1- أمن دولي ـ العقيدة النووية الروسية والسيناريوهات المحتملة في أوكرانيا
تعتبر التعبئة الجزئية العسكرية لروسا إحدى البوادر لإعلان الحرب مع احتمالات استخدام روسيا الأسلحة النووية التكتيكية في حرب أوكرانيا. فرغم تأكيدات روسيا حول العقيدة النووية، والتي تنص على أنه لا يمكن أن تأخذ موسكو زمام المبادرة لاستخدام “الأسلحة النووية التكتيكية”، إلا أنه هناك مخاوف دولية من أن تلجأ موسكو إلى استخدام أسلحة تكتيكية نووية صغيرة “لتغيير قواعد اللعبة” وكسر الجمود في ساحة المعركة.
الأسلحة النووية التكتيكية
تتميز “الأسلحة النووية التكتيكية” في أغلب الأحيان بحجمها أو مداها أو استخدامها لأهداف عسكرية محدودة، وعادة ما يُشار إليها بأنها “أسلحة غير استراتيجية”، على عكس الأسلحة الاستراتيجية التي يعرفها الجيش الأميركي بأنها مصممة لاستهداف “قدرة العدو على الحرب ورغبته في شن الحرب”، بما في ذلك التصنيع والبنية التحتية وأنظمة النقل والاتصالات وغيرها. أما الأسلحة التكتيكية فهي على النقيض مصممة لإنجاز أهداف عسكرية محدودة وفورية بصورة أكبر للانتصار في معركة ما ، ويتم في كثير من الأوقات استخدام المصطلح لوصف الأسلحة الأقل في “القوة”، أو كمية الطاقة المنطلقة خلال الإنفجار.
مدى القدرات النووية الروسية
تشير التقديرات في 21 سبتمبر 2022 إلى أن روسيا تمتلك (5,977) رأساً نووياً، مع أن هذا الرقم يشمل حوالي (1,500) رأس نووي أحيلت على التقاعد ومن المقرر أن يتم تفكيكها. ومن بين الـ (4,500) رأس نووي أو ما يقارب هذا العدد المتبقية، معظمها يعتبر أسلحة نووية استراتيجية – أي صواريخ باليستية أو صواريخ يمكن توجيهها إلى أهداف بعيدة المدى، وهذه هي الأسلحة التي ترتبط عادة بالحرب النووية.
تقول الدكتورة “باتريشيا لويس” مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “تشاتام هاوس” في 3 مارس 2022 أن أي تحرك لتجهيز ونشر الأسلحة النووية الروسية سوف يكون مرصوداً ومراقباً من جانب الأقمار الاصطناعية للولايات المتحدة وغيرها التي يمكنها الرصد في كل الأجواء رغم وجود سحب أو ظلام دامس. واعتماداً على المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الأخرى – وفي ظل فشل كل المحاولات الدبلوماسية لإقناع روسيا بالعدول عن تصرفها – قد تقرر دول الناتو التدخل لمنع إطلاق تلك الأسلحة بمختلف الوسائل. الإرهاب النووي ـ زابوريجيا، تحذيرات من كارثة نووية
العقيدة النووية الروسية
حذر “فلاديمير بوتين” الرئيس الروسي الغرب مراراً من أن أي ارتكاب عمل عدواني ضد روسيا وحلفائها قد يؤدي إلى رد نووي. ليست هذه التهديدات الأولى التي تصدر عن الجانب الروسي فقد لوحت موسكو باللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل منذ بدء أزمة أوكرانيا، ورد الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إنه يشك في أن روسيا ستستخدم سلاحاً نووياً. تعتبر العقيدة النووية لروسيا حسب موسكو ليست سرية بهذا الشأن، فهناك وثيقة خاصة تسمى “أسس سياسة الدولة في مجال الردع النووي ” حيث تتطلب “العقيدة النووية الروسية” من دولة معادية من وجهة النظر الروسية إطلاق سلاح نووي على موسكو لاستخدام السلاح النوي.
تنص العقيدة العسكرية الروسية على إمكان اللجوء إلى ضربات نووية إذا تعرضت أراضي تعتبرها موسكو تابعة لها لأي هجمات، وهو ما قد تكون عليه الحال في المناطق الأوكرانية التي جرت عليها استفتاءات لضمها إلى روسيا. وكان قد أجاب “دميتري بيسكوف” متحدث الكرملين في 9 أكتوبر 2022 على سؤال حول ما إذا كان الهجوم على جسر القرم يندرج ضمن مبررات تفعيل العقيدة النووية الروسية قائلاً: “لا، إنها صيغة خاطئة تماما للسؤال”. وتتضمن الوثيقة المتعلقة بالـ”العقيدة النووية الروسية” أربع أسس لاستخدام السلاح النووي وهي: تعرض روسيا لهجوم بصاروخ نووي، استخدام أي أسلحة نووية أخرى ضد روسيا أو حلفائها، تعرض “البنية التحتية الحيوية” لهجوم يشل الردع النووي، ارتكاب عمل عدواني ضد روسيا وحلفائها يهدد وجود الدولة.
استعدادت روسيا لإجراء تجارب نووية
تستعد روسيا لإجراء تجارب نووية في البحر الأسود وسط مزاعم أن معدات عسكرية تتجه صوب الحدود الأوكرانية تابعة للمديرية الرئيسية الثانية عشرة بوزارة الدفاع الروسية. تلك المديرية هي “مسؤولة عن الذخائر النووية وتخزينها وإصلاحها ونقلها وتوزيعها على الوحدات العسكرية الروسية”.
يقول “غرهارد مانغوت” أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “إنسبروك” النمساوية في 13 أكتوبر 2022 ” إن نشر روسيا أسلحة نووية يعد بالأمر الخطير مشيراً إلى أن القطار وتعبئة الغواصة “كا-329 بيلغورود” ربما يحملان في طياتهما رسائل نووية. وقد تنتقل روسيا إلى السيناريو الأخطر وهو استخدام سلاح نووي تكتيكي، وأضاف “مانغوت” أنه “لن يُستخدم هذا السلاح في الخطوط الأمامية أو خط المواجهة، وإنما في أماكن بعيدة عن المناطق الأوكرانية الحضرية المأهولة بالسكان، وقد تقدم موسكو على محاولة مهاجمة أهداف سياسية واقتصادية في أوكرانيا.” الإرهاب النووي ـ أوكرانيا، سيناريوهات خطيرة ومحتملة ـ ملف
سيناريوهات استخدام الأسلحة النووية التكتيكية
ركزت تدريبات القوات الروسية في يناير 2022 على جاهزية القيادة والتحكم العسكريين وأطقم القتال والسفن الحربية وناقلات الصواريخ الاستراتيجية، فضلاً عن موثوقية الأسلحة الاستراتيجية النووية شارك في التدريبات القوات الجوية الروسية والمنطقة العسكرية الجنوبية وقوات الصواريخ الاستراتيجية والأسطول الشمالي وأسطول البحر الأسود، ما زاد من احتمالات استخدام روسيا الأسلحة النووية التكتيكية فهناك (3) سيناريوهات محتملة لاستخدامها.
أولاً: يمكن أن يأذن بوتين باستخدام ضربة استعراضية نووية واحدة ، للإشارة إلى حزم روسيا بهذه المسألة، إذ من المحتمل أن تفجر روسيا رأساً نووياً منخفض القوة فوق منطقة غير مأهولة بالسكان ، كالبحر الأسود على سبيل المثال ، لإظهار قوتها وحزمها.
ثانياً: يمكن لبوتين أن يأذن باستخدام أسلحة نووية أصغر حجماً في ساحة المعركة، وربما لتدمير تجمع للجنود الأوكرانيين، لا سيما إذا كانت أوكرانيا قادرة على إجبار القوات الروسية على التراجع عن مواقعها بالقرب من كييف تجاه بيلاروسيا أو روسيا.
ثالثاً: يمكن أن يستخدم بوتين سلاحاً نووياً لتدمير هدف أوكراني ذي قيمة عالية ورمزية، مثل أوديسا أو لفيف، وبالتالي تدمير إرادة أوكرانيا في القتال.
القنبلة الفراغية Thermobaric weapon
هي قنبلة تستخدم الأوكسجين المحيط بها لتوليد انفجار قوي ذي حرارة عالية، وتُنتج موجة الأنفجار ذات أمد طويل مقارنة بالمتفجرات التقليدية. القنبلة الحرارية الفراغية لكونها تحتوي على ذخيرة من وقود صلب يحترق متسامياً بسرعة فائقة متحولاً إلى غاز أو رذاذ ملتهب يتفجر صاعدا إلى الأعلى مسبباً تخلخلاً هائلاً في الضغط في موقع الانفجار. وسميت أيضاً بالقنبلة الفراغية لما تولده من ضغط سلبي (تفريغ) في موقع الانفجار يدوم لبعض أجزاء من الثانية، والحق أن هذه القضية تسبب تفريغاً في البداية يعقبه هجوم للضغط الجوي من جميع الجهات لتعويض الضغط السلبي الناجم عن الانفجار مما يؤدي إلى تدمير مضاعف بالمنطقة المحيطة بالهدف.
تعتبر اواحدة من أشد وأكثر الأسلحة المستعملة في الحرب فتكاً وتتعداها الأسلحة النووية فقط من حيث الخطورة فبات من المتوقع أن تستخدم روسيا الصواريخ “الحرارية ” لتدمير المواقع الدفاعية والكهوف ومجمعات الأنفاق المتواجد فيها الجيش الأوكراني، لاسيما أن هناك مؤشرات سابقة تثبت أن الانفصاليين الذين كانت تدعمهم روسيا في منطقة “دونباس” شرق أوكرانيا كانوا يستخدمونها منذ سنوات. وبات من المحتمل إذا استخدمت موسكو الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا فذلك سيلحق مستقبلاً ضرراً كبيراً بعملية تزويد أوكرانيا بالأسلحة الغربية عبر بولندا أو رومانيا.
**
2- أمن دولي ـ عقيدة حلف “الناتو” النووية وسيناريوهات الرد على موسكو
يأخذ حلف شمال الأطلسي”الناتو” والدول الأعضاء داخلة التهديدات الروسية باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد أوكرانيا على محمل الجد، وتحذر الاستخبارات الغربية من أن احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية التكتيكية أصبح “مرتفع للغاية”. وتعد أولويات حلف الناتو منذ بدء الأزمة الأوكرانية هو تجنب المواجهة المباشرة مع روسيا خوفاً من أن يواجه الحلف أزمة كبيرة تتسبب في حرب أوسع وشاملة.
قدرات حلف شمال الأطلسي “الناتو” النووية
لا يمتلك حلف شمال الأطلسي “الناتو” كمنظمة أي أسلحة نووية، ولا تزال الأسلحة النووية تحت سيطرة ثلاث دول أعضاء فقط ، هي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا. تُعد الولايات المتحدة أكبر قوة نووية داخل حلف الناتو بحوالي (5800) رأس نووي، ويُعتقد أن فرنسا تمتلك (300) رأس حربي، والمملكة المتحدة قرابة (215) رأساً.
تمتلك خمس دول أخرى نحو (100) قنبلة نووية بفضل اتفاقية مشاركة الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا، الدول الخمس هي: تركيا بقاعدة “إنجرليك” الجوية، وألمانيا بقاعدة “بوشل” الجوية، وإيطاليا بقاعدة “أفيانو – قاعدة غيدي” الجويتين، وبلجيكا قاعدة “كلاين بروغل” الجوية، وهولندا قاعدة “فولكل” الجوية. فيما يكتنف الأمر الغموض، حيث تحافظ الدول الأعضاء داخل حلف الناتو على السرية التامة عندما يتعلق الأمر بترسانتها النووية عبر السياسة الحالية المعروفة باسم “الغموض المحسوب”.
يشار إلى أن هناك دول أوروبية تحظى بما يُعرف بـ “مظلة الولايات المتحدة النووية” التي تقوم على افتراض بأن أي عدو لن يجرؤ على مهاجمة دول الناتو بأسلحة نووية لأنه يتعين عليه توقع هجوم نووي مضاد من واشنطن، وبدون هذه المظلة فلن تتمكن دول أوروبية من صد أي هجوم نووي عسكري. أمن دولي ـ العقيدة النووية الروسية والسيناريوهات المحتملة في أوكرانيا
العقيدة النووية لحلف شمال الأطلسي “الناتو”
يعتمد حلف الناتو على الأسلحة النووية التي تنشرها الولايات المتحدة في أوروبا، وكذلك على القدرات والبنية التحتية التي يوفرها الحلفاء المعنيون، ولن تتأثر عقيدة الردع النووي للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بالتوترات المتزايدة بين واشنطن وموسكو. لا يزال مبدأ الدفاع الجماعي في المادة الخامسة أمراً صارماً في مجال القدرات العسكرية، حيث يحدد ذلك المادة الخامسة “مبدأ الدفاع الجماعي” في المعاهدة التأسيسية لحلف الناتو والتي تنص على أن “الهجوم على حليف واحد يعتبر هجوماً على كل الحلفاء”.
تبني حلف الناتو مبدأ “عدم البدء باستخدام” السلاح النووي، وتعهدت واشنطن بالامتناع عن استخدام الأسلحة النووية ضد الدول غير الحائزة عليها، لكنها لم تستبعد المبادرة باستخدامها في حالات وظروف لم تحددها. ولن تهدد أو تستخدم تلك الأسلحة تحت أي ظرف من الظروف ضد الأطراف في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والملتزمة بعدم الانتشار النووي”.
تقول الدكتورة “باتريشيا لويس” مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) في 3 مارس 2022 إنه إذا ما قررت روسيا مهاجمة أوكرانيا بأسلحة نووية، فمن المرجح أن ترد دول الناتو على أساس أن تأثير الأسلحة النووية سوف يعبر الحدود، ويؤثر على الدول المحيطة بأوكرانيا. ويمكن أن يرد الناتو باستخدام الأسلحة التقليدية ضد المواقع الاستراتيجية الروسية، أو بالمثل باستخدام الأسلحة النووية، حيث هناك عدة خيارات متاحة له. وتقول” لويس” فإن كل تلك السيناريوهات تعني الانجرار إلى حرب كبرى مع روسيا ، لذلك فإن ميزة اتخاذ قرار بالعدول عن الانتقام بالأسلحة النووية. الإرهاب النووي ـ زابوريجيا، تحذيرات من كارثة نووية
ردود فعل حلف شمال الأطلسي “الناتو” للتهديدات الروسية النووية
أجرى حلف الناتو نهاية شهر أكتوبر 2022 مناورات تحت مسمى عملية “Steadfast Noon ستيدفاست نون” أو الظهيرة الثابتة بمشاركة جيوش أربعة عشر دولة من الدول الأعضاء في الحلف. المناورات سلسلة من التمارين الحربية والتي تهدف لاختبار مدى الجاهزية والقدرات النووية للدول الأعضاء لأي ضربة نووية محتملة تتضمن المناورات اختبار قدرات الطائرات المقاتلة على حمل رؤوس حربية نووية.
هدد “جوزيب بوريل” مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بـ “القضاء” على الجيش الروسي في حال استخدم بوتين أسلحة نووية ضد أوكرانيا في 14 أكتوبر 2022. وأكد “بوريل” أن “بوتين يقول إنه لا يخادع.. الناس الذين يدعمون أوكرانيا والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والولايات المتحدة وحلف الناتو، هم بدورهم لا يخادعون”. وتابع بوريل: “أي هجوم نووي ضد أوكرانيا سيولد ردا ليس ردا نوويا بل رد قوي عسكري من شأنه أن يقضي على الجيش الروسي”.
حذر “ينس ستولتنبرغ” الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) روسيا من “عواقب وخيمة” في حال شنت هجوماً نووياً على أوكرانيا، مضيفاً “لن نتحدث عن الطريقة التي سنرد بها بالضبط، لكن هذا بالطبع سيغير طبيعة النزاع بشكل جذري”. وأكد أن “أي استخدام لأسلحة نووية أصغر سيكون أمراً خطيراً جداً”، مضيفا أن “الهدف الرئيسي للردع النووي للناتو هو إرساء السلام وردع العدوان ومنع الإكراه ضد حلفاء الناتو”. وأوضح أن “الظروف التي قد يضطر فيها الناتو لاستخدام أسلحة نووية، بعيدة جداً”.
السيناريوهات المحتملة لمواجهة أي ضربة روسية محتملة
تمتلك الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الإمكانيات السياسية والنووية والأسلحة التقليدية غير النووية لشن هجوم مضاد على أي هجوم روسي نووي، والذي من شأنه أن يمنع موسكو من شن هجوم بالأسلحة النووية التكتيكية على الأراضي الأوكرانية وفيما يلي أبرز السيناريوهات المحتملة :
السيناريو الأول الرد “الغير النووي” : تستعد الدول الأعضاء داخل حلف الناتو بوضع خطط لمنع الفوضى وتقييم السيناريوهات المحتملة للتهديدات الروسية النووية وتفعيل حالة الطوارئ في حالة استخدام روسيا للسلاح النووي في أوكرانيا. ومن المتوقع أن يكون السيناريو الأقرب للحدوث أن يكون الرد “غير نووي” بسبب أن أوكرانيا ليست عضوا فيه وبالتالي غير مشمولة بالمادة (5) مبدأ “الدفاع الجماعي” داخل حلف الناتو.
يدعو العديد من الدول الأعضاء داخل حلف شمال الأطلسي إلى النظر في إستراتيجية واشنطن وحلف الناتو لاستخدام السلاح النووي. فأصبح من المحتمل أن يستخدم حلف الناتو الأسلحة التقليدية ضد المواقع الذي أطلق منها السلاح النووي الروسي أو تزويد أوكرانيا بالأسلحة للقيام بذلك. وهذا لتجنب المزيد من التصعيد لا سيما أن أي رد نووي مباشر ضد روسيا من شأنه أن يزيد من احتمالية نشوب حرب أوسع وشاملة.
السيناريو الثاني الرد “النووي”: في ظل مطاولة حرب أوكرانيا لصالحها تزداد مخاوف حلف الناتو من سيناريوهات تهدد الأمن الدولي في حال استخدام روسيا لأسلحتها النووية، وهذا قد يؤدي بالطبيعة إلى رد حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية بشن هجوم نووي بالمثل على روسيا، والذي من شأنه تعزيز ثقة الحلفاء ويخدم فكرة حظر استخدام الأسلحة النووية مستقبلاً.
السيناريو الثالث عزل موسكو سياسياً واقتصادياً: لا تزال نوعية التحذيرات الأمريكية حول الرد الأميركي في حالة استخدام روسيا للسلاح النووي ضد أوكرانيا غامضاً بشكل متعمد أو غير متعمد، وهو ما يعرف في عالم الردع النووي بـ “الغموض الاستراتيجي” . كما أن هناك تواصل سري بين الولايات المتحدة روسيا حول العواقب الوخيمة التي ستتبع عند استخدام السلاح النووي، وتمتلك الدول الغربية ورقة سياسية لعزل موسكو سياسياً واقتصادياً على المستوى الدولي. الإرهاب النووي ـ أوكرانيا، سيناريوهات خطيرة ومحتملة ـ ملف
**
3- أمن دولي – سيناريوهات استخدام روسيا والناتو للأسلحة النووية
دخول احتمال استخدام الأسلحة النووية في الأزمة الأوكرانية، قلب معادلة النظام الدولي . رفع مخاطر هذه الأزمة على الأمن والسلم الدوليين إلى أقصاها. فمنذ أزمة الصواريخ الكوبية مطلع الستينيات من القرن الماضي، لم يشهد العالم تهديداً نووياً حقيقياً. أما الآن فبات استخدام مفردات الحرب النووية، واستخدام السلاح النووي التكتيكي تحديداً، أمرين محتملين في التصريحات السياسية والتقديرات الإستراتيجية، مع تخوفات بأن تتحول التهديدات لأمر واقع.
تلويح روسيا بالعصا النووية
يحتل التهديد باستخدام الأسلحة النووية مكانة بارزة في الأزمة الأوكرانية، كان فلاديمير بوتين يوجه تهديدات نووية على أوكرانيا منذ الغزو عام 2014 الذي أدى إلى ضم شبه جزيرة القرم. في ذلك الوقت، ذكّر العالم بأنه “من الأفضل عدم العبث معنا”، مضيفًا أن “روسيا هي إحدى القوى النووية الرائدة”.
كرر بوتين هذه التحذيرات عندما أطلق “عمليته العسكرية الخاصة” في فبراير 2022، وقام بتصعيد الخطاب المتلفز في 21 سبتمبر 2022، والذي تحدث فيه عن استخدام “جميع الوسائل المتاحة” لحماية الأراضي الروسية، قائلاً: “هذه ليست خدعة”. ثم في 30 سبتمبر 2022، أعلن أن روسيا ستضم أربع مناطق في جنوب شرق أوكرانيا، وأنها ستستخدم “كل السلطات وكل الوسائل” المتاحة لها للدفاع عن هذه المناطق. كما ادعى أن الولايات المتحدة كانت “سابقة” عندما أسقطت قنابل ذرية على اليابان في عام 1945.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن “كل هذه الأراضي هي أجزاء غير قابلة للتصرف من روسيا وكلها محمية، ويتم توفير أمنها على نفس المستوى كما هو الحال بالنسبة لبقية الأراضي الروسية”. ما يعني أنها تخضع لحماية الترسانة النووية.
بوتين لا يمزح في مسألة استخدام السلاح النووي، والغرب يعي ذلك جيداً، وقد رصد الناتو قافلة روسية تنقل معدات لبرنامج الأسلحة النووية، حيث شوهد قطار تديره الفرقة النووية السرية، متجهاً نحو خط المواجهة. أرسل حلف شمال الأطلسي “الناتو”، تقريراً استخباراتياً إلى أعضائه وحلفائه، ينبههم إلى التوقعات بأنَّ روسيا ستختبر طائرتها الطوربيد النووية المُسيّرة “بوسيدون”، ربما في البحر الأسود.
حذرت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت من الاستهانة بتهديدات روسيا باستخدام أسلحة نووية في حرب أوكرانيا باعتبارها خدعة. وقالت لامبرشت في17 أكتوبر 2022: “علينا أن نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، لكن أخذها على محمل الجد لا يعني أن ندعها تشلنا، بل يعني بالأحرى مراقبة الوضع عن كثب”.
يرى وزير الدفاع الأميركي الأسبق وليام بيري أن “بوتين عقلاني وليس مجنونا، ويمكنه استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا لتحقيق النصر؛ وبالتالي ضمان بقاء نظامه”، خاصة أن موسكو لديها “ميزة نسبية” هي ما يسمى الأسلحة النووية التكتيكية، وأشار إلى أن “فرص نشوب حرب نووية شاملة كانت عالية أيام أزمة الصواريخ في كوبا، ولكن فرص استخدام السلاح النووي أعلى اليوم”.
التحذيرات الغربية رافقتها توعّد روسيا بالتدخل عسكرياً لتدمير الجيش الروسي. نقلت واشنطن تحذيرات محددة إلى الكرملين على انفراد، لكن بايدن حذر أيضاً بوتين علناً ، مشيراً إلى أن الاستخدام النووي من شأنه أن “يغير وجه الحرب” ويحفز ردود فعل أمريكية لاحقة . أمن دولي ـ العقيدة النووية الروسية والسيناريوهات المحتملة في أوكرانيا
مدى استجابة الناتو للتهديدات الروسية النووية
بدأ الناتو بالفعل، خلال شهر أكتوبر 2022 باتخاذ إجراءات فعلية لمواجهة التهديدات النووية الروسية المحتملة، ومن ضمنها:
– تحديث شبكته الدفاعية بمنظومة قيادة وسيطرة ودعمها بمنظومة دعم معلومات، حيث إن هدف هذه المنظومات هو دعم عملية التنبؤ ومراقبة الأهداف والمخاطر عن طريق الاستفادة من منظومات الإنذار المبكر الجوية والأرضية، ومن ثم تخفيف العبء على منظومات الدفاع الجوي الموجودة في أوروبا وأهمها على الإطلاق (باتريوت باك-3 وأستر 30)، إلى جانب تواجد السفن القتالية التي تمتلك القدرة على الدفاع الجوي.
– عقدت مجموعة التخطيط النووي السرية التابعة لحلف شمال الأطلسي الناتو في 13 أكتوبر 2022 اجتماعاً خاصاً تناول فحص الخطط والسيناريوهات لتقديم دعم طارئ وطمأنة للسكان الذين يخشون تداعيات ضربة نووية، فيما لم تُعلن توصياته.
– بدأ الناتو تنفيذ مناورات عسكرية نووية في بلجيكا تحت مسمى عملية “Steadfast Noon ستيدفاست نون” أو الظهيرة الثابتة، وهي سلسلة من التمارين الحربية السنوية والتي تهدف لاختبار مدى جاهزية الدول الأعضاء لأي ضربة نووية محتملة، والتي تستمر ما بين 18 و26 أكتوبر2022 بمشاركة جيوش أربعة عشر دولة من الدول الأعضاء في الحلف دون فرنسا.
– انضمت (14) دولة عضو في حلف شمال الأطلسي إلى ألمانيا ضمن مبادرة “درع الفضاء الأوروبي” الرامية إلى اقتناء معدات دفاع مضادة للطائرات والصواريخ بشكل مشترك، خصوصا منظومتي “آيريس-ت” و”باتريوت” حسبما أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرشت. أمن دولي ـ عقيدة حلف “الناتو” النووية وسيناريوهات الرد على موسكو
سيناريوهات الضربة النووية الروسية
إصرار واشنطن وكييف على رفض المسار السياسي، وزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا في سبيل تحقيق نتائج ميدانية لاستعادة التوازن، يُفرز مخاطر لا سبيل إلى حصرها بالنسبة إلى بوتين، وتضييق الخيارات إلى حدود المواجهة النووية. ولكن ما هي سيناريوهات الأهداف المحتملة للضربة النووية الروسية؟!
السيناريو الأول: “استعراض للقوة”، بعدة خيارات، كأن تطلق القوات الروسية صاروخاً على البحر الأسود. أو طلقة نووية في مكان مرتفع فوق أوكرانيا عبارة عن انفجار ينجم عنه نبضة كهرومغناطيسية بما يكفي لتدمير كل شيء يعمل بالكهرباء في منطقة تبلغ مساحتها مئات الكيلومترات المربعة. أو إلى منطقة غير مأهولة داخل أوكرانيا لتجنب وقوع إصابات كبيرة . وعلى الرغم من كون هذا الخيار يعد ملوثاً هائلاً ومحفوفاً بالمخاطر ، إلا أنه قد يمثل صدمة ويدفع القوات الأوكرانية إلى التقهقر، ويضرب الروح المعنوية لدى عواصم الغرب الداعمة لكييف، ويمكن إيقاف التصعيد المحتمل عند هذا المستوى.
السيناريو الثاني : إجراء اختبار نووي على الأراضي الروسية ، قد يكون على أحد مواقع التجارب النووية السوفيتية القديمة في شمال روسيا ، مثل نوفايا زيمليا.. مثل هذا الاختبار سيذكر العالم بأن لدى روسيا وسائل أخرى تحت تصرفها في شكل أسلحة مرعبة، وهي مصممة على استخدامها إذا لم يخرج الناتو نفسه من الصراع. وعلى الرغم من خرق معاهدة حظر التجارب في التجارب الجوية ، فمن غير المرجح أن يستدعي هذا الخيار رد عسكري من الناتو
السيناريو الثالث: “ذري منخفض الطاقة”، يتمثل بتوجيه ضربة تستهدف قاعدة جوية أو مرفأ عسكري أو قاعدة تجمع عبر صاروخ إسكندر المجنح ما سيشكل تطوراً خطيراً. سيكون هذا الخيار غير فعال نسبياً نظراً للطبيعة المنتشرة للقوات الأوكرانية ، ولكن من المحتمل أن يؤدي إلى هجوم انتقامي فوري وكبير مباشرة من قبل الولايات المتحدة وقوات الناتو.
السيناريو الرابع: “قنبلة 50 كليوطن”، إسقاط قنبلة خمسين كيلوطن على أوكرانيا (4 أضعاف قنبلة هيروشيما) سيؤدي إلى تدمير مدن بكاملها، وخسائر واسعة بالأرواح والممتلكات، وهذه السيناريو سيجبر الغرب والولايات المتحدة الأمريكية على الدخول مباشرة في الحرب، وإلا عُدّ الأمر إستسلاماً لموسكو.
السيناريو الخامس، “ضرب بلد أوروبي آخر”، وهذا السيناريو يتمثل بضربة بسلاح نووي تكتيكي لهدف تابع لحلف الناتو في وسط أوروبا لإيجاد أكبر صدمة معنوية ممكنة مع ترجيح بولندا كهدف. استهداف الناتو يعد مبرراً للكرملين الذي يعتبر أن الحرب الحالية افتعلها هذا الحلف، لكن احتمال الرد الأميركي سيكون أقوى. ويعد هذا السيناريو الأكثر رعباً، والذي يعني اندلاع مواجهة نووية مباشرة بين روسيا وحلف الناتو. وهذا تحديداً ما حذر منه مرة أخرى الرئيس الروسي السابق والحليف الوفي للرئيس بوتين ديميتري مدفيديف عبر قناته على منصة تليغرام.
إذ وجه مدفيديف ، رسالة مباشرة إلى الدول الغربية، الثلاثاء 13 سبتمبر2022 ، مفادها أن حرباً عالمية ثالثة ومواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا والناتو هي سيناريو وارد، في حال استمر ضخ الأسلحة والدعم العسكري من الغربيين إلى كييف، وهو ما اعتبره مدفيديف “حرباً بالوكالة لإضعاف روسيا”. وقال الحملة العسكرية ستنتقل عاجلاً أم آجلاً إلى مستوى آخر». وصرح في حديثه عن الشعوب الغربية: “كل شيء يشتعل من حولهم. سوف يحرقون الأرض حرفياً ويذوّبون الخرسانة. الجميع سيكون في حال سيئة للغاية”.
السيناريو الأكثر ترجيحاً بين الخبراء هو أنه إذا كان بوتين سيستعمل أسلحته النووية أثناء حربه في أوكرانيا، فلن يختار نوع الأسلحة النووية “الاستراتيجية” بعيدة المدى التي تدمر مدناً بأكملها والتي كانت بارزة جداً خلال الحرب الباردة، بدلاً من ذلك، من المرجح أنه سيختار واحداً أو أكثر من الأسلحة النووية التكتيكية التي يبلغ عددها ألفين تقريباً – أسلحة أقل تفجيراً وأقصر مدى مخصصة للاستخدام في ساحة المعركة.
سيناريوهات رد فعل الغرب والناتو مع الضربة النووية الروسية
حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، روسيا من “عواقب وخيمة” في حال شنت هجوماً نووياً على جارتها، مضيفا: “لن نتحدث عن الطريقة التي سنرد بها بالضبط، لكن هذا بالطبع سيغير طبيعة النزاع بشكل جذري”. كما لم تحدد الولايات المتحدة طبيعة الرد علناً، لكن جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، تحدث في 25 سبتمبر 2022 عن “عواقب كارثية” بالنسبة لروسيا، وأوضح أن البيت الأبيض قد أوضحها للكرملين. لكنه رفض، الكشف عن الرد الأميركي أو حلف شمال الأطلسي، مدركًا أن أحد مفاتيح ردع الحرب الباردة هو الغموض في نوعية الرد.
لا يريد الغرب أن يوضح كيف يمكن أن يرد، للحفاظ على الغموض المتعمد، أو لتجنب التصعيد السريع. فيما انشق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الصفوف، وقال في 13 أكتوبر 2022 إنه لن يأمر بالانتقام إذا تعرضت أوكرانيا لضربة نووية روسية. مضيفاً إن المصالح الأساسية للبلاد لن تتأثر بشكل مباشر على الإطلاق إذا كان هناك هجوم نووى باليستي فى أوكرانيا.
وعقب زوال “الصدمة”، سيتعين على بقية العالم اتخاذ خيارات صعبة، لأن اللحظة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، فالولايات المتحدة عندما أسقطت قنابلها على هيروشيما وناغازاكي عام 1945 كانت هي القوة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية، أما اليوم فتمتلكه تسع دول؛ ثلاثة منها حلفاء لأوكرانيا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا).
الغرب لن يكون أمامه خيار سوى الرد، وأن الرد يجب أن يأتي من حلف شمال الأطلسي كمجموعة، وليس من الولايات المتحدة وحدها، ولكن ما سيناريوهات طبيعة الرد الغربي على الضربة النووية النووية الروسية في حال حدوثها؟!.
السيناريو الأول: استباق الضربة النووية، وإحراج روسيا دون التدخل العسكري، يرى الخبراء أن في حال قرر بوتين مهاجمة أوكرانيا بأسلحة نووية “تكتيكية” قصيرة مدى، فسيتعين إزالتها من موقع Object S – مثل بيلجورود- 22، على بعد (25) ميلًا فقط من الحدود الأوكرانية – ونقلها إلى قواعد عسكرية. وسوف يستغرق الأمر ساعات حتى تصبح الأسلحة جاهزة للقتال، والرؤوس الحربية لتندمج مع صواريخ كروز أو الصواريخ الباليستية، حتى يتم تحميل القنابل الهيدروجينية على الطائرات.
من المحتمل أن تكون الحكومة الأمريكية قادرة على اكتشاف مؤشرات على الجهود الروسية لنقل الأسلحة النووية التكتيكية من منشآت التخزين ومن خلال أقمارها الصناعية، وقدرات المراقبة الأخرى، وأشكال مختلفة من المعلومات الاستخبارية على الأرض. إدارة بادين سترسل تحذيراً صارماً إلى موسكو عبر القنوات الخلفية – ثم الإعلان عن حركة تلك الأسلحة، باستخدام نفس التكتيك المتمثل في مشاركة المعلومات الاستخباراتية علانية وتسريبها إلى وسائل الإعلام أو البيانات العامة – لفضح خطط بوتين وحشد الضغط الدولي، بما في ذلك الدول الصديقة لروسيا المسلحة نووياً، مثل الصين والهند، كوسيلة للردع. إضافة إلى عقوبات إضافية لعزل روسيا بشكل أكبر وتصويرها على أنها دولة منبوذة دوليًا.
تكمن جاذبية هذا النوع من الرد في أنه قد يمنع المزيد من التصعيد ومعاقبة روسيا دون المخاطر الكامنة في دخول الناتو مباشرة إلى الحرب في أوكرانيا. الجانب السلبي المحتمل هو أن الخطوات الموضحة أعلاه قد لا تكون كافية لردع الاستخدام النووي الروسي الإضافي. كما أنها قد لا تعتبر مساوية لمستوى الانتهاك الذي قد ترتكبه روسيا باستخدام الأسلحة النووية – خاصة ضد دولة غير نووية.
السيناريو الثاني: الرد بضربة تقليدية على القوات أو القاعدة العسكرية الروسية التي انطلقت منها الضربة النووية، من دون توجيه ضربة نووية انتقامية، ولدى الولايات المتحدة الكثير من الخيارات الأخرى، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية الواسعة النطاق والمعيقة. وأيضاً من خلال تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا بأنظمة مدفعية بعيدة المدى، والتي امتنعت واشنطن حتى الآن عن تزويد كييف بها. وكان المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الجنرال ديفيد بتريوس قد صرح في 3 أكتوبر 2022 أن الولايات المتحدة وحلفائها يمكنهم القضاء على كل قوة تقليدية روسية يمكنهم رؤيتها والتعرف عليها في ساحة المعركة في أوكرانيا ، وكذلك في شبه جزيرة القرم وكل سفينة في البحر الأسود.
يتبع هذا السيناريو إمكانية فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا. والنتيجة المحتملة ستكون ضرراً كبيراً للقدرات الحربية الروسية. لكن مثل هذه الضربة ستكون “غير متكافئة” بسبب أنها قد تنطوي على استخدام أسلحة تقليدية في مواجهة أسلحة نووية. ومن المحتمل أن يقود روسيا إلى توسيع أهدافها المحددة خارج أوكرانيا، إلى أراضي التحالف .
السيناريو الثالث: الرد بأسلحة الناتو النووية. تتكون “أسلحة الناتو النووية” من (100) قنبلة نووية تكتيكية فقط، وتمتلك أربعة أعضاء أوروبيين في الناتو حاليًا طائرات قادرة على تسليم وإلقاء القنبلة النووية التكتيكية وهي: بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا. الطائرات المعنية هي قاذفات مقاتلة من الجيل الرابع غير متخفية ، إما من طراز F-16 أو Tornado. وفي حالة الحاجة إلى مزيد من الضربات النووية واسعة النطاق، فإن المهمة ستقع على عاتق الترسانات الوطنية لأعضاء التحالف الثلاثة المسلحين نووياً.
تمتلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا رؤوساً حربية استراتيجية بعائد يصل إلى مئات الكيلوطن، بالإضافة إلى مخزون الولايات المتحدة الوطني من القنابل التكتيكية B61s التي يمكن تسليمها بوسائل موثوقة مثل القاذفة الشبح B-2 . يُعتقد أيضاً أن المملكة المتحدة لديها سلاح مثل W76-2 في مخزونها. لا يُعتقد أن فرنسا لديها أسلحة نووية تكتيكية . وبالتالي من المرجح أن تكون الولايات المتحدة الدولة المركزية في أي اشتباك نووي بين الناتو وروسيا. نظراً للغموض الذي يكتنف دور فرنسا، والترسانة البريطانية الأصغر بكثير.
بمجرد أن تقوم أي دولة من الدول النووية الثلاث التابعة لحلف الناتو بشن ضربات نيابة عن الحلف، فمن الواضح أن أراضيها الوطنية يمكن أن تتعرض لعمليات انتقامية روسية. الأسلحة النووية الروسية قد لا تكون مثالية للقتال التكتيكي في أوكرانيا، إلا أنه يمكن أن يكون لها تأثيرات جيدة على المستوى العملياتي إذا تم استخدامها ضد قواعد الناتو الرئيسية، مثل شن ضربات نووية روسية بالأسلحة التكتيكية ضد القواعد الجوية للتحالف ( أفيانو في إيطاليا ، ورامشتاين في ألمانيا ، ولاكينهيث في المملكة المتحدة) ما من شأنه أن يدمر أو يعطل عدداً كبيراً من طائرات الشبح الأمريكية في أوروبا.
وسيكون بمثابة ضربة خطيرة للقوات الجوية التكتيكية لحلف الناتو بشكل عام. فيما قد يكون نظام الدفاع الصاروخي الوطني الأمريكي (NMD) قليل الاستخدام نظراً لعدد الأسلحة التي تمتلكها روسيا وقدرتها على ضرب الولايات المتحدة القريبة من المحيط الأطلسي. إذا وسعت روسيا هدفها المحدد إلى أراضي الولايات المتحدة ، فإن احتمالات إبقاء الحرب النووية الوليدة محدودة سوف تتضاءل إلى حد كبير. الإرهاب النووي ـ أوكرانيا، سيناريوهات خطيرة ومحتملة. ملف
**
تقييم
تعتمد روسيا على الدعم الصيني في حربها على أوكرانيا، وتتبنى الصين عقيدة نووية تنص على “عدم البدء باستخدام السلاح النووي”، لذا إذا استخدمت موسكو سلاحاً نووياً فسيكون من الصعب للغاية على الصين الوقوف بجانب روسيا، ومن المحتمل أن تخسر موسكو دعم بكين. وفي حال استخدام موسكو الأسلحة التكتيكية النووية قد يقابله رد عسكري من جانب حلف الناتو، وعلى أسوأ الاحتمالات قد يؤدي لإشعال حرب عالمية شاملة قد تستخدم فيها الأسلحة النووية، ناهيك عن تأليب المجتمع الدولي بأكمله ضد روسيا.
لا تزال احتمالات الروسية استخدام روسيا الأسلحة النووية التكتيكية مباشرة على مدن رئيسية في غرب أوكرانيا، بالرغم من ضعف ترجيحات الدول الغربية حول هذا السيناريو، وتوجد مجموعة من الأسباب قد تجعل موسكو تُعرض عن استخدام “الأسلحة النووية التكتيكية” في أوكرانيا، منها: عدم امتلاك كييف أسلحة نووية يمكن أن تهدد روسيا. رغم ذلك تسعى روسيا الى تصعيد انخراطها أكثر في حرب أوكرانيا وتعزيز مواردها البشرية من خلال التعبئة الجزئية وتعزيز الأسلحة الذكية والتقليدية، لكن يبقى الرهان على ايجاد مخرج سياسي في حرب أوكرانيا من خلال المفاوضات المباشرة قائمة.أزمة أوكرانيا ـ مخاطر تصعيد التسلح النووي والتقليدي.
**
يوجد العديد من الاستجابات التي يمكن لحلف الناتو اعتمادها في حالة استخدام أسلحة الدمار الشامل الروسية منها إعادة تقييم ما إذا كان على الحلف أن ينشر صواريخ نووية أرضية في أوروبا والتي تؤدي بالضرورة إلى اندلاع صراع نووي متصاعد.
تشير المناورات التي يجريها حلف الناتو على الأراضي البلجيكية لموسكو إلى أن استخدام أسلحة الدمار الشامل في أوكرانيا لن يؤدي مستقبلا إلى مشاركة أمريكية أكبر فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تحرك أوروبي واسع النطاق.
بات من المحتمل لأن تكون الأراضي البلجيكية هدفا روسيا محتملا في حالة نشوب صراع نووي مع الناتو خاصة بعد المناورات التي يجريها حلف شمال الأطلسي “الناتو” على الأراضي البلجيكية بالإضافة إلى أن مقر الناتو والمؤسسات الرئيسة للاتحاد الأوروبي تقع في بروكسل.
**
الضربات الصاروخية التي شنتها القوات الروسية على أوكرانيا رداً على انفجار جسر القرم أثبتت بأن روسيا لن تبدأ قريباً باستخدام السلاح النووي التكتيكي في سيناريو عسكري. ميدانياً هي ليست بحاجة له، لكن الأمر هو بمثابة الحفاظ على العمليات العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية خاصة بعد وصول الهجمات الصاروخية إلى (لفيف) أي اقتربت كثيراً من حدود الناتو. سيكون السلاح النووي الروسي حلاً أخيرا وليس استباقياً.
حسب المتابعة، فإن روسيا جادة في استخدام الصواريخ النووية، وتؤخذ تهديداتها بعين الاعتبار من قبل الأوروبيين سياسياً وأيضاً عسكرياً من قبل حلف الناتو، لكن ما زالت التكهنات غير واضحة متي وكيف ستسخدمها ؟
السيناريو الأكثر ترجيحاً في حال اللجوء إلى الأسلحة النووية، سيكون هناك بعض الأهداف التكتيكية أو العملياتية للضربات النووية الروسية على الأراضي الأوكرانية. إذا لجأت روسيا إلى الاستهداف الصريح للمراكز السكانية بأسلحة نووية من أجل شن هجمات إرهابية، فقد يتأثر رد الناتو وشروط إنهاء الحرب وفقًا لذلك، من المرجح أن تسرع هذه الخطوة الطريق إلى حرب نووية عامة.
حظر الأسلحة النووية هو الحل الوحيد طويل الأمد لضمان الأمن والسلم الدوليين، لقد صادقت ست وستون دولة على معاهدة الأمم المتحدة بشأن حظر الأسلحة النووية، التي يبلغ عمرها خمس سنوات، لكن لم تصادق أي من الدول التسع النووية.
الهوامش
Putin Could Cripple Ukraine Without Using Nukes
https://bit.ly/3D2gS33
روسيا وأوكرانيا: كم عدد الأسلحة النووية التي تمتلكها موسكو؟
https://bbc.in/3epsfbC
بعد تهديدات بوتين.. ما مدى قدرة أوروبا على مواجهة هجوم نووي؟
https://bit.ly/3TkPbb1
هل يمكن أن تلجأ روسيا لاستخدام “النووي”؟ وما سيناريوهات الرد؟
https://bit.ly/3CUY6KX
العقيدة النووية الروسية.. 4 شروط “لم تحدث” لإطلاق الترسانة المخيفة
https://arbne.ws/3yBrof4
الولايات المتحدة تحذر روسيا من عواقب “كارثية” إذا استخدمت سلاحها النووي
https://bit.ly/3VoqcoN
**
Opération «Steadfast Noon»: l’OTAN va procéder à des exercices nucléaires
https://bit.ly/3fZIooA
West makes plans to avoid panic if Russia uses nuclear bomb in Ukraine
https://bit.ly/3Vw1a7y
Why NATO Needs to Plan for Nuclear War
https://bit.ly/3CXgbYH
بعد تهديدات بوتين.. ما مدى قدرة أوروبا على مواجهة هجوم نووي؟
https://bit.ly/3MyUMIo
بعد التهديد النووي الروسي.. قاذفات B-52 تقوم بدوريات في أوروبا
https://bit.ly/3g9FCxk
الناتو يعلن عن مناورات لاختبار القدرات النووية
https://bit.ly/3MB9UFb
**
خطط غربية لمواجهة “احتمالية” استخدام روسيا للنووي في أوكرانيا
https://arbne.ws/3gpROdr
US rehearses dropping nuclear bombs in Europe
https://bit.ly/3CQP5RN
If Putin Uses a Nuclear Weapon, How Should the World Respond?
https://nyti.ms/3sch7SG
هل بوتين جادٌ في استخدام السلاح النووي؟
https://bit.ly/3MJwFHf
Military briefing: Which nuclear weapons could Putin use against Ukraine?
https://on.ft.com/3eJvwTk
ديفيد بتريوس: واشنطن والناتو سيدمران الجيش الروسي إذا استخدم بوتين النووي
https://bit.ly/3s8F7Gz
Russia says it has expanded its nuclear sphere. What to make of its latest threats
https://cnn.it/3yWp8yT
Why NATO Needs to Plan for Nuclear War
https://bit.ly/3EXa6g5
تقرير: لماذا قد تستغني الولايات المتحدة عن السلاح النووي حتى وإن لجأت روسيا إلى ذلك في أوكرانيا؟
https://bit.ly/3eN4GcU
Nuclear War, NATO and Russia
https://bit.ly/3EVbjoa
Ukraine war: Very low chance Russia will use nuclear weapons – expert
https://bit.ly/3TswLVM
نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
.
رابط المصدر: