تقديم :-
تغير عالم الأعمال بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية، ونحن نعيش الآن في عالم متصل حيث يمكن أن يكون التغيير سريعًا ومستمرًا وغير متوقع. وقد خلقت التطورات السريعة في التقنية بيئة تنتشر فيها الإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان، وزادت الأحداث العالمية مؤخرًا، من الشعور بالاضطراب والخطر وعدم القدرة على التنبؤ
ومن زمن ليس ببعيد تم بناء سيارة طراز T ، المعروفة أيضًا باسم Tin Lizzie ، بواسطة شركة Ford Motor Company من عام 1908 حتى عام 1927. استخدم هنري فورد نهج إنتاج خط التجميع للحفاظ على انخفاض التكاليف. كانت رؤيته هي توفير سيارة ميسورة التكلفة ومتينة وغير مكلفة للطبقة الوسطى. بحلول عام 1925 ، كان سعر سيارته 300 دولار ، مما جعلها في متناول ملايين المستهلكين. تم بيع أكثر من 15 مليون سيارة طراز T بين عامي 1908 و 1927. وبدأت الأمور تتغير مع زيادة ثراء الأمريكيين. طالب المستهلكون بسيارات أكثر أناقة وراحة،كان فورد عنيدًا ورفض استبدال طرازه T ، وظلت السيارة دون تغيير نسبيًا. وفي الوقت نفسه ، كانت شركات أخرى ، مثل شيفروليه ، تصنع سيارات رياضية وأسرع ،حاول مهندسو Ford إقناعه بتزويد الموديل T بتصميم أكثر أناقة ، لذلك قاموا ببناء موديل T محدث أثناء تواجده في إجازة. عندما عاد فورد ورأى السيارة الجديدة ، غضب لدرجة أنه ركل السيارة وهدمها ،لم يدرك هنري فورد أن القواعد الأساسية قد تغيرت ، وأصبح المستهلك ملكًا. لم يعد الأمر يتعلق بالإنتاج الفعال ، وكان على الشركات أن تتعلم كيفية تقسيم الأسواق لتلبية احتياجات العملاء. اكتشف هنري فورد ذلك بحلول ربيع عام 1927 ، فابتكر الطراز A ، سيارة كانت “أقل ، وأطول ، ورياضية ، وأكثر انسيابية من الطراز T.” كانت سرعتها القصوى 65 ميلا في الساعة. كانت السرعة القصوى للنموذج T 43 ميلاً في الساعة كان السعر هو نفسه بالنسبة للموديل T ، وكانت السيارة ناجحة. ومع ذلك ، فإن إحجام فورد عن ترقية الطراز T كلفه المركز الأول في صناعة السيارات.
لم يكن هذا الخطأ كافى لتعليم من جاء بعد فورد فجاءت Kodak بخطأ أكثر غرابة قامت باختراع كاميرا رقمية عام 1977 ولم تستفد منها ،لماذا ؟ لأنهم كانوا يفتقرون إلى الرؤية. إنهم يحققون قدرًا كبيرًا من الدخل على المنتجات الحالية ويستغرقون وقتًا طويلاً للتبديل إلى منتج أحدث وأفضل. كانت كوداك علامة تجارية عالمية وحققت أرباحًا هائلة من الفيلم. ابتكرت الشركة الكاميرا الرقمية في عام 1977 لكنها كانت مترددة في التحول إلى تقنية أفضل بسبب العوائد الكبيرة على الفيلم. بحلول الوقت الذي تحولت فيه الشركة إلى التكنولوجيا الرقمية ، كان الأوان قد فات: استحوذت شركات أخرى على السوق الرقمية
وتتوالى الأخطاء عام 2013 باعت شركة نوكيا عملاق الاتصالات قسم الاجهزة الخاص بها الي شركة مايكروسوفت بمبلغ 7 بلايين دولار في صفقة وصفها احد المحللين ب ” النهاية المحزنة لمن كانت يوما اعظم شركات الاجهزة المحمولة لماذا ؟ لأنها رفضت نظام جديد يسمى أندوريد ، فقامت بقالة للأرز والزيت بشرائه وانتقلت لمرحلة جديدة من حياتها تلهم العالم في كل منتجاتها فكانت سامسونج
ما السر خلف سقوط امبراطوريات صناعية وتجارية عملاقة في الاعوام الاخيرة وبشكل غير متوقع وسريع؟ وبشكل عام لماذا انخفض متوسط عمر الشركات من 67 سنة في العام 1920 الي 15 سنة في العام 2012 ويستمر في الانخفاض؟ هل كان يمكن تفادي هذه النهايات المحزنه؟
- اجابة السؤال الاول والثاني هو اننا نعيش في عالم الفوك اVUCA
يجب أن يتسم القادة والاداريين بالمرونة ، ويمتلكون “مرونة عقلية ، وميلًا لتوقع المواقف غير المؤكدة أو المتغيرة أو التكيف معها”. كما يجب أن يكونوا قادرين على “الابتعاد عن أنماط التفكير المعتادة ، والارتجال عند مواجهة المآزق المفاهيمية ، وتطبيق وجهات نظر متعددة بسرعة للنظر في الجديد وليس هذا وحسب بل لابد من الرشاقة: بأن تكون مستعدًا لتغيير خططك مع تطور الأحداث، وتتكيف وتتحرك بخفة نحو التغيير المطلوب.
عليك أن تدرك بأن فلسفة الإدارة التقليدية في صياغتها علي افتراض ان بيئات العمل المختلفة مستقرة stable ومتوقعة predictable محددة well defined وروتينية قد أنتهت ولا رجعة لها وأصبح هناك فلسفة أخرى تحكم العمل الإداري في مواجهة عالم الفوكا vuca كيف يتم هذا ؟
هذا ما أوضحناه في هذا الكتاب حيث تناولنا فيه دليل نجاة للتكيف والنجاح في الاندماج في عالم الفوكا بداية من التعرف على هذا العالم الغامض المبهم المخيف للقادة والاداريين والموظفين وأصحاب المال والأعمال وكيفية التعايش معه مع عرض لشركات عالمية نجحت في تخطى هذه العقبة بعد محنة شديدة ، ثم كيفية البدء بالرشاقة الاستراتيجية المطلب الرئيس للفوكا مصحوباً بأعمدة معها مثل : الذكاء الاستراتيجي والذكاء الثقافى
الاقتصاد اليوم لا يرحم ، والمنظمات التي ليست ذكية وتقاوم التغيير لن تنجو لذا على بعض الشركات والأفراد إعادة ابتكار أنفسهم بالكامل من أجل البقاء.