ميثم العبودي
دائماً ما كان دعاة التحرر في بلادنا العربية، يتغنون بالغرب وانسانيته ونظامه السياسي الذي يقدس الحياة البشرية، ويضع أولى أولوياته حرية الفرد وبناء شخصيته، ويلتزم بالمثل العليا، ويعمل بها، الى أن وصل الى درجة الكمال في كل شيء تقريباً، لا بل تجاوز ذلك، وبدأ ينشئ ويبني مدارس ومؤسسات تعليمية للقرود والحيوانات الأخرى، كونه أصبح مجتمعاً مثقفاً للغاية، ومحصناً جداً علمياً وثقافياً وأخلاقياً.
نحن لا نعترض على ذلك كله، ولا نقدح لا سامح الله بهذا المجتمع المتطور جدا، والذي يعدنا متخلفين ومتأخرين كدول العالم الثالث بحسب تسميتهم لنا، ولكن ومع حلول وباء كورونا الذي ضرب أغلب دول العالم بنسب مختلفة، وجدنا الكثير من تلك المُثل العليا لهذا المجتمع تنهار، والكثير من تلك الأخلاق تتلاشى، فرأينا في أقبالهم الكبير على شراء المواد الغذائية والمنظفات ومواد التعقيم والتطهير أبشع صور الفوضى والأنانية، من هجوم على المتاجر وتكسير لواجهاتها، وسحق لكبار السن والمرضى تحت أقدام الأصحاء والشباب.
وبعدها وجدنا الكثير من القنوات التلفزيونية، والمؤسسات الاعلامية، تنقل لنا أخبار أقبال الأمريكان على شراء الأسلحة وبشكل كبير جداً، فبحسب تصريح لوزارة العدل الأمريكية، بأن طلبات التراخيص لشراء أسلحة بلغت أكثر من ١٥٠٠ طلباً لولاية ويسكونسن وحدها كمتوسط يومي، في مؤشر أن الأمر بات يستقطب الكثير من لم يقتني سلاح من قبل، وهذا الأقبال الواسع يعود لخشية مبالغ فيها تنتاب بعض الناس من انزلاق الاموار نحو الأسوأ، ما قد يؤدي الى غياب سلطة المؤسسات التي تحميهم، فيضطرهم للدفاع عن ممتلكاتهم وحماية أنفسهم.
في حين نرى بلدنا العراق في ظل هذه الأزمة، وبدعوى من المرجعية المباركة بضرورة التكاتف والتكافل ومساعدة المعوزين وذوي الدخل المحدود وعوائل الشهداء ومد يد العون لهم من قبل الميسورين وأصحاب المواكب الحسينية وفعاليات المجتمع العراقي، وجدنا استجابة منقطعة النظير من قبل المواكب الحسينية والتجار والميسورين وعامة الشعب من الطبقة الوسطى، ورغم حضر التجوال المفروض على كل مدن العراق، يتسابق المتطوعون في توزيع السلات الغذائية والمعونات الانسانية للمحتاجين في بيوتهم دون كلل أو ملل.
وأكثر من ذلك، وجدنا الدوائر الخدمية وعلى صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي تنشر أرقام لفرق جوالة تقوم باصلاح الأعطال الخاصة بشبكات الماء والكهرباء والاتصالات، وشاهدنا أطباء كثيرون في مختلف الاختصاصات يضعون أرقام لتواصل المرضى والمحتاجين للعلاج معهم دون مقابل، بل وتبرع الكثير من أصحاب الفنادق بوضع فنادقهم تحت تصرف خلية الأزمة في حين لزم استخدامها أماكن ضيافة للملامسين أو أماكن حجر للمصابين.
ونرى العتبات المقدسة وضعت طاقاتها في خدمة المواطن، من حيث توفير أماكن استضافة وحجر للمصابين في مدن الزائرين التابعة لها، وتوزيع سلات غذائية ومنتوجات زراعية من المزارع العائدة للعتبات، وتذكرنا هذه الاستجابة بأستجابة الشعب العراقي لفتوى الجهاد الكفائي المباركة، التي حيرت الجميع وحشدت الملايين وهزمت الدواعش بفترة قياسية لم يكن أفضل المتفائلين من محللين وعسكريين يتوقعونها، وأفشلت مخططات دول عظمى صرفت المليارات ودربت وحشدت وأستقدمت مقاتلين الكرة الأرضية لحرب العراق والعراقيين.
ويروى أن أعرابي سأل رسول الله (ص) لو نفذ الخير بالجزيرة أين نذهب يا رسول الله؟ قال أذهبوا الى اليمن، قال فأن نفذ الخير باليمن أين نذهب يا رسول الله ؟ قال أذهبوا للشام، قال أن نفذ خير الشام أين نذهب يارسول الله؟ قال أذهبوا للعراق، قال أن نفذ خير العراق أين نذهب؟ قال (ص) أن في العراق خيراً لن ينفذ الى يوم الدين، صدق رسول الله ( ص )، خير العراق لا ينحصر بالموارد الاقتصادية، أو الطاقات البشرية، أو العظمة الايمانية، أو بركات وجود المرجعية، بل العراق معطاء في كل شيء، رغم كل ماتعرض له ويتعرض لكنه يأبى الا أن يكون بالصدارة لكل فضيلة.
رابط المصدر: