أحمد خضير حسين
ملخص تنفيذي:
إن غياب الشباب، هذه الفئة المجتمعية الجوهرية والحيوية، عن ساحة العملية السياسية خلق فجوة شاسعة بين صناع القرار السياسي والمجتمع، وخاصة إذا ما عرفنا أن الشباب في العراق هم الممثل الأبرز للمجتمع بنسبة سكان تتجاوز 60%. وبصرف النظر عن أن صناع القرار السياسي في العراق قد همشوا دور الشباب وتغافلوا أو أغفلوا عمداً الاهتمام بهم ورعايتهم، إلا أن الشباب بدوا لحد اللحظة بعيدين عن الانخراط المباشر في عالم السياسة دون ان يعني ذلك عدم اهتمامهم بهذا الشأن كلياً كما تظهر الارقام.
أسباب عدة تقف خلف عدم اهتمام الشباب بالسياسة، منها: الأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع نسب البطالة، التي جعلت الشباب أكثر اهتماما بالحصول على فرصة عمل، أو وظيفة صغيرة في القطاع الحكومي المترهل، وهذا ما يشغلهم عن التفكير بالشأن السياسي ناهيك عن الانخراط به. تفاقم الطابع السلبي المأخوذ عن العملية السياسية في العراق لاسيما اداء الاحزاب، بسبب الاتهامات الموجهة لها بالفساد والانخراط بالمحاصصة الطائفية وتقاسم ريوع النفط والوظائف العامة والاراضي.
يبين هذا الاستطلاع الذي أجراه مركز البيان للدراسات والتخطيط أن الشباب العراقي اليوم لا يريد الانخراط في العملية السياسية مباشرة، فأغلبية المبحوثين أجابوا بانهم لا يحبذون الدخول في العملية السياسية عن طريق الترشح في الانتخابات أو الانضمام إلى حزب من الأحزاب، ولكنهم، برغم ذلك، ابدوا اهتماما كبيرا بالشأن السياسي اذ يمارس الشباب بعض الانشطة السياسية التي تستوجب التأمل، فأغلبية المبحوثين في هذا الاستطلاع اجابوا بأنهم يشاركون في المظاهرات ويكتبون منشورات سياسية على منصات التواصل الاجتماعي ويناقشون القضايا السياسية مع عوائلهم واصدقائهم. من الملاحظ أيضاً أن أغلب المبحوثين الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 19 عاماً اجابوا بأنهم غير مهتمين بالقضايا السياسية، مع أن هذه الفئة العمرية هي الفئة الأكبر حضوراً في مظاهرات تشرين 2019، التي كانت المحفل السياسي الابرز للشباب بعد 2003. لم تُظهر الاناث في هذا الاستطلاع اهتماما يذكر بالشؤون السياسية، مع أن الاحصائيات غير الرسمية تقدر أن نسبة الاناث في العراق تتجاوز 49%، وهذا يعني أن نصف المجتمع لا يرغب بالتفاعل مع القضايا السياسية.
على الطبقة السياسية والجهات الفاعلة في العملية السياسية أخذ نسب وبيانات هذا الاستطلاع بعين الاعتبار، فالشباب في العراق براكين خامدة لا يعرف وقت انفجار حمم غضبها، وهذا ما رأيناه في مظاهرات تشرين عام 2019، وهذه المظاهرات ليست سوى مشهد تجريبي لسيناريو بركان كبير قد يغير مسار العملية السياسية بالكامل.
الفكرة والسياق (تأطير منهجي)
استهدفت الدراسة الحالية فئة الشباب (ذكور، وإناث) عن طريق استبانة تكوَّنت من خمسة عشر سؤالاً رئيساً، وُجِّه إلى عينة يبلغ عددها (1000) مبحوثاً/ة، اخْتِيروا بطريقة العينة العنقودية وَفْق أقضية المحافظات المختارة، ومناطق سكن المبحوثين: (بغداد، وأربيل، والناصرية، والأنبار)، وقد وُزِّعوا بطريقة قصدية من حيث نسبة السكان في كل من المحافظات الأربع إلى نسبة العينة المختارة، مع تفاوت يسيرٍ جداً في منهجية بعض المحافظات.
شمل الاستطلاع فئة الشباب بعمر (15) عاماً إلى (30) عاماً، واخْتِيرَت هذه الفئة العمرية على وَفْق تقديرات مسح الفتوة والشباب من الذكور والإناث، وُزِعَتِ الاستمارة على وَفْق وزن السكان في كل محافظة، إذ وُزِّعت توزيعاً مباشراً عبر (3) باحثين عاملين في مركز البيان أحدهم يجيد اللغة الكردية، مارسوا العمل عن طريق توثيق الاستجابات مشافهةً مع المستجيبين، إذ مُلِئتِ الإجابات عبر الأجهزة اللوحية. وعلى مدار (25) يوماً للمدة من 1/2/2022 حتى 25/2/2022.
جرى ترجمة الاستبانة إلى اللغة الكردية، فضلاً عن العربية، إذ تضمَّنت الأسئلة متغيرات الجنس، والتوزيع العمري، والمستوى التعليمي، والمهنة، والمحافظة، فضلاً عن مقياس «ليكرت» يتضمَّن تسع فِقْرَات تتعلَّق بالاهتمامات السياسية.
يأتي الاستطلاع الحالي للبحث في إطار واقع الشباب العراقي واهتماماتهم بمختلف فئاته وقومياته، وكذا لغرض الكشف عن توجهات الشباب المستطلَعة آراؤهم بشأن الآتي:
تسليط الضوء على الاهتمامات السياسية للشباب العراقي.
فسَّر الاستطلاع الحالي اهتمامات الشباب وآراءَه ومواقفَه السياسية، عن طريق البيانات التي جمعت، وحلَّلت نشاطاته، التي اعتمدت على أساس المنهج الوصفي التحليلي لعرض الموضوع عن طريق المسح الاجتماعي لعينة من الشباب، وبمختلف التوجهات، والرقع الجغرافية المختلفة، والثقافات المتباينة بنحو يسمح بتعميم النتائج عليهم.
لقراءة المزيد اضغط هنا
.
رابط المصدر: