سايمون هندرسون
تشير خلافة الشيخ محمد بن زايد لأخيه الراحل الرئيس خليفة بن زايد آل نهيان إلى أن أحد القادة العرب الناشئين الأكثر إفعاماً بالحيوية سيقوم بتأدية دور إقليمي أكثر نشاطاً.
بعد وفاة رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في 13 أيار/مايو، خلفه على الفور أخوه غير الشقيق، ولي العهد الأمير محمد بن زايد حاكماً لأبوظبي، وهي إحدى الإمارات السبع في البلاد. وبعد يوم واحد، اختاره الحكام الستة الآخرون رئيساً للاتحاد لولاية مدتها خمس سنوات. وسارع زعماء المنطقة والعالم إلى إرسال التعازي أو ترتيب زيارات لتقديم تعازيهم شخصياً.
على مدى السنوات العديدة الماضية، كان اسم الأمير محمد بن زايد (البالغ من العمر 61 عاماً) قد أصبح مقروناً بصنع القرار في الإمارات. فقد كان الشيخ خليفة (73 عاماً) يعاني من عجز كبير منذ إصابته بجلطة دماغية (ليست الأولى) في عام 2014 ونادراً ما ظهر في الأماكن العامة. وعندما أصبح الأمير محمد بن زايد تدريجياً القائد الفعلي للبلاد، استفاد بشكل متزايد من الثروة النفطية والحنكة الدبلوماسية لتحقيق نجاحات مثل “اتفاقيات إبراهيم” مع إسرائيل. كما أثّر في التغيير السياسي في السودان ودول أخرى، على الرغم من قلة عدد السكان المواطنين الإماراتيين البالغ حوالي مليون شخص (معززين بـ 9 ملايين عامل أجنبي مؤقت).
إن مكانة الأمير محمد بن زايد، وليس خسارة خليفة، هي التي دفعت إلى توافد العديد من قادة العالم إلى أبوظبي، من بينهم وفد أمريكي يضم نائبة الرئيس كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنطوني بلينكين، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومدير “وكالة المخابرات المركزية” ويليام بيرنز. وتشير الحاشية الرفيعة المستوى التي ستصل من واشنطن إلى تصميم الولايات المتحدة على وضعها جانباً الإرباك المستمر الذي وصم العلاقات بين البلدين، لا سيما منذ بداية إدارة بايدن، ومؤخراً، هجوم 17 كانون الثاني/يناير الذي نفّذه المتمردون الحوثيون في اليمن على أبوظبي، والذي يَعتقد الأمير محمد بن زيد، وفقاً لبعض التقارير، أنه لم يُستتبع بدعم أمريكي كافٍ. ومن بين الوافدين الآخرين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والسلطان العُماني هيثم، وأمير قطر تميم، والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ. وحتى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أرسل تعازيه، كما زار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أبو ظبي لتقديم التعازي.
تساؤلات مباشرة
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، مَن سيكون ولي العهد المقبل لأبوظبي؟ عندما حمل محمد بن زايد هذا اللقب، لم يكن الشيخ خليفة هو من اختاره، بل إنّ والدهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس المؤسِّس لدولة الإمارات العربية المتحدة، هو من عيّنه نائباً لولي العهد في عام 2003، ثم أصبح ولياً للعهد بعد عام واحد عندما توفي الشيخ زايد وخلَفه الشيخ خليفة رئيساً للبلاد. واليوم يتعين على الأمير محمد بن زايد أن يقرر ما إذا كان سيختار أحد أشقائه الخمسة (المعروفين جماعياً باسم “بني فاطمة”) أو – وهو الخيار الأقل ترجيحاً – أحد من العديد من إخوته غير الأشقاء. ومن الممكن، بدلاً من ذلك، أن يعيّن أحد أبنائه الأربعة، أكبرهم خالد (40 عاماً) وذياب (33 عاماً). وسيتم إيلاء اهتمام خاص لأي مكانة أو سلطة إضافية تُمنح لأخيه الشقيق طحنون، مستشار الأمن القومي الذي بقي بعيداً عن الأضواء وكان قد أُرسل في مهمة دبلوماسية إلى طهران العام الماضي.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فمن المفيد إلقاء نظرة عن كثب على علاقات الإمارات بالمملكة العربية السعودية. فحين تولى الملك سلمان العرش في عام 2015، كان الأمير محمد بن زايد يُعتبر بمثابة المرشدٍ لابن الحاكم السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي أصغر منه بأربع وعشرين عاماً. وسرعان ما أصبح الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، ويُعدّ اليوم القائد الفعلي للمملكة. ومع ذلك، يبدو أن التوتر يشوب العلاقة بينهما: فالأمير محمد بن سلمان يريد أن يجعل السعودية المركز التجاري لشبه الجزيرة العربية، لكن هذا من شأنه أن يقوّض مكانة الإمارات، لا سيما بالنسبة إلى دبي، ثاني أكبر إماراتها.
ويتمثل التحدي الفوري لواشنطن في إعادة العلاقات بين البلدين إلى مستوى أكثر توازناً. وينطوي هذا المسعى على جانبين أساسيين هما دعم الإمارات الظاهري للغزو الروسي لأوكرانيا، واستعدادها لشراء معدات عسكرية من الصين. لدى واشنطن وأبوظبي مصلحة مشتركة في مواجهة التهديدات الإيرانية، وأي خلافات عالية المستوى بينهما قد تشكل نقاط ضعف يستغلها الآخرون.
.
رابط المصدر: