أُعلن عن اسم المرشح الديمقراطي جو بايدن رئيسا منتخبا للولايات المتحدة في أعقاب النتائج الأولية للانتخابات الأمريكية الأخيرة، بيد أن الرئيس دونالد ترامب يسعى إلى تحدي ذلك قانونيا زاعما حدوث تزوير في الانتخابات، وعلى فريق حملة ترامب الآن تقديم أدلة قوية على وجود تزوير لدعم مزاعمهم، كي يتمكنوا من متابعة القضايا القانونية التي رفعوها في عدد من الولايات الأمريكية الرئيسية. بحسب البي بي سي.
وستتعامل الولايات مع كل واحدة من هذه القضايا بشكل منفرد، بيد أن المدعي العام ويليام بار قد أعطى الضوء الأخضر للمحققين الفيدراليين للتحقيق في هذه المزاعم، نقدم لكم هنا كل ما نعرفه حتى الآن عن مسار هذه القضايا.
بنسلفانيا
عُدَّ بايدن بشكل أولي فائزا هناك. بيد أن فريق حملة ترامب رفع في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني دعوى قضائية، زاعما فيها بحدوث نقص في السماح بدخول المراقبين لمسار عملية الاقتراع في الولاية.
ويتولى مراقبو عملية الاقتراع مراقبة عمليات فرز وعد الأصوات، لضمان الشفافية في هذه العملية. ويُسمح بدخولهم إلى مراكز الفرز والعد في معظم الولايات ما داموا قد سجلوا أنفسهم قبل يوم الانتخابات.
ولكن في بعض المناطق فُرضت هذا العام قيود قبيل يوم الانتخابات، وجزءٌ منها جراء تفشي فيروس كورونا. وفرضت أيضا حدود لتحديد قابلية المراكز لاستعياب المراقبين لتجنب ترهيب الناخبين، (فعادة ما يكون عدد كبير من هؤلاء المراقبين من الحزبين المتنافسين).
وكانت ولاية فيلادلفيا قد فرضت على المراقبين مسافة تباعد اجتماعي نحو 20 قدما (ستة أمتار) في مراكز الفرز والعد، ولكن بعد تحدي هذا القرار أمام القضاء، قضت محكمة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني بأنه يجب تقليل هذه المسافة إلى ستة أقدام، ما دام المراقبون ملتزمون بالقواعد المفروضة لمنع انتشار كوفيد-19.
وفي اليوم نفسه، اتهمت حملة ترامب موظفين في هيئة الانتخابات بانتهاك أمر القضاء، ورفعت دعوى على المستوى الفيدرالي لوقف عملية عد الأصوات في فيلادلفيا. وقد رفضت هذه الدعوى.
وقال محامي الرئيس ترامب رودي جيولياني: “وحتى عندما أُصدر أمر قضائي بالسماح للمراقبين الجمهوريين بالاقتراب لمسافة ستة أقدام، حركوا القائمين على عد أوراق الاقتراع مبعدينهم ستة أقدام أخرى”.
ويصر مسؤولو الانتخابات على أنهم تصرفوا بشكل صحيح، وقد تقدموا بطعن أمام المحكمة العليا في الولاية.
وركز التحدي القانوني في ولاية بنسلفانيا أيضا على قرار الولاية لعد بطاقات الاقتراع التي أُوشرت قبل يوم الاقتراع، لكنها وصلت بعد إرسالها بالبريد بعد مرور ثلاثة أيام على يوم الانتخاب. وقد تقدم الجمهوريون بطعن ضد هذا القرار، مطالبين بإبطال كل بطاقات الاقتراع التي استلمت بعد يوم الانتخابات.
ويقول ماثيو ويل، مدير مشروع الانتخابات في مركز بحوث سياسات الحزبين الأمريكيين إنه قلق جدا بسبب هذا النزاع لأن أعلى محكمة في البلاد – المحكمة العليا في الولايات المتحدة – كانت قد وصلت إلى طريق مسدود في مسار اتخاذ قرار بشأنه قبل الانتخابات. وذلك قبل إقرار تعيين الرئيس ترامب للقاضية أيمي كوني باريت.
وأضاف “لا أعتقد أن هناك خطرا في أن بعض بطاقات الاقتراع (البريدية) التي أُوشرت قبل يوم الانتخابات ولم تستلم حتى يوم الجمعة، ربما تهمل”، وقال مسؤولون في ولاية بنسلفانيا إن نحو 10 آلاف بطاقة اقتراع قد استلمت خلال ثلاثة أيام بعد يوم الانتخابات، ويقولون إن بطاقات الاقتراع هذه قد عُزلت جانبا في ضوء الخلاف القانوني المستمر بشأنها.
وتواصل عد الأصوات الأخرى، وكانت حصيلة عد أصوات الناخبين في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني تظهر تقدم جو بايدن بأكثر من 45 ألف صوت على الرئيس ترامب.
ويتواصل الخلاف بشأن قضية أخرى بشأن مدى الفترة الزمنية التي يجب أن تعطى للناخبين لتقديم إثبات هوية إذا كانت مفقودة أو غير واضحة في أوراق اقتراعهم عبر البريد، ويُسمح حاليا للناخبين بفعل ذلك قبل يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، بيد أن فريق حملة ترامب رفع دعوى قضائية في الخامس من نوفمبر مطالبا بتقريب الموعد النهائي ليصبح قبل ثلاثة أيام من الموعد المقرر.
وفي التاسع من نوفمبر رفع فريق حملة ترامب دعوى قضائية أخرى لوقف التصديق على النتائج في الولاية، متذرعا بأن عملية التصويت المباشر بالحضور شخصيا إلى مركز الاقتراع، التي اختار معظم المشاركين فيها ترامب، تعرضت إلى تدقيق قانوني أكبر من التصويت عبر البريد، وقال المدعي العام في بنسلفانيا إن الدعوى الجديدة بلا أساس قانوني ولا تستأهل النظر فيها أمام القضاء، ويقول خبراء أنه من المرجح أنها لن تنجح.
ويسكونسن
قال فريق حملة ترامب إنه سيطلب ‘إعدة عد الأصوات في ويسكونسن، بالاستناد إلى “عيوب رصدت” وتخللت العملية الانتخابية في يوم الانتخابات، على الرغم من أن ذلك لن يحتاج إلى رفع دعوى قضائية.
ومن غير الواضح حتى الآن هل أن عملية إعادة العد تلك ستجرى، مادام ذلك لا يحدث عادة إلا بعد أن يُنهي المسؤولون مراجعة الأصوات. والموعد النهائي لهذا الجزء من العملية هو 17 من الشهر الجاري، ويقول أستاذ القانون في جامعة كولومبيا، ريتشارد بريفولت، كانت هناك أيضا عملية إعادة عد للأصوات في ويسكونسن في عام 2016، وقد غيرت (نتيجة) مئات الأصوات”.
مشيغان
فاز ترامب في هذه الولاية في عام 2016 بهامش ضيق جدا- بأكثر من 10,700 صوت فقط – وقد أعلن أوليا عن فوز بايدن في هذه الولاية في انتخابات 2020، وفي الرابع من نوفمبر، رفع فريق حملة ترامب دعوى قضائية لوقف عملية العد في الولاية بسبب وجود نقص في عملية دخول المراقبين لمراقبة هذه العملية.
ورفض القاضي الدعوى، قائلا ليس ثمة أدلة كافية تثبت أن إجراءات الرقابة والإشراف على الانتخابات لم تتبع، ورفعت دعوى قضائية في التاسع من نوفمبر تسعى لمنع التصديق على النتائج في مقاطعة واين، مستخدمة شكاوى أخرى من مراقبي الانتخابات.
نيفادا
نشر فرع الحزب الجمهوري في ولاية نيفادا تغريدة تقول إن “آلاف الأشخاص قد شُخصوا؛ ممن يبدو أنهم قد انتهكوا القانون بإرسال بطاقات اقتراعهم بعد انتقالهم من ولاية نيفادا”، ورفعت قضية قضائية في الخامس من الشهر الجاري تزعم بوجود” تراخٍ في إجراءات التحقق من صحة أوراق الاقتراع المرسلة عبر البريد وأن هناك أكثر من 3000 مثال على أشخاص لا يحق لهم الانتخاب أرسلوا أوراق اقتراع”عبر البريد.
وأعد الفريق القانوني التابع للرئيس ترامب قائمة بأشخاص يزعم أنهم قد انتقلوا من الولاية، لكنهم شاركوا في الاقتراع فيها، بيد أن هذه القائمة، كما أشار موقع بولتيفاكت، لا تثبت لوحدها وجود انتهاك للقانون. فالناس الذين ينتقلون من الولاية خلال 30 يوما قبل الانتخابات يظل لديهم الحق للتصويت في مراكز اقتراعها. كما أن الطلبة والعسكريين من أبناء الولاية الذين يعيشون في أماكن أخرى يحق لهم أيضا التصويت فيها.
وتركز القضية على ناخبين في مقاطعة كلارك، بيد أن المسجل العام في المقاطعة قال “ليس لدينا علم بوجود أي بطاقات اقتراع غير صحيحة قد تم احتسابها في عملية” العد، وفي قضية منفصلة رفعت في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، حاول الجمهوريون وقف استخدام ماكنة التحقق من التوقيع في مراكز العد، بيد أن محاولتهم تلك أوقفها قاض فيدرالي.
جورجيا
رفعت دعوى قضائية في مقاطعة تشاتام في ولاية جورجيا لوقف عملية عد الأصوات في الرابع من الشهر الجاري، وزعمت الدعوى وقوع مشكلات في عملية الاقتراع، ونشر رئيس فرع الحزب الجمهوري في الولاية ديفيد شافر تغريدة تقول إن الحزب رصد امرأة “خلطت 50 بطاقة اقتراع مع كومة من أوراق المقترعين غيابيا (عبر البريد) التي لم يتم عدها”، وفي الخامس من الشهر نفسه، رفض قاض هذه الدعوى قائلا إنه “ليس ثمة دليل” على إدخال بطاقات اقتراع غير صحيحة وخلطها مع بطاقات الناخبين.
أريزونا
رفع فريق حملة ترامب دعوى قضائية في ولاية أريزونا في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني، يزعم فيها رفض احتساب بعض الأصوات رغم أن بطاقات اقتراعها قانونية، وذكرت الدعوى بيانات من مراقبين انتخابيين وشهادتي اثنين من الناخبين زعما أنهما واجها مشاكل مع مكائن الاقتراع، وتنظر محكمة في أريزونا في هذه الدعوى، لكن رئيس الجهاز الإداري في الولاية وصفها بأنها “مثل تعلق غريق بقشة”.
هل يصل الأمر إلى المحكمة العليا؟
في الرابع من الشهر الجاري، زعم ترامب وجود تزوير في الانتخابات -من دون تقديم أدلة على ذلك-وقال “سنلجأ إلى المحكمة العليا في الولايات المتحدة”، وإذا تم الطعن في نتائج الانتخابات، يتطلب الأمر عادة أن يقوم الفريق القانوني بتقديم هذه الطعون في محاكم الولايات أولا، على الرغم من أن المدعي العام الفيدرالي قد أقر قيام محققين فيدراليين “بتحقيقات أولية”.
الطعون
وسيقوم القضاة في الولايات بعد ذلك في النظر في الطعون والأمر بإعادة عد الأصوات بعد إقرارها. ثم يطلب من المحكمة العليا تقييم مدى جدية هذه الطعون مجتمعة وتأثيرها في نتائج الانتخابات، ويقول البروفيسور بريفولت “ليس ثمة عملية معيارية لتقديم النزاعات بشأن الانتخابات إلى المحكمة العليا. فهذا أمر غير معتاد جدا، ويجب أن يحتوي على قضية هامة جدا”، وحتى يومنا هذا لم يحدث أن حسمت المحكمة العليا نتيجة الانتخابات إلا مرة واحدة في عام 2000.
ففي عام 2000 خسر مرشح الحزب الديمقراطي أل غور ولاية فلوريدا – وعموم الانتخابات الرئاسية – بنحو 537 صوتا فقط من مجموع كل المقترعين الستة ملايين في الولاية، وجاء ذلك في أعقاب عملية إعادة عد مختلف عليها استمرت أكثر من شهر – حتى قضت المحكمة العليا بوقف إعادة العد لمصلحة المرشح الجمهوري جورج دبليو بوش الذي أصبح رئيسا.
رابط المصدر: