي تقطنها اصناف معينة من السكان وتحولها بإرادتها او بفعل عوامل قاهرة الى منطقه جغرافية اخرى بنظر الاعتبار، فضلاً عن الحاصلين على الجنسية العراقية حديثاً…

من المعلوم ان التعداد السكاني هو عبارة عن عملية احصائية هدفها جمع المعلومات والبيانات عن السكان ومساكنهم ومواقعهم الجغرافية وتحليلها وتقييمها ونشرها والاستفادة منها من في عمليات التخطيط الاستراتيجي التنموي وفي البحوث والدراسات المتنوعة الجغرافية والصحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات.

وتتنوع البيانات المطلوب الادلاء بها او التي تتضمنها استمارة التعداد السكاني حسب الغرض من اجراء التعداد، فقد يكون الغرض منه معرفة الخصائص الديموغرافية للسكان كالحجم والكثافة والتوزيع والتركيبة السكانية والاعراق والأثنيات والمكونات والامراض والوفيات والولادات والجنس والعمر والدخل الفردي والعائلي مما يساهم في اعطاء صورة واقعية للجهة طالبة التعداد عن الواقع الديموغرافي، لما لهذه الخصائص – الديموغرافية للسكان – اهمية كبرى باعتبارها مؤشر احصائي في مرقبة التغييرات في الحجم السكاني وتوزيعهم بسبب الهجرة والنزوح والاختفاء من مناطق جغرافية وظهورهم في مناطق اخرى وقياس معدل التحول الديمغرافي منطقه لأخرى.

الى جانب ذلك هنالك بيانات تتعلق بالخصائص التعليمية للسكان كمعرفة المؤهلات التعليمية والاكاديمية ومستويات الجهل… الخ، وايضا هنالك بيانات تتعلق بالخصائص الاقتصادية كالمهنة او الوظيفة نوع النشاط الاقتصادي والقطاع الاقتصادي والدخل الشهري وغير ذلك من المعلومات، والذي يهمنا في هذا المقال البيانات المتعلقة بالجانب السكاني (الديموغرافي) وابعاده الدستورية وهذا ما سنحاول تناوله في المحاور الاتية :

نصت المادة ( 49/اولاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على ان (يتكون مجلس النواب من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي باكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعي تمثيل سائر مكونات الشعب فيه)، ووفقاً لهذا النص فأن المشرع الدستوري اخذ بنظام التمثيل النسبي بنسبة نائب واحد لكل مائة الف عراقي، وقد كان المشرع الدستوري غير موفقاً بصياغة هذا النص لان العمل بموجبه سيجعل اعضاء مجلس النواب في زيادة طردية لامتناهية مع زيادة عدد السكان وهذا امر غير منطقي ومكلف من الجانب الاقتصادي على الخزينة العامة، وبالتالي اذا افرزت العملية الاحصائية زيادة في عدد السكان فمعنى ذلك تمسك الكتل السياسية في زيادة عدد نوابها في الانتخابات وفقاً للنسبة الواردة في الدستور وان تعطيل هذا النص يحتاج الى تعديله ، وهذه النسبة (1/100000) نصت عليها ايضاً المادة (3) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018 .

خصائص ديموغرافية

ستعطي بيانات الخصائص الديموغرافية للسكان المتعلقة بالحجم السكاني لمعتنقي دين او مذهب ضمن الحدود الجغرافية لنطاق التعداد، وهذا من شأنه تقسيم المقاعد الانتخابية البرلمانية حتى قبل اجراء الانتخابات حسب التوزيع السكاني للطوائف وهنا ستفقد الانتخابات النيابية جدواها وتكون مجرد عملية اجرائية لان المقاعد البرلمانية قسمت على اسس مناطقية وجغرافية استناداً للمؤشرات الجغرافية ، هذا طبعاً على فرض دقه وواقعية عملية الاحصاء .

ستغذي البيانات المتعلقة بقومية السكان الصراع في المناطق الجغرافية المتنازع عليها للسيطرة على حجم الكثافة السكانية لقومية معينة على حساب القوميات الاخرى وقد يدفع ذلك البعض الى اجراء تغيير ديموغرافي بالقوة لضمان تحقيق هذه النتيجة وهي الاستحواذ على المقاعد النيابية وفقاً للنسبة الواردة في الدستور .

يجب ان يؤخذ التغيير الديموغرافي الذي حصل في العراق بسبب الحروب والاعمال الارهابية وانعكاس ذلك على البنيان السكاني للرقعة الجغرافية التي تقطنها اصناف معينة من السكان وتحولها بإرادتها او بفعل عوامل قاهرة الى منطقه جغرافية اخرى بنظر الاعتبار، فضلاً عن الحاصلين على الجنسية العراقية حديثاً وتأثيرهم على حجم السكان في رقعة جغرافية معينه وما يترتب عليها من اثار قانونية .

لما تقدم ندعو الى تعديل المادة (49/اولاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وتحديد عدد النواب بشكل معلوم في النص الدستوري للتخلص من زيادة عدد النواب الطردية مع زيادة السكان المتوقع ولتخيف الضغط على الخزينة العامة، مع ايراد نص يمنع المتجنس حديثاً من الاشتراك بالانتخاب او الترشيح الابعد مرور (15) خمسة عشر سنة من تاريخ حصوله على الجنسية العراقية وبشرط التنازل عن جنسيته الام اذا كان محتفظاً بها …والله الموفق

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M