الاضطرابات الجنسية بين المفهوم والتشخيص والعلاج

مقدمة : 

يعتبر السلوك المحدد الأساسي لكل شخصية إنسانية، فمن خلال السلوك يمكن أن نصنف الأفراد إلى شخصيات سوية وأخرى غير سوية( منحرفة)، حيث يدخل في هذا التصنيف مجموعة من العوامل والمحددات منها تلك المتعلقة بالعوامل النفسية والبيولوجية والاجتماعية، إلى جانب التأثير الكبير الذي يحدثه الوسط الأسري كالعلاقات السائدة بين الأفراد خاصة أفراد الأسرة بينها، وخاصة بين الوالدين والطفل المراهق الذي يرى عالمه في أسرته، ولكن هذا الأخير عندما يندمج في الحياة الاجتماعية  وبمجرد دخوله للمدرسة مع تكوينه العديد من الصدقات، فإنه يصطدم بعالم آخر جديد بعيد كل البعد عن ذلك العالم الذي اعتاد على التعايش فيه ومعه( الأسرة)، وفي مثل هذه الحالات وبالأخص إن كان غير مشبع بالقيم اللازمة والمعايير الملائمة التي من شأنها أن تضبط سلوكه بطريقة أو بأخرى ، أو يكون خاضعا لنوع خاص من أنواع التنشئة الاجتماعية التي تجعل منه شخصية هشة وضعيفة ومضطربة، وفي مثل هذه الحالات تظهر العديد من السلوكيات المضطربة والغير مقبولة من المحيط ومن بينها الاضطرابات الجنسية المختلفة (الشذوذات الجنسيَّة paraphilias) والتي هي تخيّلات أو سلوكيَّات للإثارة الجنسيَّة، متكرِّرة أو شديدة، تنطوي على أشياء جامدة أو حيوانات أو أموات أو أطفال أو أشخاص بالغين غير راغبين، أو معاناة أو إهانة للنفس أو الشَّريك. اضطرابات الشذوذات الجنسيَّة هي شذوذات جنسيَّة تسبِّب الضيق أو تسبِّب مشاكلَ أداء في الشخص المصاب بها أو قد تضرّ أو تضرّ بشخصٍ آخر.

وهناك العديدُ من هذه الشذوذات الجنسيَّة. قد يكون تركيزُ الخَطَل أو الشذوذ الجنسي على مجموعة متنوّعة من الأشياء، أو المواقف، أو الحيوانات، أو الأشخاص (مثل الأطفال أو البالغين غير الراغبين). قد تعتمد الاستثارةُ الجنسيَّة على استخدام أو وجود هذا التركيز. وعندما يَجرِي توطيدُ هذه الأنماط من الإثارة، في مرحلة الطفولة المبكِّرة أو بالقرب من سن البلوغ عادة، فإنَّها غالبًا ما تبقى مدى الحياة.

ويعدُّ بعضُ التنوّع في النشاط الجنسي شائعًا جدًّا في العلاقات والتخيّلات الجنسية عندَ الكبار الأصحَّاء. وعندما يتَّفق الأشخاصُ على الانخراط فيها، قد تكون السُّلُوكيات الجنسية غير الضارَّة ذات الطبيعة غير المألوفَة جزءًا من علاقة المحبَّة والرعايَة. ولكن، عندما تسبِّب السُّلُوكياتُ الجنسية ضائقة أو ضررًا، أو تتداخل مع قدرة الشخص على الانخراط في الأنشطة اليومية، فإنها تُعَدّ اضطرابًا من نمط الخطل الجنسي. وقد ينجم الضيق عن ردود فعل الآخرين، أو عن شعور الشخص بالذنب تجاه فعل شيء غير مقبول اجتماعيًّا.

فهرس المحتويات – الجزء الأول

المصدر