صالح النعامي
لعبت الأزمة الاقتصادية في غزة وما خلَّفته من تداعيات دورًا فاعلًا من حيث التأثير على سياساتها ومواقفها، سواء على صعيد التعامل مع الاحتلال أو في علاقتها مع السلطة، فضلًا عن الدول الأخرى المعنية بالقضية الفلسطينية. هذا ما تتناوله هذه الورقة.
يعاني قطاع غزة منذ عقد ونصف من تبعات أزمات اقتصادية خانقة أسهم في تكريسها وتفاقمها العديد من العوامل والظروف المرتبطة بالاحتلال والانقسام الداخلي، أدت إلى تدهور ظروف الحياة المعيشية والإنسانية وقادت إلى تحديات اجتماعية، وتداعيات سياسية.
فقد أثَّرت الضائقة الاقتصادية بشكل واضح على الواقع الأمني في القطاع وعلى الخيارات السياسية لحركة حماس التي “تحتكر” حكم القطاع؛ فضلًا عن إسهامها في توفير بيئة سمحت بطرح صيغ ومشارع تسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية. وقد مكَّن هذا الواقع قوى داخلية وإقليمية ذات أجندات متعارضة من لعب أدوار، سواء على صعيد العلاقة بين الفصائل الفلسطينية وسلطات الاحتلال أو على صعيد التعاطي مع الانقسام الداخلي؛ إلى جانب توظيف هذا التدخل في تحسين قدرتها على تحقيق أهداف سياساتها الخارجية.
ترصد هذه الورقة مظاهر الأزمة الاقتصادية في القطاع -وأبرز العوامل التي أسهمت في تكريسها- وتقف على تداعياتها السياسية.
مظاهر الأزمة الاقتصادية
تشي المعطيات الرسمية بعمق تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، سيما عندما تجري مقارنتها بالأوضاع في الضفة الغربية. فحسب مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني، بلغ معدل البطالة في قطاع غزة 43%، مقابل 15% في الضفة الغربية؛ في حين بلغ الحد الأدنى للأجور في غزة 682 شيكل (206.6 دولارات أميركية)، مقابل 1062 شيكل (322 دولارًا أميركي)، مع العلم بأن الحد الأدنى للأجور كما تحدده وزارة المالية في السلطة هو 1450 شيكل (439.3 دولارًا)(1). ويتقاضى 79% من العاملين في القطاع الخاص في قطاع غزة أجرًا يقل عن الحد الأدنى للأجور، بينما تبلغ هذه النسبة في الضفة 6% فقط(2). وقد أسهم هذا الواقع في جعل 65% من الفلسطينيين في قطاع غزة يعانون الفقر(3).
وفي الربع الأول من العام 2020، بلغت قيمة الناتج المحلي لقطاع غزة 670 مليون دولار، في حين بلغت قيمته في الضفة 3 مليارات و150 مليون دولار؛ حيث بلغ نصيب الفرد في قطاع غزة من الناتج الإجمالي 331 دولارًا أميركيًّا؛ وفي الضفة بلغ نصيب الفرد 1151 دولارًا(4). أي إن نسبة نصيب الفلسطيني في قطاع غزة من الناتج الإجمالي المحلي تبلغ 28.7% فقط من نصيب مواطنه في الضفة الغربية؛ مع العلم بأن هذه النسبة كانت 90% قبل فرض الحصار على القطاع(5). وتراجعت مساهمة قطاع غزة في إجمالي الناتج المحلي، نهاية عام 2019، إلى أقل من 20% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني(6).
وبسبب القيود التي فرضها الاحتلال في إطار الحصار، هبطت نسبة موافقة السلطات الإسرائيلية على طلبات الحصول على تصاريح للخروج من قطاع غزة من 80% في العام 2014 إلى 46% في العام 2018؛ في حين بلغ متوسط عدد شاحنات الاستيراد الداخلة إلى القطاع قبل فرض الحصار في 2006 نحو 10400 شاحنة، مقابل 1400 شاحنة فقط في عام 2019، وهو ما مثَّل تراجعًا بنسبة 86.6%(7). ومنذ بدء الحصار المفروض على القطاع، انخفض عدد المنشآت الاقتصادية العاملة من 3500 منشأة إلى نحو 250 فقط في 2019(8).
وبسبب الضائقة الاقتصادية، فإن أكثر من 80% من سكان القطاع الذين تجاوز عددهم مليوني نسمة يتلقون المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية والأممية(9).
وأسفرت الضائقة الاقتصادية الخانقة عن آثار نفسية واجتماعية عميقة؛ حيث دلَّت الدراسات على أن 65% من الشباب الجامعي في غزة يعانون من “الاغتراب النفسي” وحوالي 25% يعانون من انخفاض مستوى التوجه نحو المستقبل، إلى جانب تزايد معدلات الإصابة بالاكتئاب والانطواء الاجتماعي وغيرها من المشاكل النفسية(10).
جذور الأزمة الاقتصادية
أسهم العديد من العوامل في تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة مقارنة بالأوضاع في الضفة الغربية، وتشمل هذه العوامل:
الحصار والحروب: لعب الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة، في أعقاب تشكيل حركة حماس الحكومة الفلسطينية العاشرة بعد انتخابات 2006، دورًا رئيسًا في تدهور الأوضاع الاقتصادية. فقد أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية والتجارية وفرضت قيودًا مشددة على حرية الحركة والاستثمار في القطاع. وكان للحروب والعمليات العسكرية التي شُنَّت على القطاع في الفترة الفاصلة بين عامي 2006 و2020 دور حاسم في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في القطاع.
فحسب المعطيات الرسمية، أسفرت الحروب الثلاثة التي شنَّتها إسرائيل على قطاع غزة في 2008، و2012، و2014 والتي قُتل فيها 3920 مواطنًا فلسطينيًّا وجُرح 17700 مواطن، عن خسائر اقتصادية بقيمة حوالي 6 مليارات دولار، وتدمير 16300 وحدة سكنية بشكل كامل، ودُمِّرت بشكل جزئي 179500 وحدة(11).
وبلغت تكلفة الحصار المتواصل والحروب الثلاثة وجولات التصعيد التي شُنَّت على قطاع غزة بين عامي 2007 و2018 ستة أضعاف الناتج الإجمالي المحلي لقطاع غزة في العام 2018 أو 107% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني (في الضفة وقطاع غزة) لنفس العام(12). وحسب تقرير للأمم المتحدة، فإنه لولا الحصار والعمليات العسكرية الإسرائيلية لما تجاوزت نسبة الفقر في القطاع 15%(13).
عقوبات السلطة: فرضت السلطة في 2017 جملة عقوبات على قطاع غزة ردًّا على قرار حركة حماس تشكيل لجنة لإدارة شؤون قطاع غزة، شملت: اقتطاع 30-50% من رواتب موظفيها في القطاع، البالغ عددهم 62 ألف موظف، وإحالة 26 ألف موظف للتقاعد المبكر؛ والتوقف عن دفع مخصصات التحويلات الطبية للمرضى وتجميد نقل التحويلات المالية؛ إلى جانب إيقاف الموازنات التشغيلية لبعض المرافق الحكومية، ومنها المرافق الصحية(14).
وجاءت هذه العقوبات على الرغم من أن حصة قطاع غزة في الموازنة العامة للسلطة؛ أقل من إسهام غزة في هذه الموازنة. فإجمالي ما تنفقه السلطة على جميع القطاعات الخدماتية والأجور في غزة يبلغ 50 مليون دولار؛ في حين تتلقى خزانة السلطة إيرادات من قطاع غزة تبلغ 78 مليون دولار، منها 50 مليون دولار من أموال المقاصة المتعلقة بحركة المعابر الحدودية في القطاع؛ و18 مليون دولار من ضريبة “البلو” التي تفرض على المحروقات و10 ملايين دولار ضرائب جمركية على البضائع المستوردة عبر معبر “كرم أبو سالم”(15).
أزمة الأونروا المالية: نظرًا لأن أكثر من 60% من سكان القطاع لاجئون، فقد تأثرت الأوضاع المعيشية في غزة كثيرًا بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، سيما في أعقاب تجميد الولايات المتحدة إسهامها في موازنة الوكالة؛ حيث إن “أونروا” تعد الجهة الثانية المشغِّلة في قطاع غزة؛ إذ يعمل في إطار مؤسساتها المختلفة 13 ألف شخص؛ إلى جانب تقديمها مساعدات مادية وعينية يستفيد منها 80 إلى 90% من اللاجئين في القطاع(16).
تحولات الإقليم: أسهمت بعض التحولات في المنطقة، في توفير بيئة سياسية قادت إلى إحداث مزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصادية. ففي أعقاب الانقلاب في مصر، عام 2013، وعزل الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، قام النظام الجديد بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بسلسلة من الخطوات التي فاقمت الأوضاع الاقتصادية سوءًا في القطاع؛ فقد زعمت إسرائيل أنه بناء على طلبها دمر نظام السيسي الأنفاق الحدودية التي كان يتم عبرها تهريب الكثير من البضائع والسلع التي تمنع تل أبيب إدخالها(17).
وباء كورونا: أسهمت إجراءات الإغلاق التي فرضتها حكومة غزة لمواجهة تبعات تفشي وباء كورونا في إحداث تدهور أكبر على الواقع الاقتصادي في قطاع غزة. فحسب تقديرات البنك الدولي، إن انتشار وباء كورونا سيزيد نسبة الأسر الفقيرة في قطاع غزة من 53% إلى 64%، في حين يُتوقع أن تزيد النسبة في الضفة من 14% إلى 30%(18). وأسهم الوباء في ارتفاع معدلات البطالة، خصوصًا بين الشباب وخريجي الجامعات منهم، حيث إن 70% منهم بدون عمل(19). وحسب تقديرات الغرفة التجارية في غزة، فقد تجاوزت الخسائر المباشرة وغير المباشرة 27 مليون دولار خلال شهر بسبب قرار الإغلاق؛ حيث تراجعت الطاقة الإنتاجية للقطاعات الاقتصادية بنسبة 90% نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطنين(20).
التداعيات السياسية
أسفرت الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة عن تداعيات سياسية، يمكن رصدها في التالي:
أولًا: لعبت الأزمة الاقتصادية دورًا رئيسًا في اندلاع ثلاث حروب وعدد كبير من جولات التصعيد العسكري بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، سيما خلال تنظيم “مسيرات العودة الكبرى”، التي طالبت برفع الحصار؛ وأسفرت على مدى أكثر من عام ونصف، عن مقتل 326 فلسطينيًّا، وجرح 18460 آخرين(21)، فضلًا عن أن الكثير من اتفاقات التهدئة التي أنهت هذه الحروب وتلك الجولات كان ذا صبغة اقتصادية في إطار سياسي؛ لأنها عالجت بالأساس بعض مشاكل الضائقة الاقتصادية والإنسانية.
ثانيًا: حسَّنت الأزمة من قدرة إسرائيل على المناورة السياسية في مواجهة قطاع غزة. فإسرائيل تشترط حاليًّا السماح بتنفيذ مشاريع إعادة إعمار تحسِّن من الواقع الاقتصادي والإنساني في القطاع بالإفراج عن جنودها ومستوطنيها الأسرى لدى حركة حماس وموافقة الفصائل الفلسطينية على نزع سلاحها(22).
ثالثًا: أمْلت الرغبة في التخلص من تبعات الأزمة الاقتصادية على حركة حماس تقديم تنازلات سياسية من أجل إنهاء الانقسام الداخلي، تمثَّلت في تراجع الحركة عن موقفها الرافض بإجراء الانتخابات التشريعية، والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني بشكل متزامن؛ فضلًا عن تسليم الحركة بتأجيل التوافق على قضايا الخلاف الرئيسية التي قادت إلى الانقسام(23).
رابعًا: اضطرت الأزمة الاقتصادية حركة حماس للتقارب مع محمد دحلان، القيادي الذي فصلته حركة “فتح” والذي كان من أشد خصوم الحركة؛ حيث توصل الطرفان إلى تفاهمات، في يونيو/حزيران 2017، تقضي بإسهام دحلان في حل بعض المشاكل التي تواجه القطاع، سيما على صعيد الكهرباء، إلى جانب رهان حماس على نفوذ دحلان لدى القاهرة(24). وفي المقابل، سمحت حماس لدحلان وتياره بالعمل بحرية في القطاع؛ حيث تمكَّن عدد كبير من المنتسبين لهذا التيار من العودة إلى القطاع وتنظيم أنشطة سياسية بحرِّية؛ إلى جانب تفعيل دحلان الذراع “الخيرية”، الذي تديره عقيلته جليلة، والذي يطلق عليه “المركز الفلسطيني للتواصل الإنساني” (فتا)؛ والذي باتت أنشطته، إحدى آليات العمل التي ينتهجها دحلان في توسيع قاعدة مؤيديه في القطاع(25). وتنطوي العلاقة بين حماس ودحلان ومنح الحركة لتياره حرية عمل كبيرة في القطاع على تناقض سياسي؛ فحركة حماس التي ترفض مسار التطبيع مع إسرائيل سمحت، تحت ضغط الضائقة الاقتصادية، لدحلان الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بالحكومة الإماراتية، التي قادت “مسار التطبيع” وزادت من وتيرة مظاهر تعاونها المعلن مع إسرائيل.
خامسًا: وفرت الأزمات الاقتصادية والإنسانية في القطاع مسارات موضوعية لطرح مشاريع تسوية وحلول للواقع في القطاع أو للصراع تنسجم مع فكرة “السلام الاقتصادي” التي يروج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والتي تتجاهل حقيقة أن الاحتلال هو السبب الرئيس للصراع. فعلى سبيل المثال، اشترطت خطة التسوية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إحداث أي تحسين على الواقع الاقتصادي في قطاع غزة، بموافقة الفصائل فيه على التخلي عن سلاحها وأن يقبل الفلسطينيون بعدم تضمين الحكومة الفلسطينية ممثلين عن حركتي “حماس” و”الجهاد” الإسلامي(26).
وهذا ما ينطبق أيضًا على الخطة التي بلورها وزير المالية الإسرائيلي الليكودي، يسرائيل كاتس، بشأن الانفصال الاقتصادي عن غزة، وضمن ذلك تدشين ميناء ومطار عائمين قبالة سواحل القطاع؛ حيث إن الخطة ترمي أيضًا إلى تكريس الفصل السياسي بين الضفة وغزة، الذي يعد من أهم أهداف اليمين الإسرائيلي(27).
سادسًا: منحت الأزمة الاقتصادية كلًّا من مصر، وإيران، وقطر، الفرصة للتأثير على الواقع الأمني في قطاع غزة وعلى خيارات حركة حماس. فقد وظَّفت مصر تحكُّمها في معبر رفح، الذي يعد بوابة غزة الوحيدة للعالم، لتعزيز دورها في التوصل لتفاهمات التهدئة بين حماس وإسرائيل والمصالحة الفلسطينية. ففي كثير من الأحيان، “تستغل” حركة حماس التحركات المصرية الهادفة إلى التوصل لتهدئة بين الحركة وإسرائيل أو إنجاز المصالحة الفلسطينية الداخلية، لطرح قضية فتح معبر رفح، على اعتبار أن إغلاقه يمثل أحد مظاهر الحصار القاسية(28). كما مارست مصر الضغوط على حماس لقبول عروض التهدئة، من خلال نقل تهديدات إسرائيلية بشنِّ حرب على قطاع غزة(29). وهذا ما جعل إسرائيل ترى في الدور المصري في قطاع غزة بشكل عام وتحديدًا في جهود التوصل إلى تفاهمات التهدئة “ذخرًا استراتيجيًّا” لها(30). في الوقت ذاته، لم يكن من الممكن أن تتوصل حماس ودحلان لتفاهمات 2017، بدون الدور المصري، على اعتبار أن مصر، حسب هذه التفاهمات، كانت ستساعد في إنجاز الكثير من التسهيلات الاقتصادية(31).
أما إيران، فإلى جانب المساعدات التي تقدمها لتعزيز القدرات العسكرية لحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”؛ قدمت مساعدات مالية لبعض القطاعات السكانية في غزة التي تضررت من إجراءات السلطة العقابية(32). وقد أشاد قادة حماس بالدعم الإيراني للحركة؛ حيث اكتسبت إشادتهم أهمية خاصة بالنسبة لإيران، سيما في ظل الانتقادات التي توجه لها في العالم العربي بسب أنماط تدخلها في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن(33).
وبالنسبة لقطر، فقد أسهم دورها المركزي في تحسين الأوضاع الاقتصادية والتوصل لتفاهمات التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس في إطالة أمد فترات التهدئة وقلَّص فرص اندلاع مواجهات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. فقد بلغت قيمة مساعدات اللجنة القطرية للإعمار لقطاع غزة في الفترة الفاصلة بين عامي 2012 و2020 حوالي مليار و40 مليون دولار(34)، بالإضافة إلى تقديم الدوحة منحة مطلع العام 2021 قيمتها 360 مليون دولار، والمساعدات التي يقدمها الهلال القطري ومؤسسة “قطر الخيرية”.
خاتمة
تعد الضائقة الاقتصادية التي تعانيها غزة من نتاج استراتيجية إسرائيل الهادفة، إلى تحميل الفلسطينيين كلفة خياراتهم الوطنية والسياسية، وأحد تداعيات الانقسام الداخلي الناجم أساسًا عن الصراع بين حركتي فتح وحماس؛ والتحولات في البيئة الإقليمية.
من ناحية نظرية على الأقل، قد تنتهي التبعات الاقتصادية الناجمة عن الانقسام الداخلي إذا ما جرى توافق على مسار يفضي إلى إبطال “مسوغات” السلطة لفرض العقوبات الاقتصادية على غزة، لاسيما بإنهاء “احتكار حماس” الحكم؛ سواء من خلال صناديق الانتخابات أو كتجسيد لاتفاق مصالحة مستقبلي شامل.
وفي المقابل، فإن إسرائيل في ظل الأوضاع القائمة، لن تقلص إجراءات الحصار التي قادت إلى استفحال الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الإنسانية، طالما ظلت تتوافر في غزة الظروف التي تسمح للفصائل الفلسطينية بتعزيز ومراكمة القدرات العسكرية؛ وطالما لم تستعد -إسرائيل- أسراها من حماس.
من ناحية ثانية، إن أنماط تدخل كل من مصر وقطر سواء عبر الجهود الهادفة إلى التوصل للتهدئة أو من خلال المساعدات الاقتصادية لن تُحدث تحولًا جذريًّا في الواقع الاقتصادي في القطاع بسبب تمسك إسرائيل بشروطها للسماح بتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار. ويمكن فقط لتحولات جذرية على البيئة السياسية الإقليمية، تحديدًا في مصر، أن تقنع إسرائيل بإعادة النظر إزاء سياساتها تجاه قطاع غزة، كما حدث في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني(35).
- “الإحصاء الفلسطيني: يعلن النتائج الأساسية لمسح القوى العاملة للربع الرابع 2020″، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 15 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3e0K2DC
- المرجع السابق.
- إبراهيم مقبل وآخرون، “أثر العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة”، مركز مسارات، 28 أغسطس/آب 2018، (تاريخ الدخول: 1 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3rcNfDS
- “الإحصاء الفلسطيني يعلن التقديرات الأولية[1] للحسابات القومية الرُّبعية للربع الأول 2020″، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 30 يونيو/حزيران 2020، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3b77H3j
- سمير أبو مدللة، “الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة أمام تحديات الحصار و”كورونا”، الهدف، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، (تاريخ الدخول: 1 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3sCh4hh
- “تقرير حقوقي: 54% نسبة الفقر في قطاع غزة”، الإمارات اليوم، 21 يناير/كانون الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3sDz62E
- المرجع السابق.
- المرجع السابق.
- المرجع السابق.
- للاطلاع على تداعيات الحصار النفسية والاجتماعية. انظر: عبد الرؤوف الطلاع، “الآثار النفسية والاجتماعية الناجمة عن حصار قطاع غزة”، المجلة العربية للدراسات الأمنية، (جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، السعودية، مجلد 32، عدد 66، 2016)، ص ص 3-33.
- علا عطا الله، “حروب إسرائيلية على غزة”، الأناضول، 29 ديسمبر/كانون أول 2016، (تاريخ الدخول: 6 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3biXmBp
- “تقرير أممي: خسائر قطاع غزة الاقتصادية الناتجة عن عقد من الاحتلال والحصار الإسرائيلي تخطت الـ16.5 مليار دولار”، أخبار الأمم المتحدة، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3dWU0G1.
- المرجع السابق.
- إبراهيم مقبل وآخرون، “أثر العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة”، مركز مسارات، 28 أغسطس/آب 2018، (تاريخ الدخول: 1 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3rcNfDS.
- “إيرادات ونفقات السلطة من غزة.. حقائق تفند الأكاذيب”، المركز الفلسطيني للإعلام، 5 سبتمبر/أيلول 2018، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/308tm4U
- “مدير الأونروا لـDW: نواجه أسوأ أزمة مالية في تاريخ الوكالة”، DW، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3r7T4ST
- هذا ما أقر به وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطانيتس: انظر: ألموغ بن زكاري، “شطينتس: مصر أغرقت الأنفاق في غزة بناء على طلب إسرائيل”(شطينتس: متسرايم هتسيفا منهروت بعزا لبشكشات يسرائيل)، هآرتس، 6 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 6 يونيو/حزيران 2016): https://bit.ly/3sRVfKA.
- “انهيار الاقتصاد من الضفة الغربية….ما خيارات فلسطين لتخطي أزمتها المالية”، سبوتنيك، 2 يونيو/حزيران 2020، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3sE0HAK
- إيمان أحمد، “حصاد 2020.. تنبؤات عدم القابلية للحياة بغزة هل تحققت؟”، العين الإخبارية، 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3bUUmdl
- سمير مدللة، مرجع سابق.
- “326 شهيدًا منذ انطلاق مسيرات العودة”، الشرق، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019، (تاريخ الدخول: 4 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/389uNEy
- “غانتس يقدم “سلة مغريات” لغزة مقابل الأسرى ووقف حماس تطوير قدراتها العسكرية”، أمد، 4 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 7 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3t1baGP
- للوقوف على ملابسات موقف حماس والفصائل الأخرى من الانتخابات. انظر: صالح النعامي، “الانتخابات الفلسطينية 2021: السياق والتوقعات”، مركز الجزيرة للدراسات، 29 يناير/كانون الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 29 يناير/كانون الثاني 2021): https://bit.ly/2MLs50x
- محاسن أُصرف، “ما هي تبعات اتفاق حماس دحلان على الواقع الفلسطيني؟”، الحدث، 13 يونيو/حزيران 2017، (تاريخ الدخول: 4 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/2NZDDxM
- يرصد وزير الثقافة الفلسطيني السابق، إبراهيم أبراش، آليات توظيف دحلان والإمارات الأوضاع الاقتصادية في القطاع في تحسين موقع قُدِّم له في القطاع. انظر: إبراهيم أبراش، “كيف ومن أين أتى محمد دحلان بأنصاره ومؤيديه؟”، ميدل إيست أون لاين، 30 سبتمبر/أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3qbS3Ia
- “تفاصيل “صفقة القرن”: القدس.. اللاجئون.. المثلث.. الأسرى.. الحدود.. غزة..”، عربي 48، 29 يناير/كانون الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 4 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3ecX4Of
- “الكشف عن ملامح خطة كاتس بشأن غزة”، 24fm، 5 أغسطس/آب 2018، (تاريخ الدخول: 6 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/30hXBX1
- “وفد مصري في غزة لدفع المصالحة والتهدئة مع إسرائيل”، ميدل إيست أون لاين، 9 ديسمبر/كانون الأول 2020،(تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3vcUnCk
- “مصر تنقل رسالة «تهديد» إسرائيلية بشن حرب على غزة إلى حركة حماس”، عربي بوست، 26 أغسطس/آب 2019، (تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/2OHodxX
- هذا ما يقوله القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، عيران ليرمان. انظر: عيران ليرمان، “الوساطة المصرية في غزة ذخر استراتيجي لإسرائيل بحد ذاته”(هتيفوخ همتسري بعزة هو نيخس إستراتيجي ليسرائيل بفني عتسمو”، مركز يروشليم للاستراتيجيا والأمن، 10 أبريل/نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2019): https://bit.ly/385EfZl
- مؤمن بسيسو، “صفقة حماس ودحلان.. المكاسب والسلبيات”، الجزيرة نت، 28 يونيو/حزيران 2017، (تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3l05xFU
- أحمد أبو عامر، ” إيران تقدم مساعدات مالية إلى أسر الشهداء الذين أوقفت السلطة الفلسطينية رواتبهم”، المونيتور، 6 يونيو/حزيران 2019، (تاريخ الدخول: 4 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3rl6bQI.
- على سبيل المثال إشادات يحيى السنوار، قائد حماس في قطاع غزة بالمساعدات الإيرانية. انظر: “السنوار: إيران قدمت لنا المال والسلاح والخبرات ولها الفضل الاكبر في دعم المقاومة”، المنار، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 4 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/2MNOHgU
- “المنحة المقدمة من دولة قطر لقطاع غزة”، اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة، د.ت، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/2NPTRto
- للوقوف على التحول في موقف مصر من السياسات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة بعد ثورة 25 يناير. انظر: صالح النعامي، العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد ثورة 25 يناير، (الدوحة، مركز الجزيرة للدراسات، 2017)، ص ص 84-91.
رابط المصدر: