- تقترب الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن من نقطة الانهيار، بفعل تراكمات سنوات الصراع، واستمرار تعثُّر مسار السلام، وإمعان الأطراف في السياسات الاقتصادية والمالية غير التوافقية، وتزايد القيود على العمل الإنساني والإغاثي في البلاد.
- بعد الخسارة الكبيرة التي سجَّلها في السنوات الأولى من الحرب، وفقد فيها أكثر من نصف قيمته، لم يُسجِّل نصيب الفرد اليمني من الناتج المحلي الإجمالي أي نمو حقيقي، بخلاف الناتج المحلي الإجمالي الكلي الذي سجَّل، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، في بعض السنوات الأخيرة نمواً طفيفاً جداً.
- تُشير تقديرات دولية إلى أن اليمن يحتاج، في الحد الأدنى، قرابة ثلاثة عقود حتى يكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مماثلاً لما كان عليه في العام 2014، وهي المدة الفعلية التي سيستغرقها التعافي في أوضاع اليمنيين الاقتصادية، وفقاً لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً.
- تُقلل المعطيات الراهنة من فرص نجاح أي تسوية في إرساء السلام على المدى البعيد، وترفع من احتمالات تفجُّر نزاعات جديدة بسبب عدم تحقق انفراجة ملموسة في الجانب الاقتصادي والمعيشي، ما يجعل اليمن عالقاً في دورات صراع متكررة تُبدِّد كل الآمال المتفائلة بشأن مستقبله.
وصلت الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن إلى نقطةٍ هي الأشدُّ حِدَّةً وحَرَجاً، بسبب تراكمات تسع سنوات من الصراع، واستمرار تعثُّر مسار السلام، والإمعان في السياسات الاقتصادية والمالية غير التوافقية، وتزايد القيود على العمل الإنساني والإغاثي في البلاد. ويتوقع أن تترك هذه التطورات تداعيات سلبية وبالغة الخطورة على مستقبل اليمن، على أكثر من صعيد.
المؤشرات
1. وضع الاقتصاد الكلي
نتج عن تسع سنوات من الصراع (2015-2024) أكبر تراجع في قيمة الناتج المحلي الإجمالي لليمن منذ بداية احتساب مؤشرات الاقتصاد الكلي في سبعينيات القرن الماضي، فقد خسرت البلاد نصف ناتجها المحلي الإجمالي تقريباً في خلال السنوات الأولى من الحرب، مُقارنةً بقيمته في العام 2014، ما يجعل من الأزمة الاقتصادية والإنسانية الحالية الأشد حِدَّة على مدار التاريخ اليمني المعاصر.
ويبدو الوضع أكثر فداحة بكثير عند التعمُّق في دراسة مؤشرات الاقتصاد الكلي، وتحديداً عند احتساب نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة وليس الأسعار الجارية، بصفته أدق مؤشر يعكس النمو أو التراجع في الوضع الاقتصادي على مستوى البلد، من خلال اتخاذ نقطة مرجعية يمكن القياس عليها، مع الأخذ في الاعتبار النمو السكاني والحصة التي يقتطعها من القيمة الكلية؛ إذ كشفت البيانات المتوفرة حول نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (أسعار 2015) أنه في تراجع مستمر منذ بداية الحرب ولم يسجل أي نمو حقيقي، بخلاف الناتج المحلي الإجمالي الكلي الذي سجَّل، وفقاً لبيانات قسم الحسابات القطرية في وحدة الإحصائيات التابعة للأمم المتحدة، في بعض السنوات الأخيرة نمواً طفيفاً جداً (بمقاييس البلدان النامية مثل اليمن).
وهذا التراجع المستمر في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يعني أن أوضاع اليمنيين الاقتصادية تتفاقم بمرور الوقت، ولم تشهد أي تحسُّن حقيقي طيلة السنوات التسع الماضية، بحيث يمكن القول إن الأزمة الاقتصادية والإنسانية الراهنة وصلت إلى ذروتها، قياساً بالفترة التي سبقت الحرب. ومع وصول نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022 إلى 40% فقط من قيمته في العام 2014 قبل اندلاع الحرب، فإن وتيرة هذا التراجع شهدت في عام 2023 تسارعاً كبيراً بسبب توقف تصدير النفط الخام من مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً منذ أكتوبر من عام 2022 على خلفية استهداف جماعة “أنصار الله” الحوثية لمنشآت التصدير وموانئه.
وإذ يُقدِّر صندوق النقد الدولي معدل التراجع في الناتج المحلي الإجمالي الكلي في خلال عام 2023 بـ 2%، فإن التراجع على مستوى نصيب الفرد سيكون أكبر بسبب النمو السكاني (بحدود 5% عند معدل نمو 3%)، ومن المتوقع أن يستمر هذا التراجع المتسارع في خلال العام الحالي بناء على استبعاد احتمال استئناف صادرات النفط الخام على المدى القريب، علماً بأن هذه الصادرات كانت ستساعد على إبطاء وتيرة التراجع فقط وليس إيقافه أو تحقيق نمو فعلي يرفع من نصيب الفرد في ظل الظروف الحالية.
2. تعثُّر مسار العمل الإنساني والإغاثي
ما انفك العمل الإنساني والإغاثي في اليمن يواجه تحديات متزايدة بسبب تقلص حجم الدعم المقدم من المانحين الدوليين ووصوله إلى أدنى مستوياته في السنوات القليلة الأخيرة، على خلفية انشغال المانحين بأزمات أخرى في العالم، وتصاعد التحديات الاقتصادية على مستوى الدول المانحة ذاتها، وعوامل أخرى أدت لانصراف اهتمامهم عن اليمن. وقد بدا ذلك جلياً في خلال الاجتماع السادس لكبار المانحين بشأن الملف الإنساني في اليمن، الذي انعقد في مطلع شهر مايو الجاري، إذ لم يتمكن من جمع سوى 735 مليون دولار (27% تقريباً) من إجمالي 2.7 مليار دولار تتطلبها خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن (تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً لـ 18.2 مليون يمني).
غير أن تراجع الدعم المقدم من المانحين الدوليين لا يُمثِّل سوى أحد أوجه التحديات أمام العمل الإنساني والإغاثي في اليمن، إذ كان أداء المنظمات الدولية المسؤولة عن هذا العمل مُخيباً للآمال إلى حد كبير، وخاصة المنظمات التابعة للأمم المتحدة، التي تتولى المسؤولية عن إدارة أغلب التمويل المقدم من المانحين، وإعداد خطط إنفاقه داخل اليمن، وتكليف المنظمات الدولية والمحلية بتنفيذ المشاريع بموجب تلك الخطط والإشراف عليها، حيث يُعتَقَد أنها تلقت من المانحين مبالغ تقارب الـ 25 مليار دولار أمريكي في خلال الأعوام التسعة الماضية دون أن تحقق نتائج توازي حجم هذا التمويل.
ولطالما اُتُّهِمَت المنظمات التابعة للأمم المتحدة بإهدار مخصصات كبيرة من التمويل الذي قدمه المانحون تحت مسمى “نفقات إدارية وتشغيلية”، وذلك على حساب المستحقين من الشعب اليمني، وهي نفقات يُعتَقَد أن نسبة كبيرة منها ليست ضرورية أو تُحقق مستهدفات العمل الإنساني والاغاثي في اليمن، ومنها على سبيل المثال أجور الموظفين والنفقات التشغيلية لمكاتب تتبع للمنظمات في خارج اليمن. كما يشير الخبراء إلى أن منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والمحلية العاملة تحت إشرافها، ركزت معظم جهودها على تقديم مساعدات آنية لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للمستحقين على حساب تعزيز مقومات الصمود الذاتية لديهم، وربما كان مثل هذا النهج مقصوداً بغرض إبقاء المستحقين في حاجة مستمرة للمساعدات، الأمر الذي يضمن استمرار تمويل المنظمات نفسها لأطول فترة ممكنة، قبل أن تلتفت أخيراً إلى هذا البُعد عقب تراجع حجم التمويل المقدم إليها من المانحين.
3. دور سلطة الحوثيين
إلى جانب تحمُّلها المسؤولية الكاملة عن تفجير الصراع الجاري في اليمن منذ العام 2015، واظبت جماعة “أنصار الله” الحوثية على أداء أدوار أخرى ساهمت، ولا تزال، في تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية، بداية من تسخير موارد الدولة ومقوماتها في مناطق سيطرتها لصالح المجهود الحربي وإعطائه الأولوية على حساب الوضع المعيشي للمواطنين، وتسببها بانقسام السياسة النقدية في اليمن إثر منعها تداول الطبعات الجديدة للعملة المحلية في مناطق سيطرتها، وتدخلاتها المستمرة في عمل المنظمات الإنسانية والإغاثية، ورغبتها في الاستحواذ على المساعدات وتحويلها بطرائق شتى، ما أفضى إلى تعليق عمليات برنامج الغذاء العالمي في مناطق سيطرتها منذ نهاية العام 2023، وحرمان 6.5 مليون من المستفيدين منها، إضافةً إلى تسببها في وقف تصدير النفط من مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، والجبايات التي تفرضها على مختلف القطاعات الاقتصادية داخل مناطق سيطرتها وبقية قراراتها وتوجيهاتها التي أضرت بتلك القطاعات، وصولاً إلى استهدافها للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، دون أخذها في الاعتبار تأثير ذلك على مسار التسوية والأوضاع الإنسانية في البلاد.
لقد تسببت هجمات البحر الأحمر، وتحوِّله إلى ساحة مواجهة مع القوى الغربية، بتعطيل نشاط عشرات الآلاف من صيادي الأسماك وبقية العاملين في هذا القطاع على الساحل الغربي لليمن. كما لحقت بالقطاع الزراعي في مناطق سيطرة الحوثيين أضرار كبيرة أيضاً ربما توازي الضرر الذي لحق بقطاع صيد الأسماك إن لم تكن أكبر منه، نتيجة تكدُّس المنتجات الزراعية وانخفاض أسعارها دون الحدود الدنيا للجدوى الاقتصادية بالنسبة للمزارعين والمسوقين، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم إلى الإعلان عن نيتهم عدم مواصلة نشاطهم في هذا القطاع في خلال الفترة المقبلة.
وتشير الدلائل إلى أن جماعة الحوثي هي مَن يتحمَّل، بصفة أساسية، المسؤولية عن هذه الأضرار التي لحقت بقطاع الزراعة في مناطق سيطرتها، من خلال الآتي:
- عدم تعاون الجماعة مع مساعي فتح الطرقات بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة الحكومة على النحو الذي يُساعد في تصريف جزء كبير من المنتجات الزراعية عبر التصدير لدول الجوار؛ إذ إن العوائق القائمة ترفع من تكاليف النقل وتحدّ من جدوى التصدير.
- تواطؤ عدد من قيادات الجماعة، والنافذين فيها، مع تجار ومستوردي المبيدات والأسمدة المحرمة أو المقيد استخدامها دولياً بطريقة أساءت إلى سمعة المنتجات الزراعية اليمنية محلياً، وفي دول الجوار.
- الجبايات الكبيرة التي تفرضها السلطات الموالية للجماعة على المزارعين والمسوقين، والتي تجعلهم في حاجة إلى بيع المنتجات الزراعية بأسعار أعلى بكثير من أجل الحصول على مردود مُجدٍ اقتصادياً، ومن دون مراعاة أن القدرة الشرائية لدى المواطنين في مناطق سيطرتها قد تقلَّصت بشكل كبير بسبب الحالة الاقتصادية المتردية.
- القيود المفروضة بين الحين والآخر على تصدير المنتجات الزراعية أو أصناف معينة منها على الأقل بدعوى تحقيق الاكتفاء الذاتي أو تخفيض الأسعار للمستهلكين.
ويمكن التماس خطورة الضَّرر الذي لحق بالقطاع الزراعي في مناطق سيطرة الحوثيين، من خلال الالتفات إلى حقيقة أن المنظمات الأممية والدولية كانت تُراهن على مساهمة الموسم الزراعي الحالي في التخفيف من معاناة الأسر الفقيرة هناك، ليس من خلال محاصيلها فقط وإنما كذلك نتيجة توفُّر فرص العمل، لكن أداء القطاع الزراعي جاء دون التوقعات، ومن ثمَّ ستتقلص مكاسب الأسر الفقيرة من هذا الموسم.
كما لحقت أضرارٌ مشابهة، وإن بصورة متفاوتة، ببقية القطاعات الاقتصادية في مناطق سيطرة الحوثيين، وانعكس ذلك على الحالة الاقتصادية العامة، التي ازدادت تردياً مقارنةً بمناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً. وتنسجم هذه المعطيات مع النتائج التي توصل إليها فريق من البنك الدولي في تقريره الموسع حول آفاق الاقتصاد اليمني الصادر منتصف العام الماضي، والتي أشار فيها إلى أن أسلوب جماعة “أنصار الله” الحوثية في إدارة مناطق سيطرتها كان أحد أسباب هذا الفارق في الأوضاع الاقتصادية، وليس نتيجة استفادة مناطق سيطرة الحكومة من تصدير النفط الخام فقط.
التداعيات المستقبلية
يتوقع أن يؤدي وصول الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن إلى النقطة الأشد حدة وحرجاً منذ بداية الحرب إلى تداعيات بالغة الخطورة على المدى القريب، وخصوصاً داخل المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين (حيث تتركز الكتلة السكانية الأكبر في البلاد)، وهو ما تبدَّى في تحذير المنظمات الدولية من تدهور حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في معظم تلك المناطق والمحافظات إلى مستوى الطوارئ/المستوى الرابع، بينما لا تزال جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة عند مستوى الأزمة/المستوى الثالث (انظر الشكلين 1، و2).
شكل 1: النتائج المتوقعة حول الأمن الغذائي في اليمن، مارس – مايو 2024
شكل 2: النتائج المتوقعة حول الأمن الغذائي في اليمن، يونيو – سبتمبر 2024
إضافةً إلى ذلك، فإن هناك تداعيات أخرى مستقبلية لوصول الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن إلى هذا المستوى، لعل أهمها إطالة المدة الزمنية التي يحتاجها اليمن للتعافي بعد انتهاء الصراع واحتمال تفجُّر صراعات جديدة بسبب هذا التباطؤ. فعلى سبيل المثال، كان تقرير البنك الدولي عن آفاق الاقتصاد اليمني، الصادر في منتصف العام الماضي، قد عرض عدة سيناريوهات لمرحلة التعافي في خلال الفترة بين عامي 2023 و2030، افترض أكثرها تفاؤلاً تحقيق معدل نمو بمتوسط 6% سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي الكلي لليمن أثناء هذه الفترة، وقياساً على هذا المعدل فإن اليمن سيحتاج تقريباً إلى مدة تتراوح بين 12 إلى 15 سنة حتى يصل بناتجه المحلي الإجمالي إلى ما يعادل قيمته في العام 2014، ويُعوِّض الخسارة التي سببتها الحرب، لكن عند إسقاط معدل النمو المفترض على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مع الأخذ بمعدل النمو السكاني الحالي عند 3% سنوياً، فإن اليمن يحتاج إلى قرابة ثلاثة عقود حتى يكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مماثلاً لما كان عليه في العام 2014، وهي المدة الفعلية التي سيستغرقها التعافي في أوضاع اليمنيين الاقتصادية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا السيناريو يستند إلى افتراضات متفائلة وقد لا تكون واقعية، من قبيل تطور كفاءة القطاع العام بمعدل ثابت سنوياً، وتدفق استثمارات ومساعدات دولية ضخمة إلى اليمن في أثناء هذه الفترة، علاوةً على حقيقة أن الأوضاع الاقتصادية في عام 2014 كانت متردية أساساً (40% من السكان كانوا تحت خط الفقر مثلاً)، وبالتالي فإن مسار التعافي الذي سيستغرق قرابة ثلاثة عقود، وفقاً لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً، لن ينتهي إلا عند النقطة نفسها التي كانت فيها الأوضاع الاقتصادية أحد أوجه معاناة اليمنيين، وسبباً رئيساً من أسباب الاضطرابات وحالة عدم الاستقرار السائدة في البلاد.
وفي حال تجاهلنا السيناريوهات الأخرى الأكثر واقعية، والتي تفترض أن يستغرق مسار التعافي في اليمن قرابة الخمسة عقود وأكثر، فإن هذه المعطيات تُقلل من فرص نجاح أي تسوية في إرساء السلام على المدى البعيد، بل قد تشهد فترة التعافي نفسها تفجُّر صراعات جديدة بسبب عدم تحقق انفراجة ملموسة في الجانب الاقتصادي والمعيشي، ما يجعل اليمن عالقاً في دورات صراع متكررة تُبدِّد كل الآمال القائمة بشأن مستقبله.
لكن البعد الأشد خطورة يتعلق بحقيقة أن الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن لن تتوقف عند المستوى الحالي، بل ستتعمق بشكل أكبر بسبب الطريقة التي تُدار بها البلاد من قبل الأطراف المتصارعة، والتي يغلب عليها الطابع الكيدي والانتقامي، ولهذا من المتوقع أن يواجه اليمن في الأفق القريب تداعيات إنسانية واقتصادية ومعيشية هي الأكثر صعوبة ومشقَّة على مواطنيه، وعلى الأغلب فإن المدة الزمنية التي يحتاجها للتعافي عند انتهاء الصراع ستزداد، ما يُحدُّ من إمكانية إرساء السلام والاستقرار في هذا البلد على المدى المنظور.
استنتاجات
إن كبح الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن، وتدشين عملية التعافي يتطلبان إنهاء الصراع وانخراط الفرقاء المحليين، بحُسْن نية، في جهود التوصل إلى تسوية شاملة في أقرب وقت ممكن، غير أن إرساء الاستقرار على المدى البعيد سيتطلب تسريع وتيرة التعافي في البلاد، واختصار المدة الزمنية التي يحتاجها، وخلق مسار يقود إلى طفرة اقتصادية حقيقية، بحيث يتحول الوضع الاقتصادي إلى أحد العوامل المساهمة في تعزيز استقرار اليمن وتثبيته، وليس مُحركاً رئيساً للصراع، وتجديده، بين القوى المتنافسة على السلطة والنفوذ.
ومن ثمَّ، فإن هناك حاجة مُلحَّة أيضاً لإعادة النظر في النموذج الاقتصادي القائم حالياً في البلاد، والذي يمكن توصيفه بأنَّه “شبه ريعي”، والانتقال إلى نموذج مختلف يرتكز، بصفة أساسية، على قطاع التصنيع، وبقية القطاعات المُنتِجَة التي تحقق قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد الوطني، وهو المسار الذي اتبعته معظم الدول النامية التي نجحت في تحقيق نقلة تنموية كبيرة، ونهضة اقتصادية شاملة في خلال العقود الأخيرة من القرنين العشرين والحادي والعشرين.
المصدر : https://epc.ae/ar/details/featured/alazma-alaiqtisadia-wal-insania-fi-alyaman-alaiqtirab-min-nuqtat-alainhiar