عبد الامير رويح
دخلت الولايات المتحدة الأمريكية ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجري خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في حرب انتخابية جديدة بين المرشح الديمقراطي جو بايدن والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يخوض الانتخابات في ظل تعقيدات داخلية مهمة بسبب تداعيات فيروس كورونا، وملف المواطن الأمريكي جورج فلويد الذي مات مقتولا، بسبب تصرف الشرطة، وما تبع ذلك من موجة احتجاجات صاخبة على مستوى الولايات المتحدة.
ويرى بعض المراقبين أن حملة ترامب ستصبح في الفترة القادمة أكثر شراسة وعدوانية وستعمد الى تغير بعض الحقائق والمعلومات من اجل الاطاحة بجو بايدن الذي وصفة ترامب في وقت سابق وكما نقلت بعض المصادر بأنه سلبى وذو مستوى ذكاء محدود، وتداولت بعض الصحف الأمريكية توجه حملة ترامب إلى تصوير المرشح الديمقراطى كممثل لليسار وأنه يمثل خطرا داهما على مستقبل الولايات المتحدة ويخشى الديمقراطيون والمراقبون ايضاً أن يسعى ترامب إلى تقويض الانتخابات إذا ما خسرها وإقحام البلاد في فوضى عارمة.
وفي وقت سابق افتتح الجمهوريون مؤتمرهم العام برسم صورة قاتمة لأمريكا إذا أطاح الديمقراطي جو بايدن بالرئيس دونالد ترامب في الانتخابات، وتبنوا نبرة متشائمة طرحها ترامب عندما حذر من أن الديمقراطيين سيسعون لسرقة الانتخابات دون أن يقدم دليلا. وركز ترامب على رسالة ”القانون والنظام“ ردا على الاحتجاجات واسعة النطاق التي أعقبت مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد في مينيابوليس وحث المدارس والشركات على إعادة فتح أبوابها برغم الوباء. وتمثل الرسالتان محاولة من الحملة لاستعادة ناخبي الضواحي، لا سيما النساء، بعدما تخلوا عن الحزب الجمهوري بأعداد كبيرة في عهد ترامب.
وكرر ترامب ادعاءه بأن التصويت بالبريد، وهو عنصر قديم من عناصر الانتخابات الأمريكية من المتوقع أن يكون أكثر شيوعا أثناء جائحة فيروس كورونا، قد يؤدي إلى زيادة في عمليات التلاعب. ويقول خبراء مستقلون في مجال أمن الانتخابات إن تزوير الانتخابات أمر نادر جدا في الولايات المتحدة. وقال ترامب ”السبيل الوحيد الذي يُمّكنهم من سلب هذه الانتخابات منا هو أن تكون مزورة. سنفوز بهذه الانتخابات“.
وكما فعل مرارا، وصف ترامب تصدي الولايات لإصابات كوفيد-19، ذلك المرض الذي يسببه فيروس كورونا المستجد، بعبارات حزبية صارخة معتبرا عمليات الإغلاق والخطوات الأخرى التي أوصى بها مسؤولو الصحة العامة محاولات للتأثير على التصويت في نوفمبر تشرين الثاني. وقال ”ما يقومون به هو استخدام كوفيد-19 لسرقة الانتخابات. يستخدمون كوفيد للاحتيال على الشعب الأمريكي، كل شعبنا، في انتخابات نزيهة وحرة“. ويتقدم بايدن (77 عاما) على ترامب (74 عاما) في استطلاعات الرأي. وخلال مؤتمر الحزب الديمقراطي صور بايدن وزملاؤه ترامب على أنه قوة للظلام والفوضى وعدم الكفاءة، بينما شددوا على ”تنوع“ الديمقراطيين وقيمهم مثل ”التعاطف“ و“الوحدة“.
كورونا والانتخابات
وفي هذا الشأن اتهم المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن الرئيس دونالد ترامب بالعجز عن الشعور بالمعاناة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، بعد أن أظهرت بيانات تباطؤ نمو الوظائف ومع اقتراب موعد الانتخابات. وقال بايدن خلال كلمة ألقاها في مقره بمدينة ولمنجتون في ولاية ديلاوير “الحقيقة المؤلمة هي أنه لدينا رئيس لا يرى ولا يشعر ولا يفهم.. إنه لا يعبأ. يعتقد أنه إذا كانت سوق الأسهم في حالة صعود، فعندئذ كل شيء على ما يرام”.
ودعا بايدن، نائب الرئيس السابق والذي يتفوق على ترامب في استطلاعات الرأي، الرئيس لجمع قادة الكونجرس لاستئناف المفاوضات المتعلقة بحزمة إنقاذ اقتصادية نتيجة فيروس كورونا. وقال “الخلاصة يا سيدي الرئيس.. قم بعملك. أترك ملعب الجولف الخاص بك وأخرج من مخبئك. ادع زعماء (الكونجرس) واجلسوا في البيت الأبيض. ابرم صفقة”. وتفجر جدل آخر حول ترامب عندما ذكرت مجلة أتلانتيك أن الرئيس وصف العسكريين الأمريكيين الذين قتلوا ودفنوا في أوروبا بأنهم “خاسرون” ورفض زيارة مقبرة أمريكية خلال رحلة إلى فرنسا عام 2018 لأنه اعتقد أنها غير مهمة. ونفى ترامب بشدة هذا التقرير. وقال بايدن إنه إن صح ذلك فسيكون ذلك أمرا “مشينا”. وقال “هذا أمر مخز تماما. إنه وصمة عار”.
وبالنسبة لمعظم الناخبين، يظل الاقتصاد مشكلة رئيسية. ولا يزال التوظيف في الولايات المتحدة أقل من مستوى ما قبل الوباء بواقع 11.5 مليونا، ومعدل البطالة أعلى بنسبة 4.9 نقطة مئوية مما كان عليه في فبراير شباط. وروج ترامب لتراجع معدل البطالة على أنه مؤشر على التعافي. وكتب على تويتر قائلا “أرقام رائعة تتعلق بالوظائف! معدل البطالة يتراجع إلى 8.4 في المئة.. يا للروعة هذا أفضل كثيرا مما كان متوقعا”.
وشدد بايدن على عدم تكافؤ ثمار التعافي الاقتصادي، لا سيما بالنسبة للأشخاص الملونين وأشار إلى أن الموظفين ذوي الأجور المنخفضة في أماكن العمل مثل المصانع والمتاجر معرضون أيضا بقدر أكبر للإصابة بمرض كوفيد-19. وقال “من يعتلون القمة يرون أن الأمور تتحسن، ومن يقبعون في الوسط ومن تحتهم يرون الأمور تتدهور”. ومع انطلاق كلتا الحملتين بأقصى قوة فيما قد يصبح واحدا من أكثر السباقات الرئاسية أهمية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، ذكرت وزارة العمل أن الوظائف خارج القطاع الزراعي زادت بمقدار 1.37 مليون وظيفة، أي أقل مما كانت عليه في يوليو تموز. بحسب رويترز.
كما أكد ترامب على أن فوز بايدن لن يؤدي إلا إلى تفاقم الصراع العرقي وجائحة فيروس كورونا. وصور ترامب بايدن، وهو سياسي مخضرم يتسم بالاعتدال، على أنه متطرف يساري لن يسوق فوزه الولايات المتحدة إلا إلى مزالق الخطر والفوضى. وقال ترامب ”هذه الانتخابات ستقرر ما إذا كنا سنحمي الأمريكيين الملتزمين بالقانون أو ما إذا كنا سنطلق العنان للمحرضين الفوضويين الذين ينتهجون العنف والمجرمين الذين يهددون مواطنينا“. وأضاف ”لن يكون أحد في مأمن في أمريكا بايدن.“
وإضافة إلى محاولته تصوير بايدن كأداة ”لليسار المتشدد“، شوه ترامب أيضا المواقف السياسية للديمقراطيين بشأن مجموعة من القضايا الأخرى كالهجرة والأسلحة وإنفاذ القانون والإجهاض وإنتاج الطاقة. وانبرى بايدن إلى تويتر ليرد على ترامب، فكتب يقول ”عندما يقول دونالد ترامب الليلة أنك لن تكون بأمان في أمريكا جو بايدن، انظر حولك واسأل نفسك: ما مدى شعورك بالأمان في أمريكا دونالد ترامب؟“
وسلط ترامب وزملاؤه الجمهوريون الضوء على انخفاض معدل البطالة في أغسطس آب إلى 8.4 في المئة كمؤشر على أن الاقتصاد يتحسن بعد الصدمة من عمليات الإغلاق نتيجة تفشي فيروس كورونا التي دمرت الأعمال الصغيرة من المطاعم إلى الصالات الرياضية وصالونات تصفيف الشعر. ويبدو أن ترامب سيخوض انتخابات الثالث من نوفمبر تشرين الثاني فيما لا يزال يعاني الاقتصاد من الشلل وفي الوقت الذي تحيط به تساؤلات جدية بشأن طريقة تعامله مع الوباء.
من جانب اخر أيد حوالي 200 من مسؤولي إنفاذ القانون الحاليين والسابقين المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن، في حملة تطعن في رسالة الرئيس دونالد ترامب بأنه مرشح “القانون والنظام”. وقال ترامب، الذي سيواجه بايدن في انتخابات الثالث من نوفمبر تشرين الثاني، إن رئاسة بايدن ستقود إلى الفوضى، في مسعى للربط بين نائب الرئيس السابق والاضطرابات التي أججها إطلاق الشرطة النار على أمريكيين سود. من جانبه، اتهم بايدن ترامب بإذكاء العنف بلهجته الخطابية. وتبنى نائب الرئيس الديمقراطي السابق دعوات المحتجين لإجراء إصلاحات، لكنه ندد بأعمال الشغب والنهب التي شابت بعض الاحتجاجات التي غلب عليها الطابع السلمي في أنحاء البلاد هذا الصيف.
تصريحات تثير الجدل
من جانب اخر نفى البيت الأبيض ودونالد ترامب بشكل قاطع أن يكون الرئيس قد وصف الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم في الحرب العالمية الأولى ب”الفاشلين” و”الحمقى”، وفق ما أوردت مجلة “ذي أتلانتيك”. وخلال زيارة لفرنسا في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 لإحياء ذكرى مرور مئة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، ألغى الرئيس الجمهوري رحلة إلى مقبرة أميركية في إين-مارن قرب باريس، موضحا أن سوء الأحوال الجوية جعل الزيارة مستحيلة. لكن مجلة “ذي أتلانتيك” الشهرية التي تحظى باحترام في الولايات المتحدة، ذكرت أن ترامب لم ير الامر بهذه البساطة.
وقالت المجلة التي نقلت معلوماتها عن مصادر مجهولة عدة، إن الملياردير صرح لفريقه “لماذا يجب أن أذهب إلى هذه المقبرة؟ إنها مليئة بالفاشلين”. وأوردت المجلة أيضا أن دونالد ترامب وصف في محادثة منفصلة ب”الحمقى” أكثر من 1800 جندي من مشاة البحرية الأميركية لأنهم قتلوا في معركة “بيلو وود”، قبل أن يسأل “من كان الأخيار” خلال تلك المعركة. وصرح الرئيس الأميركي للصحافيين بعد زيارة لبنسلفانيا ضمن حملته الانتخابية إن “شخصا ما اختلق هذه القصة المروعة بقوله إنني لا أريد الذهاب”.
وأضاف “إذا كانت (المصادر) موجودة حقا وإذا كان بإمكان أي شخص أن يقول ذلك، فهو كاذب وبلا ضمير. وسأقسم على أي شيء أنني لم أقل ذلك أبدا عن أبطالنا الذي قتلوا خلال المعركة”. واضاف أن “أي حيوان أو شخص يمكن أن يقول مثل هذا الشيء؟”. ونفى البيت الأبيض كذلك بشدة ما أوردته مجلة “ذي أتلانتيك”. وقال جود ديري أحد الناطقين باسمه أن هذه الاتهامات “كاذبة”. كما ندد هوغان غيدلي الناطق السابق باسم البيت الأبيض الذي رافق ترامب في رحلته إلى فرنسا في العام 2018، بالاتهامات معتبرا أنها “سخيفة” ووصف المصادر المجهولة بأنها “رديئة وجبانة”.
مع ذلك، أشار بعض النقاد إلى تعليقات ترامب المهينة للسناتور الراحل جون ماكين الذي أسر في فيتنام وكان يعتبر على نطاق واسع أنه بطل حرب. وقال ترامب عن ماكين قبيل الانتخابات الرئاسية في 2016 “إنه ليس بطل حرب. كان بطل حرب لأنه أسر. أنا أحب الأشخاص الذين لا يتم القبض عليهم”. وأقر الرئيس الأميركي على تويتر بأنه “لم يكن من المعجبين” بماكين، لكن تنكيس الأعلام بعد وفاة السيناتور (في العام 2018) وجنازته “كانت تحتاج إلى موافقتي كرئيس، وقد فعلت ذلك من دون تردد أو شكوى. بل على العكس شعرت بأنه يستحق” ذلك. بحسب فرانس برس.
وأضاف ترامب “لم أصف جون أبدا بأنه فاشل”. وتابع “هذه أخبار كاذبة ملفقة ناتجة عن إخفاقات مثيرة للاشمئزاز وغيرة في محاولة مشينة للتأثير على انتخابات 2020!”. وقُتل حوالى 1800 من مشاة البحرية الأميركية في معركة بيلو وود ما أعاق تقدم ألمانيا نحو باريس في العام 1918. وقال جو بايدن المنافس الديموقراطي لترامب في بيان إنه إذا كانت المعلومات الواردة في المقال صحيحة، “فهي علامة أخرى على مدى اختلافي مع الرئيس ترامب حول دور رئيس الولايات المتحدة”. وأضاف “إذا نلت شرف أن أكون قائدا أعلى للقوات المسلحة، فسأضمن أن يعرف أبطالنا الأميركيون أنني سأكون سندا لهم وسأحترم تضحياتهم، دائما”.
على صعيد متصل حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سكان ولاية نورث كارولينا على محاولة التصويت مرتين في انتخابات الثالث من نوفمبر تشرين الثاني، مرة عن طريق البريد ومرة شخصيا، مما تسبب في حالة غضب لأن ترامب بدا وكأنه يحث علنا على ما يحتمل أن يكون تزويرا في أصوات الناخبين. وقال ترامب في مقابلة مع تلفزيون (دبليو.إي.سي.تي) في ويلمنجتون بولاية نورث كارولينا “دعوهم يرسلونها ودعوهم يذهبون للتصويت … وإذا كان النظام جيدا كما يقولون، فمن الواضح أنهم لن يكونوا قادرين على التصويت” شخصيا.
وأكد ترامب مرارا وتكرارا، دون دليل، أن التصويت عبر البريد، الذي توسعت بعض الولايات في استخدامه بسبب وباء فيروس كورونا، من شأنه أن يزيد التزوير ويعطل انتخابات نوفمبر تشرين الثاني، على الرغم من أن الخبراء يقولون إن تزوير أصوات الناخبين بأي طريقة أمر نادر للغاية في الولايات المتحدة. والتصويت أكثر من مرة في أي انتخابات غير قانوني وفي بعض الولايات ومنها ولاية نورث كارولينا، لا يعد التصويت مرتين جريمة فحسب بل أيضا حث الآخرين على القيام بذلك.
وبعد تصريحاته التي أثارت دهشة وغضب الديمقراطيين، قالت حملة ترامب والبيت الأبيض إن الرئيس لم يطلب من الناس التصويت مرتين. وقالت كايلي ماكيناني المتحدثة باسم البيت الأبيض لقناة فوكس نيوز “الرئيس لا يقترح على أي شخص القيام بأي عمل غير قانوني … ما قاله بوضوح شديد هو التأكد من أن صوتك مسجل وإذا لم يكن الحال كذلك فعليك الذهاب للتصويت”.
الجيش والانتخابات
أظهرت وثيقة أن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أبلغ أعضاء بالكونجرس أنه لا يتوقع دورا للجيش في العملية الانتخابية أو تسوية نزاعات قد تنشأ خلال انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر تشرين الثاني. وتعليقات الجنرال مارك ميلي هي إلى حد بعيد تأكيد لموقف الجيش المحايد سياسيا، لكنها تأتي وسط تساؤلات عما قد يحدث إذا وقع نزاع على نتائج الانتخابات.
وقدم الرئيس دونالد ترامب مزاعم، بلا أدلة، عن أن الانتخابات ستتعرض للتزوير ورفض قول ما إذا كان سيقبل النتائج الرسمية إذا خسر. وقال ميلي للعضوين الديمقراطيتين بالكونجرس إليسا سلوتكين وميكي شيريل في رد مكتوب على أسئلة”في حالة ظهور نزاع حول بعض جوانب الانتخابات، فالمحاكم الأمريكية والكونجرس الأمريكي بحكم القانون منوط بهما حل أي نزاعات وليس الجيش الأمريكي“.
وأضاف ”لا أتوقع أي دور للقوات المسلحة الأمريكية في هذه العملية… لن ندير ظهورنا لدستور الولايات المتحدة“. وفي وقت سابق هذا الشهر قالت وزارة الدفاع (البنتاجون) إن الدستور لم يمنح الجيش دورا ”كحكم في نزاع سياسي أو انتخابي“. وكان المرشح الديمقراطي بانتخابات الرئاسة جو بايدن قد أشار في حملته الانتخابية إلى دور للجيش، حيث قال في يونيو حزيران إنه يخشى أن يحاول ترامب ”سرقة“ انتخابات نوفمبر تشرين الثاني، لكنه واثق من أن الجنود سيقتادونه إلى خارج البيت الأبيض إذا خسر ورفض الاعتراف بالنتيجة.
رابط المصدر: