اعداد الباحثة : دينا سليمان كمال لاشين – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – قسم علوم سياسية – مصر
المقدمة :
توجد علاقة وثيقة بين الاعلام والسياسة فلا توجد سياسة بدون اعلام ولا اعلام بدون سياسة فحينما توجد الاعلام فلابد من وجود السياسة, فالتاريخ يقدم لنا ادلة واضحة علي صدق هذه المقولة حيث يمكن للاعلام ان يكشف العديد من جوانب العمليات السياسية والتي تحدث في شتي المجتمعات بما يؤدي الي اثراء المعرفة السياسية فالعلاقة بينهما هي علاقة متغيرة وترتبط بالتحولات والتغيرات التي تحدث في الاعلام والسياسة وفي الجوانب المختلفة للحياة في المجتمعات الانسانية فأي تحول في المجال السياسي ولابد وان يكون له اثره علي الاعلام وبالمثل فان التغيرات الاعلامية تؤثر علي السياسة بمستوياتها ومجالاتها المختلفة , ولقد عبر “الموند” في عبارته الشهيرة “كل شئ في السياسة اتصال عن ماهية الادوار والوظائف المتعددة التي تقوم بها وسائل الاتصال في خدمة النظام السياسي لدرجة تجعل من الصعب علي النظم السياسية ان تتعايش من دون الاعتماد علي وسائل الاعلام ,وهكذا فان الاعلام لم تعد ادااة تابعة للعمل السياسي فحسب وانما اصبح يدخل في صميم العمليات السياسية علي المستوي الداخلي والخارجي منذ بدايتها وحتي نهايتها , بعبارة اخري اصبح الاعلام يدخل بالاساس في نسيج العمل السياسي بمستوياته واشكاله المختلفة واصبحت وسائل الاعلام فاعلا اساسياً في المشهد السياسي اذ انها تمتلك قوة سياسية مؤثرة تتركز في قدرته علي تشكيل رؤيتنا للعالم الذي يحيط بنا وفي تشكيل تفكيرنا عن العالم ومما زاد من قوة وسائل الاعلام ان الاحزاب والقوي السياسية وجدت نفسها مجبرة علي تشكيل وسائلها وتصوراتها السياسية بما يتناسب مع وسائل الاعلام المعاصرة الامر الذي كان له تأثيره في المدركات والتصورات الجماهيرية وفي العملية السياسية ذاتها, لذلك فقد ازداد تأثير وسائل وسائل الاعلام في صنع القرارات والسياسات الداخلية والخارجية ,اذ تشهد الايام الحالية مؤشرات بنائية قوية علي تجسيد العلاقة الارتباطية بين الاعلام والسياسة وترسخ في الوقت ذاته مبدأ الاعتماد المتبادل فيما بين البني الاعلامية والبني السياسية في المجتمع كما اشتركت وسائل الاعلام في الحروب النفسية والعسكرية كأداة رئيسية من ادوات المعركة واصبح من يملك الاعلام يملك الغلبة في شتي مجالات الحياة , وفي ظل ما يعيشه العالم حالياُ من تطورات كبيرة وفي مقدمتها الثورة التكنولوجية والاتصالية الواسعة واصبحت هذه العلاقة اكثر وضوحا وقوة ولا سيما ان الانظمة السياسية اعتمدت بشكل كبير علي وسائل الاعلام لتحقيق اهدافها وتنفيذ استراتيجيتها علي الصعيد الداخلي والخارجي وكسب الرأي العام لمصلحتها , كما يعد نظام الاتصال والاعلام الدولي مكوناً اساسيا من مكونات النظام الدولي في عصر العولمة وتمثل السيطرة عليه احد الاهداف الاستراتيجية للقوي الكبري باعتبار ان السيطرة عليه تمثل السيطرة علي احد ادوات الصراع الدولي فضلا علي ان تطورات النظام والاعلام الدولي تعكس التفاعلات والصراعات الدولية في جوانبها المادية والغير مادية
الاطار المفاهيمي
الاعلام : هو مصطلح يطلق على أي وسيلة أو تقنية أو منظمة أو مؤسسة تجارية أو غير ربحية، عامة أو خاصة، رسمية أو غير رسمية، مهمتها نشر الأخبار ونقل المعلومات.
-الإعلام الجديد : يطلق على الإعلام الجديد العديد من المسميات والمصطلحات ومنها:
الإعلام الرقمي، الإعلام التفاعلي، إعلام المعلومات، إعلام الوسائط المتعددة، الإعلام السيبراني ، والإعلام التشعيبي
ثانياً: تعريف الإعلام الجديد: هو العملية الاتصالية الناتجة من اندماج ثلاثة عناصر:
- الكمبيوتر
- الشبكات
- الوسائط المتعددة
وسائل الإعلام الجديد:
تعددت وسائل الإعلام الجديد وأدواته، وهي تزداد تنوعاً ونمواً وتداخلاً مع مرور الوقت، ومن هذه الوسائل:المحطات التلفزيونية التفاعلية، والكابل الرقمي، والصحافة الإلكترونية، ومنتديات الحوار، والمدونات، والمواقع الشخصية والمؤسساتية والتجارية، ومواقع الشبكات الاجتماعية، ومقاطع الفيديو، والإذاعات الرقمية، وشبكات المجتمع الافتراضية، والمجموعات البريدية، وغيرها,بالإضافة إلى الهواتف الجوالة التي تنقل الإذاعات الرقمية، والبث التلفزيوني التفاعلي، ومواقع الانترنت، والموسيقى، ومقاطع الفيديو، والمتاجرة بالأسهم، والأحوال الجوية، وحركة الطيران، والخرائط الرقمية، ومجموعات الرسائل النصية والوسائط المتعددة.
-الاعلام الدولي :
هو كافة أوجه ( الانشطة الاتصالية )التي تستهدف تزويد الجمهور الدولي بالحقائق والأخبار الصحيحة عن القضايا والموضوعات الدولية بطريقة موضوعية وبدون تحريف مما يؤدي إلى خلق أكبر درجة ممكنة من المعرفة والإدراك لدي الجمهور ومما يسهم في تكوين رأي صائب حول المشكلات العالمية المطروحة وهو ايضا وسيلة من وسائل السياسة الخارجية فإنه مع غيره من الوسائل يعمل على تحقيق أهداف هذه السياسة ، وتتمثل هذه الأهداف في تحقيق المصلحة الوطنية للدولة في المقام الأول وتختلف هذه الأهداف باختلاف وزن الدولة ودورها في النظام الدولي” .
-الصحافة الدولية :
هي كل الدوريات التي تصدر بانتظام في دولة ما ويمتد توزيعها إلى العديد من الدول الأخرى مثل : ( الشرق الأوسط – الحياة – تايمز – واشنطن بوستن )
-الاتصال الدولي :
أكثر شمولا واتساعا ودقة من مصطلح الإعلام الدولي حتى وإن ارتبط بأهداف سياسية لتحقيقها وذلك لأن تحقيق الأهداف السياسية لا يقتصر على استخدام الإعلام فقط بل يعتمد على كافة وسائل وأساليب وفنون الاتصال من إعلام ودعاية بل حتى المسلسلات والأفلام . كما ان معظم الأبحاث والكتابات غير العربية تستخدم مفهوم الاتصال الدولي لا الإعلام الدولي ,. ويقوم بالاتي :
نشر المعلومات والأفكار التي تحقق للدولة صورة إيجابية خارج أراضيها ,التعبير عن سياسة الدولة وتفسير مواقفها إزاء القضايا والمشكلات الدولية والعمل على الإقناع بسلامة هذه المواقف وأهميتها وكذلك ,التصدي للدعاية المضادة للدولة خارج أراضيها
الإعلام الإلكتروني:
عمومًا يمارس التأثير الأكبر على المجتمع و الجماهير. وبالتالي ، فإن معظم الدول تحتفظ ببعض التنظيمات على وسائل الإعلام وتعتبر فرنسا في عهد ديجول اكثر النظم اعتماداً علي الاعلام الالكتروني الامر الذي اثر وبشدة علي سياستها الخارجية ، فالاعلام الكتروني اكثر حداثة من اساليب التواصيل البدائية فمثلا التلفزيون من وجهة نظر الكثيرين هو أكبر كارثة واجهتها الصحافة فيضخّم البساطات القديمة ويضفي عليها الطابع المؤسسي ويبدو أن معظم الأبحاث حول هذا الجانب من الصحافة عن بُعد تؤكد الاتي : فشل التلفزيون في توفير إطار عمل تفسيري لفهم معظم الأحداث الدولية
الاعلام كأداة من ادوات السياسة الخارجية :
تهدف الاداة الاعلامية الي التأثير النفسي والمعنوي والفكري علي صانعي القرار في دولة ما او الرأي العام بها علي النحو الذي يحقق مصالح واهداف الدولة وتتضمن استخدام الدولة لمختلف وسائل تقنيات الاتصال الدولي في التأثير علي الرأي العام في دولة ما او الرأي العام العالمي وتوجيهه بما يخدم المصلحة القومية للدولة سواء من خلال استمالته نحو التعاطف مع قضاياها او بث الفرقة في صفوف الدول المعادية او تحطيم الروح المعنوية لجيوش الاعداء او زعزعة الاستقرار السياسي داخل هذه الدول من خلال اثارة الاقليات داخلها مثلا وغيرها ولكي تنجح الاداة الاعللامية في تحقيق اهدافها يجب ان تتسم الرسالة او المادة الدعائية بالبساطة في العرض حتي يمكن فهم الرسالة المبتغاه وكلما كانت الدعاية بسيطة كلما زاد تأثيرها علي الجمهور المستهدف واثارة اهتمامه وكلما كانت الدعاية مرتبطة بالواقع الذي تعيشه الجماهير كلما زادت قدرتها علي جذب انتباههم والأثير فيهم , ذلك ان الجماهير دائماً معنية بواقعها , بالاضافة الي الاهتمام بواقع الجماهير يجب الاهتمام باثارة مشاعرهم وعواطفهم لان تحريك المشاعر والعواطف يساعد علي اثارة الاهتمام بالمادة الدعائية , ويجب ان يكون المادة الادعائية مبنية ولو في جزء منها علي حقائق وان لا تكون مجرد اكاذيب مفتعلة فتفقد تأثيرها , ذلك ان الكذب المطلق ليس من السهل ترويجه بين الجماهير لان الجماهير حينما تتلقي اي مادة دعائية تحاول مقارنتها الي حد ما بالواقع للتأكد من مدي صحتها النسبية كما يجب ان تكون متناغمة ولا تحتوي علي تناقضات في مضمونها لان التناقض يؤدي الي التشكيك فيها كما يراعي فيها اكبر قدر من الدقة والموضوعية ويترك للجمهمور مهمة استنتاج مغزي او دلالة الخبر الاعلامي وتقديم المعلومات الصحيحة ذو اهمية سياسية خاصة لمواطني الدول ذات الاعلام الموجه والتي تحجب مواطنيها عن الحقائق الاعلامية .
الاعلام كاداة لخلق حالة التبعية بين الدول المتقدمة والدول النامية :
يلعب الاعلام دور كبير في عملية التنمية والتحديث من خلال الدور الذي يقوم به في تثقيف الشعوب النامية وحثها علي انتهاج الطريق الذي سلكته الدول المتقدمه وبذلك تصبح هذه الدول مثلا اعلي تتعلق به انظار وطموحات الدول الفقيرة واصبح دور الاعلام هو نقل هذه الشعوب من النمط التقليدي للتحديث اي الي الحياه وفقا للنمط الغربي من حلال حثها علي نبذ الاساليب االتقليدية وترغيبها في الانماط الاستهلاكية التي تسود المجتمعات الغربية المتقدمة والواقع انه تمت محاولة فرض نماذج التنمية الراسمالية علي دول العالم الثالث والتي ادت اتباع دول الغرب سواء من الناحية الاقتصادية او الثقافية ويري هربرت تشيلر ان “الاستعمار الاعلامي هو لون جديد من الوان السيطرة الخارجية علي الدول النامية” اذ انه جهدا منظم ورائع تقوم به الولايات المتحده من اجل الحفاظ علي تفوقها السياسي والاقتصادي والعسكري, وان وسائل الاعلام هي امتداد للامبراطورية الامريكية التي بدات تنتشر بعد الحرب العاليمة التانيه ويشرح “شيلر” روئيته في اطارها الجديد فيذكر ان صناع القرار الساسين والمفكرين الغربيين استقر رايهم علي استخدام التكنولوجيا كاداه تضمن استمرار السيطره الغربية والامريكية علي الاوضاع الثقافيه والاقتصادية الدولية وتتضمن هذه التكنولوجيا شبكات الكمبيوتر ونظم الاقمار الصناعية التي تقوم ببث كميات هائلة من الاخبار والمعلومات عبر دوائر عابرة للحدود القومية الامر الذي يجعلها بمنأي عن الرقابة المحلية مما يكون له اثاره السلبية علي القوميات المقبلة في المرحلة المقبلة .
-الاعلام كأداة لخلق حالة من الصراع بين القوي الكبري للسيطرة علي اكبر قدر من المعلومات في فترة الحرب الباردة :
لقد ادي التوسع في استخدام الاعلام في مجال السياسة الخارجية الي خلق حالة من الصراع بين القوي الكبري للتحكم في اكبر قدر من المعلومات وذلك من اجل السيطرة علي الرأي العام العالمي .
ويري فتحي الايباري ان فترة الحرب الباردة في نطاق استخدام الاعلام كأداة من ادوات السياسة الخارجية تدور في الدوائر التالية :
- استخدام الاعلام من جانب القوتين الاعظم(الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية ) في ادارة الصراع السياسي فيما بينهما وكأداة من ادوات الضغط والتأثير لتحقيق مصالح كلا منهما .
2- تم استخدام الاعلام كأداة من ادوات التغيير الثقافي والفكري لدي بعض الدول والشعوب ففي فترة الحرب الباردة اجريت العديد من الدراسات التي تهدف الي معرفة كيف يمكن التأثير علي عقول البشر وكسب صداقات الامم واتجه الاعلام الامريكي نحو اليابان اجل احداث تغيير في البنية الثقافية اليابانية ونزع الافكار الخاصة بالامجاد العسكرية اليابانية , لذلك تشكل وسائل الإعلام (بكل جوانبها المختلفة) مكونًا مهمًا للبيئة التي يأخذها صناع القرار في السياسة الخارجية في الاعتبار عند قيامهم بتطوير سياساتهم ،كما انها جزء أساسي من السياسة الخارجية وبيئة صنع القرار .
دور وسائل الإعلام :
يُعد الاعلام من الوسائل المهمة في تنفيذ السياسة الخارجية للوحدات السياسية الدولية في العصر الراهن، سواء من حيث كثافة الاستخدام او من حيث تنوع الاساليب أذ ان انتشار الاقمار الصناعية وصحون الستالايت (satalite) والانترنت سهل من استخدام هذه الوسائل ومنحها زخماً غير مسبوق وبوتائر متصاعدة . فلم يجد صناع القرار او صناع الرأي صعوبة في بث رسائلهم الدعائية بيسر وفي دقائق معدودة وأضحت رسائلهم لا تدخل وحدات اتخاذ القرار فحسب بل تدخل كل بيت ايضاً لتستميل الرأي العام وبدون عناء.
واذا كانت الوحدة السياسية في سنوات سابقة ، تجتهد ايضاً في ايصال قيمها ورؤاها لمواطني الدول الاخرى ، من خلال الاذعات الموجهة او المراكز الثقافية المنتشرة في البلدان الاخرى او المجلات والصحف , الاانها اليوم اضحت تخاطب جمهور وصناع القرار بشكل مباشر . وازاء ذلك فأن عموم الوحدات الساسية الدولية، تستخدم وسائل الاعلام في التأثير بنسب متفاوتة ، تبعاً لقدراتها التقنية والعلمية ، وبما يتسق مع طموحاتها ونوعية الجمهور المستهدف. فقد اكدت العديد من الدراسات والبحوث ان تعرض الانسان لوسائل الاعلام يترك اثر واضحاً على سلوكه الفردي والاجتماعي.
فالوحدات السياسية الدولية وعبر وسائلها الاعلامية ، تعهد الى احداث تاثيرات في صناع القرار وصناع الرأي وجمهور الوحدات المستهدفة ، وبما يتوافق مع اهداف السياسة الخارجية للدولة المرسلة.
كما ان استخدامات وسائل الاعلام في تنفيذ السياسة الخارجية ، توسعت وازدادت اهميتها مع اطلالة الألفية الثالثة. ولا يرجع ذلك في اعتقدنا الى ثورتي الاتصال والمعلومات حسب، بل ايضاً بسبب أهمية الرأي العام في السياسية الخارجية للدول ، وتداخل امم وشعوب القرية الكوكبية. وبالتالي اتساع الشعوب في صنع وتنفيذ السياسة الخارجية. وكل ذلك جعل انظار صناع القرار في الدول المحتلفة تتجه صوب الافراد في الدول الاخرى للتأثير في قيمهم وارائهم واستمالتهم لدعم اهداف السياسة الخارجية والمساهمة في تنفيذها.
وفي هذا الصدد نرى أيضاً ان صناع القرار في الدول المستقبلة (المتلقية)، وممها كانت عالقتهم بشعوبهم يتاثرون وبنسب متباينة بالاعلام الاجنبي ايضاً كبقية مواطنيهم . وهذا ما يحملهم ايضاً على انتهاج سياسة خارجية تنسجم مع اهداف الدولة الموجهة.
كما ان كثافة ونوع استخدام وسائل الاعلام يتباين بين دول الشمال وعموم دول الجنوب . اذ تستخدم الدول العظمى والكبرى هذه الوسائل للتأثير في صناع القرار والرأي العام في بلدان عالم الجنوب ترويجاً لسياساتها ومخططاتها . وذلك من خلال مؤسسات راسخة أُسست لأغراض اعلامية ودعائية، مستخدمة ضخامة التدفق الاعلامي المتجه من دول الشمال الى دول دول الجنوب الذي وصل في تسعينات القرن الماضي الى نسبة 90%.
ومثال ذلك الولايات المتحدة الامريكية بعد تسلمت الهرم السياسي الدولي بتفكك الاتحاد السوفيتي ، حولت من خلال وسائل الاعلام استمالة صناع القرار والرأي العام في بلدان عالم الجنوب ، وذلك من خلال استخدام وسائل معنوية جاذبة (القوة الناعمة) لتوظيف القيم وطريقة حياة واساليب التفكير الامريكي لتكسب غيرها وتؤثر فيهم . فهي تحاول التأثير بالأخرين لتجعلهم يتقبلون ما تسعي اليه. وكل ذلك تنفيذاً لأهداف سياساتها الخارجية الرامية الى نقل القيم الامريكية (امركة العالم). وبما يتلائم مع تنفيذ اهداف السياسة الخارجية الامريكية، وجندت لأجل ذلك كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وكذلك الانترنيت لأستمالة صناع القرار والجمهور في عالم الجنوب.
ومن خلال ما تقدم يمارس الاعلام دور مهم وفاعل في تنفيذ السياسة الخارجية وذلك من خلال تأثير وسائل الاعلام بمختلف وسائله في الرأي العام من خلال تحفيز الرأي العام بالمطالبة بمطامح ومطامع وكذلك دعوة الرأي العام في تقرير وتنفيذ البرنامج الحكومي اذا كان ايجابياً ونقد الرأي العام ودفع الجماهير لأعاقة تنفيذ البرنامج الحكومي. . وكذلك تأثير وسائل الاعلام في صناع القرار واستمالتهم لدعم اهداف السياسة الخارجية والمساهمة في تنفيذها. [1]
ومن هنا فالاعلام تعتبر من اهم الادوات التي تؤثر وبشدة علي السياسة الخارجية للدول وتؤثر علي علاقة الدولة بغيرها من الدول .فوسائل الاعلام تقوم بالعديد من الادوار
- انه مراقبة البيئة
- ارتباطه بأجزاء المجتمع في الاستجابة للبيئة
- نقل التراث الاجتماعي من جيل إلى آخر.
فيما بعد تم إضافة وظيفتين إلى القائمة
- الترفيه.
- التعبئة.
، تتم عملية صنع القرار في السياسة الخارجية داخل بيئة يؤثر فيها الاعلام بشكلٍ كبير حيث تعكس وسائل الإعلام أحداث السياسة الخارجية وما يتم من تفاعل بين الدول وبالتالي فالافراد قد يكونوا علي علم بكل هذه الاحداث مما يؤثر على صناع القرار ويجبرهم على الاستجابة لتفضيلاتهم وأرائهم حول هذه الاحداث , لذلك فان وسائل الاعلام قد يكون لها تأثير له شقين علي صانع القرار كالتالي : وسائل الإعلام كمصدر مدخلات لصنع القرار اي مصدر لمزيد من المعلومات والبيانات ، وثانياً ، وسائل الإعلام كبيئة يجب على الزعماء أخذها في الاعتبار للانها تعتبر اداة اساسية لمراقبة الزعماء وما يتخذونه من قرارات وتعكس هذه القرارات للجمهور وبالتالي يجب استخدام القنوات المناسبة وصياغتها بعبارات مناسبة للوصول إلى الجمهور لإضفاء الشرعية , والا فينقلب الجمهور علي القائد السياسي واحتمال اقالته كما حدث مع العديد من الزعماء , كما يتأثر سلوك العلاقات الدولية إلى حد كبير بكيفية إدراك العلاقات بين البلدان ، والتي تعتمد على الاتصالات بين البلدان. ولكن هناك العديد من العوائق الرئيسية أمام حقيقة العلاقات الدولية المحسنة فأحياناً قد يكون تدفق الأخبار بين الدول غير متوازن كما يميل احياناً إلى تجاهل المهم وتشويه الواقع الامر الذي قد يؤدي في بعض الاحيان الي مزيد من التوتر في العلاقات فنقص المعلومات احيانا قد يكون سبباً في النزاع نتيجة لسوء فهم سلوك اتبعته دولة اخري او ادراك نصف الحقيقة وتجاهل النصف الاخر ,ولقد أصبحت قوة لا يستهان بها خاصة في ظل الثورة الرقمية التي نقلت الإعلام التقليدي الي الإعلام التفاعلي وقد وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة, التليفزيون بأنه العضو السادس عشر فى مجلس الأمن الدولي، فى إشارة إلى الدور القوى الذى تلعبه هذه الوسيلة الإعلامية من تأثير على صناعة القرار العالمي , وفى ظل التطور السريع فى تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات الرقمية، أصبح كل فرد حول العالم جزءا من العلاقات الدولية وبات الإنترنت وسيلة التواصل الاجتماعى , واليوم اصبح الانترنت أدواة هامة في السياسة والدبلوماسية بصفة عامة ، وتؤثر على العلاقات الدولية, وأصبح أكثر من 170 رئيس دولة لديهم حسابات خاصه علي موقع تويتر، ويعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأعلى متابعة على موقع “تويتر” حيث يتابعه أكثر من 60 مليون شخص على حسابيه الشخصى والرئاسي ، والبابا فرانسيس، الذي يغرد بتسع لغات ويتابعه 20 مليوناً، وفي المرتبة الثالثة يأتي الرئيس الهندي ناريندرا مودي ويتابعه 13 مليوناً, ولعل أحد أسباب نجاح الرئيس أوباما فى دخول البيت الأبيض لولايتين متتاليتين، كأول رئيس أسود فى تاريخ الولايات المتحدة، اعتماده الذكى على وسائل التواصل الاجتماعى فى حملته الانتخابية، واستمراره على هذا النهج خلال 7 سنوات من توليه منصبه ,وفي الوقت نفسه يُدلي المحكومون ايضاً بدلوهم عبر المدونات وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال مشاركه الصور والمعلومات واشرطه الفيديو ويشاركون علي نطاق واسع في الحياه السياسية.ويمكن القول إن استخدام الساسة لهذه المواقع فى التواصل_ مع شعوبهم وفى توصيل رسائل إلى دول أخري، _ساهم فى إعادة رسم ملامح العلاقات الدولية والسياسة لتصبح “رقمية” أكثر من كونها “تقليدية”.
وعلى الرغم من أن هذا العصر أوجد فرصا غير مسبوقة للتواصل بين الناس ولتبادل الأفكار ولتوحيد القوى من أجل المصلحة العامة إلا أن مخاطره ظهرت واضحة خلال السنوات القليلة الماضية من خلال استخدامها فى الصراعات الدولية والعمليات الارهابية، وهو ما يوضح الحاجة إلى ضرورة تنظيم الفضاء الرقمي, فالثورة الرقمية لا تمثل تحديا فقط أمام الدبلوماسية التقليدية بل أيضا أمام وسائل الإعلام التى تعتبر عادة عاملا مهما كقوة معلوماتية تساعد فى تشكيل إدراك العامة للصراعات على المستويين المحلى والعالمي، وأحيانا قوة تستخدم كأداة من قبل أحد الأطراف أو من قبل كل الأطراف. فمضمون الإعلام هو المفتاح الرئيسى للديمقراطية والتعددية، ولا يمكن أن يأتى فى المركز الثانى على الرغم من ضخامة الإمكانات التكنولوجية وتفاعل قوى السوق. وهناك مخاطر تفرضها التكنولوجيات الرقمية أمام حرية الرأي، من جهة احتكار البيانات والمعلومات التى تفرضها كبريات شركات الإنترنت، ومن جهة أخري، العجز الذاتى الرقمى الذى ربما يتسبب فى الكشف عن معلومات شخصية.
ومن هنا فيمكن االقول بأن الاعلام سلاح ذو حدين .فالاعلام من اهم الادوات التي تلعب دورا كبيرا داخل الدولة ,فتؤثر علي صانع السياسة وكذلك علي الرأي العام ,وتؤثر ايضاُ وبشدة علي السياسة الخارجية للدولة.
References :
باللغة العربية:
1-علي عبد الحميد سليمان ,جدلية العلاقة بين الاعلام والسياسة الخارجية : السياسة الخارجية الامريكية نموذجا,(رسالة ماجستير ,جامعة دمشق ,كلية العلوم السياسية قسم الدراسات السياسية ,2015).
المراجع باللغة الانجليزية:
1-Craig , Alexander. “The Media and Foreign Policy.” International Journal 31, no. 2 (1976): 319-36. doi:10.2307/40201320
Available on: https://www.jstor.org/stable/40201320?seq=1#metadata_info_tab_contents
المراجع الاضافية:
1-وسام حسين علي العيثاوي , دور الاعلام في تنفيذ السياسة الخارجية ,الحوار المتمدن ._2014.المجلد(4641)متاح علي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=442819&r=0
2- رنا خالد, الإعلام الدولي وقضايا الأقليات في الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي,2017,متاح علي :