الانتخابات الرئاسية الإيرانية … إلى أين ؟

تجيء الانتخابات الرئاسية الإيرانية الرابعة عشرة، والمقررة في 28 يونيو 2024، في ظل لحظة غير عادية تمر بها الجمهورية الإسلامية. إذ، تُعد هذه الدورة الانتخابية هي الرابعة المفاجئة في إيران منذ 1979، حيث جاءت الدورة الأولى “المفاجئة” في عام 1981 لانتخاب بديل للرئيس المخلوع آنذاك أبو الحسن بني صدر، ثم الثانية في العام نفسه بعد مقتل الرئيس آنذاك محمد علي رجائي، والثالثة التي جاءت قبل بموعدها بـ 6 أسابيع في عام 1989 لاختيار خليفة لعلي خامنئي (الرئيس وقتها) والذي أصبح المرشد بعد وفاة روح الله الخميني في ذلك العام.

وخلال الأيام الخمس لتسجيل اسماء المرشحين لهذه الدورة الانتخابية الجارية، والتي بدأت في 30 مايو 2024 وتنتهي في 3 يونيو الجاري، بدا أن مختلف التيارات السياسية في إيران، والمستقلين أيضاً، يسعون للفوز بكرسي الرئاسية في طهران لخلافة رجل الدين الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، الذي لقي مصرعه في حادث سقوط مروحيته في شمال غربي البلاد في 19 مايو الماضي.

أبرز اسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية في إيران

حتى ظهر اليوم الرابع لتسجيل اسماء المرشحين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية في دورتها الـ 14، بدت بعض الاسماء مفاجِئة. فخلال الأيام القليلة التي سبقت الإعلان عن فتح باب الترشح، كانت الاسماء المطروحة بقوة تتمثل في رئيس البرلمان الحالي المحافظ، محمد باقر قاليباف، والمفاوض النووي البارز المحافظ أيضاً سعيد جليلي، إلى جانب المعتدل رئيس البرلمان الأسبق علي لاريجاني.

ومع ذلك، فإنه ومنذ اليوم الأول لفتح باب الترشح، بدا أن مسار الانتخابات الرئاسية في إيران يسلك طريقاً أخر، حيث تبدلت التوقعات وتغيرت الأسماء، واتضح أن حصر الاسماء المرشحة للفوز بكرسي الرئاسة في شخصيات بعينها كان أمراً لا ينطبق مع تكتيكات تفاعلات السياسة الداخلية الإيرانية.

فحتى اليوم الرابع من الانتخابات، تغيرت خريطة المرشحين لتشمل 26 اسماً، بينهم شخصيات بارزة متوقعة وأخرى غير متوقعة، وذلك على النحو التالي:

– وحيد حقانيان، المستشار الخاص للمرشد علي خامنئي، ومسؤول الشؤون الخاصة في مكتبه. وقد عمل في السابق قائداً في وحدات الحرس الثوري، وأبرزها وحدة “ثار الله” المسؤولة عن حفظ الأمن في العاصمة طهران.

– سعيد جليلي، السياسي المحافظ وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والمفاوض النووي البارز السابق.

– محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني الأسبق والأصولي المثير للجدل.

– علي لاريجاني، رئيس البرلمان الأسبق، والذي يوصَف بأنه من المعتدلين.

– مصطفى كواكبيان، الإصلاحي والأمين العام لحزب “مردم سالاري”، الديمقراطية، في إيران.

– مسعود بزشكيان، النائب الإصلاحي عن مدينة تبريز.

– عبد الناصر همتي، الإصلاحي ومدير البنك المركزي الإيراني السابق.

– علي رضا زاكاني، السياسي الأصولي وعمدة مدينة طهران.

– محمد مهدي إسماعيلي، الأصولي وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي السابق.

– حسين افشارزاده، الضابط السابق في القوات المسلحة الإيرانية.

وإلى جانب هؤلاء، ترشحت شخصيات أخرى أغلبهم برلمانيون سابقون، تمثلت في المرشح المستقبل محمد رضا صباغيان، النائب الأصولي عباس مقتدايي،  السياسي المعتدل ورئيس حزب “اعتدال” قدرت علي حشمتيان، العسكري الأصولي محمود أحمدي بيغش، الاقتصادي والسياسي الأصولي والنائب السابق عن طهران محمد خوش تشهره، السياسي الأصولي والنائب البرلماني السابق أحمد رسولي نجاد، الأصولي والمحافظ السابق لمحافظات لرستان وسيستان وكرمان حبيب الله دهمرده.

كما أعلن كل من النائب البرلمان الأصولي محمد رضا ميرتاج الديني، النائبة الأصولية السابقة زهرة إلهيان، النائب المحافظ السابق فدا حسين مالكي، (مسعود زريبافان) الأصولي نائب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، النائب البرلماني الأصولي حسين علي قاسم زاده، النائب المحافظ محمود صادقي، الوزير المحافظ السابق صادق خليليان، رئيس جامعة طهران الحالي محمد مقيمي، القائد العسكري السابق في استخبارات الجيش ايرج شاهوردي، عن ترشحهم لرئاسة إيران ليصبح العدد الإجمالي حتى اليوم الرابع 26 شخصاً، 25 منهم رجال وسيدة واحدة.

ملامح الدورة الانتخابية الرئاسية الحالية

عند النظر إلى العدد الإجمالي لمن تقدموا للترشح، وليس من تم تسجيل اسمائهم بالفعل، سنجد أنهم أقل بكثير مقارنة بالانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت في 2021، والتي وصل عدد من تقدموا للترشح بها إلى 592 شخصاً كانت بينهم 40 امرأة، بينما لم يتخط العدد الإجمالي لمن تقدموا للترشح في هذه الدورة الانتخابية الجارية في إيران حتى ظهر اليوم الرابع وقبل الأخير للفترة المسموح بها تسجيل الاسماء 100 شخص.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الدورة الانتخابية تبدو أكثر تنوعاً وتتسم بالتحولات المتتالية ويظهر فيها التيار الإصلاحي أكثر تفاؤلاً عن تلك الدورة الماضية. وفي والوقت نفسه، يبدو العسكريون الإيرانيون أكثر إقبالاً على المشاركة في هذه الدورة الانتخابية مقارنة بسابقتها، ولعل أبرزهم حتى الآن هو وحيد حقانيان. كما تكررت 3 اسماء كانت قد ترشحت رسمياً في الدورة السابقة عام 2021  وهم عبد الناصر همتي وعلي رضا زاكاني، وسعيد جليلي.

فرص المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة

في الواقع، تبدو فرص المرشحين المنتمين للتيار الأصولي والحرس الثوري الأفر حظاً في هذه الجولة الانتخابية، على غرار الدورة السابقة الـ 13 والتي جاءت بإبراهيم رئيسي رئيساً ثامناً للجمهورية الإسلامية. فمنذ سنوات، بات المحافظون مسيطرين على أبرز أركان الدولة الإيرانية بدءً من بيت المرشد ومجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام والبرلمان ورئاسة الجمهورية، ويُعد هذا هو الاتجاه السائد في إيران في الوقت الراهن. إذ، يكاد الإصلاحيون لا يجدون مكاناً ذا نفوذ لهم في الوقت الراهن داخل هيكل الحكم في إيران.

ومن ناحية أخرى، يحظى المرشحون الأصوليون والتابعون للحرس الثوري في هذه الدورة الانتخابية الجارية بدعم واسع من المرشد الأعلى والحرس الثوري ويستحوذ بعضهم على قبول لدى رجال الدين. ومع ذلك، فإن دعم رجال الدين “روحانيون” الإيرانيين يبدو ضئيلاً وغير حاسم لأغلب الاسماء التي تم الإعلان عن ترشحها قبل ساعات من انتهاء مهلة التسجيل.

وعلى أي حال، فإن دعم المرشد الإيراني والحرس الثوري وأجهزة الاستخبارات الإيرانية لمرشح بعينه سيقود على الأغلب لفوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما كشفته لنا الدورات الانتخابية السابقة في إيران، على غرار إبراهيم رئيسي وحسن روحاني ومحمود أحمدي نجاد. فلكل رئيس وقته وزمانه في إيران.

ومن هذا المنطلق، يبدو مساعد المرشد والضابط العسكري السابق في الحرس الثوري وحيد حقانيان، من بين المرشحين الأوفر حظاً إلى جانب المحافظ سعيد جليلي وعلي لاريجاني. وعلى النقيض من ذلك، تتضاءل فرص المرشحين الإصلاحيين مثل مصطفى كواكبيان ومسعود بزشكيان إلى جانب الأصولي أحمدي نجاد الذي تتسم علاقته مع أركان النظام في طهران بالتوتر والعدائية في بعض الأحيان.

ومع ذلك، فإن المجال لا يزال مفتوحاً أمام ترشح شخصيات أخرى محتملة قد تبدو مؤثرة في هذه الجولة الانتخابية ومن بين أبرزهم رئيس البرلمان الحالي المحافظ، محمد باقر قاليباف، والقائد السابق للحرس الثوري محسن رضايي.

رئيس إيران المقبل والملفات الخارجية مع الغرب

  اتضح خلال الأيام الماضية أن سياسة إيران الخارجية، سواء مع دول الجوار العربي والشرق أوسطية أو مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية لن تشهد تغييراً مع رحيل الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي. فقد أكد الرئيس الإيراني المؤقت الحالي، محمد مخبر، والكثير من كبار المسؤولين في طهران خلال الأيام الماضية على أن هذه السياسة الخارجية لن تشهد تغييراً وسوف تسير مثلما كانت خلال فترة “رئيسي”.

وعليه، ففي ضوء هذه السياسة التي كانت متبعة أيام “رئيسي”، يبدو أن الرئيس الأوفر حظاً في إيران سيكون من المحافظين على غرار إبراهيم رئيسي؛ ذلك لأن رؤى الإصلاحيين في إيران لا تتماشى مع هذه السياسة التي تطبقها إيران منذ سنوات قليلة والمتمثلة في التقارب مع دول الجوار وروسيا والصين والابتعاد عن الغرب.

 

المصدر : https://marsad.ecss.com.eg/81758/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M