تعريف البحث العلمي:
يتكون مفهوم البحث العلمي من كلمتين هما: البحث والعلمي. ولغويا يقصد بكلمة البحث المحاولة للكشف عن شيء غير معروف أو التفتيش عنه والسؤال عنه (لسان العرب: 1970). بينما كلمة علمي فهي نسبة إلى العلم والمعرفة وتطبيق المنهج العلمي.
هذا ولقد تعددت تعريفات البحث العلمي Scientific Research وقد يرجع ذلك إلى أن كل مؤلف ينظر إلى البحث العلمي من منظور معين أو يركز على جانب معين أو أهداف معينة في البحث العلمي، أيضاً قد يرجع ذلك إلى أن موضوعات ومجالات البحث العلمي متنوعة.
بعض تعريفات البحث العلمي:
- البحث العلمي: الدراسة العلمية المنظمة لظاهرة معينة، باستخدام المنهج العلمي، للحصول على حقائق جديدة يمكن توصيلها، والتحقق من صدقها.
- البحث العلمي: نشاط أو جهد إنساني مبذول يبدأ بالنظرية العلمية وينتهي إليها ماراً بالمنهج العلمي، فأما يدعم النظرية أو يعدلها.
- البحث العلمي: سعي وراء المعرفة بإتباع أساليب علمية مقننة.
- البحث العلمي: محاولة منظمة موضوعية معينة تستهدف دراسة مشكلة محددة من أجل التوصل إلى مبادئ عامة.
- البحث العلمي هو: محاولة منظمة موجهة نحو إيجاد إجابات لتساؤلات معينة.
خصائص البحث العلمي:
- يبدأ البحث بسؤال بذهن الباحث عن أحد الظواهر أو المشكلات أو المواقف أو القضايا…
- يستخدم الباحث المنهج العلمي عند دراسته لموضوع البحث.
- يهدف الباحث في بحثه جمع بيانات جديدة أو استخدام البيانات المتاحة للوصول إلى نتيجة كانت غير معروفة من قبل، وذلك للإجابة عن أسئلة البحث أو لاختبار صدق أو عدم صدق فروض البحث.
- يتسم البحث بالنظامية Systematic فالبحث له مراحل عديدة يجب إتباعها بشكل مرتب ومنطقي، ولا يمكن الانتقال إلى المرحلة التالية إلا بعد إنجاز المرحلة السابقة لها. فعلى سبيل المثال لا يمكن البدء في جمع البيانات إلا بعد تصميم واختبار أدوات جمع البيانات…
- نتائج البحث لا بد أن تتصف بالموضوعية Objectivity ويمكن توصيلها للآخرين والاستفادة منها. أيضاً إذا أراد الباحثون الآخرون التحقق من صدقها فإنه يمكنهم ذلك، إذا اتبعوا نفس الخطوات والإجراءات
- يركز البحث على الوصول إلى نظريات Theories أو مبادئ Principles عامة يمكن من خلالها التنبؤ بأحداث مستقبلية من خلال تحديد العلاقات بين المتغيرات Variables في إطار معين.
أهمية البحث العلمي:
يلعب البحث العلمي دوراً أساسياً في قيام الحضارات وبناء صروحها، ولولا ذلك لما استطاعت المجتمعات في عصور شتى أن ترفع صروح حضارتها وتبلغ ذروة مجدها.
إن الدول المتقدمة التي حققت تقدماً ملموساً في مجال العلم والتكنولوجيا، وتلك التي قطعت شوطاً طويلاً في مجال التقدم والتنمية، إنما هي دول آمنت أساساً بالبحث العلمي أسلوباً ووسيلة ومنهاجاً فاستطاعت بالبحث العلمي وضع النظريات وحل المشكلات وإشباع الحاجات واختراع الآلات …، وتمكنت أيضاً من خلال البحث العلمي من أن تطوع إمكاناتها من أجل تحقيق التنمية والتقدم لمجتمعاتها.
ويمكن أن نؤكد على وجود حاجة ماسة وملحة للبحث العلمي في عملية التنمية، حيث يساعد البحث العلمي على فهم الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والصحية والثقافية… والتي يجب التعامل معها لمساعدة جميع منظمات المجتمع سواء كانت حكومية أو منظمات الأعمال أو منظمات المجتمع المدني وغيرها في التخطيط لبرامجها وفي اتخاذ القرارات التي تمس عملها وفى مواجهة مشكلاته.
ماهية البحث العلمي:
اليومية والمشكلات في المدى الطويل، كما يساعدهم في اتخاذ القرارات وتحديد مستقبل المنظمات التي يعملون بها.
إن الاهتمام بالبحث والذي يتجسد في صورة رعاية الباحثين والميزانيات المخصصة يعتبر أحد المؤشرات على تقدم المجتمع. فالبحث العلمي هو حجر الزاوية في كل العلوم والمهن، فعلى أساسه يتم التوصل إلى النظريات والقوانين، وعلى أساسه تتم الممارسة المهنية بشكل سليم وموضوعي.
وقد لاقي البحث العلمي عناية متزايدة في الآونة الأخيرة، باعتباره الأداة التي لا غنى عنها في تحسين الأداء في كل مجالات الحياة والعمل، وفي تخطيط وإدارة وتنفيذ وتقويم أي عمل يراد له النجاح ومطلوب له زيادة درجة كفاءته وفاعليته، وفي دراسة وتشخيص جميع ظواهر ومشكلات المجتمع بمختلف أنواعها، بل وفي اقتراح الحلول لها.
وتزداد أهمية البحث العلمي في العلوم الاجتماعية والإنسانية بزيادة تعقد الحياة، وزيادة مشكلاتها في كل المجالات وعلى كافة المستويات، وزيادة وتنوع وتطور الجريمة في المجتمع… ولعل زيادة هذه المشكلات يرجع إلى عدة أسباب منها: تعقد العلاقات وتفكيك الصلات وتضارب المصالح وصراع الأدوار وتغيير القيم والعادات وضعف الوازع الأخلاقي والديني ونقص الموارد وضعف بعض الخدمات.
هذا ويمكن أن نقول أن البحث العلمي له أهمية كبيرة لأنه يساهم في: الحصول على المعلومات والبيانات المطلوبة، وتقديم التفسير العلمي للظواهر الإنسانية والطبيعية، وتوفير التنبؤ العلمي بها، وتصحيح المعلومات القائمة، والتخطيط للتغلب على مشكلات الطبيعة ومشكلات المجتمع؛ والمساهمة في حل المشكلات بمختلف أنواعها…
وفي ختام هذا البند يمكن أن نؤكد على أن تقدم أي مجتمع يتوقف على مقدار ما حققه من تقدم في مجال العلم والمعرفة.
أهداف البحث العلمي:
الهدف النهائي لأي بحث علمي هو تقديم شيء جديد يتمثل في الإضافة العلمية. والإضافات العلمية التي تمت على امتداد مئات السنوات في فروع المعرفة المختلفة هي التي أدت للبشرية للعيش في العصر التكنولوجي الحالي.
فالبحث العلمي وسيلة وليس هدف. فهو وسيلة لتحقيق أهداف عديدة نذكر منها:
1- الوصف Descriptive:
ويقصد به رصد وتسجيل ما نلاحظه من الأشياء والوقائع والظواهر، وما ندركه بينها من علاقات متبادلة، وتصنيفها، وتحديد خصائصها. والوصف قد يكون كيفي يعتمد على الألفاظ والكلمات والعبارات…. أو كمي يعتمد على الأرقام والمؤشرات الحسابية والمعادلات الرياضية.
2- الحصول على معرفة جديدة New Knowledge:
البحث العلمي لا يهدف فقط إلى التحقق من المعرفة القديمة، بل أيضاً إلى توفير معرفة جديدة. فالبحث العلمي هو تساؤل منطقي، ومحاولة للحصول على إجابة لهذا التساؤل باستخدام ال منهج العلمي، وناتج البحث العلمي هو المعرفة العلمية. فالبحث العلمي أحد أهدافه اكتشاف الحقائق المجهولة والتعرف على المشكلات والأمراض والتحديات التي تواجه المجتمع وتحليلها، ولمواجهتها في الحاضر، وتقديم مقترحات للوقاية منها في المستقبل.
3- التفسير Interpretation:
ويقصد به الكشف عن كيفية حدوث الظاهرة وأسباب وقوعها والنتائج المترتبة عليها، وأساس التفسير هو مبدأ العلية. الذي يربط بين الأسباب والنتائج. وينطوي على اختيار الباحث لأكثر التفسيرات احتمالاً من بين التفسيرات الممكنة. ويعتمد التفسير على العقل بدرجة أكبر من الوصف، الذي يعتمد أساساً على الحواس والملاحظة.
إن الهدف الأساسي من عملية الوصف والحصول على معرفة جديدة والتفسير هو تحقيق الفهم Understanding للظاهرة أو للمشكلة موضوع الدراسة والبحث معنى كيف حدثت الظاهرة أو المشكلة، ماضي الظاهرة أو المشكلة، العوامل المسببة للظاهرة أو المشكلة، النتائج المترتبة على ظهورها…
4- التنبؤ Prediction:
يقصد به القدرة عند وجود معطيات عن قيم أحد المتغيرات البحثية – على حساب أو تخمين قيم متغير آخر تربطه بالمتغير الأول علاقة ارتباط، وذلك باستخدام أساليب القياس الدقيقة. بمعنى أن التنبؤ هو القدرة على معرفة نتائج التغيير مسبقاً أو هو توقع النتائج والأحداث قبل وقوعها، أو تقدير الاحتمالات المتوقعة لها.
فعلى سبيل المثال يمكن التنبؤ بمعدلات الجريمة لأحد المجتمعات في عام 2025 إذا عرفنا معدلات الجريمة لسنوات عديدة ماضية ومعدل الجريمة الحالي، ونسبة زيادة الجريمة ومتوسط هذه الزيادة. وبصفة عامة فإن درجة دقة التنبؤ ترتبط بدرجة فهم الظاهرة أو المشكلة، فكلما زاد الفهم زادت القدرة على التنبؤ، أي أن العلاقة طردية
المصدر:
- كتاب مناهج البحث في الخدمة الاجتماعية، د. مدحت ابو النصر، المجموعة العربية للتدريب والنشر، ص: 37-38-40-44
.
رابط المصدر: