- سايمون هندرسون
- إلينا ديلوجر
سيكون التطبيع مع إسرائيل هو الأمر الذي من الصعب تجاهله خلال قمة الرياض، على الرغم من أن الدبلوماسية الإيرانية والخلافات الداخلية المستمرة تستحق المراقبة عن كثب أيضاً.
في الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر، سيجتمع مسؤولون من دول «مجلس التعاون الخليجي» في السعودية لحضور مؤتمر قمتهم الأخير. وقبل ذلك بيومين، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى أبوظبي للاجتماع مع ولي العهد محمد بن زايد ، الزعيم الفعلي لدولة الإمارات.
ومن المنظوريْن العالمي والتاريخي، وللمرة الأولى، تطغى القمة الإسرائيلية العلنية بظلالها على مؤتمر قمة «مجلس التعاون الخليجي» الثاني والأربعين. فعندما تم تأسيس «المجلس» في عام 1981 بتشجيع من الولايات المتحدة وبريطانيا، كانت الاجتماعات بمثابة أداة هامة لإبعاد دول الخليج العربية عن الحرب الإيرانية – العراقية. ومع ذلك يبدو أن الهدف الرئيسي لهذه الدول هذه الأيام هو الاحتفال باستمرار وجود «مجلس التعاون الخليجي». وقد كان الاجتماع السابق، الذي عقد في كانون الثاني/يناير الماضي، بمثابة النهاية الرسمية للخلاف الذي استمر قرابة أربع سنوات، حين فرضت السعودية والإمارات والبحرين حصاراً على قطر. (ولم يشارك العضوان الآخران في «مجلس التعاون الخليجي»، الكويت وسلطنة عمان، في الخلاف الذي يُفترض أنه بدأ بسبب تدخل قطر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ودعمها المزعوم للإرهاب، وعلاقاتها الوثيقة بإيران).
والسؤال الآن هو ما إذا كان مظهر الوحدة هذا سيتغيّر في أعقاب زيارة بينيت. وعلى الرغم من أن دولتي الإمارات والبحرين وقّعتا على “اتفاقيات أبراهيم”، التي هي اتفاقيات التطبيع العربية التاريخية مع إسرائيل في العام الماضي، إلا أن دول «مجلس التعاون الخليجي» الأخرى لم توقع عليها. وتختلف أسبابها لذلك. فالمملكة العربية السعودية تسمح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضيها لكنها امتنعت عن المشاركة الدبلوماسية الرسمية، ويبدو أن ذلك بسبب قلق الملك سلمان بشأن الفلسطينيين ووضع القدس. ورحبت عُمان بزيارة بنيامين نتنياهو عندما كان رئيساً للوزراء لكن ليس لديها علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل. وكانت قطر قد أقامت علاقات مع إسرائيل في الماضي – ومن المفارقات أنها كانت أول دولة خليجية أقامت هذه العلاقات – لكنها تحافظ بشكل عام على بعض المسافة حالياً، باستثناء تخفيف بعض القيود المفروضة على الزوار الإسرائيليين. أما الكويت فهي الأكثر عزوفاً عن التطبيع بسبب الرأي العام المناوئ [لإسرائيل]. ومن المحتمل أن تراقب جميع هذه الدول أيضاً الوضع لترى ما إذا كانت مخاطر الإمارات والبحرين تؤتي ثمارها – بما في ذلك في شكل مزايا محتملة للولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، يستحق مؤتمر القمة الحالي اهتماماً أكبر من المعتاد. فإلى جانب احتمالية وجود إشارات إضافية حول نظرة الدول الأعضاء لزيارة بينيت للإمارات والتطبيع بشكل عام، يمكن لجوانب محددة من الحدث أن تساعد في توضيح موقف دول الخليج من بعضها البعض ومن واشنطن.
لماذا تُعقد القمة مجدداً في السعودية؟
على الرغم من التناوب التاريخي بين الدول الأعضاء على مكان عقد المؤتمر، إلا أن هذه القمة هي الرابعة على التوالي التي تستضيفها المملكة. والسبب غير واضح، ولكنه قد يشكل مصدر خلاف. فالسعودية تَعتَبِر نفسها الزعيم الفعلي لـ «مجلس التعاون الخليجي»، الذي توجد أمانته العامة في الرياض. ومع ذلك، يفضل الأعضاء الآخرون رؤية «المجلس» كمنتدى يُعامل أعضاؤه بصورة متساوية. وقد يؤدي توقيت الاجتماع بين إسرائيل والإمارات إلى المزيد من إلقاء الضوء على هذا التوتر.
مَنْ سيشارك في القمة؟
تميزت اجتماعات القمة الأخيرة بغياب العديد من رؤساء الدول، ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع. وقد أرسل الملك سلمان البالغ من العمر خمسة وثمانين عاماً الدعوات رسمياً، لكن يبدو أنه لا يزال منعزلاً لأسباب صحية في “نيوم”، المدينة المستقبلية في للمملكة التي يتم بناؤها على الساحل الشمالي للبحر الأحمر.
ومِنَ الذين لن يحضروا أيضاً رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد، الذي أصيب بجلطة دماغية حادة منذ عدة سنوات ونادراً ما يظهر في الأماكن العامة. من المحتمل أن لا يحضر محمد بن زايد هذه القمة أيضاً. على الرغم من دوره القوي، إلا أنه لا يتمتع بأي منصب سياسي رسمي في الإمارات – وهو ما يعفيه من الاضطرار إلى تفسير غيابه عن القمم أو لقائه مع بينيت. وعلى أي حال، سيكون نائب الرئيس محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، حاضراً في المؤتمر.
ومن غير المرجح أيضاً أن يحضر أمير الكويت نواف الذي اعتلى العرش في العام الماضي فقط. ولكن الأمير البالغ من العمر أربعة وثمانين عاماً في حالة صحية سيئة وقام قبل ثلاثة أسابيع بتسليم بعض سلطاته إلى شقيقه الأصغر، ولي العهد مشعل. والغائب الآخر سيكون السلطان العُماني هيثم بن طارق، الذي يزور لندن في رحلة خاصة.
وسيكون نجم العرض بلا شك نجل العاهل السعودي المفضل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي ترأس القمة السابقة أيضاً. والجدير بالذكر أنه أكمل لتوه جولة سريعة في الدول الأعضاء الأخرى.
ما هي القضايا التي على جدول الأعمال؟
تناول البيان الختامي للقمة السابقة القضايا الإقليمية بترتيب واضح، حيث جاءت إيران في المرتبة الأولى، تليها اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان، ومصر، والأردن، وليبيا، والسودان، والمغرب، وأفغانستان ووضع مسلمي الروهينجا في ميانمار. وسيبحث المحللون أيضاً عن أي تغيير في الصياغة الشكلية لـ “القضية الفلسطينية”، والتي أشار البيان إلى أنها “تعتبر الأولوية الأولى للعرب والمسلمين”. ولم تذكر الوثيقة التطبيع مع إسرائيل، وعلى الرغم من زيارة بينيت إلى الإمارات، فمن غير المرجح أن يتم تناول القضية في البيان الذي سيصدر بعد ذلك أيضاً.
ومن الناحية الرسمية، من المرجح أن تكون إيران محور التركيز الرئيسي مرة أخرى، وخاصة في ضوء فتح السعودية والإمارات محادثات مباشرة مع طهران هذا العام. وفي البيان السابق، أعرب «مجلس التعاون الخليجي» عن قلقه بشأن الإرهاب و”سلوك إيران المزعزع للاستقرار”، بما في ذلك صواريخها وبرنامجها النووي. وفي ضوء المحادثات النووية الجارية في فيينا، قد يصرح «المجلس» مجدداً بأنه يفضل “بناء الثقة … وإشراك دول «مجلس التعاون الخليجي» … في أي عملية تفاوض” بشأن إيران.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يثير وفد الإمارات اعتراضه السنوي على “الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث التابعة للإمارات”، في إشارة إلى استيلاء طهران عام 1971 على أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، التي تقع في ممرات الشحن البحرية في الخليج العربي. وتم الاستيلاء على الجزر في الوقت الذي تخلت فيه بريطانيا عن دورها كقوة حاسمة في المنطقة وسحبت قواتها منها، مما مهد الطريق لإيران ما قبل الثورة لبسط نفسها كأقوى دولة في الشرق الأوسط.
قضايا أخرى
إن السياق المهيمن وراء هذه القمة هو التصور السائد بأن إدارة بايدن مترددة في لعب دور عسكري حاسم في الخليج، على الرغم من أهمية المنطقة المستمرة في توفير الكثير من النفط والغاز الطبيعي للعالم. وقد يكون هذا التصور قد أثر على الموجة المبلغ عنها من الاتصالات الدبلوماسية الأخيرة بين دول الخليج وإيران. وحتى أن السعودية أجرت محادثات سرية، على الرغم من أن الاتصال العام الأكثر أهمية ربما كان رحلة الأسبوع الماضي إلى طهران من قبل الشيخ طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي الإماراتي والأخ الشقيق لمحمد بن زايد. ولم يتم تقديم أية تفاصيل عن اجتماعه مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، الذي خدم لفترة طويلة؛ ويتساءل المرء عما إذا كان بينيت قد تلقى قراءة مسبقة عن اللقاء عندما زار أبوظبي.
ومن أحد التفاصيل الخفية للقمة التي يجب مراقبتها هو سلوك البحرين تجاه قطر. وبدا قادة الجزيرة مترددين في دعم القرار الذي قادته السعودية لإنهاء الخلاف بين دول الخليج. وبدلاً من ذلك، استمرت حروبها الإعلامية ضد قطر، وكذلك الخلاف حول حقوق الصيد. وربما توفر الدوحة ميزة واحدة عبر منح البحرين دوراً في توفير السكن لمشجعي كرة القدم أثناء بطولة كأس العالم في العام المقبل، وخاصة لاحتمال افتقار قطر للمساحة الكافية في الفنادق.
وقبل رحلات بينيت إلى دولة الإمارات، كانت تغطية الزيارات التي كان يقوم بها الأمير محمد بن سلمان إلى دول أخرى في «مجلس التعاون الخليجي» تسيطر على أخبار «المجلس»، مما يشير إلى أن القمة قد تكون بمثابة موافقة بحكم الأمر الواقع على أن يصبح الحاكم المقبول للمملكة العربية السعودية. وسيكون هذا بالفعل تحولاً كبيراً، لا سيما أنه امتنع عن انتزاع دور عالمي في الأسابيع الأخيرة عن طريق عدم حضور قمة مجموعة العشرين في روما واجتماع المناخ في غلاسكو (على الرغم من أن غيابه لم ينبع من أي خوف من الأضواء الدولية، بل على ما يبدو من الرغبة في تجنب ازدراء الرئيس بايدن بشأن مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي).
الخاتمة
بالنسبة للمراقبين الراغبين في معرفة تداعيات اجتماع بينيت ومحمد بن زايد، ستوفر قمة دول «مجلس التعاون الخليجي» قراءة مبكرة. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن المسألة الكبرى التي يجب مراقبتها هي ما يقوله أعضاء «المجلس» عن التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني، رغم أن معالم هذه المناقشة قد تتغير مع استمرار طهران في إحراز تقدم ملحوظ.
.
رابط المصدر: