تمر العلاقة بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي بحالة الفتور بسبب التطورات السياسية الأخيرة في عدد من دول إفريقيا وظهور لاعبين آخرين في الساحة الإفريقية الذين أزاحوا أوروبا من مكانها كالشريك ذي الأولوية بسبب عدم تكافؤ الفرص والسياسات غير الواضحة وتعقيد إجراءات التمويل.
وقد تعهد الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بأن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا ستشهد “إصلاحًا شاملًا” في القمة السادسة لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والتي ستنعقد في بروكسل بين 17 و18 فبراير/شباط 2022. وألمح إلى احتمال “إعادة صياغة صفقة اقتصادية ومالية جديدة مع إفريقيا”، وذلك لـ”إنشاء نظام حقيقي للسلام والازدهار لبناء الاستثمارات في الاقتصادات الإفريقية وبناء مستقبل مشترك”(1).
وبالرغم من الحماسة الفرنسية تجاه القمة، فإن الواقع يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي وبرامجه لا يحظى باهتمام كبير على المستوى الإفريقي، حيث يواجه انتقادات بشأن احتكاره للقاحات وباء كورونا وتجاهل إفريقيا في اللحظات الحرجة. ولم ينجح حتى الآن في موقفه تجاه الأزمة السياسية في مالي وغينيا وبوكينا فاسو وغيرها من الدول الإفريقية. ويؤكد هذا احتمال عدم حضور القمة شخصيًّا من قبل رؤساء الدول الإفريقية ذوات الاستراتيجية، وهناك رؤساء دول أخرى قرروا مقاطعتها.
الاتحاد الأوروبي وإفريقيا: تاريخ من الهيمنة
من الناحية التاريخية، يصعب فكُّ ارتباط الاتحاد الأوروبي وتوجهاته نحو إفريقيا عن الحقبة الاستعمارية؛ إذ ضمَّت الجماعة الأوروبية (European Community) ستة أعضاء أصليين (بلجيكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا)، وتكونت من ثلاثة مجتمعات استُبدِل بها الاتحاد الأوروبي في عام 1993. واتسمت الجماعة الأوروبية في تحركاتها الأولية نحو إفريقيا بالحضور القوي للقوى الاستعمارية السابقة وتكرار فكرة تنمية الدول الإفريقية؛ إذ أصرَّت كل قوة استعمارية -وعلى رأسها فرنسا- على إدراج اتفاقية شراكة في معاهدة روما؛ الأمر الذي مكَّن فرنسا من استيعاب 18 مستعمرة سابقة والصومال. ومنح التصدر الفرنسي في الجماعة الأوروبية فرصة إدارة الجهود الأوروبية المشتركة وخدمات التطوير في هذه المناطق وفق الإملاءات الفرنسية(2).
وقد شهدت الفترة بين 1958 و1963 إنشاء أول صندوق للتنمية الأوروبي؛ ما يعني أن الدول الأعضاء في الجماعة الأوروبية مستعدة للاشتراك في تحمل مسؤولية جهود التنمية في المستعمرات السابقة بإفريقيا رغم استمرار الهيمنة الفرنسية على توجه الجماعة الأوروبية حتى بُعَيد استقلال معظم الدول الإفريقية في عام 1960(3). بل كانت اتفاقيتا الجماعة الأوروبية في “ياوندي”، في عامي 1963 و1969، موجهتين نحو نفس المجموعة من البلدان المستعمرة الفرنسية السابقة (باستثناء غينيا كوناكري)، وركزت الاتفاقيتان على التجارة الحرة والوصول الأساسي والتفضيلي لمنتجات الجماعة الأوروبية إلى إفريقيا ووصول المنتجات الإفريقية إلى أوروبا (والتي كانت مواد أولية خام)(4).
وشهدت بداية السبعينات من القرن الماضي محاولات إدخال البلدان الأنغلوفونية ضمن ترتيبات الجماعة الأوروبية؛ حيث أدى انضمام المملكة المتحدة وأيرلندا والدنمارك إلى الجماعة الأوروبية في عام 1973 إلى توسيع سياسة التنمية الأوروبية لتشمل دول الكومنولث في إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ. وتطورت العلاقة الأوروبية-الإفريقية في عام 1975 إلى توقيع اتفاقية “لومي” التي ركزت على التجارة ومنحت دول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ وصولًا تفضيليًّا وغير متبادل إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تقديم أسعار أعلى من الأسعار العالمية لبعض السلع(5).
ولم يأت الاهتمام الأوروبي بحقوق الإنسان إلا أثناء الاستعدادات لاتفاقية “لومي” الثالثة بين 1985 و1990 عندما ذُكِرت “أهمية كرامة الإنسان” لإبداء القلق بشأن القضايا المتعلقة بالديمقراطية. وتَبِع انهيار الاتحاد السوفيتي نهايةَ الحرب الباردة التي قسَّمت إفريقيا أيديولوجيًّا بين القوى المستعمرة والدولية، وتحولت الجماعة الأوروبية إلى الاتحاد الأوروبي للتغلب على العقبات التي تحول دون إدراج العناصر السياسية في مساعي التنمية، بينما استمرت تخبطات الكتلة الأوروبية فيما يتعلق بمفاهيم حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية وسيادة القانون والعنصر الأساسي في التعامل مع القارة الإفريقية(6).
يضاف إلى ما سبق أن اتفاقية كوتونو الموقعة في عام 2000 وغطت فترة 20 عامًا مع مراجعات كل خمس سنوات (أولى هذه المراجعات كانت في عام 2005) ركزت في الأساس على المجتمع المدني والقطاع الخاص في إفريقيا وشملت قضايا السلام والصراع والحوار السياسي. ويعني هذا أن الديمقراطية وإرساء الحكم المدني لم يكونا من الأهداف الرئيسية التي سعى إليها الاتحاد الأوروبي في القارة، وأن الأنظمة الإفريقية واصلت استرضاء الاتحاد الأوروبي وإقناعه كي يستمر تدفق أموال “المساعدة” وتفادي العقوبات(7). وقد مُدِّدت سيرورة اتفاقية كوتونو حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي (2021) بعد فشل المفاوضين على اتفاقية جديدة تخلف اتفاقية كوتونو (8).
الاتحاد الأوروبي ومحاولة استعادة مكانته في إفريقيا
لقد مرَّ أكثر من عقد ونصف على استراتيجية 2005 التي قدمها الاتحاد الأوروبي كخارطة طريق حول سياسته تجاه إفريقيا، والتي شملت اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع الكتل الإقليمية الإفريقية والتي دخلت واحدة منها فقط حيز التنفيذ. وفي عام 2020، أعلن الاتحاد الأوروبي عن نهج جديد للارتقاء بشراكته مع إفريقيا بعنوان “نحو استراتيجية شاملة مع إفريقيا”. وقد زار مسؤولون من الاتحاد الأوروبي أديس أبابا في العام الماضي لإظهار نواياهم حيال تكثيف التعاون مع الاتحاد الإفريقي. ويعتمد هذا النهج الجديد على إقامة “شراكات متساوية” في عشرة مجالات تغطي التحول الأخضر؛ والتحول الرقمي؛ والنمو المستدام والوظائف؛ والسلام والحكم؛ والهجرة والتنقل(9).
على أن الواقع في إفريقيا اليوم مختلف تمامًا عمَّا كان عليه في عام 2005؛ إذ فقد الاتحاد الأوروبي الأرضية الدبلوماسية والسياسية في القارة لصالح أطراف دولية أخرى تملأ فراغات الوعود التي لم يفِ بها الاتحاد الأوروبي. ويتزامن مع ذلك تصاعد النظر إلى بعض الدول الأوروبية كحلفاء لا يمكن الاعتماد عليهم، خاصة بعد سقوط الأنظمة السياسية المتحالفة معهم ببعض بلدان القارة، بالإضافة إلى وتيرة النمو في بعض الدول الإفريقية.
ويلاحظ أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يحاول البناء على مكانته كأكبر مصدر منفرد للاستثمار الأجنبي المباشر في القارة الإفريقية؛ ففي عام 2007 انعقدت أول قمة بين 27 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي و54 دولة في إفريقيا. وفي عام 2017، انعقدت القمة الخامسة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا مع تجاوز التجارة الثنائية 300 مليار دولار، وتعهد الاتحاد الأوروبي بتعبئة أكثر من 54 مليار دولار بحلول عام 2020 في استثمارات “مستدامة” لإفريقيا. وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة مناهضة مبادرة الحزام والطريق الصينية، وذلك من خلال استثمار 300 مليار يورو عالميًّا بحلول عام 2027، منها أكثر من 150 مليارًا مخصصة لإفريقيا وموجهة في مشاريع البنية التحتية والرقمية والمناخي(10).
يضاف إلى ما سبق أن الإشارة إلى التحول الأخضر والرقمنة في الاستراتيجية الجديدة تعني أن الكتلة الأوروبية أدركت أنهما قد يكونان مفتاح العلاقات الدولية في إفريقيا في الفترات القادمة. وقد اقترح الدبلوماسيون بالاتحاد الأوروبي في الشهور الأخيرة “دعم القدرة الإفريقية في الدفاع والأمن وتعزيز آليات تحقيق السلام والاستقرار وعدم المساواة والإرهاب والتطرف”. وراهنت الكتلة الأوروبية على الدعم السياسي والفني والمالي لمبادرة اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية حيث أنفقت الكتلة الأوروبية بين عامي 2014 و2020 حوالي 74 مليون يورو لتحقيق المبادرة، ولذلك وُصِفت منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لدى بعض منتقدي الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي بأنها صناعة أوروبية تهدف إلى هيمنة أوروبا على موارد واستثمارات القارة(11).
ومع ذلك، فإن مزاعم “مساعدة” إفريقيا لا تزال مهيمنة على خطابات الاتحاد الأوروبي. ويرى بعض مسؤولين أفارقة أن الأوروبيين يضغطون على القارة بشأن قضايا لم تكن ضمن أولوياتها. بينما يشكو آخرون من أن الاتحاد الأوروبي مستمر في تصوره التقليدي الذي ينظر إلى القارة كطفل في حاجة إلى إملاءات وإرشادات أبوية. كما أن وثيقة الاستراتيجية الجديدة للاتحاد الأوروبي لم تأتِ بجديد؛ إذ الخيارات المتاحة للدول الإفريقية اليوم كثيرة، وأصبحت هناك منافذ بديلة للدول التي يشكو دبلوماسيوها من أن شروط الاتحاد الأوروبي المرتبطة بالاستثمارية شديدة التقييد مما يعيق توفير البنى التحتية والبرامج التنموية اللازمة التي يحتاجون إليها. إضافة إلى أن الصفقات التجارية تخدم أوروبا فقط وتضر بتطوير الصناعات المحلية الإفريقية.
الاستثمار المباشر وتطوير الصناعات الإفريقية
كان موقف خبراء التنمية الإفريقية أن المساعدة تعزِّز عدم الاستقرار والفساد وتقلِّل من السيادة الوطنية، وأن ما تحتاجه القارة هي التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر، وإعادة استثمار الأموال المتولدة داخل إفريقيا كي يتم تحويل المجتمعات ورفع دخل معظم مواطني القارة. ويعضِّد ذلك أن دولًا أجنبية تمكنت من خلال تقديم المنح للحكومات الإفريقية من بسط سيطرتها على موارد تلك الدول والحفاظ على دور الموجِّه في القضايا السياسية والاقتصادية مع تفضيلها في التعاقدات الوطنية(12).
وقد كانت السمة البارزة لنهج الاتحاد الأوروبي وسياساته التجارية تجاه إفريقيا الانفتاح التدريجي للسوق الأوروبية على أساس غير متبادل، وهو ما يجبر الدول الإفريقية على إمداد أوروبا بالمعادن وبعض المواد الغذائية، بينما يقتات الأفارقة من الفوائض الزراعية ويستقبلون المنتجات تامة الصنع وسلع الصناعات الناشئة في الاتحاد الأوروبي(13).
ورغم الشكوك المثارة حول مبادرة منطقة التجارة الحرة القارة الإفريقية، فقد كان موقف الاقتصاديين الأفارقة أن المبادرة إذا ما أُحسن تنفيذها ستوفر حرية حركة العمالة داخل التجمعات الإقليمية ودون الإقليمية الإفريقية، وستكون قوة دافعة للنمو الاقتصادي وبديلًا لهجرة المواهب الإفريقية إلى خارج القارة وتحفيزًا للشركات المحلية والصناعات الإفريقية.
منافسة لاعبين آخرين
أظهرت الأزمة السياسية في مالي أن التوجه السياسي للاتحاد الأوروبي مترادف عن السياسة الفرنسية بإفريقيا. وكشفت الأزمة أيضًا أن معظم الدول الإفريقية لا تبالي بشرط احترام المبادئ الديمقراطية التي يقف عليها الاتحاد الأوروبي، خاصة أن هناك شركاء آخرين لإفريقيا لا يفرضون مثل هذه الشروط. وأظهرت الصين وروسيا أن المنهج الأمثل هو الانخراط مع الحكومات الإفريقية من أجل الاتفاق على نهج مناسب تجاه المشاكل والأولويات الإفريقية.
ويفضي ما سبق إلى القول بأن القمة القادمة قد تكون عن استراتيجية فرنسا الجديدة في إفريقيا أكثر من استراتيجية الاتحاد الأوروبي في القارة، وأن القمة قد لا تأتي بنتائج مؤثرة بسبب تفضيل القضايا التي تهم فرنسا والاتحاد الأوروبي وتوقعات الانسحاب الفرنسي من مالي.
وقد أشار الرئيس الفرنسي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أثناء تقديم برنامجه لرئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي، بداية يناير/كانون الثاني 2021، أن بيروقراطية العلاقة القائمة تدعو إلى إعادة صياغة صفقة اقتصادية ومالية جديدة مع إفريقيا، ووضع أجندة التثقيف الصحي والمناخي على قدم المساواة مع التحديات التي تواجه إفريقيا بما في ذلك الأمن والهجرة(14).
ويضاف إلى ما سبق أن القمة تأتي في ظل الغضب الشعبي ضد فرنسا والاتحاد الأوروبي في بعض الدول الإفريقية لموقفهما من الانقلابات العسكرية الأخيرة التي رحَّب بها مواطنو هذه الدول. وقد شكَّلت الزيادة في حركات الهجرة تحركات أوروبا تجاه منطقة الساحل في العقد الماضي؛ حيث نظرت أوروبا إلى القضية من خلال عدسة أمنية فقط متجاهلة أبعادها السياسية والاقتصادية والتنموية. فأَوْلَتْ أوروبا اهتماماتها للانتشار العسكري لتحقيق طموحاتها اعتمادًا على سياسات فرنسا لمكافحة الإرهاب والتصورات غير الواقعية للنجاح العسكري ضد الجهات المتطرفة العنيفة في المنطقة.
الموقف الإفريقي
يمكن القول بأن ديناميكيات دول القارة تعقِّد التعامل الموحد مع إفريقيا، وأن عدم توحيد الأصوات الإفريقية يعطي انطباعًا بعدم فاعلية الاتحاد الإفريقي ككتلة قارية مقارنة بالاتحاد الأوروبي؛ فالاتحاد الإفريقي نفسه يكافح من أجل تنفيذ أجندة 2063 لوجود حكومات في الدول الأعضاء التي تتجاهل الخطط المتفق عليها. وبالرغم من أن معظم الحكومات الإفريقية قد أعلنت عن دعمها لحرية الأسواق، إلا أن معظمها يحافظ على القيود التي تعرقل تحقيق آليات السوق الحرة وتشغيلها وفتح الحدود مع الجيران، مما يؤثر في مجالات الاتصالات وحركة البضائع وجهود التنمية المحلية التي يقودها أصحاب الشركات الناشئة بإفريقيا. وهناك حكومات إفريقية تفضِّل فتح حدودها للأسواق الأوروبية بينما تحتكر الأخرى أسواقها لشركات الدولة رغم عدم كفاءتها وأمام رجال الأعمال المقربين من الحكومة.
من جانب آخر، تسجل دول إفريقية نجاحات كبيرة فيما يتعلق بتحسين ظروف فيها، ولكن هذه الدول نفسها لا تزال بحاجة إلى خفض هروب رأس المال وزيادة الحوافز للأموال التي يولِّدها المستثمرون المحليون للبقاء في الاقتصادات المحلية، وذلك من خلال محاربة الفساد والمكاسب غير المشروعة وتدعيم الحكم الرشيد.
ويمكن ملاحظة الموقف الإفريقي تجاه الاتحاد الأوروبي من خلال تصريحات الرئيس السنغالي “ماكي صال” الذي سيمثل الاتحاد الإفريقي في القمة القادمة بصفته رئيسًا للاتحاد الإفريقي؛ حيث عبَّر عن الشكوى الإفريقية من كون الاقتصادات الإفريقية من بين الاقتصادات الأقل تلويثًا، ومع ذلك كانت إفريقيا الأكثر تضررًا من عواقب تغير المناخ مقارنة بأجزاء أخرى في العالم. ويعني وقف دعم الوقود الأحفوري أن البلدان الإفريقية ستواجه صعوبة حقيقية لأن الدول الإفريقية بحاجة إلى الغاز لتحقيق طموحاتها التنموية، وبالتالي يعني الإصرار على وقف الوقود الأحفوري قرارًا “غير عادل” بالنسبة لإفريقيا(15).
يضاف إلى ما سبق أن المبادرات الأوروبية الجديدة لم تأخذ في الحسبان تلك البرامج المحلية التي تحتاج إلى دعم وتشجيع، مثل تحسين الوصول إلى الموارد والانتعاش الاقتصادي وتخفيف عبء الديون وغيرها من المبادرات التي تؤكد على أن القادة الأفارقة لا يحتاجون إلى إملاءات أوروبية أو أوامر حول ما يجب عليهم القيام به وطريقة القيام به(16).
وإذا كان الرئيس “صال” يرى أن قضية تدفقات الهجرة مهمة أيضًا، إلا أنه يعتقد أن إبقاء الشباب الأفارقة داخل إفريقيا بحاجة إلى موارد إضافية، لأن “الصندوق الائتماني” البالغ 1.8 مليار يورو المخصص لمعالجة أسباب الهجرة والذي أنشئ بعد قمة مالطا، في عام 2015، لا يكفي لتلبية المتطلبات التي تحتاجها القارة. ويدخل في هذا أيضًا حقيقة أن المفوضية الأوروبية أثناء تفاقم وباء كورونا لم تقدم للقارة سوى برمجة الأموال التي سبق وأن خُصِّصت للقارة، ولم يدعم الاتحاد الأوروبي الجانب الإفريقي في طلبه لرفع براءات الاختراع للقاحات ليتمكن الأفارقة من إنتاج لقاحاتهم بأنفسهم والتغلب على أزمة كورونا.
خاتمة
لا يتوقع الكثيرون في إفريقيا أي جديد في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والقارة؛ حيث تفتقر الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الاتحاد الأوروبي إلى حوافز أساسية وتقليل دور الجهات الفاعلة المحلية. كما أن هذه الاستراتيجية لم تأتِ بخطة واقعية قادرة على منافسة لاعبين دوليين آخرين، بما في ذلك الصين التي موَّلت أكثر من 3000 مشروع للبنية التحتية بالغة الأهمية في القارة وقدمت أكثر من 86 مليار دولار في شكل قروض تجارية بين عامي 2000 و2014 بمتوسط 6 مليارات دولار في السنة.
وبالنظر إلى كثرة القمم المنعقدة باسم إفريقيا والتعاون معها؛ فإن ما تحتاجه القارة تحديد أولوياتها والتفاوض عليها وفق السياسات التي تتناسب مع هذه الأولويات، بدلًا من قبول الصفقات والمعاملات قصيرة الأجل التي تخدم مصالح الجهات الخارجية فقط. ويجب على الدول الإفريقية توحيد صفوفها من خلال التكامل بينها على المستوى الإقليمي والقاري؛ حيث لا تزال المجموعات الاقتصادية الإقليمية الأصغر بحاجة إلى لعب دور مهم من خلال إيلاء الأولوية للحوارات لحل الأزمات السياسية الجديدة وتعزيز التجارة والتنمية البينية الإفريقية. وبهذا يمكن على الدول الإفريقية الاعتماد على نفسها وتقديم المصالح الإفريقية في الساحة الدولية.
1- a “French President Emmanuel Macron Press Conference Speech”. France22, December 13, 2021 (accessed on February 13, 2022): https://bit.ly/3gPRelW
2- Leroy, Marcel. “Africa and the EU: Perspectives and Prospects.” International Institute for Democracy and Electoral Assistance (2009): https://bit.ly/3LBGshh
3- Medinilla, Alfonso, and Jean Bossuyt. “Africa-EU relations post-Cotonou.” (2019): https://bit.ly/3uTjqge
4- المصدر السابق.
5- Leroy, Marcel. “Africa and the EU: Perspectives and Prospects.” International Institute for Democracy and Electoral Assistance (2009): Op Cit.
6- Crawford, Gordon. “EU human rights and democracy promotion in Africa: normative power or realist interests?” In The European Union in Africa, pp. 142-164. Manchester University Press, 2015.
7- Leroy, Marcel. “Africa and the EU: Perspectives and Prospects.” International Institute for Democracy and Electoral Assistance (2009): Op Cit.
8- Benjamin Fox. “EU unveils ‘partnership plans’ for new Africa strategy.” EURACTIV, March 9, 2020 (February 13, 2020): https://bit.ly/3LAZgxc
9- المصدر السابق.
10- Witney Schneidman, & Joel Wiegert. “Competing in Africa: China, the European Union, and the United States.” Brookings, April 16, 2018 (February 13, 2020): https://brook.gs/3sFQAgE
11- حكيم أَلادي نجم الدين، “اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية: أي فرص لمشاكل القارة؟”، مركز الجزيرة للدراسات، 13 يناير/كانون الثاني 2021، (14 فبراير/شباط 2022): https://bit.ly/3LxM3pb
12- Leroy, Marcel. “Africa and the EU: Perspectives and Prospects.” International Institute for Democracy and Electoral Assistance (2009): Op Cit.
13- حكيم أَلادي نجم الدين، “اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية: أي فرص لمشاكل القارة؟”، مركز الجزيرة للدراسات، مصدر سبق ذكره.
14- “French President Emmanuel Macron Press Conference Speech”. France22, Op Cit.
15- Climate and Energy in the Africa-Europe partnership: Leading the way to the AU-EU summit. Friends Of Europe: https://bit.ly/3rTfk5W
16- Andrew Green. “What’s going on between African nations and the EU?” Devex, August 30, 2021 (February 14, 2022): https://bit.ly/3v0zkFk
.
رابط المصدر: