د. إياد هلال الكناني
منذ تأسيس الدولة العراقية في العام 1921 والعراق ما زال يعاني من العديد من مشكلات عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والتبدل في شكل نظامه السياسي وادارة الحكم، وطبيعة شكل الدولة، واذا ما كانت هذه المشكلات تمثل حالة طبيعية في حياة وتطور الدول، ومحصلة لتغير الافكار والايديولوجيات فيها، فإن مثل هذه المشكلات ترتبط ايضا بالصراعات الدولية التي تتسبب في الكثير من الازمات الداخلية للدول الهشة، ويبدو ان النظام السياسي في العراق كان واحدا من بين اكثر الانظمة السياسية في المنطقة تأثرا بالبيئة الاقليمية -للشرق الاوسط- بتفاعلاتها وتوازنات القوى فيها من جهة، وصراع المصالح بين استراتيجيات القوى الدولية حول هذه المنطقة الحيوية من جهة اخرى.
وتظهر فاعلية المتغيرات الاقليمية والدولية في زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق تظهر بصورة بسبب من طبيعة الانظمة السياسية الحاكمة وعدم قدرتها على ادارة التنوع الاجتماعي والسياسي مما انعكس على قدرة هذه الانظمة في بناء دولة ومؤسسات حكم مستقرة تسهم في تعزيز الاندماج الوطني وخلق هوية وطنية، وتنجح في الاستجابة لمتطلبات المجتمع واحتياجاته عن طريق توظيف الثروة الوطنية وادارة الموارد العامة وتحقيق التنمية في ابعادها المختلفة.
وفي ضوء التطورات والتحولات في الساحة السياسية العراقية وما اظهرته نتائج الانتخابات من تغيير كبير في معادلة القوى السياسية، وما تنبأ به من تغيير في طبيعة تشكيل الحكومة وفاعليتها، ناهيك عن التغيير في التفاعلات الاقليمية وادراك صناع القرار العرب بانه لا مناص من الاعتراف بالواقع العراقي الجديد، بعد ان اثبتت التجربة ان معارضته تصب في مصلحة ايران وتمتين نفوذها في المنطقة – تبدو الفرص امام الحكومة العراقية في تعزيز الامن والاستقرار وبناء المؤسسات اكبر من ذي قبل، ومن هنا نجد ان هناك اولويات امنية وسياسية يتعين على صناع القرار السياسي والاستراتيجي في العراق العمل عليها بشكل فاعل ومستمر لتعزيز قدرة الدولة وبناء مؤسساتها وحل المشكلات المتراكمة التي تسببت بأزمات سياسية واجتماعية كبيرة.
لقد اعدت هذه الورقة للإجابة عن سؤال مركزي يتمثل بـ(ماهي الاولويات الامنية والسياسية للحكومة العراقية في الوضع الراهن).
1- الأولويات الامنية والسياسية للحكومة العراقية
تظهر اهداف السياسية العليا للأمن القومي لأي دولة في الحفاظ على بقاء الدولة واستقلالها وسيادتها وحماية امنها ومصالحها وسلامة ارضيها وشعبها، وتختلف الدول عند صياغة سياستها العليا ووضع استراتيجياتها وتحديد أولوياتها تبعا لاختلاف طبيعة المهددات التي تواجه الدول ومستوى الامن والاستقرار السياسي والاجتماعي.
وفي ضوء ذلك تتحدد الاولويات الامنية والسياسية للحكومة العراقية بحدود ما تواجهه من مهددات ومشكلات في المجالين الداخلي والخارجي، وسنحاول ان نحدد في هذا المحور اهم الاولويات الامنية والسياسية على المستويين الداخلي والخارجي ونعرض لاهم السياسات الموصى بها كمنهج استراتيجي للحكومة العراقية.
1-1 الاولويات الامنية والسياسية في المجال الداخلي
1-1-1: الحرب على داعش (الوضع الراهن-السياسات الموصى بها)
الوضع الراهن
على المستوى الامني يمثل مواجهة التهديدات الارهابية احد اهم اولويات الحكومة العراقية، اذ يقع على عاتق الحكومة العراقية الاستمراربوضع الخطط العسكرية والعملياتية وتعزيز الجهود الاستخباراتية وتعزيز قدرات الجيش والاجهزة الامنية لمواجهة هذه التهديد والقضاء عليه.
فعلى الرغم من ان المعارك المباشرة ضد تنظيم داعش الارهابي انتهت بدحره عسكرياً وتحرير المحافظات والمناطق التي كان يسيطر عليها، إلاّ ان هناك بعض الجيوب الجغرافية التي ما زلت ينشط فيها بعض الخلايا العددية (المحجمة) من عناصر داعش الهاربين، والتي تتخذ من الاطراف النائية في محافظة صلاح الدين واطراف محافظة كركوك والجزيرة وفي بعض المناطق القريبة من بغداد مساحات عملياتية لها.
ان التنظيمات الارهابية تتغذى وتعتاش على حالات ضعف الدولة وانعدام الاستقرار السياسي الداخلي والاقليمي وتنتشر عبر الحدود عند بسط سيطرتها على اي رقعة في الشرق الاوسط ولنتذكر ان ارهاب القاعدة نشأ في افغانستان وامتد نشاطه في العديد من دول الشرق الاوسط، وتنبأ الاحداث في افغانستان عن احتمالية عودة نمو التنظيمات الارهابية واتخاذها لافغانستان قاعدة جديدة للانتشار في دول الشرق الاوسط عند توفر البيئة المناسبة لها.
السياسات الموصى بها:
لا بد للحكومة العراقية من تحديد مساراتها في نقاط أساسية هي:
– تبني استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب لا ترتكز فقط على الجانب العسكري، وإنما تبنى على اساس نهج ثلاثي الابعاد (سياسي واقتصادي واستخباري).
– إيضاح رؤية الحكومة العراقية في مجال التسلح والتكنولوجيا العسكرية المطلوبة والمناسبة لمواجهة التهديد الارهابي وتحديد الجهات الدولية التي يمكن التعامل معها في توريد الاسلحة والتكنولوجيا العسكرية المتناسبة مع طبيعة التهديد الارهابي من حيث الوسائل التي يستخدمها في تنفيذ عملياته ومن حيث تمكين القوات المسلحة من القدرة على مواجهته وكسر ارادته.
– تحديد نوع العلاقات الأمنية التي تريد الحكومة العراقية إقامتها مع الدول الصديقة لمواجهة التهديدات الارهابية.
1-1-2: بناء القدرات العسكرية والامنية (الوضع الراهن-السياسات الموصى بها)
الوضع الراهن
كشف الهجوم الذي شنه تنظيم داعش الارهابي وسيطرته على اراضي ثلاثة محافظات عن هشاشة في القيادة والتنظيم العسكري وضعف في بناء العقيدة العسكرية في الدفاع والقتال.
ان الدرس المستفاد من الحرب ضد تنظيم داعش هو ضرورة بناء قدرات وتدريب القوات العسكرية والامنية بمستوى عال يجعلها قادرة على مواجهة المهددات الامنية وخوض المعارك المباغتة ومواجهة التكتيكات التي تعتمدها التنظيمات الارهابية، وضرورة ابعاد الجيش والقيادات العسكرية والامنية عن تأثير الاحزاب السياسية، واختيار القيادات العسكرية على اساس المهنية والكفاءة والولاء.
السياسات الموصى بها
– تسليح الجيش بالأسلحة المناسبة لطبيعة التهديدات، ولما كان الوضع الاقتصادي لا يدعم –على المدى المنظور- تسليح الجيش بمنظومات دفاعية وهجومية متطورة توازي ما تمتلكه جيوش دول المنطقة، وعدم وجود تهديد فعلي من دولة اقليمية، فان المنطق يقتضي التركيز في التسلح الاسلحة والمعدات التي تناسب طبيعة التهديدات الارهابية المحتملة والتركيز على الاسلحة التكنولوجية الحديثة كالطائرات المسيرة الاستطلاعية والهجومية والصواريخ الموجهة ووسائل الكشف الراداري وغيرها مما يعزز قدرة القوات المسلحة على الدفاع والهجوم.
– التركيز على الجهد الاستخباراتي وتعزيز قدراته وتطوير كفاءاته وتنظيم الاتصالات العسكرية بشكل يدعم القدرة على مواجهة المهددات الامنية ويقلل من قدرة العدو على المباغتة.
– بناء العقيدة العسكرية للمقاتلين ورفع الحالة المعنوية وتقديم الدعم النفسي والتوجيه والتثقيف المستمر.
2-1-3: التعامل مع قوات الحشد الشعبي والفصائل المسلحة (الوضع الراهن – السياسات الموصى بها)
الوضع الراهن
ان احتكار الدولة للاستخدام المشروع للقوة هو مبدأ اساس في تكوين واستقرار الدول، ولايمكن لاي دولة إلاً ان تكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن توفير الامن الداخلي وحماية استقلال الدولة وسيادتها من اي اعتداء خارجي.
ويتسم الوضع الراهن بوجود قوات الحشد الشعبي تلك القوات التي كان لها دورا محوريا في الحرب ضد تنظيم داعش بعدما استدعت الحاجة في وقتها الى انضمام المقاتلين المتطوعين الى صفوف الجيش والاجهزة الامنية لدعمها في حربها ضد داعش وكان فتوى السيد (السيستاني) استجابة لهذه الضرورة.
وبشكل عام فإن وجود فصائل مسلحة خارج نطاق سيطرة الدولة يضعف من مركزية الدولة وسيطرتها على حفظ الامن بوصفها الجهة الوحيدة التي يجب ان تقوم بتقديم سلعة الامن، فضلا عن تعارض وجود مثل هذه القوات مع المادة (9/ب) من الدستور والتي تنص على: “يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة”.
وتأسيسا على ذلك اصدر البرلمان في تشرين الثاني من العام 2016 قانون يقضي بتشكيل هيئة الحشد الشعبي كهيئة تابعة للقوات العسكرية الحكومية وخاضعة لتوجيه وقيادة القائد العام للقوات المسلحة.
لكن واقع الامر يكشف عن إن وبالرغم من ان قوات الحشد الشعبي قد اسهمت بتحقيق النصر الحاسم وتحرير المحافظات من سيطرة التنظيم الارهابي، إلاّ ان بعض فصائل الحشد الشعبي والفصائل الاخرى غير المنضوية في هيئة الحشد الشعبي تعمل بطريقة منفصلة وبعيدة عن سياسة الدولة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة.
لقد حاول رئيس الوزراء الاسبق (حيدر العبادي) إعادة تنظيم الحشد الشعبي والسيطرة عليه بإصدار الأمر الديواني رقم (57) في 3/ تموز / 2018 والذي نظّم قانونيًا وكيّف بالضوابط هيئة الحشد الشعبي ضمن هيكلية الدولة ومؤسساتها المعنية، كما عمل من بعده رئيس الوزراء السابق (عادل عبد المهدي) على اصدار الأمر الديواني المرقم (331) في 17/ ايلول/ 2019 قرر فيه المصادقة على الهيكلية التنظيمية الخاصة بهيئة الحشد الشعبي. غير ان كلا السياستين لم تثمر اي نتيجة تتعلق بتحقيق السيطرة الفعلية والكاملة على بعض الفصائل المسلحة -ضمن قوات الحشد الشعبي وخارجه- وضمها بشكل يحقق الاندماج الكامل مع القوات العسكرية والامنية.
ومع اعترافنا بالانجاز الكبير الذي حققته قوات الحشد الشعبي فان الواقع يشير الى عدم انصياع بعض الفصائل المسلحة -سواء كانت ضمن هيئة الحشد الشعبي او خارجها- الامر الذي يعقد من قدرة الحكومة في ان تأخذ حيزها الطبيعي ومكانتها المحلية والإقليمية والدولية بوجود فصائل مسلحة تقاسمها السلطة، وتتخذ مواقف وتقوم بعمليات عسكرية تحرج السلطة المركزية للحكومة ولا شك ان هذا التحدي لا يتعلق بالفصائل الشيعية فحسب – وان كان اكثر وضوحا – بل يمتد ليشمل الفصائل المسلحة السنية وسلاح العشائر التي توازي سلطة الدولة والقانون في بعض الأحيان. وفي ظل ذلك لا يمكن الحديث عن دولة قادرة على حفظ الامن وتطبيق حكم القانون والتعبير عن ارادتها وتحديد مواقفها السياسية ولاسيما ازاء علاقاتها الخارجية.
السياسات الموصى بها
تتطلب السياسات الموصى بها مراعاة الاتي:
– يستند وجود الحشد الشعبي في شرعيته الى قانون هيئة الحشد الشعبي، كما يستند الى شرعية (الانجاز) بالانتصار الذي حققه الحشد في المعارك ضد داعش واعتباره رصيد امني مهم لاي تهديدات محتملة، بيد ان الكثير من المؤشرات تدل على انفلات بعض الفصائل من سيطرة الحكومة وتحولها الى عبء امني نتيجة لممارساتها ضد مؤسسات الدولة، وشنها لعمليات عسكرية ضد القوات الامريكية وتدخلها في عمليات عسكرية خارج الحدود.
ومن جهة اخرى فان الشرعية الدينية التي يرتكز عليها الحشد الشعبي في تبرير استمراره وفي مواجهة اي قرار سياسي بدمجه ضمن القوات العسكرية والاجهزة الامنية، يتمثل بفتوى الجهاد الكفائي التي اصدرها السيد (السيستاني)، ولكنَّ القراءة الدقيقة للفتوى لا تعطي اي مشروعية دينية لتأسيس فصائل خارج اجهزة الدولة العسكرية والامنية، فالفتوى طالبت العراقيين كل العراقيين بغض النظر عن الانتماءات الفرعية (القومية والطائفية) بالتطوع ضمن “الاجهزة الامنية” وهذه اشارة الى ان التطوع يكون ضمن قوات الجيش والشرطة الاتحادية لا ان يتم تشكيل فصائل مستقلة عن هذه الاجهزة او تخرج سياسة السلطة كما هو حاصل.
وعلى وفق ما تقدم فانه يتعين ان تعمل الحكومة على وضع سياسة واضحة وتدريجية لهيكلة الفصائل المسلحة.
– ان قوات المنضمة لهيئة الحشد الشعبي ليست كياناً واحداً موحّدا، ومن هنا فان القرارات السياسية يجب تأخذ بعين الاعتبار الاختلاف بين اجنحة وفصائل هذه القوات، ويمكن هذا التصنيف من تطبيق سياسية الدمج على اساس اختلاف توجهات هذه الفصائل والبدء في الفصائل المستعدة لدمج قواتها ضمن اجهزة الدولة.
– يتعين ان يكون دمج المقاتلين على أساس فردي، وليس كمجموعات، وهذه السياسية تعد أفضل خيار لمعالجة مشكلة الانتماءات المتعددة، بدلاً من تعيين مجموعات برمتها، اذ يجب أن يستند أي دمج لقوات الحشد الشعبي في قوات الأمن الرسمية العراقية إلى الالتحاق الفردي، كي يتم تجنّب انقسام وتوزُّع الولاءات بين الحكومة وبين الانتماءات السابقة للأعضاء.
– ضرورة مواصلة الحكومة العراقية سياستها بفصل المؤسسات الأمنية عن المؤسسات السياسية، ومنع الفصائل المسلحة من تشكيل احزاب وقوائم انتخابية، كما يجب اتخاذ قرارات سياسية للحد من قيام اي حزب باستخدام شعبية قوات الحشد ورمزيته للتأثير على اصوات الناخبين.
2-1-4: الحفاظ على استمرار نظام الحكم الديمقراطي (الوضع الراهن – السياسات الموصى بها)
الوضع الراهن
ان بناء الدولة وتعزيز المؤسسات الديمقراطية عملية طويلة ومعقدة، ومن الضروري تقييم المؤسسات الديمقراطية ونوعية العمليات الديمقراطية، وتعزيز السياسات الاصلاحية التي تستهدف التأثير على مخرجات العملية السياسية بما يناسب تحقيق الاستقرار السياسية وتقوية اجهزة الحكومة وبناء المؤسسات والهوية الوطنية.
وعند مراجعة مقومات التجربة الديمقراطية العراقية نجد ان اهم هذه المقومات هي الاحتكام الى الدستور والانتخابات في التداول السلمي للسلطة وتعزيز الاعلام الحر والتزام المحافظة على حقوق الانسان وحرياته الاساسية، وهذا ما سنتناوله تباعا:
1. الدستور
يمثل الدستور نواة البنية المؤسساتية والنظام القانوني في الدولة، ويمثل ضمانا لنظام الحكم الديمقراطي، وتزداد عملية بناء الدستور تعقيدا مع وجود اتجاهات سياسية وطوائف وقوميات متعدد كما يزداد الامر صعوبة اذا ما كانت عملية بناء الدستور تعقب حالات عدم الاستقرار السياسي الناجمة عن تغيير الانظمة الاستبدادية وتأجج الصراعات المحلية.
ان الدستور العراقي يتضمن مقومات للحكم الديمقراطي في نصوصه التي تؤكد على:
– اعتبار الانتخابات مصدرا وحيدا للحكم وادارة الشؤون العامة وتأكيده على المحافظة على حقوق الانسان، وتوفير مشاركة فعالة للمواطنين في الحياة العامة.
– الاعتراف بالهويات الفرعية وتعدد الثقافات والطوائف والاديان والاعراق في العراق وحقوقهم في التعبير عن ثقافاتهم وتقاليدهم.
– اقراره بحرية تشكيل الاحزاب والتجمعات وحرية الرأي والتعبير والاعلام
– اعتماده مبدأ الفصل بين السلطات وتحقيق التوازن بينها.
السياسات الموصى بها
– الاحتكام الى الدستور في القرارات والبرامج والاستراتيجيات الحكومية بوصفه الوثيقة القانونية التي بني على اساسها نظام الحكم.
– التأكيد على التزام السلطة التنفيذية بإعداد مشاريع القوانين التي نص عليها الدستور.
– يجب ان تقتصر التعديلات الدستورية فيما لو شرع مجلس النواب بها على تعديل بعض البنود الدستورية من دون التعرض الى المبادئ الاساسية في شكل الدولة ونظام الحكم والحقوق والحريات ومبدء الفصل بين السلطات الامر الذي قد ينتج عنه حالة عدم الاستقرار والاضرار بالامن الداخلي والسلم المجتمعي.
2. الانتخابات:
الوضع الراهن
تمثل الانتخابات الحرة والعادلة احد العناصر الاساسية لاستمرار النظام الديمقراطي ومن خلال الانتخابات يستطيع المواطنون ان يعبرواعن رغباتهم وفي نفس الوقت يعبروا عن الشعور بالمشاركة والالتزام بدعم نظام الحكم.
ان اختبار الانتخابات كوسيلة لاسناد الحكم الديمقراطي تتوقف على:
ان تكون الانتخابات حرة ونزيهة وعادلة،
اختيار نظام انتخابي يحقق مشاركة واسعة وتمثيل عادل لمكونات الشعب، وانتاج حكومة قوية ومستقرة.
وعلى ضوء هذا الادراك تم تعديل قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وتم تعديل النظام الانتخابي ليكون اكثر اقترابا في التمثيل عبر تصغير حجم الدوائر والترشيح الفردي وتحديد الفائزين بمن حصل على اكثرية الاصوات.
لقد تم صياغة هذا النظام بديلا عن نظام التمثيل النسبي الذي تم اعتماده لاحتواء المرحلة السابقة وتأطيرها، ونجح في ذلك حيث مثل احزاب المكونات الاجتماعية بطريقة تناسبية، الا ان حصيلته كانت تتمثل بالحكومة التوافقية التي تفتقر للفاعلية والقوة اللازمة لاتخاذ القرارات والسياسات العليا التي من شأنها اجراء الاصلاحات الادارية والقانونية ومحاسبة الفاسدين.
السياسات الموصى بها
– التزام الحكومة بالتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات بوصفها الوسيلة الشرعية الوحيدة في اسناد السلطة.
– الالتزام الحكومة بعدم التدخل في الانتخابات وترك ادارتها للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتقديم الدعم اللازم لعمل المفوضية.
– مراجعة قانون الانتخابات وقانون المفوضية من اجل اعادة النظر وتقييم فاعلية الاعتماد على نظام عد وفرز الاصوات المستند الى التكنولوجيا المعتمدة الآن والتي لا تتيح اجراء المراجعة الشفافة والواضحة والمقنعة للمتنافسين في نتائج الانتخابات، فضلا عن التنظيم القانوني لموضوع الطعون والشكاوى الانتخابية.
– مراجعة الانظمة والاجراءات التي تضعها المفوضية وتقييمها في ضوء تجربة الانتخابات الاخيرة وتحسينها بشكل يمكن من تعزيز المشاركة في الانتخابات.
3. الاعلام
الوضع الراهن
يعد الاعلام ركنا اساسيا في العملية الديمقراطية ونستطيع القول بان العراق استطاع ان يبني ويحمي قيام اعلام حرا وشفافا، مستندا على الضمانة الدستورية بحرية الرأي والفكر.
ومع ذلك وفي ظل كفالة الدستور والقانون لحرية التعبير نجد ان بعض وسائل الاعلام لا تلتزم المهنية في تغطيتها ونقلها للاخبار وتركيزها السلبي على الازمات والمشكلات دون الانجازات الحكومية فضلا عن نقل بعضها للاخبار الكاذبة والمغرضة مما يظلل الجمهور المتلقي ويزيد من فجوة الثقة بين الحكومة والمواطنين.
السياسات الموصى بها
– استعادة الثقة بالحكومة عن طريق اعتماد سياسة اعلامية وطنية.
– دعم سياسة شفافية المعلومات الحكومية والوصول اليها.
– دعم وسائل الاعلام الحر وعدم التعرض للصحفيين.
– انفاذ القانون بحق وسائل الاعلام المخالفة عن طريقة هيئة الاعلام والاتصالات.
– اتخاذ الاجراءات والقانونية بحق وسائل الاعلام والاعلاميين المسيئين لسمعة البلد واللذين يبثون الاخبار الكاذبة والدعاية المغرضة وكل ما من شأنه اثارة النعرات الطائفية والقومية والتي تعرض امن البلد والسلم والمجتمعي للخطر.
– اتخاذ الاجراءات اللازمة للسيطرة على الاعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي للحد من نشر الاخبار الكاذبة والمغرضة، والسعي لاقرار قانون الجرائم الالكترونية بما لا يخل ويتعارض مع حقوق الانسان في حرية التعبير والنشر.
4. حقوق الانسان
الوضع الراهن
ان ضمان حقوق الإنسان يعد مقوما اساسيا من مقومات النظام الديمقراطي، وقد كفل الدستور والقوانين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لجميع المواطنين، ومع ذلك فان المشكلات الامنية والاقتصادية والاجتماعي تلقي بظلالها على تمتع بعض المواطنين بحقوق الانسان.
السياسات الموصى بها
– تفعيل مفوضية حقوق الانسان في مراقبتها ورصدها للانتهاكات ضد حقوق الانسان ومراجعة القوانين للتأكد من ضمان حقوق الانسان في بنودها، واعتماد الحكومة على التقارير التي تصدرها مفوضية حقوق الانسان في اتخاذ القرارت التي تتعامل مع هذه الانتهاكات.
– حسم قضية النازحين بشكل نهائي واعادتهم الى مناطقهم – علما ان الحكومة مستمرة في التعامل مع ملف النازحين – وتعويض المتضررين من الاحداث الارهابية
– وضع السياسات الخاصة بحقوق الانسان في اثناء عملية انفاذ القانون وفي معاملة الموقوفين والسجناء.
– دعم دور الرعاية الخاصة بكبار السن والمشردين وتأهيلها وتدريب موظفيها على معايير حقوق الانسان
– دعم اقرار قانون الحماية من العنف الاسري وقانون الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي واية تشريعات اخرى من شأنها تعزيز حقوق الانسان.
2-3: الاولويات الامنية والسياسية في مجال السياسة الخارجية
2-3-1: الموازنة بين السياسات الدولية المتعارضة بين الولايات المتحدة وايران في اطار تحقيق المصلحة الوطنية (الوضع الراهن- السياسات الموصى بها)
الوضع الراهن
منذ العام 2003 اصبح العراق مسرحا لتقاطع وتصادم سياسة ومصالح الولايات المتحدة وايران، وبلغ هذا الصراع ذروته في حادث اغتيال(قاسم سليماني) في بداية العام 2020، وما تبعه من تهديدات متبادلة بين الجانبين، الأمر الذي اثار بدوره عدة تساؤلات، ترتبط بمدى قدرة الحكومة العراقية على ابعاد العراق عن دائرة الصراع بين واشنطن وطهران وكيف يمكن للحكومة العراقية الموازنة بين مصالح الولايات المتحدة وبين الدور الذي تريد ان تلعبه ايران في العراق؟
اذ يشكل العراق أهمية جيوسياسية لكل من الولايات المتحدة وإيران، حيث يمثل أهم المحاور في استراتيجية الدولتين تجاه منطقة الشرق الأوسط.
فالعراق عاملاً مهماً في السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، سواء لدوره المتوقع في ضبط إيقاع التفاعلات الإقليمية عبر إقامة نوع من التحالف بين الطرفين يضمن وجود قواعد أكثر فاعلية لإحداث التغيير الإقليمي، كما وتجد الولايات المتحدة في حكومة العراق أساسا يمكن ان تستند اليه استراتيجيتها في احتواء توسّع النظام الإيراني الحالي، فضلا عن ان حرصها على الاحتفاظ بجودها العسكري ولو بحدود دنيا لا ينفصل بأي حال عن صراعها مع إيران، حيث يمكن لهذا الوجود أن يشكل عامل ضغط عليها باستمرار، وثنيها عن أية ممارسات تهدد مصالح الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة وعلى حد تعبير الرئيس الامريكي (ترامب) “مراقبة ايران” في وصفه للمهام العسكرية للقوات الامريكية المنسحبة من سوريا –في وقتها– باتجاه العراق.
أما بالنسبة لإيران، فإن العراق يمثل أهمية استراتيجية واقتصادية مضاعفة، فموقعه الجيوسياسي والحساس ودوره في تحقيق التوازن الإقليمي مع إيران، دفع الأخيرة إلى تعزيز نفوذها وتواجدها فيه، بهدف تحييده وجعله قوة مساندة لها بالأساس، كما ان تعزيز النفوذ الايراني في العراق يخدم استراتيجية إيران الإقليمية، وخاصة في ما يتعلق بإقامة جسر بري بين إيران ولبنان، اذ يمثل العراق أهم مرتكزات هذه الاستراتيجية، حيث يسهم في تأمين مواقعها ضد المنافسين الإقليميين المحتملين.
وعلى وفق ذلك يمكن القول أن العراق تحول خلال السنوات القليلة الماضية إلى أداة ضمن أدوات إدارة الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، ولهذا كان من الطبيعي مع كل حديث عن حكومة عراقية جديدة أن تثار العديد من التساؤلات حول طبيعة علاقتها بكل منهما، وإلى أي طرف ستنحاز هذه الحكومة، وفي ضوء ذلك يمكن للحكومة العراقية ان تلعب دورا متوازنا بين الطرفين يضمن مصالح العراق السياسية والامنية والاقتصادية اذا ما احسنت التعامل مع الفرص المتولدة عن هذا الموقف الاستراتيجي.
السياسات الموصى بها
– تأكيد الحكومة على حفظ سيادة العراق وأمنه واستقراره وازدهاره، كأولوية رئيسة وتعهدها باتخاذ الإجراءات لتحقيق هذا الهدف، عن طريق رفض استخدام العراق كساحة للمواجهة في الصراع العلني بين الولايات المتحدة وإيران في أعقاب مقتل (سليماني)، ويبقى على الحكومة رسم السياسات المناسبة لتحييد العراق وإخراجه من دائرة هذا الصراع في ظل تعقيدات الداخل العراقي، وتشابكات الخارج والمصالح الدولية المتضاربة.
– يتعين على القوى السياسية العراقية عند اختيارهم لرئيس الحكومة ولاسيما الكتلة الاكبر التي ستحظى بترشيح رئيس الوزراء ان تقدم شخصية تتمتع بالمقبولية الاقليمية والدولية لتقديم أسلوب جديد في الحكم وإدارة السلطة الامر الذي سيجعل الطريق أسهل في الحصول على التأييد الدولي والإقليمي، كما سيعزز هذا الامر ارتباط العراق بالمجتمع الدولي ويساهم في انسيابية التمويل الدولي نحو فرص الاستثمار في العراق. واثبتت التجربة (في ظل حكومة الكاظمي) ان سياسة الانفتاح العربي بشكل خاص نحو العراق تتأثر بشكل كبير بشخصية رئيس الحكومة وانتماءه السياسي، والامر نفسه ينطبق بشكل كبير على السياسية الامريكية ويبدو ان مثل هذه السياسات ترتبط برغبة الولايات المتحدة والقوى الاقليمية ولاسيما الدول العربية في تعزيز وتقوية اتجاهات واحزاب وشخصيات لا تميل الى ضم العراق الى محور ايران الاقليمي.
– تتمثل الرؤية الأميركية بوجود حكومة عراقية وسطية تمتلك برنامجا تقنيا واقتصاديا لا يخضع للاعتبارات السياسية جزء من سياسة تقويض النفوذ الايراني في العراق، لذا يتعين على الحكومة القادمة الاستثمار في هذا الموقف عبر التركيز في علاقتها مع الولايات المتحدة على تقديم المساعدة للحكومة العراقية لبناء قدرات العراق في مجالات مختلفة مع تجنب الانجرار ورائها بمواقف معادية لايران فالاخيرة لا يمكن ان تتفرج على تحول العراق مجالا لتشديد الخناق عليها.
– يمكن ان تدعم سياسة متوازنة سيادة العراق، فرغبة ايران بإنهاء الوجود العسكري الامريكي في العراق ورغبة الولايات المتحدة بإنهاء وتقويض قوة الفصائل الشيعية المقاومة يمثل فرصة لتعزيز السيادة العراقية، وبالفعل اثبت عمل الحكومة وفق هذا الاتجاه عبر التغيرات في المناصب الامنية التي اجرتها الحكومة وضغطها على هذه الفصائل ورفضها لعمليات القصف التي تقوم بها على القواعد الامريكية فاعليتها في مفاوضتها (الحوار الاستراتيجي) مع الولايات المتحدة، حيث تم التوصل الى اتفاق لتعديل مهمة القوات الامريكية لتركز على التدريب والدعم اللوجستي والاستشاري للقوات العراقية مع الحد من الدور القتالي للقوات الأميركية.
ويمكن ان يدعم اعتماد سياسة لدمج الحشد الشعبي في الاجهزة العسكرية والامنية الانسحاب الامريكي من العراق وكذلك تعزيز قدرات الجيش العراقي بالتدريب والتسليح ايضا.
– على الرغم من التحديات التي تواجه الحكومة، إلا أنها تمتلك العديد من الفرص التي تتيح لها هامشاً كبيراً من الحركة تجاه الحفاظ على سيادة العراق وإبعاده عن دائرة الصراع الأمريكي-الإيراني على الأقل خلال هذه المرحلة، بالنظر الى عاملين: الاول: تأييد الداخل العراقي بمختلف مكوناته، باستثناء بعض القوى لتوجهات الحكومة الخاصة بتحجيم نفوذ إيران، ونزع سلاح بعض الفصائل غير المسيطر عليها.
والعامل الثاني يتمثل في رغبة الولايات المتحدة وإيران في التهدئة مرحلياً، لاعتبارات خاصة بكل منهما بعد التغيير الحاصل في ادارة البيت الابيض ووصول (جو بايدن)، وميل إيران هي الأخرى إلى عدم التصعيد وتوجهها لمواجهة استحقاقات الداخل، وخاصة التحديات الاقتصادية وأزمة كورونا، واهتمامها بشكل كبير في الانتهاء من اعادة او تجديد الاتفاق النووي والتخلص من العقوبات المفروضة عليها.
2-3-2: المناوارة السياسية الخارجية العراقية (الوضع الراهن السياسات الموصى بها)
الوضع الراهن
تشهد منطقة الشرق الاوسط تجاذبات بين عدة قوى دولية واقليمية تسعى لبسط نفوذها وضمان مصالحها في هذه المنطقة الحيوية، ومع احتفاظ العراق بالعلاقات الدبلوماسية مع الصين وروسيا والاتحاد الاوروبي، فان هذه العلاقات لم تتطور بالشكل الذي يمنح العراق القدرة على المناورة في سياسته الخارجية بحيث يخرج من دائرة التأثير السياسي الكبير للولايات المتحدة مستفيدا من هذا التنافس الدولي ومن دون ان يدخل في شرك احدى المحاور لاسيما وان الدخول في احدى المحاور قد يكلف العراق الكثير في ظل ما يعانيه من اوضاع هشة وما تشهده المنطقة من تفاعلات وتوترات وتدخلات بالشأن الداخلي لا يمكن صدها.
السياسة الموصى بها
– تنشيط الدبلوماسية العراقية بمجالاتها المختلفة ووضع مصلحة العراق كدولة على رأس أولويات العمل الدبلوماسي، والعمل على تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والامنية مع دول مثل الصين وروسيا والاتحاد الاوروبي لمنح العراق فرصا اكبر في تعزيز قدراته في بناء الدولة والمؤسسات وجذب الاستثمارات وتحسين الوضع الاقتصادي وتقديم الخدمات للمجتمع.
– ان البيئة الإقليمية للعراق التي تشهد صراعات عديدة، البعض منه ما هو داخلي، وقسم آخر إقليمي، وثالث بتأثير دولي. فهناك صراع دائم قاد نحو توتر واضطراب امني واختلال في الادوار الاقليمية والتوسع الجغرافي، من هنا فان عملية الحراك العراقي في مجاله السياسي ستحدد بلا شك طبيعة وسلوك التجاوب الموازي مما سيترتب عليه ايجاد اطر معتمدة لعملية التوازن المقبل في لعبة التحالفات الإقليمية في الشرق الأوسط.
ولذا يتعين ان يكون الأساس في السياسة الاقليمية العراقية هو لعب دور إقليمي فعال، دون الوقوع في تخندقات محاور الصراع على الشرق الاوسط بين القوى الدولية بأشكالها التي ستنعكس بشكل أو بآخر على المكانة الإقليمية المرتقبة للعراق.
– يتعين ان ترتكز اتجاهات السياسة العراقية نحو استثمار الاوضاع الحالية وبما ستؤول اليه التفاهمات بين القوى التي بدأت وكأنها المتحكمة برسم خريطة جديدة للمنطقة، واذا ما احسن العراق التعامل مع معطيات الواقع الجديد، من خلال احتساب المنافع والمكاسب التي سيجنيها في ظل التوجه الدولي نحوه فان ذلك سيتجلى في اداءه السياسي من أجل تحقيق التأثير القوي في محيطه الاقليمي.
2-3-3: العلاقات العراقية العربية(الوضع الراهن – السياسات الموصى بها)
الوضع الراهن
على خلاف المرحلة السابقة التي تلت التغيير الحاصل في العراق في عام 2003 والتي اتسمت بالتعايش السلبي مع العراق وظهور تحفظ عربي بشكل عام من التطورات التي طرأت على الساحة العراقية، فان العلاقات العراقية–العربية شهدت في الآونة الاخيرة تطوراً مهماً على كافة الجوانب والمجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، ومثل هذا التطور إستمراراً لتصاعد المنحى الإيجابي في قبول العرب لأداء الحكومة العراقية، وإعطاء الأخيرة قدراً من الاهتمام للعلاقة مع المحيط العربي، يضاف إلى ذلك تدخل الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة لتطوير تلك العلاقة، بوصفها واحدة من العوامل التي تعزز من استقرار العراق، فقد تنبهت وادركت مراكز القرار العراقي إلى حقيقة ان اعادة تأهيل البيئة السياسية العراقية، لاتعتمد على سياسات أمنية داخلية مهما كان حزمها، وإنما تعتمد ايضا على تصالحات سياسية في اطار الداخل، والتزامات إقليمية ولاسيما مع الدول العربية اما بالنسبة لتركيا فقد شهدت مراحل متعددة من الشد والجذب نتيجة لاختلاف الرؤى الاستراتيجية والهواجس التركية من الوضع العراقي.
ان هذا التحول يشكل فرصة للحكومة العراقية للتصدي للتحديات الأمنية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والصحية المتزايدة التي تواجه العراق منذ سنوات، كما أنها تشكل في الوقت ذاته فرصة للدول العربية في إبعاد العراق عن محور إيران.
ويظهر من الاتجاه العامة للسياسية الخارجية العراقية انه تؤسس لانفتاحٍ متوازِن مع الجوار الإقليمي فالحكومة العراقية تدرك حدَّة التنافُس الإقليمي المحيط بالعراق وانعكاسه المباشر على الاستقرار والامن الداخلي، وقد تجلى ذلك في تغير في لهجة الخطاب السياسي المتبادل بين العراق والدول الاقليمية والتحرك الدبلوماسي العراقي عالي المستوى والزيارات المتبادلة والتفاهمات ومجالس التنسيق عقدت بين الحكومة العراقية وعدد من الدول العربية (السعودية والاردن ومصر) على وجه الخصوص.
ويأتي مؤتمر بغداد للتعاون والشركة المزمع عقده خلال الايام القادمة ليعبر عن تطور وانفتاح العلاقات العراقية العربية، وانتهاج العراق لسياسة متوازنة تقوم على اساس توسيع قاعدة المشتركات بين العراق وشركائه لبناء تعاون مستقبلي وشركات فاعلة.
السياسات الموصى بها
– الاستمرار بسياسة خارجية تعمل على تطوير العلاقات العراقية–الاقليمية وفق خطة ترمي الى بناء علاقات رصينة اساسها المصالح و صياغة الحوار المؤسسي وصولا لإنهاء الخلافات وتحقيق الامن والتعاون الاقليمي واستعادة العراق لموقعه كطرف مهم وحيوي في المنطقة لاسيما وان الدول الاقليمية والعربية باتت تدرك جيدا بان لها دور ومسؤولية في استقرار العراق وامنه بحكم الجوار الجغرافي والصلات التاريخية والحضارية والاجتماعية وادراكها بان ضعف العراق بمثابة تهديد لدول المنطقة.وادراكها ان ابعاد العراق عن الساحة العربية من شانه ان يسهم في تحديد المجال الحيوي للعراق ودفعه للتوجه نحو ايران كما حصل في السابق.
– الاستمرار بسعي الحكومة العراقية في المرحلة الراهنة وامتداداتها المستقبلية المنظورة الى طمأنة مخاوف المحيط الاقليمي من حالة عدم الاستقرار الامني والسياسي ودعوة دول الاقليم الى دعم اقامة حكومة عراقية منفتحة اقليما وتصفير المشاكل والاندماج في تفاعلات المنطقة عبر آلية التوازن وعدم الانحياز.
– العمل على اعادة بناء الثقة مع دول الجوار والدول الاقليمية الاخرى، من خلال تواصل عقد لقاءات مشتركة على كافة المستويات والصعد سياسيا واقتصادياً وامنياً، والسعي في المرحلة المقبلة الى حلحلة المشكلات القائمة مع جيرانه من خلال المبادرة بتطوير العلاقات ووضع حد للخلافات عبر رؤية جديدة وقراءة متمعنة لمتطلبات المرحلة الجديدة.
– تعميق وتعزيز التعاون مع الدول العربي في مجالات التعاون الامني والاستخباري، ولاسيما مع الدول العربية المجاورة من خلال عقد اتفاقيات امنية مشتركة مما يضمن تحقيق الاستقرار الامني للعراق والبلدان المجاورة في تصديها للارهاب.
– يتعين ان تركز الحكومة في علاقاتها الخارجية مع الدول العربية في ايجاد خياراتٍ جديدة تدعم القطاع الاقتصادي والمالي، وتنويع مصادر الإيرادات، سواءً عن طريق دعم قطاعات الزراعة والصناعة أو الاقتراض الخارجي، الذي يمكِّن من تجاوُز التحدِّيات الآنية للأزمة الاقتصادية ولاسيما مع المملكة العربية السعودية، واستثمار القرب الجغرافي في منطقة بادية أنبار السماوة للشراكة الزراعية، وكذلك في مجال إقامة ميناء جاف (على غرار الميناء الجافّ في الرياض) في إحدى المدن العراقية، وربطه بقناةٍ جافّة عبر الأراضي السعودية إلى أحد موانئ المملكة عبر البحر الأحمر.
– يتعين ان تسعى الحكومة العراقية الى بناء وتأسيس الشركات المستدامة مع الدول العربية في ملفات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والنقل والتجارة والبيئة.
.
رابط المصدر: